صفحة : 320   

إستدراج الحويرث:

يلاحظ: أن أمير المؤمنين «عليه السلام» تحاشى مهاجمة الحويرث في بيته، واستدرجه ليخرج منه، والسبب في ذلك:

أولاً: قد يُخيَّل إلى بعض قاصري النظر أن قتل الحويرث في بيته نقض للأمان الذي أعطاه رسول الله «صلى الله عليه وآله» للناس حيث تضمن: أن من أغلق بابه فهو آمن.. ويتحرك المغرضون للتشنيع على الإسلام وأهله، واتهام علي «عليه السلام» بنقض الأمان، واتهام النبي «صلى الله عليه وآله» بأنه تغاضى عن هذا النقض، ومالأ عليه، إن لم يتخذ إجراء ضده «عليه السلام».

مع أن حقيقة الأمر هي:

أن النداء بأن من أغلق بابه فهو آمن لا يشمل الذين أهدر النبي «صلى الله عليه وآله» دمهم. والحويرث هذا منهم.

ثانياً: إنه «عليه السلام» أراد أن يتجنب لحوق أي أذى بغير المجرم، ممن قد يكون حاضراً في ذلك البيت، ولو بمقدار جو الرهبة والخوف الذي يفرض نفسه في مثل هذا الحال.

فعمل «عليه السلام» على استدراج المجرم إلى الخروج من البيت، وأجرى فيه حكم الله، وأمر رسوله «صلى الله عليه وآله».

والأسلوب الذي اتبعه «عليه السلام» لذلك هو أنه سأل عنه بنحو أوصل إليه الخبر بأن ثمة من يبحث عنه، ومن الطبيعي أن يكون بيت الرجل هو الهدف الأول للبحث عنه، فيفتش البيت أولاً، ثم يسأل عنه الجار القريب، والصديق، والقريب، ثم يتوسع في البحث، وفق ما يتوفر من معطيات.

فلما سأل «عليه السلام» عن الحويرث بادر الحويرث إلى الإبتعاد عن هذه النقطة الحساسة، والمقصودة والمرصودة، إلى مكان يكون أكثر أمناً ليتدبر أمره، وفق ما يستجد من معطيات.. فلما خرج من موقعه تلقاه علي «عليه السلام»، فأنزل به العقوبة التي أمر النبي «صلى الله عليه وآله» بإنزالها به..

 
   
 
 

موقع الميزان