صفحة :38-47   

لم يثبت سوى علي عليه السلام:

لا مجال لتأييد أي من الدعاوى حول ثبات أي كان من الناس سوى علي «عليه السلام»..

غير أنه يمكن ترجيح أن يكون هناك أفراد قليلون من بني هاشم أحاطوا برسول الله «صلى الله عليه وآله»، حتى لا يناله سلاح الكفار.

أما القتال فكان محصوراً به «عليه السلام».

ونستند في ذلك إلى ما يلي من نصوص:

1 ـ قال الشيخ المفيد «رحمه الله»: ولم يبق منهم مع النبي «صلى الله عليه وآله» إلا عشرة أنفس: تسعة من بني هاشم خاصة، وعاشرهم أيمن ابن أم أيمن، فقتل أيمن رحمة الله عليه، وثبت التسعة الهاشميون حتى ثاب إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» من كان انهزم.

فرجعوا أولاً فأولاً حتى تلاحقوا، وكانت لهم الكرة على المشركين، وفي ذلك أنزل الله تعالى، وفي إعجاب أبي بكر بالكثرة: ..

﴿..وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ، ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ([1]).

يعني: أمير المؤمنين علياً «عليه السلام».

ومن ثبت معه من بني هاشم، وهم يومئذ ثمانية، أمير المؤمنين «عليه السلام» تاسعهم:

العباس بن عبد المطلب، عن يمين رسول الله «صلى الله عليه وآله».

والفضل بن العباس عن يساره.

وأبو سفيان بن الحارث ممسك بسرجه عند ثفر بغلته.

وأمير المؤمنين «عليه السلام» بين يديه يضرب بالسيف.

ونوفل بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب، وعتبة، ومعتب ابنا أبي لهب حوله.

وقد ولت الكافة مدبرين سوى من ذكرناه([2]).

وكذلك عدهم ابن قتيبة في المعارف، والثعلبي في الكشف([3]).

وأضافوا إلى هؤلاء: أيمن مولى النبي «صلى الله عليه وآله»([4]).

قال ابن شهرآشوب: «وكان العباس عن يمينه، والفضل عن يساره، وأبو سفيان ممسك بسرجه عند ثفر بغلته، وسائرهم حوله، وعلي «عليه السلام» يضرب بالسيف بين يديه»([5]).

2 ـ وفي ذلك يقول مالك بن عبادة الغافقي:

لم يـواس الـنـبـي غير بني هاشم               عـنـد الـسـيوف يـــوم حـــنـين

هـرب الـنـاس غـير تسعة رهط         فـهـم يـهـتـفـون بـالنـاس: أيـن

ثـم قـامــوا مـع الـنـبي على المو                ت فــآبــوا زيــنـاً لنـا غـير شين

وسـوى أيمن الأمـين من القوم         شـهـيـداً فـاعـتـاض قـرة عين([6])

3 ـ وقال العباس بن عبد المطلب في هذا المقام:

نصرنا رسول الله في الحرب تسعـة            وقـد فـر مـن قـد فر عنه فأقشعوا

وقـولي إذا مـا الفضـل شد بسـيفه              عـلى القـوم أخرى يا بني ليرجعوا

وعـاشـرنـا لاقـى الحـمام بنـفسـه               لمـا نـالــه في الله لا يـتــوجــع([7])

4 ـ وفي احتجاج المأمون على علماء عصره، يقول المأمون عن نزول السكينة في حنين: «إن الناس انهزموا يوم حنين، فلم يبق مع النبي «صلى الله عليه وآله» إلا سبعة من بني هاشم: علي «عليه السلام» يضرب بسيفه، والعباس أخذ بلجام بغلة النبي «صلى الله عليه وآله»، والخمسة محدقون بالنبي «صلى الله عليه وآله»، خوفاً من أن يناله سلاح الكفار، حتى أعطى الله تبارك وتعالى رسوله «عليه السلام» الظفر.

عنى بالمؤمنين في هذا الموضع([8]): علياً «عليه السلام»، ومن حضر من بني هاشم.

فمن كان أفضل؟! أمَن كان مع النبي «صلى الله عليه وآله»، ونزلت السكينة على النبي «صلى الله عليه وآله» وعليه؟!

أم من كان في الغار مع النبي «صلى الله عليه وآله»، ولم يكن أهلاً لنزولها عليه؟!([9]).

5 ـ قال ابن قتيبة: «كان الذين ثبتوا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» يوم حنين، بعد هزيمة الناس: علي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب ـ آخذ بحَكَمَةِ بغلته ـ وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وابنه، والفضل بن العباس بن عبد المطلب، وأيمن بن عبيد ـ وهو ابن أم أيمن مولاة رسول الله «صلى الله عليه وآله» وحاضنته، وقتل يومئذٍ هو وابن أبي سفيان، ولا عقب لابن أبي سفيان ـ وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وأسامة بن زيد بن حارثة..»([10]).

فتجد أنه لم يذكر أبا بكر وعمر في جملة من ثبت.

6 ـ وكانت نسيبة بنت كعب المازنية تحثو في وجوه المنهزمين التراب، وتقول: أين تفرون عن الله، وعن رسوله؟!

ومر بها عمر، فقالت له: ويلك ما هذا الذي صنعت؟!

فقال لها: هذا أمر الله([11]).

وهذا يدل على عدم صحة قولهم: إنه كان في جملة من ثبت مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» في حنين. حتى ادَّعوا: أنه كان آخذاً بلجام بغلته «صلى الله عليه وآله»..

7 ـ عن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أنه كان يحدث الناس عن يوم حنين، قال: «فر الناس جميعاً، وأعروا رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فلم يبقَ معه إلا سبعة نفر، من بني عبد المطلب: العباس، وابنه الفضل، وعلي، وأخوه عقيل، وأبو سفيان، وربيعة، ونوفل بنو الحارث بن عبد المطلب، ورسول الله «صلى الله عليه وآله» مصلت سيفه في المجتلد، وهو على بغلته الدلدل، وهو يقول:

أنــــا الــنــبــي لا كَــــذِبْ                 أنــــا ابــن عبـــد  المـطَــلِـبْ».

إلى أن قال: «التفت العباس يومئذٍ وقد أقشع الناس عن بكرة أبيهم، فلم ير علياً «عليه السلام» في من ثبت، فقال: شوهة بوهة، أفي مثل هذا الحال يرغب ابن أبي طالب بنفسه عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وهو صاحب ما هو صاحبه؟! يعني المواطن المشهورة له.

فقلت: نقِّص قولك لابن أخيك يا أبه.

قال: ما ذاك يا فضل؟!

قلت: أما تراه في الرعيل الأول؟! أما تراه في الرهج؟!

قال: أشعره لي يا بني.

قلت: ذو كذا، (ذو كذا)، ذو البردة.

قال: فما تلك البرقة؟!

قلت: سيفه يزيّل به بين الأقران.

قال: برّ، ابن بر، فداه عم وخال.

قال: فضرب علي يومئذٍ أربعين مبارزاً كلهم يقدّه حتى أنفه وذكره، قال: وكانت ضرباته مبتكرة»([12]).

8 ـ وقال اليعقوبي: «فانهزم المسلمون عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» حتى بقي في عشرة من بني هاشم.

وقيل: تسعة.

وهم: علي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث، وعتبة، ومعتب ابنا أبي لهب، والفضل بن العباس، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب. وقيل: أيمن ابن أم أيمن»([13]).

9 ـ «..وفي رواية: لما فرّ الناس يوم حنين عن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يبق معه إلا أربعة، ثلاثة من بني هاشم، ورجل من غيرهم: علي بن أبي طالب، والعباس ـ وهما بين يديه ـ وأبو سفيان بن الحارث آخذ بالعنان، وابن مسعود من جانبه الأيسر. ولا يقبل أحد من المشركين جهته إلا قتل»([14]).

10 ـ وقال الطبرسي: «الذين ثبتوا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» علي، والعباس، في نفر من بني هاشم. عن الضحاك بن مزاحم»([15]).

11 ـ عن البراء بن عازب قال: «ولم يبق مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلا العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث»([16]).

12 ـ ويقول البعض: «وانهزم المسلمون، فانهزمت معهم، فإذا بعمر بن الخطاب، فقلت له: ما شأن الناس؟!

قال: أمر الله.

ثم تراجع الناس إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»([17]).

13 ـ قال المجلسي: «إن الإمام الباقر «عليه السلام» قد احتج على الحروري: بأنهم «كانوا تسعة فقط: علي، وأبو دجانة، وأيمن؛ فبان أن أبا بكر لم يكن من المؤمنين»([18]).

14 ـ وعند الطبرسي: فما راعنا إلا كتائب الرجال بأيديها السيوف والعمد، والقنا، فشدوا علينا شدة رجل واحد، فانهزم الناس راجعين لا يلوي أحد على أحد، وأخذ رسول الله «صلى الله عليه وآله» ذات اليمين، وأحدق ببغلته تسعة من بني عبد المطلب([19]).

15 ـ وعند بعضهم: أن الذين ثبتوا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» كانوا اثني عشر رجلاً([20]).

16 ـ عن أنس بن مالك، قال: ولى المسلمون مدبرين، وبقي رسول الله «صلى الله عليه وآله» وحده([21]).

17 ـ عن عكرمة: لما كان يوم حنين، ولى المسلمون، وثبت رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال: أنا محمد رسول الله ثلاث مرات، وإلى جنبه عمه العباس([22]).


 

([1]) الآيتان 25 و 26 من سورة التوبة.

([2]) الإرشاد للمفيد (ط دار المفيد) ج1 ص140 و 141، ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج2 ص30 وراجع: بحار الأنوار ج38 ص220 وج21 ص156 والمستجاد من كتاب الإرشاد (المجموعة) ص81 و 82 وشجرة طوبى ج2 ص308 وأعيان الشيعة ج3 ص522 وإعلام الورى ج1 ص386= = وقريب منه ذكره الطبرسي في مجمع البيان ج5 ص18 و 19.

([3]) بحار الأنوار ج41 ص93 و 94 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص604 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص330.

([4]) بحار الأنوار ج41 ص94 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص604 و 605 و (ط المكتبة الحيدرية) ص330.

([5]) المصدر السابق.

([6]) الإرشاد للمفيد ج2 ص141. وراجع: مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج2 ص31 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص305 وج2 ص331 وبحار الأنوار ج38 ص220 وج21 ص156 والمستجاد من كتاب الإرشـاد (المجموعة) = = ص83 وأعيان الشيعة ج1 ص280 وج3 ص522 وكشف الغمة ج1 ص221 وبناء المقالة الفاطمية لابن طاووس ص162.

([7]) الإرشاد للمفيد ص141 و 142 والمواهب اللدنية ج1 ص164 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج2 ص30 وفي بحار الأنوار ج21 ص156 وج38 ص220 وج41 ص94 ومجمع البيان ج5 ص18 و 19 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص35 وكشف الغمة ج1 ص221 وأعيان الشيعة ج1 ص280 وج3 ص522 وتفسير الميزان ج9 ص231 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص98 وتفسير البحر المحيط ج5 ص26 وروح المعاني ج10 ص74 وتفسير الآلوسي ج10 ص74 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص348 و 349 وفي المعارف لابن قتيبة ص164 ونصب الراية للزيلعي ج4 ص180 وأسد الغابة ج1 ص161 والوافي بالوفيات ج10 ص20: سبعة، بدل: تسعة. وثامننا، بدل: وعاشرنا.

([8]) أي في قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ﴾.

([9]) بحار الأنوار ج49 ص199 وج69 ص144 وعيون أخبار الرضا ج2 ص193 وحياة الإمام الرضا «عليه السلام» للقرشي ج2 ص264.

([10]) المعارف لابن قتيبة ص164وبحار الأنوار ج38 ص220 عنه، ومناقب آل أبي = = طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص330 وأعيان الشيعة ج1 ص279.

([11]) تفسير القمي ج1 ص287 وبحار الأنوار ج21 ص150 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص106 وشجرة طوبى ج2 ص308 والتفسير الصافي ج2 ص331 ونور الثقلين ج2 ص200.

([12]) بحار الأنوار ج21 ص178 و 179 والأمالي للشيخ الطوسي ص575 أو 585 وشجرة طوبى ج2 ص328 وإمتاع الأسماع ج2 ص14 و 15 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص473.

([13]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص62 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج1 ص254.

([14]) راجع المصادر المتقدمة.

([15]) مجمع البيان ج5 ص17 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص32 وراجع: بحار الأنوار ج21 ص147.

([16]) التفسير الكبير للرازي ج16 ص22 والكشاف ج2 ص259 والمواهب اللدنية ج1 ص163 عن البخاري في الصحيح، وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين ج3 ص39.

([17]) السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص624 وراجع ص623 عن البخاري وبقية الجماعة إلا النسائي. والمغازي للواقدي ج3 ص908 وصحيح البخاري (ط دار ابن كثير) ج4 ص1570 و (ط دار الفكر) ج5 ص101 وعمدة القاري ج17 ص300 و 302 والسيرة الحلبية ج3 ص65 وفتح الباري ج8 ص29 والبداية والنهاية ج4 ص329 وراجع: نيل الأوطار ج8 ص92 وعون المعبود ج7 ص275 والمنتخب من الصحاح الستة لمحمد حياة الأنصاري ص111 وشرح الزرقاني على الموطأ ج3 ص28.

([18]) بحار الأنوار ج27 ص323.

([19]) إعلام الورى ص121 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص230 وبحار الأنوار  ج21 ص166 وقصص الأنبياء للراوندي ص347 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج1 ص181 وشجرة طوبى ج2 ص309 والدر النظيم لابن حاتم العاملي ص182.

([20]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص348 عن النووي، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص108 و (ط دار المعرفة) ص65 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص110 وتاريخ الخميس ج2 ص102 وعمدة القاري ج14 ص157 وفتح الباري (ط دار المعرفة ـ الطبعة الثانية) ج8 ص23 و (تحقيق محب الدين الخطيب) ج8 ص30.

([21]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص248 و 225 عن أحمد، وابن أبي شيبة، والحاكم، وابن مردويه، والبيهقي. وفي هامشه عن: ابن أبي شيبة ج14 ص530 و 531 = = وعن أحمد ج3 ص190 و 279 وج5 ص286 وابن سعد ج2 ق1 ص113 وعن دلائل النبوة للبيهقي ج5 ص141 والسنن الكبرى ج6 ص206 وعن الدولابي في الكنز ج1 ص42 وراجع: الدر المنثور ج3 ص224 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص555 وكنز العمال ج10 ص552 والبداية والنهاية ج4 ص374 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص620.

([22]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص226 والدر المنثور ج3 ص225.

 
   
 
 

موقع الميزان