ويقولون:
إنه لما رأى رسول الله «صلى الله عليه وآله» الهزيمة وقعت على المسلمين
في حنين ركض بغلته نحو علي، فرآه قد شهر سيفه، فأمر العباس بأن ينادي:
يا أصحاب سورة البقرة، ويا أصحاب الشجرة إلى أين تفرون؟! هذا رسول الله
إلخ..([1]).
ولم يفصح لنا هذا النص عن سبب توجه النبي «صلى الله
عليه وآله» إلى علي «عليه السلام»، فهو لم يذهب نحوه ليتأكد من فراره
وعدمه، فهو يعرف علياً، وقد خبره طيلة عشرين عاماً من الجهاد والتضحية،
ولكنه أراد أن يطمئن إلى سلامة علي «عليه السلام»، لأن هذا الفرار الذي
وقع على المسلمين لا مبرر له، إلا إن كانوا قد فقدوا الحامي والناصر،
وهو علي «عليه السلام» بأن يكون قد أصيب بمكروه، لأنه «عليه السلام»
كان هو العماد للجيش، وهو الآتي بالنصر في جميع الحروب.. وكم من مرة
هزم الجيش كله، أو أخذه الرعب حتى حجزه عن القتال.. ثم كان «عليه
السلام» هو المنقذ، وهو الحامي.
كما أن هذه اللفتة النبوية المباركة قد بينت لنا مقام
علي «عليه السلام»، وأهمية موقعه في ساحات الجهاد.. لكي يصونه من
الأباطيل التي ربما يحاول المغرضون نسبتها إليه، وخداع بسطاء الناس
بها، مثل أن يزعموا للناس أن علياً «عليه السلام» قد فر ايضاً.. فإن
علياً «عليه السلام» كان قد غاص في أوساط الأعداء حتى افتقده العباس،
وظن أنه تخلى عن موقعه، وعن دوره، فأطلق كلمات تعبر عن تبرم وشك([2])،
فدلوه عليه وهو في جموع أولئك الأعداء المتكالبين على قتله، وقتل رسول
الله «صلى الله عليه وآله»، ومن معهما من المؤمنين..
([1])
بحار الأنوار ج21 ص150 و 151 والتفسير الصافي ج2 ص331 و 332
والتفسير الأصفى ج1 ص459 و 460 وتفسير الميزان ج9 ص234 ونور
الثقلين ج2 ص199 و 200 وتفسير القمي ج1 ص287 و 288 وراجع:
تاريخ الخميس ج2 ص104 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة)
ج2 ص111.
([2])
راجع: بحار الأنوار ج21 ص178 و 179 والأمالي للشيخ الطوسي ص575
أو ص585 وشجرة طوبى ج2 ص328 وإمتاع الأسماع ج2 ص14 و 15 وشرح
إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص473.
|