لا شك في أن الخمس للنبي «صلى الله عليه وآله»، ولبني
هاشم، ولكنه كان يرى أن في الناس حاجة، ولهم بالمال رغبة، فكان يعطيهم
إياه رفقاً بهم، ومراعاةً لحالهم.
ولكنهم صاروا يستأثرون بهذا الخمس، فيعطيه قادة السرايا
إلى خيلهم الخاص، ثم يخبرون النبي «صلى الله عليه وآله» بما فعلوا، فلا
يطالبهم به..
ولكن علياً «عليه السلام» أبى أن
يعطي الخمس لهؤلاء، رغم طلبهم ذلك، وحمله الى النبي «صلى الله عليه
وآله»، فلما رجعوا إلى النبي «صلى الله عليه وآله» شكوا علياً «عليه
السلام»، فسأله فأخبره، فسكت «صلى الله عليه وآله»..
فنلاحظ هنا ما يلي:
1 ـ
لم يكن من اللائق أن يستأثر أولئك القادة بالخمس بقرار من عند أنفسهم،
ومن دون استئذان من صاحبه «صلى الله عليه وآله»
2 ـ
وأقبح من ذلك: أن يشتكوا علياً «عليه السلام» إلى رسول الله «صلى الله
عليه وآله»، لأنه أراد أن يوصل الحق إلى صاحبه، وأن يلتزم بقواعد
الدين، فلا يتصرف في مال الغير بدون إذن.
بل إن شكواهم هذه تفيد:
أنهم أصبحوا يرون الخمس صار لهم، وها هم يطالبون صاحبه الشرعي بأن يصحح
ما يرونه خطأ وقع فيه وكيله ونائبه..
3 ـ
إنهم يريدون أن يستفيدوا من هذا المال الذي لا حق لهم به، في صلاتهم،
وفي حجهم، وفي سائر شؤونهم، غير متحرجين من ذلك.
4 ـ
إن علياً «عليه السلام» قد وضع حداً لهذه التصرفات.. ولولاه «عليه
السلام» لصار ذلك سنة جارية، ولأصبح من العسير إعادة الحق إلى أهله..
5 ـ
لو أن النبي «صلى الله عليه وآله» أراد أن يفعل ذلك لاتهموه بالإمساك
والبخل والعياذ بالله..
6 ـ
إنهم قد انتهزوا فرصة غياب علي «عليه السلام» لمعاودة السعي لنقض
قراره، ومحاولة الحصول على تلك الأموال التي لا حق لهم بها..
وكأنهم ظنوا أن غيبته «عليه السلام» تزيل عنه صفة
الأمين الذي لا بد أن يؤدي الأمانة إلى أهلها.
7 ـ
إنه «عليه السلام» رفض المبررات التي ساقها أبو رافع لتقسيمه الحلل على
أفراد السرية، والمبررات هي:
ألف:
خاف من شكايتهم..
ب :
ظن أن الأمر يسهل على علي «عليه السلام».
ج:
إن من كان قبل علي «عليه السلام» كان يفعل ذلك..
وهي مبررات لا قيمة لها.
فأولاً:
لا معنى للخوف من شكايتهم، إذا كان علي «عليه السلام» منعهم أمراً لا
يستحقونه.
ثانياً:
إن علياً مؤتمن على مال الغير، فلا بد من تأدية ذلك المال إلى صاحبه،
من دون تفريط، فكيف يسهل عليه إعطاؤه لغير صاحبه؟!
ثالثاً:
إن فعل السابقين على علي «عليه السلام» إذا كان خطأ لم يجز لعلي «عليه
السلام» ولا لغيره أن يتأسى بهم فيه..
|