لا شك في أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان أحرص الناس
على إخراج الناس من الظلمات إلى النور.. مما يعني أنه أشد الناس سروراً
بما يتحقق من ذلك.
ولكن الملاحظ هنا هو أن سروره «صلى الله عليه وآله»
بإسلام همدان كان غير عادي، إذا قورن بما أظهره من سرور في موارد أخرى
قد يكون الذين أسلموا فيها أكثر عدداً، أو أن لهم موقعاً ـ كقريش ـ أشد
حساسية، وأعظم أهمية مما عُرِف لقبيلة همدان في اليمن.
فهل تراه «صلى الله عليه وآله» كان ينظر في ذلك إلى
الغيب، وتكشف له الحجب عن موقف سوف تتخذه قبيلة همدان، يحبه رسول الله
«صلى الله عليه وآله»؟!
إننا إذا راجعنا التاريخ، فلا نجد لهمدان موقفاً مميزاً
سوى مناصرتها لعلي «عليه السلام»، حتى استحقت منه القول الشهير:
فـلـو
كنـت
بوابـاً
على بـاب
جنةٍ لـقـلت
لهمـدان
ادخـلوا
بسلام([1])
وهذا لا ينافي ما ثبت عن رسول الله «صلى الله عليه
وآله»: من أنه قسيم الجنة والنار، لأن المقصود بهذا الشعر المبالغة في
مدح هذه القبيلة، حتى إنها لتستحق أن لا ينظر في أعمال أفرادها، فيؤخذ
المسيء بإسائته، ةالمحسن بإحسانه.. بل هي بمجرد أن ترد عليه، فإنه
يصدرها مباشرة إلى الجنة.
ومن أمثلة نصرة همدان هذه:
1 ـ
أنه حين أراد أهل الكوفة بعد موت يزيد «لعنه الله» أن
يؤمروا عليهم الخبيث المجرم عمر بن سعد لعنه الله واخزاه، جاءت نساء
همدان، وربيعة، وكهلان، والأنصار، والنخع إلى الجامع الأعظم صارخات،
باكيات، معولات، يندبن الحسين «عليه السلام» ويقلن: أما رضي عمر بن سعد
بقتل الحسين حتى أراد ان يكون أميراً علينا على الكوفة؟!
فبكى الناس، وأعرضوا عنه([2]).
2 ـ
إنه حين طعن الإمام الحسن «عليه السلام» دعا ربيعة
وهمدان. فأطافوا به ومنعوه، فسار ومعه شوب من غيرهم([3]).
([1])
مناقب آل أبي طالب ج1 ص394 وبحار الأنوار ج32 ص477 وج38 ص71
وأصدق الأخبار للسيد محسن الأمين ص9 والغدير ج11 ص222 ومستدرك
سفينة البحار ج10 ص552 والإمام علي بن ابي طالب «عليه السلام»
للهمداني ص770 ومكاتيب الرسول ج2 ص556 و 575 ومواقف الشيعة ج1
ص390 ونهج السعادة ج5 ص43 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج5 ص217
وج8 ص78 وتفسير الآلوسي ج19 ص149 وتاريخ مدينة دمشق ج45 ص487
والأعلام للزركلي ج8 ص94 وأنساب الأشراف للبلاذري ص322
والأنساب للسمعاني ج5 ص647 والجوهرة في نسب الإمام علي وآله
للبري ص25 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق1 ص252 وتاريخ
الكوفة للسيد البراقي ص234 و 531 وأعيان الشيعة ج1 ص410 و 489
و 505 و 553 وج2 ص515 وج4 ص160 و 366 وج7 ص43 و 243 و 245 وج9
=
=
ص234
وصفين للمنقري ص274 و 437 والفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص604
وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي «عليه السلام» لابن
الدمشقي ج2 ص255 والخصائص الفاطمية للشيخ الكجوري ج2 ص110.
([2])
مروج الذهب ج2 ص105 ومقتل الحسين للمقرم ص246 عنه. وأنصار
الحسين «عليه السلام» للشيخ محمد مهدي شمس الدين ص199 عن
المبرد (أبي العباس محمد بن يزيد) في: الكامل (تحقيق محمد أبو
الفضل إبراهيم والسيد شحاتة ـ مطبعة نهضة مصر) (غير مؤرخة) ج1
ص223.
([3])
كشف الغمة للأربلي ج2 ص163 وراجع: الأخبار الطوال ص217
والإرشاد للمفيد ج2 ص12 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص41
وأعيان الشيعة ج1 ص569.
|