عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
«عليه السلام» قال:
دعاني رسول الله «صلى الله عليه وآله» فوجهني إلى اليمن
لأصلح بينهم، فقلت له: يا رسول الله، إنهم قوم كثير، وأنا شاب حدث!
فقال
لي:
يا علي، إذا صرت بأعلى عقبة (أفيق) فناد بأعلى صوتك: يا شجر، يا مدر،
يا ثرى، محمدٌ رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقرؤكم السلام.
قال:
فذهبت، فلما صرت بأعلى عقبة أفيق أشرفت على اليمن، فإذا
هم بأسرهم مقبلون نحوي، مشرعون أسنتهم، متنكبون قسيهم، شاهرون سلاحهم،
فناديت بأعلى صوتي: يا شجر، يا مدر، يا ثرى، محمد «صلى الله عليه وآله»
يقرؤكم السلام.
قال:
فلم يبق شجرة، ولا مدرة، ولا ثرى إلا ارتجت بصوت واحد:
وعلى محمد رسول الله وعليك السلام.
فاضطربت قوائم القوم، وارتعدت ركبهم، ووقع السلاح من
أيديهم، وأقبلوا مسرعين، فأصلحت بينهم، وانصرفت([1]).
ونقول:
هناك شكوك تراودنا حول هذه الرواية، فلاحظ ما يلي:
أولاً:
إن عقبة أفيق كانت بين حوران وغور الأردن، فغور الأردن في أول العقبة
التي تنزل منها إلى الغور، وهي عقبة طولها نحو ميلين([2])
فهي شمالي المدينة..
أما اليمن فهي إلى الجنوب من
المدينة، فكيف تقول الرواية:
إن علياً «عليه السلام» لما صار بأعلى عقبة أفيق أشرف على اليمن، فإذا
هم بأسرهم مقبلون نحوهم؟!
ثانياً:
هل يمكن أن يأتي أهل اليمن بأسرهم لاستقبال علي «عليه السلام» بالسلاح
ليحاربوه؟!
وهل هم مجتمعون عند عقبة أفيق؟!
وهل اليمن بمثابة قرية أو مدينة، يمكن أن تخرج على بكرة
أبيها لمواجهة قادم؟!
ثالثاً:
لم يكن هناك أية مشكلة بينهم وبين علي «عليه السلام» ومن معه، بل هم قد
اختلفوا فيما بينهم، وقد جاء علي «عليه السلام» ليصلح بينهم، فدفع الله
شرهم عنه بطريقة الكرامة والإعجاز..
فما معنى أن يتفق الفريقان المتنازعان على حرب من جاء
ليصلح بينهما؟! ولماذا هذا الإندفاع الشديد منهم لحربه؟!
ولعل الصحيح في القضية ـ إن لم يكن
الأمر على سبيل الكشف والكرامة لعلي «عليه السلام» ـ:
أن هناك جماعة صغيرة يسكنون في بلد صغير في اليمن، حصل خلاف فيما بين
جماعتين منهما، وقد ذهب «عليه السلام» إليهم ليصلح بينهم.
وربما يكون بالقرب من بلدهم عقبة اسمها (أفيق) متوافق
مع اسم عقبة أخرى في غور الأردن..
([1])
بحار الأنوار ج17 ص371 وج21 ص362 وج41 ص252 وبصائر الدرجات
ص145 و 146 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص521 و 523 والأمالي للصدوق
ص293 وروضة الواعظين ص116 ومختصر بصائر الدرجات (ط المطبعة
الحيدرية) ص14 والثاقب في المناقب ص69 والخرائج والجرائح ج2
ص492 ومدينة المعاجز ج1 ص416 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص299
وقصص الأنبياء للراوندي ص285 وغاية المرام ج5 ص255 وراجع:
تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج7 ص62 وتاريخ جرجان للسهمي ص387.
([2])
معجم البلدان ج1 ص233 وراجع: ج4 ص286 وبحار الأنوار ج21 ص363
وراجع: تاج العروس ج13 ص7 و413.
|