الثناء على أبي بكر في سورة البراءة

   

صفحة : 40-41   

الثناء على أبي بكر في سورة البراءة:

ادعى بعض محبي أبي بكر : أن سبب أخذ الآيات من أبي بكر هو أن سورة براءة تضمنت ثناء عليه، فأحب أن يكون على لسان غيره.. إن المتأمل بالآيات التي ذكرت كلب أهل الكهف، والآيات التي ذكرت أبو بكر  يتيقن أن كلب أهل الكهف أولى بالفخر من أبي بكر وأتباعه الذين هم أولى بالخزي.

ونقول:

أولاً: إنه يقصد بالثناء على أبي بكر  قوله تعالى: ﴿ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ([1]) وقد ذكرنا في كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» حين الحديث عن الهجرة: أن هذه الآية تضمنت شواهد عديدة، على أنها في مقام الذم، والتأنيب، والإدانة. فإن صاحبه يحزن ويخاف رغم أنه يرى المعجزات والكرامات تتوالى وهي تدل على أن الله حافظ لنبيه، فهو يرى نسج العنكبوت، والشجرة تنبت على باب الغار والحمامة الوحشية تبيض، وغير ذلك.

ويحاول النبي «صلى الله عليه وآله» أن يهدئه ويطمئنه، ثم تنزل الآية بنزول السكينة على الرسول، وإخراجه هو منها، مع أن أبا بكر هو الحزين الخائف، وتصرح بأن الله سبحانه أيد رسوله بجنودٍ لم يروها. ولم تأت على ذكر صاحبه في ذلك.

ومن كان هذا حاله، فإنه يحتاج إلى المزيد من العمل لتأكيد يقينه، وبلورة إيمانه..

ثانياً: إن الآيات التي أرسلها النبي «صلى الله عليه وآله» إلى مكة إن كانت عشراً، أو عشرين أو ثلاثين، فليست آية الغار من بينها، لأنها هي الآية الأربعون في تلك السورة.

ثالثاً: لو سلمنا أن آية الغار كانت من بين الآيات المرسلة، فيرد السؤال عن السبب في عدم التفات النبي «صلى الله عليه وآله» إلى هذا الأمر قبل أن يرسل أبا بكر !

وسؤال آخر عن السبب في تأخر نزول الوحي إلى حين خرج أبو بكر ، وسار في البراري والقفار، باتجاه مكة ، مع العلم بأن المسير إلى مكة  يحتاج إلى تهيئة الأسباب، والإستعداد الذي يحتاج إلى بعض الوقت الذي يتسع ولا شك لنزول الوحي بتصحيح القرار، وحفظ ماء وجه أبي بكر ؟!.


 

([1]) الآية 40 من سورة التوبة.

 
   
 
 

موقع الميزان