صفحة : 109-110   

من هم المتجرؤون؟!:

هناك أكثرية صامتة ومستضعفة منصرفة إلى أعمالها، ومنشغلة بتحصيل لقمة عيشها، وفيها الكثير من البسطاء والسذج ممن ليس له بصر بالسياسة، ولا يعرف الكثير عن ألاعيب الساسة، بل هو ينقاد لكل قائد، ويخضع لكل متسلط، بدءاً من كبير العائلة، إلى رئيس العشيرة، ثم الوالي، وانتهاءاً بأي ملك وحاكم، سواء أكان نبياً أم جباراً.

ولا نريد هنا أن نتحدث عن هذه الأكثرية، بل نريد أن نتحدث عن الناشطين في المجتمع الإسلامي في حياة النبي «صلى الله عليه وآله» فنقول:

هناك فريق من الصحابة عرف عنهم التزامهم بالحق، ومناصرته، وعدم تخطيه، وهم أفاضل الصحابة، وأماثلهم، كسلمان وعمار ، والمقداد ، وأبي ذر ، وأبي الهيثم بن التيهان ، وثلة من بني هاشم ، وآخرين، وعلى رأس هؤلاء جميعاً علي «عليه السلام».. وقد دلت سيرتهم على صدق التزامهم واستقامتهم.

وهناك فريق آخر التزم طريق النفاق، وإظهار الطاعة والإيمان، وإبطان الخلاف..

وقد كثر هؤلاء بعد فتح مكة حيث رجح الكثيرون اللجوء إلى التريث والمجارات بانتظار مرور ما اعتبروه عاصفة لا بد لهم من الإنحناء لها، وبعد أن تعود المياه إلى مجاريها، يكون لكل حادث حديث.

وهناك فريق ثالث يهتم بمصالحه، ويسعى لتحقيق طموحاته التي أذكاها التوسع الهائل، والإنتشار السريع للإسلام، وما جلب ذلك لهم منافع، وما بسط لهم من نفوذ. ولا يهم هذا الفريق كثيراً ما يجري حوله خارج هذا السياق..

ولا شك في أنه كان من بين هؤلاء من يريد أن يحتفظ بلبوس الدين، وأن يراعي أحكامه، وأن يعمل بشرائعه، ولكنه انساق وراء تقديرات خاطئة، أو خضع لضغوط أجواء وتأثير محيط موبوء.

ولم يكن هذان الفريقان يرتاحان لتأكيدات النبي «صلى الله عليه وآله» على مقام وفضل علي «عليه السلام»، ولا سيما ما كان يعلنه من وزارته له، ووصايته وإمامته من بعده.. ولشدَّ ما كانا ينزعجان ويحرجان وهما يواجهان الآيات القرآنية التي كانت تنزل في حقه «عليه السلام»، وبيان فضله، والتنويه بمقامه، وجهاده وتضحياته..

 
   
 
 

موقع الميزان