صفحة : 216   

التزيين الشيطاني:

وقد بدأ «صلى الله عليه وآله» خطبته بالإستعاذة بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا.. باعتبار أن الإنسان قد لا يبادر إلى بعض المعاصي إلا إذا زينها له الشيطان XE "الشيطان" ، وأظهرها له على غير واقعها، وقلب له الحقائق، فجعل له القبيح حسناً، والعكس، ولو بإيهامه أن هذا من مصاديق ذلك العمل الحسن مثلاً قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ المُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ..([1]).

وقال تعالى: ﴿زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ([2]).

وهناك أمور تكون زينتها ظاهرة فيها، من حيث أنها تلاءم نوازع النفس الأمارة، فيتلهي بزينتها عن التدبر في واقعها السيء، ومثال هذا جميع ما يندفع إليه الإنسان بغرائزه وشهواته، ومنها الإمارة والحكم..

فإن الإندفاع إلى الإمارة لا يحتاج إلى تزيين، بل النفس تشتهيها وتميل إليها، وربما يرتكب الإنسان من أجلها العظائم، والجرائم.

ولأجل ذلك استعاذ «صلى الله عليه وآله» من شرور النفس وسيئات الأعمال..

ولعله يريد بذلك الإلماح إلى ما سيكون بعده من منازعة الأمر أهله، والتحذير منه، لا سيما وأن بوادر ذلك قد ظهرت في عرفة XE "عرفات:أماكن" ، كما أوضحناه..


 

([1]) الآية 137 من سورة الأنعام.

([2]) الآية 37 من سورة التوبة.

 
   
 
 

موقع الميزان