وقد رووا عن ابن عباس
:
أن أبا طالب
«عليه
السلام» كان يرسل كل يوم رجالاً من بني هاشم
،
يحرسون النبي «صلى الله عليه وآله»، حتى نزلت هذه الآية ﴿وَاللهُ
يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ﴾([1])،
فأراد أن يرسل معه من يحرسه، فقال: يا عم: إن الله عصمني من الجن
والإنس
([2]).
ونقول:
أولاً:
إن ما ذكرناه
آنفاً من الإجماع على نزول سورة المائدة في المدينة
،
وأنها آخر ما نزل، أو من آخر ما نزل.. ومن الصحابة من يقول: إنها نزلت
في حجة الوداع ـ إن ذلك ـ يكفي للرد على هذه المزعمة. فإن أبا طالب
قد
توفي قبل الهجرة إجماعاً..
ثانياً:
لقد كانت هناك
حراسات للنبي «صلى الله عليه وآله» تجري في المدينة
، وفي
المسجد أسطوانة يقال لها: أسطوانة المحرس.. وكان علي «عليه السلام»
يبيت عندها يحرس رسول الله «صلى الله عليه وآله».. فإذا كانت الآية
المشار إليها قد نزلت في مكة
، فترك
الحرس منذئذٍ، فلا معنى لتجديد الحراسات عليه في المدينة
.
ثالثاً:
تقدم في هذا
الكتاب: أن أبا طالب
«عليه
السلام» كان في الشعب إذا حلَّ الظلام، وهدأت الأصوات يقيم النبي «صلى
الله عليه وآله» من موضعه، وينيم علياً «عليه السلام» مكانه. حتى إذا
حدث أمر، فإن علياً يكون هو الفداء للنبي «صلى الله عليه وآله».
فلو صح:
أن أبا طالب
كان
يرسل رجالاً لحراسته «صلى الله عليه وآله» كل يوم، فلا تبقى حاجة لهذا
الإجراء، فإن الحرس موجودون، وأي أمر يحدث، فإنهم هم الذين يتصدون له..
ويلاحظ هنا:
أن أبا طالب
لم يختر غير
علي «عليه السلام» لهذه المهمة، الأمر الذي لم يكن بلا موجب وسبب، ولعل
السبب أمر إلهي كان لا بد من امتثاله..
رابعاً:
إن آية الهجرة التي دلت على مبيت النبي «صلى الله عليه
وآله» في الغار، وحديث مبيت علي «عليه السلام» في فراش النبي «صلى الله
عليه وآله» يكذب هذه الرواية أيضاً.
ويظهر لنا:
أن المطلوب بهذه الرواية المكذوبة إلقاء الشبهة حول مبيت علي «عليه
السلام» مكان النبي «صلى الله عليه وآله» في الشعب
XE "الشعب:أماكن"
، وحول مبيته «عليه السلام» مكانه «صلى الله عليه وآله»
في ليلة الهجرة.
([1])
الآية 67 من سورة المائدة.
([2])
الجامع لأحكام القرآن ج6 ص158 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص81
والغدير ج1 ص228 ولباب النقول للسيوطي (ط دار إحياء العلوم)
ص95 و (ط دار الكتب العلمية) ص83 ومجمع الزوائد ج7 ص17 وأسباب
نزول الآيات ص135 والمعجم الكبير ج11 ص205 والدر المنثور ج2
ص298 وعن ابن مردويه، والطبراني.
|