صفحة :251    

بلغ ما أنزل إليك.. في اليهود:

من الأساليب التي يتبعونها لتضييع الحقيقة تكثير الأقوال في المورد، وقد زعموا: أن الأقوال في شأن نزول آية: ﴿وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ([1]). بلغت العشرة([2]).

وقد رجح الرازي : أنها تريد أن تؤمن النبي «صلى الله عليه وآله» من كيد اليهود والنصارى ، فأمره الله بإظهار التبليغ، وعدم المبالاة بهم، ودليله على ذلك: أن ما قبل الآية وما بعدها مرتبط بأهل الكتاب([3]).

ونقول:

أولاً: إن السياق ليس حجة، ولا سيما بعد ورود الروايات الكثيرة المبينة لشأن النزول..

ثانياً: إن أمر اليهود قد حسم قبل نزول الآية بعدة سنوات، أما النصارى فلم يكن لهم حضور يذكر ولا نفوذ ذو بال في جزيرة العرب ..

ثالثاً: لم يكن قد بقي شيء من الشريعة يتوهم أنه «صلى الله عليه وآله» يمتنع عن إبلاغه خشية منهم، فكيف إذا كانت تصرح بأن الذي أمر الله نبيه بإبلاغه يعدل الدين كله، فقد قالت: ﴿وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ([4]). مع أنه «صلى الله عليه وآله» قد بلغ الرسالة كلها.. باستثناء بضعة أحكام قد لا تصل إلى عدد أصابع اليد الواحدة.

فذلك كله يدل: على أن ما أمر «صلى الله عليه وآله» بإبلاغه له مساس بجميع أحكام الدين وشرائعه وحقائقه.. وهو الأمر الذي تخشاه قريش  والطامعون والطامحون.. والذين أسلموا في الفتح وبعده.. وهو أخذ البيعة لعلي «عليه السلام» بالخلافة من بعده.


 

([1]) الآية 67 من سورة المائدة.

([2]) التفسير الكبير للرازي ج12 ص49 والغدير ج1 ص225 و226.

([3]) التفسير الكبير ج12 ص50 والغدير ج1 ص226.

([4]) الآية 67 من سورة المائدة.

 
   
 
 

موقع الميزان