وحين جاء التهديد الإلهي لهم، الذي صرح باعتبارهم في
دائرة الكفر الذي يفتح باب الحرب معهم، وتضمن تطمين النبي «صلى الله
عليه وآله» إلى أنهم سيكونون عاجزين عن فعل أي شيء يضر في أمر إبلاغ
ذلك الأمر الخطير، وإقامة الحجة كما يريده الله في قوله تعالى:
﴿يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ
مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ﴾([1]).
وحين أبلغهم أن الله سبحانه يعتبر عدم إبلاغ هذا الأمر
بمثابة عدم إبلاغ أصل الدين وأساس الرسالة.. مما يعني: أنه قد يحل بهم
عذاب الإستئصال، فهو ينذرهم بصاعقة مثل صاعقة عاد وثمود، أو على الأقل
أنه سيعاملهم على أساس أنهم عادوا إلى نقطة الصفر، التي اقتضت حرب بدر
، وأحد
، والخندق
، وحنين
وسوى ذلك.. وهذا ما لا طاقة لهم به..
نعم.. حين بلغ الأمر إلى هذا الحد، قرروا الإنحناء أمام
العاصفة، واللجوء إلى سياسة المداراة والمكيدة، وانتظار الفرصة.. حتى
لا تحل كارثة فاضحة، تتلاشى معها جميع الآمال..
ولزمتهم الحجة بالبيعة التي أعطوها له «عليه السلام»
يوم الغدير، وقامت الحجة بذلك على الأمة بأسرها.. ولم يكن المطلوب أكثر
من ذلك..
وكان ذلك قبل استشهاده «صلى الله عليه وآله» بسبعين
يوماً.
([1])
الآية 67 من سورة المائدة.
|