صفحة : 337-338  

أبو هريرة أعلم من أبي بكر وعمر:

وحدث أبو هريرة: أنه كان في المدينة مجاعة، ومر بي يوم وليلة لم أذق شيئاً، وسألت أبا بكر آية كنت أعرف بتأويلها منه، ومضيت معه إلى بابه، وودعني وانصرفت جايعاً يومي.

وأصبحت وسألت عمر آية كنت أعرف منه بها، فصنع كما صنع أبو بكر.

فجئت في اليوم الثالث إلى علي، وسألته ما يعلمه فقط. فلما أردت أن أنصرف دعاني إلى بيته، فأطعمني رغيفين وسمناً، فلما شبعت انصرفت إلى رسول الله.

فلما بصر بي ضحك في وجهي وقال: أنت تحدثني أم أحدثك، ثم قص علي ما جرى، وقال لي: «جبرئيل عرفني»([1]).

ونقول:

نلاحظ هنا أموراً نقتصر منها على ما يلي:

1 ـ إن أبا هريرة يصف نفسه بأنه أعرف من أبي بكر وعمر بتأويل الآيات التي سألهما عنها، فكيف نوفق بين قوله هذا، وبين قول الناس الذين لم يروا أبا بكر ولا غيره من الصحابة: بأنه أعلم من أبي هريرة وغيره؟!

2 ـ إنه ذكر: أنه سأل علياً عما يعلمه فقط، أي سأله عما يعلمه هو دون سواه.. ولا يعلمه غيره..

فدل أيضاً بذلك على أنه يرى أن لدى علي «عليه السلام» علوماً قد تفرد بها عن غيره، وذلك ينقض أيضاً دعواهم لحوق غيره «عليه السلام» به. فضلاً عن دعواهم الغريبة والمضحكة للثكلى: أن غيره «عليه السلام» أعلم منه.

3 ـ لا بأس بالمقارنة بين فعل علي «عليه السلام» مع أبي هريرة بعد جوابه له، وبين فعل غيره معه!!

4 ـ نلاحظ: أن النبي «صلى الله عليه وآله» ذكر لأبي هريرة أن جبرئيل عرفه بما جرى.. وذلك يدل على أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يعرف بتفاصيل ما يجري للناس، وأن ذلك كان بواسطة الوحي الإلهي.. فليس لأبي هريرة ولا لغيره: أن يظن أنه قد اطلع على ما جرى بنفسه، أو بإخبار علي «عليه السلام» إياه، أو بواسطة ناظر ومراقب من الناس، أو بأية وسيلة أخرى قد يتوهمها متوهم.


 

([1]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج2 ص122 و(ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص347 و (ط أخرى) ج2 ص73 وبحار الأنوار ج41 ص27.

 
   
 
 

موقع الميزان