لو كان علي عليه السلام معكم لما ضللتم

   

صفحة : 339-341  

لو كان علي عليه السلام معكم لما ضللتم:

وعن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن «عليه السلام»: أن ماعز بن مالك أقر عند رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالزنا، فأمر به أن يرجم، فهرب من الحفرة، فرماه الزبير ـ بن العوام ـ بساق بعير، فعقله به فسقط، فلحقه الناس، فقتلوه.

فأخبر النبي «صلى الله عليه وآله» بذلك، فقال: هلا تركتموه يذهب إذا هرب، فإنما هو الذي أقر على نفسه. وقال: أما لو كان علي حاضراً معكم لما ضللتم.

قال: ووداه رسول الله «صلى الله عليه وآله» من مال المسلمين([1]).

ونقول:

1 ـ إن من يثبت عليه الزنا بإقراره يرجم، ولكنه إذا هرب من الحفيرة، لا يعاد إليها، بل يكف عنه، وكأنه لأجل أن هربه بمثابة رجوع عن إقراره ذاك.

2 ـ إن كلمة النبي «صلى الله عليه وآله»: «أما لو كان علي حاضراً معكم لما ضللتم» يفيد ما يلي:

ألف: إن هذ الحكم كان قد بلغهم، ولكنهم ضلوا، بعد هدايتهم.

ب: إن التعبير بالضلال دون التعبير بالنسيان، أو الغفلة يشعر بذمهم على ذلك، وأنهم غير معذورين في فعلهم..

ج: إن وجود علي «عليه السلام» معهم يفرض عليهم الإلتزام بأحكام الله، ويمنع من انسياقهم وراء عصبياتهم، وميولهم وأهوائهم، حين يريدون إجراء الأحكام.

3 ـ يلاحظ: أنه «صلى الله عليه وآله» وصفهم بالضلال حين فقدهم علياً «عليه السلام» من دون تقييد، فلم يقل: ضللتم عن ذلك الحكم..

ليفيد: أن ضلالهم حين يفقدون النبي «صلى الله عليه وآله» وعلياً «عليه السلام» يكون عاماً وشاملاً..

4 ـ إنه «صلى الله عليه وآله» لم يؤاخذهم بفعلهم هذا، ولم يغرمهم ديته، لأنهم يدعون الغفلة عن الحكم ونسيانه، أو عدم سماعه من الرسول «صلى الله عليه وآله».. فلا محيص من معاملتهم وفقاً لما يظهرونه . ولو أمكن تحصيل العلم بالوسائل العادية بوجود متعمد بينهم على سبيل الإجمال، فيصعب تحديد المتعمد للقتل منهم، ويصعب أيضاً تحديد القاتل بصورة أو بأخرى.

5 ـ وربما كان غير علي «عليه السلام» يعرف الحكم، ولو كان حاضراً معهم لعرفهم به كسلمان مثلاً. ولكن بما أنهم قد لا ينقادون له، لأنهم يستضعفونه، ويتعصبون عليه. أو قد يلجأون إلى تكذيبه .. إلى غير ذلك من حالات وتصرفات. إلا أنهم لا يمكنهم ممارسة ذلك مع علي «عليه السلام» ، فإنه «صلى الله عليه وآله» حصر أمر إعادتهم إلى جادة الصواب به..

يضاف إلى ذلك: أنه «عليه السلام» هو الهادي لهم، والمبين ما يختلفون فيه بعد وفاته كما قاله «صلى الله عليه وآله»، وكما أثبتته الوقائع والأحوال.


 

([1]) الكافي ج7 ص185 والمحاسن للبرقي ج2 ص306 ووسائل الشيعة ج18 ص376 وبحار الأنوار ج76 ص44.

 
   
 
 

موقع الميزان