عن ابن عباس:
أهدي إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ناقتان عظيمتان سمينتان، فقال
للصحابة: هل فيكم أحد يصلي ركعتين بقيامهما وركوعهما، وسجودهما،
ووضوئهما، وخشوعهما، لا يهتم فيهما من أمر الدنيا بشيء، ولا يحدث قلبه
بفكر الدنيا، أهدى إليه إحدى هاتين الناقتين؟!
فقالها مرة، ومرتين، وثلاثة، فلم يجبه أحد من أصحابه،
فقام أمير المؤمنين «عليه السلام»، فقال: أنا يا رسول الله، أصلي
ركعتين، أكبر تكبيرة الأولى، وإلى أن أسلم منهما،لا أحدث نفسي بشيء من
أمر الدنيا.
فقال:
يا علي، صلِّ، صلى الله عليك.
فكبر أمير المؤمنين «عليه السلام»، ودخل في الصلاة،
فلما سلم من الركعتين هبط جبرئيل على النبي «صلى الله عليه وآله»،
فقال: يا محمد، إن الله يقرئك السلام ويقول لك: أعطه إحدى الناقتين.
فقال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
إني شارطته أن يصلي ركعتين، لا يحدث فيهما بشيء من الدنيا، أعطيه إحدى
الناقتين إن صلاهما، وإنه جلس في التشهد، فتفكر في نفسه أيهما يأخذ.
فقال جبرئيل:
يا محمد، إن الله يقرئك السلام ويقول لك: تفكر أيهما يأخذها، أسمنهما
وأعظمهما، فينحرها ويتصدق بها لوجه الله. فكان تفكره لله عز وجل، لا
لنفسه ولا للدنيا.
فبكى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأعطاه كليهما.
وأنزل الله فيه: ﴿إِنَّ
فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى﴾([1]).
لعظة لمن كان
له قلب وعقل
﴿أَوْ
أَلْقَى السَّمْعَ﴾،
يعني يستمع أمير المؤمنين «عليه السلام» بإذنيه إلى من تلاه بلسانه من
كلام الله
﴿وَهُوَ
شَهِيدٌ﴾([2])،
يعني وأمير المؤمنين شاهد القلب لله في صلاته، لا يتفكر فيها بشيء من
أمر الدنيا([3]).
([1])
الآية 21 من سورة الزمر.
([2])
الآية 37 من سورة ق.
([3])
مناقب آل أبي طالب ج2 ص20 عن تفسير وكيع، والسدي، وعطاء.
وراجع: بحار الأنوار ج36 ص161 وتأويل الآيات ج2 ص612.
|