وبعد فلا حاجة بنا إلى التذكير:
بأن أهل الكتاب كانوا يستخرجون من كتبهم أسئلة يرون أنه
لا يعرفها إلا الأوحدي من الناس، الذي عنده علم الأولين والآخرين.
ويرون أن النبي الموعود، وأوصياؤه يعرفون ذلك كله. فإذا سألوهم
وأجابوهم بما يجدونه عندهم وجدوا أنفسهم ملزمين بالإيمان والتسليم
بالإسلام.
فكان لا بد من هدايتهم، وتعريفهم:
بأن ما عندهم ليس مجهولاً، بل هو في غاية الوضوح
والبداهة عند الأئمة «عليهم السلام»، ولكن ذلك لا يعني صحته.
على أن من الواضح:
أن من عرفه بدقائقه كلها، فهو قادر على معرفة صحيحه من
فاسده. ولا سيما إذا كان الله تعالى هو الذي اختاره وعلّمه، وهيأه
لمقام النبوة أو الإمامة.. وبعد أن يتأكد لديهم ذلك فإنهم سوف يقبلون
منه كل ما يأتيهم به..
وهذا يجعلنا في حل من البحث والتدقيق في هذه الأجوبة.
إلا إذا تأكد لدينا أن المطلوب هو بيان الحقائق وتصويبها. لا إيرادها
كما هي لدى السائلين..
ولكن الأمر فيما يرتبط بأسئلة هذا اليهودي وبالأجوبة
التي نحن بصدد الحديث عنها.. ليس كذلك، فقد صرح اليهودي أخيراً بأنه
كان يرصد أجوبته «عليه السلام» ويطابقها مع ما عنده، فلما جاءت متوافقة
معها أعلن إسلامه. فدلنا بذلك: أن المطلوب هو الأجوبة التي تتوافق مع
ما عنده، وليس المطلوب الأجوبة الصحيحة والمطابقة للواقع.
النبي
يولي
علياً
مناظرة اليهود:
قال الشيخ الصدوق «رحمه الله»:
حدثنا محمد بن القاسم الاسترآبادي، المعروف بأبي الحسن
الجرجاني المفسر ـ رضي الله عنه ـ قال: حدثني أبو يعقوب يوسف بن محمد
بن زياد، وأبو الحسن علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن بن علي
بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن
أبي طالب «صلوات الله عليهم أجمعين» أنه قال:
كذبت قريش واليهود بالقرآن وقالوا:
﴿سِحْرٌ مُبِينٌ﴾﴿تَقَوَّلَهُ﴾.
فقال الله: ﴿ألم ذَلِكَ
الْكِتَابُ﴾. أي: يا محمد، هذا الكتاب الذي أنزلناه عليك هو الحروف
المقطعة التي منها: «ألف، لام، ميم». وهو بلغتكم وحروف هجائكم، فأتوا
بمثله إن كنتم صادقين، واستعينوا على ذلك بسائر شهدائكم.
ثم بيَّن:
أنهم لا يقدرون عليه بقوله: ﴿قُلْ
لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ
هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ ظَهِيراً﴾([1]).
إلى أن تقول الرواية: قال:
فلما بعث الله
محمداً وأظهره بمكة، ثم سيره منها إلى المدينة وأظهره بها، ثم أنزل
إليه الكتاب وجعل افتتاح سورته الكبرى بـ «ألم» يعني: ﴿ألم
ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾
وهو ذلك الكتاب الذي أخبرت أنبيائي السالفين أني سأنزله عليك يا محمد،
﴿لَا رَيْبَ فِيهِ﴾([2])،
فقد ظهر كما أخبرهم به أنبياؤهم: أن محمداً ينزل عليه كتاب مبارك لا
يمحوه الباطل، يقرؤه هو وأمته على سائر أحوالهم.
ثم اليهود يحرفونه عن جهته، ويتأولونه على غير وجهه،
ويتعاطون التوصل إلى علم ما قد طواه الله عنهم من حال آجال هذه الأمة،
وكم مدة ملكهم.
فجاء إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» منهم جماعة،
فولى رسول الله «صلى الله عليه وآله» علياً «عليه السلام» فخاطبهم.
فقال قائلهم:
إن كان ما يقول محمد ـ «صلى الله عليه وآله» ـ حقاً لقد علمناكم قدر
ملك أمته، هو إحدى وسبعون سنة، «الألف» واحد، و «اللام» ثلاثون، و
«الميم» أربعون.
فقال علي «عليه السلام»:
فما تصنعون بـ «ألمص» وقد أنزل عليه؟!
قالوا:
هذه إحدى وستون ومائة سنة.
قال:
فماذا تصنعون بـ «ألر» وقد أنزلت عليه؟!
فقالوا:
هذه أكثر، هذه مائتان وإحدى وثلاثون سنة.
فقال علي «عليه السلام»:
فما تصنعون بما أنزل عليه «ألمر»؟!
قالوا:
هذه مائتان وإحدى وسبعون سنة.
فقال علي «عليه السلام»:
فواحدة من هذه له أو جميعها له؟!
فاختلط كلامهم، فبعضهم قال:
له واحدة منها.
وبعضهم قال:
بل يجمع له كلها، وذلك سبعمائة وأربع وثلاثون سنة، ثم
يرجع الملك إلينا يعني إلى اليهود.
فقال علي «عليه السلام»:
أكتاب من كتب الله نطق بها، أم آراؤكم دلتكم عليه؟!
قال بعضهم:
كتاب الله نطق به.
وقال آخرون منهم:
بل آراؤنا دلت عليه.
فقال علي «عليه السلام»:
فأتوا بالكتاب من عند الله ينطق بما تقولون.
فعجزوا عن إيراد ذلك.
وقال للآخرين:
فدلونا على صواب هذا الرأي.
فقال
[لعل الصحيح: فقالوا:([3])]:
صواب رأينا دليله: أن هذا حساب الجمل.
فقال علي «عليه السلام»:
كيف دل على ما تقولون وليس في هذه الحروف إلا ما
اقترحتم بلا بيان!
أرأيتم إن قيل لكم:
إن هذا الحروف ليست دالة على هذه المدة لملك أمة محمد، ولكنها دالة على
أن كل واحد منكم قد لعن بعدد هذا الحساب.
أو أن عدد ذلك لكل واحد منكم ومنا بعدد هذا الحساب
دراهم أو دنانير.
أو أن لعلي على كل واحد منكم دين عدد ماله مثل عدد هذا
الحساب.
قالوا:
يا أبا الحسن،
ليس شيء مما ذكرته منصوصاً عليه في
«ألم»
و «ألمص»
و «ألر»
و «ألمر».
فقال علي «عليه السلام»:
ولا شيء مما
ذكرتموه منصوص عليه في
«ألم»
و «ألمص»
و «ألر»
و «ألمر»
فإن بطل قولنا لما قلنا بطل قولك لما قلت.
فقال خطيبهم ومنطيقهم:
لا تفرح يا علي بأن عجزنا عن إقامة حجة فيما تقوله على دعوانا، فأي حجة
لك في دعواك؟! إلا أن تجعل عجزنا حجتك، فإذا ما لنا حجة فيما نقول ولا
لكم حجة فيما تقولون.
قال علي «عليه السلام» لا سواء، إن لنا حجة هي المعجزة
الباهرة. ثم نادى جمال اليهود: يا أيتها الجمال، اشهدي لمحمد ولوصيه.
فتبادر الجمال:
صدقت صدقت، يا وصي محمد، وكذب هؤلاء اليهود.
فقال علي «عليه السلام»:
هؤلاء جنس من الشهود، يا ثياب اليهود التي عليهم، اشهدي
لمحمد ولوصيه.
فنطقت ثيابهم كلها:
صدقت صدقت، يا علي نشهد أن محمداً رسول الله حقاً، وأنك يا علي وصيه
حقاً، لم يثبت محمداً قدماً في مكرمة إلا وطأت على موضع قدمه بمثل
مكرمته، وأنتما شقيقان من إشراق أنوار الله، فميزتما اثنين، وأنتما في
الفضائل شريكان إلا أنه لا نبي بعد محمد «صلى الله عليه وآله».
فعند ذلك خرست اليهود وآمن بعض النظارة منهم برسول الله
«صلى الله عليه وآله»، فغلب الشقاء على اليهود وسائر النظارة الآخرين،
فذلك ما قال الله: ﴿لَا
رَيْبَ فِيهِ﴾،
إنه كما قال محمد «صلى الله عليه وآله» ووصي محمد، عن قول محمد «صلى
الله عليه وآله»، عن قول رب العالمين.
ثم قال: ﴿هُدىً﴾
بيان وشفاء ﴿لِلْمُتَّقِينَ﴾
من شيعة محمد وعلي أنهم اتقوا أنواع الكفر فتركوها، واتقوا الذنوب
الموبقات فرفضوها، واتقوا إظهار أسرار أزكياء عباده الأوصياء بعد محمد
«صلى الله عليه وآله» فكتموها، واتقوا ستر العلوم عن أهلها المستحقين
لها وفيهم نشروها([4]).
ونقول: لاحظ الأمور التالية:
دل هذا النص:
على أن الحروف المقطعة المذكورة في أوائل السور يراد
بها التحدي لكل مكذب بالقرآن، سواء في ذلك اليهود والمشركون، ومن لحق
بهم من غيرهم.
وقد أوضحت الرواية وجه هذا التحدي، فإن القرآن مؤلف من
حروف هجائية محدودة في عددها، ما زال الناس يؤلفون منها لغات وكلمات
تعبر عن مقاصدهم.
وها هم قد عجزوا عن مجاراة هذا القرآن، وقد أكد القرآن
عجزهم هذا، وأعلمنا: بأنه سيبقى البشر كلهم عاجزين عن الأتيان بعشر
سور، بل عن سورة من مثله..
غير أن مراجعة الروايات تعطي:
أن الأئمة «عليهم السلام» قد ذكروا للأحرف المقطعة معان
مختلفة، وبعض الروايات ذكرت للمورد الواحد منها أكثر من معنى، مثل
رواية سفيان الثوري عن الإمام الصادق: إن كلمة طه مثلاً من أسماء النبي
«صلى الله عليه وآله»، ومعناه: يا طالب الحق الهادي إليه.
وأما «يس»
فاسم من أسماء النبي «صلى الله عليه وآله» أيضاً، ومعناه: يا أيها
السامع لوحيي([5]).
أما إذا لوحظت جميع الروايات، فإن المعاني سوف تزداد
بصورة لافتة([6]).
ومهما يكن من أمر، فإننا نذكر هنا
بالإضافة إلى ما تقدم:
أن بعض الروايات ذكر عدة معان لهذه الحروف:
منها:
أنها حروف من اسم الله الأعظم، المقطع في القرآن([7]).
ومنها:
أن المراد ببعضها عديد سني الدنيا. وعلم علي كله في عسق([8]).
ومنها:
أنها إشارات إلى أمور هامة، مثل: «ألم» التي هي بحساب
الجمل([9]).
وهي سنة زوال ملك بني أمية([10])،
بالإضافة إلى إشارتها إلى أمور أخرى:
منها:
قيام الإمام الحجة «عليه السلام»([11]).
وفي بعضها عن أبي جعفر «عليه
السلام»:
إن في حروف القرآن المقطعة لعلماً جماً([12]).
وفي بعضها عن الإمام الباقر «عليه
السلام»:
أن «ألم» في سورة البقرة اسم من أسماء الله([13]).
والحقيقة هي:
أن هذه الأحرف قد أشير بها إلى أمور عديدة في آن واحد،
ولعل جميع ما تقدم مقصود.
ويشير إلى ذلك أيضاً:
ما تقدم من أن علم علي كله في «عسق».
وفي حديث آخر عن الإمام الصادق
«عليه السلام»:
«ألم»
رمز وإشارة بينه وبين حبيبه محمد «صلى الله عليه وآله»، أراد أن لا
يطلع عليه سواهما بحروف بعدت عن درك الاعتبار، وظهر السر بينهما لا غير([14]).
وأصرح من هذا وذاك:
ما روي عن أبي جعفر «عليه السلام»
حول هذه الآيات، وهو قوله: إن هذه الآيات أنزلت فيهم: ﴿مِنْهُ
آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ﴾([15]).
وهي تجري في وجوه أخر على غير ما تأول به حيي بن أخطب وأخوه أبو ياسر
وأصحابه»([16]).
فدل «عليه السلام» على أن لهذه الكلمات وجوهاً تجري
فيها، ولا تنحصر معانيها في وجه واحد..
ويلاحظ:
أن الرواية المتقدمة، تقول: إن الله تعالى قد أظهر
النبي «صلى الله عليه وآله» في مكة ثم سيره منها إلى المدينة، وأظهره
بها. والإظهار معناه هنا النصر، أي أنه تعالى قد نصر نبيه في مكة، ثم
نصره في المدينة..
فقد يقال:
كيف يكون «صلى الله عليه وآله» قد انتصر في مكة، وهو قد
خرج منها خائفاً يترقب، حتى اضطر إلى الاختفاء في الغار. وأنام وصيه
علياً «عليه السلام» في فراشه، معرِّضاً إياه إلى خطر القتل. وغير ذلك
من أمور.
ونجيب:
بأن ما كانت تسعى إليه قريش، هو طمس هذا الدين، والتخلص
من نبي الله تعالى، ومن دعوته بأي ثمن. وقد باءت جهودها في هذا السبيل
بالفشل الذريع، ومنيت بالخيبة القاتلة، وتحقق لرسول الله «صلى الله
عليه وآله» النصر عليها في نفس هذا الأمر الذي جعلته هدفها الأقصى،
الذي لا تحيد عنه. فحفظ نبيه، وأظهر دينه.. وتحقق مرام رسول الله «صلى
الله عليه وآله» بهجرته إلى المدينة، امتثالاً لأمر الله تعالى، حيث
مكنه ذلك من التحرك بحرية أكبر في سبيل نشر الدعوة في كل اتجاه، وتمكن
من إفشال قريش في مساعيها اللاحقة، حتى اضطرها إلى البخوع والتسليم،
وحملها على أن تظهر غير ما تبطن..
ثم إن الموضوع الذي جاء اليهود من أجل طرحه كان من أخطر
الموضوعات، وأشدها حساسية. وهو موضوع أمد بقاء دعوته «صلى الله عليه
وآله» من خلال التشبث بآيات متشابهة تجوز فيها الاحتمالات، وتؤثر في
إثارة الشبهات في أذهان الناس العاديين، الأمر الذي سوف يجعلهم يترددون
في الدخول في هذا الأمر، كما أن الداخلين فيه سوف لن يتشجعوا لمواصلة
السير في طرق لم تتضح لهم معالمه، ولا وضوح لنهاياته وغاياته.
وهم سوف يترددون كثيراً في المغامرة بعلاقاتهم
وبتجاراتهم، فما بالك بالتضحية بأرواحهم في سبيل دين يخبرهم سلفاً عن
أن مصيرهم ومصيره إلى البوار، وخراب الديار، وأن تعفى منه ومنهم
الآثار، وليواجهوا من ثم المصير المجهول، إن لم يتفرغ لهم الناس
للتنكيل بهم، والانتقام منهم، وصب كل الأحقاد المتراكمة من الشهور
والدهور عليهم..
وإذا أمكن حمل الناس على الانكفاء عن هذا الدين، أو
التردد في التضحية في سبيله، أو في الدفاع عنه وعن أهله، فسيصبح
بالإمكان تسديد الضربات الساحقة والماحقة له، لعدم وجود رغبة في الذب
عن عنه. إلا إن كان هناك من له رحم ماسة ببعض رموزه، فتحركهم الرحم أو
العصبية القبلية، أو ما إلى ذلك..
وسيكون القضاء على هؤلاء سهلاً وميسوراً نسبياً..
إننا
نلاحظ:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» عادة كان هو الذي يتولى الإجابة على
أسئلة اليهود، ولكنه اختار علياً «عليه السلام» هذه المرة للقيام بهذه
المهمة. ولعل من أسباب هذا الاختيار: هو أن النبي «صلى الله عليه وآله»
كان قد علم بتوفيق من الله، وبدلالة منه: أن اليهود سيسألون عن هذا
الأمر الغامض جداً، الذي لا يستطيع أحد أن يدعي العلم به، إلا إن كان
قد أخذ ذلك عن الله تبارك وتعالى من خلال النبي «صلى الله عليه وآله».
ولذا باستطاعتنا أن نقول:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد تعمد إظهار اختصاص
علي «عليه السلام» بعلوم لم ينلها أحد من الخلق سواه، للدلالة من خلال
ذلك على سر الإمامة فيه.
ونحسب:
أن الصدمة لليهود وللمشركين والمنافقين، وربما لكثير غيرهم كانت كبيرة،
حين رأوا رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد نأى بنفسه عن الحوار معهم،
ولعلهم اعتبروا ذلك انتقاصاً من قدرهم، وعدم اهتمام، وربما أحزنهم ذلك،
لأن تغلبهم على علي «عليه السلام» لا يحسم الأمر.
ولكن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، الذي كان يتصدى
للإجابة بنفسه على أبسط المسائل، قد ينأى بنفسه عن التصدي لحسم هذه
الدعاوى، وأحال الأمر فيها إلى شاب لعلهم ما كانوا يظنون أنه لم يجرب
الأمور، ولا يملك من العلوم والمعارف، ما يمكنه التصدي لأمثالها.
غير أن ثمة احتمالاً آخر، وهو أن يكون اليهود ومن معهم
قد اغتبطوا بهذا الأجراء، وظنوا أن الفرصة قد أمكنتهم لكسب هذه الجولة
على الأقل، ثم يتملصون من مواجهة النبي «صلى الله عليه وآله» بعد ذلك،
ويبقى صدى هذه الواقعة يتردد عبر العصور والدهور ليجلب لهم المزيد من
المرتابين، والمترددين، والصادين عن هذا الدين.
وتصبح أية ثغرة يتمكنون من إحداثها بباطلهم وبشبهاتهم
في يقين الناس وفي سكينتهم، بمثابة المفتاح السحري العجيب الذي يمنحهم
القدرة على اقتحام قلاع الحق واسقاط مقاومة أهله في كل زمان.
وقد لاحظنا:
أن علياً
«عليه السلام»
لا يفاجئهم بالرد الحاسم، ربما لكي لا ينجر الأمر إلى المكابرة،
والعناد، فعمل على أن يستدرجهم، للاعتراف بأمور عديدة، تجعلهم في دائرة
أهل الإنصاف، وتظهرهم بمظهر طلاب الحق، وذلك على مراحل:
المرحلة الأولى:
طرح طائفة من الأسئلة البديهية، التي لا محيص لهم عن
التسليم بها، وهي تؤسس لأسئلة أخرى تتوقف عليها أيضاً.. وتهيؤهم
للاعتراف وللتراجع.. وهكذا بالنسبة للأسئلة التي تليها..
وهكذا حصل، فقد اعترفوا له بأن ما ظنوا أنه زمان انقضاء
ملك أمة محمد
«صلى الله
عليه وآله»
كان غير دقيق، وأنه لا مانع لديهم من التراجع عنه، إذ يحتمل: أن تكون
المدة أطول من ذلك. كما دل عليه ما نقض به كلامهم.
ثم طرح عليهم سؤالاً ثانياً يزيد في مقدار المدة أيضاً،
لكي يستل منهم تراجعاً واعترافاً جديداً ثم توالت اعترافاتهم، وفق
الخطة التي اعتمدها «عليه السلام»، ثم عقبه بما اضطرهم إلى تراجع
واعتراف ثالث.. وهكذا..
وبذلك يكون
«عليه السلام» قد أسس مساراً للحوار، تضبط به حركتهم،
ويفرض نفسه عليهم.
المرحلة الثانية:
إن أمير المؤمنين «عليه السلام» قد ترقى في فرض شروط
البحث العلمي عليهم، والتضييق عليهم في خياراتهم، وحصرها في نطاق معين،
وإخضاعها لضوابط ومعايير من شأنها، أن تحسم الأمور لصالح الحق وأهله..
فواجههم «عليه السلام» بطائفة أخرى من الأسئلة التي
تنقلهم من اليقين إلى الحيرة والشك، إلى حد الإختلاف، فسألهم عن
الأرقام المختلفة التي ظهرت لهم في الحروف المقطعة، هل قصد مجموعها، أو
قصدت واحدة منها؟!
ولكنه «عليه السلام» بقي مظهراً أنه ليس بصدد المس بأصل
داعوهم التي تتحدث عن أن دور الحروف المقطعة هو بيان مقدار ملك أمة
محمد «صلى الله عليه وآله»..
وطبيعي أن هذه الطريقة سوف تبقى لديهم حالة من
الطمأنينة تمنحهم الرغبة في مواصلة الحوار معه إلى نهاياته.. ويدعوهم
إلى البحث عن إجابة على هذا السؤال الذي طرحه عليهم..
فلما أرادوا الإجابة عليه ظهر لديهم مدى الريب والشك،
الذي أوقعهم هذا السؤال فيه، وحصل الاختلاف بينهم حول الشق الذي
يختارونه، ووقعوا في المأزق..
فكانت هذه الحالة هي الأساس التي انطلقت منها.
المرحلة الثالثة:
حيث إن اضطرابهم في الإجابة قد شكل مبرراً لطرح السؤال
المرتكز إلى هذه الحالة بالذات، فقد بات عليهم تحديد طبيعة الإجابة
التي قدموها، فهل هي نتيجة اختلافات في الآراء؟! أم هي نتيجة وجود نصوص
مختلفة من كتاب الله عندهم؟!
فادعوا وجود نص من كتاب الله، وكأنهم ظنوا أن دعواهم
ستقبل منهم بلا نقاش، وإذ به «عليه السلام» يفاجئهم بالصدمة، التي حان
وقتها، وذلك حين طالبهم بإظهار النص، فلما عجزوا عن الإتيان بنص من
كتاب الله.
خاطب الفريق الآخر بما يمثل صدمة له أيضاً، ليتساوى
الفريقان في هذا الأمر، فقد طالبهم بما يثبت صحة آرائهم، إذ هي مجرد
احتمالات وحدسيات وظنون ليس ثمة ما يدل على حجيتها في نفسها، لا سيما
مع وجود آراء تخالفها.
وليست احتمالاتهم، وحدسياتهم التي يسمونها آراء بأولى
بالقبول من احتمالات وحدسيات غيرهم من الناس..
ثم قدم لهم «عليه السلام» طائفة من الاحتمالات
والحدسيات الحساسة، مثل احتمال أن تكون الأحرف المقطعة مشيرة إلى مقدار
لعنات تصب عليهم، أو أن لكل واحد منهم ومن غيرهم دراهم ودنانير بمقدار
العدد الذي تشير إليه هذه الآية أو تلك في حساب الجمل.. أو أن لعلي
«عليه السلام» ديوناً عليهم بهذا المقدار أو ذاك. وغير ذلك مما تقدم.
وهي أمثلة، أو فقل اقتراحات وحدسيات مختارة بعناية
فائقة.. يدرك كل سامع لها بشاعتها، وعدم معقوليتها، وأنها مجرد
احتمالات اقتراحية.. وذلك من أجل أن يقارن بينها وبين احتمالات اليهود
أنفسهم، ليجد أنها هي الأخرى إقتراحية، وبشعة، وغير معقولة، وتكون
النتيجة هي أن يتشارك الوجدان مع العقل في رفض أمثال هذه الاحتمالات
سواء صدرت منهم أو من غيرهم، ما دام أنها لا شاهد عليها، ولا مبرر لها.
سوى التوهم والاختراع.
وقد حملت هذه الاقتراحات خصوصية ومزية تدعو لعدم
التهافت في التصدي لها، فقد ضمنها «عليه السلام» لمسات لاذعة تنفر منها
الطباع، إذ لا يرضى أحد بأن يكون ملعوناً مئات المرات في كتاب الله.
ولعل لليهود خاصة المزيد من الحساسية تجاه هذا الأمر الذي عانوا منه في
تاريخهم الطويل.
كما أن الاحتمال الآخر فيه تحد قوى لليهود الذين كانت
لهمخصوصية حبهم الشديد للمال، فكيف يرضون بأن يكونوا مطالبين بديون
لإنسان لم يسبق لهم أن عرفوه أو تعامل معهم، بل يرونه عدواً لهم..
كما أن كل أحد ـ لا سيما اليهودي ـ يود لو تأتيه هذه
المقادير من الدراهم والدنانير من أية جهة كانت، ولا بد أن تتوهج نفسه
شوقاً لها، وتمتلئ فرحاً بها..
من أجل ذلك، وجد هؤلاء أنفسهم أمام مأزق لا بد لهم من
الخروج منه.. فبادروا إلى اقتراح ما ظنوه مخرجاً لهم من هذا الأمر،
ويسجل إدانة للإسلام وأهله..
ولكن الحقيقة هي: أن ما ظنوه مخرجاً لهم بالذات هو ما
كان أمير المؤمنين «عليه السلام»
قد رسم الخطة لإيصالهم إليه.. وقد تحقق له «عليه السلام» ما أراد..
فإنه «عليه السلام» كان يعلم: أن هؤلاء اليهود يريدون إثارة الشبهة حول
الإسلام وأهله، لكي لا يجرؤ من لم يدخل في الإسلام على الدخول فيه. ولا
يجرؤ من كان قد دخل فيه، على نصرته والتضحية في سبيله، بعد أن عرف أن
الإسلام سينتهي في مدة محددة..
وبذلك يتمهد السبيل أمام أعداء هذا الدين من اليهود
والمشركين والمنافقين، لإيراد ضربتهم القاصمة به وبأهله.. بعد أن لم
يعد لدى أتباعه الحافز لنصرته، ودفع أعدائه عنه، والتضحية بالمال
والأنفس من أجله..
والنتيجة التي انتهى إليها اليهود بعد هذا الحوار هي
أنهم قد اعترفوا بأن ما جاؤوا به كان مجرد احتمالات اقتراحية، تقابلها
احتمالات كثيرة غيرها. وأنهم لا شاهد لديهم من كتاب الله على صوابيتها،
كما أنهم لا يملكون أي دليل يفرض الأخذ بها.
كما أن علياً «عليه السلام» لا يملك دليلاً على صحة
احتمالاته.. وإذ بأمير المؤمنين «عليه السلام» يفاجئهم بقاصمة الظهر
حين بين لهم:
أولاً:
إن الذي يحدد معنى هذه الأحرف هو كتب الله المنزلة، أو من ينطق عن
الله، كنبينا محمد
«صلى الله
عليه وآله» فإنه ﴿مَا
يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾([17])..
ثانياً:
إن إثبات صحة هذا الدين لا يتوقف على شرح معاني هذه
الحروف، بل هناك وسائل أخرى يمكن إثبات حقانيته بها. فلاحظ ما يلي:
علي
يختار المعجزة الحسية:
إن وسائل إثبات صحة الأديان كثيرة ومتنوعة، وقد أثبت
الأنبياء السابقون نبواتهم لأممهم، بمعجزات متنوعة، مثل: عصا موسى
«عليه السلام»، وإحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص لعيسى «عليه
السلام»، وغير ذلك.. وقد جعل معجزة النبي «صلى الله عليه وآله»
هي القرآن الذي ضمنه وسائل الأعجاز المختلفة، مثل: الإخبار عن أمور
غيبية ستحصل في مستقبل الزمان، والإلماح إلى أمور علمية لم يكن البشر
قد عرفوها ولا اكتشفوها، كالحديث عن حالة الاختناق حين يوغل الإنسان في
الفضاء بسبب قلة الأوكسجين، أو الإشارة إلى الاتساع المستمر في
السماوات، أو نحو ذلك..
وضمنه أيضاً:
التشريع المعجز، أو أنه قد بلغ في بلاغته حداً يستحيل على البشر
بلوغها. أو نحو ذلك..
ولكن ذلك كله يبقى رهناً بتقدم العلم، أو بتحول الأمة
كلها إلى علماء، بل إلى نوابغ في هذا العلم أو ذاك، ليتمكنوا من إدراك
إعجاز القرآن من خلال هذه الوسائل، مع أن الأمر لا يحتمل الصبر
والتسويف إلى بلوغ هذه المقامات والوصول إلى هذه الدرجات، لأن التحدي
بالفناء والإفناء كان قائماً، ولأن أكثر الناس كما وصفهم أمير المؤمنين
«عليه السلام»: «بعثه والناس ضلال في حيرة، حاطبون في
فتنة قد استهوتهم الأهواء، واستزلتهم الكبرياء، واستخفتهم الجاهلية
الجهلاء. حيارى في زلزال من الأمر، وبلاء من الجهل»([18]).
وقال «عليه السلام»:
«فالأحوال مضطربة، والأيدي مختلفة، والكثرة متفرقة، في
بلاء أزل، وأطباق جهل: من بنات موؤودة، وأصنام معبودة، وأرحام مقطوعة،
وغارات مشنونة»([19]).
فإذا كانت المعجزة منحصرة بتلك الأمور التي تحتاج إلى
علوم ومعارف، فكيف يمكن أن يقتنع هؤلاء بأن محمداً «صلى الله عليه
وآله» نبي مرسل من الله إليهم؟! وهم في أطباق جهل، ولا يمكن أن
يتعلموا، ويكتشفوا، ويعرفوا الحقائق والإشارات والدقائق..
بل إن بعضهم لا يملك القابلية لذلك. بسبب ما يعانيه من
قصور ذهني، كما أنه ليس بالإمكان إظهار معجزة تسبيح الحصى، وتكليم الضب
وسجود الشجر ونحو ذلك، لكل واحد ممن يجيب دعوته إلى الدخول في دين
الله؟!
ولأجل ذلك نلاحظ:
أن السياسة الإلهية قد اعتمدت طريق التلمس الحسي أو القريب من الحس
للمعجزة.. وذلك بإنزال السورة وإبلاغها للناس، وفيها الحديث عن وقائع
لم تكن قد حدثت بعد.. ثم تبدأ تلك الوقائع بالتحقق، فينزل جبرئيل عندها
بالآيات المرتبطة بها، ويبلغها مرة أخرى لرسول الله «صلى الله عليه
وآله» ليقرأها على الناس. فيرى الناس كيف أن الآيات المرتبطة بحنين
مثلاً، قد نزلت قبل حدوث حنين، وأشارت إلى أدق التفاصيل فيها قبل
وقوعها..
حتى لقد تحدثت الآيات عن إعجابهم بكثرتهم التي لم تغن
عنهم من الله شيئاً. فوقعت عليهم الهزيمة، ثم تداركهم الله بلطفه،
فنصرهم على عدوهم بالملائكة وبعلي «عليه السلام»..
وتحدث لهم أيضاً عن واقعة أحد في سورة نزلت قبل أحد،
وعن بدر، وعن أسرى بدر، في سورة نزلت قبل بدر. وهكذا الحال في كثير من
الوقائع التي حصلت بعد نزول السور التي أشارت إليها..
فكانت هذه الطريقة هي السبيل الذي يسر لهم القناعة
والإيمان، وزينه في قلوبهم، حيث جعلهم يتلمسون بوجدانهم، ويشاهدون بأم
أعينهم تحقق مضامين الآيات وتجسدها وقايع حية على صفحة الواقع العيني..
الأمر الذي يستطيع كل إنسان أن يدركه، ويتفاعل معه، ولا يرى مناصاً من
البخوع والتسليم له، عالماً كان أم جاهلاً، كبيراً أم صغيراً، رجلاً أم
امرأة، ذكياً أم غبياً، مؤمناً بالله أم مشركاً، بل ملحداً، قريباً أو
بعيداً، محباً أو مبغضاً، وما إلى ذلك.
أما بالنسبة للاعجاز القرآني، في الناحية البلاغية، أو
في التشريع، أو في الإخبارات الغيبية، أو في الاكتشافات العلمية وحقائق
التكوين على اختلافها في مجالاتها، أو في دقة حكايته لأخبار الأمم
الغابرة، وهيمنته على الكتب السماوية، أو غير ذلك من دقائق وحقائق، فهو
مما يفيد خصوص أهل العلم، والدراية، من أمة محمد «صلى الله عليه وآله»،
أو من أهل الكتاب، أو غيرهم، من أهل الاختصاصات في العلوم المختلفة،
وبعضها رهن بالتقدم العلمي الذي يحتاج إلى المئات أو الآلاف من السنين
في نطاق جهد علمي متواصل للبشرية كلها. أي أنها سبيل دلالة وهداية لكل
عالم وباحث ومكتشف، وعبقري عبر الأجيال وإلى يوم القيامة..
ولعل هذا يفسر لنا شدة اهتمام أمير المؤمنين «عليه
السلام» بعد استشهاد الرسول «صلى الله عليه وآله»، وهو يواجه حالات
البغي وسياسات الإقصاء، والتهميش، والتشكيك بحقه في حكومة الأمة ـ شدة
اهتمامه ـ بالإخبارات الغيبية، وبإظهار الأسرار والدقائق، وأعاجيب
الحقائق للناس. فإن هذا الأمر هو الطريق لمخاطبة وجدانهم، والتعامل
معهم عن طريق الاتصال الحسي أو القريب من الحس بوجدانهم، وضميرهم..
وهذا ما يعجز عنه كل مناوئيه، بل كل من عداه من المدعين لما ليس لهم
بحق.
ولعله كان يعرف:
أنه لو أراد الاقتصار على الاستدلال على مناوئيه بالنص،
فإنهم سوف لن يتورعوا عن إثارة الشبهات حوله، ولو عن طريق التشكيك بصحة
النقل، أو بسلامة المنقول، أو التلاعب بدلالته، أو تحريفه، أو ادعاء
تراجع النبي «صلى الله عليه وآله» عنه، واختراع ما ينقضه. أو تزوير
نصوص أخرى لصالح مناوئيه، وما إلى ذلك.. وقد بذلت محاولات في هذا
الاتجاه. ولكن الله سبحانه فضحها.
ونعود فنلخص ونؤكد على بعض ما ذكرناه، ونزيد بعضه الآخر
توضيحاً، فنقول:
إنه «عليه السلام» بعد أن أسقط محاولات اليهود لإثارة
الشبهة حول هذا الدين عن طريق تحديد مدة بقائه..
واعترفوا بسقوط دعاواهم فيها. أرادوا أن يستلوا من أمير
المؤمنين «عليه السلام» اعترافاً بأنه لم يعد يملك حجة يثبت بها صحة
دينه، وذلك بطريقة خبيثة قوامها اعتبار الحروف المقطعة هي محط ومركز
الإعجاز القرآني، فإذا أسقطت دعواهم واحتمالاتهم وآراؤهم فيها، وسقطت
الاحتمالات التي عارض علي «عليه السلام» بها احتمالاتهم وآراءهم. لم
يعد هناك سبيل لإثبات صحة هذا الدين..
ولكن علياً
«عليه السلام» قد أوضح لهم ولكل أحد:
أولاً:
إن الحروف المقطعة ليست هي المحور للإعجاز، ولا ينحصر إثبات حقانية هذا
الدين، بتحديد المعاني التي أشارت إليها.. لأن تلك المعاني قد تكون على
درجة من الدقة والعمق، والغموض، تجعلها حجة ودليلاً إعجازياً لفئة أو
جيل من الناس لم يكن من أهل ذلك الزمان، بل تأتي دورها بعد أن تقطع
أجيال كثيرة أشواطاً واسعة في التقدم العلمي، وتحقق اكتشافات هائلة في
المجالات المختلفة، وتصل إلى مستويات من العلم كان يعتبرها علماء عصر
ظهور الإسلام ضرباً من الخيالات والأوهام. وحتى لو بين لهم طرفاً من
معانيها، فلا شيء يمنع من لجوئهم إلى المكابرة والعناد والإنكار لكل ما
هو غير محسوس لهم ولغيرهم.
فلا بد من التعامل معهم بما هو أقرب وأيسر من ذلك، وذلك
باعتماد الأسلوب الحسي أو ما هو قريب منه في الإقناع، فكان أن أعادهم
إلى الطريقة الأكثر تأثيراً في مثل هذه الحالات، وهي صنع المعجزة لهم،
بإشهاد بعض الحيوانات وهي إبلهم، وبعض الجمادات، وهي خصوص ثيابهم على
ما يخالف نهجهم، ويبطل مقولاتهم، ويدينهم في اعتقاداتهم..
ويلاحظ هنا:
أنه اختار من الإبل والثياب ما يعود إليهم، ربما لأنه لو اختار غيرها
مما كان بحضرته مما يعود إليه، أو لبعض أصحابه، لأمكنهم أن يتهموه بأنه
قد مارس علىها بعض ما يدخل في دائرة الأعمال السحرية التي تهيؤها لأمر
كهذا.. أما إبلهم وثيابهم، فلا يمكنهم التسويق لاحتمالات من هذا
القبيل، ولا يتسنى لهم خداع البسطاء والسذج باتهامات كهذه.. لأن
بطلانها سيكون ظاهراً كالنار على المنار، أو كالشمس في رائعة النهار.
([1])
الآية 88 من سورة الإسراء.
([2])
الآية 2 من سورة البقرة.
([3])
إلا إن كان القائل شخص واحد.
([4])
معاني الأخبار (ط سنة1410 هـ ق) ص24 ـ 28 وبحار الأنوار ج10
ص14 ـ 18 وج89 ص377 ـ 380 وقطعة منه في ج41 ص244 وعن التفسير
المنسوب للإمام العسكري «عليه السلام».
([5])
معاني الأخبار ص22و23 وبحار الأنوار ج89 ص373 و 374 و 60.
([6])
راجع: معاني الأخبار ص28 و 22 و 23 وبحار الأنوار ج89 ص373 و
374 و 378 عن تفسير القمي ص408.
([7])
راجع: معاني الأخبار ص23 وبحار الأنوار ج89 ص375 و376 و 381
عنه، وعن تفسير القمي ص27 و 408 وكمال الدين ج2 ص353.
([8])
بحار الأنوار ج89 ص376 عن تفسير القمي ص595.
([9])
راجع: معاني الأخبار ص28 وتفسير العياشي ج2 ص2 وبحار الأنوار
ج89 ص376 و 377.
([10])
بحار الأنوار ج89 ص376 عن تفسير القمي ص595.
([11])
تفسير العياشي ج2 ص3 وبحار الأنوار ج89 ص383
([12])
المصدران السابقان.
([13])
بحار الأنوار ج89 ص384 عن المناقب .
([14])
بحار الأنوار ج89 ص384 عن سعد السعود عن حقائق التفسير لمحمد
بن الحسن السلمي، وراجع: كمال الدين ج2 ص353.
([15])
الآية 7 من سورة آل عمران.
([16])
معاني الأخبار ص23 وبحار الأنوار ج89 ص375 عن تفسير القمي
ص210.
([17])
الآيتان 3 و 4 من سورة النجم.
([18])
نهج البلاغة، الخطبة رقم 25.
([19])
نهج البلاغة، الخطبة رقم187.
|