بيض
النعام يمرق:
ذكر القاضي النعمان في شرح الأخبار، بإسناده عن عبادة
بن الصامت، ورواه جماعة عن غيره: أن أعرابياً سأل أبا بكر، فقال: إني
أصبت بيض نعام، فشويته، وأكلته وأنا مُحرم، فما يجب عليّ؟!
فقال له:
يا أعرابي، أشكلت عليّ في قضيتك. فَدَّلهُ على عمر، ودلَّه عمر على عبد
الرحمن بن عوف. فلما عَجَزُوا قالوا: عليك بالأصلع.
فقال له أمير المؤمنين «عليه
السلام»:
سل أي الغلامين شئت. (وأشار إلى الحسن والحسين «عليهما السلام»).
فقال الحسن «عليه السلام»:
يا أعرابي، ألك إبل؟!
قال:
نعم.
قال:
فاعمد إلى عدد ما أكلت من البيض نوقاً، فاضربهن بالفحول، فما فصل منها
فأهده إلى بيت الله العتيق الذي حججت إليه.
فقال
أمير المؤمنين «عليه السلام»:
إن من النوق السلوب. ومنها ما يزلق([1]).
فقال:
إن يكن من النوق السلوب وما يزلق، فإن من البيض ما يمرق([2]).
قال:
فسمع صوت: أيها الناس، إن الذي فهَّم هذا الغلام هو الذي فهَّمها
سليمان بن داود([3]).
وقد كان علي «عليه السلام» يواصل إظهار علومه التي
اختصه الله ورسوله بها دون كل أحد.. ويظهر للناس كلهم خوارق العادات،
وقد أبقى هذا الأمر دائم الحضور في أذهان الناس، ماثلاً أمام أعينهم،
وأعين الذين أخذوا منه مقام الإمامة بالقوة والقهر..
لكن السلطة كانت أيضاً تبذل محاولتها للتشكيك بصحة أو
بدقة تلك العلوم، أو بحقيقتها، ولو بوضعها في خانة السحر.. في بعض
الأحيان([4])
تماماً كما اتهم بعض المكابرين من المشركين رسول الله «صلى الله عليه
وآله» بذلك، كما صرح به القرآن الكريم.
فمست الحاجة إلى التأكيد العملي على أن علم الإمامة لا
يختص بعلي «عليه السلام»، بل هو موجود حتى لدى الحسن والحسين «عليهما
السلام»، بالرغم من صغر سنهما. فكان علي «عليه السلام» في العديد من
الموارد والمناسبات يرجع المسائل المشكلة إلى الإمام الحسن تارة، وإلى
الإمام الحسين أخرى، لكي يرى الناس بما فيهم الغاصبون لحقه بأم أعينهم
ما يجسِّد آثار تعديهم على حقه وحق الأمة في أمر الخلافة، ويبين أيضاً
أن الذين فعلوا ذلك لا يملكون شيئاً مما يمكن أن يؤهلهم لما هو أقل
بمراتب من مقام الخلافة لرسول الله «صلى الله عليه وآله»..
وقد اتبع «عليه السلام» في صياغة الحدث أسلوباً من شأنه
أن يتناقله الناس، ويتندروا به في مجالسهم.. فإن إجابة طفل لم يبلغ
عمره عشر سنوات على أسئلة عويصة وغامضة، لأمر يثير عجبهم، ويستأثر
باهتمامهم.
ونقول:
سيأتي أنهم يقولون:
إن هذه القصة نفسها قد جرت بين علي «عليه السلام» وعمر بن الخطاب، وأن
عمر هو الذي قال: إن من النوق ما يزلق، فأجابه علي «عليه السلام»..
ونحن نستقرب صحة هذه الرواية التي تذكر القضية في عهد
أبي بكر، لأن المفروض في هذه الرواية: أن عمر كان حاضراً، حين سئل علي
«عليه السلام» عن هذه المسألة في عهد أبي بكر، بل إنه حتى لو لم يحضر
في مجلس السؤال والجواب، فلا بد أن يكون قد بلغه ما جرى بعد أن كان من
الذين أمروا السائل بالرجوع إلى الأصلع!! ولعله هو الذي سأل عنه، وعرف
الجواب.
فما معنى تكرر الحدث معه في أيام خلافته، ورجوعه إلى
علي «عليه السلام»، وسؤاله لعلي نفس السؤال الذي سأله علي «عليه
السلام» لولده الإمام الحسن «عليه السلام» في عهد أبي بكر؟!
إن قولهم:
عليك بالأصلع، قد يكون لأجل الحط من مقام علي «عليه السلام» بنظر
السائل. أو لعلهم يريدون الايحاء بانه إن عرف هذه المسألة فلا يعني ذلك
أنه يعرف غيرها، فلعل الجواب جرى على لسانه واصاب فيه على سبيل
الصدفة..
إن سؤال الإمام لولده «عليهما السلام» ليس لأنه كان
«عليه السلام» جاهلاً بالجواب. بل المقصود به توجيه الناس إلى ما عند
الإمام الحسن «عليه السلام» من كنوز العلم، رغم صغر سنه. ولأنه يريد أن
يفهم السائل ان الأمر ليس فيه صدفة. وانما هو علم من ذي علم.. مأخوذ عن
الله تبارك وتعالى، فانهم اهل بيت النبوة، الذين زقوا العلم زقاً.
وغني عن البيان:
أن علياً «عليه السلام» قد تابع سياسته الهادفة إلى إبقاء أمر الإمامة
والخلافة، وأوصاف الإمام، وقدراته، ولزوم كونه منصوصاً عليه من الله
ورسوله، ومؤيداً ومسدداً ـ إبقاء ذلك حياً، وفاعلا ًومؤثراً في حفظ
النصوص القرآنية والنبوية، ويؤكد عجز الآخرين عن طمس دلالاتها، أو
تحريفها..
وقد لاحظنا أيضاً:
أن سياسة إظهار تميز صغارهم بعلوم لا توجد لدى غيرهم «عليهم السلام» قد
بدأها رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وللتدليل على ما نقول نورد نماذج مما يشير إلى ذلك،
فلاحظ ما يلي:
1 ـ
ذكروا: أن رجلاً أقرّ على نفسه بالقتل، حينما رأى: أن
بريئاً سيقتل، فحكم عليه أمير المؤمنين «عليه السلام» بعدم وجوب
القَود، فإنه إن كان قتل فعلاً، فقد أحيا نفساً، و من أحيا نفساً، فلا
قَوَد عليه.
قال
ابن شهرآشوب:
«وفي الكافي والتهذيب: أبو جعفر: إن أمير المؤمنين «عليه السلام» سأل
فتوى ذلك الحسن، فقال: يطلق كلاهما، والدية من بيت المال.
قال:
ولم؟!
قال:
لقوله: {مَنْ
أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}([5])»([6]).
2 ـ
وذكروا: أن علياً سأل الحسن عن أمر المروءة، فقال: يا
بنى ما السداد؟!.
قال:
يا أبت السداد رفع المنكر بالمعروف.
قال:
فما الشرف؟!
قال:
اصطناع العشيرة، وحمل الجريرة، وموافقة الإخوان، وحفظ الجيران.
قال:
فما المروءة؟!
قال:
العفاف وإصلاح المال.
إلى أن قال:
وآفة الحسب الفخر يا بنى لا تستخفن برجل تراه أبداً،
فإن كان خيراً منك، فاحسب أنه أباك، وإن كان مثلك فهو أخوك، وإن كان
أصغر منك فاحسب أنه ابنك([7]).
3 ـ
هناك أيضاً أسئلة ذلك الرجل عن الناس، وأشباه الناس،
وعن النسناس، فأحاله الإمام على ولده الإمام الحسين «عليه السلام»:
فأجابه عنها؛ فعن سعيد بن المسيب قال:
«سمعت علي بن الحسين «عليهما
السلام» يقول:
إن رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين
«عليه السلام»
فقال: أخبرني إن كنت عالماً، عن الناس، وعن أشباه
الناس، وعن النسناس؟!
فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»:
يا حسين أجب الرجل.
فقال الحسين «عليه السلام»:
أما قولك:
أخبرني
عن الناس، فنحن الناس، ولذلك قال الله تعالى ذكره في كتابه:
{ثُمَّ أَفِيضُوا
مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ}
فرسول الله «صلى الله عليه وآله» الذي أفاض بالناس.
وأما قولك:
أشباه
الناس، فهم شيعتنا، وهم موالينا، وهم منا، ولذلك قال إبراهيم «عليه
السلام»: {فَمَنْ
تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}.
وأما قولك:
النسناس، فهم السواد الأعظم، وأشار بيده إلى جماعة الناس، ثم قال:
{إِنْ هُمْ
إِلاَ كَالأنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}([8]).
4 ـ
سأل أمير المؤمنين «عليه السلام» ولده الإمام الحسن
«عليه السلام»: كم بين الإيمان واليقين؟!
قال:
أربع أصابع.
قال:
كيف ذلك؟!
قال:
الإيمان كل ما سمعته أذناك وصدقه قلبك، واليقين ما رأته عيناك فأيقن به
قلبك، وليس بين العين والأذنين إلا أربع أصابع...([9]).
5 ـ
جاء رجل إلى أمير المؤمنين «عليه السلام»، فسأله عن
الرجل، إذا نام أين تذهب روحه؟! وعن الرجل كيف يذكر وينسى، وعن الرجل
كيف يشبه الأعمام والأخوال.. واعتبر السائل: أن تمكنه من الإجابة عن
ذلك تعني: أن الذين غصبوا حقه ليسوا بمأمونين، وإن لم يُجب فهو وإياهم
شَرَع سواء.
وكان هو، والحسن «عليهما السلام»، وسلمان «رحمه الله»
في المسجد الحرام، فأحاله على الإمام الحسن، فأجابه بما أقنعه.
ثم أخبر أمير المؤمنين «عليه
السلام»:
أنه الخضر.
فعن أبي جعفر الثاني محمد بن علي «عليهما السلام» قال:
أقبل أمير المؤمنين «عليه السلام» ذات يوم ومعه الحسن
بن علي وسلمان الفارسي رضي الله عنه، وأمير المؤمنين متكئ على يد
سلمان، فدخل المسجد الحرام فجلس، إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس، فسلم
على أمير المؤمنين «عليه السلام» فرد عليه السلام فجلس، ثم قال:
يا أمير المؤمنين أسألك عن ثلاث مسائل، إن أخبرتني بهن
علمت أن القوم ركبوا من أمرك ما أقضي عليهم أنهم ليسوا بمأمونين في
دنياهم ولا في آخرتهم، وإن تكن الأخرى علمت أنك وهم شرع سواء.
فقال له أمير المؤمنين «عليه
السلام»:
سلني عما بدا لك؟!
فقال:
أخبرني عن الرجل إذا نام أين تذهب روحه؟!
وعن الرجل كيف يذكر وينسى؟!
وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال؟!
فالتفت أمير المؤمنين إلى أبي محمد
الحسن فقال:
يا أبا محمد، أجبه.
فقال:
أما ما سألت عنه من أمر الإنسان إذا نام أين تذهب روحه، فإن روحه
متعلقة بالريح والريح متعلقة بالهواء إلى وقت ما يتحرك صاحبها لليقظة،
فإن أذن الله عز وجل برد تلك الروح إلى صاحبها جذبت تلك الروح الريح،
وجذبت تلك الريح الهواء، فرجعت الروح فأسكنت في بدن صاحبها، وإن لم
يأذن الله عزوجل برد تلك الروح إلى صاحبها جذب الهواء الريح، وجذبت
الريح الروح، فلم ترد إلى صاحبها إلى وقت ما يبعث.
وأما ما ذكرت من أمر الذكر
والنسيان:
فإن قلب الرجل في حق وعلى الحق طبق، فإن صلى الرجل عند ذلك على محمد
وآل محمد صلاة تامة، انكشف ذلك الطبق عن ذلك الحق، فأضاء القلب، وذكر
الرجل ما كان نسيه، وإن هو لم يصل على محمد وآل محمد، أو نقص من الصلاة
عليهم انطبق ذلك الطبق على ذلك الحق فأظلم القلب ونسي الرجل ما كان
ذكر.
وأما ما ذكرت من أمر المولود الذي
يشبه أعمامه وأخواله:
فان الرجل إذا أتى أهله فجامعها بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب
فأسكنت تلك النطفة في جوف الرحم خرج الولد يشبه أباه وأمه، وإن هو
أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب، اضطربت تلك النطفة،
فوقعت في حال اضطرابها على بعض العروق، فإن وقعت على عرق من عروق
الأعمام أشبه الولد أعمامه، وإن وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه
الرجل أخواله.
فقال الرجل:
أشهد أن لا إله إلا الله، ولم أزل أشهد بها، وأشهد أن محمداً رسول
الله، ولم أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته (بعده) ـ وأشار
(بيده) إلى أمير المؤمنين
«عليه السلام»
ـ ولم
أزل أشهد بها، وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته ـ وأشار إلى الحسن
«عليه السلام»
ـ وأشهد أن الحسين بن علي وصي أبيك والقائم بحجته بعدك،
وأشهد على علي بن الحسين أنه القائم بأمر الحسين بعده، وأشهد على محمد
بن علي أنه القائم بأمر علي بن الحسين، وأشهد على جعفر بن محمد أنه
القائم بأمر محمد بن علي، وأشهد على موسى بن جعفر أنه القائم بأمر جعفر
بن محمد، وأشهد على علي بن موسى أنه القائم بأمر موسى بن جعفر، و أشهد
على محمد بن علي أنه القائم بأمر علي بن موسى، وأشهد على علي بن محمد
أنه القائم بأمر محمد بن علي، وأشهد على الحسن بن علي أنه القائم بأمر
علي بن محمد، وأشهد على رجل من ولد الحسن بن علي لا يكنى ولا يسمى حتى
يظهر أمره فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، والسلام عليك يا أمير
المؤمنين ورحمة الله وبركاته، ثم قام فمضى.
فقال أمير المؤمنين:
يا أبا محمد اتبعه فانظر أين يقصد؟
فخرج الحسن «عليه السلام» في أثره
قال:
فما كان إلا أن وضع رجله خارج المسجد فما دريت أين أخذ من أرض الله
فرجعت إلى أمير المؤمنين
«عليه السلام»
فأعلمته.
فقال:
يا أبا محمد أتعرفه؟!
فقلت:
الله ورسوله وأمير المؤمنين أعلم.
فقال:
هو الخضر
«عليه السلام»([10]).
6 ـ
أرسل معاوية إلى أمير المؤمنين يسأله: كم بين الحق
والباطل؟! وعن قوس قزح، وما المؤنث؟! وعن عشرة أشياء بعضها أشد من بعض،
فأحال ذلك أمير المؤمنين «عليه السلام» على الإمام الحسن «عليه
السلام»، فأجابه عنها:
فعن أبي جعفر محمد بن علي الباقر «عليهما السلام» قال:
بينا أمير المؤمنين في الرحبة والناس عليه متراكمون،
فمن بين مستفتي، ومن بين مستعدي، إذ قام إليه رجل فقال: السلام عليك يا
أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته.
فقال:
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، من أنت؟!
قال:
أنا رجل من رعيتك وأهل بلادك.
فقال له:
ما أنت برعيتي وأهل بلادي، ولو سلمت علي يوماً واحداً ما خفيت علي.
فقال:
الأمان يا أمير المؤمنين.
فقال:
هل أحدثت منذ دخلت مصري هذا؟!
قال:
لا.
قال:
فلعلك من رجال الحرب؟!
قال:
نعم.
قال:
إذا وضعت الحرب أوزارها فلا بأس.
قال:
أنا رجل بعثني إليك معاوية متغفلاً لك، أسألك عن شيء بعث به ابن الأصفر
إليه.
وقال له:
إن كنت أحق بهذا الأمر والخليفة بعد محمد فأجبني عما أسألك، فإنك إن
فعلت ذلك اتبعتك، وبعثت إليك بالجائزة، فلم يكن عنده جواب، وقد أقلقه
فبعثني إليك لأسألك عنها.
فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»:
قاتل الله ابن آكلة الأكباد، وما أضله وأعماه ومن معه، حكم الله بيني
وبين هذه الأمة، قطعوا رحمي، وأضاعوا أيامي، ودفعوا حقي، وصغروا عظيم
منزلتي، وأجمعوا على منازعتي، يا قنبر عليّ بالحسن، والحسين، ومحمد،
فاحضروا.
فقال:
يا شامي هذان ابنا رسول الله، وهذا
أبني،
فاسأل أيهم أحببت.
فقال:
اسأل ذا الوفرة يعني: الحسن
«عليه السلام».
فقال له الحسن «عليه السلام»:
سلني عما بدا لك.
فقال الشامي:
ـ كم بين الحق والباطل؟!
ـ وكم بين السماء والأرض؟!
ـ وكم بين المشرق والمغرب؟!
ـ وما قوس قزح؟!
ـ وما العين التي تأوي إليها أرواح المشركين؟!
ـ وما العين التي تأوي إليها أرواح المؤمنين؟!
ـ وما المؤنث؟!
ـ وما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض؟!
فقال الحسن «عليه السلام»:
بين الحق والباطل أربع أصابع، فما رأيته بعينك فهو الحق، وقد تسمع
بأذنيك باطلاً كثيراً.
فقام الشامي:
صدقت.
قال:
وبين السماء والأرض دعوة المظلوم، ومد البصر، فمن قال لك غير هذا
فكذبه.
قال:
صدقت يا بن رسول الله.
قال:
وبين المشرق والمغرب مسيرة يوم للشمس، تنظر إليها حين تطلع من مشرقها،
وتنظر إليها حين تغيب في مغربها.
قال:
صدقت. فما قوس قزح؟!
قال:
ويحك لا تقل قوس قزح فإن قزح اسم الشيطان، وهو قوس الله، وهذه علامة
الخصب، وأمان لأهل الأرض من الغرق.
وأما
العين التي تأوي إليها أرواح المشركين، فهي:
عين يقال لها: «برهوت».
وأما
العين التي تأوي إليها أرواح المؤمنين، فهي:
عين يقال لها: «سلمى».
وأما المؤنث، فهو:
الذي لا يدرى أذكر أم أنثى، فإنه: ينتظر به فإن كان ذكراً احتلم، وإن
كان أنثى حاضت، وبدا ثديها، وإلا قيل له: بل على الحايط؛
فإن أصاب بوله الحايط فهو ذكر، وإن انتكص بوله كما
ينتكص بول البعير فهي امرأة.
وأما عشرة أشياء بعضها أشد من بعض:
فأشد شيء خلقه الله الحجر، وأشد من الحجر الحديد يقطع به الحجر، وأشد
من الحديد النار تذيب الحديد، وأشد من النار الماء يطفي النار، وأشد من
الماء السحاب يحمل الماء، وأشد من السحاب الريح تحمل السحاب، وأشد من
الريح الملك الذي يرسلها، وأشد من الملك ملك الموت الذي يميت الملك،
وأشد من ملك الموت الموت الذي يميت ملك الموت، وأشد من الموت أمر الله
الذي يميت الموت.
فقال
الشامي:
أشهد أنك ابن رسول الله حقاً، وأن علياً أولى بالأمر من معاوية، ثم كتب
هذه الجوابات وذهب بها إلى معاوية، فبعثها إلى ابن الأصفر.
فكتب إليه ابن الأصفر:
يا معاوية لِمَ تكلمني بغير كلامك، وتجيبني بغير جوابك؟ أقسم بالمسيح
ما هذا جوابك، وما هو إلا من معدن النبوة، وموضع الرسالة، وأما أنت فلو
سألتني درهماً ما أعطيتك»([11]).
7 ـ
أرسل قيصر يسأل معاوية عن بعض المسائل، فلم يعلم
جوابها، فأحالها إلى الإمام الحسن «عليه السلام»، وقال ابن شهر آشوب:
«وكتب
ملك الروم إلى معاوية يسأله عن ثلاث:
عن مكان بمقدار وسط السماء، وعن أول قطرة دم وقعت على
الأرض، وعن مكان طلعت فيه الشمس مرة فلم يعلم ذلك.
فاستغاث بالحسن بن علي «عليه
السلام» فقال:
ظهر الكعبة، ودم حواء، وأرض البحر حين ضربه موسى»([12]).
8 ـ
وأمر علي الحسن «عليهما السلام» أن يكتب
لعبد الله بن جندب([13])،
كتاباً، فكتب إليه:
«إن محمداً كان أمين الله في أرضه، فلما أن قبض محمداً
كنا أهل بيته، فنحن أمناء الله في أرضه، عندنا علم البلايا والمنايا،
وأنساب العرب، ومولد الإسلام. وإنا لنعرف الرجل إذا رأيناه بحقيقة
الإيمان، وبحقيقة النفاق».
ثم يذكر «عليه السلام» ما لأهل البيت من الفضل العظيم..
ويقول: «نحن أفراط الأنبياء، ونحن أبناء الأوصياء (ونحن خلفاء الأرض خ
ل)». ثم يذكر منزلتهم، ولزوم ولاية أمير المؤمنين.. وهي رسالة هامة لا
بأس بمراجعتها في مصادرها([14]).
8 ـ
بل إننا نجد النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه يرجع
السؤال إلى الإمام الحسن «عليه السلام»، ليجيب عليه.. كما ورد في بعض
النصوص:
«فعن حذيفة بن اليمان قال:
بينا رسول الله «صلى الله عليه وآله» في جبل أظنه حرى، أو غيره، ومعه
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي «عليه السلام» وجماعة من المهاجرين والأنصار،
وأنس حاضر لهذا الحديث، وحذيفة يحدث به، إذ أقبل الحسن بن علي «عليهما
السلام» يمشي على هدوء ووقار، فنظر إليه رسول الله «صلى الله عليه
وآله» وقال:
إن جبرئيل يهديه وميكائيل يسدده، وهو ولدي والطاهر من
نفسي وضلع من أضلاعي هذا سبطي وقرة عيني بأبي هو.
فقام رسول الله «صلى الله عليه
وآله» وقمنا معه، وهو يقول له:
أنت تفاحتي، وأنت حبيبي، ومهجة قلبي، وأخذ بيده فمشى معه، ونحن نمشي
حتى جلس، وجلسنا حوله ننظر إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» وهو لا
يرفع بصره عنه، ثم قال:
[أما] إنه سيكون بعدي هادياً مهدياً، هذا هدية من رب
العالمين لي، ينبئ عني، ويعّرف الناس آثاري، ويحيي سنتي، ويتولى أموري
في فعله، ينظر الله إليه فيرحمه، رحم الله من عرف له ذلك وبرّني فيه،
وأكرمني فيه. فما قطع رسول الله «صلى الله عليه وآله» كلامه حتى أقبل
إلينا أعرابي يجر هراوة له، فلما نظر رسول الله «صلى الله عليه وآله»
إليه قال:
قد جاءكم رجل يكلمكم بكلام غليظ، تقشعر منه جلودكم،
وإنه يسألكم من أمور، إن لكلامه جفوة.
فجاء الأعرابي فلم يسلم وقال:
أيكم محمد؟!
قلنا:
وما تريد؟!
قال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
مهلاً.
فقال:
يا محمد! لقد كنت أبغضك، ولم أرك والآن فقد ازددت لك بغضاً.
قال:
فتبسم رسول الله «صلى الله عليه وآله» وغضبنا لذلك، وأردنا بالأعرابي
إرادة، فأومأ إلينا رسول الله أن: اسكتوا!
فقال الأعرابي:
يا محمد إنك تزعم أنك نبي، وإنك قد كذبت على الأنبياء، وما معك من
برهانك شيء.
قال له:
يا أعرابي وما يدريك؟
قال:
فخبرني ببرهانك.
قال:
إن أحببت أخبرك عضو من أعضائي فيكون ذلك أوكد لبرهاني.
قال:
أو يتكلم العضو؟
قال:
نعم، يا حسن قم!
فازدرى الأعرابي نفسه وقال:
هو ما يأتي ويقيم صبيا ليكلمني.
قال:
إنك ستجده عالماً بما تريد.
فابتدره الحسن
«عليه السلام»
وقال:
مهلا يا أعرابي، ما غبياً سألت وابن غبي، بل فقيهاً إذن وأنت الجهول،
فإن تك قد جهلت فان عندي شفاء الجهل، ما سأل السؤل، وبحراً لا تقسمه
الدوالي تراثاً، كان أورثه الرسول، لقد بسطت لسانك، وعدوت طورك، وخادعت
نفسك، غير أنك لا تبرح حتى تؤمن إن شاء الله.
فتبسم الأعرابي وقال:
هيه.
فقال له الحسن«عليه السلام»:
نعم.. اجتمعتم في نادي قومك، وتذاكرتم ما جرى بينكم على جهل وخرق منكم،
فزعمتم أن محمداً صنبور، والعرب قاطبة تبغضه، ولا طالب له بثاره، وزعمت
أنك قاتله وكان في قومك مؤنته، فحملت نفسك على ذلك، وقد أخذت قناتك
بيدك تؤمه تريد قتله، فعسر عليك مسلكك، وعمي عليك بصرك، وأبيت إلا ذلك،
فأتيتنا خوفاً من أن يشتهر, وإنك إنما جئت بخير يراد بك.
أنبئك عن سفرك:
خرجت في ليلة ضحياء إذ عصفت ريح شديدة، اشتد منها ظلماؤها، وأطلت
سماؤها، وأعصر سحابها، فبقيت محر نجماً كالأشقر، إن تقدم نحر، وإن تأخر
عقر، لا تسمع لواطئ حساً، ولا لنافخ نار جرساً، تراكمت عليك غيومها،
وتوارت عنك نجومها، فلا تهتدي بنجم طالع، ولا بعلم لامع، تقطع محجة،
وتهبط لجة في ديمومة، قفر بعيدة القعر، مجحفة بالسفر، إذا علوت مصعداً
ازددت بعداً، الريح تخطفك، والشوك تخبطك، في ريح عاصف، وبرق خاطف، قد
أوحشتك آكامها، وقطعتك سلامها، فأبصرت فإذا أنت عندنا فقرت عينك، وظهر
رينك، وذهب أنينك.
قال:
من أين قلت يا غلام هذا؟ كأنك كشفت عن سويد قلبي، ولقد كنت كأنك
شاهدتني، وما خفي عليك شئ من أمري، وكأنه علم الغيب
[فـ] قال له:
ما الاسلام؟
فقال الحسن «عليه السلام»:
الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده
ورسوله.
فأسلم وحسن إسلامه، وعلمه رسول الله «صلى الله عليه
وآله» شيئا من القرآن فقال: يا رسول الله أرجع إلى قومي فأعرفهم ذلك؟
فأذن له، فانصرف، ورجع ومعه جماعة من قومه، فدخلوا في الاسلام.
فكان الناس إذا نظروا إلى الحسن
«عليه السلام» قالوا:
لقد أعطي ما لم يعط أحد من الناس»([15]).
وقد أظهر هذا النص الأخير:
أن النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي تولى إظهار علم الإمامة لدى
الإمام الحسن «عليه السلام»، بل الله سبحانه كان هو البادىء بذلك من
خلال آية التطهير، وآية المباهلة وسواها.
إنزل
عن منبر أبي:
ومما يدخل في هذا المجال موقف هام جداً للإمام الحسن
«عليه السلام» في مقابل أبي بكر، حيث جاء إليه يوماً وهو يخطب على
المنبر، فقال له: انزل عن منبر أبي.
فأجابه أبو بكر:
صدقت. والله، إنه لمنبر أبيك، لا منبر أبي.
فبعث علي «عليه السلام» إلى أبي
بكر:
إنَّه غلام حدث، وإنا لم نأمره.
فقال أبو بكر:
إنا لم نتهمك([16]).
وليتأمل قوله «عليه السلام»:
إنَّا لم نأمره. فإنه لا يتضمن إنكاراً على الإمام الحسن «عليه
السلام»، ولا إدانة لموقفه. ولا تنصل من مضمون كلام الإمام الحسن «عليه
السلام»، بل هو اخبار عن أنه «عليه السلام» لم يأمره بذلك، بل فعله من
تلقاء نفسه.
ولقد صدق أمير المؤمنين «صلوات الله وسلامه عليه»؛ فلم
يكن الإمام الحسن «عليه السلام» يحتاج إلى أمر، فلقد أدرك خطة الخصوم
بما آتاه الله من فضله، وبإحساسه المرهف، وفكره الثاقب. وهو الذي عايش
الأحداث عن كثب، بل كان في صميمها.
وعاين بأم عينيه ما جرى على أمه فاطمة الزهراء «عليها
السلام»، وعلى أبيه وعلى كل أهل بيته فور وفاة رسول الله «صلى الله
عليه وآله»
فمن الطبيعي أن يدرك:
أن عليه مسؤولية العمل على إفشال خطة المناوئين لهم، وإبقاء حق أهل
البيت وقضيتهم على
نفس المستوى
من الحيوية والحضور
في ضمير ووجدان الأمة.
وكان المطلوب من وصي النبي «صلى الله عليه وآله» ـ
أعني علياً
«عليه السلام» ـ: أن
يحتاط للأمر، حتى لا تحدث تشنجات حادة، ليس من مصلحة
القضية، ولا من مصلحة الإسلام المساهمة في حدوثها في تلك الظروف.
وملاحظة أخرى نذكرها هنا، وهي أن قول أمير المؤمنين
«عليه السلام» عن الامام الحسن: انه غلام حدث.. صحيح، وهو اخبار عن
واقع راهن.. ولكنه غلام حدث لا يلعب مع اللاعبين، ولا يعد في الجاهلين،
بل هو غلام حدث يجيب عن أصعب المسائل، ويحل أعظم المشاكل وهو ممن زق
العلم زقاً.
وقد لاحظنا:
أن أبا بكر يبادر بالإعتراف: بأن المنبر هو لعلي «عليه السلام»، لكي
يمتص الصدمة، بإظهاره الإنعطاف والمرونة، تحسباً من أن تكون هذه الحركة
قد جاءت في سياق لم يكن قد توقعه، أو حسب له حساباً..
فإن هذه المرونة من شأنها أن تظهر من يريد اعتماد أسلوب
الشدة في مقابلها بصورة الساعي لإثارة الفتنة من جانبه، وبذلك يكون أبو
بكر قد ظهر بمظهر المظلوم والمعتدى عليه، وسيمنحه الكثيرون من غير
العارفين بالحقائق.. ومن السذّج والبسطاء تأييدهم وتعاطفهم، وهذا هو
المطلوب..
هذا وقد جرى مثل هذه الحادثة تقريباً في عهد عمر مع
الإمام الحسين «عليه السلام».. لكن عمر تعامل معها بطريقة مختلفة، كما
سنرى إن شاء الله تعالى.
المفيد، عن الحسن بن عبد الله القطان، عن عثمان بن
أحمد، عن أحمد بن محمد بن صالح، عن محمد بن مسلم الرازي، عن عبد الله
بن رجاء، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حبشي بن جنادة قال: كنت جالساً
عند أبي بكر فأتاه رجل فقال: يا خليفة: رسول الله «صلى الله عليه
وآله»: إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعدني أن يحثو لي ثلاث حثيات
من تمر.
فقال أبو بكر:
ادعوا لي علياً. فجاءه علي «عليه السلام».
فقال أبو بكر:
يا أبا الحسن، إن هذا يذكر أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعده أن
يحثو له ثلاث حثيات من تمر فاحثها له، فحثا له ثلاث حثيات من تمر.
فقال أبو بكر:
عدوها، فوجدوا في كل حثية ستين تمرة.
فقال أبو بكر:
صدق رسول الله «صلى الله عليه وآله» سمعته ليلة الهجرة، ونحن خارجون من
مكة إلى المدينة يقول: يا أبا بكر، كفي وكف علي في العدل سواء: التراب
وغيره([17]).
ونقول:
1 ـ
لعل أبا بكر كان قد شهد رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد حثى لبعض
الناس تمراً، فعدوها فكان كل حثية ستين تمرة.. ثم أخبر «صلى الله عليه
وآله» أبا بكر بأن كفه وكف علي في العدل سواء، فأراد أن يجد مصداق قول
رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فاهتبل هذه الفرصة ليتأكد من ذلك،
ويزيل الشك باليقين..
2 ـ
إن ما يدعو إلى التأمل هنا: أن تكون كل حثية ستين تمرة، فإن المتوقع ـ
في العادة ـ هو أن يختلف عدد التمر في كل حثية عن عدده في غيرها، ولو
بالنسبة في واحدة منها على الأقل..
3 ـ
هناك سؤال قد يراود الأذهان عن سبب تخصيص النبي «صلى الله عليه وآله»
لأبي بكر بهذا الخطاب.. وعن مناسبته.. لا سيما، وأنه «صلى الله عليه
وآله» قال ذلك لأبي بكر في حال هجرته، من مكة إلى المدينة.
فهل هناك حذف متعمد لبعض عناصر هذا النص التي تبين
مناسبة هذا الخطاب النبوي له بهذه الطريقة، أو تشتمل على بقية عناصر
الحجة، التي أراد «صلى الله عليه وآله» أن يواجه أبا بكر وكل من ينازع
علياً «عليه السلام» بها.. ولكن أبا بكر أو غيره لم يذكر كل ما جرى
لحاجة في النفس قضيت.
أو أنه «صلى الله عليه وآله» أراد
أن يقول لأبي بكر:
إن مرافقته له في هجرته لا تعطيه امتيازاً، ولا تفيده في بلورة أي وجه
شبه بينه وبينه، بل الشبه الحقيقي قائم بين النبي «صلى الله عليه وآله»
وعلي دون سواه..
وإذا كان قد قال له ذلك في طريق الهجرة، فأين حثا النبي
تمراً، ثم عدت كل حثية فكانت ستين تمرة؟!
إلا أن يكون «صلى الله عليه وآله» قد قال ذلك، لأبي
بكر، ثم صادف أن حثا تمراً في بعض المناسبات، فعدت حثياته، فكانت كل
حثية ستين تمرة، ثم جاءت هذه المناسبة ليظهر الله صحة ما أخبره به «صلى
الله عليه وآله».
4 ـ
وعن سؤال: ما سبب رواية أبي بكر لهذه الرواية؟!
نجيب:
لعله لم ير فيها ما يضر بموقعه، وكان يرى أنه بحاجة إلى التودد لعلي
«عليه السلام» بما لا ضرر فيه..
5 ـ
كان في وسع أبي بكر أن يدعي لذلك الرجل الموعود بالحثيات من رسول الله
«صلى الله عليه وآله»: أنه هو خليفة الرسول، وأنه يقوم مقامه، فيبادر
إلى إعطائه ثلاث حيثات من تمر.
ولكن أبا بكر لم يفعل ذلك، هل لأنه خشي من أن يكون ذلك
الرجل على علم بعدد التمر الذي يحثوه رسول الله «صلى الله عليه وآله»،
وعلى علم بما قاله «صلى الله عليه وآله» في علي. ولعله يبادر إلى عد ما
يحثوه أبو بكر له، فإذا ظهر عدم التوافق، فسيحرج ذلك أبا بكر. أو لأن
الله تعالى صرف قلبه عن ذلك، لتظهر هذه الكرامة لعلي أمير المؤمنين
«عليه السلام» من خلال أبي بكر نفسه، وبصورة لا تقبل التأويل.. ليكون
ذلك من موجبات وضوح سقوط دعواه في الخلافة للرسول «صلى الله عليه وآله»
وآله.
وبذلك يتضح:
أن ما أراده من مناداته بأنه هو الذي يقضي دين النبي «صلى الله عليه
وآله»، وينجز عداته قد انقلب عليه، وأبطل مدعاه.
ويبدو لنا:
أن الرواية الأكثر دقة وصراحة، وتعبيراً عما جرى، هي ما رواه شاذان بن
جبرائيل القمي، عن بشير بن جنادة، قال: كنت عند أبي بكر، وهو في
الخلافة، فجاء رجل، فقال له: أنت خليفة رسول الله «صلى الله عليه
وآله»؟!.
قال:
نعم.
قال:
أعطني عِدتي.
قال:
وما عدَتك؟!
قال:
ثلاث حثوات. (يحثو لي رسول الله). فحثا له ثلاث حثوات من التمر
الصيحاني. وكانت رسماً على رسول الله «صلى الله عليه وآله».
قال:
فأخذها وعدّها، فلم يجدها مثل ما يعهد من رسول الله «صلى الله عليه
وآله».
قال:
فجاء، وحذف بها عليه.
فقال أبو بكر:
مالك؟.
قال:
خذها، فما أنت خليفته.
فلما سمع ذلك قال:
أرشدوه إلى أبي الحسن.
قال:
فلما دخلوا به على علي بن أبي طالب «عليه السلام» ابتدأه الإمام بما
يريده منه، وقال له: تريد حثواتك من رسول الله؟!.
قال:
نعم يا فتى.
فحثا له علي «عليه السلام» ثلاث حثوات، في كل حثوة ستون
تمرة، لا تزيد واحدة على الأخرى.
فعند ذلك قال له الرجل:
أشهد أنك خليفة الله، وخليفة رسوله حقاً، وأنهم ليسوا بأهل لما جلسوا
فيه.
قال:
فلما سمع ذلك أبو بكر قال: صدق الله وصدق رسوله، حيث يقول ليلة الهجرة،
ونحن خارجون من مكة إلى المدينة: كفي وكف علي في العدد سواء.
فعند ذلك كثر القيل والقال:
فخرج عمر فسكتهم([18]).
([1])
الناقة السلوب: التي مات ولدها، أو القته لغير تمام، وأزلقت
الفرس: أجهضت، أي ألقت ولدها قبل تمامه..
([3])
مناقب آل أبي طالب ج4 ص10 و (ط المكتبة الحيدرية) ج3 ص176
وبحار الأنوار ج43 ص354 عنه، وعن شرح الأخبار، وحياة الحسن
«عليه السلام» للقرشي ج1 ص86 و 87.
وقد
ذكر القضية لكن بدون إحالة السؤال على الإمام الحسن «عليه
السلام» كل من: ذخائر العقبى ص82 وشرح إحقاق الحق (الملحقات)
ج8 ص207 وفرائد السمطين ج1 ص342 و 343 والغدير ج6 ص43 عن بعض
من تقدم، وعن كفاية الشنقيطي ص57 والرياض النضرة ج2 ص50 و 194
وفي هامش ترجمة أمير المؤمنين لابن عساكر (بتحقيق المحمودي)،
وتاريخ دمشق ج49 ص83 أو 498 ترجمة محمد بن الزبير.
([4])
راجع: قضية كشف علي «عليه السلام» عن بصر أبي بكر، حتى رأى
رسول الله «صلى الله عليه وآله» في: الإختصاص للمفيد ص272
ومدينة المعاجز ج3 ص11 وعيون المعجزات ص35 وبصائر الدرجات ص298
والخرائج والجرائح ج2 ص807 والمحتضر للحلي ص37 وبحار الأنوار
ج29 ص26 وج31 ص615 وج41 ص228 ومختصر بصائر الدرجات ص110
والإيقاظ من الهجعة للحر العاملي ص207.
وراجع
أيضاً ما جرى بين علي «عليه السلام» وعمر من صيرورة القوس
ثعباناً، في المصادر التالية: الفضائل لابن شاذان ص147 ـ 150 و
(ط المكتبة الحيدرية) ص62 ـ 63 ومجمع النورين للمرندي ص181
وبحار الأنوار ج31 ص614 وج42 ص42 والعقد النضيد ص38 وعيون
المعجزات ص33 ومدينة المعاجز ج1 ص464 ـ 467 وج3 ص33 وإثبات
الهداة ج2 ص492 باختصار، والطبري في نوادر المعجزات ص50.
([5])
الآية في سورة المائدة آية 32.
([6])
مناقب آل أبي طالب ج4 ص11 و (ط المكتبة الحيدرية) ج3 ص177.
([7])
راجع: ترجمة الإمام الحسن «عليه السلام» لابن عساكر ص161 و 162
ومطالب السؤول ص353 ونهج السعادة للمحمودي ج1 ص549 ومجمع
الزوائد ج10 ص282 والمعجم الكبير للطبراني ج3 ص68 وكنز العمال
ج16 ص215 وتاريخ مدينة دمشق ج13 ص254 و 255 وتهذيب الكمال ج6
ص238 ونور الأبصار ص121 وتحف العقول ص158 و 159 و (ط
مركز
النشر الإسلامي)
ص225 وتهذيب تاريخ دمشق ج4 ص220 و 221 وحلية الأولياء ج2 ص36
والبداية والنهاية ج8 ص39 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج8
ص44 وحياة الحسن «عليه السلام» للقرشي ج1 ص138 ـ 140 وكشف
الغمة ج2 ص191 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج11 ص107 وج19 ص358
وج26 ص500 و 501 وج33 ص500 والفصول المهمة للمالكي 144 ومعاني
الأخبار ص243 و 245 وعن شرح النهج للمعتزلي ج4 ص250 وبحار
الأنوار ج75 ص102 و 114 وعن إرشاد القلوب للديلمي ج1 ص116 وعن
مطالب السؤل.
([8])
الكافي ج8 ص244 وشرح أصول الكافي ج12 ص337 وتفسير فرات ص8 و (ط
مركز
النشر الإسلامي)
ص64 وبحار الأنوار ج24 ص94 و 95 وتفسير نور الثقلين ج1 ص196
وج2 ص547 وج4 ص21 وتفسير كنز الدقائق ج1 ص485 وتأويل الآيات
للحسيني ج1 ص87 وراجع: التفسير الكبير للرازي ج32 ص156.
([9])
راجع: العقد الفريد ج6 ص268 وبحار الأنوار ج36 ص384 وج43 ص357
ومناقب آل أبي طالب ج3 ص179 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص67 وذخائر
العقبى ص138 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج33 ص482 وراجع: كفاية
الأثر ص232 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص414 وغاية المرام ج1 ص266
ونهج السعادة ج3 ص124.
([10])
الكافي ج1 ص525 وعلل الشرائع ج1 ص96 وعيون أخبار الرضا «عليه
السلام» ج2 ص67 وكمال الدين ص313 وشرح أصول الكافي ج7 ص357
وكتاب الغيبة للنعماني ص66 ودلائل الإمامة ص174 والإستنصار
للكراجكي ص31 والغيبة للطوسي ص154 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص395
ومدينة المعاجز ج3 ص341 وإثبات الوصية ص157 و 158 والإمامة
والتبصرة ص106 وبحار الأنوار ج36 ص414 وج58 ص36 وجامع أحاديث
الشيعة ج14 ص563 ومستـدرك سفينـة البحـار ج4 ص218 وتفسير القمي
ج2 = = ص249 وتفسير نور الثقلين ج1 ص728 وج3 ص217 وج4 ص178 و
489 وإعلام الورى ج2 ص191 وإلزام الناصب ج1 ص190.
([11])
الخصال ص440 وروضة الواعظين ص45 ـ 46 والإحتجاج ج1 ص398 ـ 401
والثاقب في المناقب ص319 ـ 320 والخرائج والجرائح ج2 ص572 ـ
573 ومدينة المعاجز ج3 ص355 ـ 358 وبحار الأنوار ج10 ص129 ـ
131 وج33 ص238 ـ 240 وج43 ص325 ـ 326 وعيون أخبار الرضا ج1 ص66
وتحف العقول ص160 ـ 162 و (ط
مركز النشر الإسلامي)
ص228 ـ 230 ومسند = = محمد بن قيس البجلي (تحقيق بشير
المازندراني) ص134 ـ 136 وعجائب أحكام أمير المؤمنين «عليه
السلام» ص203 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج33 ص490 و 508.
([12])
راجع: ربيع الأبرار ج1 ص722 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص178 وبحار
الأنوار ج43 ص357.
([13])
وقد رويت هذه الرواية بعينها عن عبد الله بن جندب، عن الإمام
الرضا «عليه السلام». ويبدو أن هذه الرواية هي الأقرب إلى
الصحة، فإن كان هناك رواية مشابهة لها فلا بد أن يكون المقصود
هو عبد الله بن جنادة، فإنه هو الذي كان من أصحاب أمير
المؤمنين «عليه السلام». وعلى كل حال، فإن توافق الروايات
واختلاف الرواة فيها ليس بعزيز في كتب الحديث.
([14])
تفسير فرات ص285 وبحار الأنوار ج23 ص315 عنه، وعن كنز الفوائد
ومعادن الحكمة ج2 ص173 عن الكافي وبصائر الدرجات.
([15])
بحار الأنوار ج43 ص333 ـ 335 والعدد القوية ص42 ـ 46.
([16])
راجع: تاريخ الخلفاء للسيوطي ص80 و 143 وتاريخ بغداد ج1 ص141
عن أبي نعيم، وغيره، وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج3 ص26
و 27 بسند صحيح عندهم، والصواعق المحرقة ص175 عن الدارقطني،
والمناقب لابن شهر آشوب ج4 ص40 عن فضائل السمعاني، وأبي
السعادات، وتاريخ الخطيب، وسيرة الأئمة الإثني عشر ج1 ص529
وإسعاف الراغبين (بهامش نور الأبصار) ص123 عن الدارقطني، وشرح
النهج للمعتـزلي ج6 ص42 = = و43 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1
ص93 وينابيع المودة ص306 (ط اسلامبول) وحياة الصحابة ج2 ص494
عن الكنز وابن سعد وأبي نعيم والجابري في جزئه والغدير ج7 ص126
عن السيوطي، وعن الرياض النضرة ج1 ص139 وعن كنز العمال ج3 ص132
وحياة الحسن للقرشي ج1 ص84 عن بعض من تقدم. والاتحاف بحب
الأشراف ص23.
([17])
بحار الأنوار ج38 ص74 وج40 ص119 والأمالي للمفيد (ط دار
المفيد) ص293 والأمالي للطوسي ص68 وتاريخ بغداد ج5 ص37 و (ط
دار الكتب العلمية) ج5 ص240 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص369 وميزان
الإعتدال للذهبي ج1 ص146 ولسان الميزان ج1 ص286 وبشارة المصطفى
ص341 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص132 ومنتخب كنز العمال (بهامش
مسند أحمد) = = ج5 ص31 والمناقب للخوارزمي ص296 ح290، وعن
المناقب لابن المغازلي ص129 ح170 وينابيع المودة ج2 ص238 و 296
و (ط دار الأسوة) ج2 ص236 و 292 وفرائد السمطين ج1 ص50 وكنز
العمال ج11 ص604 ومودة القربى ص20 والفردوس ج5 ص305 والكنى
والألقاب ج3 ص260 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج6 ص566 و 567
وج17 ص69 وج23 ص46 و 47 وج31 ص158 وراجع: الكشف الحثيث ص54
وأعيان الشيعة ج3 ص118.
([18])
الفضائل لشاذان ص325 و 326 ومدينة المعاجز ج3 ص37 و 38.
|