وإذا عطفنا النظر إلى الإتجاه الآخر، فإننا نجد أن
علياً «عليه السلام» وأهل بيته وشيعته ليس لهم سياسة تخصهم في هذا
المجال، بل هم ساروا وفق التعاليم الإلهية، وعلى هدى القرآن والسنة
النبوية، ووفق أحكام العقل والفطرة التي لخصتها الآية الكريمة:
{إِنَّا
خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً
وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ
أَتْقَاكُمْ}([1]).
وقال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
«لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى»([2]).
وقد اعتبر «صلى الله عليه وآله»:
أن كل من ولد في الإسلام فهو عربي([3]).
وروي نحو ذلك عن الإمام الباقر «عليه السلام» أيضاً([4]).
وقد جاءت هذه البيانات ـ ولها نظائر كثيرة ـ متوافقة مع
ما تقتضيه الفطرة، ويحكم به العقل. لأن جعل العرق أو اللون أو
الجغرافيا، أو نحوها أساساً للتمييز والتفاضل بين البشر مما يأباه
العقل، وترفضه الفطرة، ويدينه الوجدان. وذلك لما يلي:
أولاً:
إن الإنسان هو أغلى ما في هذا الوجود، وقد سخر الله تعالى له ما في
السماوات والأرض.. فلا يصح أن نضحي بإنسانية الإنسان وبكرامته من أجل
أي شيء آخر. مهما غلا وعلا، فكيف إذا لم يكن كذلك، كما هو الحال في
اللون، والجغرافيا، واللغة، والعرق، وما إلى ذلك..
وإذا ما شرفت بعض البقاع، فإنما هو لأن الله تعالى
شرفها، لإسهامها في حفظ الإنسانية والكرامة للإنسان.
ثانياً:
إن اللون والعرق، ونحوهما ليس من الأمور التي يصنعها الإنسان لنفسه، أو
فقل: ليس من الأمور الإختيارية التي تسهم إرادة الإنسان في صنعها.
كما أن هذه الأمور وأمثالها ليست من أسباب تكوين
كمالاته، وميزاته الإنسانية، ولا هي مما يقربه من هدفه الأسمى، وهو
القرب من الله تبارك وتعالى، ونيل رضاه.. بل هي أمور مفروضة عليه، شاء
ذلك أم أبى..
وحين يواجه الإنسان المشكلات، فإن هذه الأمور لا تسعفه
في حلها، ولا تسهم في التغلب عليها.
ثالثاً:
إن التفاضل إذا كان على أساس هذه الأشياء، فإنه سيكون من أسباب ظهور
نزعات الكراهية بين الناس، وسينتهي الأمر إلى هدر كرامات وتضييع حقوق
الكثيرين منهم، وتقويض مواهبهم، وإبطال خلاقيتهم، وطمس معالم الإبداع
في عقولهم وأرواحهم، لأنها ستؤدي إلى معاملتهم بطريقة شاذة، لا يقرها
عقل، ولا شرع، ولا ضمير.
وبدلاً من التعاون بين أهل الإيمان يكون التدابر
والتنافر، وتدمير المنجزات، وهدر الطاقات، وتبديد القدرات.
وبدلاً من الإستقطاب والتعاون، والإتساع، واستجماع
أسباب القوة، والتشبث بأنواع المعارف، يكون التفرق، والتجزئة والتمزق،
وإحتكار كل الطاقات والأستئثار بالعلوم، والتقوى بها على الآخرين،
والتقوقع ضمن دوائر ضيقة، وتجاهل كل ما يجمع ويقوي لصالح التشبث
بالجزئيات التافهة، والتفاصيل والخصوصيات الميتة والعقيمة.
وفي مقابل ذلك، فإن الإسلام قد أعطى الإمتيازات، وصنف
الناس وفق محور عملي، من شأنه أن يعطي للإنسان نظرة شمولية جامعة،
ويسهم في التكامل والتنامي، وبناء القوة، وتحقيق السعادة له، ويؤثر في
حركته الدائبة نحو أهدافه الكبرى والسامية. وهو في نفس الوقت أمر
اختياري، يستطيع الإنسان أن يسعى إليه، وأن يحصل عليه، ألا وهو التقوى،
والعمل الصالح، والتحلي بالسجايا الفاضلة، والخصال الحميدة، بالإستناد
إلى العلم النافع المعطاء، انطلاقاً من قوله تعالى:
{إِنَّ
أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ}([5]).
وقوله تعالى:
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي
الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ}([6]).
وقوله تعالى:
{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ
ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ
أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ، تُؤْتِي أُكُلَهَا
كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ
لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ، وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ
خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ}([7]).
وقوله تعالى:
{لاَ يَسْتَوِي
الْقَاعِدُونَ مِنَ المُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ
وَالمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ
فَضَّلَ اللهُ المُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى
الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاً وَعَدَ اللهُ الحُسْنَى وَفَضَّلَ
اللهُ المُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً}([8]).
وقوله تعالى:
{قُلْ لاَ يَسْتَوِي
الخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الخَبِيثِ}([9]).
وآيات كثيرة أخرى.
هذا بالإضافة إلى كلمات شريفة مروية عن رسول الله «صلى
الله عليه وآله» وعن الإئمة الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين، كلها
تشير إلى هذه المعاني.
وبذلك يكون قد وضع الإنسان في حلبة التسابق نحو كل ما
هو خير، وصلاح، وفلاح، ونجاح:
{فَاسْتَبِقُوا
الخَيْرَاتِ}([10])،
{وَسَارِعُوا
إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ
وَالأرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}([11])،
{وَمِنْهُمْ
سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ}([12]).
وهذه هي الحركة الطبيعية، المنسجمة مع فطرة الإنسان
الصافية، ومع طموحاته الواقعية، ومع أمانيه الواسعة، وآماله العراض.
ونذكر من مفردات سياسات علي «عليه السلام» في مواجهة
التمييز العنصري، الذي كان يمارسه التيار الآخر بقوة وحماس، ما يلي:
1 ـ
ما تقدم من أنه «عليه السلام» أعلن أن من أسلم من أهل السواد فنصيبه
منه حر، وذلك بعد أن منع عمر من بيعهم بطريقة ذكية ورائعة.
2 ـ
لما ورد سبي الفرس إلى المدينة أراد عمر أن يبيع النساء، ويجعل الرجال
عبيداً للعرب، وعزم على أن يحملوا الضعيف والشيخ الكبير في الطواف حول
البيت على ظهورهم.
ولكن أمير المؤمنين «عليه السلام» فوت الفرصة عليه، حيث
بادر إلى عتق نصيبه ونصيب بني هاشم، ففات على عمر ما كان أراده.
ونلاحظ هنا:
أن علياً «عليه السلام» قد تصرف في نصيبه ونصيب بني هاشم، لأنه حين
أعتق «عليه السلام» نصيبه، قال جميع بني هاشم: قد وهبنا حقنا أيضاً لك.
فقال لهم:
اللهم أشهد أني قد أعتقت جميع ما وهبونيه من نصيبهم لوجه الله تعالى.
فقال المهاجرون والأنصار:
قد وهبنا حقنا لك يا أخا رسول الله.
فقال:
اللهم اشهد أنهم قد وهبوا حقهم وقبلته. واشهد لي بأني قد أعتقتهم
لوجهك.
فقال عمر:
لم نقضت علي عزمي في الأعاجم؟! وما الذي رغبك عن رأيي فيهم؟!
فأعاد عليه ما قال رسول الله «صلى الله عليه وآله» في
إكرام الكرماء، وما هم عليه من الرغبة في الإسلام.
فقال عمر:
قد وهبت لله ولك يا أبا الحسن ما يخصني، وسائر ما لم يوهب لك.
فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»:
اللهم اشهد على ما قالوه، وعلى عتقي إياهم([13]).
3 ـ
«قال مغيرة: كان علي «عليه السلام» أميل إلى الموالي، وألطف بهم، وكان
عمر أشدّ تباعداً منهم»([14]).
4 ـ
كما أنه «عليه السلام» لم يكن يميز أحداً على أحد، لا في العطاء، ولا
في غيره، معللاً ذلك بأنه لم يجد في القرآن لبني إسماعيل فضلاً على بني
إسحاق، كما ورد في إجابته لتلك المرأة التي طالبته بأن يفضلها على أخرى
غير عربية([15]).
وقد كان ذلك من أهم أسباب تقاعد العرب عنه.
وقد أشير عليه بأن يميّز البعض من الناس على غيره، لكي
تستقيم له الأمور، فرفض ذلك، حيث إنه لم يكن ليطلب النصر بالجور، على
حد تعبيره صلوات الله وسلامه عليه([16]).
وقد علمنا:
أن من جملة ما نقمه عليه طلحة والزبير: أنه قد عدل عن سنة عمر بن
الخطاب في العطاء، وذلك معروف عنه ومشهور([17]).
5 ـ
وسئل «عليه السلام»: أيجوز تزويج الموالي بالعربيات؟!
فقال:
تتكافأ دماؤكم، ولا تتكافأ فروجكم؟!([18]).
وهذا..
على عكس ما كانت عليه سياسة عمر بن الخطاب في أمر النكاح، كما قدمناه..
6 ـ
وقد أتى الموالي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، فقالوا: نشكو إليك
هؤلاء العرب: إنّ رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان يعطينا معهم
العطايا بالسوية، وزوّج سلمان، وبلالاً، وأبوا علينا هؤلاء، وقالوا: لا
نفعل..
فذهب إليهم أمير المؤمنين، فكلمهم.
فصاح الأعاريب:
أبينا ذلك ياأبا الحسن، أبينا ذلك.
فخرج وهو مغضب، يجر رداءه، وهو يقول: يا معشر الموالي،
إن هؤلاء قد صيروكم بمنزلة اليهود والنصارى، يتزوجون منكم، ولا
يزوجونكم، ولا يعطونكم مثل ما يأخذون، فاتَّجروا بارك الله لكم إلخ..([19]).
7 ـ
وفي أيام خلافته «عليه السلام»، قال له الأشعت بن قيس وهو على المنبر:
يا أمير المؤمنين، غلبتنا هذه الحمراء على قربك!
قال:
فركض على المنبر برجله.
فقال صعصعة:
مالنا ولهذا ـ يعني الأشعث ـ ليقولن أمير المؤمنين اليوم في العرب
قولاً لا يزال يذكر!!..
فقال علي «عليه السلام»:
من يعذرني من هؤلاء الضياطرة([20])،
يتمرغ أحدهم على فراشه تمرغ الحمار، ويهجّر قوم للذكر، فيأمرني أن
أطردهم إلخ..([21]).
وتوقعات صعصعة، التي تحققت، تدل على أن ذلك كان معروفاً
من رأي علي «عليه السلام» وطريقته.
وكلمة علي «عليه السلام» تشير إلى أن الحديث هو عن
المسلمين من غير العرب. ويظهر أن التدين والعمل الصالح كان ظاهراً
وشائعاً في الموالي أكثر منه في العرب.
وقد سار ولد علي أمير المؤمنين «عليه السلام» وأهل بيته
على نفس هذه السياسة أيضاً، واعتمدوا عين هذا النهج، ويكفي أن نذكر:
1 ـ
أن السجاد «عليه السلام» قد أعتق ـ على ما قيل ـ خمسين ألفاً([22])،
بل قيل: أعتق مائة ألف..([23]).
2 ـ
وأعتق «عليه السلام» مولاته، ثم تزوجها، فكتب إليه عبد الملك بن مروان
يعيره بذلك، فأجابه بكتاب جاء فيه: «..وقد رفع الله بالإسلام الخسيسة،
وأتم به النقيصة، وأذهب اللوم، فلا لوم على امرئ مسلم، إنما اللوم لوم
الجاهلية».
وقد اعترف عبد الملك حينئذٍ:
بأن الإمام السجاد «عليه السلام» يرتفع من حيث يتضع الناس([24]).
وقد نسبت هذه القضية للإمام الحسين مع معاوية([25])،
فلا بد من تحقيق ذلك، ولعل هذا الأمر قد تكرر لهما «عليهما السلام»،
ولا مجال للإطالة في هذه العجالة..
3 ـ
وهناك رواية أخرى تقول: إن السجاد تزوج أم ولد عمه الحسن «عليه
السلام»، وزوج مولاه أمه. (ونعتقد: أن المراد بكلمة «أمه» هنا مرضعته،
لأن أمه قد توفيت، في نفاسها به)([26]).
ويبدو أن مرضعته كانت عربية، ولعلها من بني هاشم، ولذلك
أخذو عليه أنه زوجها من مولى.
ويمكن أن يؤيد ذلك بمضمون جوابه لكتاب عبد الملك.
بل لعل كلمة أمه حرفت أو أبدلت في النسخ سهواً أوعمداً
عن كلمة «أمته».
ولعل أمته كانت عربية فيكون أعتقها وزوجها مولاه فأخذوا
عليه ذلك.
مع أنه قد لا يكون «عليه السلام» قد وطأ تلك الأمة، بل
قد ملكها فقط..
وفي جميع الأحوال نقول:
إنه لما بلغ ذلك عبد الملك هذا الأمر كتب إليه في ذلك، فكتب إليه
السجاد:
فهمت كتابك، ولنا أسوة برسول الله «صلى الله عليه
وآله»، فقد زوج زينب بنت عمته زيداً مولاه. وتزوج مولاته صفية بنت حيي
بن أخطب([27]).
4 ـ
ويكفي أن نذكر هنا: أن أمهات سبعة من الأئمة الإثني عشر «عليهم السلام»
كن أمهات أولاد وهم:
الف ـ
أم الإمام السجاد «عليه السلام» كانت فارسية.
ب ـ
أم الإمام الكاظم حميدة كانت بربرية.
ج ـ
أم الرضا «عليه السلام» سندية.
د ـ
أم الإمام الجواد، قبطية أو نوبية.
هـ ـ
أم الإمام الهادي أم ولد كانت مغربية.
و ـ
أم الإمام العسكري أم ولد أيضاً.
ز ـ
أم الإمام المهدي «عليه السلام» رومية.
وحسبنا ما ذكرنا، فإننا لسنا بصدد تتبع ذلك واستقصائه.
وبعد..
فإن هناك سلبيات فرضها أهل الباطل على أمير المؤمنين، بسبب إلتزامه
بسياسة العدل التي أمر بها الله، وحكم بها العقل، ورضيت بها الفطرة.
وقد تجلى ذلك بصورة واضحة في موضوع العطاء، حيث استفز ذلك العرب
وأغضبهم، فلاحظ النصوص التالية:
1ـ
مساواة علي «عليه السلام» بين العرب وغيرهم، ولا سيما في العطاء، كانت
من أهم أسباب الخلاف عليه، وكانت قسمته بالسوية أول ما أنكروه منه،
وأورثهم الضغن عليه([28]).
وكان ذلك من أسباب خروج طلحة والزبير، ثم ما جرى في حرب
الجمل([29]).
وقد قال له عمار بن ياسر، وأبو الهيثم، وأبو أيوب، وسهل
بن حنيف، وجماعة:
«إنهم قد نقضوا عهدك، وأخلفوا وعدك، ودعونا في السر إلى
رفضك. هداك الله لرشدك، وذاك لأنهم كرهوا الأسوة، وفقدوا الإثرة، ولما
آسيت بينهم وبين الأعاجم أنكروا إلخ..»([30]).
وكتب ابن عباس إلى الإمام الحسن «عليه السلام» يقول له:
«..وقد علمت أن أباك عليّاً، إنما رغب الناس عنه وصاروا
إلى معاوية، لأنه واسى بينهم في الفيء، وسوى بينهم في العطاء إلخ..»([31]).
2 ـ
بل لقد كان للعرب، كل العرب موقف سلبي من علي «عليه السلام»، عبر عنه
هو نفسه، حينما كتب لأخيه عقيل:
«ألا وإن العرب قد أجمعت على حرب أخيك، إجماعها على حرب
رسول الله «صلى الله عليه وآله» قبل اليوم، فأصبحوا قد جهلوا حقه،
وجحدوا فضله، وبادروه العداوة، ونصبوا له الحرب، وجهدوا عليه كل الجهد،
وجروا إليه جيش الأحزاب إلخ..»([32]).
وقد أثمرت سياسة العدل والمساواة لدى علي «عليه السلام»
تعاطفاً وإحتراماً ومحبة من غير العرب، لأولئك الذين وجدوا فيهم
التجسيد الحي لتعاليم الإسلام، وهم: علي، وأهل بيته «عليهم السلام»،
وشيعته الأبرار، فقد كان من الطبيعي: أن تشدّهم إليهم أواصر المحبة،
وأن ينظروا إليهم بعين الإكبار، والإجلال، والتقدير الفائق، وأن يجدوا
فيهم الملجأ والملاذ لهم، في جميع ما ينوبهم..
ويكفي أن نذكر هنا:
1 ـ
أن الموالي كانوا هم أنصار المختار، في حركته التي كانت ترفع شعار
الأخذ بثارات الحسين «عليه السلام»، وكان ذلك ـ على ما يبدو ـ هو السبب
في تخاذل العرب عنه([33]).
2 ـ
كان لعثمان عبد، فاستشفع بعلي أن يكاتبه عثمان، فشفع له، فكاتبه([34]).
3 ـ
قال السيد أمير علي: «وقد أظهر الإمام علي منذ بداية الدعوة الإسلامية
كل تقدير ومودة نحو الفرس، الذين اعتنقوا الإسلام. لقد كان سلمان
الفارسي ـ وهو أحد مشاهير أصحاب الرسول ـ رفيق علي وصديقه. وكان من
عادة الإمام أن يخصص نصيبه النقدي في الأنفال لافتداء الأسرى. وكثيراً
ما أقنع الخليفة عمر بمشورته، فعمد إلى تخفيف عبء الرعية في فارس.
وهكذا..
كان ولاء الفرس لأحفاده واضحاً تمام الوضوح»([35]).
4 ـ
ويرى فان فلوتن: أن من أسباب ميل الخراسانيين، وغيرهم من الإيرانيين
إلى العلويين، هو أنهم لم يعاملوا معاملة حسنة، ولا رأوا عدلاً، إلّا
في زمن حكم الإمام علي «عليه السلام»([36]).
5 ـ
وأخيراً.. فقد رأينا السودان ـ وهم ليسوا من العرب ـ يثورون ضد ابن
الزبير، انتصاراً لابن الحنفية. وكان فيهم غلام لابن عمر اسمه رباح،
فلما كلمه ابن عمر، متعجباً ومستفهماً عن سبب خروجه مع الثائرين، قال:
«والله، إنا خرجنا لنردكم عن باطلكم إلى حقنا..»([37]).
هذا كله..
عدا عن أن هذه السياسة الإسلامية الخالصة، قد أسهمت في حفظ أصول
الإسلام، وفي وعي تعاليمه، وترسيخ قواعده على المدى البعيد.. ثم في
تعريف الناس على أولئك الذين يحملون همّ الإسلام للإسلام، لا لأجل
مصالحهم الخاصة، ولا لتحقيق مآربهم في التسلط والهيمنة على الآخرين
واستغلالهم..
فهم يعيشون الإسلام قضيةً وفكراً، وطريقة، ومنطلقاً،
وهدفاً، ويجسدونه رسالةً إلهيةً، وانسانية، تنبض بالحياة، وتزخر
بالمعاني السامية، والغنية في مضامينها، كما هي غنية في عطائها،
وروافدها.
وقد ظهر مما تقدم:
أن العرب كانوا أوفياء لمؤسس سياسة التمييز العنصري، وهو عمر بن
الخطاب، وكانت المتاعب والمشكلات من نصيب علي «عليه السلام».
نعم..
إن رائد سياسة تفضيل العرب على غيرهم وتخصيص العرب بكل الإمتيازات
الظالمة والغاشمة على حساب كل من هو غير عربي هو عمر بن الخطاب. وقد
نسبت إليه كل تلك الفتوحات الواسعة والكبيرة، التي مكنت العرب من
الدنيا وما ومن فيها، وإن كانت الحقيقة هي أن اصحاب علي «عليه السلام»
هم أصحاب السهم الأوفر فيها، ولكن عمر قد خص نفسه بفريق انتقاه بعناية:
وكان أكثره من قريش ينفذ تلك السياسات، ويهيء الناس للطاعة، وللتعلق
بصانعي تلك المنجزات، وأن يكونوا معهم وفي حزبهم. وقد أشار علي «عليه
السلام» إلى ذلك بقوله وهو يتحدث عن قريش:
«ثم نسبت تلك الفتوح إلى آراء ولاتها، وحسن تدبير
الأمراء القائمين عليها، فتأكد عند الناس نباهة قوم، وخمول آخرين إلخ..»([38]).
ويرد هنا سؤال:
وهو أن من الواضح: أن الكثير من الممارسات التي حصلت في الفتوحات لم
يكن مرضية من الناحية الشرعية، والإنسانية.. فهل يتحمل علي «عليه
السلام» مسؤوليتها؟! فإن المفروض أن علياً وشيعته كانت لهم اليد الطولى
فيها، إن لم نقل إن انجاز ما هو اساسي منها قد تم على أيديهم،
وتدبيرهم، ومشاركتهم القوية والعميقة فيه..
ونجيب:
إن هناك فرقاً كبيراً من انجاز الفتح الكبير الذي اريد
به تحصين أهل الإسلام من عدوان تلك الدولة القوية والخطرة على كل
وجودهم..
فكان لا بد لحفظ الإسلام وأهله من ضرب تلك القوة التي
لا يمكن أن تتركهم وشأنهم، مع حالة الحرب التي تفرض نفسها على المحيط
كله..
أما الممارسات الخاطئة فهي إما حدثت في حروب صغيرة كان
يخوضها آخرون هنا وهناك.. أو أنها حصلت في دائرة الممارسات التي ظهرت
بعد حصول الفتح، وأمسك الآخرون من أدوات الحكم بمقاليد الأمور.. ولم
يعد لعلي «عليه السلام» وشيعته أي دور..
وربما يكون شطر من هذه الممارسات الخاطئة، قد حصل من
عناصر غير منضبطة ولا مسؤولة. أو حصل بعضها أثناء الفتح، من قبل الذين
لا يلتزمون بنظام، ولا يطيعون اوامر قادتهم، تماماً كما فعله خالد بن
الوليد ببني جذيمة..
فكان من الطبيعي:
أن يوجد ذلك التمييز والتفضيل للعرب، تياراً جارفاً من الحب، والتعظيم
والتبجيل لذلك الذي كان السبب في حصولهم على كل ما حصلوا عليه، وأن
يصبح رأيه فيهم كالشرع المتبع، وتصبح سنته فيهم هي السنة الماضية.
ويكفي أن نذكر:
أنه قد بلغ من عظمة عمر بن الخطاب: أن علّياً «عليه السلام» لم
يستطع أن يمنع
جنده من صلاة التراويح، حتى قال «عليه السلام»:
«..وتنادى بعض أهل عسكري، ممن
يقاتل معي: يا أهل الإسلام، غيرت سنة عمر. ينهانا عن الصلاة في شهر
رمضان تطوعاً. ولقد خفت أن يثوروا في ناحية جانب عسكري»([39]).
وفي نص آخر:
أنهم سألوه أن ينصب لهم إماماً يصلي بهم نافلة شهر رمضان، فزجرهم،
وعرفهم: أن ذلك خلاف السنة، فتركوه، واجتمعوا لأنفسهم، وقدموا بعضهم،
فبعث إليهم ولده الحسن ليفرقهم، «فلما رأوه تبادروا إلى أبواب المسجد،
وصاحوا: وا عمراه»([40]).
ولعل أول من صاح بذلك هو قاضيه شريح([41]).
وحينما أراد أن يعزل شريحاً عن
القضاء، قال له أهل الكوفة:
«لا تعزله، لأنه منصوب من قبل عمر، وقد بايعناك على أن لا تغير شيئاً
قرره أبو بكر وعمر»([42]).
وليس معنى هذا:
أنهم قد صرحوا له بهذا الشرط، وقبله منهم. فحاشاه «عليه السلام» أن
يفعل ذلك.. بل المقصود: أن هذا الأمر كان هو المرتكز في نفوسهم عند
بيعتهم له. ولو عقلوا أنه سوف لا يفعل ذلك لما بايعوه.
ومن المعلوم:
أنه «عليه السلام» لم يرض في الشورى بأن يتعهد لهم بالعمل بسنة أبي بكر
وعمر، رغم محاولتهم ذلك، واصر على الإقتصار على كتاب الله، وسنة
رسوله..
كما أن يزيد بن المهلب قد وعد الناس بالعمل بسنة
العمرين([43]).
وليس بسنة النبيّ «صلى الله عليه وآله»!!
وقد قال أمير المؤمنين «عليه السلام» لطلحة والزبير،
الذين قاتلا أمير المؤمنين «عليه السلام» بأهل البصرة العراقيين:
«..ما الذي كرهتما من أمري، ونقمتما من تأميري، ورأيتما
من خلافي؟!
قالا:
خلافك عمر بن الخطاب، وأئمتنا، وحقنا في الفيء إلخ..»([44]).
ونادى أصحاب الجمل بأمير المؤمنين قائلين:
«أعطنا سنة العمرين»([45]).
وقال الخوارج لقيس بن سعد:
«لسنا متابعيكم أو تأتونا بمثل عمر.
فقال:
والله، ما نعلم على الأرض مثل عمر، إلا أن يكون صاحبنا».
وحسب نص الطبري:
«ما نعلمه فينا غير صاحبنا، فهل تعلمونه فيكم»؟!([46]).
وحينما أراد الخوارج إقناع بعض زعمائهم، وهو زيد بن
حصين، بقبول الولاية عليهم، اجتمعوا إليه، وقالوا له: «أنت سيدنا
وشيخنا، وعامل عمر بن الخطاب على الكوفة، تولّ إلخ..»([47]).
كما أن نجدة بن عامر الحروري:
قد تخلى عن فكرة مهاجمة المدينة، لما أن «أخبر بلبس عبد الله بن عمر بن
الخطاب السلاح، تأهباً لقتاله مع أهل المدينة، ذلك أن نجدة، وسائر
الخوارج، كانوا يوقرون أباه عمر بن الخطاب توقيراً شديداً.
وقد اختاره نجدة للإجابة على مسائله، فكتب إليه نجدة
يسأله عن أشياء في الفقه، لكنها كانت أسئلة عويصة، فترك الإجابة عنها
إلى ابن عباس»([48]).
ويذكرون أيضاً:
أن ابن عباس، قد أشار على أمير المؤمنين «عليه السلام» بإبقاء معاوية
على الشام، واحتج لذلك بقوله: «فإن عمر بن الخطاب ولاه الشام في
خلافته»([49]).
وحينما عاتب أمير المؤمنين «عليه السلام» الخليفة
الثالث عثمان بن عفان، في أمر تولي معاوية للشام، قال له عثمان: «أنكرت
علي استعمال معاوية، وأنت تعلم: أن عمر استعمله؟!
قال علي «عليه السلام»:
نشدتك الله، ألا تعلم أن معاوية كان أطوع لعمر من يرفأ غلامه؟! إن عمر
كان إذا استعمل عاملاً وطأ على صماخه إلخ..»([50]).
وفي نص آخر:
إن عثمان قال له: «ألم يولّ عمر المغيرة بن شعبة، وليس هناك؟
قال:
نعم.
قال:
أولم يولّ معاوية؟!
قال:
علي «عليه السلام»: إن معاوية كان أشد خوفاً وطاعة لعمر من يرفأ. وهو
الآن يبتز الأمور دونك إلخ..»([51]).
هذا..
وقد احتج معاوية نفسه على صعصعة وأصحابه بنصب عمر له، فليراجع([52]).
ولما خرجت الخوارج من الكوفة، أتى علياً أصحابه،
وشيعته، فبايعوه، وقالوا: نحن أولياء من واليت، وأعداء من عاديت، فشرط
لهم فيه سنة النبيّ «صلى الله عليه وآله».
فجاءه ربيعة بن أبي شداد الخثعمي، وكان شهد معه الجمل،
وصفين، ومعه راية خثعم، فقال له: بايع على كتاب الله، وسنة رسوله.
فقال ربيعة:
على سنة أبي بكر، وعمر..
فقال له علي «عليه السلام»:
ويلك، لو أن أبا بكر وعمر عملا بغير كتاب الله، وسنة رسوله، لم يكونا
على شيء من الحق..
فبايعه ربيعة.
ونظر إليه علي «عليه السلام»، فقال:
أما والله، لكأني بك، وقد نفرت مع هذه الخوارج، فقتلت، وكأني بك، وقد
وطأتك الخيل بحوافرها..
فقتل يوم النهر.
قال
قبيصة:
فرأيته يوم النهروان قتيلاً، قد وطأت الخيل وجهه، وشدخت رأسه، ومثلت به.
فذكرت قول علي، فقلت:
لله در أبي الحسن، ما حرك شفتيه قط بشيء إلا كان كذلك([53]).
وقال الأشعث بن قيس لأمير المؤمنين «عليه السلام» فيما
يرتبط بإرسال أبي موسى للتحكيم: «.. وهذا أبو موسى الأشعري، وافد أهل
اليمن إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وصاحب مغانم أبي بكر، وعامل
عمر بن الخطاب..»([54]).
ورغم أن السياسة الأموية القاسية تجاه غير العرب، والتي
لم تكن إلاّ استمراراً لسياسة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب قد أرهقت
غير العرب، وحرمتهم من أبسط الحقوق الإنسانية والشرعية.. فإن هؤلاء
الناس قد اتجهوا نحو ما هو أهم ونفعه أعم، فحصلوا على المجد والرفعة عن
طريق العلم والمعرفة، واقبلوا على الإسلام، وعلى النهل من معين معارفه،
وآدابه، والغوص في بحار علومه وحقائقه بصورة مثيرة ومذهلة.
حتى أصبحوا في مدة وجيزة علماء الأمة، وقراء الإسلام،
ودعاته، وللتدليل على ذلك نذكر هنا النصوص التالية:
1 ـ
قال أبو هلال العسكري عن الحجاج:
«..وهو أول من نقش على يد كل رجل اسم قريته، ورده
إليها. وأخرج الموالي من بين العرب..
إلى أن قال:
وكان
الذي دعاه إلى ذلك:
أن أكثر القراء، والفقهاء، كانوا من الموالي.
وكانوا جلّ من خرج عليه مع ابن الأشعث، فأراد أن يزيلهم
من موضع الفصاحة والأدب، ويخلطهم بأهل القرى، فيخمل ذكرهم.
وكان سعيد بن جبير منهم، وكان عبد رجل من بني أسد،
اشتراه ابن العاص، فأعتقه، فلما أتي به إلى الحجاج، قال: يا شقي بن
كسير، أما قدمت الكوفة، وما يؤم بها [إلا]([55])
عربي، فجعلتك إماماً؟! إلخ..»([56]).
2 ـ
روى الحاكم بسنده عن الزهري، قال:
«قدمت على عبد الملك بن مروان، فقال لي: من أين قدمت يا
زهري؟!
قلت:
من مكة.
قال:
فمن خلفت بها يسود أهلها؟!
قلت:
عطاء بن أبي رباح.
قال:
فمن العرب أم من الموالي؟!
قال:
قلت: من الموالي.
قال:
وبم سادهم؟!
قلت:
بالديانة والرواية.
قال:
إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا.
قال:
فمن يسود أهل اليمن؟!
قال:
قلت: طاووس بن كيسان.
قال:
فمن العرب أم من الموالي؟!
قال:
قلت من الموالي.
قال:
وبم سادهم؟!
قلت:
بما سادهم به عطاء.
قال:
إنه لينبغي.
قال:
فمن يسود أهل مصر؟!
قال:
قلت: يزيد بن أبي حبيب.
قال:
فمن العرب أم من الموالي؟!
قال:
قلت: من الموالي.
قال:
فمن يسود أهل الشام؟!
قال:
قلت: مكحول.
قال:
فمن العرب أم من الموالي؟!
قال:
قلت: من الموالي، عبد نوبي، أعتقته امرأة من هذيل.
قال:
فمن يسود أهل الجزيرة.
قلت:
ميمون بن مهران.
قال:
فمن العرب أم من الموالي؟!
قال:
قلت: من الموالي.
قال:
فمن يسود أهل خراسان؟!
قال:
قلت: الضحاك بن مزاحم.
قال:
فمن العرب أو من الموالي؟!
قال:
قلت: من الموالي.
قال:
فمن يسود أهل البصرة؟!
قال:
قلت: الحسن بن أبي الحسن.
قال:
فمن العرب أم من الموالي؟!
قال:
قلت: من الموالي.
قال:
فمن يسود أهل الكوفة؟!
قال:
قلت: إبراهيم النخعي.
قال:
فمن العرب أم من الموالي.
قال:
قلت: من العرب.
قال:
ويلك يا زهري، فرجت عني والله، ليسودن الموالي على العرب، حتى يخطب لها
على المنابر، والعرب تحتها!.
قال:
قلت: يا أمير المؤمنين، إذاً هو أمر الله، ودينه، من حفظه ساد، ومن
ضيعه سقط([57]).
3 ـ
وعن العباس بن مصعب، قال:
خرج من مرو أربعة من أولاد العبيد، ما منهم أحد إلّا
وهو إمام عصره:
عبد الله بن المبارك، ومبارك عبد.
وإبراهيم بن ميمون الصائغ. وميمون عبد.
والحسين بن واقد. وواقد عبد.
وأبو حمزة، محمد بن ميمون السكري، وميمون عبد([58]).
ثم ذكر الحاكم جماعة من كبار التابعين وأئمة المسلمين،
كلهم من الموالي، فمن أراد الإطلاع على ذلك، فليراجع كتابه: معرفة علوم
الحديث ص 199 ـ 200.
4 ـ
ودخل محمد بن أبي علقمة على عبد الملك بن مروان، فقال: من سيد الناس
بالبصرة؟!
قال:
الحسن.
قال:
مولى، أو عربي؟!
قال:
مولى.
قال:
ثكلتك أمك، مولى ساد العرب؟!.
قال:
نعم.
قال:
بم؟!
قال:
استغنى عما في أيدينا من الدنيا، وافتقرنا إلى ما عنده من العلم إلخ..([59]).
5 ـ
وقال ابن أبي ليلى: قال لي عيسى بن موسى، وكان دياناً، شديد العصبية:
من كان فقيه البصرة؟!
قلت:
الحسن بن الحسن.
قال:
ثم من؟!
قلت:
محمد بن سيرين.
قال:
فما هما؟!
قلت:
موليان.
قال:
فمن كان فقيه مكة؟!
قلت:
عطاء بن رباح، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وسليمان بن يسار.
قال:
فما هؤلاء؟!
قلت:
موالي.
قال:
فمن كان فقهاء المدينة؟!
قلت:
زيد بن أسلم، ومحمد بن المنكدر، ونافع بن أبي نجيح.
قال:
فما هؤلاء؟!
قلت:
موالي.
فتغير لونه ثم قال:
فمن كان أفقه أهل قباء؟!
قلت:
ربيعة الرأي، وابن أبي الزناد.
قال:
فما كانا؟!
قلت:
من الموالي.
فاربد وجهه، ثم قال:
فمن كان فقيه اليمن؟!
قلت:
طاووس، وابنه، وهمام بن منبه.
قال:
فما هؤلاء؟!
قلت:
من الموالي.
فانتفخت أوداجه، وانتصب قاعداً، ثم
قال:
فمن فقيه خراسان؟!
قلت:
عطاء بن عبد الله الخراساني.
قال:
فما كان عطاء هذا؟!
قلت:
مولى.
فازداد وجهه تربداً، واسود
اسوداداً، حتى خفته، ثم قال:
فمن كان فقيه الشام؟!
قلت:
مكحول.
قال:
فما مكحول هذا.
قالت:
مولى.
فازداد تغيظاً وحنقاً، ثم قال:
فمن كان فقيه الجزيرة؟!
قلت:
ميمون بن مهران.
قال:
فما كان؟!
قلت:
مولى.
قال:
فتنفس الصعداء، ثم قال: فمن كان فقيه الكوفة؟!
قال:
فوالله لولا خوفه لقلت: الحكم بن عتيبة، وعمار بن أبي سليمان. ولكن
رأيت فيه الشر؛ فقلت: إبراهيم، والشعبي.
قال:
فما كانا؟!
قلت:
عربيان.
قال:
الله أكبر. وسكن جأشه([60]).
6 ـ
وقال عبد الرحمان بن زيد بن أسلم: لما مات العبادلة: عبد الله بن عباس،
وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص،
صار الفقه في جميع البلدان إلى الموالي:
فقيه مكة:
عطاء.
وفقيه اليمن:
طاووس.
وفقيه اليمامة:
يحيى بن أبي كثير.
وفقيه البصرة:
الحسن البصري.
وفقيه الكوفة:
إبراهيم النخعي.
وفقيه الشام:
مكحول.
وفقيه خراسان:
عطاء الخراساني.
إلا المدينة، فإن الله حرسها بقرشي،
فقيه غير مدافع:
سعيد بن المسيّب إلخ..([61]).
ولكن ذكر إبراهيم النخعي في جملة الموالي لا يصح، فإنه
كان عربياً من النخع من مذحج.
وقد يجوز لنا أن نتساءل هنا، فنقول:
لماذا كانت الحراسة بقرشي لخصوص المدينة؟! مع أن مكة أشرف منها وأقدس،
لأن فيها الكعبة المشرفة، قبلة المسلمين، وبيت الله. فلماذا لم يحرسها
الله بقرشي؟! وأصل قريش منها.
ولعل الأصح:
خصها، كما في معجم البلدان.
كما أننا نرى أن لنا الحق في تسجيل تحفظ فيما يرتبط
بنسبة الفقاهة إلى أكثر العبادلة، الذين ذكرت أسماؤهم، ولمناقشة هذا
الأمر موضع آخر.
7 ـ
وقال ياقوت عن أهل خراسان: «فأما العلم، فهم فرسانه، وساداته، وأعيانه.
ومن أين لغيرهم مثل: محمد بن اسماعيل البخاري إلخ..»([62]).
8 ـ
«ولما تكلم ابن خلدون في فصل: أن حملة العلم في الإسلام أكثرهم من
العجم، من مقدمة العبر إلخ..»([63]).
قال:
«من الغريب الواقع: أن حملة العلم في الملة الإسلامية أكثرهم العجم، لا
من العلوم الشرعية، ولا من العلوم العقلية([64])،
إلا في القليل النادر. وإن كان منهم العربي في نسبته، فهو أعجمي في
لغته، ومرباه، ومشيخته، مع أن الملة عربية، وصاحب شريعتها عربي..».
إلى أن قال بعد ذكره أمثلة على ذلك:
«..ولم يقم بحفظ العلم وتدوينه إلا الأعاجم. وظهر مصداق قوله «صلى الله
عليه وآله»: لو تعلق العلم بأكناف السماء لناله قوم من أهل فارس إلخ..»([65]).
9 ـ
وقال الزمخشري:
قال قرشي:
سألني سعيد بن المسيّب عن أخوالي.
فقلت:
أمي فتاة.
فنقصت في عينه، فأمهلت حتى دخل عليه سالم بن عبد الله
بن عمر، فقلت: من أمه؟!
قال:
فتاة.
ثم دخل القاسم بن محمد بن أبي بكر
الصديق، فقلت:
من أمه؟!
قال:
فتاة.
ثم دخل علي بن الحسين، فقلت:
من أمه؟!
قال:
فتاة.
ثم
قلت:
رأيتني نقصت في عينك، لأني ابن فتاة!! أفما لي بهؤلاء أسوة؟! فجللت في
عينه([66]).
10 ـ
ويذكرنا موقف هذا القرشي من سعيد بموقف زيد بن علي «رضوان الله تعالى
عليه» من هشام بن عبد الله الملك، حينما قال له هشام:
بلغني:
أنك تطلب الخلافة، ولست لها بأهل.
قال:
ولم؟!
قال:
لأنك ابن أمة.
قال:
فقد كان إسماعيل ابن أمة، وإسحاق ابن حرة. وقد أخرج الله من ولد
إسماعيل سيد ولد آدم..
والمراقب لهذه النصوص يلاحظ:
أنها تتحدث عن العلماء الذين هم يلتزمون بنفس الخط
السياسي والإعتقادي، والفقهي الذي يلتزم به الحكام، أي أن الموالي قد
سيطروا على فكر غير الشيعة، وأصبحوا علماء ذلك الخط، وحكماؤه، ومراجعه
في الفقه والدين.. ولا بد أن يكون هذا أشد إيلاماً لقلوب رواد السياسة
العمرية تجاه غير العرب.
أما بالنسبة لغير الشيعة، فإن النبوغ والتميز فيهم لا
يقتصر على طائفة دون طائفة، ولا يختص بفريق دون فريق، بل يمتد ويتسع
ويستوعب كل من تشيع لعلي
«عليه السلام» وسار على نهجه وهذه ميزة في هذا الخط لا
تجدها فيما عداه حتى لو كان يتخذ الإسلام ديناً، ويجعله له شعاراً.
هذا.. وقد رأينا أيضاً:
أن غير العرب كانوا أكثر التزاماً لجانب الحق، وأشد تحرياً واجتهاداً،
والتزاماً بالشرع وأحكامه، وقد تقدم كيف أن السودان ـ وهم ليسوا من
العرب ـ يثورون ضد ابن الزبير، انتصاراً لابن الحنفية، وكان فيهم غلام
لابن عمر، اسمه: رباح، فلما سأله ابن عمر عن الذي دعاه للخروج مع
الثائرين.
قال:
«..والله، إنا خرجنا لنردكم عن باطلكم إلى حقنا..»([67]).
([1])
الآية 13 من سورة الحجرات.
([2])
البيان والتبيين ج2 ص23 والعقد الفريد ج3 ص238 وتاريخ اليعقوبي
ج2 ص111 ومجمع الزوائد ج3 ص266 و 272 و (ط دار الكتب العلمية)
ج8 ص84 والمعجم الكبير ج18 ص13 وزاد المعاد ج4 ص22 وراجع: شعب
الإيمان ج5 ص286 والجامع الصغير ج2 ص463 ومسند أحمد ج5 ص411
والمعجم الأوسط ج5 ص86 ومسند ابن المبارك ص106.
([3])
الجعفريات ص185 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص207 عنه، ومستدرك
الوسائل ج11 ص126 عن روضة الكافي، ومجمع البحرين ج3 ص146.
([4])
إقتضاء الصراط المستقيم ص168 والكافي ج8 ص148 و دعائم الإسلام
ج2 ص317 ومعاني الأخبار ص239 و 404 و 405 وشرح أصول الكافي ج12
ص155 وبحار الأنوار ج64 ص179 و 180 وج97 ص46 ومستدرك سفينة
البحار ج7 ص142.
([5])
الآية 13 من سورة الحجرات.
([6])
الآية 9 من سورة الزمر.
([7])
الآيتان 24 و 25 من سورة إبراهيم.
([8])
الآية 95 من سورة النساء.
([9])
الآية 100 من سورة المائدة.
([10])
الآية 148 من سورة البقرة، والآية 48 من سورة المائدة.
([11])
الآية 133 من سورة آل عمران.
([12])
الآية 32 من سورة فاطر.
([13])
دلائل الإمامة (ط النجف) ص81 و 82 و (ط مؤسسة البعثة) ص194 ـ
196 والعدد القوية ص57 و 74 والمناقب لابن شهرآشوب ج4 ص48
وبحار الأنوار ج46 ص15 و 16 وج97 ص56 وج101 ص199 وج45 ص330
وج31 ص134 ونفس الرحمان ص570 وراجع: مستدرك الوسائل ج11 ص132
وج15 ص484 والغارات للثقفي ج2 ص825 وجامع أحاديث الشيعة ج13
ص180 وج19 ص377 والدر النظيم ص580.
([14])
الغارات للثقفي ج2 ص499 و (تحقيق الأرموي) ج2 ص824 وبحار
الأنوار ج34 ص319 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص465.
([15])
راجع: الغارات للثقفي ج1 ص70 وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي)
ج2 ص141 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص349 وتاريخ اليعقوبي ج2
ص183 والكافي ج8 ص69 وحياة الصحابة ج2 ص112 عن البيهقي، وبحار
الأنوار ج32 ص134 وج41 ص137 والغدير ج8 ص240 وبهج الصباغة ج12
ص197ـ 207 عن بعض من تقدم، وعن مصادر أخرى. وفي هامش الغارات
عن: الوسائل ج2 ص431 (ط أمير بهادر) وعن ثامن بحار الأنوار
739. وراجع: المجموع للنووي ج19 ص385 ونيل الأوطار ج8 ص235
وشرح أصول الكافي ج11 ص424 وحلية الأبرار ج2 ص358 وجامع أحاديث
الشيعة ج19 ص336 ونهج السعادة ج1 ص198 وكنز العمال ج6 ص611.
([16])
راجع: الأمالي للشيخ المفيد ص175و 176 والأمالي للشيخ الطوسي
ج1 ص197 و 198 و (ط دار الثقافة) ص194 و 195 ومناقب آل أبي
طالب ج1 ص365 وحلية الأبرار ج2 ص283 و 255 و 357 وبحار الأنوار
ج32 ص48 وج34 ص208 وج40 ص321 وج41 ص108 و 122 وج72 = = ص358
وج75 ص96 وج93 ص165 والغارات للثقفي ج1 ص75 وج2 ص827 وبهج
الصباغة ج12 ص196 ووسائل الشيعة (ط
مؤسسة
آل البيت) ج15 ص107 و (ط
دار
الإسلامية) ج11 ص81 ـ 82 والكافي ج4 ص31 وتحف العقول ص126 و (ط
مركز
النشر الإسلامي)
ص185 والإمامة والسياسة ج1 ص153 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2
ص197 و 203 وج8 ص109 ونهج البلاغة (بشرح عبده) ج2 ص6 ومستدرك
الوسائل ج11 ص91 و 93 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج2
ص199 و 201 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص198 وج14 ص90 ونهج
السعادة ج2 ص453.
([17])
راجع على سبيل المثال: المعياو والموازنة ص113 و 114ومناقب أل
أبي طالب ج2 ص111 وبحار الأنوار ج31 ص50 وج32 ص36 وشرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج3 ص102.
([18])
الإستغاثة ج1 ص45 ومستدرك الوسائل ج14 ص186 والغارات للثقفي ج2
ص828 وبحار الأنوار ج31 ص36 وجامع أحاديث الشيعة ج20 ص74.
([19])
الكافي ج5 ص318 و 319 ووسائل الشيعة (ط
مؤسسة آل البيت) ج20 ص71 والغارات للثقفي ج2 ص823 وحلية
الأبرار ج1 ص377 وج2 ص287 وجامع أحاديث الشيعة ج17 ص120 وج20
ص77 وراجع: سفينة البحار (ط حجرية) ج2 ص165 ونفس الرحمان (ط
حجرية) ص30 وبحار الأنوار ج42 ص160.
([20])
الضيطر: هو الأحمر، العضِل، الفاحش.
([21])
راجع: الكامل للمبرد ج2 ص62 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19
ص124 وج20 ص284 والفائق ج1 ص319 وكنز العمال ج4 ص397 عن ابن
أبي شيبة، والحارث، وأبي عبيد، والدورقي، وابن جرير وصححه،
والبزار وغريب الحديث ج3 ص484 والنهاية ج3 ص87 وراجع: تفسير
العياشي ج1 ص360 و 361 وبحار الأنوار ج34 ص319 وج41 ص118
والبرهان ج1 ص527 ونور الثقلين ج1 ص597 و 598 وقاموس الرجال ج2
ص99 وبهج الصباغة ج13 ص400 ومجلة نور علم، سنة 2 عدد 6 ص20 في
مقال للعلامة المحقق الأحمدي الميانجي، عن بعض من تقدم، وعن
نثر الدرر ج1 ص299 و 300 وعن تهذيب الكامل للسباعي ج2 ص116 وعن
شرح الكامل للمرصفي ج4 ص194. وراجع: كتاب الأم للشافعي ج7 ص176
والغارات للثقفي ج2 ص498 و 829 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص465
ونهج السعادة ج2 ص703 ومسند أبي يعلى ج1 ص322 وأمالي المحاملي
ص200.
([22])
زين العابدين، لعبد العزيز سيد الأهل ص47.
([23])
زين العابدين، لعبد العزيز سيد الأهل ص7.
([24])
بحار الأنوار ج46 ص164 و 165 والكافي ج5 ص344 و 345 ووسائل
الشيعة (ط
مؤسسة
آل البيت) ج20 ص72 و (ط
دار
الإسلامية) ج14 ص48 وراجع ص361 وأئمتنا ج1 ص287 و 288 عن: زين
العابدين لعبد العزيز = = سيد الأهل ص60. والعقد الفريد ج6
ص128 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص300 وجامع أحاديث الشيعة ج20 ص79
وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم السلام» للنجفي ج10 ص5.
([25])
الإسلام والمشكلة العنصرية ص65 ـ 66 عن: الموالي في العصر
العباسي ص39.
([26])
عيون أخبار الرضا ح2 ص128 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج1 ص136 وبحار
الأنوار ج46 ص8 و 9 وقاموس الرجال ج12 ص286 وأعيان الشيعة ج7
ص353.
([27])
راجع: الكافي ج5 ص346 و 361. وبحار الأنوار ج22 ص214 وج46 ص139
ـ 140 وج100 ص374 والإسلام والمشكلة العنصرية ص66 عن الموالي
في العصر الأموي ص66 وكتاب الزهد للحسين بن سعيد الكوفي ص60
وجامع أحاديث الشيعة ج20 ص81.
([28])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج7 ص37 وبحار الأنوار ج32 ص18
والإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» للهمداني ص666.
([29])
راجع: المعيار والموازنة ص113 و 114.
([30])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج7 ص39 عن الأسكافي، وبهج الصباغة
ج12 ص200 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج2 ص277 والجمل
لابن شدقم ص68 وبحار الأنوار ج32 ص19.
([31])
الفتوح لابن أعثم ج4 ص149 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص23
وراجع: حياة الإمام الحسن بن علي للقرشي ج2 ص26.
([32])
الإمامة والسياسة (تحقيق الزيني) ج1 ص54 و (تحقيق الشيري) ج1
ص75 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص119 والغارات ج2 ص431 وبحار
الأنوار ج29 ص622 وج34 ص23 و (ط قديم) ج8 ص621 والدرجات = =
الرفيعة ص156 ونهج السعادة ج5 ص302 ومكاتيب الرسول ج1 ص580
والمعيار والموازنة ص180 وأعيان الشيعة ج1 ص520 وجواهر المطالب
لابن الدمشقي ج1 ص365.
([33])
الخوارج والشيعة ص227 و 228 وراجع: أنصار الحسين «عليه السلام»
للشيخ محمد مهدي شمس الدين ص195.
([34])
ربيع الأبرار ج3 ص22.
([36])
السيادة العربية والشيعة والإسرائيليات.
([37])
أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج3 ص295.
([38])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج20 ص299 والإمام علي بن أبي طالب
«عليه السلام» للهمداني ص728 والدرجات الرفيعة ص37.
([39])
الكافي ج8 ص59 ـ 63 ووسائل الشيعة (ط
مؤسسة
آل البيت) ج8 ص46 و (ط
دار
الإسلامية) ج5 ص193 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج2
ص62 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص392 ـ 393 وبحار الأنوار ج34 ص168 و
174 ج93 ص384 وجامع أحاديث الشيعة ج7 ص213 والإمام علي بن أبي
طالب «عليه السلام» للهمداني ص735 والحدائق الناضرة ج10 ص522
وجواهر الكلام ج13 ص141.
([40])
راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص283 وج1 ص269 والصراط
المستقيم ج3 ص26 وتلخيص الشافي ج4 ص58 وبحار الأنوار ج31 ص 7 و
8 وج34 ص181 و (ط قديم) ج8 ص284 والشافي في الإمامة ج4 ص220
وتقريب المعارف ص347 وكتاب الأربعين للشيرازي ص562 وإحقاق الحق
(الأصل) ص247.
([41])
تنقيح المقال للمامقاني ج2 ص83 وقاموس الرجال ج5 ص67.
([42])
كشف القناع عن حجية الإجماع ص64 وراجع: تنقيح المقال للمامقاني
ج2 ص83 وقاموس الرجال ج5 ص67.
([43])
محاضرات الراغب المجلد الثاني جزء3 ص188 وراجع: تاريخ الأمم
والملوك ج5 ص336 والكامل في التاريخ ج5 ص76 وكتاب الفتوح لابن
أعثم ج8 ص222.
([44])
المعيار والموازنة ص113 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج7 ص41
وفضائل أمير المؤمنين «عليه السلام» للكوفي ص94 ومصباح البلاغة
(مستدرك نهج البلاغة) ج2 ص280 والأمالي للطوسي ص732 والجمل
لابن شدقم المدني ص72 وبحار الأنوار ج32 ص21 و 30.
([45])
الكامل للمبرد (ط دار نهضة مصر) ج1 ص144 وراجع: الكافي ج8 ص59
وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص269 والكامل في التاريخ ج3 ص343
والأخبـار الطوال ص207 وأنساب الأشـراف (بتحقيق المحمـودي) ج2
= = ص370 ـ 371 وتنقيح المقال ج2 ص83 ومعاني القرآن للنحاس
ج6 ص362 وتفسير السمعاني ج5 ص103 والبرهان للزركشي ج3 ص312.
([46])
الأخبار الطوال ص207 وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص62 والكامل لابن
الأثير ج3 ص343 وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص370 و
371 وبهج الصباغة ج7 ص143 والغدير ج2 ص83 وشرح إحقاق الحق
(الملحقات) ج32 ص533.
([47])
الثقات ج2 ص295 والخوارج والشيعة ص71.
([48])
الخوارج والشيعة ص71 و (ترجمة د. عبد الرحمن بدوي ـ ط دار
الجليل) ص60 وراجع: مواقف الشيعة ج3 ص387.
([49])
الفصول المهمة لابن الصباغ (ط أولى) ص49 و (ط دار الحديث) ج1
ص359 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص629.
([50])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج9 ص24.
([51])
أنساب الأشراف ج5 ص60 والكامل في التاريخ ج3 ص152 وتاريخ
الأمم والملوك ج3 ص377 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم 2
ص143 والغدير ج9 من 160 عنهم، وعن تاريخ أبي الفداء ص168،
والنصائح الكافية ص174 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج9 ص265.
([52])
تاريخ الأمم والملوك ج3 ص316 والكامل لابن الأثير ج3 ص143
والغدير ج9 ص35 عن: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص158 ـ 160
وعن العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ص387 ـ 389 وعن تاريخ أبي
الفداء ج1 ص168.
([53])
الإمامة والسياسة ج1 ص146 و (تحقيق الزيني) ج1 ص126 و (تحقيق
الشيري) ج1 ص167 وراجع: تاريخ الأمم والملوك ج4 ص56 وبهج
الصباغة ج7 ص179 والكامل لابن الأثير ج3 ص337 ونهج السعادة ج2
ص365.
([54])
الإمامة والسياسة ج1 ص130 و (تحقيق الزيني) ج1 ص113 و (تحقيق
الزيني) ج1 ص149.
([55])
هذه الكلمة ساقطة من كتاب الأوائل، لكنها موجودة في شذرات
الذهب وفي وفيات الأعيان ج2 ص373.
([56])
الأوائل للعسكري ج2 ص61 و 62 وراجع: العقد الفريد ج3 ص416 ـ
417،
وشذرات الذهب ج1 ص109. ولم يذكر في العقد قصة سعيد بن جبير.
وهي في وفيات الأعيان ج2 ص373.
([57])
معرفة علوم الحديث للحاكم ص198 ـ 199 وتحفة الأحوذي ج1 ص62 وج8
ص216 ومقدمة ابن الصلاح ص224 وتاريخ مدينة دمشق ج40 ص393 وج56
ص304 وتهذيب الكمال ج20 ص81 وسير أعلام النبلاء ج5 ص85.
([58])
معرفة علوم الحديث ص199والأنساب للسمعاني ج3 ص515.
([59])
ربيع الأبرار ج1 ص811.
([60])
العقد الفريد ج3 ص415 و 416.
([61])
شذرات الذهب ج1 ص103 ومعجم البلدان ج2 ص354 وتاريخ مدينة دمشق
ج40 ص426 وج60 ص214 وراجع: أعيان الشيعة ج7 ص250 وتحفة الأحوذي
ج1 ص63 ومقدمة ابن الصلاح ص225.
([62])
معجم البلدان ج2 ص353.
([63])
التراتيب الإدارية ج2 ص318 والمحصول للرازي ج1 ص29.
([64])
أي: سواء أكان من العلوم الشرعية، أو من العلوم العقلية، كما
جرى عليه ابن خلدون في تعبيراته.
([65])
راجع: مقدمة ابن خلدون ص543 ـ 545.
([66])
ربيع الأبرار ج3 ص31 ووفيات الأعيان لابن خلكان ج3 ص268.
([67])
أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج3 ص295.
|