وقد تحدث أمير المؤمنين «عليه السلام» عن الشورى في
خطبته الشقشقية، فقال:
«فيا لله، وللشورى!! متى اعترض الريب فيّ مع الأول منهم
حتى صرت أقرن مع هذه النظائر؟! لكنني أسففت إذ أسفوا، وطرت إذ طاروا،
فصغى رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره، مع هن وهن، إلى أن قام ثالث
القوم نافجاً حضنيه، بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال
الله خضم الإبل نبتة الربيع إلخ..»([1]).
ونقول:
1 ـ
إننا نريد أن نعالج توهماً قد يراود ذهن بعض الناس، وهو
أنه كيف يرضى الإمام «عليه السلام» بأن يمارس الإسفاف؟! فحتى لو أسفّ
الآخرون، فالمفروض هو أن ينأى بنفسه عن ذلك..
وهذا وهم باطل، فإن المقصود هو أنه «عليه السلام» اختار
مجاراتهم فيما يختارونه من مواقف، حتى لقد رضي الدخول في الشورى،
وقرنوه بهذه النظائر، مع علمهم بأنه لا يقاس به أحد. ورضي هو بذلك
حفظاً للدين، ورعاية لمصلحة المسلمين. ولم يبادر لمواجهتهم بما يدخل في
دائرة التحدي. والمقصود بالإسفاف هنا إسفاف الطائر، وهو دنوه من الأرض
حتى يكاد يضربها برجله.. وليس المراد به الأخذ بالأمور الدنيئة
والخسيسة..
2 ـ
قد أظهر «عليه السلام» في كلمته هذه أن القوم قد أتوا ما أتوا وهم على
علم بتقدمه عليهم، وعلى يقين بأنهم لا يقاسون به.. وهذا يضع علامة
استفهام كبيرة على المحاولات التي تبذل لإعطاء أبي بكر وعمر وسواهما
أحجاماً بارزة في مقابله..
ثم هو يدلل على أن ما فعلوه لم يراعوا به طريق الورع
والإلتزام بالحدود الشرعية..
3 ـ
إن من عداه كانوا نظائر لبعضهم البعض، ولم يكن يصح أن يقرن هو «عليه
السلام» بهم.. وهذا يشير إلى أن ما يدعى لبعضهم من تمييز على من عداه
في تقوى أو في علم، أو في سياسة، لم يكن دقيقاً.
4 ـ
إن أسباب ميلهم إلى غير علي «عليه السلام» ليست مقبولة من الناحية
الشرعية والعقلية، فإنه لا يجوز لمن يجعل نفسه في موضع الأمين على مصير
الأمة، ويوكل إليه اختيار ما يصلحها في دينها ودنياها ـ لا يجوز ـ أن
يميل مع أضغانه الجاهلية التي لا يرضاها الله تعالى.. أو أن يميل مع
عصبياته العشائرية، فإن ذلك لا يحقق الهدف الذي انتدب إلى تحقيقه. كما
أنه ليس له مبرر في العقل والشرع. وقد أوضحنا ذلك في موضع آخر.
5 ـ
وأما بالنسبة لما وصف به عثمان من أنه قام نافجاً حضنيه، بين نثيليه
ومعتلفه، فهو أصدق تعبير عن اهتمامات عثمان وانشغالاته التي ظهر أنها
اتجهت بصورة انحدارية حتى بلغت هذا المستوى فأصبح همه بطنه، والتملي من
مال الله سبحانه، ثم التخلي للتنفيس عن الكرب الناشئ من التخمة..
مع أن المفروض هو أن يفكر بسياسة الأمة بصورة صحيحة..
توصلها إلى الأهداف السامية التي رسمها الله تعالى لها.
ونذكر هنا جانباً من تبريرات عمر، لمواصلة سياساته
الرامية للإستمرار في إقصاء الخليفة الشرعي عن موقعه الذي جعله الله
تعالى له، فلاحظ ما يلي:
1 ـ
عن ابن عباس قال: إني لأماشي عمر في سكة من سكك المدينة، يده في يدي،
فقال: يا ابن عباس، ما أظن صاحبك إلا مظلوماً.
فقلت في نفسي:
والله لا يسبقني بها.
فقلت:
يا أمير المؤمنين، فاردد إليه ظلامته.
فانتزع يده من يدي، ثم مرّ يهمهم
ساعة، ثم وقف، فلحقته، فقال لي:
يا ابن عباس، ما أظن القوم منعهم صاحبك إلا أنهم
استصغروه.
فقلت في نفسي:
هذه شر من الأولى ـ فقلت: والله، ما استصغره الله حين أمره الله أن
يأخذ سورة براءة من أبي بكر.
فأعرض عني وأسرع([2]).
2 ـ
ويقول نص آخر: إن عمر قال لابن عباس، وهو يسير معه في بعض أسفاره: يابن
عباس، ما منع علياً من الخروج معنا؟!
قلت:
لا أدري.
قال:
يا بن عباس، أبوك عم رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأنت ابن عمه،
فما منع قومكم منكم؟!
قلت:
لا أدري.
قال:
لكني أدري، يكرهون ولايتكم لهم!
قلت:
لم، ونحن لهم كالخير؟!
قال:
اللهم غفراً، يكرهون أن تجتمع فيكم النبوّة والخلافة، فيكون بجحاً
بجحاً، لعلكم تقولون: إن أبا بكر فعل ذلك!! لا والله، ولكن أبا بكر أتى
أحزم ما حضره ولو جعله لكم ما نفعكم مع قربكم([3]).
3 ـ
وفي نص آخر: أن عمر قال لابن عباس: أشكو إليك ابن عمك، سألته أن يخرج
فلم يفعل، فلم أزل أراه واجداً، فبم تظن موجدته؟!
قلت:
يا أمير المؤمنين، إنك لتعلم.
قال:
أظنه لا يزال كئيباً لفوت الخلافة.
قلت:
هو ذاك، إنه يزعم أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أراد الأمر له.
فقال:
يا ابن عباس: وأراد رسول الله «صلى الله عليه وآله» له فكان ماذا، إذا
لم يرد الله تعالى ذلك؟! إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أراد ذلك
وأراد الله غيره، فنفذ مراد الله، ولم ينفذ مراد رسوله، أو كلما أراد
رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان؟!
إنه أراد إسلام عمه ولم يرده الله أن يسلم.
وقد روي معنى هذا الخبر بغير هذا
اللفظ وهو قوله:
إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أراد أن يذكره للأمر في مرضه فصددته
عنه خوفاً من الفتنة، وانتشار أمر الإسلام، فعلم رسول الله ما في نفسي
وأمسك، وأبى الله إلا إمضاء ما حتم([4]).
4 ـ
ونص رابع يقول: إن عمر قال: يابن عباس، أتدري ما منع قومكم منكم بعد
محمد؟!
فكرهتُ أن أجيبه، فقلت:
إن لم أكن أدري فأمير المؤمنين يُدريني.
فقال عمر:
كرهوا أن يجمعوا لكم النبوّة والخلافة، فتبجحوا على قومكم بَجَحاً
بجَحاً، فاختارت قريش لأنفسها، فأصابت ووُفِّقت.
فقلت:
يا أمير المؤمنين، إن تأذن لي في الكلام، وتُمِطْ عني الغضب تكلمت.
فقال:
تكلم يا بن عباس.
فقلت:
أمّا قولك يا أمير المؤمنين: اختارت قريش لأنفسها فأصابت ووفّقت، فلو
أن قريشاً اختارت لأنفسها حيث اختار الله عزّ وجلّ لها لكان الصواب
بيدها غير مردود ولا محسود.
وأما قولك:
إنهم كرهوا أن
تكون لنا النبوّة والخلافة، فإنّ الله عزّ وجلّ وصف قوماً بالكراهية
فقال: {ذَلِكَ
بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ}([5]).
فقال عمر:
هيهات والله يابن عباس! قد كانت تبلغني عنك أشياء، كنت أكره أن أقرك
عليها فتزيل منزلتك مني.
فقلت:
وما هي يا أمير المؤمنين؟!
فإن كانت حقاً فما ينبغي أن تزيل منزلتي منك، وإن كانت
باطلاً فمثلي أماط الباطل عن نفسه.
فقال عمر:
بلغني أنك تقول: إنما صرفوها عنا حسداً، وبغياً، وظلماً.
فقلت:
أما قولك يا أمير المؤمنين ظلماً، فقد تبين للجاهل والحليم.
وأما قولك حسداً، فإن إبليس حسد آدم، فنحن ولده
المحسودون.
فقال عمر:
هيهات، أبت قلوبكم يا بني هاشم إلا حسداً ما يحول، وضغناً وغشاً ما
يزول.
فقلت:
مهلاً يا أمير المؤمنين، لا تصف قلوب قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم
تطهيراً بالحسد والغش، فإن قلب رسول الله «صلى الله عليه وآله» من قلوب
بني هاشم.
فقال عمر:
إليك عني يا ابن عباس.
فقلت:
افعل، فلما ذهبت لأقوم استحيا مني، فقال: يا ابن عباس، مكانك الخ..([6]).
5 ـ
قال المعتزلي: «وقد روي عن ابن عباس أيضاً، قال: دخلت على عمر يوماً،
فقال: يا ابن العباس، لقد أجهد هذا الرجل نفسه في العبادة حتى نحلته،
رياء.
قلت:
من هو؟!
فقال:
هذا ابن عمك ـ يعني علياً «عليه السلام» ـ.
قلت:
وما يقصد بالرياء يا أمير المؤمنين؟!
قال:
يرشح نفسه بين الناس للخلافة.
قلت:
وما يصنع بالترشيح؟! قد رشحه لها رسول الله «صلى الله عليه وآله» فصرفت
عنه.
قال:
إنه كان شاباً حدثاً، فاستصغرت العرب سنه، وقد كمل الآن. ألم تعلم أن
الله تعالى لم يبعث نبياً إلا بعد الأربعين؟!
قلت:
يا أمير المؤمنين، أما أهل الحجى والنهى، فإنهم ما زالوا يعدونه كاملاً
منذ رفع الله منار الإسلام، ولكنه يعدونه محروماً مجدوداً.
فقال:
أما إنه سيليها بعد هياط ومياط([7])،
ثم تزل فيها قدمه، ولا يقضي منها أربه
إلخ..([8]).
ونقول:
إن لنا ملاحظات على هذه النصوص، نجملها فيما يلي:
1 ـ
إن كثرة اسئلة عمر لابن عباس عن علي «عليه السلام»، وعن أسباب استبعاده
من الخلافة وغير ذلك من شؤون، يجعلنا نظن أنه كان يعيش هاجس الخوف
المستمر من وصول علي «عليه السلام» للخلافة بعده.
2 ـ
إنه يدل على أنه كان باستمرار بصدد جس النبض، ومعرفة
الأجواء عن قرب، فابن عباس كان من بني هاشم، وهو ابن عم أمير المؤمنين
علي «عليه السلام» مباشرة.. وهو شاب عاقل، وفهيم، ولبيب. ولعل عمر كان
يقربه ليرضي بذلك غروره، فإن صداقة الخليفة، والحصول على الإحترام
والتبجيل من قبله أمر تميل إليه النفوس، فكيف بشاب طموح ولبيب، ومثقف
مثل ابن عباس!!
3 ـ
لعل قول عمر لابن عباس: ما أظن صاحبك إلا مظلوماً، قد جاء على سبيل
الإستدراج له، ليعرف منه إن كان الحديث عن المظلومية متداولاً في بيوت
بين هاشم، ليعرف إن كانت النفوس غاضبة والعواطف متشنجة تجاهه هو شخصياً
أم لا، حيث إنه كان يعيش عقدة ترقب نتائج أفعاله، فإنه هو الذي تولى
مهاجمة أقدس بيت في بني هاشم، وفي جميع البشر على الإطلاق..
4 ـ
ولكن ما نكأ الجرح عنده هو جواب ابن عباس، الذي بيَّن له أن ظلامة علي
«عليه السلام» هي عند عمر بالذات.. فأزعجه ذلك.. حتى إذا استعاد
السيطرة على نفسه، واستجمع أفكاره طلع بالمخرج الذي لم يزل يردده، وهو
أن قوم علي «عليه السلام» استبعدوه لأنهم استصغروه.. وبذلك يكون قد
ألقى تبعة إبعاده على غيره، وتحول هو إلى الظل حيث لا يراه أحد إلا
بمزيد من التحديق، والتبصر.
وقد قلنا إن كلا الأمرين غير دقيق، فإن عمر بن الخطاب
كان على رأس الذين ابعدوا علياً «عليه السلام».. كما أن صغر السن لم
يكن هو السبب في إبعاده كما بيناه.
بل السبب هو الإتفاق المسبق على ذلك، والإعداد له وفق
ما بيناه في هذا الكتاب، وفي كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى
الله عليه وآله»..
وهذا بالذات هو ما جهر به ابن عباس، حين بين لعمر أن
المعيار ليس هو رأي الناس في ذلك، بل المعيار هو الإختيار الإلهي.
ولم يستصغره الله حين عزل أبا بكر، ونصبه هو لتبليغ
سورة البراءة.
ويلاحظ:
أنه هذه المعادلة الإلهية كانت بين علي «عليه السلام» وبين أبي بكر
بالذات، وأبو بكر الذي كان الرقم الأول الذي واجهوا فيه علياً «عليه
السلام» في يوم السقيفة.
1 ـ
أما النص المتقدم برقم (2) فقد سجل مؤاخذة لعمر على علي «عليه السلام»
مفادها أن علياً «عليه السلام» لم يرض بالخروج مع عمر في سفره ذاك..
مع أن الصحيح هو اعتبار امتناع علي «عليه السلام» عن
الخروج مع عمر في سفره مؤاخذة لعمر نفسه، من حيث أن هذا الإمتناع يؤذن
باستمرار الموانع وبقاء المبررات لموقف التحفظ والإنكار لشرعية السلطة
الحاكمة، وعلى رأسها عمر بن الخطاب.
2 ـ
إن على الناس أن يفهموا أن ما يلمحه الناس من انسجام ظاهري وتعامل
إيجابي لعلي «عليه السلام» مع السلطة الغاصبة لحقه، فإنما جاء على سبيل
العض على الجراح لمصلحة أهم وأغلى، وقد صرح أمير المؤمنين «عليه
السلام» بذلك فقال في خطبته المعروفة «بالشقشقية»:
«فصبرت وفي العين قذى، وفي الحلق شجا، أرى تراثي نهبا».
3 ـ
إن عمر قد ذكر أن سبب عدم قبول العرب بولاية بني هاشم هو أنهم يكرهون
ولايتهم لهم، مع أنه كان قد صرح في عدة موارد بأن الذي منع قومهم منهم
أنهم استصغروا سن علي «عليه السلام».
وفي مواضع أخرى يقول:
إنهم كرهوا أن تجتمع النبوة، والخلافة في بني هاشم، فيكون بجحاً بجحاً.
والبجح هو الفرح.
بل لقد ظهر هذا الإختلاف في الرواية الواحدة، وهي
الرواية الثانية، حيث قرر عمر أولاً: أن المانع هو كراهة ولايتهم لهم.
ثم أضرب عن ذلك بقوله:
اللهم غفراً، ليقول: إن الذي منعهم هو كراهة اجتماع النبوة والخلافة
إلخ..
4 ـ
قد حرص عمر أن يبرئ أبا بكر من أن يكون هو الذي منع من وصول علي أمير
المؤمنين «عليه السلام» للخلافة.. ولعل سبب ذلك أنه أراد أن يدفع عن
نفسه حيث كان هو المبادر لبيعة أبي بكر يوم السقيفة، وعن أبي بكر تهمة
التعدي والظلم لأهل البيت، ويجعل ذلك على عاتق جماعات باسرها، حيث تضيع
الحقيقة في زحمة الناس.. تماماً كما أرادت قريش قتل النبي «صلى الله
عليه وآله» ليلة الهجرة بنحو يضيع دمه بين القبائل، فلا يقوى بنو هاشم
على حربها جميعاً. كما أنه أراد أن يجعل استبعاد علي «عليه السلام»
قراراً جماهيرياً، ليصوره إنساناً منبوذاً من الناس ومكروها.
ومن الواضح:
أنه لو توجه الطعن إلى خلافة أبي بكر، فإن ذلك سيطيح بشرعية خلافة عمر،
لأن خلافته رشحت من خلافة أبي بكر، لأنها بوصية منه.
5 ـ
من أين وكيف يستطيع عمر بن الخطاب أن يقنع الناس بأن الخلافة لو جعلت
لبني هاشم لم ينفعهم ذلك؟! فإن ذلك يأتي على خلاف ما قرره الله ورسوله،
وبلَّغه على أتم وجه، حتى لقد أخذ البيعة لعلي «عليه السلام» في يوم
الغدير من الناس جميعاً، بما فيهم أبو بكر وعمر إلى غير ذلك من مواقف
وسياسات له «صلى الله عليه وآله» كانت تهدف إلى تكريس هذا الأمر
وتأكيده. فلو أن أبا بكر وعمر، ومن تابعهما لم يقدما على ما أقدما
عليه، فإن الناس كانوا لا يشكون في أن الأمر صائر إلى علي «عليه
السلام»..
6 ـ
ما معنى قول عمر: «ولو جعلها لكم ما نفعكم إلخ..» فإن الضمير بقوله:
«جعلها» يعود إلى أبي بكر، فيكون قد نسب إعطاء الخلافة وجعلها إلى أبي
بكر، مع أن فاقد الشيء لا يعطيه. فليس لأبي بكر أن يعطي ولا لأحد من
الناس ما ليس له..
وقد ذكرنا:
أن الله سبحانه قد جعل هذا الأمر لعلي «عليه السلام»، فلماذا انتزعه
منه أبو بكر..
وأما الحديث الثالث الذي سأل فيه عمر بن الخطاب عن سبب
موجدة علي «عليه السلام»، فنلاحظ فيه ما يلي:
1 ـ
إن ظهور موجدة علي «عليه السلام» واستمرارها، حتى ليقول عمر: «فلم أزل
أراه واجداً»، يدل على أنه «عليه السلام» كان يجمع بين أمرين:
أحدهما:
أن يكون له «عليه السلام» حضور وتأثير في محيط الهيئة
الحاكمة، ليتسنى له إحقاق الحق، وإبطال الباطل، وإقامة الشريعة، وعدم
السماح بتعطيل الحدود والأحكام كما أظهرته الوقائع.. في مختلف
الموارد..
الثاني:
أن يحفظ لمظلوميته حيويتها، ولقضية الإمامة حضورها في وجدان الأمة،
لتتمكن من نقلها إلى الأجيال التالية التي لها الحق في معرفتها كما كان
للجيل الأول الحق في ذلك أيضاً.
2 ـ
إن سؤال عمر عن سبب موجدة علي «عليه السلام»، هو سؤال العارف الساعي
لاستدراج الطرف الآخر ليقول ما عنده، ولذلك قال ابن عباس: مستخدماً
المزيد من المؤكدات: «إنك لتعلم».
فلما جهر عمر بالأمر وافقه عليه ابن عباس.
3 ـ
لكن ما يدعو للدهشة هنا هو لغة أو فقل: نبرة الإستهتار العمري بقرار
رسول الله «صلى الله عليه وآله»، زاعماً أن إرادة رسول الله «صلى الله
عليه وآله» قد تخالف إرادة الله تعالى. مما يعني أنه «صلى الله عليه
وآله» نصب علياً «عليه السلام» من عند نفسه..
مع أن الله تعالى يقول:
{وَمَا
يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى،
إِنْ هُوَ إِلاَ وَحْيٌ يُوحَى}..
ومع أن ثمة آيات قرآنية تدل على أن إرادة الله تعالى هي إرادة رسوله
«صلى الله عليه وآله»، مثل آية:
{يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}([9]).
وآية
{إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}([10])
وغير ذلك من آيات.
4 ـ
ما ذكره عمر من أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أراد إسلام عمه أبي
طالب، ولم يرد الله له أن يسلم، غير صحيح.
أولاً:
لأن عم النبي «صلى الله عليه وآله» كان مسلماً بلا ريب كما أثبتناه في
كتابنا ظلامة أبي طالب.
ثانياً:
إن الله سبحانه يحب للبشر جميعاً أن يؤمنوا به، وأن يطيعوا أمره.
ثالثاً:
نحن لا نؤمن بالجبر الإلهي في قضايا الإيمان، وفي الأفعال الإختيارية،
وقد قال تعالى:
{فَمَن
شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}([11])،
فما معنى قوله: لم يرد الله له أن يسلم..
وقد بحثنا هذا الموضوع في كتب لنا أخرى.
5 ـ
إن عمر قد صد رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن كتابة اسم علي «عليه
السلام» في مرضه، حين قال عن النبي «صلى الله عليه وآله»: إنه ليهجر،
أو غلبه الوجع.. مدعياً أن ذلك كان منه خوفاً من الفتنة، فهل هو أعرف
من النبي «صلى الله عليه وآله» الذي لا ينطق عن الهوى. وهل يكون التخلص
من الفتنة المتوهمة بصده عن فعل ما عزم على فعله، وباتهامه بالهجر
والجنون، وإهانته، وإلحاق الأذى به؟!
6 ـ
إنه اعتبر ما فعله مع رسول الله من اتهامه بأنه يهجر، ومنعه من كتابة
كتاب لن يضل الناس بعده ـ اعتبره ـ من مفردات الجبر الإلهي أيضاً. ولا
شك في بطلان هذا الإدعاء، ويعلم ذلك مما سبق وسواه.
وقد تكلمنا عن بعض ما له مساس بهذا الأمر في جزء سابق
من هذا الكتاب..
1 ـ
في الرواية الرابعة ذكر ابن عباس: أن قريشاً لو اختارت ما كان الله
اختاره لها لكان الصواب بيدها غير مردود ولا محسود..
وهذا يدل على وجود النص على الخلافة الذي لا يمكن دفعه
ولا المراء فيه عن الله تعالى: ولو أمكن لعمر إثارة أية شبهة فيه لبادر
إلى إثارتها، لإنقاذ موقفه على الأقل..
2 ـ
إن عمر قد صوّب قريشاً فيما اختارته.. مع كون ما اختارته جاء مخالفاً
لما اختاره الله تعالى لها وللبشر كلهم، وهذا ما لم يكن متوقعاً منه.
وكان عليه أن يراعي مشاعر الناس في ذلك، فلا يعلن ما يتضمن تخطئة لله
سبحانه ورسوله، أو على الأقل ما ظاهره ذلك..
3 ـ
إن قول ابن عباس إن كراهة قريش جمع النبوة والخلافة لبني هاشم يدخل في
دائرة كراهة ما أنزل الله.. قد تضمن التقدم خطوة أخرى نحو تأكيد النص،
بالتصريح بأن جمع الخلافة والنبوة لبني هاشم هو مما أنزله الله تبارك
وتعالى، وليس لأحد أن يكره ما أنزل الله سبحانه..
ولعله يشير بذلك إلى آيات الولاية:
{إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}([12]).
وقوله تعالى:
{يَا
أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ
مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}([13]).
فلما بلغهم ولاية علي «عليه السلام» في يوم الغدير نزل
قوله تعالى:
{الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً}([14]).
4 ـ
قول ابن عباس: «لكان غير مردود ولا محسود» يشير:
أولاً:
إلى أن قريشاً قد ردت ما اختاره الله ورسوله لها..
ويشير ثانياً:
إلى أن الداعي لها إلى ذلك هو الحسد. وليس إيثار رضا الله تبارك
وتعالى، ولا التفكير أو الإهتمام بمصلحة الأمة والدين..
5 ـ
لم يكن من المستحب ولا المرضي أن يعرِّض عمر لإبن عباس بأن موقفه هذا
وسائر مواقفه في هذا الإتجاه قد أثرت على منزلته عنده، بل كان ينبغي أن
يظهر له أن ذلك قد زاده إحتراماً وإكباراً، من حيث دلالته على أن ابن
عباس متقيد بالعمل بما يريده الله تعالى ويرضاه. ويدعو الناس إلى
العودة إلى ما اختاره الله تعالى لهم.
6 ـ
إن ابن عباس لم ينكر ما نسبه إليه عمر، من أنه كان يقول: إنما صرفوا
الخلافة عن بني هاشم حسداً وبغياً وظلماً، بل هو قد أيد ذلك، وقرره مرة
بعد أخرى، مع إعلانه مرة ثانية بأنه ليس بوسع أحد إنكار الظلم الذي حاق
ببني هاشم في أمر الخلافة، فقد تبين ذلك للجاهل والحليم.
وأما الحسد، فهو وإن كان قد أشار
إلى حصوله بقوله:
«غير مردود ولا محسود»، ولكنه أحال الأمر فيه على إبليس «لعنه الله»،
حيث حسد آدم «عليه السلام».
فهو لم يواجه الخليفة بتهمة الحسد، ولا اتهم قريشاً
مباشرة بذلك، ولكنه لم يتنازل عن تهمة الحسد من أساسها، بل بقي مصراً
عليها حين قال: بل نحن أبناؤه المحسودون، فأبقاها غير واضحة المعالم،
حيث لم يبين أنهم محسودون من قِبَلِ حسد إبليس لأبيهم آدم؟! أم أنهم
محسودون من قِبَلِ قريش لهم؟! وهذا من لطائف التورية..
ومما يذكر هنا على سبيل الإستظراف ما يقال من أن خياطاً
أعور قال لأحد الشعراء: لأخيطن لك ثوباً لا يدرى، هل هو قباء، أم شيء
آخر..
فقال الشاعر:
لئن فعلت ذلك لأقولن فيك شعراً لا يدرى، أمديح هو أم هجاء..
فلما خاطه له الخياط حسبما وصف، قال ذلك الشاعر فيه:
خــاط لــي عـمـرو
قـــبـــــاء لــيـــت عـيــنــيـــــه ســـواء
لــيـت شـعـري مـن سيـــدري أمـــديـــــــح أم هــــجـــاء؟
7 ـ
إن عمر بن الخطاب لم يسكت عن ذلك، بل رد التهمة بمثلها، ولكن لا لإبن
عباس وحسب، وإنما لبني هاشم كلهم، فوصف قلوب جميعهم بالحسد، والغش،
والضغن الدائم.
فأبطل ابن عباس دعواه بصورة رصينة ومبرهنة لم يجد معها
عمر بن الخطاب بداً من البخوع والتسليم، حيث بين له أن تهمته هذه
استهدفت بالدرجة الأولى علياً «عليه السلام». وهي تهمة قد أبطلها
القرآن الكريم، لأن آية التطهير تدل على أن النبي «صلى الله عليه وآله»
وعلياً وفاطمة والحسنين «عليهم السلام» لا يمكن أن يتطرق الحسد
والضغينة، ولا الغش إلى قلوبهم، لأنه من الرجس الذي نفته الآية
المباركة..
ثم أحرجه أيما إحراج حين لفت نظره إلى أن كلامه هذا
يشمل رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فإنه سيد بني هاشم وفخرهم، ولا
يمكن أن يوصف بمثل هذه الأوصاف.
تضمنت الرواية الثانية ما يلي:
ألف:
الدلالة على أن اجتهاد علي «عليه السلام» في العبادة كان ظاهراً
للعيان، وأن آثاره قد ظهرت فيه «عليه السلام» ذبولاً ونحولاً..
ب:
إن هذا الظهور قد ضايق عمر بن الخطاب، ورأى فيه خطراً وضرراً، فأراد أن
يفرغه من محتواه، ولو بما يتضمن الطعن في طهر علي «عليه السلام»، وفي
إخلاصه وخلوصه..
2 ـ
إن هذا الإتهام الذي وجهه إلى سيد الوصيين، منفي عنه «عليه السلام»
بآية التطهير أيضاً، فإن الرياء من مفردات الرجس الذي طهرهم الله تعالى
عنه..
3 ـ
إن هذه التهمة تحتاج إلى الإطلاع على ما في القلوب والنفوس من قبل من
يطلقها، فكيف عرف عمر أن علياً «عليه السلام» أو أياً كان من الناس
يفعل ما يفعله رياء؟!.
4 ـ
لا نظن عمر بن الخطاب كان جاهلاً بطهارة أمير المؤمين عما نسبه إليه،
بل هو يعلم أنه بريء من تهمته هذه براءة الذئب من دم يوسف، ولكن الهدف
من إطلاق هذه الشائعات هو كسر هيبته «عليه السلام»، بإثارة أجواء
الشبهة من حوله صلوات الله وسلامه عليه. وتهيئة الأجواء لإقصائه من
جديد عن مقام الخلافة بهدوء، وبأقل قدر ممكن من المتاعب. ولكن بأكبر
قدر ممكن من الأضرار بسمعته «عليه السلام»..
ويدلنا على ذلك:
تصريحه لابن عباس بأنه «عليه السلام» إنما يريد بهذا الرياء ـ والعياذ
بالله ـ ترشيح نفسه للخلافة..
أو أنه أراد أن يحط من مقام أمير المؤمنين «عليه
السلام» من جهة، ويرفع من شأن من يريد أن يجعلهم منافسين له «عليه
السلام»، من جهة أخرى، لتصبح الشورى مقبولة بنظر الناس، حيث يتساوى من
يسميهم لها بنظرهم.. ثم إذا جاءت النتائج بعد ذلك وفق ما خطط ودبر، فلن
تتسبب لهم بصدمة، ولن تواجه باعتراضات خطرة، أو حتى مزعجة.
5 ـ
إن اعتماد عمر هذه الأساليب لمواجهة علي «عليه السلام» في أمر الخلافة
يهدف إلى الإيحاء بأنه «عليه السلام» ليس أهلا لهذا المقام في نفسه،
كما لم يكن أهلاً له فيما سبق، ويريد أن يضيف إلى ذلك التشكيك بتقوى
وبورع علي «عليه السلام»، الذي هو من شروط الخليفة والإمام.
6 ـ
إن جواب ابن عباس قد عرَّف الخليفة بأن الناس لم ينسوا بعد أن رسول
الله «صلى الله عليه وآله» هو الذي رشح علياً للخلافة. وكان عمر أحد
الساعين في صرفها عنه، وذلك يعني: أن رسول لله «صلى الله عليه وآله»
كان يرى علياً أهلاً لمقام الخلافة، وبذلك تسقط تشكيكات عمر فيه «عليه
السلام»..
7 ـ
إن عمر عاد ليدعي: أن ترشيح النبي «صلى الله عليه وآله» علياً «عليه
السلام» للخلافة، إنما هو لأن علياً حينئذٍ صغير السن، فلم تظهر للنبي
فيه أية موانع لنيل هذا المقام....
ثم ادعى بصورة صريحة أو مبطنة أموراً لا يمكن إقراره
عليها، وهي التالية:
ألف:
إن العرب هم الذين أبعدوا علياً «عليه السلام» عن المقام الذي رشحه له
النبي «صلى الله عليه وآله».
ب:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أخطأ في اختياره وترشيحه لعلي الذي
لم يكن قد بلغ الأربعين، في حين أن الله تعالى لم يبعث نبياً قبل
الأربعين.
وكلا هذين الأمرين مردود على عمر جملة وتفصيلاً..
فأولاً:
إن الذين أبعدوا علياً «عليه السلام» ليسوا هم العرب، بل كان الناس حين
وفاة رسول الله «صلى الله عليه وآله» لا يشكون أن الأمر سيكون له «عليه
السلام» كما ذكرناه أكثر من مرة.. والذين دبروا لإبعاده وابعدوه بالفعل
متوسلين بالقوة والقهر، هم عمر نفسه وأبو بكر، وأبو عبيدة، ومعهم:
معاذ، واسيد بن حضير، وبشير بن سعد،، وابن عوف، وخالد بن الوليد، ومحمد
بن مسلمة، وأضرابهم، حيث استطاعوا أن يهيمنوا على الناس، وأن يبتزوا
هذا الأمر من صاحبه الشرعي بالقهر والغلبة بعد أن استعانوا ببني أسلم،
وغيرهم ممن كانوا حول المدينة، وأشار إليهم القرآن..
ثانياً:
إن الله تعالى قد جعل عيسى نبياً وهو في المهد، فقد قال سبحانه:
{فَأَشَارَتْ
إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً،
قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً}([15]).
وقال تعالى عن يحيى:
{وَآتَيْنَاهُ
الحُكْمَ صَبِيّاً}([16]).
7 ـ
إن ابن عباس قد جهر بالحقيقة، وهي أن العرب على قسمين:
أحدهما:
أولئك الذين لا لون لهم ولا طعم ولا رائحة، وهم العوام الذين ينعقون مع
كل ناعق، ويسيرون في ركاب كل قبيل.. فهؤلاء ليس لهم رأي..
أو لا يعتدُّ
برأيهم.
الثاني:
أهل النهى والحجى، وهم العقلاء.. وهؤلاء يعرفون كمال علي «عليه
السلام»، وفضله وعلمه وزهده وتقواه، وأنه أهل لهذا الأمر، ويعرفون
فضائله وكمالاته منذ رفع الله منار الإسلام.. وإن كان بعض هؤلاء يميل
إلى الدنيا، ويسعى لإبعاده عن هذا الأمر، ولكن على قاعدة:
{وَجَحَدُوا
بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ}([17])..
فالعقلاء يرون علياً «عليه السلام» محروماً ـ على حد
قول ابن عباس ـ أي أن صناع السياسة والطامعين في الدنيا هم الذين
حرموه.
ومجدوداً:
أي لا حظ له، فإن الجَدَّ هو الحظ.
8 ـ
ويبقى أن نشير إلى بطلان ما تنبأ به عمر بن الخطاب من أنه «عليه
السلام» حين يلي الخلافة سوف تزل فيها قدمه، فإن علياً «عليه السلام»
كان مصاناً من زلة القدم، لأنه مطهر من أي رجس، ولم يكن ينقصه علم، ولا
تقوى، ولا معرفة، ولا بصيرة بزمانه وأهله، ولا كان عاجزاً عن التدبير
الصحيح، فلماذا تزل قدمه؟! ومتى؟! وكيف؟!
ولكنه سيواجه بمكائد قريش، وفنونها في المكر والفجور
كما أشار إليه عمر نفسه حين قال: إنه «عليه السلام» ليأخذنهم بمر الحق،
لا يجدون عنده رخصة، ولئن فعل لينكثن بيعته ثم ليتحاربن.. فلذلك تبرع
عمر بالعمل على صرف الأمر عنه «عليه السلام» خدمة لقريش، حتى لا يأخذها
بمر الحق.. وتنكث بيعته!! ما عشت اراك الدهر عجباً..
وقد ذكرت النصوص:
أن عمر بن الخطاب أشار إلى أن علياً «عليه السلام» هو الذي يحمل الناس
على الحق، ويسلك بهم الصراط المستقيم وإن كرهوا..
وهذا الكلام وإن كان بظاهره مدحاً
وثناء، ولكن بعض العلماء قال:
«..وظني أن عمر إنما وصف علياً بأنه يسلك بهم الطريق
المستقيم تحذيراً لهم، وتنبيهاً على لزوم معارضته، لأنه يحول بينهم
وبين مقاصدهم وشهواتهم. وهم عبيد الدنيا.
ولذا قال عمر في بعض الأخبار
السابقة:
«لو استخلفتموه لأقامكم على الحق، ولو كرهتم»([18]).
وقد جرى ذلك لهم بالفعل حين أعلن علي «عليه السلام» أنه
سيسترجع الأموال التي حازها الأمويون من بيت مال المسلمين قائلاً:
«والله لو وجدته قد تزوج به النساء، وملك به الإماء، لرددته»([19]).
وهذا بعض ما كانوا يخشونه منه «عليه السلام».
([1])
راجع: نهج البلاغة (بشرح عبده) ج1 ص30.
([2])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص45 وج12 ص46 وعن الرياض النضرة =
= ج2 ص173 وكتاب الأربعين للشيرازي ص226 وحلية الأبرار ج2 ص317
وبحار الأنوار ج40 ص125 عن الموفقيات، ومناقب أهل البيت «عليهم
السلام» للشيرواني ص450 والمراجعات ص396 والسقيفة وفدك للجوهري
ص72 والدرجات الرفيعة ص105 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص122
وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص349 وكشف الغمة للإربلي ج2 ص46 وكشف
اليقين ص175 و 470 والتحفة العسجدية ص145 وغاية المرام ج6 ص122
وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج22 ص426 وج31 ص37.
([3])
تاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص288 وراجع: مواقف
الشيعة ج1 ص220 وج2 ص363 والإيضاح لابن شاذان ص166 ـ 169.
([4])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص78 و 79 وبحار الأنوار ج29 ص639
= = وج30 ص555 وغاية المرام ج6 ص93 ومكاتيب الرسول ج3 ص706.
([5])
الآية 9 من سورة محمد.
([6])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص223 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص289
والكامل في التاريخ ج3 ص63 و 64 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3
ص107 والمراجعات ص394 والسقيفة وفدك للجوهري ص131.
([7])
الهياط: الإقبال، والمياط: الإدبار، كما عن اللحياني، وقال
غيره: الهياط: اجتماع الناس للصلح، والمياط: تفرقهم عن ذلك.
راجع: لسان العرب.
([8])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص80 وبحار الأنوار ج29 ص637 وج31
ص69 والتحفة العسجدية ص147 وسفينة النجاة للتنكابني ص237
ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص448 ومواقف الشيعة
ج1 ص154.
([9])
الآية 67 من سورة المائدة.
([10])
الآية 55 من سورة المائدة.
([11])
الآية 29 من سورة الكهف.
([12])
الآية 55 من سورة المائدة.
([13])
الآية 67 من سورة المائدة.
([14])
الآية 3 من سورة المائدة.
([15])
الآيتان 29 و 30 من سورة مريم.
([16])
الآية 12 من سورة مريم.
([17])
الآية 14 من سورة النمل.
([18])
دلائل الصدق ج3 ق1 ص120 وراجع: كنز العمال ج5 ص735 و 736
وأنساب الأشراف ص214.
([19])
نهج البلاغة (بشرح عبده) ج1 ص46 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص377
ودعائم الإسلام ج1 ص396 ومستدرك الوسائل ج13 ص66 وشرح الأخبار
ج1 ص373 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج2 ص14 و 275
وبحار الأنوار ج32 ص16 وج41 ص116 وج97 ص59 وجامع أحاديث الشيعة
ج17 ص155 والغدير ج8 ص287 وج9 ص315 و 357 وشرح نهج البلاغة
للمعتزلي ج1 ص269 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج32 ص198.
|