حان الآن موعد الوقفة الحاسمة التي نتوخى منها لفت
النظر إلى أمور ذكرت في نصوص الشورى التي وردت في الفصل الأول من هذا
الباب. وربما لم يكن عمر وكثير آخرون يرغبون في تنبه أحد إليها.. ولكن
ليس كل ما يتمنى المرء يدركه، فان وضوح هذه الأمور وبداهتها قد حال دون
تحقيق رغبة الخليفة هذه..
وغاية ما يمكننا أن نفعله هنا هو الإختصار الشديد،
والإقتصار الأكيد على لفتات محدودة تستطيع أن تكون مصداقاً للمثل
الشعبي الذي يقول: نريد أن لا يموت الذئب، ولا يفنى الغنم..
ونعرض وقفاتنا هذه كما يلي:
إننا لم نستطع أن نعرف المعيار، ولا عرفنا لمن القرار
في الشورى.. هل القرار في الشورى بيد الستة، بحيث لا يصبح الخليفة
خليفة إلا بموافقتهم؟!.
أم القرار إلى أربعة منهم.. والإثنان الآخران لا رأي
لهم.. بل يجب قتلهم؟!
أم القرار إلى رجل واحد فقط، وهو عبد الرحمان بن عوف؟!
فمن نصبه عبد الرحمان كان هو الخليفة؟!
أم القرار بيد الثلاثة الذين فيهم ابن عوف؟!
أم هو لاثنين فقط، وهما:
علي وعثمان، حيث قال: «إن اجتمع علي وعثمان، فالقول ما قالاه»([1]).
وهل يمكن أن يتفق علي وعثمان على رأي واحد؟!
أم القرار لابن عمر، حيث أرجع الأمر إليه إن اختلفوا،
فمن خالفه قتل؟! مع أن ابن عمر لم يكن من أهل الشورى!!
قلنا أكثر من مرة:
إن المستهدف بالشورى العمرية هو: إقصاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
«عليه السلام».. وكان هذا هو المطلوب حصوله بأي ثمن، فإن لم يمكن
إبعاده سياسياً، فالمطلوب اغتياله جسدياً..
فإن لم يمكن لا هذا ولا ذاك، فلا بد من اغتياله
معنوياً.
وهذا الفهم لما جرى لا يختص بنا، وليس هو من الأمور
التي يصعب فهمها، ولا هو من الخفاء بحيث يحتاج إلى تحقيق وتدقيق، ورصد،
ولا هو بحاجة إلى استخراج معادلات صعبة ومعقدة، بل هو يكاد يلحق
بالبديهيات لدى أي باحث أو قارئ منصف.
ويكفي أن نشير هنا إلى ما ذكره الدكتور علي شلق، الذي
قال:
«لكن عمر ـ وهو الذكي الألمعي الرأي ـ خشي من هذا
المركب الصعب، وجهد جهداً ليبعدها عن علي، لينجو من تولية النخبة
القرشية، فأوكل إلى الستة أن يختاروا، وهؤلاء الستة مخيرون لاختيار أي
واحد منهم سوى علي بن أبي طالب، على الرغم من أنه كان أجدرهم»([2]).
ونستطيع أن نجمل من دلائل ذلك ما يلي:
1 ـ
إن الشورى ليست لستة أشخاص، بل هي لرجل واحد، هو عبد
الرحمان بن عوف، فإن عمر قد فوضه نصب خليفة للمسلمين.. بعد أن ضمن أن
الذين عينهم للشورى سوف ينقسمون إلى قسمين: أحدهما علي والزبير في
جانب، وقد ينضم طلحة إليهما. وابن عوف، وسعد وعثمان في جانب آخر.
وبذلك يكون قد ضمن:
أن لا يصل علي «عليه السلام» إلى الخلافة فإذا أصر على المعارضة،
فسيكون قد غرر بنفسه، وعرضها للقتل..
2 ـ
إن عمر بين لنا أنه يسوق الأمور باتجاه شخص بعينه في
وقت مبكر، يدلنا على ذلك:
ألف:
روي: أن سعيد بن العاص جاءه مرة في حاجة، فقال له عمر: «حسبك، واختبئ
عندك أن سيلي الأمر بعدي من يصل رحمك، ويقضي حاجتك.
قال
سعيد:
فمكثت خلافة عمر بن الخطاب، حتى استخلف عثمان وأخذها، فوصلني، وقضى
حاجتي، وأشركني في أمانته([3]).
وقد ذكرنا ذلك فيما تقدم.
ب:
تقدم أيضاً
قول عمر لأبي ظبيان الأزدي:
ما مالك يا أبا الظبيان؟!
قال:
قلت: أنا في ألفين..
قال:
فاتخذ سائماً، فإنه يوشك أن يجئ أغيلمة من قريش يمنعون هذا العطاء»([4]).
ج:
إن علياً «عليه السلام» حين عرض عليه عبد الرحمان الخلافة شرط عليه أن
يعمل بكتاب الله تعالى، وسنة نبيه «صلى الله عليه وآله» وسيرة أبي بكر
وعمر، فرفض «عليه السلام» إلا العمل بكتاب الله وسنة نبيه، وقبل عثمان
منه ذلك.
فكرر ابن عوف ذلك على علي «عليه السلام» ثلاث مرات، وهو
مصر على موقفه، حتى قال له علي «عليه السلام»: «أنت مجتهد أن تزوي هذا
الأمر عني»([5]).
وقال له حين عقد الأمر لعثمان:
ليس هذا أول يوم تظاهرتهم فيه علينا..
د:
إن عمر أمر بقتل من يخالف عبد الرحمان بن عوف، وكان على يقين من أن
الوحيد الذي يمكن أن يقف موقف المخالف هو أمير المؤمنين علي «عليه
السلام»..
وهذا يعني:
أنه أراد قتل علي «عليه السلام»، وأراد أن يتوجه اللوم إلى المقتول،
فيقال: إنه هو الذي جنى على نفسه، حيث رفض الإنضمام إلى فريق عبد
الرحمان بن عوف، أو رفض الإنصياع لقراره.
هـ:
إن تصريحات عمر المتكررة حول عدم قبول قريش والعرب بولاية علي «عليه
السلام»، بحجة أن النبوة والخلافة لا تجتمعان في بيت واحد. أو بغير ذلك
من تعللات سبقت الإشارة إليها يدلنا على أنه كان يسوق الأمر باتجاه غير
علي «عليه السلام»، إذ لم يكن ليكرر هذا الأمر على مسامع هذا وذاك، ثم
يبادر إلى العمل بما يثير قريشاً والعرب!
وقد ادعى عمر بن الخطاب أنه كان قد عزم على أن يولي أمر
الناس رجلاً هو أحرى أن يحملهم على الحق، وأشار إلى علي، لكن الذي منعه
هو رؤيا رآها، رأى رجلاً دخل جنة قد غرسها، فجعل يقطف كل غضة ويانعة،
فيضمه ويصيِّره تحته.
ونقول:
أولاً:
إن الرؤيا لا حجية فيها على أحد، إلا إن كانت رؤيا نبي أو وصي نبي..
وعمر لا يدعي لنفسه لا هذا ولا ذاك.
ثانياً:
ما هو ربط هذه الرؤيا بموضوع العهد بالخلافة لعلي «عليه السلام» أو
لغيره؟! وكيف صارت هذه الرؤيا سبباً في المنع من العهد إليه «عليه
السلام»؟!.
ثالثاً:
هل أراد عمر أن يربط اقصاء علي «عليه السلام» بالجبر الإلهي، حين قال:
فعلمت أن الله بالغ أمره، ومتوفٍّ عمر؟! وأية دلالة في هذه الرؤيا على
وفاة عمر؟! ولو سلم أنه علم أن الله متوفيه، فماذا يضره لو استخلف؟!..
بل ذلك أدعى للاستخلاف..
رابعاً:
قد صرح عمر لابن عباس: أن سبب عدم إرجاعه الحق إلى علي «عليه السلام»
هو أنه لا يريد أن يتحملها حياً وميتاً.
وهو يقول هنا:
إن الرؤيا هي التي منعته من ذلك!! فلاحظ وتأمل..
هذا.. ويذكر العلامة الحلي «رحمه
الله»:
أن عمر قال
لأهل الشورى:
إن اجتمع علي وعثمان، فالقول ما قالاه([6]).
ونقول:
إن هذا الكلام لا هدف له سوى ذرّ الرماد في العيون،
والتعمية على البسطاء من الناس، وإلا، فإن عمر كان يعلم بأن علياً
«عليه السلام» وعثمان لا يجتمعان.
ويعلم أيضاً:
أن عبد الرحمان لا يعدل بالأمر عن عثمان، أما سعد، فهو تابع لعبد
الرحمان..
وقد صرح أمير المؤمنين «عليه السلام» بذلك، كما ذكرناه
آنفاً.
ملاحظة أخيرة:
وآخر ما نشير إليه هنا: هو اختيار عدد الزوج لا الفرد
في الشورى، لأن عدد الفرد يمنع من تساوي الآراء.. فلا يبقى مجال لفرض
عبد الرحمن بن عوف رأيه..
كما أنه لا يمكن الأمر بقتل الثلاثة الذين ليس فيهم عبد
الرحمن بن عوف، وسيكون علي «عليه السلام» فيهم على سبيل الجزم واليقين.
قد تقدم في الفصل ما قبل السابق: أن
عمر بن الخطاب قال:
إنه أخرج سعيد بن زيد من الشورى لقرابته منه، مع أنه ـ على حد قوله
وزعمه ـ في جملة الذين شهد النبي «صلى الله عليه وآله» لهم بالجنة.
ونقول:
إن علينا أن نأخذ بنظر الإعتبار ما يلي:
ألف:
قلنا فيما سبق: أنه «صلى الله عليه وآله» لو قال: من فعل كذا فله
الجنة، فذلك لا يعني إلا أنه يستحق الجنة، إذا حصل سائر الشروط التي
تؤهله لها، ولم ينكص على عقبيه، ومن هذه الشروط الوفاء ببيعته،
والإلتزام بعهده مع الله..
ب:
ان نسبة هذا الأمر إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله».. إذا كان لا
واقع له، يهدف إلى خلط الأمور وإضاعة الحق، وتضليل الناس عنه، وضمان
استمرار هذا التضليل جيلاً بعد جيل. فكيف إذا لزم منه نسبة المتناقضات
إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، والإيحاء للناس بأنه «صلى الله
عليه وآله» يرضى ويغضب على أهل الجنة بلا موجب مقبول أو معقول..
ج:
ظهر من هذا النص أن عمر يعتمد على حديث العشرة المبشرة، الذي تفرد به
واحد أو إثنان جعلا لأنفسهما نصيباً فيه، حيث حجزا به لهما مكاناً في
الجنة.. وقد تقدم بعض ما في هذا الحديث من هنات، فراجع..
د:
إن كان سعيد بن زيد أهلاً لمقام الخلافة، ويسير في الناس بما يرضي الله
سبحانه، فلماذا تمنع هذه القرابة من عمر من توليه؟! فإن المعيار في هذا
الأمر إن كان هو القرشية، فهى متوفرة فيه، وإن كان المعيار هو قبول
الشارع ورده، وورود النص وعدمه، كما قرره الله تعالى ورسوله، وكان النص
قد عين هذا الرجل أو ذاك، فلابد من الإنتهاء إليه والإلتزام به.
سواء أكان من أقارب عمر ومن غيرهم..
وإن كان المعيار هو تعيين أهل الحل والعقد لمن تكون فيه
الأهلية، وتجتمع فيه الشرائط، فليس من الشرائط أن لا يكون قريباً لعمر
أيضاً.
هـ:
هل يريد عمر من تكريسه، مبدأ استبعاد الأقارب أن يضع علامة استفهام على
نصب النبي «صلى الله عليه وآله» علياً «عليه السلام» من قبل رسول الله
«صلى الله عليه وآله» بأمر من الله تعالى، لكي تستحكم الشبهة لدى
الأجيال الآتية حول صحة هذا الأمر.. أو المراد تخطئة الرسول في هذا
الأمر، واعتباره أمراً صدر عن اجتهاد لا عن وحي، وقد أخطأ النبي «صلى
الله عليه وآله» في هذا الإجتهاد؟! ولعل هذا هو ما يوحي به قول عمر:
أراد محمد أمراً وأراد الله خلافه، أو كلما أراد محمد كان؟!
و:
إذا كانت القرابة من عمر مانعة من تولية سعيد بن زيد، فينبغي أن تمنع
من تولية أبي بكر وعمر قبل ذلك، فقد استدلا على الأنصار بقرابتهما من
رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وبقولهما نحن أولياؤه وعشيرته، وأن
الأئمة من قريش، فأسقطا بذلك دعوى الأنصار..
وأظهرت رواية الطبري المتقدمة في
فصل ما قبل السابق:
أنه قد كان ثمة اتفاق سري بين عمر بن الخطاب وعبد الرحمان بن عوف.. حيث
إن عمر أجرى إمتحاناً لعبد الرحمان بن عوف، حين قال له: إني أريد أن
أعهد إليك..
وكان ابن عوف يعلم:
أن من السفه أن يفكر في هذا الأمر.. مع وجود علي في بني هاشم، ومع وجود
أطماع الأمويين الظاهرة..
ولا نبعد إذا قلنا:
إنه لم يغب عنه قول أبي بكر لعثمان حين كتب عثمان إسم عمر، في حال
إغماء أبي بكر: لو كتبت نفسك لكنت لها أهلا..
وسمع أن عمر كان يقول:
إن الأمر يدور بين علي وعثمان، وقريش لا ترضى بعلي، أو ليس إلى تولية
علي سبيل.. أو أن النبوة والخلافة لا تجتمعان في بيت واحد.. أو نحو
ذلك.
إلى غير ذلك من الدلائل والشواهد التي لا تخفى على مثل
عبد الرحمان بن عوف..
ولذلك نقول:
إن ابن عوف قد فهم أن عمر يريد امتحانه بقوله له: أريد أن أعهد إليك.
فبادر إلى سؤاله:
إن كان يشير عليه بذلك، فجاءه الجواب بالنفي، فتأكد له مغزى هذا العرض
العمري.. فأعلن رفضه له..
فطلب منه عمر أن يكتم ذلك، ثم أدخله في الشورى، وجعل
الأمر بيد ولده عبد الله بن عمر، فإن لم يقبل منه، فالأمر إلى عبد
الرحمان، ووصف عبد الرحمان بأنه مسدد رشيد، له من الله حافظ، فاسمعوا
منه.
فدخل عبد الرحمان في الشورى، ودبر الأمر لعثمان، كما
تذكره الروايات، ولم يحتج إلى حشر ابن عمر في هذا الأمر.
ذكرت الروايات في الفصل ما قبل
السابق:
أن عمر قد استأذن من عائشة بأن يدفن مع النبي «صلى الله عليه وآله»
وأبي بكر، ونقول:
لا معنى لاستئذان عمر منها بذلك،
فقد قلنا:
إن النبي «صلى الله عليه وآله» دفن في بيت فاطمة، لا في بيت عائشة..
والظاهر هو:
أن عائشة قد استولت على المكان بعد استشهاد الزهراء، فأخرجت الزهراء
«عليها السلام» من ذلك المكان، بحجة أن أهل المدينة قد تأذوا ببكائها،
ثم جاءت عائشة بعد استشهاد الزهراء «عليها السلام»، فجاورت في تلك
البقعة، وأصبح كل قادم إلى زيارة قبر النبي «صلى الله عليه وآله» يحتاج
إلى إذنها بالدخول للسلام على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وفي أي
تصرف آخر..
ثم ادعوا:
أن المكان لعائشة، من حيث أنها زوجة النبي، وبنت أبي بكر المدفونين في
ذلك الموضع.. غافلين أو متغافلين عن الحديث الذي نسبه أبو بكر إلى
النبي «صلى الله عليه وآله»: «نحن معاشر الأنبياء لا نورث».
وقد ذكرت رواية ابن أعثم المتقدمة في الفصل ما قبل
السابق وصية عمر بقتل أهل الشورى بطريقة يفهم منها: أنه أوصى بقتل
المخالفين لمن يعقد أهل الشورى البيعة له.
وهو كلام غير صحيح، فإن إجماع
النصوص يدل على:
أن عمر قد أمر بقتل المخالف من أركان الشورى أنفسهم، وبقتل جميعهم
أخرى..
ولكن ذلك لما كان في غاية القبح لجأوا إلى تحريف النص..
وفي رواية الطبري المتقدمة في الفصل
ما قبل السابق:
أن عمر نشد علياً «عليه السلام»، وعثمان وسعد بن أبي وقاص إن ولوا
شيئاً من أمور المسلمين أن لا يحملوا بني هاشم، وبني أبي معيط، وبني
زهرة على رقاب الناس..
ولم يذكر الزبير ولا ابن عوف ولا طلحة..
فهل يقصد عمر تسوية علي «عليه السلام» بعثمان في ميله
مع عصبيته العشائرية، وأدخل سعداً معهما للتمويه، وأراد حفظ مقام ابن
عوف لأنه جعله حكماً، ولم يرد الطعن في طلحة والزبير ليستميلهما إلى
جانب ابن عوف، وليخوفهما من تولية علي «عليه السلام»؟!..
لعل الفطن الذكي يدري..
علي
..
وآل أبي طالب:
وذكرت رواية ابن أعثم المتقدمة في
الفصل ما قبل السابق:
أن عمر بن الخطاب قال لعلي: إن وليت هذا الأمر من بعدي، فلا تحملن آل
أبي لهب على رقاب الناس..
وهو كلام غير معقول ولا مقبول:
أولاً:
لأن من يقول عنه عمر: إنه لو ولي أمر المسلمين لحمل الناس على الحق ولو
كرهوا.. أو لحملهم على المحجة البيضاء، لا يمكن أن يحمل آل أبي لهب ولا
غيرهم على رقاب الناس، لأن هذا ليس هو المحجة البيضاء، ولا الطريق
المستقيم..
إلا إذا كان يورد ذلك على سبيل الوصية الإفتراضية،
ليساوي بينه وبين سائر أعضاء الشورى، الذين أوصاهم بنحو ذلك.
ثانياً:
لماذا اختار عمر آل أبي لهب؟! وأي رابط بين علي «عليه السلام» وبين
هؤلاء الناس؟! ولماذا لا يذكر من يحبهم علي «عليه السلام»، من خيار بني
هاشم، وغيرهم، من أمثال سلمان، وعمار والمقداد، والأشتر وسواهم؟!.
أم أن عمر أراد أن ينفر الناس من علي «عليه السلام»؟!
أو أن يثير الشكوك حول استقامته وصحة التزامه بالدين والحق والشرع؟!
مستفيداً لتحقيق غرضه هذا من ذكر ذم أبي لهب في سورة قرآنية كريمة.
أم
أن ثمة تصحيفاً، والصحيح:
هو بنو هاشم، أو آل أبي طالب، مثل أبناء جعفر، وعقيل، حيث كان النبي
«صلى الله عليه وآله» يصرح بحبه لهم..
ولا يهمنا حضور طلحة في الشورى أو عدم حضوره إلا في
حدود معرفة صحة قولهم بانقسام أركان الشورى إلى ثلاثة مقابل ثلاثة..
وأن طلحة، كما ذكرته بعض الروايات أخذ جانب عثمان، والزبير جانب علي،
وسعد بن أبي وقاص جانب عبد الرحمان بن عوف..
مع أن ثمة روايات تقول:
إن طلحة كان غائباً، ولم يحضر إلا بعد ثلاثة أيام.
ويمكن أن نقول:
إن عمر كان قد رتب الشورى قبل أن يطعنه أبو لؤلؤة..
وكان طلحة حاضراً، في الأيام الأولى، ولذلك تذكر الروايات التي حكت لنا
مطاعن عمر في الستة: أن طلحة قد تصدى لعمر بن الخطاب، وان عمر قال له:
أقول أم أسكت؟! وأنه خاطبه خطاب الحاضر في المجلس..
ويبدو أن طلحة قد غاب بعد ذلك، فلما طُعن عمر، وأراد
التأكيد على قراره الأول لم يكن طلحة حاضراً.. ولعل حضوره تأخر إلى ما
بعد انتهاء الشورى.
وتكفل سعد بن أبي وقاص بموافقة طلحة على ما يقرره عمر
قد يستفاد منه أن طلحة عهد إليه برأيه لعلمه بأنها لا تصل إليه..
كما أن من الجائز أن يكون طلحة قد قدم قبل انتهاء أهل
الشورى، وشارك في الساعات الأخيرة، التي حسم فيها الأمر..، فتبرع بعض
مناوئي علي «عليه السلام» بإظهار إنصاف طلحة، وأن يعززوا مكانة عثمان،
بإظهاره زهده في الخلافة، فطولوا غيبته إلى ما بعد الشورى، ثم اخترعوا
قصة قبول عثمان بالإستقالة نزولاً تحت رغبة طلحة، ومبادرة طلحة للبيعة
ثقة منه بعثمان، أو تسليماً لاختيار أهل الشورى..
وبذلك تتكدس الفضائل للرجلين، فإن الموقف دقيق، ويحتاج
إلى ذلك، وإلى اكثر منه، والله هو العالم..
وقد جعل عمر إمامة الصلاة في أيام الشورى لصهيب، الذي
كان عبداً رومياً..
ونقول:
فإذا كان أبو بكر قد صلح للخلافة، لأنه قد صلح لإمامة
الصلاة حسب زعمهم. بل ورد ذلك على لسان عمر نفسه، فلماذا لم يجعل عمر
صهيباً إماماً من بعده، ما دام أنه يراه أهلاً لإمامة المسلمين في
صلاتهم اليومية، كما أنه أوصى بأن يصلي عليه بعد موته صهيب نفسه.
فهل كان هو الأصلح لصلاة الجنازة، وللصلوات الخمس من
الستة، ومن سلمان، وأبي ذر، والمقداد، وابن مسعود، والعباس و.. و..
ولعلك تقول:
إن الإمامة في قريش، كما رووه عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»،
وصهيب فاقد لشرط الإمامة، لأنه عبد رومي..
فنجيب:
إن عمر بن الخطاب قد أسقط شرط القرشية حين قال: لو كان سالم مولى أبي
حذيفة حياً لوليته([7])،
وسالم لم يكن قرشياً ولا عربياً، بل كان أعجمياً من اصطخر، أو من كرمد([8]).
والذي لفت نظرنا هنا:
هذا الإهتمام العمري بصهيب، حتى جعله يصلي بالناس، وأوصى أن يصلي هو
عليه بعد موته، مع وجود عظماء الصحابة، وأوتاد الأرض، خصوصاً علي «عليه
السلام»، والحسنان وسلمان، وأبو ذر، وعمار، والمقداد، وكثير آخرون..
كما أنه يهتم بسالم مولى أبي حذيفة، حتى إنه لينقض كلام
رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وإجماع الأمة القائم على أن الإمامة
في قريش.. ويقدم سالماً على جميع الصحابة بما فيهم من ذكرناهم آنفاً،
ويقول: إنه لو كان حياً لما خالجه شك فيه، ثم هو يطعن ويشكك بصلاحية
أركان الشورى، ويتهمهم بما يسقط أهليتهم، ويجرئ الناس عليهم..
مع أن سياسته التي لا تزال آثارها ماثلة للعيان حتى
يومنا هذا هي تقديم العرب على العجم، وإسقاط العجم من أي اعتبار، بل هو
كان قد منع غير العرب من دخول المدينة. واضطهدهم بصورة لا يمكن فهمها
ولا تبريرها، كما أوضحناه في فصل سابق.. ولعله كان في الباطن يقصد خصوص
الفرس الذين سمع من النبي «صلى الله عليه وآله» أنهم هم الذين سيستبدل
بهم قريشاً، وليس صهيب ولا سالم منهم..
ولعل قيمة سالم عنده قد نشأت من مشاركته في الصحيفة
التي تعاقدوا وتعاهدوا فيها على إقصاء علي «عليه السلام» عن مقام
الخلافة الذي جعله الله تعالى له.. بالإضافة إلى الجهد الذي بذله
عملياً في هذا السبيل، ومشاركته العملية في أحداث السقيفة، حسبما
بيناه، أو فقل: بيَّنا طرفاً منه في هذا الكتاب.
ثم إن تعيين صهيب للصلاة قد كان لأجل أن لا يصلي أحد من
أهل الشورى، ولا سيما علي «عليه السلام»، لكي يجعل ذلك ذريعة للخلافة،
كما حاول محبوا أبي بكر أن يروجوا له، وإن كان ذلك لم يثمر شيئاً، لأن
أبا بكر قد عزل عن تلك الصلاة مباشرة، كما هو معلوم.
وحينما طعن عمر بن الخطاب، ورتب قضية الشورى على النحو
المعروف، قال للمرشحين: «واحضروا معكم من شيوخ الأنصار، وليس لهم من
أمركم شيء. وأحضروا معكم الحسن بن علي، وعبد الله بن عباس، فإن لهما
قرابة، وأرجو لكم البركة في حضورهما. وليس لهما من أمركم شيء.
ويحضر ابني عبد الله مستشاراً، وليس له من الأمر
شيء..». فحضر هؤلاء([9]).
ونقول:
1 ـ
يبدو: أن هذه أول مشاركة سياسية فعلية معترف بها حتى من
مناوئي البيت العلوي الهاشمي للإمام الحسن «عليه السلام»، بعد وفاة
الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله»، أي بعد بيعة الرضوان، وبعد أن
جعلت الزهراء «صلوات الله وسلامه عليها» الحسنين «عليهما السلام»
شاهدين في قضية فدك، على النحو الذي تقدم.
2 ـ
يلاحظ هنا: أن عمر هنا قد اكتفى بذكر الإمام الحسن
«عليه السلام»، ولم يذكر الإمام الحسين «عليه السلام»، ولعل سبب ذلك:
أن قول الإمام الحسين «عليه السلام» له: انزل عن منبر أبي، لم يعزب عن
ذهن الخليفة بعد.
3 ـ
ذكر عمر هنا اسم عبد الله بن عباس، الذي كان عمر يقربه،
ويهتم بشأنه، ربما تزلفاً لأبيه العباس، الذي لم يكن يشكل أية خطورة
على حكمهم وسلطانهم، إن لم نقل: إنه قد ساهم في تخفيف حدة التوتر في
أحيان كثيرة فيما بينهم وبين علي «عليه السلام»، كما أنه لم يساهم في
قتل القرشيين في بدر ولا في غيرها، بل كان معهم، ونحر من الإبل
لمقاتليهم مثل ما نحروا، وأُسِرَ مثل ما أُسِروا..
بالإضافة إلى أن عمر يريد أن يوجد قرناء ومشاريع منافسة
للإمام الحسن «عليه السلام» إن استطاع.
4 ـ
إنه ادخل ولده عبد الله أيضاً ـ ليكون في مقابل الإمام الحسن
«عليه السلام»، وبذلك يكون قد صغر من شأن الإمام الحسن
«عليه السلام» بالرغم من أنه أحد أهل الكساء، وسيد شباب أهل الجنة،
وأحد موارد آية التطهير، وسورة هل أتى، وآيات كثيرة أخرى.. وهل يقاس به
ابن عمر الذي لم يحسن أن يطلق إمرأته؟!
ثم إنه منح ولده دوراً في الشورى ولم يعط للإمام الحسن
أي امتياز..
5 ـ
هناك الدور الذي رصده عمر لولده عبد الله بن عمر، الذي
كان يرى في والده المثل الأعلى له، ولا بد من الإنتهاء إلى رغباته
وآرائه، ولا يجوز تجاوزها..
وكان عمر يدرك طبعاً مدى هيمنته وتأثيره على ولده، ويثق
بأن ولده سيجهد في تنفيذ المهمة التي يوكلها إليه..
ولكن.. لا بد له من التخفيف من التساؤلات التي ربما
تطرح حول سر اختصاص ولده بهذا الدور دون سواه، فكانت هذه التغطية
باشراك ابن عباس، والإمام الحسن
«عليه السلام»،
التي لا تضر، والتي يأمن معها غائلة طغيان الشكوك والتفسيرات، التي
لايرغب في أن ينتهي الناس إليها في ظروف كهذه..
6 ـ
ومن جهة أخرى.. فإنه بإشراك الحسن «عليه السلام» وابن
عباس «رحمه الله»، على النحو الذي ذكره، من رجائه البركة في حضورهما..
يكون قد أضفى صفة الورع والتقوى على خطته تلك، وتمكن من التخفيف من
شكوك المشككين، واتهاماتهم..
7 ـ
إن موقف أمير المؤمنين «عليه السلام» في الشورى،
ومناشداته بمواقفه وبفضائله، وبأقوال النبي «صلى الله عليه وآله» فيه،
قد أفسدت على عمر بن الخطاب كل تدبير، وأكدت تلك الشكوك، وأذكتها.. حيث
أظهرت أن هذه الشورى تخالف النص، وأن عمر قد قرنه بمن لا يقاس به بصورة
ظالمة له وللأمة بأسرها.
8 ـ
وأما بالنسبة لقبول الإمام الحسن «عليه السلام» الحضور
في الشورى، فهو:
ألف:
كحضور علي «عليه السلام» فيها.. فكما أن أمير المؤمنين اشترك فيها من
أجل أن يضع علامة استفهام على ما يقوله عمر ـ الذي كان رأيه كالشرع
المتبع ـ من أن النبوة والخلافة لا تجتمعان في بيت واحد أبداً.
ب:
هذه المشاركة تمنع من أن ينسى الناس قضيتهم..
ج:
إن حضور الإمام الحسن «عليه السلام» في هذه المناسبة
إنما يعني انتزاع اعتراف من عمر بأنه «عليه السلام» ممن يحق لهم
المشاركة السياسية، حتى في أعظم وأخطر قضية تواجهها الأمة..
ولا بد من الأسف، وذم الزمان الذي أحوج الأخيار ـ من
أجل شيعتهم ـ
إلى انتزاع اعتراف من هذا وذاك بأنهم يحق لهم المشاركة في قضايا الأمة.
9 ـ
إن هذه المشاركة مطلوبة أيضاً، لكي يتمكن في كل حين وفي
المستقبل من إظهار رأيه في القضايا المصيرية، ولو لم يُقبل منه.. ولكي
يرى الناس أن من الممكن قول كلمة «لا».. وأن يسمع الطواغيت هذه الكلمة،
ولا يمكنهم ردها، بحجة: أنها صدرت من هاشمي.. وقد قبل عمر ـ وهو الذي
لا يمكنهم إلا قبول كل ما يصدر عنه ـ بمشاركة الهاشميين في القضايا
السياسية والمصيرية الكبرى، وحتى في هذه القضية بالذات..
هـ ـ
إن مشاركة
الإمام الحسن
«عليه السلام»
قد اسهمت في انتزاع اعتراف
من عمر بن الخطاب، بأنه ذلك الرجل الـذي تلتمس منه
الـبركـة، ـ وإن لم يرض الوهابيون بذلك ـ ولا بد أن ينظر إليه الناس
نظرة تقديس، وأن يتعاملوا معه على هذا المستوى.. فلا معنى لمنازعته
أمراً هو له، ولا يجوز لمعاوية أن يحاربه، وأن يدس له السم تحت أية
ذريعة كانت..
إن
عمر كان يعلم، من أقوال ومواقف النبي الأكرم بالنسبة للإمام الحسن،
ولأخيه الحسين السبط عليهما الصلاة والسلام ما يمنع من قبول الناس منه
أن يشرك ولده، ويتجاهل سبطي هذه الأمة..
فكل من يعامل الحسنين «عليهما السلام» بالإقصاء،
والتجاهل والإستبداد بالأمر دونهما، حتى لو كان عمر قد نصبه، وأعطاه
حبه وثقته وتكريمه، فإنه يكون متعدياً وظالماً.. وحتى مخالفاً لما
اعترف به وقرره ذلك الذي يصول على الناس ويجول بعلاقته وارتباطه به.
وبذلك يعلم مغزى قول
الإمام الرضا «عليه السلام»: إن الذي دعاه للدخول في ولاية العهد، هو
نفس الذي دعا أمير المؤمنين «عليه السلام» للدخول في الشورى([10]).
فاتضح أن عمر أراد بإشراك الإمام الحسن «عليه السلام»
إضفاء صبغة دينية على عمله الرامي إلى إقصاء علي «عليه السلام» عن منصب
الإمامة. وأراد الله وأهل بيت النبوة بالمشاركة حفظ الدين بحفظ ركنه
وهو الإمامة والأئمة. فكان ما أراده الله وأهل البيت، لأنهم هم فقط
الرجال الذين إذا أرادوا أراد وسقط ما أراده غيرهم.
ولم نستطع أن نغض الطرف عما ورد في الفصل السابق من
إقدام عمر على استدعاء جاثليق النصارى ليسأله عن أمر الخلافة وذلك لما
يلي:
أولاً:
إن ما نعرفه عن عمر هو انبهاره بأهل الكتاب، حيث كان يتردد عليهم في
مدارس «ماسكة» في المدينة([11]).
وكان يأتي إلى النبي بترجمة التوراة ويقرؤها عليه ووجه
رسول الله «صلى الله عليه وآله» يتمعر ويتقبض([12]).
وكان اليهود يعتبرونه أحب أصحاب محمد إليهم([13]).
ولكننا لم نعهده على صلة بعلماء النصارى، بحيث يطلب
منهم تزويده بالمعارف والنبوءات عما يجري، وما يكون..
ولعل الخليفة قد تأثر بتميم الداري الذي كان في الأصل
من علماء النصارى، وأشاع بين المسلمين بعض الأباطيل والترهات..
ثانياً:
لماذا بدأ عمر سؤاله للجاثليق إن كان يوجد نعت النبي «صلى الله عليه
وآله» في كتبهم مع احتمال أن ينكر الجاثليق ذلك، فيكون سبباً في عروض
الريب في قلب بعض الضعفاء، إلا إذا فرض: أن عمر كان مطمئناً إلى أنه
سوف يرد بالإيجاب.. لأجل ما كان يسمعه من النصارى حول هذا الأمر.
غير أنه لا يمكن لعمر أن يطمئن إلى ذلك إلا إن كان قد
أخذ من ذلك الجاثليق تعهداً بذلك قبل هذا المجلس. وهذا ما لا مجال
لتأكيده.
ويبدو لنا: أن السؤال عن نعت النبي «صلى الله عليه
وآله» عند النصارى كان بهدف التمهيد إلى السؤال عن حال أبي بكر وعمر
وعثمان، بهدف تزكيتهم عن هذا الطريق، ويبدو: أن الجاثليق قد عرف مراد
عمر فأجابه بما يرضيه.
ثالثاً:
إن هذا الجاثليق قد كذب في إجابته، حيث ذكر أن «الفارقليط» معناه: أنه
يفرق بين الحق والباطل.. مع أن الفارقليط في العبرانية من ألفاظ الحمد،
إما أحمد، أو محمد، أو حامد، أو نحو ذلك.
ويدل على ذلك قول يوشع:
«من عمل حسنة تكون له فارقليط جيداً» أي حمد جيد.
وفسره أكثر النصارى بـ «المخلص» وهي كلمة سريانية،
وقالت طائفة أخرى من النصارى معناه: «المعزّ». وكذلك هو باليونانية..
وهو غلط، فإن لغة المسيح عبرانية، وليست سريانية ولا
يونانية([14]).
رابعاً:
من أين عرف عمر أن المقصود بالذي يكون بعد محمد عظيم الذكر، مبارك
الأمر هو أبو بكر؟! ولم لا يكون هو علي بن أبي طالب؟!..
وقد عرفنا أن الإنجيل ذكر إيليا بعد ذكره لرسول الله
«صلى الله عليه وآله»، فقد سأل الكهنة واللاويون يوحنا من أنت، «فاعترف
ولم ينكر، وأقر: إني لست أنا المسيح.
فسألوه:
إذن ماذا؟! إيليا؟!
فقال:
لست أنا.
النبي أنت، فأجاب لا([15]).
فالمراد بإليا ليس إلياساً، كما قد يدعى، لأنه كان قبل
عيسى بقرون، فالظاهر أن المقصود بالنبي، وإيليا: النبي «صلى الله عليه
وآله» وعلي «عليه السلام».
خامساً:
بالنسبة لما ذكره الجاثليق عن الذي يأتي بعد النبي، وبعد الذي يليه، من
أنه قرن من حديد، قوي شديد.. نقول:
لا يوجد في كتاب النصارى وهو هذا الإنجيل المتداول أية
فقرات من هذا القبيل، بل قد ذكرنا أن هذه أوصاف علي «عليه السلام» على
لسان رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وكذلك الحال بالنسبة للفقرات التي طبقها عمر على
عثمان.. فإنها هي الأخرى لا توجدفيما بين أيدينا، مما يطلق عليه إسم
الإنجيل..
أما الإنجيل والتوراة الحقيقيان فليسا بين أيدينا
لنتأكد من صحة ادعاء ثبوت هذا النص المزعوم فيهما..
غير أننا نستطيع أن نقول:
إن النصارى واليهود كانوا مهتمين بكل ما يصدر عن رسول
الله «صلى الله عليه وآله»، ويرون أنه يعنيهم بصورة مباشرة، ولا مجال
لاستبعاد أن تبلغهم أقواله «صلى الله عليه وآله» عن مستقبل هذا الدين،
وما يجري على أهل بيته من بعده، وما يكون من بني أمية، وكيف أن الناس
سوف يركبون سنن من كان قبلهم.. وغير ذلك.
وهذا يجعلنا نظن:
أن ذلك النصراني كان قد سمع عن النبي «صلى الله عليه وآله» إخباره بما
يجري على عثمان، أو بلغه ذلك من عمر أو من غيره، فزعم له أنه موجود في
إنجيلهم، ليؤكد له ما يحتاج إلى تأكيده.
ويؤيد ذلك:
أن عمر قد طبق ذلك على عثمان مباشرة..
كما أن السياق الذي أورده ابن أعثم يُظهِر أن دعوة عمر
لهذا الجاثليق كانت بعد أن جرى تداول هذه الأسماء بالذات بين ابن عباس
وعمر بن الخطاب، الأمر الذي يدل على أن موضوع اختيار الخليفة من خصوص
هؤلاء كان مطروحاً ومتداولاً. فما الذي يمنع من أن يكون ذلك قد بلغ
الجاثليق، فأجرى الكلام وفق ما عرف أنه سيكون هو مسار الأمور في ذهن
عمر بن الخطاب.
سادساً:
هذه الرواية تصرح بأن عمر ضرب بإحدى يديه على الأخرى، ثم التفت إلى
عثمان، فقال: أبا عمرو! إتق الله عز وجل، وإن وليت هذا الأمر من بعدي
فلا تحملن آل معيط على رقاب الناس ـ مما يعني ان وصول الأمر إلى عثمان
كان أمراً ظاهراً ومحسوماً حتى بالنسبة لذلك الجاثليق، فضلاً عن عمر
نفسه ـ ويلاحظ أنه لم يوص علياً بمثل هذه الوصية؛ بل خص بها عثمان وابن
عوف.
أما قوله لعلي «عليه السلام» ما يشبه ذلك الذي قاله
لعثمان، فربما يكون قد أورده لأجل التعمية على بعض الحاضرين، ولا سيما
علي «عليه السلام»..
وربما يكون قد استفاده من قول النبي «صلى الله عليه وآله» لعلي
«عليه
السلام»: ستقاتل بعدي الناكثين والقاسطين والمارقين: أن الخلافة ستؤول
إليه
«عليه السلام».
كما شاور عمر الجاثليق النصراني، فإنه شاور كعب الأحبار
الذي لم يزل يتهم باليهودية كما ورد على لسان أبي ذر.. حسبما سيأتي في
عهدعثمان، فقد روي عن ابن عباس، أنه قال: تبرم عمر بالخلافة في آخر
أيامه، وخاف العجز، وضجر من سياسة الرعية، فكان لا يزال يدعو الله بأن
يتوفاه، فقال لكعب الأحبار يوماً وأنا عنده:
إني قد أحببت أن أعهد إلى من يقوم بهذا الأمر، وأظن
وفاتي قد دنت، فما تقول في علي؟! أشر على في رأيك، واذكر لي ما تجدونه
عندكم، فإنكم تزعمون أن أمرنا هذا مسطور في كتبكم.
فقال:
أما من طريق الرأي فإنه لا يصلح، إنه رجل متين الدين، لا يغضي على
عورة، ولا يحلم عن زلة، ولا يعمل باجتهاد رأيه، وليس هذا من سياسة
الرعية في شيء.
وأما ما نجده في كتبنا فنجده لا يلي الأمر ولا ولده،
وإن وليه كان هرج شديد.
قال:
كيف ذاك؟!
قال:
لأنه أراق الدماء، فحرمه الله الملك. إن داود لما أراد أن يبنى حيطان
بيت المقدس أوحى الله إليه: إنك لا تبنيه لأنك أرقت الدماء، وإنما
يبنيه سليمان.
فقال عمر:
أليس بحق أراقها؟!
قال كعب:
وداود بحق أراقها يا أمير المؤمنين.
قال:
فإلى من يفضي الأمر تجدونه عندكم؟!
قال:
نجده ينتقل بعد صاحب الشريعة والاثنين من أصحابه، إلى أعدائه الذين
حاربهم وحاربوه على الدين.
فاسترجع عمر مراراً، وقال:
أتسمع يا بن عباس؟! أما والله لقد سمعت من رسول الله ما يشابه هذا،
سمعته يقول: ليصعدن بنو أمية على منبري([16]).
وقال التستري:
الأمور لها جهتان:
تقدير من الله تعالى بمعنى علمه بما يصدر عنهم من الشرور وأعمال السوء،
بخبث سرائرهم. وتدبير من الناس في تهيئة مقدمات مقاصدهم السيئة،
وأغراضهم الفاسدة.
والأولى لا تكون عذراً للثانية، فهل حط من قدر أمير
المؤمنين، إلا هو وصاحبه أبو بكر؟! وهل أعلى أمر بني أمية إلا هو
وصاحبه؟!([17]).
ونقول:
لقد طالعنا هذا النص بأمور لا بد من الوقوف عندها، وهي
التالية:
أننا نعرف أن عمر كان يخشى من وصول الخلافة إلى علي
«عليه السلام»
بعده، ومن أن يفاجئه أمر لا يتوقعه حيث لم يستطع إطفاء نور إمامة علي
«عليه السلام». غير أننا
لم نفهم المقصود من تبرم عمر بالخلافة، ولا السبب في
تبرمه هذا، فإنه هو الذي سعى للحصول عليها بحرص بالغ، وضحى من أجلها
بالغالي والنفيس، وهاجم الآمنين، وأخذ الحق بالقوة من أصحابه الشرعيين.
فإن كان قد أصبح يستثقل هذا الأمر، ويريد التخلص منه، فليرجعه إلى
أصحابه الذين أخذ حقهم منهم..
ولا ندري لماذا يلتجئ عمر بن الخطاب في هذا الأمر
الخطير جداً إلى كعب الأحبار؟!
وهل أصبح هذا الرجل موثوقاً عنده إلى هذا الحد؟!
وبأي شيء استطاع أن يحصل على هذه الوثاقة عنده؟!
ومع غض النظر عن ذلك، فلماذا لا يرجع إلى علماء الصحابة
وخيارهم؟!
وهل آراء كعب أو غيره تستطيع أن تلغي النص على أمير
المؤمنين «عليه السلام» من الله ورسوله؟! فليرجع إلى تلك النصوص،
وليعمل بها، وليستغن بها عن رأي من لا يمكن إثبات سلامة نواياه فيما
يشير به..
وقد صرح عمر:
بأنه حين أحس أن وفاته قد دنت أحب أن يعهد، ولا شك، أن هذا منه كان
لأجل ضمان وصول الأمر إلى من يحب، أو من يراه أهلاً للقيام به على
النحو الذي يراه وافياً بأهداف عمر، أو على النحو الذي رسمه وأراده.
ولكن لا ندري لماذا يقول هؤلاء:
إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لم يفكر بمستقبل أمته، ولم ينصب لهم
من يحفظ لهم وحدتهم. ويصونهم في دينهم، وفي التزامهم، ويدفع عنهم عدوان
أهل الباطل، وكيد المتربصين شراً بهم وبدينهم؟!
إن ما يخبر عنه الرسول أو غيره من الأنبياء السابقين،
قد يكون من الأمورالمرضية عند الله، كالإخبار عن خروج الإمام: قائم آل
محمد عليه وعليهم السلام، وأنه يملأ الأرض قسطاً وعدلاً. وقد يكون غير
مرضي.. كالإخبار عن السفياني والدجال. فالإخبارات لا تعطي مشروعية
لأحد، حتى لو صحت، بل هي قد تخبر عن حدوث أمر حسن، وقد تخبر عن أمر
يتضمن ظلماً، أو جرأة على الله ورسوله، وما إلى ذلك..
وحين أفصح كعب عن رأيه في ولاية علي «عليه السلام»،
فإنه أراد أن ينتقص، وينال من رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالدرجة
الأولى، وإن لم يصرح باسمه.. فإن ما أخذه على علي أمير المؤمنين «عليه
السلام»، واعتبره لأجله غير صالح لولاية الأمر هو بعينه ما امتاز به
رسول الله «صلى الله عليه وآله».. فإنه «صلى الله عليه وآله» أيضاً:
1 ـ
رجل متين الدين.
2 ـ
لا يغضي على عورة.
3 ـ
لا يحلم عن زلة.
4 ـ
لا يعمل باجتهاد.
بل هذا هو ما أمر الله به نبيه ووليه، وكل حاكم عادل،
يطلب منه أن يشيع الأمن على الأنفس، والأموال والأعراض، وأن يشيع
الفضائل، ويقتلع الرذائل، ويدفع الأعداء والأسواء، ويترقى بالأمة في
مدارج المجد والكمال والعظمة، لتكون خير أمة أخرجت للناس، يأمرون
بالمعروف وينهون عن المنكر.
فلماذا يريد كعب أن يتجرأ على مقام العزة الإلهية، وأن
يوهن أمر الشريعة ويهين مقام النبوة، والإمام والإمامة؟!
ولماذا يريد أن يعتبر السياسة في قلة الدين، وفي
الإغضاء عن العورات الظاهرة للمنحرفين، والحلم عن زلات الفاسقين،
والعمل بالآراء السقيمة، وترك أحكام الدين والشريعة؟!
وكيف رضي منه عمر هذه الجرأة على الله ورسوله؟!
بل إن كعباً قد طعن في أبي بكر وعمر نفسه، لأن عمر لا
يرضى لنفسه ولا لسلفه أبي بكر بأن يوصفا بضعف الدين، وبغير ذلك من
أوصاف.
ويبدو لنا:
أن كعباً أراد
تخويف الناس من علي
«عليه السلام»، وأن حكمه لا يمكن أن يحتمله أحد، ولا
سيما بعد اعتياد الناس على التساهل والأغضاء عن الكبائر والصغائر!!
وأما ما زعم كعب أنه يجد في كتبه:
من أن علياً وولده لا يلون هذا الأمر، فهو إما مكذوب من قبل كعب.. أو
أنه أخذه مما كتبته أيدي أعوان السلطة التي استولت على الحكم، أو من
يهود موتورين على يد علي «عليه السلام»، يريدون التزلف لمن عرفوا أنهم
لا يرضون بعلي «عليه السلام» حاكماً بعد رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، وهم يعدُّون العدة لإقصائه عن مقامه بكل حيلة ووسيلة..
ودليلنا على أن هذا الخبر مكذوب من أساسه:
أولاً:
شهادة الوقائع بكذبه، لأن علياً «عليه السلام» قد ولي الأمر بالفعل
حوالي خمس سنوات، ووليه أيضاً ولده الإمام الحسن «عليه السلام» بعده
أشهراً كثيرة..
ثانياً:
إن النص الذي نقله كعب متناقض.. فهو ينفي أولاً بصورة قاطعة ولاية علي
«عليه السلام» وولده لهذا الأمر..
ثم يعود لينقض ذلك بقوله: وإن وليه كان هرج شديد.. إذ
لا معنى لهذا الترديد بالإستفادة من كلمة «إن» المفيدة للشك!!
ولو أنه قال:
«ولو وليه» لارتفع التناقض، لأن كلمة «لو»حرف امتناع.
ثالثاً:
لا معنى للتنظير، ولا للإستشهاد بقضية داود عليه وعلى نبينا وآله
السلام، فإن داود كان ملكاً بالفعل.. وسفكه للدماء بالحق لم يحرمه
الملك.. ولو صح أنه حرم من بناء حيطان المسجد لأجل ذلك، فإن بناء
الحيطان ليس من الملك، ليقاس عليه سفك أمير المؤمنين لدماء المعتدين من
أهل الشرك، ثم حرمانه من الملك لأجل ذلك بزعم كعب..
رابعاً:
إن نبينا محمداً «صلى الله عليه وآله» قد خاض غمار عشرات الغزوات، وبث
عشرات السرايا حتى لقد أناف مجموعها على ثمانين غزوة وسرية، وسفكت دماء
الظالمين بقيادته وبأمره.. ولم يحرمه الله الملك. وكان عمله «صلى الله
عليه وآله» على حد عمل داود لا يختلف عنه في ذلك.
خامساً:
إن سائر الخلفاء والملوك، بما فيهم العادلون والظالمون كانوا وما زالوا
يسفكون الدماء بحق، وبغير حق، فلماذا لم تصدق القاعدة التي أطلقها كعب
عليهم، زاعماً أنه أخذها من كتبه المقدسة؟!
سادساً:
قال كعب: إن كتبه المقدسة تقول: إن الأمر ينتقل بعد أبي بكر وعمر إلى
أعداء رسول الله «صلى الله عليه وآله».
فهل يرى عمر:
أن عثمان ومن معه كانوا أعداء لرسول الله «صلى الله عليه وآله»..
والحال أن عثمان كان قد سبق عمر إلى الدخول في الإسلام..
وقد تولى عمر تسليم الأمر إلى الذي بعده، فهل اختار عمر
للخلافة أعداء رسول الله «صلى الله عليه وآله».
ومن جهة أخرى، فإن بني عدي، وهم قوم عمر، وبني تيم، وهم
قوم أبي بكر، قد شاركوا بني أمية في حروبهم ضد رسول الله «صلى الله
عليه وآله»، فلماذا لم يحرموا من الملك؟! وكون الزعامة لبني أمية فيها
أمر فرضته أحوال القبائل في تلك الفترة.. بل إن قاعدة كعب ينبغي أن
تشمل بني أمية أيضاً، فيحرمون من الملك لأنهم سفكوا الدماء..
ولا ندري لماذا لم تشمل القاعدة التي أطلقها كعب معاوية
بن أبي سفيان، الذي سفك دماء عشرات الألوف من المسلمين؟!
ولماذا لم يحرمه الله الملك هو وذريته؟! وكذلك الحال
بالنسبة ليزيد؟!
وبعد..
فإن عمر قد أظهر تصديقه أقوال كعب، وخاطب ابن عباس متعجباً من توافق ما
يسمعه عن كعب مع ما يسمعه عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، مستشهداً
بحديث نزو بني أمية على منبر رسول الله «صلى الله عليه وآله». مع أن ما
سمعه من رسول الله «صلى الله عليه وآله» لا يشبه حديث كعب أصلاً.. بل
هو مجرد إخبار عن حكم بني أمية، وأن حكمهم سيتوالى، وسيستولون على
منبره واحداً بعد الآخر..
وهذا إنما حصل في زمن متأخر بعد ما استولى معاوية على
الحكم أما قبل ذلك، فقد كانت الولاية للإمام الحسن ولعلي «عليهما
السلام».
([1])
راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص256 ونهج الحق للعلامة
الحلي (مطبوع مع دلائل الصدق) ج3 ق1 ص113 و (ط ار الهجرة ـ قم)
ص2 والشافي في الإمامة ج4 ص199 ومنهاج الكرامة ص106
وإحقاق الحق (الأصل) ص245 وسفينة النجاة للتنكابني ص156.
([2])
كوكب الإسلام، علي بن أبي طالب «عليه السلام» (ط دار السيرة
1979م) ص42.
([3])
راجع: الطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج5 ص31 و (ط دار
الكتب العلمية) ج5 ص3 وكنز العمال ج12 ص580 وتاريخ مدينـة دمشق
ج21 ص119 ومنتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج4 ص389 و 390
وجامع المسانيد والمراسيل ج13 ص294.
([4])
جامع بيان العلم ج2 ص18 و (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص14 وجامع
المسانيدوالمراسيل ج15 ص34 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص694 وكنز
العمال ج11 ص268.
([5])
راجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص162 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص335
ونهج السعادة ج1 ص143.
([6])
راجع: نهج الحق للعلامة الحلي (مطبوع مع دلائل الصدق) ج3 ق1
ص113 و (ط دار الهجرة ـ قم) ص285 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي
ج12 ص256 والشافي في الإمامة ج4 ص199ومنهاج الكرامة ص106
وإحقاق الحق (الأصل) ص245 وسفينة النجاة للتنكابني ص156.
([7])
راجع: الصواعق المحرقة ص6 والطرائف لابن طاووس ص400 والصوارم
المهرقة ص59 و 190 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص313 وج9 ص325 وفتح
الباري ج12 ص135 والتفسير الكبير للرازي ج3 ص147 والإحكام لابن
حزم ج7 ص988 والمحصول للرازي ج2 ص357 وج4 ص322 و 368 و 383 وج6
ص51 والإحكام للآمدي ج2 ص203 و 211 والسيرة الحلبية (ط دار
المعرفة) ج3 ص339 وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص227 و (ط مؤسسة
الأعلمي) ج3 ص292 والكامل في التاريخ ج3 ص65 والعقد الفريد ج4
ص97 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج1 ص194 وراجع: البحر المحيط
ج4 ص314 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص190 وج12 ص86 والفصول
المهمة للسيد شرف الدين ص95 والشافي في الإمامة ج3 ص196
والوضاعون وأحاديثهم ص473 وتاريخ مدينة دمشق ج58 ص404 و 405
والنص والإجتهاد ص384 و 391 والغدير ج5 ص360 ومستدركات علم
رجال الحديث ج4 ص11 وبحار الأنوار ج28 ص383 وج31 ص77 و 385 ج34
ص377 والتمهيد للباقلاني ص204 وطرح التثريب ج1 ص49.
([8])
راجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص343 و (ط دار صادر) ج3 ص85
وأسد الغابة ج2 ص245 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص561 و (ط
دار الجيل) ج2 ص567 والمستدرك للحاكم ج3 ص225 وعمدة القاري ج5=
= ص227 و 245 وج24 ص253 وتحفة الأحوذي ج10 ص212 والإكمال في
أسماء الرجال ص98 وسير أعلام النبلاء ج1 ص167 والمعارف لابن
قتيبة ص273 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص54 والوافي بالوفيات ج15
ص57 والفصول المهمة للسيد شرف الدين ص95.
([9])
الإمامة والسياسة ج1 ص24 و 25 و (تحقيق الزيني) ج1 ص28 و
(تحقيق الشيري) ج1 ص42 وحياة الإمام الحسين «عليه السلام» ج1
ص315.
([10])
مناقب آل أبي طالب ج4 ص364 و (ط مكتبة الحيدري) ج3 ص473 ومعادن
الحكمة ص192 وعيون أخبار الرضا ج2 ص140 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج1
ص152 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج17 ص205 و (ط دار
الإسلاميـة) ج12 ص148 وبحار الأنـوار ج49 ص140 ومسنـد الإمام
الرضا = = «عليه السلام» للعطاردي ج1 ص68 وحياة الإمام الرضا
للقرشي ج2 ص311 وموسوعة أحاديث أهل البيت «عليهم السلام»
للنجفي ج5 ص450 ومستدركات علم رجال الحديث ج7 ص207 والحياة
السياسية للإمام الرضا «عليه السلام» ص306.
([11])
راجع حول ذلك: جامع بيان العلم ج2 ص123 ـ 124 وكنز العمال عن
الشعبي وعن قتادة والسدي ج2 ص228 والدر المنثور ج1 ص90 عن ابن
جرير، ومصنف ابن أبي شيبة، ومسند إسحاق بن راهويه، وابن أبي
حاتم. والإسرائيليات وأثرها في كتب التفسير ص107 و 108. وكون
اسم مدارس اليهود (ماسكة) مذكور في مصادر أخرى.
([12])
للحديث ألفاظ مختلفة وله مصادر كثيرة، فراجع على سبيل المثال:
المصنف للصنعاني ج10 ص113 وج 6 ص112 وج 11 ص111 وتقييد العلم
ص52 وفي هامشه عن مصادر أخرى وجامع بيان العلم ج2 ص52 ـ 53
وراجع ص50 والفائق ج4 ص116
ومسند أحمد ج3 ص387 و 470 ـ 471 وج 4 ص266 وغريب الحديث ج4 ص48
ـ 49 وج 3 ص28 و 29 والبداية والنهاية ج2 ص133 وقال: تفرد به
أحمد وإسناده على شرط مسلم ولسان الميزان ج2 ص408 وكنز العمال
ج1 ص233 و 234 عن عدة مصادر، وبحار الأنوار (ط مؤسسة الوفاء)
ج73 ص347 وج 2 ص99 والدعوات للراوندي ص170 وأسد الغابة ج3 ص126
ـ 127 وج 1 ص235 والنهاية في اللغة ج5 ص282 وميزان الاعتدال ج1
ص666 ومجمع الزوائد ج1 ص182 و 174 و 173 وسنن الدارمي ج1 ص115
و 116.
وراجع
أيضاً: المقدمة لابن خلدون ص436 والضعفاء الكبير ج2 ص21 وصفة
الصفوة ج1 ص184 واليهود واليهودية ص14 والسيرة الحلبية ج1 ص230
والتراتيب الإدارية ج2 ص229 وكشف الأستار ج1 ص79 وفتح الباري
ج13 ص281 عن أحمد، وابن أبي شيبة، والبزار والإسرائيليات في
كتب التفسير ص86 وأضواء على السنة المحمدية ص162 والقصاص
والمذكرين ص10 وأصول السرخسي ج2 ص152.
([13])
راجع الهامش ما قبل السابق.
([14])
الجواب الفسيح لما لفقه عبد المسيح للآلوسي ج1 ص283.
([15])
إنجيل يوحنا، الإصحاح الأول، الفقرة 19 ـ 21.
([16])
قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» ص282 وشرح
نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص81 ومناقب أهل البيت للشيرواني ص448
وعن أمالي المحاملي.
([17])
قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب «عليه السلام» ص282 و 283.
|