إننا في هذا الفصل والفصل الذي بعده سوف نناقش، ونؤيد
أو نفند النصوص التي وردت في الفصل السابق..
فعلى القارئ أن يلاحظ ذلك.. ويتعامل مع مناقشاتنا
وتحليلاتنا على هذا الأساس..
إن ما حصل في السقيفة قد أطمع عامة الناس بالخلافة، فإن
حصول أبي بكر ثم من بعده عمر على الخلافة، وهما من أقل وأذل بيت في
قريش على حد تعبير أبي سفيان، قد جعل أعناق الرجال تشرئب إلى هذا
المقام وقد قال «عليه السلام»:
«فلما رق أمرنا طمعت رعيان إلبهم من قريش فينا»([1]).
وقد قال طلحة لعمر:
إنه وليها (يعني عمر) وهم ليسوا دونه، ثم جاءت الشورى فأكدت هذه
الأطماع وأذكتها..
لكن آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين يرى أن الشورى
هي التي قد فتحت شهية أناس إلى الخلافة، في حين أنهم لولا الشورى لم
يكونوا يطمعون بما هو أقل شأناً من ذلك بمرات..
قال «رحمه الله»:
«ولم يكونوا قبل الشورى على هذا الرأي، بل كان عبد
الرحمن تبعا لعثمان، وسعد كان تبعا لعبد الرحمن.
والزبير إنما كان من شيعة علي، والقائمين بنصرته يوم
السقيفة على ساق، وهو الذي استل سيفه ذودا عن حياض أمير المؤمنين وكان
فيمن شيع جنازة الزهراء «عليها السلام»، وحضر الصلاة عليها إذ دفنت سرا
في ظلام الليل بوصية منها (لكننا ذكرنا: أن ذلك لم يثبت)، وهو القائل
على عهد عمر:
والله لو مات عمر بايعت علياً لكن الشورى سولت له الطمع
بالخلافة، ففارق علياً مع المفارقين، وخرج عليه يوم الجمل الأصغر، ويوم
الجمل الأكبر مع الخارجين.
كما أن عبد الرحمن بن عوف ندم على ما فعله من إيثار
عثمان على نفسه بالخلافة، ففارقه وعمل على خلعه، فلم يأل جهدا، ولم
يدخر وسعاً في ذلك. لكنه لم يفلح.
وقد علم الناس ما كان من طلحة والزبير من التأليب على
عثمان، وانضمام عائشة في ذلك إليهما نصرة لطلحة، وأملا منها برجوع
الخلافة إلى تيم. وكانت تقول:
«اقتلوا نعثلا فقد كفر([2])»([3]).
وقد عمل هؤلاء وأولياؤهم من الإنكار على عثمان، ما أهاب
بأهل المدينة وأهل الأمصار إلى خلعه وقتله، فلما قتل وبايع الناس عليا
كان طلحة والزبير أول من بايع. لكن مكانتهما في الشورى أطمعتهما
بالخلافة، وحملتهما على نكث البيعة، والخروج على الإمام([4])،
فخرجا عليه، وخرجت معهما عائشة طمعاً باستخلاف طلحة، وكان ما كان في
البصرة وصفين والنهروان من الفتن الطاغية، والحروب الطاحنة:
وكلها من آثار الشورى، حيث صورت أنداداً لعلي ينافسونه
في حقه، ويحاربونه عليه، بل نبهت([5])
معاوية إلى هذا، وأطمعته بالخلافة، فكان معاوية وكل واحد من أصحاب
الشورى عقبة كؤوداً في سبيل ما يبتغيه الإمام من إصلاح الخلائق، وإظهار
الحقائق».
إلى أن قال:
«على أن في الستة من هو من رسول الله كالصنو من الصنو،
والذراع من العضد، وكان منه بمنزلة هارون من موسى إلا أنه ليس بنبي،
ولكنه الوزير والوصي، وأبو السبطين، وصاحب بدر وأحد وحنين، ومن عنده
علم الكتاب.
فما كان أغنى فاروق الأمة عن تعريضه وتعريض بقية الستة
لهذا الخطر، وهذه المهانة، وقد كان في وسعه أن لا يعهد إلى أحد ما،
فيذر الأمر شورى بين أفراد الأمة كافة، يختارون لأنفسهم من شاؤوا،
وحينئذ يكون قد صدق في قوله: لا أتحملها حياً وميتاً([6]).
أو يعهد إلى عثمان بكل صراحة، كما عهد أبو بكر إليه،
فيكون حينئذ صريحاً فيما يريد ـ غير مماكر ولا مداور ـ حيث رتب أمر
الشورى ترتيباً يفضي إلى استخلاف عثمان لا محالة، فإن ترجيح عبد الرحمن
على الخمسة ليس إلا لعلمه بأنه سيؤثره بالأمر، وأن سعداً لا يخالف عبد
الرحمن أبداً. وقد علم الناس هذا من فاروقهم، وإن ظن أنه موه الأمر على
الناس، وحين قال لابن عباس جواباً على قوله: رد عليه ظلامته: لا
أتحملها حياً وميتاً.
وورد أنه قال ذلك حين عرض عليه أن يولي ولده عبد الله.
ليظهر بمظهر الزاهد في الدنيا مع أنه إنما رغب عن ولده لأنه يعرف ضعف
شخصيته مقابل علي «عليه السلام»، وإنما حرفها عن علي «عليه السلام»،
لأن خطته وسياسته كانت تقضي بذلك.
وهل في تمكين علي «عليها السلام» من حقه (الخلافة) وزر
على عمر أو على غيره؟! أم هو طاعة لله ورسوله، وامتثال للأوامر الشرعية
الصادرة للأمة؟!
وما رأي المسلمين لو سمع رسول الله «صلى الله عليه
وآله» عمر يأمر أبا طلحة فيقول:
«إن اجتمع خمسة وأبى واحد فاشدخ رأسه بالسيف، وإن اتفق
أربعة وأبى اثنان فأضرب رأسيهما، وإن افترقوا ثلاثة وثلاثة فالخليفة في
الذين فيهم عبد الرحمن، واقتلوا أولئك إن خالفوا، فإن مضت ثلاثة أيام
ولم يتفقوا على واحد منهم فاضربوا أعناق الستة»([7]).
وعلى كل حال، فإن الأحداث التي ترتبت على هذه الشورى
التي صرفت الأمر عن علي «عليه السلام» إلى غيره، وأفرزت كل تلك الآثار
قد تحملها عمر ميتاً بعد أن تحملها حياً.
إن جهود قريش وعلى رأسها أبو بكر وعمر قد نجحت، والشجرة
التي غرسوها قد أثمرت، وثمارها أينعت، فقد أصبح العرب وقريش يجهرون
بأنهم لا يريدون علياً «عليه السلام»، بعد أن كانوا يتهامسون بذلك في
الخفاء.
قال أبو جعفر يحيى بن محمد بن أبي زيد، الذي وصفه
المعتزلي بأنه لم يكن إمامي المذهب، ولا كان يبرأ من السلف، ولا يرتضي
قول المسرفين من الشيعة، ولكنه كلام أجراه على لسانه البحث والجدل بيني
وبينه!([8]).
قال أبو جعفر، كما نقله عنه المعتزلي:
«والقوم الذين كانوا قد غلب على ظنونهم أن العرب لا
تطيع علياً «عليه السلام».
فبعضها للحسد.
وبعضها للوتر والثأر.
وبعضها لاستحداثهم سنه.
وبعضها لاستطالته عليهم، ورفعه عنهم.
وبعضها كراهة اجتماع النبوة والخلافة في بيت واحد.
وبعضها للخوف من شدة وطأته، وشدته في دين الله.
وبعضها خوفاً لرجاء تداول قبائل العرب الخلافة، إذا لم
يقتصر بها على بيت مخصوص عليه، فيكون رجاء كل حي لوصولهم إليها ثابتاً
مستمراً.
وبعضها ببغضه، لبغضهم من قرابته لرسول الله «صلى الله
عليه وآله» وهم المنافقون من الناس، ومن في قلبه زيغ من أمر النبوة.
فأصفق الكل إصفاقا واحدا على صرف الامر عنه لغيره.
وقال
رؤساؤهم:
إنا خفنا الفتنة، وعلمنا أن العرب لا تطيعه ولا تتركه، وتأولوا عند
أنفسهم النص، ولا ينكر النص. وقالوا: إنه النص، ولكن الحاضر يرى ما لا
يرى الغائب، والغائب قد يترك لأجل المصلحة الكلية.
وأعانهم على ذلك مسارعة الأنصار إلى ادعائهم الأمر،
وإخراجهم سعد بن عبادة من بيته وهو مريض لينصبوه خليفة فيما زعموا.
واختلط الناس، وكثر الخبط، وكادت الفتنة أن تشتعل
نارها، فوثب رؤساء المهاجرين، فبايعوا أبا بكر وكانت فلتة ـ كما قال
قائلهم ـ وزعموا أنهم أطفأوا بها نائرة الأنصار.
فمن سكت من المسلمين، وأغضى ولم يتعرض، فقد كفاهم أمر
نفسه، ومن قال سراً أو جهراً: إن فلاناً قد كان رسول الله «صلى الله
عليه وآله» ذكره، أو نص عليه، أو أشار إليه، أسكتوه في الجواب بأنا
بادرنا إلى عقد البيعة مخافة الفتنة، واعتذروا عنده ببعض ما تقدم: إما
أنه حديث السن، أو تبغضه العرب، لأنه وترها وسفك دماءها، أو لأنه صاحب
زهو وتيه، أو كيف تجتمع النبوة والخلافة في مغرس واحد!
بل قد قالوا في العذر ما هو أقوى من
هذا وأوكد، قالوا:
أبو بكر أقوى على هذا الأمر منه، لا سيما وعمر يعضده ويساعده، والعرب
تحب أبا بكر، ويعجبها لينه ورفقه. وهو شيخ مجرب للأمور لا يحسده أحد،
ولا يحقد عليه أحد، ولا يبغضه أحد، وليس بذي شرف في النسب، فيشمخ على
الناس بشرفه، ولا بذي قربى من الرسول «صلى الله عليه وآله» فيدل بقربه.
ودع ذا كله فإنه فضل مستغنى عنه.
قالوا:
لو نصبنا علياً «عليه السلام»، ارتد الناس عن الاسلام، وعادت الجاهلية
كما كانت، فأيما أصلح في الدين؟! الوقوف مع النص المفضى إلى ارتداد
الخلق، ورجوعهم إلى الأصنام والجاهلية؟! أم العمل بمقتضى الأصلح،
واستبقاء الإسلام، واستدامة العمل بالدين، وإن كان فيه مخالفة النص!
قال «رحمه الله»:
وسكت الناس عن الإنكار، فإنهم كانوا متفرقين:
فمنهم من هو مبغض شانئ لعلي «عليه السلام»، فالذي تم من
صرف الأمر عنه هو قرة عينه، وبرد فؤاده.
ومنهم ذو الدين وصحة اليقين، إلا أنه لما رأى كبراء
الصحابة قد اتفقوا على صرف الأمر عنه، ظن أنهم إنما فعلوا ذلك لنص
سمعوه من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ينسخ ما قد كان سمعه من النص
على أمير المؤمنين «عليه السلام»، لا سيما ما رواه أبو بكر من قول
النبي «صلى الله عليه وآله»: «الأئمة من قريش»، فإن كثيراً من الناس
توهموا أنه ناسخ للنص الخاص، وأن معنى الخبر أنكم مباحون في نصب إمام
من قريش، من أي بطون قريش كان، فإنه يكون إماماً.. انتهى([9]).
ونقول:
إن بعض هذا الكلام وإن كان جيداً.. ولكن معظمه كلام
ماكر وخبيث يهدف إلى تعمية الحقيقة على الناس.. فقد:
1 ـ ادعى:
أن رؤساء المهاجرين هم الذين بايعوا أبا بكر، مع أن الذين بايعوه هم
أبو عبيدة، وعمر بن الخطاب، بالإضافة إلى قريبه أسيد بن حضير، وبشير بن
سعد، ثم انضم إليهم خالد، والمغيرة، ومعاذ بن جبل، ومحمد بن مسلمة
وأضرابهم بعد ذلك.
2 ـ
انه يوهم القارئ بأن الأمور قد جاءت بعفوية، مع أنه قد اتضح مما ذكرناه
في كتابنا هذا، وفي كتاب الصحيح من سيرة النبي «صلى الله عليه وآله»،
ومن كلمات علي «عليه السلام» وغيرها: أن الإستئثار بالخلافة كان أمراً
دبر بليل، وأن إرهاصاته بدأت تظهر من زمان رسول الله «صلى الله عليه
وآله»..
3 ـ
إنه حصر النفاق بمن يبغض علياً لقرابته من رسول الله. وهذا غير صحيح،
فإن من يبغضه للوتر والثأر منافق أيضاً.. وكذلك من يكره ما قرره الله
ورسوله في حقه «عليه السلام»، ويسعى في إبطاله.. وغير ذلك.
4 ـ
زعم أن خوفهم الفتنة هو الذي دعاهم لصرف الأمر عن علي «عليه السلام»..
وليس هذا صحيحاً، فإن توليته أمان من الفتنة وصرف الأمر عنه كان هو
الفتنة.
5 ـ
ادعى أنهم تأولوا النص، والصحيح أنهم ردوا النص عن علم بآرائهم، ونكثوا
البيعة.
6 ـ
زعم أنهم ردوا النص لأجل المصلحة الكلية، وهو غير صحيح بل ردوه لأجل
المصلحة الشخصية..
7 ـ
هل القربى من رسول الله «صلى الله عليه وآله» فضل مستغنى عنه؟! وكيف
يجتمع هذا مع قوله تعالى
{قُلْ
لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَ المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}؟
8 ـ
زعم أنهم قالوا: لو نصبنا علياً ارتد الناس عن الإسلام ولم يقل هذا
منهم أحد.. ولا يجرؤون على التفوه به لأنه رد على الله ورسوله.. كيف
وقد أقامه الرسول بأمر من الله تعالى وبايعوه ولا يفعل الله ورسوله ما
يوجب ردة الناس عن الدين.
9 ـ
وزعم أن كبراء الصحابة اتفقوا على صرف الأمر عن علي
«عليه السلام».
وهذا غير صحيح، فإن بني هاشم، وسلمان وعماراً، وأبا ذر، والمقداد،
وأُبي بن كعب، وكثيرين غيرهم لم يرضوا بصرف الأمر عن علي
«عليه السلام».. وإن كانوا لم يجرؤا على تحمل
مسؤولياتهم في مواجهة القوم بالحدة والشدة اللازمة لإعادة الحق إلى
صاحبه..
وهؤلاء وكثير آخرون كانوا على مثل رأيهم، هم عظماء
الصحابة عند رسول الله.. وكثير منهم من الكبار عند الناس أيضاً..
وفي كلامه مواضع أخرى للنظر، وما ذكرناه كاف فيما قصدنا
إليه إن شاء الله تعالى..
إن مراجعة النصوص تعطي:
أن الشورى كانت أمراً دبر بليل، وأن نتائجها كانت محسومة سلفاً. وأنها
كانت تهدف إلى تشتيت أمر المسلمين، واضعاف فئات بعينها، وذلك بايجاد
منافسين لهم، وأن عمر كان يسعى لإيصال شخص بعينه إلى الخلافة، وإبعاد
علي «عليه السلام»، وبني هاشم عنها.. وأنه كان مهتماً بتوطئة الأمر
لمعاوية.. بل ولعمرو بن العاص أيضاً، أو أي شخص آخر من بني أمية،
يستطيع متابعة هذه الأهداف، فلاحظ ما يلي:
ألف ـ
فمما دل على أنه يدبر لإيصال شخص بعينه نذكر الشواهد التالية:
1 ـ
ذكروا: أن عمر بن الخطاب أعطى سعيد بن العاص أرضاً في
المدينة، فاستزاده، فقال له عمر: «حسبك. واختبىء عندك: أن سيلي الأمر
بعدي من يصل رحمك، ويقضي حاجتك.
قال:
فمكثت خلافة عمر بن الخطاب حتى استخلف عثمان، وأخذها عن شورى ورضى،
فوصلني، وأحسن، وقضى حاجتي»([10]).
2 ـ
وعن أبي ظبيان الأزدي قال: قال لي عمر بن الخطاب: ما
مالك يا أبا الظبيان؟!
قال:
قلت: أنا في ألفين.
قال:
فاتخذ سائماً، فإنه يوشك أن يجيء أغيلمة من قريش يمنعون هذا العطاء»([11]).
ب:
ومما يدل على السعي لايجاد المنافسين لعلي «عليه السلام»، وبني هاشم،
ما يلي:
قول معاوية لابن حصين:
«إنه لم يشتت بين المسلمين، ولا فرق أهواءهم، ولا خالف بينهم إلا
الشورى، التي جعلها عمر إلى ستة نفر..
إلى أن قال:
فلم يكن رجل منهم إلا رجاها لنفسه، ورجاها له قومه. وتطلعت إلى ذلك
نفسه»([12]).
غير أننا قد ذكرنا:
أن السقيفة قد سبقت الشورى في ذلك، لكن الشورى أذكت الطموحات، ورسختها.
ج:
بالنسبة لإبعاد الأمر عن علي «عليه السلام» وبني هاشم نقول:
قد ذكرنا نصوصاً كثيرة يصرح فيها عمر: بأنه استبعد
علياً «عليه السلام»، لأن قريشاً لا تريده، غير أننا نقول:
تحدثنا النصوص:
أن عمر كان يستشير كعب الأحبار فيمن يوليه الأمر بعده (!!) حسبما
يجدونه في كتبهم (!!) فينفي كعب أن يصل إليها علي «عليه السلام»
ووُلْدُه، ويؤكد على انتقالها بعد الشيخين إلى بني أمية، فيصدِّق عمر
ذلك، ويستشهد له بما ورد عن النبي في شأن بني أمية([13]).
ولكن الوقائع أثبتت أن كعباً كان يكذب في أقواله، وأنه
قد كذب فيما ادعاه هنا أيضاً. فإن الخلافة وصلت للإمام علي «عليه
السلام»، ثم إلى ولده الإمام الحسن «عليه السلام» من بعده..
وإنما ادعى كعب ذلك لعمر، لأنه كان قد اطلع على ما
يجري، وعرف الميول السياسية، والأهواء التي تتحكم في مسار هذا الأمر..
فأراد أن يشجع الخليفة على مواصلة سعيه لإبعاد الخلافة عن علي «عليه
السلام» وبني هاشم، ويتخذ بذلك يداً عنده.
كما أن كعب الأحبار ربما يكون قد أحس من سؤال عمر أن
عمر بن الخطاب يريد أن يجعل عدم نيل علي «عليه السلام» للخلافة في
دائرة القضاء الإلهي الذي لا حيلة للبشر فيه.. وذلك من شأنه أن يؤثر في
الناس تخاذلاً عن علي «عليه السلام»، ويقلل من حماسهم لقضيته، فبادر
كعب إلى تلبية رغبة عمر على النحو المتقدم.
د:
لقد كان ثمة تركيز خاص من قبل عمر بن الخطاب على معاوية
بن أبي سفيان، واهتمام كبير بتأهيله للخلافة، وتهيئة الأجواء له، رغم
أنه كان من الطلقاء.. ويكفي أن نذكر هنا ما يلي:
إنه أبقاه على ولاية الشام لسنوات عدة، من دون أن يعرضه
في كل عام للمساءلة، التي كان يتعرض لها عماله في سائر الأقطار([14])،
والتي كانت ربما تصل في كثير الأحيان إلى حد الإهانة، والمس بالكرامة،
ثم الإستيلاء على الأموال من دون سبب ظاهر، سوى رغبة الخليفة بمقاسمتهم
أموالهم، مع أنه كان لا يولي أحداً أكثر من عامين([15]).
وحينما يطلب منه معاوية:
أن يصدر له أوامره لينتهي إليها، يقول له: لا آمرك ولا أنهاك([16]).
هذا بالإضافة إلى أمور أخرى يراها ويعرفها عنه، ويغضي
عنها، كتعامل معاوية بالربا، واظهاره البذخ والترف وغير ذلك.
وحول
تظاهر معاوية بالقبائح راجع:
دلائل الصدق([17])
للمظفر «رحمه الله»..
وقد ذُمَّ معاوية مرة عند عمر،
فقال:
دعونا من ذم فتى قريش، من يضحك في الغضب الخ([18])..
وفي نص آخر:
أن عمر قال فيه:
«احذروا آدم قريش، وابن كريمها، من لا ينام إلا على الرضا، ويضحك في
الغضب، ويأخذ ما فوقه من تحته»([19]).
وكان يجري عليه في كل شهر ألف دينار.
وفي رواية أخرى:
كان يجرى عليه في السنة عشرة آلاف دينار، ومع ذلك
يزعمون: أن عمر حج سنة عشر من خلافته، فكانت نفقته ستة عشر ديناراً،
فقال: أسرفنا في هذا المال([20]).
فلماذا الألف دينار في كل شهر إذن..
وكان عمر إذا نظر إلى معاوية يقول:
هذا كسرى العرب([21]).
وقال مرة لجلسائه:
تذكرون كسرى وقيصر، ودهاءهما، وعندكم معاوية؟!([22]).
وفي محاولة لفتح وإذكاء شهية معاوية للخلافة في اللحظة
الحاسمة، نجده يقول: إياكم والفرقة بعدي، فإن فعلتم، فاعلموا: أن
معاوية بالشام، فإذا وكلتم إلى رأيكم (يعرف ظ.) كيف يستبزها منكم» أو
«وستعلمون إذا وكلتم إلى رأيكم كيف سيبتزها دونكم»([23]).
ويقول لأهل الشورى:
«إن تحاسدتم، وتقاعدتم، وتدابرتم، وتباغضتم، غلبكم على هذا الأمر
معاوية بن أبي سفيان..
وكان معاوية يومئذ أمير الشام من قبل عمر»([24]).
وفي نص آخر:
أنه قال لأهل الشورى: «إن اختلفتم دخل عليكم معاوية بن أبي سفيان من
الشام، وبعده عبد الله بن أبي ربيعة من اليمن، فلا يريان لكم فضلاً إلا
بسابقتكم»([25]).
هذا..
وقد احتج عثمان على أمير المؤمنين «عليه السلام» حينما طلب منه أن يعزل
معاوية: بأن عمر هو الذي استعمله([26]).
كما واحتج معاوية نفسه على صعصعة، وعلى صلحاء الكوفة
بتولية عمر له أيضاً([27])..
الأمر الذي يعني: أن قول عمر كان قد أصبح كالشرع المتبع، كما أوضحناه
في بحثنا حول الخوارج.
وبعد.. فإننا نرى:
أن كعب الأحبار كان يلوح بالخلافة لمعاوية في عهد عثمان أيضاً([28])..
كما أن معاوية نفسه يصرح:
بأنه قد دبر الأمر من زمن عمر([29]).
هـ ـ
وحتى بالنسبة لعمرو بن العاص، نجد عمر بن الخطاب يقول:
«ما ينبغي لعمرو أن يمشي على الأرض إلا أميراً»([30]).
و ـ
ثم أمعن عمر في التوسع في أمر الخلافة، وإسقاطها، وجعلها في دائرة
الإبتذال والهوان، فأطمع بها حتى أمثال عبد الله بن أبي ربيعة.. كما
تقدم..
كما أن جميع النصوص المتقدمة تدلنا على أنه كان يراهن
على تحرك معاوية، وابن ربيعة، والزبير، وعمرو بن العاص.. لو فشلت
الشورى في تحقيق أغراضه. وهذا بالذات ما حصل حتى بعد قتل عثمان..
وقال الزبير لولده عبد الله في حرب الجمل:
«أنت والله قطعت بيننا، وفرقت ألفتنا، بما بليت به من
هذا المسير. وما كنت مبالياً من ولي هذا الأمر وقام به.
والله، لا يقوم أحد من الناس إلا من قام مقام عمر بن
الخطاب فيهم، فمن ذا يقوم مقام عمر بن الخطاب؟! فإن سرنا بسيرة عثمان
قتلنا، فما أصنع بهذا المسير، وضرب الناس بعضهم ببعض!!.
فقال عبد الله ابنه:
أفتدع علياً يستولي على الأمر، وأنت تعلم أنه كان أحسن أهل الشورى عند
عمر بن الخطاب؟! ولقد أشار عمر وهو مطعون، يقول لأهل الشورى: ويلكم،
أطمعوا علياً فيها، لا يفتق في الإسلام فتقاً عظيماً، ومنُّوه حتى
تجمعوا على رجل سواه»([31]).
وفي
مناسبة أخرى قال ابن الزبير لعبد الله بن عباس:
«ولقد سئل عبد الرحمان بن عوف عن أصحاب الشورى، فكان صاحبكم أحسنهم
عنده، وما أدخله عمر في الشورى إلا وهو يعرفه، ولكن خاف فتقه في
الإسلام([32]).
ونقول:
إننا نستخلص من هذا النص عدة أمور، نذكر منها ما يلي:
إن كلام الزبير هذا يشير أيضاً إلى أنه لم يكن مستعداً
للتضحية من أجل علي «عليه السلام»، وحقه، فتأييده له يوم السقيفة لم
يكن عن قناعة، ولا كان صادقاً فيما يظهره من استعداد للتضحية في هذا
السبيل.
تقدم أن الزبير بن العوام أظهر تحيره في السيرة العملية
التي يختارها، هل يختار سيرة عمر؟! أم يختار سيرة عثمان؟! وقد أظهر أنه
غير قادر على سيرة عثمان لأنه يخشى القتل، أما سيرة عمر فلا أحد يستطيع
أن يكون مثل عمر.. وكأنه كان يميل إلى العمل بسيرة عثمان، لكن يمنعه
الخوف من القتل.
واللافت هنا أمور ثلاثة:
الأول:
إنه لم يذكر سيرة النبي «صلى الله عليه وآله».. ولا أشار إليها، وكأن
من المفروغ عنه أنها ليست في دائرة الإحتمال أصلاً، فما هو السبب في
ذلك يا ترى؟!. ألم يسمع قول الله تعالى: {لَقَدْ
كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}([33])؟!
ألم يأمر النبي «صلى الله عليه وآله» بالعمل بسنته، والتزام نهجه؟!.
ومن جهة أخرى:
إن الزبير اختار الحديث عن سيرة عمر وعثمان، فلماذا لم يشر إلى سيرة
أبي بكر أيضاً؟!..
الثاني:
لماذا لا يقدر على العمل بسيرة عمر؟!
هل هو لأجل صعوبتها؟!
أم لأجل خطورتها؟!
أم لعدم رضى الناس بها؟!
أليسوا يذكرون:
أن علياً «عليه السلام» قال لطلحة والزبير في حرب الجمل: ما الذي
كرهتما من أمري، ونقمتما من تأميري، ورأيتما من خلافي؟!
قالا:
خلافك عمر بن الخطاب في القسم، وانتقاصنا حقنا في الفيء([34]).
ونادى أصحاب الجمل أيضاً بأمير
المؤمنين:
أعطنا سنة العمرين([35]).
والمقصود هو سنتهما في العطاء.
وقادة أصحاب الجمل هم:
عائشة، وطلحة والزبير.
فإن كان ذلك يزعجهم، فلماذا لم يردعوا أصحابهم عن هذا
الطلب؟! أو لماذا لم يصححوا لهم خطأهم فيه؟!
الثالث:
ألم يكن الزبير من الذين حرضوا على عثمان، وباشروا مناوأته، وحصروه،
وقتلوه، اعتراضاً منهم على سيرته؟!
فلماذا حليت سيرته الآن في عين الزبير يا ترى؟!
ولولا أنه كان يخشى القتل لاختار خصوص سيرة عثمان.. بل
هو لأجل عجزه عن العمل بسيرة عثمان كان يريد الإنصراف عن هذه الحرب
التي أثارها، فما عشت أراك الدهر عجباً!!
إن الذي يراجع ما اعتذروا به عن صرف الأمر عن علي «عليه
السلام» سيجد: أنه كله ـ تقريباً ـ قد ورد على لسان عمر بن الخطاب!!.
فهو المصدر الأساس، لهذه المزاعم، وهو الذي كان يسوّق
لها إذن.. فلماذا يدخل علياً «عليه السلام» في الشورى؟! ولماذا هذا
الإطراء منه لعلي «عليه السلام»؟! وسنجيب عن هذا السؤال عن قريب إن شاء
الله تعالى..
قد ذكرت بعض الروايات:
أن أركان الشورى بعد أن سمعوا مناشدات علي «عليه السلام» أسرَّ بعضهم
إلى بعض بأن الأمر لو وصل إلى علي وبني هاشم لم يخرج منهم أبداً([36]).
وكأن هذا النص يريد أن يوحي لنا بأن احتمال استئثار بني
هاشم بالأمر، وعدم التمكن من إزاحتهم عنه هو السبب في عزوف المتشاورين
عن علي «عليه السلام»..
غير أن الحقيقة هي:
أن القضية ليست قضية تشبث بني هاشم بالأمر، ومنعهم غيرهم من الوصول
إليه.. بل القضية قضية النص الإلهي، والنصب النبوي، الذي حصر ولاية
الأمر بأمير المؤمنين والأئمة «عليهم السلام» من بعده، الذين عينهم
الله تعالى ورسوله..
ولعل الأمر كان معكوساً في بعض
وجوهه، فإن من الواضح:
أنه «عليه السلام» لو لم يدخل في الشورى.. فلعل الخمسة كانوا سيتفقون
على تداول الخلافة فيما بينهم، فلا يسمحون بوصولها إلى علي «عليه
السلام»، والحال أنه يجب على علي «عليه السلام» أن لا يفرط في هذا
الأمر، من حيث أنه تكليف إلهي، لا من حيث أنه امتياز له كشخص. لأن عليه
أن يحفظ الشريعة بالمقدار الممكن..
على أن علياً «عليه السلام» كان يعلم أن الشورى، وإن
كانت لها سلبيات كبيرة جداً لكن كان لها إيجابية لم يردها أربابها، وهي
أنه «عليه السلام» كان يعلم أن هذه الشورى قد جعلت الأمر منحصراً بعلي
بعد عثمان، بعد أن انقسم أركانها إلى فريقين، رأس أحدهما علي «عليه
السلام»، فإن فرض عمر اختيار عثمان هذه المرة، فإن الأمر لن يتجاوز
علياً «عليه السلام» في المرة التالية بإقرار من أهل الشورى أنفسهم.
ولا يوجد من يفرض شورى جديدة تأتي بنظير عثمان مرة
أخرى.
وقد يقول قائل:
لو كان عمر يقصد بالشورى إيصال عثمان إلى الخلافة لكان بامكانه أن يوصي
إليه كما أوصى أبو بكر لعمر، ولم يكن أبو بكر أقوى من عمر في هذا
المجال..
ونجيب:
بأن وجود علي «عليه السلام»، ومكانته في المسلمين.. وملكاته وعلمه،
وموقعه في الدين، وظهور ضعف عمر في بيان الأحكام، وفي القضاء، وحتى في
العديد من سياساته، واحتياجه المستمر إلى علي «عليه السلام» طيلة تلك
السنوات ـ إن ذلك ـ قد جعل النص على عثمان، مع وجود علي «عليه السلام»
أمراً متعذراً. وكيف يمكن ذلك وقد ظهر فضل علي «عليه السلام» على جميع
الصحابة، وعرف الناس أن غيره لا يمكن أن يقاس به، فالجهر والتصريح
بالوصية لغير علي «عليه السلام» أصبح غير مقبول، لا من عمر، ولا من
غيره..
كما أن البناء على نقل الخلافة من السابق إلى اللاحق
بالوصية والنص يبطل ما تشبثوا به لتصحيح خلافة أبي بكر.. ويضعف منطقهم
في مقابل علي «عليه السلام» الذي لم يزل يحتج عليهم بالنص من رسول الله
«صلى الله عليه وآله».. فلا بد من إعادة تلميع الصورة، وصرف الأذهان عن
النص.
يضاف إلى ذلك:
أن انتقال الأمر فجأة إلى الأمويين الذين دأبوا على محاربة الإسلام
وأهله طيلة كل تلك السنين سوف يثير مخاوف أكثر الناس الذين ليس لهم
موقع سلطوي..
ونعود إلى طرح السؤال المحير الذي يقول:
لماذا لم يستبعد عمر علياً «عليه السلام» من هذه
الشورى؟! وكيف يخاطر بإشراكه «عليه السلام» فيها!!..
والجواب الصريح والواضح جاء من قبل عمر نفسه، وهو ما
تقدم من أنه كان قد دبر الأمر بنحو يستحيل معه أن يصل علي «عليه
السلام» إلى شيء.. وهو الذي أمر جماعته أن يطمعوا علياً فيها حتى لا
يفتق عليهم فتقاً عظيماً، وأن يمنعوه حتى يجمعوا على رجل سواه، وقد أسس
الشورى على هذا الأساس، فالمطلوب هو احتواء علي «عليه السلام»، ومنعه
من القيام بأية حركة معارضة. لأن عمر كان يعلم: أنه «عليه السلام» لو
أراد ذلك، فستكون حركته خطيرة، وغير مأمونة العواقب، إذ ربما يتمكن
«عليه السلام» من تضييع الخطط التي دبرها عمر وفريقه، ومن وراءهم من
قريش والعرب..
إنه يريد أن لا يجد علي «عليه
السلام» المبرر لأي تحرك عبر عنه عمر:
«بالفتق العظيم». وعمر كان يعلم أنه لا يتمكن من تحاشي
ذلك إلا إذا أظهر لعلي «عليه السلام» الموافقة، والمسايرة، وأبقاه في
دائرة الرجاء والأمل بالوصول إلى حقه، فإنه إذا أراد أن يقوم بأية حركة
في هذا الحال، فسيجد الناس حرجاً في مناصرته، لأنه لا يرون لتحركه
المناوئ مبرراً، ما دام أنه لم يستبعد عن دائرة الإحتمال بصورة
نهائية..
فإذا جاءت النتيجة في اللحظة الأخيرة لتظهر أنهم أجمعوا
على غيره، وأن سنة الشيخين قد تكرست في سياسة الحلفاء، ابتداءً من قمة
الهرم فإن الفرصة تكون قد فاتت، والمجال سيكون أضيق، لأن نفس هذه
النتيجة لا بد أن يفهمها بسطاء الناس على أنها طبيعية، وعلى أن أركان
الشورى ليس لهم موقف سلبي مسبق تجاه علي «عليه السلام»، وأنهم إنما
اختاروا غيره لأنهم وجدوا فيه مرجحات له عليه..
وقد يتوهم الناس السذج ـ أن أركان الشورى ربما يكونون
قد اطلعوا على أمور تسقط حظه من هذا الأمر، وتخرجه من دائرة الأهلية،
ولكنهم لا يريدون الإفصاح عنها إحساناً منهم إليه، وتفضلاً عليه..
فلماذا يباديهم هو بالإساءة إذن؟!
ولماذا يرفض قرارهم؟!
ألا يمكن اعتبار فعله هذا بالذات دليلاً على حبه
للدنيا، وعلى صحة اختيارهم لغيره، وسلامة قرارهم؟!
علي
يعلم بالمكيدة:
والكلام الوارد على لسان علي «عليه السلام»، بعد تشكيل
الشورى، يدل على أنه كان على علم بما يدبر له فيما يرتبط بالشورى، وعلى
علم بالنتائج التي سوف تتمخض عنها، ولكنه لم يبادر إلى رفضها، فيرد
سؤالان:
أحدهما:
كيف عرف ذلك؟!
الثاني:
كيف رضي بالاستمرار إلى النهاية؟!
والجواب عنهما معاً نجده في كلماته
«عليه السلام»، فقد صرح:
بأن الخلافة إنما صرفت عنه قبل أن يموت عمر، وقبل
اجتماع أركانها، وذلك بمجرد سماعه أوامر عمر بقتل أركان الشورى إن لم
يتفقوا، فلاحظ ما يلي:
1 ـ
إنهم بمجرد أن سمعوا أقوال عمر «خرجوا، فقال علي لقوم كانوا معه من بني
هاشم: إن أطيع فيكم قومكم لم تؤمروا أبداً».
وتلقاه العباس، فقال:
عدلت عنا.
فقال:
وما علمك؟!
قال:
قرن بي عثمان.
وقال:
كونوا مع الأكثر، فإن رضي رجلان رجلاً، ورجلان رجلاً، فكونوا مع الذين
فيهم عبد الرحمان بن عوف؟!
فسعد لا يخالف ابن عمه عبد الرحمان، وعبد الرحمان صهر
عثمان لا يختلفون، فيوليها عثمان عبد الرحمان، أو يوليها عبد الرحمان
عثمان.
فلو كان الآخران معي لم ينفعاني، بل إني لا أرجو إلا
أحدهما([37]).
إلى أن تقول الرواية:
فقال «عليه السلام»: أما إني أعلم أنهم سيولون عثمان، وليحدثن البدع
والأحداث، ولئن بقي لأذكرنك، وإن قتل أو مات ليتداولنها بنو أمية الخ..([38]).
2 ـ حين جعل عبد الرحمان الأمر إلى
عثمان قال له «عليه السلام»:
«حبوته حبو دهر، ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا، فصبر جميل والله
المستعان على ما تصفون. والله، ما وليت عثمان إلا ليرد الأمر إليك،
والله كل يوم هو في شأن..
فقال عبد الرحمان:
يا علي، لا تجعل على نفسك سبيلاً».
إلى أن قال:
«قال
«عليه السلام»:
إن الناس ينظرون إلى قريش، وقريش تنظر إليَّ بينها، فتقول: إن ولي
عليكم بنو هاشم لم تخرج منكم أبداً، وما كانت في غيرهم من قريش
تداولتموها بينكم»([39]).
3 ـ
عن أبي عبد الله «عليه السلام» قال: لما كتب عمر كتاب
الشورى بدأ بعثمان في أول الصحيفة، وأخر علياً أمير المؤمنين «عليه
السلام»، فجعله في آخر القوم، فقال العباس: يا أمير المؤمنين يا أبا
الحسن، أشرت عليك في يوم قبض رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن تمد
يدك فنبايعك، فإن هذا الأمر لمن سبق إليه، فعصيتني حتى بويع أبو بكر.
وأنا أشير عليك اليوم: إن عمر قد كتب اسمك في الشورى، وجعلك آخر القوم،
وهم يخرجونك منها، فأطعني ولا تدخل في الشورى.
فلم يجبه بشيء، فلما بويع عثمان،
قال له العباس:
ألم أقل لك.
قال له:
يا عم، إنه قد خفي عليك أمر، أما سمعت قوله على المنبر: ما كان الله
ليجمع لأهل هذا البيت الخلافة والنبوة؟! فأردت أن يكذب نفسه بلسانه،
فيعلم الناس: أن قوله بالأمس كان كذباً باطلاً، وأنا نصلح للخلافة.
فسكت العباس([40]).
4 ـ
عن أبي صادق قال: لما جعلها عمر شورى في ستة، فقال: إن
بايع اثنان لواحد، واثنان لواحد، فكونوا مع الثلاثة الذين فيهم عبد
الرحمان، واقتلوا الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمان.
خرج أمير المؤمنين «عليه السلام» من الدار، وهو معتمد
على يد عبد الله بن العباس، فقال: ياابن العباس: إن القوم قد عادوكم
بعد نبيكم كمعاداتهم لنبيكم «صلى الله عليه وآله» في حياته، أمَ والله،
لا ينيب بهم إلى الحق إلا السيف.
فقال له ابن عباس:
وكيف ذلك؟!
قال:
أما سمعت قول عمر: إن بايع إثنان لواحد، فكونوا مع الثلاثة الذين عبد
الرحمان فيهم، واقتلوا الثلاثة الذين ليس فيهم عبد الرحمان!!
قال ابن عباس:
بلى.
قال:
أولا تعلم أن عبد الرحمان ابن عم سعد، وأن عثمان صهر عبد الرحمان؟!
قال:
بلى.
قال:
فإن عمر قد علم: أن سعد، وعبد الرحمان، وعثمان لا يختلفون في الرأي،
وأنه من بويع منهم كان الإثنان معه، وأمر بقتل من خالفهم، ولم يبال أن
يقتل طلحة إذا قتلني وقتل الزبير.
أمَ والله! لئن عاش عمر لأعرفنه سوء رأيه فينا قديماً
وحديثاً، ولئن مات ليجمعني وإياه يوم يكون فيه فصل الخطاب([41]).
فقال العباس:
لم أرفعك إلى شيء.. إلخ..
إلى أن قال:
فقال علي «عليه السلام»:
أما إني أعلم أنهم سيولون عثمان، وليحدثن البدع والأحداث، ولئن بقي
لأذكرنك. وإن قتل أو مات ليتداولها بنو أمية. وإن كان حياً لتجدني حيث
يكرهون إلخ..([42]).
ويبقى سؤال:
إذا كان علي «عليه السلام» يعلم بخطتهم، أو يعلم ـ على الأقل ـ بنتائج
الشورى العمرية، فلماذا رضي بالدخول فيها؟! ولماذا مكّن عمر من تمرير
خطته؟! ألم يكن بإمكانه أن يعلن رفضه الدخول في هذا الأمر بمجرد تفوه
عمر به؟!
ويمكن أن يجاب:
بأن ذلك وإن كان ممكناً في حد نفسه، ولكنه «عليه السلام» اختار البقاء،
لأنه رأى أن ذلك هو أهون الشرين، وأقل الضررين..
إنه «عليه السلام» لو فعل ذلك، فسيصبح موضع لوم وإدانة
من أكثر الناس، وسيتخذ ذلك مناوؤوه رأس حربة، وذريعة ومبرراً للطعن في
نواياه، وسيساعدهم على التظاهر بالمظلومية، وحسن النية وسلامة الطوية،
وأنه لا مبرر لاتخاذه هذا الموقف إلا طمعه بالدنيا، وسعيه لإثارة الفتن
ضد من لا ينوون له إلا الخير والسلامة، ولا يزالون يطرونه ويمدحونه،
ويقدمونه، ويستجيبون لمطالبه، ويعتبرونها بمثابة أوامر..
ويبقى هنا سؤال يقول:
لماذا ألزمهم عمر بأن يختاروا الخليفة من ضمن الستة.. فلو اختاروا
شخصاً من غيرهم بالإجماع، أو باتفاق أربعة منهم، أو باتفاق علي «عليه
السلام» وعثمان، أو باتفاق ثلاثة فيهم عبد الرحمان بن عوف، فهل هذا
الإختيار لا يحقق رغبة عمر!! ولماذا لا يحققها؟!
وهل سيرضى الناس به منهم؟!
ولا يعترض أحد منهم عليه؟!
وهل سوف يعتبرونه خليفة شرعياً للمسلمين، لأن ستة من
أهل الحل والعقد قد بايعوه؟!
والماوردي يقول:
بيعة خمسة من المسلمين تكفي لعقد الإمامة!!([43]).
إن هذا السؤال ينتظر الإجابة من الذين يصححون هذه
الطريقة العمرية في اختيار الخليفة..
([1])
الأمالي للمفيد ص224 والبحار ج29 ص582.
([2])
بحار الأنوار ج32 ص143 و 167 والغدير ج9 ص80 والفتنة ووقعة
الجمل لسيف بن عمر الضبي ص115 وقاموس الرجال للتستري ج10 ص40
وج11 ص590 وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص459 و (ط مؤسسة الأعلمي)
ج3 ص477.
وراجع: الكامل في التاريخ ج3 ص206 والفتوح لابن أعثم ج2 ص437
والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص356 و (ط المطبعة البهية
بمصر سنة 1320 هـ) ج3 ص286 وتذكرة الخواص ص61 و 64 والخصائص
الفاطمية للكجوري ج2 ص157 وحياة الإمام الحسين للقرشي ج2 ص25
وصلح الحسن «عليه السلام» للسيد شرف الدين ص313 وعن العقد
الفريد ج3 ص300 والفصول المهمة للسيد شرف الدين ص126 وشرح
إحقاق الحق (الملحقات) ج32 ص442 والغدير ج9 ص80 و 85 و 145 و
279 و 323 و 351 وج10 ص305 والإمامة والسياسة (تحقيق الزيني)
ج1 ص51 و (تحقيق الشيري) ج1 ص72.
([3])
راجع: النص والإجتهاد للسيد شرف الدين ص394.
([4])
وقد قلنا: إن عمر ذكر هذا النكث، ولعله استناداً إلى ما سمعه
من رسول الله «صلى الله عليه وآله» من أن الزبير سيقاتل علياً
وهو له ظالم.
([5])
بل قول عمر لأصحاب الشورى: إن اختلفتم، عليكم على هذا الأمر
معاوية.. وقوله عن معاوية: هذا كسرى العرب، هو الذي أطمع
معاوية بهذا الأمر.
([6])
ذكرنا في بعض الفصول السابقة مراده من هذه العبارة، فلا نعيد..
([7])
راجع: الكامل في التاريخ ج3 ص66 حوادث سنة 23 وتاريخ اللأمم
والملوك ج4 ص428 حوادث سنة 23 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص294
وتاريخ المدينة لابن شبة ج3 ص924 وبحار الأنوار ج31 ص398
ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص349 وخلاصة عبقات
الأنوار ج3 ص339 و 342 و 347 والنص والإجتهاد ص384 و 398
والغدير ج5 ص375 ونهج السعادة ج1 ص113 والوضاعون وأحاديثهم
ص499 والشافي في الإمامة ج3 ص212.
([8])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص90 وكتاب الأربعين للشيرازي
ص256 وغاية المرام ج6 ص94.
([9])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص84 و 85 و 86 وكتاب الأربعين
للشيرازي ص252.
([10])
الطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص31 ومنتخب كنز العمال (بهامش مسند
أحمد) ج4 ص389 و 390 وكنز العمال ج12 ص580 وتاريخ مدينة دمشق
ج21 ص119.
([11])
جامع بيان العلم ج2 ص18 و (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص14
والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص694.
([12])
العقد الفريد ج2 ص281 والطرائف لابن طاووس ص482 وكتاب الأربعين
للشيرازي ص571 وبحار الأنوار ج31 ص53 وحياة الإمام الحسين
«عليه السلام» للقرشي ج1 ص322 ونهج الحق ص355 وإحقاق الحق
(الأصل) ص294.
([13])
راجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص81 فإنها قضية هامة.
وليراجع أيضاً الفتوح لابن أعثم ج3 ص87 و 88 فإنها قضية هامة
أيضاً.
([14])
دلائل الصدق ج3 ق1 ص209 و 211. وراجع النص والإجتهاد ص271.
([15])
التراتيب الإدارية ج1 ص269.
([16])
دلائل الصدق ج3 قسم 1 ص212 وتاريخ الأمم والملوك ج6 ص184 و (ط
مؤسسة الأعلمي) ج3 ص461 والإستيعاب ج3 ص1417 وتاريخ مدينة دمشق
ج59 ص112 و 113 وسير أعلام النبلاء ج3 ص133 والبداية والنهاية
ج8 ص133 وراجع: العقد الفريد ج1 ص14 وصلح الحسن «عليه السلام»
للسيد شرف الدين ص9.
([17])
دلائل الصدق للمظفر ج3 قسم 1 ص212 و 213 ومسند أحمد ج5 ص347 =
= وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص60 والغدير ج10 ص179
والوضاعون وأحاديثهم ص26 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص127 وسير
أعلام النبلاء ج5 ص52.
([18])
الاستيعاب (بهامش الأصابة) ج3 ص397 و (ط دار الجيل) ج3 ص1418
وقاموس الرجال للتستري ج10 ص117 وإحقاق الحق (الأصل) ص263
وتاريخ مدينة دمشق ج59 ص112 وحياة الإمام الحسين «عليه السلام»
للقرشي ج1 ص296 ودلائل الصدق ج3 قسم1 ص211 وفي العقد الفريد ج1
ص25 نسبة هذه الكلمات إلى عمرو بن العاص في معاوية.
([19])
عيون الأخبار لابن قتيبة ج1 ص9 وكنز العمال ج13 ص587 وشرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج12 ص97 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص281
والكامل في التاريخ ج3 ص60.
([20])
دلائل الصدق ج3 قسم 1 ص212 عن تاريخ الخلفاء ص141، والصواعق
المحرقة في سيرة عمر. وكنز العمال ج12 ص569 والطبقات الكبرى
لابن سعد ج3 ص308 والبداية والنهاية ج7 ص152.
([21])
الاستيعاب (بهامش الإصابة) ج3 ص369 و 397 و (ط دار الجيل) ج3
ص1417 وفيه: أنه كان إذا دخل الشام، ونظر إليه، قال ذلك،
والإصابة ج3 ص434 وأسد الغابة ج4 ص386 والغدير ج10 ص226 عنهم،
ودلائل الصدق ج3 ق1 ص212 وسير أعـلام النـبـلاء ج3 ص134
والأعـلام للزركلي ج7 ص262 وتاريخ الإسلام ج4 ص311 والبداية
والنهاية ج8 ص125 و (ط دار إحياء التراث) ج8 ص134 وشرح الأخبار
ج2 ص164 وتاريخ مدينة دمشق ج59 ص114 وإحقاق الحق (الأصل) ص263.
([22])
الفخري في الآداب السلطانية ص105 وقاموس الرجال للتستري ج10
ص118 وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص244 والكامل في التاريخ ج4 ص11
وحياة الإمام الحسين «عليه السلام» للقرشي ج1 ص295.
([23])
الإصابة ج3 ص434 و (ط دار الكتب العلمية) ج6 ص122 والبداية
والنهاية ج8 ص136 وتاريخ مدينة دمشق ج59 ص124.
([24])
راجع: شرح النهج للمعتزلي ج1 ص187 والنص والاجتهاد هامش ص281
عنه، وكتاب الأربعين للشيرازي ص568.
([25])
كنز العمال ج5 ص735 عن ابن سعد، وتاريخ مدينة دمشق ج59 ص124
والغدير ج10 ص30 والإصابة ج4 ص70.
([26])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج9 ص24.
([27])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص132 ـ 133 والغدير ج9 ص35 وتاريخ
الأمم والملوك ج5 ص88 ـ 90 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص366
والكامل في التاريخ ج3 ص57 ـ 60 و (ط دار صادر) ج3 ص143 ومواقف
الشيعة ج1 ص259.
([28])
البداية والنهاية ج8 ص127 و (ط دار إحياء التراث) ج8 ص136
ونسخة وكيع ص91 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص586 وأضواء على
السنة المحمدية ص180 وتاريخ مدينة دمشق ج59 ص123 وسير أعلام
النبلاء ج3 ص136 والكامل في التاريخ ج3 ص156 والنزاع والتخاصم
ص82.
([29])
الأذكياء لابن الجوزي ص28.
([30])
فتوح مصر وأخبارها ص180 و (ط دار الفكر) ص307 والإصابة ج3 ص2 و
(ط دار الكتب العلمية) ج4 ص539 وسير أعلام النبلاء ج3 ص70
وتاريخ مدينة دمشق ج46 ص155 وتاريخ الإسلام للذهبي ج4 ص92.
([31])
الجمل للشيخ المفيد ص289 و (ط مكتبة الداوري ـ قم) ص155.
([32])
الجمل للشيخ المفيد ص318 و (ط مكتبة الداوري ـ قم) ص170.
([33])
الآية 21 من سورة الأحزاب.
([34])
المعيار والموازنة ص113 والأمالي للطوسي ص732 وشرح نهج البلاغة
للمعتزلي ج7 ص41 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) ج2 ص280
وبحار الأنوار ج32 ص21 و 30 وفضائل أمير المؤمنين «عليه
السلام» لابن عقدة ص94.
([35])
الكامل للمبرد (ط دار نهضة مصر) ج1 ص144 وراجع: الكافي ج8 ص59
وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص269 والكامل في التاريخ ج3 ص343
والأخبار الطوال ص207 وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2
ص370 ـ 371 وتنقيح المقال ج2 ص83 ومعاني القرآن للنحاس ج6 ص362
وتفسير السمعاني ج5 ص103 والبرهان للزركشي ج3 ص312.
([36])
تاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص298 وشرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج 1 ص 194 والكامل في التاريخ ج3 ص72 ودلائل
الصدق ج3 ق1 ص116 وبحار الأنوار ج31 ص403 وخلاصة عبقات الأنوار
ج3 ص341 و 348 ونهج السعادة ج1 ص145 وتاريخ المدينة لابن شبة
ج3 ص931 وحليف مخزوم (عمار بن ياسر) لصدر الدين شرف الدين
ص180.
([37])
تاريخ الأمم والملوك ج3 ص229 و 230 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3
ص294 والكامل في التاريخ ج3 ص67 و 68 ودلائل الصدق ج3 ق1
ص116ومناقب أهل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص349 وخلاصة
عبقات الأنوار ج3 ص339 و 347 ونهج السعادة ج1 ص113 وتاريخ
المدينة لابن شبة ج3 ص925.
([38])
بحار الأنوار ج31 ص396 و 397 وراجع: تاريخ الأمم والملوك ج3
ص229 و 230 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص294 والكامل في التاريخ ج3
ص67 و 68 والغدير ج9 ص88 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص192.
([39])
تاريخ الأمم والملوك ج3 ص233 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص297 و
298 ودلائل الصدق ج3 ق1 ص116 وتاريخ المدينة لابن شبة ج3 ص930
وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص340 و 347 وراجع: الغدير ج10 ص12
ونهج السعادة ج1 ص144 وراجع في الفقرة الأخيرة عن نظر الناس
إلى قريش، ونظر قريش لنفسها أو إليه «عليه السلام»: بحار
الأنوار ج31 ص403 والكامل في التاريخ ج3 ص72.
([40])
علل الشرايع ص170 باب 134 ح1 وبحار الأنوار ج31 ص355.
([41])
بحار الأنوار ج31 ص357 و 358 والإرشاد للمفيد ج1 ص285 و 286.
([42])
بحار الأنوار ج31 ص396 و 397 وراجع: تاريخ الأمم والملوك ج3
ص229 و 230 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص294 والكامل في التاريخ ج3
ص67 و 68 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص192 و 193.
([43])
الأحكام السلطانية ص15 وراجع: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص6.
|