قال العلامة المجلسي:
روي عن سليم بن قيس الهلالي، أنه
قال:
رأيت علياً
«عليه السلام»
في مسجد رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
في خلافة
عثمان، وجماعة يتحدثون ويتذاكرون العلم، فذكروا قريشاً وفضلها،
وسوابقها، وهجرتها، وما قال فيها رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
من الفضل، مثل
قوله
«صلى الله عليه وآله»:
الأئمة من قريش.
وقوله «صلى الله عليه وآله»:
الناس تبع لقريش. وقريش أئمة العرب.
وقوله:
لا تسبوا قريشاً.
وقوله:
إن للقرشي مثل قوة رجلين من غيرهم.
وقوله:
من أبغض قريشا أبغضه الله.
وقوله:
من أراد هوان قريش أهانه الله..
وذكروا الأنصار وفضلها، وسوابقها، ونصرتها، وما أثنى
الله عليهم في كتابه، وما قال فيهم رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
من الفضل، وذكروا ما قاله في سعد بن معاذ، وفي جنازته.
والذي غسلته الملائكة، والذي حمته الدبر..
فلم يدعوا شيئاً من فضلهم حتى قال
كل حي:
منا فلان وفلان.
وقالت قريش:
منا رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
ومنا حمزة، ومنا جعفر، ومنا عبيدة بن الحارث، وزيد بن حارثة، ومنا أبو
بكر، وعمر، وسعد، وأبو عبيدة، وسالم، وابن عوف..
فلم يدعوا من الحيين أحداً من أهل السابقة إلا سموه،
وفي الحلقة أكثر من مائتي رجل، فيهم علي بن أبي طالب
«عليه السلام»،
وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة، والزبير، وعمار،
والمقداد، وأبو ذر، وهاشم بن عتبة، وابن عمر، والحسن والحسين «عليهما
السلام»، وابن عباس، ومحمد بن أبي بكر، وعبد الله بن جعفر.
ومن الأنصار:
أبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وأبو أيوب الأنصاري، وأبو الهيثم بن التيهان،
ومحمد بن مسلمة، وقيس بن سعد بن عبادة، وجابر بن عبد الله، وأبو مريم،
وأنس بن مالك، وزيد بن أرقم، وعبد الله بن أبي أوفى، وأبو ليلى، ومعه
ابنه عبد الرحمن قاعداً بجنبه، غلام صبيح الوجه، مديد القامة، أمرد.
فجاء أبو الحسن البصري، ومعه ابنه الحسن، غلام أمرد،
صبيح الوجه، معتدل القامة، قال: فجعلت أنظر إليه، وإلى عبد الرحمن ابن
أبي ليلى، فلا أدري أيهما أجمل، غير أن الحسن أعظمهما وأطولهما.
وأكثر القوم. وذلك من بكرة إلى حين الزوال، وعثمان في
داره، لا يعلم بشيء مما هم فيه.
وعلي بن أبي طالب
«عليه السلام»
لا ينطق هو ولا أحد من أهل بيته، فأقبل القوم عليه، فقالوا: يا أبا
الحسن! ما يمنعك أن تتكلم؟.
فقال:
ما من الحيين أحد إلا وقد ذكر فضلاً، وقال حقاً، فأنا أسألكم ـ يا
معاشر قريش والأنصار! ـ بمن أعطاكم الله هذا الفضل؟! أبأنفسكم
وعشائركم، وأهل بيوتاتكم، أم بغيركم؟!
قالوا:
بل أعطانا الله، ومنَّ به علينا بمحمد
«صلى الله عليه وآله»
وعشيرته، لا بأنفسنا وعشائرنا، ولا بأهل بيوتاتنا.
قال:
صدقتم، يا معاشر قريش والأنصار! ألستم تعلمون أن الذي نلتم به من خير
الدنيا والآخرة منا أهل البيت خاصة دون غيرهم؟!
فإن ابن عمي رسول الله «صلى الله
عليه وآله» قال:
إني وأهل بيتي كنا نوراً بين يدي الله تبارك وتعالى قبل أن يخلق الله
آدم
«عليه السلام»
بأربعة عشر ألف سنة، فلما خلق الله آدم وضع ذلك النور في صلبه، وأهبطه
إلى الأرض.
ثم حمله في السفينة في صلب نوح
«عليه السلام».
ثم قذف به في النار في صلب إبراهيم
«عليه السلام».
ثم لم يزل الله عز وجل، ينقلنا من الأصلاب الكريمة إلى
الأرحام الطاهرة، ومن الأرحام الطاهرة، إلى الأصلاب الكريمة من الآباء
والأمهات، لم يلتق واحد منهم على سفاح قط.
فقال أهل السابقة والقدمة، وأهل
بدر، وأهل أحد:
نعم قد سمعنا ذلك من رسول الله
«صلى الله عليه وآله».
ثم قال:
أنشدكم بالله، أتعلمون أني أول الأمة إيمانا بالله وبرسوله؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
نشدتكم بالله، أتعلمون أن الله عز وجل فضل في كتابه السابق على المسبوق
في غير آية. وإني لم يسبقني إلى الله عز وجل وإلى رسوله «صلى الله عليه
وآله» أحد من هذه الأمة؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
أنشدكم بالله، أتعلمون حيث نزلت:
﴿وَالسَّابِقُونَ
الأَوَّلُونَ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ﴾([1])،
﴿وَالسَّابِقُونَ
السَّابِقُونَ أُوْلَئِكَ المُقَرَّبُونَ﴾([2])
سئل عنها رسول
الله
«صلى الله عليه وآله»،
فقال: أنزلها الله عز وجل في الأنبياء وفي أوصيائهم، فأنا أفضل أنبياء
الله ورسله، وعلي بن أبي طالب
«عليه السلام»
وصيي أفضل الأوصياء؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
فأنشدكم بالله، أتعلمون حيث نزلت:
﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ
وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ﴾([3]).
وحيث نزلت:
﴿إِنَّمَا
وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ
يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾([4]).
وحيث نزلت:
﴿وَلَمْ
يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ اللهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ المُؤْمِنِينَ
وَلِيجَةً﴾([5])،
قال الناس: يا رسول الله! أخاصة في بعض المؤمنين، أم عامة بجميعهم؟!
فأمر الله عز وجل نبيه أن يعلمهم ولاة أمرهم، وأن يفسر
لهم من الولاية ما فسر لهم من صلاتهم وزكاتهم، وصومهم وحجهم، فنصبني
للناس بغدير خم، ثم خطب فقال:
أيها الناس! إن الله أرسلني برسالة ضاق بها صدري، فظننت
أن الناس مكذبوني، فأوعدني لِأبلغها، أو ليعذبنِّي.
ثم أمر فنودي بالصلاة جامعة ثم خطب،
فقال:
أيها الناس! أتعلمون أن الله عز وجل مولاي وأنا مولى المؤمنين، وأنا
أولى بهم من أنفسهم؟!
قالوا:
بلى يا رسول الله.
قال:
قم يا علي.
فقمت، فقال:
من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه.
فقام سلمان، فقال:
يا رسول الله «صلى الله عليه وآله»! ولاء كماذا؟!
قال:
ولاء كولائي، من كنت أولى به من نفسه، فعلي أولى به من نفسه، فأنزل
الله عز وجل:
﴿الْيَوْمَ
أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي
وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً﴾([6])،
فكبر رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
وقال: الله أكبر، تمام نبوتي، وتمام دين الله ولاية علي بعدي.
فقام أبو بكر وعمر وقالا:
يا رسول الله «صلى الله عليه وآله»! هذه الآيات خاصة في
علي؟!
قال:
بلى، فيه وفي أوصيائي إلى يوم القيامة.
قالا:
يا رسول الله «صلى الله عليه وآله»! بينهم لنا.
قال:
أخي ووزيري ووصيي، وخليفتي في أمتي، وولي كل مؤمن ومؤمنة بعدي. ثم ابني
الحسن، ثم ابني الحسين، ثم تسعة من ولد الحسين واحداً بعد واحد. القرآن
معهم، وهم مع القرآن، لا يفارقونه ولا يفارقهم حتى يردوا علي الحوض.
فقالوا كلهم:
اللهم نعم، قد سمعنا ذلك وشهدنا كما قلت سواء.
وقال بعضهم:
قد حفظنا جل ما قلت، ولم نحفظ كله، وهؤلاء الذين حفظوا أخيارنا
وأفاضلنا.
فقال علي «عليه السلام»:
صدقتم، ليس كل الناس يستوي في الحفظ.
أنشدكم بالله عز وجل من حفظ ذلك من رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
لما قام، وأخبر به.
فقام زيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وأبو ذر، والمقداد،
وعمار، فقالوا: نشهد لقد حفظنا قول رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
وهو قائم على المنبر، وأنت إلى جنبه، وهو يقول:
أيها الناس!
إن الله أمرني أن أنصب لكم إمامكم، والقائم فيكم بعدي، ووصيي وخليفتي،
والذي فرض الله على المؤمنين في كتابه طاعته، وقرنه بطاعته وطاعتي،
وأمركم بولايته، وإني راجعت ربي خشية طعن أهل النفاق وتكذيبهم، فأوعدني
ربي لأبلغنها أو يعذبني.
أيها الناس!
إن الله أمركم في كتابه بالصلاة، فقد بينتها لكم، والزكاة والصوم
والحج، فبينتها لكم وفسرتها. وأمركم بالولاية، وإني أشهدكم أنها لهذا
خاصة ـ ووضع يده على يد علي بن أبي طالب
«عليه السلام»
ـ ثم لابنيه من بعده، ثم للأوصياء من بعدهم من ولدهم
«عليهم السلام»، لا يفارقون القرآن ولا يفارقهم حتى يردوا عليَّ الحوض.
أيها الناس!
قد بينت لكم مفزعكم بعدي، وإمامكم، ودليلكم، وهاديكم، وهو أخي علي بن
أبي طالب، وهو فيكم بمنزلتي فيكم، فقلدوه دينكم وأطيعوه في جميع
أموركم، فإن عنده جميع ما علمني الله عز وجل من علمه وحكمته، فاسألوه،
وتعلموا منه ومن أوصيائه بعده، ولا تعلموهم، ولا تتقدموهم، ولا
تَخَلَّفوا عنهم، فإنهم مع الحق والحق معهم، ولا يزايلونه ولا
يزايلهم.. ثم جلسوا.
قال سليم:
ثم قال علي
«عليه السلام»:
أيها الناس! أتعلمون أن الله عز وجل أنزل في كتابه:
﴿إِنَّمَا
يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ
وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾([7])،
فجمعني وفاطمة وابني حسناً وحسيناً، ثم ألقى علينا كساءً، وقال: اللهم
إن هؤلاء أهل بيتي ولحمتي، يؤلمني ما يؤلمهم، ويجرحني ما يجرحهم، فأذهب
عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا.
فقالت أم سلمة:
وأنا يا رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!
فقال:
أنت إلى خير، إنما نزلت فيَّ، وفي أخي علي، (وفي ابنتي فاطمة([8]))
وفي ابني، وفي تسعة من ولد الحسين خاصة، ليس معنا أحد غيرنا.
فقالوا كلهم:
نشهد أن أم
سلمة حدثتنا بذلك، فسألنا رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
فحدثنا كما حدثتنا به أم سلمة.
ثم قال علي «عليه السلام»:
أنشدكم بالله، أتعلمون أن الله أنزل:
﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ
الصَّادِقِينَ﴾؟!([9]).
فقال سلمان:
يا رسول الله! عامة هذه الآية، أم خاصة؟!
فقال:
أما المأمورون فعامة المؤمنين، أمروا بذلك، وأما الصادقون فخاصة لأخي
علي «عليه السلام» وأوصيائي بعده إلى يوم القيامة..
فقالوا:
اللهم نعم.
قال:
فأنشدكم بالله، أتعلمون أني قلت لرسول الله
«صلى الله عليه وآله»
في غزوة تبوك: ولم خلفتني مع النساء والصبيان؟!
فقال:
إن المدينة لا تصلح إلا بي أوبك، وأنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا
أنه لا نبي بعدي؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
فأنشدكم بالله، أتعلمون أن الله عز وجل أنزل في سورة الحج:
﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا
رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ وَجَاهِدُوا
فِي اللهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ
فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ
سَمَّاكُمُ المُسْلِمينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ
شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا
الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ
فَنِعْمَ المَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ﴾؟!([10]).
فقام سلمان، فقال:
يا رسول الله! من هؤلاء الذين أنت عليهم شهيد، وهم شهداء على الناس،
الذين اجتباهم الله، ولم يجعل عليهم في الدين من حرج ملة أبيهم
إبراهيم؟!
قال:
عني بذلك ثلاثة عشر رجلاً خاصة دون هذه الأمة.
فقال سلمان:
بينهم لنا يا رسول الله؟!
فقال:
أنا، وأخي علي، وأحد عشر من ولدي؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
أنشدكم بالله، أتعلمون أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
قام خطيباً ـ ولم يخطب بعد ذلك ـ فقال:
أيها الناس!
إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، فتمسكوا بهما لا
تضلوا، فإن اللطيف الخبير أخبرني وعهد إلي أنهما لن يفترقا حتى يردا
علي الحوض.
فقام عمر بن الخطاب ـ وهو شبه
المغضب ـ فقال:
يا رسول الله! أكل أهل بيتك؟!
فقال:
لا، ولكن أوصيائي منهم، أولهم علي أخي، ووزيري، وخليفتي في أمتي، وولي
كل مؤمن بعدي. هو أولهم، ثم ابني الحسن، ثم ابني الحسين، ثم تسعة من
ولد الحسين، واحد بعد واحد، حتى يردوا علي الحوض، شهداء لله في أرضه،
وحججه على خلقه، وخزان علمه، ومعادن حكمته، من أطاعهم أطاع الله، ومن
عصاهم فقد عصى الله.
فقالوا كلهم:
نشهد أن رسول
الله
«صلى الله عليه وآله»
قال ذلك.
ثم تمادى بعلي «عليه السلام»
السؤال:
فما ترك شيئاً إلا ناشدهم الله فيه وسألهم عنه حتى أتى على آخر مناقبه،
وما قال له رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
كل ذلك يصدقونه ويشهدون أنه حق، ثم قال حين فرغ: اللهم اشهد عليهم.
وقالوا:
اللهم اشهد أنَّا لم نقل إلا ما سمعناه من رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
وما حدثناه من
نثق به من هؤلاء وغيرهم أنهم سمعوه من رسول الله
«صلى الله عليه وآله».
قال:
أتقرون بأن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
قال: من زعم أنه يحبني ويبغض علياً فقد كذب وليس
يحبني؟! ووضع يده على رأسي.
فقال له قائل:
كيف ذلك يا رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!
قال:
لأنه مني وأنا منه، ومن أحبه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن
أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله.
قال:
نحو من عشرين رجلاً من أفاضل الحيين: اللهم نعم.
وسكت بقيتهم.
فقال للسكوت:
ما لكم سكتم؟!.
قالوا:
هؤلاء الذين شهدوا عندنا ثقات في قولهم وفضلهم وسابقتهم.
قالوا (لعل الصحيح: قال):
اللهم اشهد عليهم.
فقال طلحة بن عبيد الله ـ وكان يقال
له داهية قريش ـ:
فكيف تصنع بما ادعى أبو بكر وأصحابه الذين صدقوه، وشهدوا على مقالته
يوم أتوه بك تقاد وفي عنقك حبل، فقالوا لك: بايع، فاحتججت بما احتججت
به، فصدقوك جميعا.
ثم ادعى أنه سمع رسول الله «صلى
الله عليه وآله» يقول:
أبى الله أن يجمع لنا أهل البيت النبوة والخلافة، فصدقه بذلك عمر، وأبو
عبيدة، وسالم، ومعاذ بن جبل.
ثم قال طلحة:
كل الذي قلت وادعيت، واحتججت به من السابقة والفضل حق نقر به ونعرفه.
فأما الخلافة فقد شهد أولئك الأربعة بما سمعت.
فقام علي
«عليه السلام»
ـ عند ذلك وغضب من مقالته ـ فأخرج شيئاً قد كان يكتمه،
وفسر شيئاً قاله يوم مات عمر لم يدر ما عني به، فأقبل على طلحة والناس
يسمعون.
فقال:
أما والله ـ يا طلحة ـ ما صحيفة ألقى الله بها يوم القيامة أحب إلي من
صحيفة الأربعة، الذين تعاهدوا وتعاقدوا على الوفاء بها في الكعبة في
حجة الوداع: إن قتل الله محمداً أو توفاه أن يتوازروا علي ويتظاهروا،
فلا تصل إلي الخلافة.
والدليل ـ والله ـ على باطل ما شهدوا وما قلت ـ يا طلحة
ـ قول نبي الله يوم غدير خم: من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به من
نفسه، فكيف أكون أولى بهم من أنفسهم، وهم أمراء علي وحكام؟!
وقول رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير النبوة، فلو كان مع النبوة غيرها
لاستثناه رسول الله
«صلى الله عليه وآله».
وقوله:
إني قد تركت فيكم أمرين: كتاب الله وعترتي، لن تضلوا ما تمسكتم بهما،
لا تتقدموهم ولا تخلفوا عنهم، ولا تعلموهم، فإنهم أعلم منكم.
أفينبغي أن يكون الخليفة على الأمة إلا أعلمهم بكتاب
الله وسنة نبيه، وقد قال الله عز وجل:
﴿أَفَمَن
يَهْدِي إِلَى الحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّيَ
إِلاَّ أَن يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾؟!([11])،
وقال:
﴿وَزَادَهُ
بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾([12])،
وقال:
﴿اِئْتُونِي
بِكِتَابٍ مِّن قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِّنْ عِلْمٍ﴾([13])؟!.
وقال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
ما ولت أمة قط أمرها رجلاً وفيهم من هو أعلم منه إلا لم يزل يذهب أمرهم
سفالاً حتى يرجعوا إلى ما تركوا.
فأما الولاية فهي غير الإمارة، والدليل على كذبهم
وباطلهم وفجورهم أنهم سلموا عليَّ بإمرة المؤمنين بأمر رسول الله
«صلى الله عليه وآله».
ومن الحجة عليهم، وعليك خاصة، وعلى هذا معك ـ يعني
الزبير ـ وعلى الأمة رأساً، وعلى سعد، وابن عوف، وخليفتكم هذا القائم ـ
يعني عثمان ـ فإنا معشر الشورى الستة أحياء كلنا ـ أن جعلني عمر بن
الخطاب في الشورى([14])،
إن كان قد صدق هو وأصحابه على رسول الله
«صلى الله عليه وآله»:
أجعلنا شورى في الخلافة أو في غيرها؟! فإن زعمتم أنه جعلها شورى في غير
الإمارة، فليس لعثمان إمارة، وإنما أمرنا أن نتشاور في غيرها، وإن كانت
الشورى فيها، فلم أدخلني فيكم؟! فهلا أخرجني؟!
وقد قال:
إن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
أخرج أهل بيته من الخلافة، وأخبر أنه ليس لهم فيها
نصيب؟!
ولم قال عمر حين دعانا رجلاً رجلاً،
فقال لعبد الله ابنه ـ وها هو إذا ـ:
أنشدك بالله يا عبد الله بن عمر! ما قال لك حين خرجت؟!
قال:
أما إذا ناشدتني بالله، فإنه قال: إن يتبعوا أصلع قريش لحملهم على
المحجة البيضاء، وأقامهم على كتاب ربهم وسنة نبيهم.
قال:
يا بن عمر! فما قلت له عند ذلك؟!
قال:
قلت له: فما يمنعك أن تستخلفه؟!
قال:
وما رد عليك؟!
قال:
رد على شيئاً أكتمه.
قال «عليه السلام»:
فإن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
أخبرني به في
حياته، ثم أخبرني به ليلة مات أبوك في منامي، ومن رأى رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
في نومه فقد رآه في يقظته.
قال:
فما أخبرك؟!
قال «عليه السلام»:
فأنشدك بالله يا ابن عمر! لئن أخبرتك به لتصدقن؟!
قال:
إذاً أسكت.
قال:
فإنه قال لك حين قلت له: فما يمنعك أن تستخلفه؟!
قال:
الصحيفة التي كتبناها بيننا والعهد في الكعبة، فسكت ابن عمر وقال:
أسألك بحق رسول الله «صلى الله عليه وآله» لما سكت عني.
قال
سليم:
فرأيت ابن عمر في ذلك المجلس خنقته العبرة وعيناه تسيلان.
وأقبل أمير المؤمنين علي
«عليه السلام»
على طلحة، والزبير، وابن عوف، وسعد، فقال: والله لئن كان أولئك الخمسة
(أو الأربعة([15]))
كذبوا على رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
ما يحل لكم
ولايتهم، وإن كانوا صدقوا ما حل لكم أيها الخمسة أن تدخلوني معكم في
الشورى، لأن إدخالكم إياي فيها خلاف على رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
ورد عليه.
ثم أقبل على الناس، فقال:
أخبروني عن منزلتي فيكم وما تعرفوني به، أصادق أنا فيكم أم كاذب؟!.
قالوا:
بل صديق صدوق، والله ما علمناك كذبت كذبة قط في جاهلية ولا إسلام.
قال:
فوالله الذي أكرمنا أهل البيت بالنبوة، وجعل منا محمداً
«صلى الله عليه وآله»،
وأكرمنا بعده بأن جعلنا أئمة المؤمنين، لا يبلغ عنه
غيرنا، ولا تصلح الإمامة والخلافة إلا فينا، ولم يجعل لأحد من الناس
فيها معنا أهل البيت نصيباً ولا حقاً.
أما رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
فخاتم
النبيين، وليس بعده نبي ولا رسول، ختم برسول الله
«صلى الله عليه وآله»
الأنبياء إلى
يوم القيامة، وجعلنا من بعد محمد
«صلى الله عليه وآله»
خلفاء في أرضه، وشهداء على خلقه، وفرض طاعتنا في كتابه،
وقرننا بنفسه في كتابه المنزل، وبينه في غير آية من القرآن.
ثم إن الله تبارك وتعالى أمر نبيه
«صلى الله عليه وآله»
أن يبلغ ذلك
أمته، فبلغهم كما أمره الله.. فأيهما أحق بمجلس رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
ومكانه.
وقد سمعتم رسول الله «صلى الله عليه
وآله» حين بعثني ببراءة، فقال:
لا يبلغ عني
إلا رجل مني، أنشدكم بالله، أسمعتم ذلك من رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
؟!
قالوا:
اللهم نعم، نشهد أنا سمعنا ذلك من رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
حين بعثك ببراءة.
فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»:
لا يصلح
لصاحبكم أن يبلغ عنه صحيفة قدر أربع أصابع، وإنه لا يصلح أن يكون
المبلغ عنه غيري، فأيهما أحق بمجلسه ومكانه ـ الذي سمي بخاصته أنه من
رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
أو من حضر مجلسه من الأمة ـ؟!
فقال طلحة:
قد سمعنا ذلك من رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
ففسر لنا كيف لا يصلح لاحد أن يبلغ عن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
غيرك؟!
ولقد قال لنا ولسائر الناس:
ليبلغ الشاهد الغائب.
فقال ـ بعرفة في حجة الوداع ـ:
نصر الله امرءاً سمع مقالتي ثم بلغها غيره، فرب حامل فقه لا فقه له،
ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن قلب امرئ مسلم:
إخلاص العمل لله عز وجل، والسمع والطاعة، والمناصحة لولاة الأمر، ولزوم
جماعتهم، فإن دعوتهم محيلة من ورائهم، وقال في غير موطن: ليبلغ الشاهد
الغائب.
فقال علي «عليه السلام»:
إن الذي قال رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
يوم غدير خم، ويوم عرفة في حجة الوداع، ويوم قبض في آخر
خطبة خطبها حين قال:
إني قد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما
تمسكتم بهما:
كتاب الله تعالى وأهل بيتي، فإن اللطيف الخبير قد عهد إلي أنهما لا
يفترقان حتى يردا علي الحوض كهاتين الإصبعين، ألا إن أحدهما قدام
الآخر، فتمسكوا بهما لا تضلوا ولا تزلوا، ولا تقدموهم ولا تخلفوا عنهم،
ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم.
وإنما أمر العامة جميعاً أن يبلغوا من لقوا من العامة
إيجاب طاعة الأئمة من آل محمد عليه وعليهم السلام، وإيجاب حقهم، ولم
يقل ذلك في شيء من الأشياء غير ذلك، وإنما أمر العامة أن يبلغوا العامة
حجة من لا يبلغ عن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
جميع ما يبعثه الله به غيرهم.
ألا ترى ـ يا طلحة ـ! أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
قال لي ـ وأنتم تسمعون ـ: يا أخي إنه لا يقضي عني ديني
ولا يبرء ذمتي غيرك، تبرئ ذمتي، وتؤدي ديني وغراماتي، وتقاتل على
سنتي؟!.
فلما ولي أبو بكر قضى عن نبي الله دينه وعداته،
فاتبعتموه جميعاً؟! فقضيت دينه وعداته، وقد أخبرهم إنه لا يقضي عنه
دينه وعداته غيري، ولم يكن ما أعطاهم أبو بكر قضاء لدينه وعداته، وإنما
كان الذي قضى من الدين والعدة هو الذي أبرأه منه.
وإنما بلغ عن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
جميع ما جاء به من عند الله من بعده الأئمة الذين فرض
الله في الكتاب طاعتهم، وأمر بولايتهم، الذين من أطاعهم أطاع الله، ومن
عصاهم عصى الله.
فقال طلحة:
فرجت عني، ما كنت أدري ما عنى بذلك رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
حتى فسرته لي،
فجزاك الله يا أبا الحسن عن جميع أمة محمد
«صلى الله عليه وآله»
الجنة.
يا أبا الحسن! شيء أريد أن أسألك عنه، رأيتك خرجت بثوب
مختوم، فقلت: أيها الناس! إني لم أزل مشتغلاً برسول الله
«صلى الله عليه وآله»
بغسله وكفنه ودفنه، ثم اشتغلت بكتاب الله حتى جمعته.
فهذا كتاب الله عندي مجموعاً لم يسقط عني حرف واحد.
ولم أر ذلك الذي كتبت وألفت، وقد رأيت عمر بعث إليك أن
ابعث به إلي، فأبيت أن تفعل، فدعا عمر الناس فإذا شهد رجلان على آية
كتبها، وإذا ما لم يشهد عليها غير رجل واحد أرجاها فلم يكتب، فقال عمر
ـ وأنا أسمع ـ: إنه قد قتل يوم اليمامة قوم كانوا يقرأون قرآنا لا
يقرأه غيرهم فقد ذهب.
وقد جاءت شاة إلى صحيفة، وكتاب يكتبون فأكلتها وذهب ما
فيها، والكاتب يومئذ عثمان.
وسمعت عمر وأصحابه الذين ألفوا ما كتبوا على عهد عمر
وعلى عهد عثمان يقولون: إن الأحزاب كانت تعدل سورة البقرة، وأن النور
نيف ومائة آية، والحجر مائة وتسعون آية، فما هذا؟! وما يمنعك ـ يرحمك
الله ـ أن تخرج كتاب الله إلى الناس؟!
وقد عهد عثمان حين أخذ ما ألف عمر فجمع له الكتاب، وحمل
الناس على قراءة واحدة، فمزق مصحف أبي بن كعب، وابن مسعود، وأحرقهما
بالنار؟!
فقال له علي «عليه السلام»:
يا طلحة! إن كل آية أنزلها الله جل وعلا على محمد
«صلى الله عليه وآله»
عندي بإملاء
رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
وخط يدي،
وتأويل كل آية أنزلها الله على محمد
«صلى الله عليه وآله»،
وكل حلال وحرام، أو حد، أو حكم، أو شيء تحتاج إليه الأمة إلى يوم
القيامة عندي مكتوب بإملاء رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
وخط يدي، حتى أرش الخدش.
فقال طلحة:
كل شيء من صغير أو كبير، أو خاص أو عام، أو كان أو يكون إلى يوم
القيامة فهو عندك مكتوب؟!
قال:
نعم، وسوى ذلك إن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
أسر إلي في مرضه مفتاح ألف باب من العلم يفتح كل باب
ألف باب.
ولو أن الأمة منذ قبض رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
اتبعوني وأطاعوني لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم.
يا طلحة! ألست قد شهدت رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
حين دعا
بالكتف ليكتب فيه ما لا تضل أمته، فقال صاحبك: إن نبي الله يهجر، فغضب
رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
فتركها؟!
قال:
بلى، قد شهدته.
قال:
فإنكم لما خرجتم أخبرني رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
بالذي أراد أن
يكتب ويشهد عليه العامة، فأخبره جبرئيل
«عليه السلام»
أن الله عز وجل قد قضى على أمته الإختلاف والفرقة.
ثم دعا بصحيفة فأملى علي ما أراد أن يكتب في الكتف،
وأشهد على ذلك ثلاثة رهط: سلمان وأبو ذر (لعل الصحيح: أبا ذر)
والمقداد، وسمى من يكون من أئمة الهدى الذين أمر الله بطاعتهم إلى يوم
القيامة، فسماني أولهم، ثم ابني هذا، ثم ابني هذا ـ وأشار إلى الحسن
والحسين ـ ثم تسعة من ولد ابني الحسين.
أكذلك كان يا أبا ذر ويا مقداد؟!
فقاما ثم قالا:
نشهد بذلك على رسول الله
«صلى الله عليه وآله».
فقال طلحة:
والله، لقد سمعت رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
يقول: ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة
أصدق ولا أبر عند الله من أبي ذر، وأنا أشهد أنهما لم يشهدا إلا بحق.
وأنت عندي أصدق وأبر منهما.
ثم أقبل علي «عليه السلام»، فقال:
اتق الله عز وجل يا طلحة! وأنت يا زبير! وأنت يا سعد! وأنت يا بن عوف!
اتقوا الله وآثروا رضاه، واختاروا ما عنده، ولا تخافوا في الله لومه
لائم.
ثم قال طلحة:
لا أراك يا أبا الحسن أجبتني عما سألتك عنه من أمر القرآن، ألا تظهره
للناس؟!.
قال:
يا طلحة! عمداً كففت عن جوابك، فأخبرني عما كتب عمر، وعثمان، أقرآن
كله؟! أم فيه ما ليس بقرآن؟!
قال طلحة:
بل قرآن كله.
قال:
إن أخذتم بما فيه نجوتم من النار ودخلتم الجنة، فإن فيه حجتنا، وبيان
حقنا، وفرض طاعتنا.
قال طلحة:
حسبي، أما إذا كان قرآنا فحسبي.
ثم قال طلحة:
أخبرني عما في يديك من القرآن، وتأويله، وعلم الحلال والحرام إلى من
تدفعه؟ ومن صاحبه بعدك؟!
قال:
إلى الذي أمرني رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
أن أدفعه إليه.
قال:
من هو؟!
قال وصيي وأولى الناس بعدي بالناس، ابني الحسن. ثم
يدفعه ابني الحسن عند موته إلى ابني الحسين، ثم يصير إلى واحد بعد واحد
من ولد الحسين حتى يرد آخرهم على رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
حوضه. هم مع القرآن لا يفارقونه، والقرآن معهم لا
يفارقهم.
أما إن معاوية وابنه سيليان بعد عثمان، ثم يليهما سبعة
من ولد الحكم بن أبي العاص، واحد بعد واحد، تكملة اثني عشر إمام ضلالة،
وهم الذين رأى رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
على منبره يردون الأمة على أدبارهم القهقرى، عشرة منهم
من بني أمية ورجلان أسسا ذلك لهم، وعليهما مثل جميع أوزار هذه الأمة
إلى يوم القيامة.
ثم قال المجلسي «رحمه الله»:
ولنذكر بعض الزوائد التي وجدناها في كتاب سليم، وبعض
الإختلافات بينه وبين سائر الروايات.
قال ـ بعد قوله ـ:
لم يلتق واحد منهم على سفاح قط.
فقال أهل السابقة والقدمة، وأهل
بدر، وأهل أحد:
نعم قد سمعنا ذلك من رسول الله
«صلى الله عليه وآله».
قال:
فأنشدكم الله، أتقرون أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
آخا بين كل رجلين من أصحابه وآخى بيني وبين نفسه، وقال:
أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة؟!
فقالوا:
اللهم نعم.
قال:
أتقرون أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
اشترى موضع مسجده ومنازله، فأتيناه، ثم بنى عشرة منازل
تسعة له، وجعل لي عاشرها في وسطها، ثم سد كل باب شارع إلى المسجد غير
بابي، فتكلم في ذلك من تكلم، فقال: ما أنا سددت أبوابكم وفتحت بابه،
ولكن الله أمرني بسد أبوابكم وفتح بابه؟!
ولقد نهى الناس جميعاً أن يناموا في المسجد غيري، وكنت
أجنب في المسجد([16])،
ومنزلي ومنزل رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
في المسجد،
يولد لرسول الله
«صلى الله عليه وآله»
ولي فيه أولاد؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
أفتقرون أن عمر حرص على كوة قدر عينه يدعها من منزله إلى المسجد فأبى
عليه، ثم قال
«صلى الله عليه وآله»:
إن الله أمر موسى
«عليه السلام»
أن يبني مسجداً طاهراً لا يسكنه غيره وغير هارون وابنيه، وإن الله
أمرني أن أبني مسجداً طاهراً، لا يسكنه غيري وغير أخي وابنيه؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
أفتقرون أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
قال ـ في غزوة تبوك ـ: أنت مني بمنزلة هارون من موسى،
وأنت ولي كل مؤمن من بعدي؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
أفتقرون أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
حين دعا أهل نجران إلى المباهلة أنه لم يأت إلا بي
وبصاحبتي وابني؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
أتعلمون أنه دفع إلي اللواء يوم خيبر، ثم قال: لأدفعن الراية غداً إلى
رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله، ليس بجبان ولا فرار، يفتحها
الله على يديه؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
أفتقرون أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
بعثني ببراءة وقال: لا يبلغ عني إلا رجل مني؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
أفتقرون أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
لم ينزل به شديدة قط إلا قدمني لها ثقة بي، وأنه لم يدع
باسمي قط إلا أن يقول: يا أخي.. وادعوا لي أخي؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
أفتقرون أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
قضى بيني وبين جعفر وزيد في ابنة حمزة، فقال: يا علي!
أنت مني وأنا منك، وأنت ولي كل مؤمن بعدي؟.
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
أفتقرون أنه كانت لي من رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
في كل يوم وليلة دخلة وخلوة، إذا سألته أعطاني، وإذا
سكتت ابتدأني؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
أفتقرون أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
فضلني على حمزة وجعفر، فقال لفاطمة: إن زوجك خير أهلي
وخير أمتي، أقدمهم سلماً، وأعظمهم حلماً؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
أفتقرون أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
قال: أنا سيد ولد آدم «عليه السلام» وأخي علي سيد
العرب، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
أفتقرون أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
أمرني بغسله،
وأخبرني أن جبرئيل
«عليه السلام»
يعينني عليه؟.
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
أفتقرون أن رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
قال في آخر خطبة خطبكم: أيها الناس! إني قد تركت فيكم
أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وأهل بيتي؟!
قالوا:
اللهم نعم.
قال:
فلم يدع شيئاً مما أنزل الله فيه خاصة، وفي أهل بيته من القرآن، ولا
على لسان رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
إلا ناشدهم
الله به، فمنه ما يقولون جميعاً: نعم. ومنه ما يسكت بعضهم، ويقول
بعضهم: اللهم نعم. ويقول الذين سكتوا: أنتم عندنا ثقات، وقد حدثنا
غيركم ممن نثق به أنهم سمعوا من رسول الله
«صلى الله عليه وآله».
ثم قال حين فرغ:
اللهم اشهد عليهم([17]).
ونقول:
لا بد من التذكير بأمور لعلها تفيد في إعطاء الإنطباع
الصحيح عن مضامين هذا الحوار فلاحظ ما يلي:
لقد ادعى اولئك الناس فضائل مختلفة لقريش وسواها.
والسؤال هو هل يمكن الحكم بصحة كل ما أوردوه من ذلك، استناداً إلى أن
نفس تصديق هذا الجمع الكثير يدل على صحة تلك الفضائل لأصحابها، وعلى
أنها قد صدرت من رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!..
يجاب عن هذا:
أولاً:
بالنفي، إذ لا يجب أن يكون جميع من لم يعترض على تلك المرويات قد سمعها
من رسول الله «صلى الله عليه وآله» مباشرة..
فلعله لم يسمعها، أو سمعها من أشخاص كان يهمهم روايتها
وإشاعتها بين الناس..
كما أنه قد لا يرى مصلحة في تكذيبها، أو في الإعتراض
عليها، لأن ذلك ربما يثير عصبيات فئات لا يريد أن يثيرها فيها.
ثانياً:
إن تلك الفضائل التي ذكرت إنما كان ملاك الفضل فيها هو رسول الله «صلى
الله عليه وآله».. أو الحمزة، أو جعفر، أو علي، أو بنو هاشم، فلا يمكن
عدها في جملة فضائل قريش كقبيلة وحي..
كما أن فضائل الأنصار إن ثبتت، فإنما ثبتت لهم لعين ما
ذكرناه آنفاً، فليلاحظ ذلك..
وقد قررهم «عليه السلام» بهذا
الأمر، فأقروا به، فقد قال لهم:
بمن أعطاكم الله هذا الفضل، أبأنفسكم؟ أو بعشائركم؟! وأهل بيوتاتكم؟!
أم بغيركم؟!
قالو:
بل أعطانا الله، ومنَّ به علينا بمحمد وعشيرته، لا بأنفسنا وعشائرنا،
ولا بأهل بيوتناً.
قال:
صدقتم، يا معشر قريش، والأنصار، أتعلمون الذي نلتم به من خير الدنيا
والآخرة منا أهل البيت خاصة دون غيرهم؟!
فيعترفون لعلي «عليه السلام».
وقد لاحظنا:
أن علياً «عليه السلام» حين بيّن لهم ما حباه الله به قد تعمد أن ينتزع
منهم الإعتراف بصحة كل مفردة على حدة مما يسوقه لهم، مقرراً جميع من
حضر ذلك الإجتماع..
أما ما ذكروه لأنفسهم، فإنهم قد اكتفوا بذكر ما راق
لهم، ولم يحاولوا الحصول على اعتراف جميع الحاضرين به لهم.
إن غرض علي «عليه السلام» من التذكير بتلك المكرمات لم
يكن هو الإفتخار والإستطالة بها على الناس، من حضر منهم، ومن لم يحضر..
بل هو يريد تكريس مفهوم الإمامة لصاحبها الشرعي، بعد ما كانت السياسات
تسعى لتقويضه وإسقاطه..
وذلك خدمة منه «عليه السلام» للناس، وعملاً بالتكليف
الإلهي، الذي يفرض عليه توعية الأمة على حقائق دينها، التي يراد تعمية
السبل إليها..
ولكننا حين نقرأ ما طرحه الآخرون من فضائل توهموها،
نلاحظ:
أنهم تحدثوا عن انتمائهم القبلي، وبروحية عشائرية، لعل
الكثيرين من الذين حضروا كانوا يجدون فيها ما يبرر حالة الزهو والخيلاء
والإعتزاز الشخصي لهم بأمر لو طلب منهم أن ينهضوا بأعبائه، وأن يتحملوا
مسؤولياته، وأن يطبعوا حياتهم بالطابع الذي يفرضه عليهم لوجدتهم
يبادرون لرفض ذلك، بل ربما كانوا من أشد الناس منابذة له، وحرباً عليه،
واضطهاداً له ولكل رموزه..
وشاهدنا على ذلك قول الرواية نفسها
عن الأنصار:
..فلم يدعوا شيئاً من فضلهم، حتى قال كل حي منها، منا فلان وفلان.
وقالت قريش:
منا رسول الله، ومنا حمزة، و.. و ..
إن بعض ما ذكره المجتمعون من روايات عن النبي «صلى الله
عليه وآله» بعنوان فضائل لأنفسهم إنما صدر عنه «صلى الله عليه وآله» في
سياق إثبات الإمامة، أو للتوطئة لها، مثل قوله «صلى الله عليه وآله»:
>الأئمة
من قريش<([18]).
ونزيد في توضيح تلك النصوص بذكر المثال والنموذج، فلاحظ
ما يلي:
ألف:
لعل الحديث القائل من أبغض قريشاً أبغضه الله، يراد به التحذير من
بغضها على سبيل العصبية والحمية الجاهلية، أو بغضها لأن رسول الله «صلى
الله عليه وآله» منها..
ب:
حديث: >الناس
تبع لقريش، وقريش أئمة العرب<
يرمي إلى بيان واقع عملي خارجي، من شأنه أن يرتب على قريش واجبات،
ويحملها مسؤوليات يجمل بها أن تلتفت إليها.
أي أن هذا الحديث يهدف إلى حمل قريش على التزام طريق
الإستقامة، ولذلك خصص إمامتها بالعرب، ولو كان المقصود الإمامة الإلهية
لعمم الكلام ليشمل جميع الأمم..
أي أنه «صلى الله عليه وآله» يريد
أن يقول:
إن الناس ينقادون عملياً لقريش، برهم لأبرارها، وفاجرهم لفجارها، كما
ورد في بعض نصوص هذا الحديث([19]).
وقد حصلت قريش على هذه الموقعية بسبب سدانتها للبيت،
ولغير ذلك من عوامل، فعليها أن تحسن النّظر لنفسها، ولا تكون سبباً في
جر الناس إلى الشقاء والبلاء.
ج:
حين نصل إلى أحاديث الثناء على الأنصار، نكاد نطمئن إلى
أن الهدف هو تحصين الأنصار من بغي قبائل العرب عليهم، ولا سيما قريش
التي كان الكثيرون منها يتربصون بالأنصار شراً، لأنه يرون أنهم هم
السبب في ظهور النبي «صلى الله عليه وآله» عليهم في حروبهم له..
ومن الواضح:
أن بغض قريش وغيرها للأنصار، يتنافى مع الإيمان بالله ورسوله، لأنهم
إنما يبغضونهم لنصرتهم الله ورسوله.
إن علياً «عليه السلام» وأهل بيته الذين كانوا في ذلك
المجلس، قد بقوا ساكتين طيلة تلك الفترة التي استمرت من بكرة إلى
الزوال..
فأما سكوت أهل بيته «عليه السلام»، فهو طبيعي، فإنهم لم
يكونوا ليتقدموا سيدهم وعظيمهم في ذلك.. ولعلهم أدركوا أن سكوته كان
لحكمة بالغة، اقتضته..
ولعلهم شعروا أن هذه الأجواء التي هيمنت على المجتمعين
لم تكن سليمة من الناحية الأخلاقية والشرعية، حين فاحت منها روائح
العصبيات الجاهلية، والعاهات الأخلاقية..
ولكن المهم هنا هو أن علياً «عليه السلام» لم يشارك في
شيء.. ولكنه لم يترك ذلك المجلس، ربما لأنه رأى فيه فرصة لتصحيح
المسار، ووضع الأمور في نصابها.. حين يصحح لهم البوصلة، ويعطي تلك
الأحاديث التي احتجوا بها معناها الحقيقي..
وهكذا كان..
فإنه «عليه السلام» قد تمكن من تذكيرهم بأصل أصيل لو
عادوا إليه لكان في تلك العودة نجاتهم، ونجاة الأمة بأسرها. ألا وهو
أصل الإمامة، الذي لا بد من مواصلة التذكير به، وإقامة الحجة عليهم فيه
رحمة بهم، وبالأجيال التي ستأتي بعدهم.. وقد فعل «عليه السلام» ذلك..
إن قوله «عليه السلام»:
ما من الحيين أحد إلا وقد ذكر فضلاً، وقال حقاً.. لا يدل على أنهم لم
يقولوا غير حق أيضاً، ولا على صحة كل ما قالوه.. فلعل بعضه لم يكن
كذلك.
وحتى لو كان كل ما ذكروه حقاً، فإن المهم هو أن يوظفوه
في الإتجاه الصحيح، ويبقوه في السياق الذي كان فيه.. فلا يحرفوه عن
مساره، باتجاه آخر كما هو ظاهر..
ويلاحظ:
أن علياً «عليه السلام» ذكر: أن النبي «صلى الله عليه وآله» أشهد
سلمان، وأبا ذر، والمقداد على ما كتبه، ولكن علياً «عليه السلام» اكتفى
بالطلب من المقداد وأبي ذر أن يشهدا على صحة كلامه، فهل غاب سلمان عن
ذلك المجلس في تلك اللحظة؟!
أو أنه «عليه السلام» خاف أن يقول
قائل:
سلمان أعجمي لا يفصح كما قالوا عن أم أيمن حين شهدت للزهراء «عليها
السلام» بفدك؟!
وقد وردت في مناشدات علي «عليه السلام» للحاضرين تعابير
لم نعهدها منه في أمثال هذه المجالس، مثل وصفه للخليفتين الأولين
بالكذب والباطل والفجور، مع أنه «عليه السلام» كان ينهى أهل بيته
وأصحابه عن ذكرهما على هذا النحو، فما عدا مما بدا؟!
إلا إن كانت هذه الكلمات قد زيدت من قبل الرواة، أو
أريد بها معنى أخف مما توحي به، فيراد بالكذب مجرد عدم موافقة أقوالهم
تلك للحقيقة، وكذا بالنسبة لكلمة الباطل..
ويراد بكلمة الفجور:
ما يلتقي مع معنى الجرأة على التفوه بخلاف الواقع..
وذكر «عليه السلام» في مناشدته:
أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أخبره في المنام ليلة مات عمر ـ ومن
رأى رسول الله «صلى الله عليه وآله» منَّا، فقد رآه.
فهل المقصود بقوله هذا خصوص الأئمة الطاهرين إذا رأى أي
منهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» في المنام، فقد رآه؟!.
أم أن المقصود:
أن كل من رأى النبي «صلى الله عليه وآله» في المنام فقد رآه. حتى لو
كان الرائي من سائر الناس، بل حتى لو كان غير مسلم؟!.
وكيف
يمكن الجمع بين هذا وبين الرواية التي تقول:
من رآنا فكذبوه؟!.
أم أن المراد بهذا الحديث هو ادعاء رؤية الإمام «عليه
السلام» في غيبته قطعاً لدابر الدعاوى الباطلة الهادفة إلى تضليل
الناس؟!
فإن كان هذا هو المراد، فكيف نفسر ما ينقل عن طائفة
كبيرة من علمائنا الأبرار أنهم رأوه «عليه السلام» في حال غيبته؟!..
إلا
أن يقال:
المراد تكذيب من يدَّعي ذلك، ويريد من الناس أن يصدقوه، وأن يعملوا
بالأوامر والتوجيهات التي يدعي أنها صدرت عنهم. وعلماؤنا ما كانوا
ليفعلوا ذلك.
أما المقصود بما روي عنهم «عليه
السلام»:
من رآنا فقد رآنا، فإن الشيطان لا يتمثل بنا، فقد يكون هو رؤية الأئمة
«عليهم السلام» في مناطق بعيدة عن محل سكناهم، كما في رؤيتهم علياً
«عليه السلام» يغسل سلمان الفارسي في المدائن، والمفروض أنه «عليه
السلام» في المدينة، ورؤيتهم الإمام الجواد في خراسان عند وفاة والده
الإمام الرضا «عليه السلام»، والمفروض: أنه في المدينة أيضاً.
ورؤيتهم الإمام السجاد في كربلاء يدفن الشهداء،
والمفروض أنه في الكوفة.
فلعل الناس صاروا يخبرون بما يرون.. فصار أعداؤهم
«عليهم السلام» يدفعون أقوال الناس حول ذلك: بأن الذي رأيتموه شيطان..
فجاء الرد عليهم بالقول: إن الشيطان لا يتمثل بنا..
وعلى كل حال،
إن هذه المسألة تحتاج إلى بيان أوفى، نسأل الله أن
يوفقنا لذلك.
وقد ذكرت الرواية:
أن سوراً في القرآن، ومنها سورة الأحزاب، كانت أطول مما هي عليه الآن،
وأن علياً «عليه السلام» لم يسلم مصحفه لعمر ولا لغيره..
ونحن نذكر القارئ بأن هذا لا يعني:
أن القرآن قد حرف وحذف منه، بل المقصود أن مصحف علي «عليه السلام» كان
فيه بيان الناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، وفي من نزلت كل آية،
وأين ومتى نزلت، في ليل أو نهار.. وفيه تأويل آياته، وبيان أسباب
نزولها، وغير ذلك..
ولم يكن هناك رغبة لدى المتضررين من ظهور هذه الأمور
بالإحتفاظ بمصحف يشتمل عليها.. ولذلك رفضه الحاكمون في البداية، وعملوا
على جمع القرآن مجرداً من كل ذلك، وأصدروا المرسوم المعروف عنهم:
«جردوا هذا القرآن». ثم طلبوه بعد ذلك من علي «عليه السلام»، ربما لكي
يخفوه، أو ليتلفوه، فلم يرِهم إياه..
([1])
الآية 100 من سورة التوبة.
([2])
الآيتان 10 و 11 من سورة الواقعة.
([3])
الآية 59 من سورة النساء.
([4])
الآية 56 من سورة المائدة.
([5])
الآية 16 من سورة التوبة.
([6])
الآية 3 من سورة المائدة.
([7])
الآية 33 من سورة الأحزاب.
([8])
الزيادة من الإحتجاج.
([9])
الآية 119 من سورة التوبة.
([10])
الآيتان 77 و 78 من سورة الحج.
([11])
الآية 36 من سورة يونس.
([12])
الآية 247 من سورة البقرة.
([13])
الآية 4 من سورة الأحقاف.
([14])
المراد: إن من الحجج عليهم جعل عمر بن الخطاب علياً «عليه
السلام» في الشورى الخ..
([15])
لعل الترديد من الراوي.
([16])
لا يجوز مقاربة الزوجة في المسجد، ولعامة الناس. فتجويز ذلك
للنبي «صلى الله عليه وآله» ولعلي «عليه السلام» يدل على أنهما
ليسا في هذا الأمر كسائر الناس، حيث يكون ذلك منهما لا ينافي
حرمـة المسجد، إما لأن لبيت سكناهما حرمة = = المسجد أو أكثر..
أو لأن حرمتهما من سنخ حرمة المسجد، فلا يضر هذا الأمر منهما
فيه. فكان هذا التصرف النبوي من موجبات إظهار هذا المقام
الجليل له ولعلي «صلوات الله وسلامه عليه».
([17])
بحار الأنوار ج31 ص407 ـ 427 و 428 ـ 432 وكتاب سليم بن قيس ج2
ص636 ـ 660 وغايـة المـرام ج2 ص102 و 103 وج6 ص103 وإكـمال = =
الدين ج1 ص247 ـ 279 مختصراً، وعن المصادر التالية: منهاج
الفاضلين للحموئي الخراساني (مخطوط)، وإثبات الهداة ج1 ص108 و
620 وج2 ص447 و 184 وفضائل السادات ج2 ص284 واللوامع النورانية
ص237 والغيبية للنعماني ص52 والتحصين لابن طاووس باب 25 ونور
الثقلين ج5 ص516 وفرائد السمطين ج1 ص312 وينابيع المودة ص114 و
445 وكفاية الموحدين ج2 ص343 و 359 وج3 ص202 ونزهة الكرام
لمحمد حسين الرازي ص539.
([18])
فتح الباري ج12 ص135 وج13 ص68 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6
ص24 و 29 و 37 والصراط المستقيم ج1 ص82 وج2 ص286 و 301 ووصول
الأخيار إلى أصول الأخبار ص69 والصوارم المهرقة ص59 و 73 و 168
و 170 وبحار الأنوار ج18 ص133 وج25 ص104 وج28 ص171 و 261 وج29
ص378 وج30 ص10 و 291 وج31 ص76 و 80 و 407 وج34 ص377 وتحفة
الأحوذي ج7 ص366 ومسند أحمد ج3 ص129 و 183 وج4 ص421 والمستدرك
للحاكم ج4 ص75 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص121 وج8 ص143 و 144
ومجمع الزوائد ج5 ص192 و 194 ومغني المحتاج ج4 ص130 وبدائع
الصنائع ج2 ص319 وحاشية رد المحتار ج1 ص590 وكشاف القناع ج1
ص574 وج6 ص202 والمحلى لابن حزم ج7 ص491 والكافي ج8 ص343 وعيون
أخبار الرضا ج1 ص69 وكمال الدين وتمام النعمة ص274 والإيضاح
لابن شاذان ص235 والهداية الكبرى ص138 و 408 والإحتجاج ج1 ص211
وتذكرة الفقهاء (ط.ج) ج4 ص309 وج9 ص394 ومختصر المزني ص24
والمجموع للنووي ج1 ص7 وج19 ص192 وفتح الوهاب ج2 ص268 ومناقب
آل أبي طالب ج1 ص96 و 310 والتحصين لابن طـاووس ص630 = = وكشف
المحجة لابن طاووس ص44 و 176 والمصنف للصنعاني ج11 ص58 والمصنف
لابن أبي شيبة ج7 ص545 ومسند أبي يعلى ج6 ص321 وج7 ص94 والسنن
الكبرى للنسائي ج3 ص467.
([19])
راجع: بصائر الدرجات ص53 وبحار الأنوار ج24 ص157 والمصنف لابن
أبي شيبة ج7 ص546 و 737 وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص622 وكنز
العمال ج14 ص77 والدر النظيم ص45.
|