صفحة :304-340   

 

1- الفصل الثاني: عثمان وعمار..

2- عثمان يتهدد عمار بن ياسر :
روى ابن أبي الحديد المعتزلي، عن ابن عباس أن عثمان، قال لعمار أما إنك من شُنَّائنا، واتباعهم. وأيم الله، إن اليد عليك منبسطة، وإن السبيل إليك لسهلة، ولولا إيثار العافية ولمّ الشعث لزجرتك زجرة تكفى ما مضى، وتمنع ما بقي.
فقال له عمار: والله ما أعتذر من حبي علياً «عليه السلام». وما اليد بمنبسطة ولا السبيل بسهلة، إني لازم حجة، ومقيم على سنة.
وأما إيثار العافية ولم الشعث فلازم ذلك.
وأما زجري فأمسك عنه، فقد كفاك معلمي تعليمي.
فقال له عثمان: إنك ـ والله ـ ما علمت لمن أعوان الشر، الحاضين عليه، الخذلة (عند)، عن الخير، والمثبطين عنه.
فقال عمار: مهلاً يا عثمان، فقد سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يصفني بغير ذلك.
فقال عثمان: ومتى؟!
قال: يوم دخلت أنا عليه منصرفه عن الجمعة، وليس عنده غيرك، وقد ألقى ثيابه، وقعد في فُضُله، فقبلت أنا صدره، ونحره، وجبهته، فقال: يا عمار، إنك لتحبنا وإنا لنحبك، وإنك لمن الأعوان على الخير، والمثبطين عن الشر.
فقال عثمان: أجل، ولكنك غيرت وبدلت.
فرفع عمار يديه يدعو، وقال: أمِّن يا ابن عباس، اللهم من غيَّر، فغيِّر به.
قال: ودخلنا المسجد، فأهوى عمار إلى مصلاه، ومضيت مع عثمان إلى القبلة، فدخل المحراب، وقال: تلبث علي إذا انصرفنا.
فلما رآني عمار وحدي أتاني، فقال: أما رأيت ما بلغ بي آنفا!
قلت: أما والله لقد أصعبت به وأصعب بك، وأن له لسنه، وفضله، وقرابته.
قال: إن له لذلك، ولكن لا حق لمن لا حق عليه. وانصرف.
وصلى عثمان وانصرفت معه يتوكأ علي، فقال: هل سمعت ما قال عمار؟!
قلت: نعم، فسرني ذلك وساءني، أما مساءته إياي فما بلغ بك، وأما مسرته لي فحلمك واحتمالك.
فقال: إن علياً فارقني منذ أيام على المقاربة، وإن عماراً آتيه فقائل له وقائل، فابدره إليه، فإنك أوثق عنده منه، وأصدق قولاً، فألق الأمر إليه على وجهه.
فقلت: نعم، وانصرفت أريد علياً «عليه السلام» في المسجد، فإذا هو خارج منه.
فلما رآني تفجع لي من فوت الصلاة، وقال: ما أدركتها!
قلت: بلى، ولكني خرجت مع أمير المؤمنين، ثم اقتصصت عليه القصة.
فقال: أما والله يا بن عباس، إنه ليقرف قرحة، ليحورن عليه ألمها.
فقلت: إن له سنه وسابقته، وقرابته وصهره.
قال: إن ذلك له، ولكن لا حق لمن لا حق عليه.
قال: ثم رهقنا عمار فبش به علي، وتبسم في وجهه، وسأله.
فقال عمار: يا ابن عباس، هل ألقيت إليه ما كنا فيه؟
قلت: نعم.
قال: أما والله إذا لقد قلت بلسان عثمان، ونطقت بهواه!
قلت: ما عدوت الحق جهدي، ولا ذلك من فعلي، وإنك لتعلم أي الحظين أحب إلي، وأي الحقين أوجب علي!
قال: فظن علي أن عند عمار غير ما ألقيت إليه، فأخذ بيده وترك يدي، فعلمت أنه يكره مكاني، فتخلفت عنهما، وانشعب بنا الطريق، فسلكاه ولم يدعني، فانطلقت إلى منزلي، فإذا رسول عثمان يدعوني، فأتيته، فأجد ببابه مروان وسعيد بن العاص. في رجال من بنى أمية، فأذن لي وألطفني، وقربني وأدنى مجلسي، ثم قال: ما صنعت؟!
فأخبرته بالخبر على وجهه، وما قال الرجل، وقلت له ـ وكتمته قوله: «إنه ليقرف قرحة ليحورن عليه ألمها» ـ إبقاء عليه، وإجلالاً له، وذكرت مجيء عمار، وبش علي له، وظن علي أن قِبَله غير ما ألقيت عليه، وسلوكهما حيث سلكا.
قال: وفعلا؟!
قلت: نعم.
فاستقبل القبلة، ثم قال: اللهم رب السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، الرحمن الرحيم، أصلح لي علياً، وأصلحني له! أمِّن يا ابن عباس.
فأمنت. ثم تحدثنا طويلاً، وفارقته وأتيت منزلي( ).
فهذا النص يعطي:
1 ـ أن عثمان يهدد عماراً، بأنه تحت يده، ولا يصعب عليه الإيقاع به، فلا يظنن عمار أنه يستطيع أن يمتنع منه بأي كان من الناس. ولكن عثمان يتخذ سبيل الإحسان والعفو، إيثاراً منه للعافية، وروماً لجمع الكلمة، ولم الشعث.
2 ـ إن ذنب عمار هو أنه ينتقد عثمان، ويعيبه، وأنه من أتباع من يشنؤه ويعيبه.. مع أن مجرد كون شخص من أتباع شخص يعيب الحاكم، لا يجعل للحاكم سبيلاً على ذلك التابع لمجرد تابعيته. فما معنى أن يجعل عثمان هذه التابعية من ذنوب عمار التي تبرر تهديده بالإيقاع به؟!
وقد بين عمار لعثمان هذه الحقيقة، وهي أنه إنما يتبع علياً «عليه السلام» لا جزافاً، وإنما استناداً إلى حجة واضحة، وسنّة بينة..
3 ـ إن عماراً قال: إن حبه لعلي «عليه السلام» ليس من الذنوب التي يعتذر منها، كما أنه ليس من مفردات التبعية التي تكون على حد تبعية الأبناء للآباء لمجرد أبوتهم لهم، وللقرابة فيما بينهم، بل لأنه يحب خصال الخير في علي «عليه السلام»، ولأن الله تعالى ورسوله أمرا بحبه «عليه السلام».. فهو مطيع لله، راجٍ لمثوبته في حبه هذا. فكيف يعتذر من حب أمر الله تعالى ورسوله به؟!..
4 ـ ولذلك حاول عثمان التنكر لهذه الحقيقة بادعاء: أن عماراً يعين علياً «عليه السلام» على فعل الشر، والتخذيل عن الخير.. معتبراً نفسه ـ بذلك ـ معياراً للخير والشر، لتصبح النتيجة هي: أن من وافق عثمان، وأعانه على سياساته التي يؤاخذونه عليها، ورضي بما يأتيه عُمَّاله من موبقات ومآثم، فهو معين على الخير.. ومن لم يرض بتلك الأفاعيل، كان من أعوان الشر. وهذا في الحقيقة من مصاديق صيرورة المنكر معروفاً، والمعروف منكراً..
وهو ما حذر النبي «صلى الله عليه وآله» الناس من الوقوع فيه.
5 ـ إن عماراً أرجع عثمان إلى نقطة الصفر ببيانه له: أن قول عثمان فيه يناقض قول رسول الله «صلى الله عليه وآله» فيه: إنك لمن الأعوان على الخير، والمثبطين عن الشر، بعد أن قرر «صلى الله عليه وآله» أنه يحب عماراً.
وهل أحب النبي «صلى الله عليه وآله» إلا الأخيار والأبرار والصالحين؟! الذين لم يغيروا ولم يبدلوا. ولم يرتابوا!!
6 ـ وحين لم يجد عثمان بداً من الإعتراف، ادعى أن عماراً قد غيّر وبدل عما كان عليه في عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله».. مع أن الأمر ليس كذلك، بل الذي غيّر وبدّل هو الذي أصبح يرى المعروف منكراً والمنكر معروفاً، ويصر على حمل الناس على تأييده في نظرته هذه، ومساعدته على تكريسها، فإن لم يفعلوا ذلك نابذهم، واتهمهم، وكفَّرهم، وحاربهم.. وأرسل إلى عماله ليرسلوا له الجيوش للإيقاع بهم.
7 ـ إذا أخذنا بمنطق عثمان هذا فليسمح لنا بأن نقول له ـ ونحن على حق فيما نقول ـ :
إن جميع ما ادعاه عثمان لنفسه، وادعاه له محبوه من فضائل، ومقامات، ووعود بالجنان، وبالحور الحسان مشروط بعدم تغييره وتبديله..
وقد شهدت الأمة عليه بأنه غيّر وبدّل، ومشي إليه المسلمون فقتلوه وأيدهم الصحابة في ذلك، باستثناء مروان، ومعاوية، والوليد بن عقبة، وسعيد بن العاص، وعبدالله بن عامر، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح. والكل يعلم أن هؤلاء من الطلقاء، ومن المرتكبين للفظائع والمآثم والموبقات.
8 ـ وقد استجيبت دعوة عمار على من غيَّر بأن يغيِّر الله به.. وكان ما كان مما جرى على عثمان، ولا يجهله أحد..
9 ـ ذكرت الرواية: أن ابن عباس وعماراً اتفقا على أن لعثمان سنه، وفضله، وقرابته، وأن المطلوب هو مراعاة ذلك له..
وربما يشكك البعض في موافقة عمار على ذلك، فإنه إذا كان يراه كافراً، فلا يمكن أن يعترف له بالفضل، وبالقرابة التي تستحق المراعاة.. إلا إن كان هذا قد حصل قبل أن يصل عمار إلى هذه النتيجة، ويحكم على عثمان بالكفر...
10 ـ أظهرت الرواية أن ابن عباس كان ليناً مع عثمان، موافقاً له، مدعياً أن له حقوقاً ينبغي حفظها له. وأظهرت أيضاً أنه كان يحظى بمكانة لدى عثمان. وكان عثمان يتودد له، ويستفيد منه في تمشية أموره.
11 ـ إن الرد الذي سمعه من علي «عليه السلام» كان نفس الرد الذي سمعه من عمار، حيث قررا معاً: أنه لا حق لمن لا يرى أن لأحد حقاً عنده. وهذا أصل أصيل في العلاقة بين الناس. وفي مستوى التعامل معهم. فإنه إذا كان إنسان يعتقد بأن لغيره حقاً. ثم يقصر في أدائه، فهذا التقصير لا يعفي الطرف الآخر من لزوم أداء الحق إليه.
ولكنه إذا اعتقد أن الآخرين لا حق لهم عنده أصلاً، وأن الله تعالى لم يجعل إلا حقاً واحداً وهو عليهم، فإن هذه النظرة تسقط حقه عليهم من الأساس أيضاً، عملاً بمبدأ المقابلة بالمثل..
12ـ قد أظهرت الرواية أيضاً حرص عثمان على أن يعرف علي «عليه السلام» بما جرى بنحو لا يضر بمصلحته، وأنه يرى أن عماراً لن يكون أميناً في نقله لعلي «عليه السلام» ما جرى، بل هو سوف ينقله بنحو يوجب زيادة تأزم العلاقة بينه وبين علي «عليه السلام». وكان يرى أن ابن عباس سينقل ما جرى بنحو مرضي له.
وهذا لا يمكن تصديقه في حق من يقول فيه رسول الله «صلى الله عليه وآله»: عمار مع الحق، والحق مع عمار.
ويقول فيه: عمار جلدة ما بين عيني..
ويقول: إن عماراً ملئ إيماناً إلى مشاشه.
13ـ من أين عرف عثمان أن ابن عباس أوثق عند علي «عليه السلام» من عمار، وأصدق قولاً منه؟! ولماذا لا يكون عكس ذلك هو الصحيح.. لا سيما مع علم علي «عليه السلام» بما قاله «صلى الله عليه وآله» في حق عمار.
وكيف جاز له أن يشكك في وثاقة عمار؟! وفي صدقه؟!..
14ـ إن عماراً يتهم ابن عباس بأنه يتكلم بلسان عثمان، وينطق بهواه. وهذا معناه: أنه لم يكن يثق به، وأنه كان يتعامل معه على هذا الأساس.
15 ـ وعن دعاء عثمان: بأن يصلح الله له علياً، ويصلحه له نقول:
إن قرائن الأحوال، ومنها: عدم قبوله أية نصيحة من علي «عليه السلام»، ومن غيره تدل على أنه إنما كان يريد بدعائه هذا أن يغير الله تعالى علياً «عليه السلام»، ويجعله وفق ما يريده عثمان، راضياً بجميع أعماله، ومؤيداً لكل تعدياته على بيت المال، مدافعاً عن سائر مخالفاته، بحيث تصير نظرته لا تختلف عن نظرة عثمان، لكي تصبح نصائح علي «عليه السلام» له تشبه في مضمونها وأهدافها نصائح مروان.
ولولا ذلك لكان من الممكن أن يحصل على رضا علي «عليه السلام» بدون هذا الدعاء، وذلك بأن يقبل بنصائحه، وبنصائح الخيار والكبار من الصحابة وغيرهم، ويصلح الأمور على أساسها. ويلتزم بما يفرضه عليه العقل، والشرع والضمير.. وتنحل المشكلات، وتزول المتاعب والعقبات..
16 ـ إن كلمة علي «عليه السلام» لابن عباس عن عثمان: إنه ليقرف (أي يقشر) قرحة، لَيَحُورَنَّ (أي ليرجعن) عليه ألمها. تدل على أنه «عليه السلام» قد تلقى ما جرى على أنه تحرش من عثمان، او أنه اعتبره من ذيول تصرفات صدرت عنه، كان عثمان البادئ بها، والمحرك لها. فيكون كالذي يقشر قرحة في جسده، يكون هو الذي يبتلي بآلامها وأسقامها..
وبعد، فإن هناك أموراً أخرى يمكن استفادتها من هذا الذي جرى، نرى أنه لا بد من الإغماض عنها، لكي نوفر الوقت والجهد لغيرها..
أسباب ضرب عثمان لعمار:
روى عباس بن هشام الكلبي، عن أبي مخنف في إسناده: أنه كان في بيت المال بالمدينة سفط فيه حلي وجوهر، فأخذ منه عثمان ما حلى به بعض أهله.
فأظهر الناس الطعن عليه في ذلك وكلموه فيه بكل كلام شديد حتى غضب فخطب، وقال: لنأخذن حاجتنا من هذا الفئ وإن رغمت أنوف أقوام.
فقال له علي «عليه السلام»: إذا تمنع من ذلك، ويحال بينك وبينه.
فقال عمار: أشهد الله أن أنفي أول راغم من ذلك.
فقال عثمان: أعلي ـ يا بن ياسر وسميةـ تجترئ؟!
خذوه..
فأخذوه، ودخل عثمان فدعا به، وضربه حتى غشي عليه، ثم أخرج فحمل إلى منزل أم سلمة زوج النبي «صلى الله عليه وآله» فلم يصل الظهر والعصر والمغرب، فلما أفاق توضأ وصلى.
وقال: الحمد لله، ليس هذا أول يوم أوذينا فيه في الله تعالى.
فقال هشام بن الوليد بن المغيرة المخزومي ـ وكان عمار حليفاً لبني مخزوم ـ: يا عثمان! أما علي فاتقيته. وأما نحن فاجترأت علينا، وضربت أخانا حتى أشفيت به على التلف، أما والله لئن مات لأقتلن به رجلا من بني أمية عظيم الشأن.
فقال عثمان: وإنك لها هنا يا بن القسرية!.
قال: فإنهما قسريتان ـ وكانت أمه وجدته قسريتين من بجيلة ـ، فشتمه عثمان، وأمر به فأخرج، فأتي به أم سلمة، فإذا هي قد غضبت لعمار.
وبلغ عائشة ما صنع بعمار فغضبت، وأخرجت شعراً من شعر رسول الله «صلى الله عليه وآله» ونعلاً من نعاله، وثوباً من ثيابه، وقالت: ما أسرع ما تركتم سنة نبيكم، وهذا ثوبه وشعره ونعله لم يبل بعد.
وروى آخرون: أن السبب في ذلك: أن عثمان مر بقبر جديد، فسأل عنه، فقيل: عبد الله بن مسعود.
فغضب على عمار لكتمانه إياه موته ـ إذ كان المتولي للصلاة عليه والقيام بشأنه ـ فعندها وطئ عثمان عماراً حتى أصابه الفتق( ).
وروى آخرون: أن المقداد، وطلحة، والزبير، وعماراً وعدة من أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» كتبوا كتاباً، عددوا فيه أحداث عثمان، وخوفوه ربه، وأعلموه أنه مواثبوه إن لم يقلع، فأخذ عمار الكتاب فأتاه به، فقرأ منه صدراً.
فقال عثمان: أعلي تقدم من بينهم؟!
فقال: لأني أنصحهم لك.
فقال: كذبت يا بن سمية!.
فقال: أنا والله ابن سمية وأنا ابن عمار.
فأمر غلمانه فمدوا بيديه ورجليه، ثم ضربه عثمان برجليه ـ وهما في الخفين ـ على مذاكيره فأصابه الفتق، وكان ضعيفاً كبيراً فغشي عليه( ).
وفي نص الثقفي: أن عثمان لما خطب، وقال: إنه سيؤثر بني أمية على رغم أنف من رغم.
قال عمار: أنفي والله ترغم من ذلك.
قال عثمان: فأرغم الله أنفك.
قال عمار: وأنف أبي بكر وعمر ترغم؟!
قال: وإنك لهناك يا ابن سمية.
ثم نزل إليه فوطأه، فاستخرج من تحته وقد غشي عليه، وفتقه( )..
ونقول:
أولاً: هناك رواية تقول: إن السبب في ضرب عثمان لعمار حتى أصيب بالفتق هو الكتاب الذي كتبه عشرة من الصحابة.. حيث اتهمه عثمان بأنه يجتري عليه من بينهم..
وتقدم قولهم: إن سبب ضربه لعمار هو قضية ابن مسعود.
ورواية ثالثة تذكر: أن السبب هو إعلانه إيثار بني أمية.
فهل الأسباب الثلاثة قد حصلت في أوقات متقاربة، فضربه عثمان عندها، فحكي ضربه له، وأسنده كل راو إلى سبب منها، وكلهم صادق في ذلك؟!
أو يقال: إن التناقضات التي ظهرت كانت أوهاماً من الرواة..
والأرجح: هو تعدد ضرب عثمان لعمار.. لتعدد الأسباب.
ويؤيده: وجود تناقضات لا تحلّ إلا بتقدير تعدد الواقعة.
ثانياً: إن علياً «عليه السلام» يقول لعثمان الذي كان يخطب، ويعلن أنه سيأخذ حاجته من الفيء: إذاً تمنع من ذلك، ويحال بينك وبينه. ولا يجيبه عثمان بشيء.. ولكنه بطش بعمار، لمجرد أنه أعلن عدم رضاه بما يقول عثمان.
وقد صرح هشام بن الوليد لعثمان بقوله: أما علي فقد اتقيته، وأما نحن فاجترأت علينا..
ثالثاً: إن كلمة علي «عليه السلام» لعثمان أوضحت ما يلي:
1 ـ إنه «عليه السلام» كان مرهوب الجانب، لا يجترئ عليه أحد، حين يجد الجد، ويبلغ السيل الزبى، وإن كانوا حين يأمنون جانبه يسيئون معاملته، ويجترئون عليه، ويظهرون ما يعتلج في صدروهم من حسد وحقد..
ولهذا الموقف نظائر كثيرة يمكن تتبعها، والوقوف عليها، ومنها رفضه «عليه السلام» للقبول بمنع عثمان من تشييع أبي ذر، وغضبه من مساوات عثمان له بمروان..
2 ـ إنه «عليه السلام» لم يصرح بإسم ولا بهوية من يمنعون عثمان من فعل ما يريد.. بل أبقى الأمر في دائرة الإبهام، لكي لا يفسح المجال للجدل العقيم، أو لإثارة العصبيات، وتحريك الأهواء..
رابعاً: إن عثمان لم يكن يملك منطقاً يواجه به عماراً، لأن خطابه مبني ـ أساساً ـ على الجبرية والقهر، وفرض القرار بالقوة..
بل إن كلمة عمار لم تتضمن جرأة ظاهرة على عثمان، وإنما تضمنت الإقرار بالعجز عن مواجهة القوة بالقوة، وإعلاناً لعدم الرضا بالفعل..
خامساً: إن عثمان يعرض لهشام بن الوليد بأمه، وكأنه يريد تنقصه بنسبته إليها..
سادساً: هل كان يجب على عمار أن يخبر عثمان بموت ابن مسعود، حتى لو كان عثمان قد طلب منه أن يخبره بذلك؟!
وهل كان يجب عليه أن يساعد عثمان في تلميع صورته أمام الناس؟! من دون أن يتراجع عثمان عن أي شيء من مخالفاته؟! ومنها ضربه لابن مسعود نفسه، حيث لم يتراجع عنه، ولا عن موجباته، ولم يصلح ما أفسده بفعله هذا..
سابعاً: هب أنه كان يجب عليه أن يخبره بذلك، أو اشتبه عليه الأمر في وجوب الطاعة في هذه القضية، بل لنفرض: أنه عصى هذا الأمر عمداً، فهل تصح عقوبته على ذلك؟!.. وهل العقوبة هي بإحداث الفتق له؟! وفي أي كتاب أو سنة وجد ذلك؟!
عثمان، وعمار، وسعد:
عن أبي كعب الحارثي: ..خرجت حتى أتيت المدينة، فأتيت عثمان بن عفان، وهو الخليفة يومئذ، فسألته عن شيء من أمر ديني.
وقلت: يا أمير المؤمنين، إني رجل من أهل اليمن من بنى الحارث بن كعب، وإني أريد أن أسألك، فأمر حاجبك ألا يحجبني.
فقال: يا وثاب، إذا جاءك هذا الحارثي، فأذن له.
قال: فكنت إذا جئت، فقرعت الباب. قال: من ذا؟!
فقلت: الحارثي.
فيقول: ادخل.
فدخلت يوماً، فإذا عثمان جالس، وحوله نفر سكوت لا يتكلمون، كأن على رؤوسهم الطير، فسلمت ثم جلست، فلم أسأله عن شيء لما رأيت من حالهم وحاله، فبينا أنا كذلك إذ جاء نفر، فقالوا: إنه أبى أن يجيء.
قال: فغضب.
وقال: أبى أن يجيء! اذهبوا فجيئوا به، فإن أبى فجروه جراً.
قال: فمكثت قليلاً، فجاءوا ومعهم رجل آدم طوال أصلع، في مقدم رأسه شعرات، وفى قفاه شعرات، فقلت: من هذا؟!
قالوا: عمار بن ياسر.
فقال له عثمان: أنت الذي تأتيك رسلنا فتأبى أن تجيء!
قال: فكلمه بشيء لم أدر ما هو، ثم خرج.
فما زالوا ينفضون من عنده حتى ما بقي غيري فقام، فقلت: والله لا أسأل عن هذا الامر أحدا أقول حدثني فلان حتى أدرى ما يصنع.
فتبعته حتى دخل المسجد، فإذا عمار جالس إلى سارية، وحوله نفر من أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» يبكون.
فقال عثمان: يا وثاب على بالشرط، فجاؤوا.
فقال: فرقوا بين هؤلاء، ففرقوا بينهم.
ثم أقيمت الصلاة، فتقدم عثمان فصلى بهم، فلما كبر قالت امرأة من حجرتها: يا أيها الناس.
ثم تكلمت، وذكرت رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وما بعثه الله به.
ثم قالت: تركتم أمر الله، وخالفتم عهده ونحو هذا، ثم صمتت، وتكلمت امرأة أخرى بمثل ذلك، فإذا هما عائشة وحفصة.
قال: فسلم عثمان، ثم أقبل على الناس، وقال: إن هاتين لفتانتان، يحل لي سبهما، وأنا بأصلهما عالم.
فقال له سعد بن أبي وقاص: أتقول هذا لحبائب رسول الله «صلى الله عليه وآله»!
فقال: وفيم أنت! وما هاهنا!
ثم أقبل نحو سعد عامدا ليضربه، فانسل سعد.
فخرج من المسجد، فاتبعه عثمان، فلقي علياً «عليه السلام» بباب المسجد.
فقال له «عليه السلام»: أين تريد؟!
قال: أريد هذا الذي كذا وكذا ـ يعنى سعداً يشتمه ـ.
فقال له علي «عليه السلام»: أيها الرجل، دع عنك هذا.
قال: فلم يزل بينهما كلام، حتى غضبا.
فقال عثمان: ألست الذي خلفك رسول الله «صلى الله عليه وآله» له يوم تبوك!
فقال علي «عليه السلام»: ألست الفار عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» يوم أحد.
قال: ثم حجز الناس بينهما.
قال: ثم خرجت من المدينة حتى انتهيت إلى الكوفة، فوجدت أهلها أيضا وقع بينهم شر، ونشبوا في الفتنة.
إلى أن قال: فلما رأيت ذلك رجعت حتى أتيت بلاد قومي( ).
ونقول:
إننا نشير هنا إلى الأمور التالية:
1 ـ لا ندري بأي حق يأمر عثمان بالإتيان بعمار بن ياسر إليه ولو جراً.. إلا إن كان عمار قد ارتكب ذنباً، ويريد عثمان أن يجري فيه حكم الله تبارك وتعالى..
ولكن ذلك لو كان لرأينا عثمان يغتنمها فرصة في عمار، الذي كان يضايقه جداً بمطالباته ونصائحه.
ويدل على ذلك: أنه حين جاؤوه بعمار لم يظهر منه أي شيء يدل على أنه قد فعل ما يستحق عليه العقوبة، وليس من حقوق الحاكم، ولا من صلاحياته أن يطيعه الناس في المجيء إليه إذا طلبهم، بل عليه هو أن يقصدهم، ويكلمهم فيما يريد.. فإن أحبوا أجابوا، وإن اختاروا السكوت كان لهم ذلك.
2 ـ إن امتناع عمار عن المجيء ربما يكون لأجل أنه فهم أن عثمان يريد أن يفرض عليه عدم ذكر شيء عن المخالفات التي يراها من عثمان، ومن أعوانه أو عماله، فإن هذا هو ما كان يحاوله باستمرار.. فأراد بهذا الإمتناع أن يفهمه أن ما يحاوله منه لن يحصل عليه..
3 ـ ليس من حق الحاكم استعمال القوة، والإستعانة بالشرط للتفريق بين الناس المجتمعين في المسجد، فإن هذا ظلم لهم، وتعدٍ منه عليهم غير مقبول.. وسيزيد ذلك من النقمة على ذلك الحاكم.
4 ـ إن عائشة وحفصة إنما تكلمتا بما رأتاه ولمستاه، ويوافقهما عليه سائر الصحابة آنئذٍ، فبأي شيء استحقتا السب من عثمان؟!
5 ـ المهم هو النظر إلى مضمون كلام حفصة وعائشة، وتطبيقه على الواقع الخارجي، فإن كان حقاً، أعاد الأمور إلى نصابها، وأصلح ما فسد، سواء أكان هذا الكلام صدر من فتَّان، أو من مخلص..
وإن كان ذلك الكلام باطلاً، فقد كان عليه أن يراعي حرمة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ولا يؤاخذهما بما صدر منهما..
6 ـ على أننا لم نستسغ تشكيكه بأصل عائشة وحفصة، حيث قال: وأنا بأصلهما عالم، فإن هذا الأمر مؤسف من رجل لم يحفظ حتى أبا بكر وعمر في ابنتيهما، رغم أنهما اللذان وضعاه في ذلك المقام، وأوصلاه إلى ما هو فيه، وإن كان ذلك قد تم بقيمة التعدي على أهل بيت رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وضرب الزهراء «عليها السلام».. إلى آخر ما هو معلوم ومفهوم، وذكرنا شطراً منه في هذا الكتاب..
7 ـ إن سعد ابن أبي وقاص لم يزد على أن ذكَّر عثمان بلزوم مراعاة جانب رسول الله «صلى الله عليه وآله» في زوجتيه، فلماذا يهجم عليه ليضربه، ويتبعه إلى خارج المسجد؟! ولماذا يشتمه؟!
8 ـ إن تخلف علي «عليه السلام» في غزوة تبوك، لم ينقص من قدره، بل هو من أسباب رفعة شأنه، وعلو مقامه، ولا سيما بعد أن منحه رسول الله «صلى الله عليه وآله» ذلك الوسام الجليل، الذي يقض مضاجع مناوئيه ويحرجهم، ويحرج أتباعهم، وسيبقى إلى يوم القيامة، حيث قال له «صلى الله عليه وآله»: أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي..
وقد تكلمنا فيما سبق عن بعض ما يرمي إليه «صلى الله عليه وآله» بكلامه هذا..
فكيف يعيره عثمان بما هو فضيلة له؟!
9 ـ إن علياً «عليه السلام» حين ذكر لعثمان حديث فراره في أحد، إنما ذكر له أمراً لا يرضاه أحد لنفسه، ولا شك في أنه يعد من أعظم العيوب، فإن الفرار من الزحف من الكبائر. فهل يصح ممن صدر منه مثل هذا الذنب العظيم، أن يعيب على علي «عليه السلام» بما هو من أعظم فضائله، وأجل مقاماته؟!
ما الذي جناه عمار؟!:
قالوا بالنسبة لسياسات عثمان:
فلم يزل عثمان كذلك حتى مضت له سنة من السنين كانت فيها أمور كثيرة من أمور عثمان، كلها كانت عندهم مكروهة، فعاتبه المسلمون عليها، فلم يعينهم ولم ينزع عنها.
قال: واجتمع نفر من أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله» ثم إنهم كتبوا كتاباً، وذكروا فيه كل حدث أحدثه عثمان منذ يوم ولي الخلافة إلى ذلك اليوم، ثم إنهم خوفوه في الكتاب وأعلموه [أنه] إن لم ينزع عما هو عليه خلعوه، واستبدلوا به غيره.
قال: فكتبوا هذا الكتاب، ثم قالوا: ننطلق به جميعاً حتى نضعه في يده، فإننا إن ذهبنا نكلمه وليس معنا كتاب لم يحضرنا من الكلام ما نريد.
ثم أقبلوا على عمار بن ياسر وقالوا له: يا أبا اليقظان! هل لك أن تكفينا هذا الأمر، وتنطلق بالكتاب إلى عثمان؟!
فقال عمار: أفعله، ثم أخذ الكتاب وانطلق إلى عثمان، فإذا عثمان وقد لبس ثيابه وخفيه في رجليه، فلما خرج من باب منزله نظر إلى عمار واقفاً والكتاب في يده، فقال له: حاجة يا أبا اليقظان؟!
فقال عمار: ما لي حاجة، ولكنا اجتمعنا فكتبنا كتاباً نذكر فيه أموراً من أمورك لا نرضاها لك، قال: ثم دفع إليه الكتاب، فأخذه عثمان فنظر فيه حتى قرأ سطرا منه، ثم غضب ورمى به من يده.
فقال له عمار: لا ترم بالكتاب وانظر فيه حسناً، فإنه كتاب أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأنا والله ناصح لك!
فقال له عثمان: كذبت يا بن سمية!
فقال عمار: أنا والله ناصح لك!
فقال عثمان: كذبت يا بن سمية!
فقال عمار: أنا والله ابن سمية وابن ياسر.
قال: فأمر عثمان غلمانه، فضربوه ضرباً شديداً حتى وقع لجنبه، ثم تقدم إليه عثمان فوطئ بطنه ومذاكيره، حتى غشي عليه، وأصابه الفتق، فسقط لما به لا يعقل من أمر شيئاً.
قال: واتصل الخبر ببني مخزوم، فأقبل هشام بن الوليد بن المغيرة في نفر من بني مخزوم فاحتملوا عماراً من موضعه ذلك، وجعلوا يقولون: والله لئن مات الآن لنقتلن به شيخاً عظيماً من بني أمية.
ثم انطلقوا بعمار إلى منزله مغشياً عليه، فلم يصل ظهراً ولا عصراً ولا مغرباً ولا عشاءً حتى ذهب بعض الليل، ثم أفاق بعد ذلك من غشيته، فقام فقضى ما فاته من صلواته كلها.
قال: فكان هذا من إحداثه الذي نقموا عليه( ).
وعند المفيد: أن عماراً أعطاه الكتاب «فلما قرأه تغير واستشاط غضباً، ثم قال له: يا ماص بظر أمه، أنت تجتري علي وتلقاني بما أكره؟!
ووثب إليه فدفعه حتى انصرع على الأرض، وداس بطنه وعورته، حتى أحدث وأغمي عليه، فلم يصل الظهر والعصر، والمغرب والعشاء الآخرة.
وعرف المسلمون ذلك فأنكروه.
وقال فيه ما هو مشهور( ).
ونص آخر لهذا الحدث يقول:
اجتمع ناس من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، فكتبوا كتاباً ذكروا فيه:
ما خالف فيه عثمان من سنة رسول الله وسنة صاحبيه.
وما كان من هبته خمس أفريقية لمروان وفيه حق الله ورسوله، ومنهم ذوو القربى واليتامى والمساكين.
وما كان من تطاوله في البنيان، حتى عدوا سبع دور بناها بالمدينة: داراً لنائلة، وداراً لعائشة وغيرهما من أهله وبناته.
وبنيان مروان القصور بذي خشب، وعمارة الأموال بها من الخمس الواجب لله ولرسوله.
وما كان من إفشائه العمل والولايات في أهله، وبني عمه من بني أمية، أحداث وغلمة لا صحبة لهم من الرسول، ولا تجربة لهم بالأمور.
وما كان من الوليد بن عقبة بالكوفة، إذ صلى بهم الصبح وهو أمير عليها سكران أربع ركعات ثم قال لهم: إن شئتم أزيدكم صلاة زدتكم، وتعطيله إقامة الحد عليه، وتأخيره ذلك عنه.
وتركه المهاجرين والأنصار لا يستعملهم على شيء، ولا يستشيرهم، واستغنى برأيه عن رأيهم.
وما كان من الحمى الذي حمى حول المدينة.
وما كان من إدراره القطائع والأرزاق، والأعطيات على أقوام بالمدينة ليست لهم صحبة من النبي عليه الصلاة والسلام، ثم لا يغزون ولا يذبون.
وما كان من مجاوزته الخيزران إلى السوط، وأنه أول من ضرب بالسياط ظهور الناس، وإنما كان ضرب الخليفتين قبله بالدرة والخيزران.
ثم تعاهد القوم ليدفعن الكتاب في يد عثمان.
وكان ممن حضر الكتاب عمار بن ياسر، والمقداد بن الأسود. وكانوا عشرة.
فلما خرجوا بالكتاب ليدفعوه إلى عثمان والكتاب في يد عمار، جعلوا يتسللون عن عمار حتى بقي وحده، فمضى حتى جاء دار عثمان، فاستأذن عليه، فأذن له في يوم شات، فدخل عليه وعنده مروان بن الحكم وأهله من بني أمية، فدفع إليه الكتاب فقرأه.
فقال له: أنت كتبت هذا الكتاب؟!
قال: نعم.
قال: ومن كان معك؟!
قال: كان معي نفر تفرقوا فرقاً منك.
قال: من هم؟!
قال: لا أخبرك بهم.
قال: فلم اجترأت علي من بينهم؟!
فقال مروان: يا أمير المؤمنين، إن هذا العبد الأسود (يعني عماراً) قد جرأ عليك الناس، وإنك إن قتلته نكلت به من وراءه.
قال عثمان: اضربوه.
فضربوه، وضربه عثمان معهم حتى فتقوا بطنه، فغشي عليه، فجروه حتى طرحوه على باب الدار.
فأمرت به أم سلمة زوج النبي عليه الصلاة والسلام، فأدخل منزلها، وغضب فيه بنو المغيرة، وكان حليفهم.
فلما خرج عثمان لصلاة الظهر، عرض له هاشم بن الوليد بن المغيرة، فقال: أما والله لئن مات عمار من ضربه هذا لأقتلن به رجلاً عظيماً من بني أمية.
فقال عثمان: لست هناك( ).
قال ابن عبد ربه: كتب أصحاب عثمان عيبه وما ينقمه الناس عليه في صحيفة، فقالوا: من يذهب بها إليه؟!
قال عمار: أنا.
فذهب بها إليه، فلما قرأها قال: أرغم الله أنفك.
قال: وبأنف أبي بكر وعمر.
قال: فقام إليه فوطئه حتى غشي عليه.
ثم ندم عثمان، وبعث إليه طلحة والزبير يقولان له: إختر إحدى ثلاث: إما أن تعفو، وإما أن تأخذ الأرش، وإما أن تقتص.
فقال: والله لا قبلت واحدة منها حتى ألقى الله( ).
ونقول:
1 ـ إن مراجعة ما جرى بين عثمان وعمار بن ياسر تعطي أن عماراً لم يقترف أي ذنب يدعو عثمان إلى مهاجمته بهذه الطريقة.. غاية ما هناك: أنه حمل كتاباً كتبه له نفر من الصحابة، ذكروا فيه أموراً لو أن عثمان لم يصر عليها لم تصل الأمور إلى حد الثورة عليه وقتله..
وقد كان المفروض بعثمان: أن يتقبل النقد، وأن ينظر في الأمور التي أخذوها عليه، فإن كانت صحيحة، أصلح وأناب..
ويفترض به: أن يشكرهم على نصيحتهم، لأنه يعلم أن النصيحة لأئمة المسلمين واجبة على الناس.. كما أن من الأقوال التي تداولها أو يعرفها عامة الناس: القول المأثور: رحم الله من أهدى إلي عيوبي( ).
وإن لم يرد الإعتراف لهم بهذا الجميل، أو استغشهم في أهداف نصيحتهم، فإن إصلاحه للأمور معناه سحب الذرائع منهم..
وإن كانت تلك الأمور مكذوبة عليه، فبإمكانه أن يوضح لهم وللناس ذلك، ويعرفهم مدى التجني والظلم الذي يتعرض له..
2 ـ إن من الغرائب أن نرى عثمان متشنجاً ثائراً إلى هذا الحد، من كتاب لم يطلع عليه، بل لم يكد يقرأ سطراً منه!!
وأغرب منه إصراره على تكذيب عمار في أن يكون ناصحاً له!!.. مع أن الله تعالى لم يكشف له عن قلب عمار، ولا فضح له نواياه؟!
وهو على دراية بما قاله الرسول «صلى الله عليه وآله» بحق عمار..
على أن المرء إنما يؤخذ بأقواله وأفعاله.. وليس لأحد من الناس أن يحاسب على النوايا، حتى لو صحت عنده..
3 ـ لنفترض: أن عماراً كان كاذباً في ادعائه النصح لعثمان، فهل يبرر ذلك بطش عثمان ومواليه به على النحو الذي تقدم ذكره؟!.
4 ـ هل ذنب عمار الذي استحق به كل هذه القسوة في البطش به هو حبه وقربه من علي «عليه السلام» وبني هاشم، ومواقف عرفت عنه تدين غضب الخلافة منهم؟!
أم أن ذنبه هو مجرد حمله رسالة نصيحة له من جماعة من الصحابة؟!
فإن كانت الرسالة هي السبب، فلماذا اكتفى بمهاجمة عمار؟! وهل عرف عثمان بقية الجماعة؟! وهل طالبهم؟! أو عاتبهم؟!
5 ـ لماذا يصر عثمان على نسبة عمار إلى أمه؟! هل يريد أن يعيبه بذلك؟!
وهل في سمية الشهيدة الصابرة المجاهدة التي ماتت تحت وطأة التعذيب القرشي ما تعاب به؟!
أم أنه كان يحتقر عنصر المرأة، ويريد أن ينتقص عماراً بنسبته إلى المرأة؟!
أم أنه يعيره ببشرة أمه. فهل هذا مما يعاب الناس به؟!
ولماذا استعر حتى تشظَّى غضباً، حين نسب عمار نفسه إلى سمية وإلى ياسر معاً؟!..
6 ـ إن عثمان بدل أن يعالج الأمور، ويصلح ما فسد، ويتقوى بذلك على مناوئيه.. زاد بما فعله بعمار الطين بلة، والخرق اتساعاً.. وأصبح ما فعله بعمار في عداد المآخذ والأحداث التي نقمها الناس منه..
وقد كان ذلك نتيجة تسرّع عثمان، وشعوره بالقوة، وانقياده لمشاعره الملتهبة، وانسياقه مع غضبه العارم.. ولم يعط للروية والتعقل أية فرصة للتدخل للجم هذا الغضب، والسيطرة على تلك المشاعر.
ويا ليت عثمان اعتذر من عمار كما اعتذر من كعب بن عبدة بعد أن جلده عشرين جلدة، وكان من صلحاء أهل الكوفة، لمجرد أنه كتب إليه بنصيحته..
7 ـ إن عثمان قد أفحش في سبه لعمار، حيث قال له: يا ماصّ بظر أمه.
وهذا لا يصدر من إنسان عادي، فكيف بمن هو في موقع الخلافة لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، ويريد أن ينشر في الناس أخلاق وتعاليم الرسول..
وهل هذا جزاء عمار وسمية الشهيدة الصابرة؟!
8 ـ لماذا أنكر عثمان النصيحة، وغضب منها إلى هذا الحد؟!
9 ـ وإذا كان الكتاب هو كتاب المسلمين وهو رأي طائفة كبيرة من الصحابة، وكان عمار مجرد رسول، فلماذا لا يراعي جانبهم، ويمتنع حتى عن قراءة كتابهم؟! ثم يبادر إلى عقوبة رسولهم إليه بهذه الحدة والشدة، وما الذنب الذي جناه عمار ليستحق منه كل هذه العقوبة؟!
متى ضرب عمار؟!:
ويفهم من رواية المفيد: أن ضرب عمار كان قبل وفاة أبي ذر «رحمه الله» سنة 32 للهجرة على الأشهر. وقيل: سنة 31.
فإنه «رحمه الله» بعد أن ذكر ضرب عثمان لعمار، حتى أصابه الفتق، قال: ثم إن عماراً «رحمه الله» صلح من مرضه، فخرج إلى مسجد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فبينما هو كذلك إذ دخل ناعي أبي ذر على عثمان من الربذة، فقال: إن أبا ذر مات بالربذة وحيداً، ودفنه قوم سفر.
فاسترجع عثمان، وقال: رحمه الله.
فقال عمار: رحم الله أبا ذر من كل أنفسنا.
فقال له عثمان: وإنك لهناك بعد، يا عاض أير أبيه (وفي نص البحار: وإنك لهناك؟! بعدُ ما برئْت)، أتراني ندمت على تسييري إياه؟! الخ..»( ).
فهذا النص يدل على أنه بمجرد برء عمار من الضرب والفتق الذي أصابه خرج إلى المسجد، فصادف وصول نعي أبي ذر. فإذا جمعنا بين هذه الرواية وبين غيرها يتضح: أن عماراً ضرب، فبلغ ذلك أبا ذر، فأنكره.
فلما برئ عمار من الفتق الذي أصابه وصل نعي أبي ذر، فأراد عثمان أن ينفي عمار إلى الربذة أيضاً، فتدخل علي «عليه السلام»، ومنع من ذلك..
أما بالنسبة للسؤال القائل: إذ كان علي «عليه السلام» قادراً على المنع من نفي عمار، فلماذا لم يمنع قبل ذلك من نفي أبي ذر إلى الشام، ثم إلى الربذة.. فسيأتي: أن الأمور تشير إلى أنه «عليه السلام» لم يكن قادراً على المنع من نفي أبي ذر.
ثم تغيرت الأمور، وأصبح قادراً على المنع من نفي عمار.
مشورة مروان:
ونرى: أن مشورة مروان بن الحكم التحريضية لعثمان على عمار ليس فقط لم تكن موفقة، وإنما كانت مغرضة تهدف إلى إغراق عثمان في بحر الهلاك، ولا ندري حقيقة الدوافع التي ساقته إلى مثل هذا الموقف..
إلا إن كان مروان قد تصور أن عثمان في مأزق حقيقي (ولو أنه أطاع مروان لتفاقم الأمر) وأن بوادر نتائج هذا المأزق قد ظهرت في التهديدات التي تلقاها عثمان من بني المغيرة، وبني مخزوم، بعد ضربه عماراً.
فلعل مروان قد فكر في أن الأمور إذا سارت على هذا النحو، فستنتهي إلى سقوط عثمان، ثم إمساكه هو بالسلطة إذا هب إلى نصرته معاوية وسواه من رجالات بني أمية الذين كانوا يهيمنون على البلاد والعباد في شرق الأرض وغربها..
غير أن الأعجب والأغرب هو أن نرى عثمان يستجيب لطلب مروان، ولو بنسبة أقل مما توخاه مروان، فيبادر إلى البطش بعمار، ويسجل هذا العدوان الكبير في صحائف مخالفاته، كما صرح به ابن أعثم بقوله: «فكان هذا من أحداثه الذي نقموا عليه».
عمار عبد أسود:
وقد وصف مروان عماراً بالعبد الأسود، بهدف تحقيره، وتصغير شأنه.. وقد علمنا: أن هذه النزعة قد رفضها الإسلام وأدانها، قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾( ).
وعن النبي «صلى الله عليه وآله»: لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود.. إلا بالتقوى»( ).
فما معنى تعيير الإنسان بلونه، الذي لم يكن باختياره، تماماً كما يكون طول قامته أو قصرها وكونه بحاجة إلى مكان، وإلى طعام وشراب، وإلى هواء يتنفسه، ليس باختياره أيضاً، وإنما يتفاضل الناس في إنجازاتهم التي يحققونها، وبالطريق التي يختارونها..
علي × أفضل من عمار:
قيل لحذيفة: إن عثمان قد قتل، فما تأمرنا؟!
قال: الزموا عماراً.
قيل: إن عماراً لا يفارق علياً.
قال: إن الحسد هو أهلك الجسد، وإنما ينفركم من عمار قربه من علي! فوالله، لعلي أفضل من عمار، أبعد ما بين التراب والسحاب، وإن عماراً من الأخيار( ).
ونقول:
1 ـ قلنا في بعض فصول هذا الكتاب: إن علياً «عليه السلام» هو إمام هذه الأمة ورائدها، ولكن كان من المعلوم: أن الأمة ستغدر به بعد استشهاد رسول الله «صلى الله عليه وآله».. وسيتعرض للكثير من التجني، والافتراء عليه، والدس والتحريف في كل ما له مساس به.. وسيطري الآخرون أعداءه، وسيغيرون على فضائله، ليمنحوها لمناوئيه والمنحرفين عنه..
2 ـ ومن الواضح: أن الذين سمعوا ورأوا، وعرفوا الأمور على حقيقتها، ويريدون أن يبلغوها للناس كما هي، هم قلة قليلة، لا يمكنها القيام بهذا الواجب لكثرة ما ستواجهه من عقبات وموانع، وصوارف وروادع.
3 ـ ثم من المعلوم أيضاً: أن الأكثرية الكاثرة، ولا سيما بعد فتح البلاد، ودخول الأمم المختلفة في هذا الدين، لا يعرفون الكثير عن علي وأهل البيت «عليهم السلام»، ولم يعيشوا الأحداث بأنفسهم، ولم يسمعوا من النبي «صلى الله عليه وآله» مباشرة، وسيضيعون في خضم الادعاءات التي يسمعونها، والشبهات التي سيواجهونها في كل اتجاه..
فكان لا بد من فتح نوافذ هداية إلى الحق لكل هؤلاء، وتوفير مفاتيح تسهل لهم تمييز الحق من الباطل، والواقعي من الزائف. فكان «صلى الله عليه وآله» يضع للناس أعلاماً، يختارهم من خيار الصحابة، ليكونوا لهم هداة إلى الحق. ويطلق في حقهم ما يدل الناس على انهم هم المرجعية لهم في مثل هذه الحالات، كما جرى لعمار بن ياسر مع عثمان حين بناء المسجد في أول الهجرة، حيث أنشد عمار:
لا يسـتـوي مـن يـعمر المسـاجد يـدأب فـيــهـا قـائــماً وقـاعــدا
ومـن يـرى عـن الـتراب حـائــدا
فتهدده عثمان، فسمعها النبي «صلى الله عليه وآله»، فغضب وقال: إن عمار بن ياسر جلدة ما بين عيني وأنفي، فإذا بلغ ذلك من المرء فقد بلغ.
وحينئذٍ أخذ بيد عمار، فطاف به في المسجد، وجعل يمسح وفرته من التراب ويقول:
«يا بن سمية، لا يقتلك أصحابي، ولكن تقتلك الفئة الباغية»( ).
فإذا كان عمار جلدة ما بين عيني الرسول، فمن يضرب عماراً يكون قد ضرب أعز وأكرم موضع في رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وهو جلدة ما بين عينيه.. ومن بلغ إلى هذا الحد، فإنه يكون قد بلغ أقصى المدى في الجرأة والتحدي والعدوان.
كما أنه إذا كانت الفئة الباغية هي التي تقتل عماراً، فيكون «صلى الله عليه وآله» قد دل الناس على المحق والمبطل، والباغي في حرب صفين، وهو معاوية بلا ريب.
كما أنه حين يقول: عمار مع الحق، والحق مع عمار، وكان عمار مع علي، فلا بد أن يعرف الناس: أنه «عليه السلام» هو المحق وغيره هو المبطل.
وإذا كان أبو ذر أصدق أهل الأرض، فلا بد أن يعرف الناس أن الذي يكذِّبه، أو يضربه، ظالم له، ومفتر عليه.
ومن المعلوم: أن هذه الكلمات في عمار، وفي أبي ذر، وفي سلمان والمقداد، كانت تنقل للناس من جميع الفئات حتى من أعداء هؤلاء الأشخاص: فكان يسهل عليهم تمييزها عن تلك الأمور التي كانت تنقل من جانب واحد، في مدح فريق بعينه.
هذا.. وقد صرّح حذيفة: بأن علياً «عليه السلام» أفضل من عمار، وأنه لا يقاس به، بل هو بالنسبة إليه أبعد ما بين السحاب والتراب.. ولا نريد أن نزيد على هذا شيئاً من عند أنفسنا.


 

([1]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 9 ص 11 ـ 13.

([2]) أنساب الأشراف ج5 ص48 و 49 وبحار الأنوار ج31 ص193 و 194 وشرح نهج البلاغة ج3 ص150 الخطبة رقم 43 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص170.

([3]) بحار الأنوار ج31 ص193 ـ 195 والشافي للسيد المرتضى ج4 ص289 ـ 291 وأنساب الأشراف ج5 ص48 و 49 والغدير ج9 ص16 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص50 وإحقاق الحق (الأصل) ص254 وسفينة النجاة للتنكابني ص247.

([4]) بحار الأنوار ج31 ص279 و 280 وعن الثقفي في تاريخه.

([5]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج9 ص3 ـ 5 وبحار الأنوار ج31 ص198 ـ 201 والسقيفة وفدك للجوهري ص81 ـ 83 والمصنف ج11 ص353 ـ 356.

([6]) الفتوح لابن أعثم ج2 ص153 ـ 155 و (ط دار الأضواء) ج2 ص372 ـ 374 وراجع: العقد الفريد ج2 ص272 والإمامة والسياسة ج1 ص32 وبحار الأنوار ج31 ص194 و 195 وأنساب الأشراف ج5 ص49 وشرح نهج البلاغة ج3 ص50.

([7]) الجمل للشيخ المفيد 185 و (ط مكتبة الداوري ـ قم) ص99 وأشار في هامش النسخة الأولى إلى مصادر كثيرة فراجع.

([8]) الإمامة والسياسة (تحقيق الزيني) ج1 ص35 ـ 36 و (تحقيق الشيري) ج1 ص50 ـ 51.

([9]) العقد الفريد ج4 ص119 و (ط أخرى) ج2 ص272 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص20 والغدير ج9 ص18.

([10]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص319 وج12 ص39 وج18 ص195 والسيف الصقيل رد ابن زفيل للسبكي ص219 وسير أعلام النبلاء ج7 ص393 والتفسير الكبير ج32 ص90 والغدير ج5 ص89 وسنن الدارمي ج1 ص163 وراجع: الكافي ج2 ص639 وتحف العقول ص366 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج12 ص25 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص413 ومستدرك الوسائل ج8 ص329 والإختصاص ص240 وبحار الأنوار ج75 ص249 وجامع أحاديث الشيعة ج16 ص46 ومستدرك سفينة البحار ج1 = = ص72 وج7 ص501 وج10 ص498 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج6 ص41 وج7 ص387 وج12 ص36 وميزان الحكمة ج3 ص2207.

([11]) الأمالي للمفيد ص69 ـ 72 و بحار الأنوار ج31 ص482 عنه.

([12]) الآية 13 من سورة الحجرات.

([13]) كنز العمال ج3 ص699 حديث 8502 و (ط مؤسسة الرسالة) ج2 ص42 وج3 ص93 و 699 ونيل الأوطار ج5 ص164 ومسند أحمد ج5 ص411 = = ومجمع الزوائد ج3 ص266 وج3 ص277 وج8 ص84 وفتح الباري ج6 ص382 والعهود المحمدية ص873 ومسند ابن المبارك ص106 والمعجم الأوسط ج5 ص86 والمعجم الكبير للطبراني ج18 ص13 والغدير ج6 ص188 والدر المنثور ج6 ص98 و 99 وتفسير الآلوسي ج26 ص163 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص482 ودقائق التفسير لابن تيمية ج2 ص22 ومعدن الجواهر للكراجكي ص21 وتفسير الميزان ج18 ص334 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص342 .

([14]) تاريخ مدينة دمشق ج43 ص456 وكنز العمال ج 7 ص 73 و (ط مؤسسة الرسالة) ج13 ص532 عن ابن عساكر، وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص12 والغدير ج 9 ص 28.

([15]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص142 و (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج2 ص345 وتاريخ الخميس ج1 ص345 والأعلاق النفيسة، ووفاء الوفاء ج1 ص329 والسيرة الحلبية ج2 ص72 وحياة الإمام الحسين للقرشي ج1 ص365 وحليف مخزوم (عمار بن ياسر) ص81 وراجع: خلاصة عبقات الأنوار ج3 ص40 و 50 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج2 ص44 وسبل = = الهدى والرشاد ج3 ص336 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص423 عن العقد الفريد (ط الشرقية بمصر) ج2 ص204 وقد ذكره في الغدير ج9 ص21 و 22 و 27 وج10 ص312 عن مصادر كثيرة جداً، لكنه أخذ منه بعض فقراته، فلا بد من مراجعة تلك المصادر الكثيرة لمن أراد المزيد من التحقيق.

 
 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان