صفحة :103-124   

الفصل الرابع: النص الأول.. أسانيد.. وأشخاص..

شروح خطبة البيان:

1 ـ معالم التأويل والبيان في شرح خطبة البيان، لأبي القاسم بن محمد نبي الحسيني الشريفي، الملقب بـ «ميرزا بابا»([1]). (فارسي) ألفه سنة 1281 ط بشيراز في سنة 1343 هـ . مطبعة أحمدي.

2 ـ خلاصة الترجمان، شرح خطبة البيان للشيخ محمد بن محمود دهدار الخفري([2]).

3 ـ أورد عبد الرحيم بن محمد بن يونس الدماوندي في كتاب القضاء والقدر شرحاً لبعض مراداته «عليه السلام» من خطبة البيان([3]).

4 ـ شرح الخطبة لابن شهرآشوب([4]).

5 ـ شرح الشيخ محمد بن عبد الكريم الشهرستاني المتوفى سنة 548 هـ . للهجرة([5]).

6 ـ شرح خطبة البيان لأبي القاسم بن محمد حسن الجيلاني القمي المتوفي سنة 1321 هـ. صاحب القوانين، ألفه سنة 1213هـ. وفيه بحث عن صحة نسبة الخطبة إلى أمير المؤمنين «عليه السلام»([6]). وفيها رد على الصوفية، وبيان: أن خطبة البيان، أو خطبة التطنجية ليستا من كلام أمير المؤمنين «عليه السلام»، وقد طبع الكتاب سنة 1313 هـ ضمن جامع الشتات ص 791 ـ 802.

7 ـ شرح خطبة البيان بالتركية([7]).

8 ـ شرح خطبة البيان لفاني الشيرازي المتوفى سنة 1016 هـ([8]).

9 ـ شرح خطبة البيان (فارسي) لنور علي شاه محمد علي بن عبد الحسين (مخطوط) راجع فهرس مكتبة المجلس بطهران ص172 و 604([9]).

10 ـ شرح خطبة البيان، للسيد حسين القدسي ط سنة 362 هـ . فارسي([10]).

11 ـ شرح خطبة البيان (فارسي) لم يذكر اسم مؤلفه، موجود في مكتبة الإمام أمير المؤمنين «عليه السلام» في النجف الأشرف (تاريخ كتابتها سنة 976 هـ.)([11]).

12 ـ شرح خطبة البيان للمولى عبد المهدي([12]).

وهناك ترجمة لهذه الخطبة بالفارسية لنور علي شاه المتوفى سنة 1212 هـ([13]).

من مصادر ومراجع الخطبة:

وقالوا: إن خطبة البيان رواها الفيض الكاشاني، والقاضي سعيد القمي، المتوفى بعد سنة 1103 هـ، والسيد قطب الدين محمد في كتابه فصل الخطاب([14]).

وذكرها أيضاً السيد عبد الجبار بن الحسين الحسيني، الموسوي البحراني، المعاصر للحر العاملي في كتابه: مقتل أمير المؤمنين «عليه السلام».

ونظمها شعراً بالفارسية: شابور كاشاني المتوفى بعد سنة 846 هـ([15]).

وفي أواخر كتاب القضاء والقدر لعبد الرحيم بن محمد بن يونس الدماوندي بعض ما ذكروا في بيان مرادات أمير المؤمنين «عليه السلام» في خطبة البيان([16]).

وهناك مقاطع من خطبة البيان في مخطوطة يفهم منها: أن كاتبها هو (جعر) أو (جعفر) بن محمد بن علي بن الحسن سنة 992 هـ([17]).

وذكرها السيد عبد الله شبر في كتابه علامات الظهور([18]).

وقد ألحقها في آخر نسخة من نهج البلاغة أحمد بن يحيى بن أحمد بن ناقة. والنسخة بخط محمد بن محمد بن الحسن بن طويل الصفار الحلي، نزيل واسط. وقد كتبت بتاريخ 729 هـ في المكتبة الرضوية([19]).

وقالوا: «أكثر فقراتها موجود في مشارق أنوار اليقين للبرسي. ومختصر منه أورده القاضي سعيد القمي في شرح حديث الغمامة»([20]).

وأوردها أيضاً السيد حسن بن عبد الجبار الحسيني التوبلي البحراني في كتاب عجائب الأخبار عن الإمام الحيدر الكرار([21]).

وهناك نسخة أخرى بخط درويش علي بن جمال الدين المغربي، كتبت سنة 923هـ في 55 ورقة([22]).

في بشارة الإسلام للسيد مصطفى آل السيد حيدر الكاظمي، المتوفى حدود سنة 1336 هـ. ص 74 ـ 78 شطراً من خطبة البيان، ونقل شطراً آخر منها عن ينابيع المودة، فراجع بشارة الإسلام ص 81 ـ 83 وراجع ص 219 ـ 224.

الخطبة التطنجية:

وقد ذكر في إلزام الناصب ج2 ص242 ـ 252 (ط سنة 1404 هـ.ق). الخطبة المسماة بـ «التطنجية» ومضامينها تشبه المضامين التي وردت في خطبة بل أن شطراً منها متطابق تماماً مع طائفة من نصوص تلك الخطبة.

ولذلك أضربنا عن ذكر هذه الخطبة هنا، وعن مناقشة مضمونها، واكتفينا بما ذكرناه حول خطبة البيان..

هذا .. وقد شرح الخطبة التطنجية، المنسوبة إلى أمير المؤمنين «عليه السلام»، السيد كاظم بن قاسم الرشتي، وقد طبع هذا الشرح بإيران سنة 1270 هـ، وطبع أيضاً سنة 1267هـ([23]).

وذكر هذه الخطبة أيضاً في مشارق نور اليقين الذي ألفه البرسي سنة 773. وهي مذكورة في «المجموع الرائق» المؤلف في سنة 703 هـ. وقال: إنه أنشأها بين مكة والمدينة، أو بين الكوفة والمدينة».

وأول الخطبة كما في «مشارق أنوار اليقين»: «الحمد لله الذي فتق الأجواء، وخلق الهواء»..

وفي أواخرها: «أنا جعلت الأقاليم أرباعاً، والجزائر سبعاً. فإقليم الجنوب معدن البركات، وإقليم الشمال معدن السطوات، وإقليم الصبا معدن الزلازل، وإقليم الدبور معدن الهلكات».

ويقال: إن وجه تسميتها بالتطنجية: هو قوله في أوائلها: «أنا الواقف على التطنجين ـ إلى قوله ـ: والتطنجان خليجان من ماء كأنهما أيسار تطنجين وأنا المتولي دائرتها».

أقول: من عدم ذكر ابن شهرآشوب هذه الخطبة، وذكر خطبة الأقاليم كما مر مع وجود ذكر الأقاليم في أواخر هذه الخطبة يحتمل اتحادهما كما أشرنا إليه آنفاً([24]).

خطبة البيان في الميزان:

إننا نقدم للقارئ الكريم نموذجاً آخر، أحببنا الإلماح إليه بصورة موجزة ومقتضبة، حسبما تهيأ لنا في ظروفنا الحاضرة. ألا وهو «خطبة البيان» التي أصبحت لها شهرة واسعة بين أولئك الذين يهتمون بتتبع هذا النوع من القضايا.. وهناك من يستفيد منها في إضلال الناس، وفي زرع الشبهات، وإشاعة الأباطيل والأضاليل، والغلو.

يضاف إلى ذلك: تنزيه أمير المؤمنين «عليه السلام» عن نسبة هذه الأمور الركيكة، والكلام الظاهر الإختلال إليه «صلوات الله وسلامه عليه».

وفي مراجعتنا السريعة لهذه الخطبة أدركنا: أن استقصاء جميع ما فيها من موارد الشبهة يحتاج إلى توفر تام، وتأليف مستقل.

ولأجل ذلك: آثرنا الاقتصار على نماذج يسيرة منها، ليكون ذلك بمثابة إطلالة سريعة على طبيعة ونوع الإشكالات التي تعاني هذه الخطبة منها.

فنقول:

سند الخطبة بنظرة عامة:

لقد أوردوا لهذه الخطبة ثلاثة نصوص، تختلف فيما بينها بصورة كبيرة. بل هي تتناقض في العديد من الموارد، وليس لأي واحد منها سند يصح الاعتماد عليه، حيث إن سند النص الأول هو:

محمد بن أحمد الأنباري، عن محمد بن أحمد الجرجاني، قاضي الري، عن طوق بن مالك، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن مسعود، رفعه إلى علي الخ..([25]).

أما النص الثاني: فلم يذكر له سند([26]).

أما النص الثالث، فقد جاء في أوله: «ثبت عند علماء الطريقة، ومشايخ الحقيقة، بالنقل الصحيح، والكشف الصريح: أن أمير المؤمنين الخ..»([27]).

المؤيدون والمعارضون:

وقد اختلفت المواقف من هذه الخطبة بين مثبت وناف، فمن الفريق الأول نذكر قول عبد الرحيم بن محمد الدماوندي في كتابه القضاء والقدر: «وكثير من الناس لقلة تدبرهم قالوا: إنها ليست منه «عليه السلام»..»([28]).

ومن الفريق الثاني: المحقق القمي، فقد سئل «رحمه الله» عن صدق نسبة خطبة البيان للإمام وعدمه، وعلى تقدير الصدق سأله عن وجود جملتي: «أنا خالق السماوات والأرض، أنا الرازق» في الخطبة أولاً.

وعلى فرض وجودهما فما هو المراد بهما؟!

فأجاب «رحمه الله» بقوله: إن الخطبة لم تنسب إلى الإمام «عليه السلام» في الكتب الصحيحة المعتبرة، حتى أن العلامة المجلسي لم يذكرها([29]).

ولكنه «رحمه الله» عاد فقال بعد أن ذكر شرح بعض فقرات الخطبة: «فإذا نسبت أمثال هذه الخطبة إلى أمير المؤمنين، فلا ينبغي الحكم على ظاهرها، والقول ببطلانها من أساسها»([30]).

وقالوا أيضاً: وقد ألف المحقق صاحب القوانين شرحاً لخطبة البيان، رد فيه على الصوفية، وبيَّن أن خطبة البيان، وخطبة التطنجية ليستا من كلام أمير المؤمنين «عليه السلام»([31]).

أما السيد مصطفى آل حيدر الكاظمي، فقال: إنه لم يقف على مستند لهذه الخطبة([32]).

وقال أيضاً: «لم نعثر على مستند صحيح لهذه الخطبة، المسَّماة بـ «البيان»، ولم يثبتها أحد من المحدثين، كالشيخ الطوسي، والكليني، ونظائرهما. وعدم ذكر المجلسي لها، توهين لها لإحاطته بالأخبار.

ويبعد عدم اطلاعه عليها.

مع أنها غير بليغة..

كثيرة التكرار..

غريبة الألفاظ»([33]).

وصرح القاضي نور الله التستري بعدم ثبوت نسبة خطبة البيان إلى أمير المؤمنين «عليه السلام»([34]).

وسنعاود الإلماح إلى بعض ما يتعلق بالسند فيما يأتي إن شاء الله تعالى.

الخطبة الإفتخارية هي خطبة البيان:

ويبدو: أن الخطبة الإفتخارية هي نفس خطبة البيان([35]).

قال الطهراني: «لعل المراد منها هذه الخطبة، فإن في أولها ما يقرب من سبعين من أوصافه وخصاله بعنوان: أنا كذا، أنا كذا، مفتخراً بذلك كله»([36]).

متن الخطبة بنظرة عامة:

وأما بالنسبة لمتن الخطبة، فهو أكثر إشكالاً، بل حتى ليصبح في مقام المبالغة القول بأنه لا يكاد سطر منها يمر بدون إشكال، أو أكثر.

وهي إشكالات متنوعة ومتفاوتة، كما يظهر بأدنى مراجعة وحسبها أنها قد جاءت ركيكة التراكيب، بينة الضعف، بالإضافة إلى تكرار بعض مطالبها، بل إن بعض الفقرات، قد تكررت بعينها، هذا عدا مخالفات صريحة لقواعد اللغة العربية، سواء في الإعراب، أم في الاشتقاق، أم في التركيب، والإسناد؟!

مع كثير من الموارد التي تعاني من إشكالات أساسية أخرى، كما يتضح من خلال ما سنذكره من أمثلة وشواهد..

ولكننا قبل أن ندخل في هذا المجال، نشير إلى أمرين:

الأول: أن ما سنذكره من شواهد وأمثلة ما هو إلا غيض من فيض، وقطرة من بحر، لأن استقصاء الكلام في ذلك يحتاج بلا شك إلى توفر تام، وتأليف مستقل، قد يكون أكثر من مجلد واحد..

وإنما اقتصرنا على هذا المقدار القليل، لأن هدفنا من أول الأمر كان هو التذكير والإشارة، وليس الاستقصاء والشمولية، وذلك حينما رأينا:

وقد دعانا إلى ذلك ما رأيناه، من أن الخطبة قد صارت متداولة لدى كثير من الناس، ولا سيما العامة منها، وأصبحت مشهورة ومعروفة، وتحتل مكانة مرموقة في مخيلة الكثيرين ممن ليس لهم همٌّ سوى تتبع أمثال هذه الأمور، من دون أن يشعروا بمسؤوليتهم الدينية والإنسانية في مجال الممارسة والحركة وتسجيل الموقف.

الثاني: أننا قد اعتمدنا في معظم الأمثلة التي ذكرناها على كتاب «إلزام الناصب»، الذي ذكر النصوص الثلاثة للخطبة بتمامها، وإن كنا قد ألمحنا في كثير من الموارد إلى بعض المصادر الأخرى، مثل كتاب «ينابيع المودة»، وغيره..

هذا وقد كان من الطبيعي أن نعقد عدة فصول لمناقشة هذه الخطبة، وقد اخترنا في كل فصل طائفة من الموارد التي هي محط النظر من كل خطبة على حدة.. فجاء تقسيم هذه النماذج إلى أقسام ثلاثة، تبعاً لتلك النصوص أمراً عادياً وطبيعياً.

«ابن مسعود» لم يكن حياً:

يقول النص الأول للخطبة: «عن عبد الله بن مسعود، رفعه إلى علي بن أبي طالب «عليه السلام»، لما تولى الخلافة، بعد الثلاثة، أتى إلى البصرة، فرقى جامعها، وخطب الناس خطبة تذهل منها العقول..».

إلى أن قال ابن مسعود: «وكان قد أوصى لعلي أمير المؤمنين «عليه السلام» أن يخطب الناس خطبة البيان، فيها علم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، قال: فأقام أمير المؤمنين «عليه السلام» بعد موت النبي «صلى الله عليه وآله» صابراً على ظلم الأمة، إلى أن قرب أجله، وحان وصاية النبي «صلى الله عليه وآله» بالخطبة التي تسمى: «خطبة البيان» فقام أمير المؤمنين «عليه السلام» بالبصرة، ورقى المنبر، وهي آخر خطبة خطبها الخ..» ([37]).

ونقول:

أولاً: إن كان المراد بـ «ابن مسعود» هو الصحابي المعروف، فمن المعلوم: أن عبد الله بن مسعود قد مات في سنة 32 أو33 هـ . ق. في عهد عثمان، ولم يعش إلى زمن خلافة علي أمير المؤمنين «عليه السلام»، فضلاً عن أن يعيش إلى قرب أجله «عليه السلام» في آخر خلافته، وإلى حين إلقائه لهذه الخطبة، فإنه «عليه السلام» إنما استشهد في سنة 40 هـ . ق.

وإن كان المراد به رجلاً آخر، فلم يتضح لنا من هو هذا الرجل.

ثانياً: إن أمير المؤمنين «عليه السلام» إنما ذهب إلى البصرة في سنة 35هـ . ق. ليحارب عائشة وطلحة والزبير، ثم عاد إلى الكوفة، واتخذها مقراً لخلافته، ثم خرج منها إلى حرب صفين، ثم إلى النهروان، ولم يكن حينما دنا أجله، وحينما خطب آخر خطبة له، في البصرة، ولا كان ثمة مبرر لتواجده فيها، بل كان في الكوفة يهيء الناس لحرب معاوية، ويخطبهم ويحثهم على ذلك بعد عودته من النهروان، حتى جاء ابن ملجم، فضربه في مسجد الكوفة، واستشهد بسبب ذلك.

ثالثاً: إنه رغم تصريح هذا النص بأن ذلك قد كان في البصرة، فإننا نجد النص الثالث يصرح بأنه «عليه السلام» إنما خطب خطبة البيان في الكوفة لا في البصرة([38]).

بل إن نفس النص الذي هو موضع البحث، يشير إلى أنه «عليه السلام» إنما خطب هذه الخطبة في مدينة الكوفة، فهو يقول:

«فقامت إليه سادات أهل الكوفة، وأكابر العرب، وقالوا الخ..»([39]).

ويقول في فقرة أخرى: «فقامت إليه أشراف أهل الكوفة»([40]).

وفي نص آخر: «فقامت إليه جماعة من أهل الكوفة»([41]).

وقال: «ويخرج الجيش إلى كوفانكم هذه»([42]).

وفي موضع آخر: «ثم يسيرإلى كوفانكم هذه »([43]).

ويقول نص آخر فيها: «.. ونظر إلى بطون العرب، وساداتهم، ووجوه أهل الكوفة وكبار القبائل الخ..»([44]).

فلو كان «عليه السلام» حينئذٍ في البصرة، لكان الأنسب أن يقوم إليه سادات أهلها، وأن يوجه كلامه إلى وجوه الناس منها، أو على الأقل أن يشاركوا في القيام إليه، والطلب منه، وأن يشركهم هو «عليه السلام» في توجيه الكلام إليهم..

وأما القول: إنه «عليه السلام» ألقى هذه الخطبة بحضور جيشه الذي كان معه في حرب الجمل، ولم يكن أهل البصرة حاضرين في ذلك الجيش ليشاركوا في شيء، أو ليوجه إليهم الخطاب.

هذا القول لا يمكن الإصغاء إليه:

ألف: لأن حرب الجمل إنما كانت في أوائل أيام خلافته «عليه السلام».

وقد نصت رواية «خطبة البيان» على أنه «عليه السلام» إنما خطب بها حين دنا أجله، وكانت آخر خطبة له.

ب: إن الكوفيين وإن كانوا في جيش علي «عليه السلام»، إلا أن أهل البصرة كانوا في جيشه أيضاً، كما أن الخطبة إنما كانت في المسجد الذي تحضره عامة أهل البصرة، ولا يقتصر الحضور على المنخرطين في الجيش..

ورابعاً: إننا لم نعهد من ابن مسعود هذا الحماس لعلي أمير المؤمنين «عليه السلام» ولا لأهل البيت «عليهم السلام»، وقد سئل الفضل بن شاذان عن ابن مسعود فقال:

«ابن مسعود خلط، ووالى القوم، ومال معهم، وقال بهم»([45]).

وذكروا أيضاً: أنه أتي بصحيفة من مكة، أو اليمن، فيها أحاديث في أهل البيت «عليهم السلام» فدعا بطشتٍ فيه ماء، فقالوا:

«يا أبا عبد الله، انظر فيها، فإن فيها أحاديث حساناً قال: فجعل يميثها فيها ويقول: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ([46]). القلوب أوعية، فاشغلوها بالقرآن، ولا تشغلوها بما سواه»([47]).

وأيضاً.. شخصيات لم تكن على قيد الحياة:

وعدا ابن مسعود، فإننا نجد في الخطبة عدداً من الشخصيات التي لم تكن على قيد الحياة حين صدور الخطبة، بل هي إما كانت قد توفيت، أولم تكن قد ولدت من الأساس، كما أننا نشك في أصل وجود بعض آخر منهم، ونذكر من هؤلاء:

ألف: مالك الأشتر:

يقول النص: «فقام إليه مالك الأشتر، فقال: متى هذا القائم من ولدك؟!

ثم يذكر الراوي مالكاً «رحمه الله» هذا مرةً أخرى مع ابنه إبراهيم، وصعصعة، وميثم، وعمر بن صالح»([48]).

ونقول:

إذا كان «عليه السلام» قد خطب هذه الخطبة حين دنا أجله، أي حوالي سنة أربعين هجرية وهي سنة وفاته «صلوات الله وسلامه عليه»، وكانت هذه هي آخر خطبة خطبها..

فإن مالك الأشتر «رحمه الله» قد توفي قبل ذلك بسنتين، أي في سنة 38 هـ . ق. حيث دسّ إليه معاوية السُم، وهو في طريقه إلى مصر ليتولاها من قِبَل أمير المؤمنين «عليه السلام».

ب: عمر بن صالح:

وذكرت أيضاً عمر بن صالح، وقد راجعنا كتب الرجال والتراجم، فوجدناها قد ترجمت لعدة أشخاص بهذا الاسم، ولكن أياً منهم لم يكن معاصراً لأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام([49]).

ج: ابن يقطين:

يقول النص:

«فقام إليه ابن يقطين، وجماعة من وجوه الصحابة، وقالوا الخ..»([50]).

ونقول:

إن ابن يقطين لم يكن في عهد أمير المؤمنين «عليه السلام» قد ولد أصلاً، لأنه إنما عاش في عهد الرشيد العباسي، وكان وزيراً له..

كما أننا لم نعثر على من يشاركه في هذا الاسم في عهد علي «عليه السلام».

د: أشعب الطماع:

ويقول النص:

«أطمع من الأشعب»([51]).

فهذه إشارة إلى أشعب الطماع، وهو لم يكن في عهد علي «عليه السلام» لأنه قد توفي في سنة 154هـ . ق. وأمير المؤمنين «عليه السلام» قد توفي في سنة أربعين للهجرة.

إلا أن يدعى: أنه «عليه السلام» قد تنبأ بوجود أشعب هذا، ولكن بهذه الطريقة.

هـ: ماذا عن القعقاع:

ويقول النص:

«فقام إليه رجل اسمه القعقاء [لعل الصحيح: القعقاع] وجماعة من سادات العرب، وقالوا: الخ..»([52]).

ولابد أن يكون لهذا الرجل [القعقاء أو القعقاع] أهمية خاصة، حتى خصه الراوي بالتنصيص على اسمه دون سائر سادات العرب، الذين قاموا معه، وطلبوا منه «عليه السلام» ما طلبوا..

ولكننا إذا رجعنا إلى كتب الرجال والتراجم فإننا لا نجد القعقاء في أيٍّ منها.

أما القعقاع بن عمرو، فإن العلامة العسكري قد اعتبره من الشخصيات الأسطورية التي اختلقها سيف بن عمر([53]).

وأما غير هذا الرجل ممن اسمه القعقاع، فلا يمكن أن يكون هو المراد، لتأخر عصرهم عن عصره «عليه السلام».

و: ماذا عن سويد بن نوفل:

يقول النص:

«فقام سويد بن نوفل ـ وهو كالمستهزئ ـ وهو من سادات الخوارج».

وقد وصف أيضاً بالهلالي([54]).

ولكننا لم نجد لهذا الرجل ـ الذي هو من سادات الخوارج ـ ذكراً لا في كتب الرجال، ولا في كتب التراجم، ولا في كتب التاريخ، مع أنهم لابد وأن يهتموا به اهتماماً خاصاً إذا كان من السادات!!

كيف مات سويد بن نوفل؟!:

وقال في النص الأول لخطبة البيان: «فقام إليه سويد بن نوفل وهو كالمستهزئ، ومعه سادات الخوارج، فقال: يا أمير المؤمنين، أأنت حاضر ما ذكرت، وعالم بما أخبرت؟!

قال: فالتفت إليه الإمام «عليه السلام»، ورمقه بعينه رمقة الغضب.

فصاح سويد بن نوفل صيحة عظيمة، من عظم نازلة نزلت به فمات من وقته وساعته، فأخرجوه من المسجد وقد تقطع أرباً إرباً.

فقال «عليه السلام»: أبمثلي يستهزئ المستهزؤون؟! أم علي يعترض المعترضون؟! أو يليق لمثلي أن يتكلم بما لا يعلم؟! إلخ..».

ونقول:

أولاً: في أحد النصين الآخرين للخطبة لم يذكر أن هذا الرجل قد مات، بل ذكر جواب أمير المؤمنين «عليه السلام» له.. وسكت عما جرى له..

ثانياً: إن سؤاله هذا لا يستدعي هذه العقوبة، بل هو يحتاج إلى الجواب النافي، أو المثبت. وقد تعرض «عليه السلام» لأكثر من هذا، ولم يظهر غضبه، كما أنه حين غضب لم يحصل شيء لمن تعرض لغضبه.

ثالثاً: إن ما جرى يوم السقيفة عليه وعلى الزهراء «عليها السلام» قد أغضبه أكثر مما أغضبه سؤال سويد، فلماذا لم يجر لمهاجميه مثل هذا الذي جرى لسويد؟!

ومجرد كونه «عليه السلام» في مقام الإفتخار وذكر الفضائل، لا يوجب تصويب قتل هذا الرجل.. فإن الإمام «عليه السلام» إنما يتعامل مع الناس بالرفق واللين، لا بردات الفعل، والإنسياق مع الغضب..


([1]) معجم المؤلفين ج8 ص124 والذريعة ج21 ص98 وج26 ص65 وج13 ص 210 ـ 212 وموسوعة مؤلفي الإمامية ج2 ص 604.

([2]) الذريعة ج7 ص219 وج13 ص 210 ـ 212 ومعجم المؤلفين ج8 ص124.

([3]) الذريعة ج26 ص310.

([4]) المصدر السابق.

([5]) المصدر السابق.

([6]) موسوعة مؤلفي الإمامية ج2 ص538 وأشار إليه في الأصول الأصلية ص192 والذريعة ج13 ص 310 ـ 212.

([7]) كشف الظنون ج1 ص715.

([8]) هدية العارفين لاسماعيل باشا البغدادي ج1 ص153.

([9]) الذريعة ج5 ص 39 وج13 ص210 ـ 212.

([10]) الذريعة ج7 ص 200 ـ 202.

([11]) الذريعة ج13 ص 210 ـ 212.

([12]) الذريعة ج13 ص 210 ـ 212.

([13]) الذريعة ج7 ص201و 202.

([14]) الذريعة ج26 ص 65 وراجع ج7 ص 200 ـ 202.

([15]) الذريعة ج24 ص 211 وهذا النظم (مخطوط) يوجد في مكتبة جامعة طهران كما في فهرستها ج2 ص115.

([16]) الذريعة ج26 ص 310.

([17]) مقدمة التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري ص 6 و 7.

([18]) الذريعة ج7 ص 200 ـ 202.

([19]) الذريعة ج7 ص 206.

([20]) الذريعة ج8 ص 115.

([21]) الذريعة ج3 ص 210 و211 وج 7 ص 200 ـ 202.

([22]) الذريعة ج15 ص 218.

([23]) راجع فيما تقدم الذريعة ج15 ص 218.

([24]) الذريعة ج7 ص 201 و 202.

([25]) إلزام الناصب ص193.

([26]) راجع إلزام الناصب ص203.

([27]) إلزام الناصب ص209.

([28]) الذريعة ج26 ص310.

([29]) الذريعة ج13 ص210 و 211.

([30]) المصدر السابق.

([31]) الأصول الأصلية للفيض ص 192.

([32]) بشارة الإسلام ص75.

([33]) بشارة الإسلام ص75.

([34]) فيض الإله في ترجمة القاضي نور الله، لجلال الدين الحسيني ص90.

([35]) الذريعة ج7 ص 199.

([36]) الذريعة ج7 ص200 و201.

([37]) إلزام الناصب ص193.

([38]) بشارة الإسلام ص77 و 78 وينابيع المودة ص404 وإلزام الناصب ص209 وراجع: الذريعة ج7 ص200 وج15 ص218 عن عجائب الأخبار للسيد حسين بن عبد الجبار البحراني.

([39]) إلزام الناصب ص195 وبشارة الإسلام ص75.

([40]) إلزام الناصب ج2 ص209.

([41]) إلزام الناصب ج2 ص206.

([42]) إلزام الناصب (ط سنة 1404 هـ) ج2 ص 198.

([43]) إلزام الناصب ج2 ص199.

([44]) إلزام الناصب ص 194 وبشارة الإسلام ص 71.

([45]) كتاب إختيار معرفة الرجال المعروف بـ «رجال الكشي» ص38 وقاموس الرجال ج6 ص136 عنه، وكتاب الأربعين للماحوزي ص417 ونقد الرجال للتفرشي ج3 ص142.

([46]) الآية 2 من سورة النور.

([47]) تقييد العلم ص54 والسنة قبل التدوين ص312 عنه.

([48]) إلزام الناصب ص194 وبشارة الإسلام ص71.

([49]) راجع: لسان الميزان ج4 ص312 و 314 وغيره..

([50]) إلزام الناصب ص198.

([51]) بشارة الإسلام ص72 وإلزام الناصب ص195.

([52]) إلزام الناصب ص197.

([53]) راجع: خمسون ومئة صحابي مختلق ص67 و 128.

([54]) إلزام الناصب ص194 و 204 و 205 و 210 وقد وصف في الموارد الأخيرة بالهلالي.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان