قال العلامة التستري «رحمه الله»:
1 ـ
في النهج سئل «عليه السلام» ما بين المشرق والمغرب؟!
فقال:
مسيرة يوم للشمس.
2 ـ
أيضاً سئل «عليه السلام» لو سد على رجل باب بيت وترك فيه من أين يأتيه
رزقه؟!
قال «عليه السلام»:
من حيث يأتيه أجله.
3 ـ
أيضاً سئل «عليه السلام» كيف يحاسب الله الخلق على كثرتهم.
فقال:
كما يرزقهم على كثرتهم.
فقيل:
كيف يحاسبهم ولا يرونه.
فقال:
كما يرزقهم ولا يرونه.
4 ـ
قيل له: ما طعم الماء؟!
فقال «عليه السلام»:
طعم الحياة([1]).
ونقول:
ألف:
بالنسبة للسؤال الأول نقول:
1 ـ
لو أنه «عليه السلام» ذكر مسافة بعينها محددة بالأرقام، لم تطمئن
القلوب إلى صوابية الإجابة، بل كانت الخواطر والأوهام تأخذ الناس
يميناً وشمالاً..
2 ـ
إن نفس السؤال قد حمل معه عناصر الإجابة، لتضمنه الإشارة الضمنية للشمس
بذكره المشرق والمغرب، وجعلهما مرتكزاً تحدد به المسافة المطلوب
معرفتها.
3 ـ
إن هذه الإجابة التي أوردها تصدق وتصح بالنسبة لكل إنسان في أية نقطة
وجد فيها..
ب:
بالنسبة للسؤال الثاني: نلاحظ:
1 ـ
إن السؤال إنما هو عن الرزق الذي علم الله سبحانه إن ذلك العبد سوف
يستوفيه، لا الرزق الذي قد يظهر في لوح المحو والإثبات ثم يعرض المانع
من استيفائه، أو لا يتحقق شرط الاستيفاء له، وفق قانون البداء.
2 ـ
إن الرزق لا ينحصر بالطعام والشراب، بل يشمل كل ما يحتاج إليه الجسد
والروح للبقاء، ولو للحظات طالت أو قصرت، فيشمل حتى الهواء الذي يحتاجه
للتنفس، وحتى السكينة التي يتحفه الله تعالى بها لتعطيه المزيد من
الصبر، والقوة، والتحمل وما إلى ذلك من أمور تخفى على البشر، وقد رأينا
وسمعنا عجائب وغرائب من الأحداث التي تدخل في هذا السياق.
ولعل إجابته «عليه السلام» قد توخت الإشارة إلى هذا
وإلى غيره.
ج:
وعن السؤال الثالث والرابع، نقول:
إنهما لا تحتاجان إلى بيان، لأن معناهما ظاهر للعيان.
وعن جويرية بن مسهر، قال:
اشتددت خلف أمير المؤمنين «عليه السلام»، فقال: إنه لم
يهلك هؤلاء الحمقى إلا بخفق النعال خلفهم. ما جاء بك؟!
قلت:
جئت أسألك عن ثلاث: عن الشرف، وعن المروة، وعن العقل.
قال:
أما الشرف فمن شرفه السلطان شرف، وأما المروة فإصلاح
المعيشة، وأما العقل فمن اتقى الله عقل([2]).
ونلاحظ:
1 ـ
إن علياً «عليه السلام» يرى: أن نفس إسراع رجل خلف آخر ليلحق به، ليعرض
عليه حاجته، يجعل لدى ذلك الآخر حالة من الزهو، والاعتداد بالنفس، ربما
يجر الإنسان إلى المزالق والمهالك، الأمر الذي يحتم عليه التحرز من هذا
النوع من الخواطر..
أما إذا لم يتحرز من ذلك، وكان منقاداً لهواه، وقد جعل
عقله في معزل عن التأثير في سلوكه،
فضلاً عن أن تكون له الهيمنة على كل وجوده وحالاته، فإن ذلك يدخله في
دائرة الحمق، التي تعني الاستجابة للخواطر المتباينة، ويدخله في دائرة
الرعونة وعدم الإتزان..
2 ـ
إن الشرف الذي سأل جويرية عنه هو تلك المكانة التي تعطي الإنسان نفوذ
الكلمة، وتخوله التعرض لحل المعضلات، والتصدي لحمل المسؤوليات، ولا
يكون ذلك إلا إذا رضي السلطان قوله، ولم ير بأساً بتشريفه، وأفسح
المجال له للتصدي للمسؤوليات، ومكنه من قضاء الحاجات.
3 ـ
أما المروءة فهي تعني وضع الإنسان أموره في دائرة الضبط والاتساق، كي
لا يرى أحد فيها اختلالاً، ولا نقصاً ولا عجزاً يخوله الاعتراض، وبسط
اللسان بالنصائح بلزوم رفع النقص أو سد الثغرات، أو الخروج من حالات
العجز والاختلال.. وخصوصاً فيما يرتبط بالمعيشة وحاجاتها ومقوماتها،
والاستغناء فيها عن الغير. فإن الحاجة والسؤال ذل، ولو من أين الطريق.
4 ـ
وإذا كان العقل هو الذي يعقل الإنسان، ويمنعه من التعدي والخروج عن
حالة الاتزان والانضباط في الفكر. فإن ما يحقق هذا الأمر بصورة عملية
هو رعاية أحكام الشريعة الإلهية، والتزام السلوك الذي يرضى الله،
واجتناب ما يسخطه، لأنه هو العالم بحقائق التكوين، وبأسراره وأحواله
وأطواره فتقوى الله هي العقل بعينه.
1 ـ
في الفقيه: سأل رجل علياً «عليه السلام»، فقال: يا ابن عم خير الخلق،
ما معنى رفع يديك في التكبيرة الأولى؟!
فقال «عليه السلام»:
معناه: الله أكبر الواحد الأحد، الذي ليس كمثله شيء، لا
يلمس بالأخماس، ولا يدرك بالحواس.
وقال:
ما معنى مد عنقك في الركوع؟!
فقال تأويله:
آمنت بالله ولو ضرب عنقي.
فقال:
ما معنى السجدة الأولى؟!
قال تأويله:
اللهم إنك منها خلقتنا، يعني من الأرض. وتأويل رفع
رأسك: ومنها أخرجتنا. والسجدة الثانية: وإليها تعيدنا، ورفع رأسك:
ومنها تخرجنا تارة أخرى.
وقال:
ما معنى رفع رجلك اليمنى وطرحك اليسرى في التشهد؟!
قال تأويله:
اللهم أمت الباطل وأقم الحق.
قال:
فما معنى قول الإمام: السلام عليكم؟!
فقال:
إن الإمام يترجم عن الله عز وجل، ويقول في ترجمته لأهل
الجماعة: أمان لكم من عذاب الله يوم القيامة([3]).
2 ـ
المجلسي، عن الجبعي، عن الشهيد، عن جابر الأنصاري عنه
«عليه السلام»: تأويل تكبيرتك الأولى إلى إحرامك: أن تحضر في نفسك إذا
قلت: الله أكبر من أن يوصف بقيام أو قعود.
وفي الثانية:
أن يوصف بحركة أو جمود.
وفي الثالثة:
أن يوصف بجسم، أو يشبه، أو يقاس بقياس.
وتحضر في الرابعة:
أن تحله الأعراض، أو تمرضه الأمراض.
وتحضر في الخامسة:
أن يوصف بجوهر أو عرض، أو يحمل شيئاً أو يحل فيه شيء.
وتحضر في السادسة:
أن لا تجوز عليه ما تجوز على المحدثين، من الزوال والانتقال، والتغيير
من حال إلى حال.
وتحضر في السابعة:
أن تحمله الحواس الخمس.
ونقول:
لاحظ ما يلي:
1 ـ قال المحقق التستري:
«قلت: يمكن الاستدلال بقوله
«عليه السلام»: تأويل تكبيرتك الأولى إلى إحرامك، على أن الأخيرة من
السبع الافتتاحية متعينة للإحرام، كما صرح به في الرضوي. وكما هو
للإحرام من سلار الديلمي، وابن زهرة، وأبي الصلاح الحلبي.
وأما ما عن بعض المتأخرين من تعيين الأولى له فخرق
للإجماع المركب، حيث إن القدماء بين مطلق ومقيد بالأخيرة»([4]).
2 ـ
إن للصلاة ولسائر العبادات دوراً في تربية الإنسان، وتهذيبه، وضبط
سلوكه، وربطه بالله تعالى من خلال معانيها التي لا يجد مؤونة في
الالتفات إليها، بالإضافة إلى أجوائها وإيحاءاتها، وما تهيئه له من
انتقالات ذهنية، ثم من تلمسات وجدانية، ومشاعر حب وحنين، وخشوع بين يدي
رب العالمين..
3 ـ
إن هذه الآثار التي تحدثها العبادات تختلف وتتفاوت دقة وعمقاً، من شخص
لآخر، ومن وقت لآخر، وحالة لأخرى.. ولوعي الإنسان، ثم لصفاء روحه أثر
في الاقتراب والابتعاد، ونيل أو عدم نيل كثير من الدقائق، وخفيات
الحقائق..
4 ـ
من أجل ذلك نقول: إن ما يبينه
«عليه السلام» من معان وإيحاءات ودلالات لأفعال وأقوال الصلاة في
الرواية الأولى ليس هو الحد الأقصى لما يريد الله تعالى من البشر أن
يصلوا إليه، بل هو أقرب وأدنى وأيسر المعاني التي يفترض بالناس أن
ينالوها ويدركوها، وإن اختلفت وتفاوتت حالاتهم ومستوياتهم..
فإذا وجدنا:
أنه «عليه السلام» يلمح في الرواية الثانية إلى معان أخرى، فذلك يعني:
أنه قد راعى في بيانه هنا وبيانه هناك مرتبة أو حالة تختلف عن الحالة
أو المرتبة التي راعاها في بيانه الآخر.
أو أنه نظر للأمر من زوايا تختلف وتتفاوت في طبيعة
الأحوال والآثار، وسبل نيلها أو الوصول إليها.
وبذلك يتضح:
أنه لا مجال لدعوى التخالف أو الاختلاف في المعاني، وأن ذلك يحتاج إلى
قبول أحد النصوص ورد ما عداه، إذ يمكن قبول جميعها وفقاً للبيان
المتقدم.
قال «عليه السلام» في صفة الغوغاء:
هم الذين إذا اجتمعوا أضروا، وإذا تفرقوا نفعوا.
فقيل:
قد عرفنا مضرة اجتماعهم، فما منفعة افتراقهم؟!
فقال «عليه السلام»:
يرجع أصحاب المهن إلى مهنهم، فينتفع الناس بهم: كرجوع
البناء إلى بنائه، والنساج إلى منسجه، والخباز إلى مخبزه([5]).
ونقول:
1 ـ
إن هذا النص يعطينا قاعدة مهمة في فهم آثار التحركات العشوائية لعامة
الناس، وتوجيهاً رصيناً لطبيعة الموقف الذي ينبغي اتخاذه منها،
وتوصيفاً إجمالياً لأسلوب التعامل معها..
2 ـ
إنه يقول: إن اجتماع الغوغاء، الذين لا قيادة لهم، ولا
تهيمن على مواقفهم ضوابط فكرية أو معايير عامة واضحة، ولا تضبط حركتهم
قيم ولا تنتظم ضمن حدود، ولا تقيدها قيود.. إن هذا الاجتماع سيكون
مضراً، ومسيئاً، حيث تضيع فيه الحقائق، ويخبط الناس فيه بآرائهم
وبتشنجاتهم في مواقفهم خبط عشواء. ولا ينتهون إلى نتيجة..
بل قد يخطف رأيهم، ويهيمن على حركتهم فريق منهم مفعمٍ
بالجهل، ويختزل جهدهم في قرارات رعناء، مسكونة بالتخلف والابتذال،
مزينة بالشبهات والأباطيل، ولينزلقوا هم ومن كان فيهم من أهل الاعتدال،
والسلامة إلى أوحال الرذالة والنذالة. برضى وسعي منهم، ولربما باعتزاز
وافتخار أيضاً!
3 ـ
أما إذا تفرق هؤلاء، فقد بين «عليه السلام» منافع تفرقهم.. حيث يستبدل
الفراغ منهم بالشغل، والهدم بالبناء، والفساد والإفساد بالصلاح،
والإضرار بالناس وإلحاق الأذى بهم، بالنفع لهم، وحل مشكلاتهم، إذ يعود
البناء إلى بنائه، والنساج إلى منسجه، والخباز إلى مخبزه. ويكون بذلك
الصلاح والفلاح، والسداد والنجاح.
وصلوات الله وسلامه على أمير المؤمنين، وسيد الوصيين،
وقائد الغر المحجلين، إلى جنات النعيم.
ورووا:
أن علياً «عليه السلام» سمع رجلاً يقول: الشحيح أعذر من الظالم، فقال:
إن الظالم يتوب ويستغفر الله، ويرد الظلامة على أهلها، والشحيح إذا شح
منع الزكاة والصدقة، وصلة الرحم، وإقراء الضيف، والنفقة في سبيل الله،
وأبواب البر. وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح([6]).
ونقول:
1 ـ
لم يزل أمير المؤمنين «عليه السلام» ناصحاً للأمة، راعياً وراصداً لكل
حركتها، مسدداً وحافظاً لها من كل خطأ أو اختلال، في كل الشؤون
والأحوال، في كبير الأمور وصغيرها، وفي السلوك والممارسة، وفي الفكر
والاعتقاد، وفي القول والفعل..
وهذا من مهمات الإمام المعصوم الذي هو الميزان في كل
شيء في الدنيا والآخرة، لذلك أمر في الدنيا بطاعته، بقوله:
﴿أَطِيعُوا
اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾([7]).
وأمر بالرد إليه عند الاختلاف يقوله: ﴿وَلَوْ
رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ
لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾([8]).
ولمثل هذا الموقف في تصحيح الخلل نظائر كثيرة لا تعد
ولا تحصى، وسيمر في كتابنا هذا بعضاً منها.
وها هو «عليه السلام» هنا لا يغض الطرف عن خلل لمحه في
المفاضلة بين صنفين من الرذائل، بل يبادر إلى معالجته، لأن الخلل في
الفهم ولو بهذا المقدار قد يؤثر على درجة الإهتمام في معالجة هذه
الرذيلة، والتخلص منها. سواء في ذلك درجة الزيادة أو النقيصة، فالزائد
أخو الناقص، وكلاهما يعبر عن خلل في التوازن، حيث إن الإهتمام برذيلة
أكثر من اللازم مع وجود ما هو أهم منها، خصوصاً مع التقصير فيما هو أهم
سيؤدي إلى ما لا تحمد عقباه أيضاً.
2 ـ
إنه «عليه السلام» قد بين أموراً خفية يضر الشح فيها ويكون ذلك في
مجالات متنوعة، منها ما له ارتباط بالناحية الإقتصادية، وتلامس الخطر
الأقصى. ثم هي تؤثر على علاقة الإنسان بالله في عبوديته وطاعته له.
المتمثل بالإخلال بالزكاة التي هي من الواجبات العبادية، التي لا مجال
لغض النظر عنها.
كما أنها تخل بالعلاقة الإجتماعية في أكثر الأمور خطورة
وحساسية في هذا المجال.. وهي علاقة ذوي الأرحام ببعضهم البعض..
وتؤثر أيضاً على الكيان العام كله، فيما يتصل بحفظ
الأمن في الأمة، سواء في مجال الدفاع، أو في مجال حفظ السلامة العامة
من الأعداء المتربصين بها.. أو السلامة الإجتماعية العامة: حين يؤثر
الشح على الإنفاق في سبيل الله، وأبواب البر..
يضاف إلى ذلك كله:
أنه يؤثر على الناحية الأخلاقية إلى حد أن الشح لا يسمح ولو بإقراء
الضيف،
فضلاً عما سوى ذلك. من واجبات النفقة، ومستحبات التوسعة على العيال
وواجبي النفقة.
عن ميسرة:
أن أمير المؤمنين «عليه السلام» مر برحبة القصابين بالكوفة، فسمع رجلاً
يقول: لا والذي احتجب بسبع طباق.
قال:
فعلاه بالدرة، وقال له: ويحك، إن الله لا يحجبه شيء،
ولا يحتجب عن شيء.
أو وقال:
يا ويلك إن الله أجلّ من أن يحتجب عن شيء، أو يحتجب عنه
شيء، سبحان الذي لا يحويه مكان، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في
السماء.
قال الرجل:
أفأكفِّر عن يميني يا أمير المؤمنين؟!
قال:
لا، لأنك حلفت بغير الله([9]).
ونقول:
1 ـ
إنه «عليه السلام» حين كان يطوف في أسواق الكوفة، لم
يكن يراقب الحركة الإقتصادية في السوق وحسب، بل كان يراقب سلوك الناس،
ويرصد أقوالهم، ويبادر إلى تصحيح كل ما يحتاج إلى تصحيح، كما دلت عليه
هذه القضية.
2 ـ
ما المراد بقوله: علاه بالدرة؟! هل يريد: أنه ضربه بها؟!
أو أنه رفعها عليه على سبيل التهديد؟!
إننا نرجح الثاني، فقد أظهرت
الرواية:
أن ذلك الرجل لم يكن معانداً، ولا جاحداً، بل كان
جاهلاً يحتاج إلى مجرد الإرشاد والتعليم، فلما عرف الحق تاب وأناب..
هذا إن صح أنه «عليه السلام» كان يحمل درة فعلاً، ولم
تكن أقصمت لغاية في نفس من أقصمها.. وهو أن يجعله شريكاً لعمر في حمله
الدرة، والمبادرة إلى ضرب الناس بها.
3 ـ
إن هذه الحادثة تبيِّن لنا: أنه حتى بعد أن مرت عدة عقود على ظهور
الإسلام والدعوة إلى التوحيد، ورفض التجسيم، كانت لا تزال حتى هذه
القضية البديهية غير واضحة لدى الكثيرين. أو ربما عادت وشاعت وقويت في
عهد الخلفاء الذين سبقوا أمير المؤمنين «عليه السلام» كما عاد غيرها من
العقائد الباطلة كالجبر والتفويض والإرجاء. ويدلنا على ذلك: أن هذا
الرجل يقول ما يقول في سوق الكوفة، ولا نرى معترضاً عليه سوى أمير
المؤمنين «عليه السلام»، الذي صادف وجوده في تلك اللحظة..
4 ـ
إن هذا يدلنا على أهمية الخطب البيانية، والكلمات
الكثيرة التي كان أمير المؤمنين «عليه السلام» يطلقها في كل اتجاه،
والتي تعالج الشأن العقائدي في أدق التفاصيل. حيث يبدو لنا: أن أحداً
بعد وفاة الرسول «صلى الله عليه وآله» لم يكن يهتم بطرح هذه الحقائق،
ونشر هذه التعاليم، ربما لأن الكثيرين من ذوي الشأن وأصحاب المواقع
كانوا على درجة كبيرة من الجهل بها. ولم يكن حظهم منها أكثر من حظ
غيرهم من سائر الناس.
وربما، بل غير بعيد أن يكون لبعض النافذين مصلحة في بث
عقائد تناسبه، وتبرر ما قام به من مخالفات.. كعقيدة الجبر والتفويض
وغيرها.. بل لا يخفى أن بث مثل هكذا أمور بدأه بعضهم منذ عهد الرسول
«صلى الله عليه وآله».
وهذا يفسر لنا:
ما روي عن أمير المؤمنين «عليه السلام» من أنه قال لأهل العراق: «وركزت
فيكم راية الإيمان، وعرَّفتكم حدود الحلال والحرام»([10]).
وقد ورد في الروايات ما يلي:
1 ـ
أن علياً «عليه السلام» حكم في وصية بجزء من مال: أنه السُبْعُ من قوله
تعالى: ﴿لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ
مَقْسُومٌ﴾([11])»([12]).
2 ـ
وأوصى رجل بسهم من ماله دون أن يبينه، فلما مات اختلف الورثة، فترافعوا
إلى علي «عليه السلام»، فقضى بإخراج الثمن من قوله:
﴿إِنَّمَا
الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا
وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي
سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ﴾([13]).
فذكر في الآية ثمانية أصناف لكل صنف سهم([14]).
3 ـ
وحكم «عليه
السلام» في رجل أوصى، فقال: اعتق عني كل عبد قديم في ملكى: أن يعتق ما
مضى له في ملكه ستة أشهر من قوله تعالى: ﴿وَالْقَمَرَ
قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ﴾([15])»([16]).
4 ـ
وقضى في رجل نذر أن يصوم حيناً من الدهر: أن يصوم ستة أشهر من قوله
تعالى:
﴿تُؤْتِي
أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ﴾([17])»([18]).
ونقول:
1 ـ
هناك أمور تعرض للناس في حياتهم، وتتسبب في إرباكات
لهم، بسبب ما يعتقدون أنه إبهام في مفاهيمها. ويحتاجون إلى العثور على
مخرج منها.
فكلمة «جزء». وكلمة «سهم». وكلمة «قديم». وكلمة «حين»
ونحو ذلك.. إذا وقعت في مورد الحلف، أو الوصية، أو العتق.. أو غير ذلك.
فإنها تحتاج إلى توضيح لمفاهيمها، ليتمكن أهل الإيمان من التعامل معها
في مجال التنفيذ والعمل.
2 ـ
إن الإمام «عليه السلام» حين قدم لنا هذه الحلول في هذه
الموارد المذكورة أعلاه، فإنما قدمها مع الضابطة التي تسهِّل على الناس
أن يتولوا بأنفسهم ليس فقط حل هذه الموارد، بل في نظائره من الموارد
التي تواجه الناس في حياتهم العملية.
فإنه «عليه السلام» أفهمنا:
أن طريقة حل
الإشكال في هذه الكلمات وأمثالها، هو في البحث عن التطبيقات العملية
للمفاهيم التي عبرت عنها. فقد علَّمنا «عليه السلام»: أن نستفيد مقدار
الجزء، أو السُبْعُ من قوله تعالى:
﴿لَهَا
سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾([19]).
وأن المراد بالسهم هو الثمن، لأن الآية الكريمة قد قدرت
السهم واحداً من ثمانية في قوله تعالى:
﴿إِنَّمَا
الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء..﴾([20]).
وأن المراد بالقديم هو من مضى عليه ستة أشهر إلخ..
لأن العرجون إنما ينتهي إلى الشبه بالهلال في تقوسه
وضآلته بعد ستة أشهر من أخذ الثمرة عنه.
وأن المراد بالحين:
هو ما يعادل ستة أشهر.
وهذه طريقة رائعة في حل مشكلات المفاهيم، تنفع الإنسان
في حياته العملية في مختلف الاتجاهات.
الأصبغ:
وصى رجل، ودفع إلى الوصي عشرة آلاف درهم، وقال: إذا
أدرك ابني فاعطه ما أحببت منها.
فلما أدرك استعدى عليه أمير المؤمنين.
فقال له:
كم تحب أن تعطيه؟!
قال:
ألف درهم.
قال:
أعطه تسعة آلاف درهم، فهي التي أحببت، وخذ الألف([21]).
ونقول:
1 ـ
إن هذه الحادثة هي من روائع ما بلغنا من قضاياه «عليه
السلام»..
فإن المطلوب هو تحديد مضمون قوله:
«ما أحببت منها»، وقد كان بإمكان علي «عليه السلام»: أن
يفرض على ذلك الرجل الرقم المطلوب بصورة مباشرة ومن دون أن يسأله،
ويسمع الجواب. ولكنه «عليه السلام» كان يعرف أن ما يحبه الناس يختلف
ويتفاوت، فأي رقم يطرحه عليه، قد يتعرض فيه الوصي لوسوسة الشيطان في
صدقيته وواقعيته. فكان أن اتبع «عليه السلام» أسلوباً إلزامياً،
وكاشفاً حقيقياً، لا يستطيع أحد المماراة فيه..
فدفع الوصي إلى الإفصاح عما في نفسه، وجعله هو الذي يقر
بالمقدار الذي يحبه من مجموع العشرة آلاف درهم..
2 ـ
وكانت الطريقة التي استفاد منها «عليه السلام» للوصول
إلى هذا الرقم في غاية الدقة، ولعل ذلك الوصي، بل لعل أحداً لم يكن
يتوقعها، ولا كان يتوقع أن تؤدي إلى هذه النتيجة، بل لعله كان يظن أن
النتيجة هي عكس ما حصل.. فإنه «عليه السلام» قد سأله عن المقدار الذي
يحب أن يعطيه إلى الغلام. فاندفع ليقول: إنه يجب أن يعطيه ألف درهم،
لكي يبقى له تسعة آلاف.. ظاناً: أن ما يجب أن يدفعه هو الألف فقط،
لأنها هي التي يحب أن يعطيها..
ولا بد أن يكون قد فوجئ بالنتيجة التي خلص إليها علي
«عليه السلام»، حيث قرر أن قوله هذا معناه: أن التسعة آلاف هي التي كان
يحبها الوصي. والذي يحبه الوصي هو الذي يجب أن يتخلى عنه لصالح
الغلام.. ومعنى ذلك: أن الألف التي كان يريد التخلي عنها لم تكن هي
التي يحبها..
3 ـ
فيكون «عليه السلام» قد فسر كلام الموصي بنحو يكون
المبلغ الذي يحبه الوصي لنفسه هو الذي يجب أن يدفعه لولده.
وهذا هو الموافق للإعتبارات العقلائية، لأن أحداً لا
يقدم على منح الغريب تسعة آلاف ليتنعم بها، ويعطي لولده الذي لا كافل
له ولا معين، ألفاً واحداً، إلا إن كانت هناك أسباب هامة جداً بالنسبة
إليه تجعله يرجح الوصي على ولده، حتى في مثل هذا الظرف الحساس جداً.
ولم يظهر أن ثمة أسباباً من هذا القبيل.
قال في الإرشاد رووا:
أن رجلاً
حضرته الوفاة فوصى بجزء من ماله، ولم يعينه. فاختلف الورثة في ذلك
بعده، وترافعوا إلى أمير المؤمنين «عليه السلام»، فقضى عليهم بإخراج
السبع، وتلا قوله تعالى: ﴿لَهَا سَبْعَةُ
أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ﴾([22])»([23]).
ونقول:
إن أمير المؤمنين «عليه السلام» هو المفزع في الملمات،
والحلال للمشكلات، وكان «عليه السلام» يبين للناس مناشئ الأحكام،
وكيفيات استنباطها. وقد كثر ذلك منه وعنه، حتى لا تكاد تجد له قضية
يقضي فيها، إلا ويستدل على ما يقرر بآية أو رواية، أو يذكر تعليلاً
واقعياً. ربما لأنه لا يريد أن يستلب من مناوئيه أية فرصة للتشكيك فيما
يقول.. مع علمه بأن العيون كلها راصدة له مفتحة عليه. وكل مناوئيه
يسعون لزعزعة يقين الناس به، وبعلمه، وطهارته، وكل ما يأتي من قبله..
ولعل من الأهداف التي كان يرمي هو توسعة أفق الناس
الفكري، وإثرائهم ثقافياً.. وتأكيد موقع الإمامة، بمعناها الواقعي. كما
أنه إذا استدل بالقرآن، فليعرف الناس عملياً: بأن القرآن تبيان لكل
شيء، وأنه لا بد له من مبين، وهذا المبين هم النبي وآله لا سواهم، وإذا
استدل برواية أو أورد تعليلاً واقعياً، فليظهر للناس: أن النبي «صلى
الله عليه وآله» هو مدينة العلم، وأن بابها هو علي وأبناؤه المعصومون،
وأنهم القرآن الناطق، وعندهم تبيان كل شيء، وغير ذلك.
2 ـ
قال التستري: قلت: والأخبار المروية عن عترته «عليهم
السلام» مختلفة، ففي بعضها أنه السبع، كما رواه البزنطي، وإسماعيل بن
همام، والحسين بن خالد عن الرضا «عليه السلام».
وفي بعضها:
أنه العشر، رواه: أبان، وابن سيابة، وأبو بصير، وابن بشير، ورجل
خراساني، وابن سنان عن الصادق «عليه السلام» استناداً إلى قوله تعالى:
﴿ثُمَّ
اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً﴾([24]).
مع كون الجبال عشرة.
وجمع الشيخ بحمل السبع على الأكثر، والعشر على الأقل([25]).
ويستحب للورثة إنفاذه في واحد من سبعة.
غير أننا نقول:
لعله «عليه السلام» حين قضى بالسبع على الذين ترافعوا
إليه بالسبع قد لاحظ أموراً تخص المترافعين، فاختار الحكم بالسبع،
تشديداً عليهم لمصلحة رآها..
والذي نرجحه هنا:
هو أن الحاكم مخيَّر بأن يفرض على المتخاصمين في الجزء أي رقم كان،
بحسب ما يراه من مصلحة في المورد، إلا إذا تراضوا فيما بينهم على مقدار
بعينه..
وقد يلاحظ الحاكم حال الورثة من حيث الواجدية والفاقدية،
فيحكم بالعشر إن كانوا فقراء.. ويحكم بالسبع إذا كان من أوصى إليه
فقيراً، وكان الورثة أغنياء.. وربما كان هناك ضابطة وقاعدة تحكم هذا
الإختيار لم يفصح عنها الإمام، أو أفصح عنها ولم تصلنا.
روي في الصحيح عن منصور بن حازم
قال:
كنت عند أبي عبد الله «عليه السلام»، فأتاه رجل، فسأله
عن رجل تزوج امرأة فماتت قبل أن يدخل بها، أيتزوج بأمها؟!
فقال أبو عبد الله «عليه السلام»:
قد فعله رجل منا، فلم نرَ به بأساً.
فقلت:
جعلت فداك ما تفخر الشيعة إلا بقضاء علي «عليه السلام»
في هذه الشمخية التي أفتاها ابن مسعود: أنه لا بأس بذلك. ثم أتى علياً
«عليه السلام»، فسأله، فقال له علي «عليه السلام»: من أين أخذتها؟!
فقال:
من قول الله
عز وجل: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي
حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ
لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ﴾([26]).
فقال علي «عليه السلام»:
إن هذه
مستثناة، وهذه مرسلة، ﴿وَأُمَّهَاتُ
نِسَائِكُمْ﴾([27])..
فقال أبو عبد الله «عليه السلام»
للرجل:
أما تسمع ما يروي هذا عن علي «عليه السلام»؟!
فلما قمت ندمت وقلت:
أي شيء صنعت يقول هو قد فعله رجل منا، فلم نر به بأساً،
وأقول أنا: قضى علي «عليه السلام» فيها، فلقيته بعد ذلك، فقلت: جعلت
فداك، مسألة الرجل إنما كان الذي قلت: يقول: كان زلة مني، فما تقول
فيها؟!
فقال:
يا شيخ تخبرني أن علياً «عليه السلام» قضى بها، وتسألني
ما تقول فيها؟!([28]).
ونقول:
لاحظ الأمور التالية:
المشهور، بل المجمع عليه بين
الأصحاب:
أن أم الزوجة تحرم بالعقد على ابنتها، عدا ما نسب إلى
ابن أبي عقيل وبعض العامة من اشتراط الحرمة بالدخول بالبنت([29]).
ويدل على الحرمة قوله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُ
نِسَائِكُمْ﴾([30]).
حيث لم يقيد الحرمة بالدخول، ولا بغيره.
ويدل على ذلك أيضاً الروايات التالية:
ألف:
صحيحة غياث بن إبراهيم، عن ابي جعفر «عليه السلام»: أن
علياً «عليه السلام» قال: إذا تزوج الرجل المرأة حرمت عليه ابنتها إذا
دخل بالأم، فإذا لم يدخل بالأم فلا بأس أن يتزوج بالابنة، وإذا تزوج
الابنة فدخل بها أو لم يدخل بها فقد حرمت عليه الأم.
وقال:
الربائب عليكم حرام كنَّ في الحجر أو لم يكنَّ([31]).
ب:
صحيحة وهيب بن حفص، عن أبي بصير، قال: سألته عن رجل تزوج امرأة ثم
طلقها قبل أن يدخل بها؟!
فقال:
تحل له ابنتها ولا تحل له أمها([32]).
ج:
صحيحة إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبيه «عليهما السلام»: أن علياً
«عليه السلام» كان يقول: الربائب عليكم حرام مع الأمهات اللاتي قد
دخلتم بهن، هن في الحجور وغير الحجور سواء. والأمهات مبهمات دخل
بالبنات أو لم يدخل بهن، فحرموا وأبهموا ما أبهم الله([33]).
توهم بعض العلماء:
أن ثمة روايات تدل على جواز التزوج بأم الزوجة، إ ذا لم يدخل
بابنتها، ومنها:
ألف:
صحيحة جميل بن دراج، وحماد بن عثمان، عن ابي عبد الله «عليه السلام»
قال: الأم وابنتها سواء إذا لم يدخل بها. يعني: إذا تزوج المرأة ثم
طلقها قبل أن يدخل بها، فإنه إن شاء تزوج أمها، وإن شاء ابنتها([34]).
ونقول:
أولاً:
إن هذا التفسير على الظاهر ليس من كلام الإمام، بل من الراوي، ولو كان
من كلام الإمام، لقيل: لماذا لم يورد الإمام كلامه بنحو لا يحتاج معه
إلى التفسير، وقد كان يمكنه أن يقول مباشرة: إذا تزوج المرأة ثم طلقها
قبل أن يدخل بها، فإنه إن شاء تزوج أمها، وإن شاء تزوج ابنتها.
ثانياً:
والمعنى الصحيح لكلام الإمام «عليه السلام»: أنه إذا لم يدخل بالأم
المطلقة، فإن له أن يعود إليها، ويتزوجها، وله أن يتزوج ابنتها([35]).
والحاصل:
أن ذلك المفسر قد أخطا في تفسيره. وفهم وتوضيح مراده «عليه السلام»:
أنه إذا تزوج الأم ولم يدخل بها، ثم طلقها، يجوز له أن يتزوج ابنتها،
فإن البنت إنما تحرم في صورة الدخول بأمها فقط. كما أنه يمكنه أن يعود
إلى الزواج بها إن لم يتزوج ابنتها.
ب:
معتبرة محمد بن إسحاق بن عمار قال: قلت له: رجل تزوج امرأة ودخل بها ثم
ماتت، أيحل له أن يتزوج أمها؟!
قال:
سبحان الله، كيف تحل له أمها وقد دخل بها؟!
قال:
قلت له: فرجل تزوج امرأة فهلكت قبل أن يدخل بها، تحل له أمها؟!
قال:
وما الذي يحرم عليه منها، ولم يدخل بها([36]).
ونقول:
أولاً:
إن هذه الرواية مضمرة، وإن كانت معتبرة، ولكن لا بد من طرحها، لأنها
تخالف القرآن، في قوله تعالى: ﴿وَأُمَّهَاتُ
نِسَائِكُمْ﴾([37])»([38]).
إلا إن كان المراد بحل أم الزوجة هو حل النظر إليها، ومصافحتها، ونحو
ذلك.
وتخالف الروايات الصحيحة المتقدمة، وهي صحيحة غياث بن
إبراهيم، وصحيحة وهيب بن حفص، وصحيحة إسحاق بن عمار.
ولا يصح حمل هذه الصحاح على الكراهة، وحمل تلك المضمرة
على اصل الجواز، لأن الحمل على الكراهة إنما هو في الأحكام التكليفية،
والكلام في هذه الروايات عن الحكم الوضعي. أعني: الصحة وعدمها.
وفي معتبرة منصور بن حازم، وقول الإمام الصادق «عليه
السلام» عن التزويج بأم الزوجة التي ماتت قبل أن يدخل بها: «قد فعله
رجل منا، فلم ير به بأساً».
ونقول:
قد يتوهم:
أن هذه الرواية تدل على جواز التزويج بأم الزوجة إذا ماتت قبل الدخول
بها، ولكنه توهم باطل لما يلي:
1 ـ
لم نعرف من هو المقصود بقوله «عليه السلام»: «منا»! هل المقصود: أحد
الأئمة «عليه السلام»؟! فإن ذلك غير معقول، إذ لم يتزوج أحد من الأئمة
«عليهم السلام» أم زوجته، لا قبل الإمام الصادق ولا بعده.
أو أن المقصود بكلمة «منا»:
من يعدهم الناس فقهاء وعلماء، ويعد عبد الله بن مسعود في جملتهم، فبناء
على هذا لا مانع من أن يكون هو المقصود بكلامه «عليه السلام».
أو أن المقصود:
هو أحد الطالبيين، أو أحد الهاشميين، ولو كان من بني العباس. ولم يشأ
«عليه السلام» التصريح باسمه مراعاة للتقية، أو لبعض الأمور الأخرى.
2 ـ
إن كلمة «لم ير به بأساً» لم يتضح المراد بها، فقد اختلفت نسخ الكتب
فيها، ففي الكافي «لم نر»([39])،
وفي الوافي «لم ير»([40]).
فإن كانت رواية الكافي هي الصحيحة، فيرد:
أولاً:
إنه يخبر عن ان رأي أهل البيت «عليهم السلام»: أنه لا مانع من ذلك،
فيتناقض إخباره هذا:
ألف:
مع ذيل الرواية التي صرحت: بأن علياً «عليه السلام» قد خطَّأ ابن مسعود
في فتواه في جواز ذلك.
ب:
إنه يناقض ما رواه الإمام الصادق عن أبيه أبي جعفر «عليهما السلام»،
كما تقدم في صحيحتي: غياث بن إبراهيم، وإسحاق بن عمار.
ثانياً:
إن ذلك يظهر الإمام الصادق «عليه السلام» بمظهر المخطئ في فتواه، وغير
العارف بما قاله أمير المؤمنين «عليه السلام»، فلما عرفه تراجع عن
رأيه، حتى استنكر على سائله أن يرجع إليه في مسألة يعلم أن أمير
المؤمنين قد أصدر فيها حكماً.. مع أنه «عليه السلام» لا يمكن أن يفتي
بغير قول أمير المؤمنين «عليه السلام»، ولا يرجع إلى أحد سواه «عليه
السلام».
ثالثاً:
كيف فرَّع «عليه السلام» قوله: «لم نر به بأساً» على قوله: «قد فعله
رجل منا»؟! هل أن فعل رجل غير معصوم لهذا الأمر هو الذي دعاهم إلى أن
لا يروا بأساً بهذا الفعل؟! أم أن هذا الحكم لا بد أن يؤخذ من الكتاب
والسنة؟!
على أن هذا الحكم لا يحتاج إلى هذا التبرير، فقد كان
يمكنه أن يكتفي بالقول: «لم نر به بأساً» وينتهي الأمر.
وإن كانت رواية الوافي هي الصحيحة،
وهو أنه قال:
«لم ير به بأساً»، فالمقصود هو الإحالة على ذلك الرجل، وعدم الرغبة
بالتصريح بالجواب، ربما تقية في ما إذا كان ذلك الرجل عباسياً.
فلما ذكر له السائل قول علي «عليه السلام» أحاله إليه،
وثبته عليه، لعلمه بعدم جرأة أحد على الطعن في أحكام علي «عليه
السلام».
أو أنه «عليه السلام» أراد للسائل أن يصل بنفسه إلى هذه
النتيجة.
فالرواية لا تصلح دليلاً على ما ادعوه من جواز الزواج
بأم الزوجة بعد موت الزوجة غير المدخول بها.
هذا إن لم نقل:
إنها من أدلة عدم جواز نكاح الأم لو طلق ابنتها قبل الدخول بها، وتنسجم
بذلك مضامين هذه الرواية إنسجاماً تاماً.
صرحت الرواية:
بأن الشيعة كانوا يفخرون بقضاء علي «عليه السلام» في
هذه المسألة، وهذا يدل على أن هذه المسألة كانت ذائعة وشائعة، فكيف لا
يعرف الإمام «عليه السلام» بقضاء علي «عليه السلام»؟! ألا يدل هذا على
أنه «عليه السلام» أراد الرد على ذلك الذي فعل هذا الأمر بقضاء علي
«عليه السلام».
فظهر أن الصحيح:
هو قوله «عليه السلام»: «لم ير». أي ذلك الرجل، وقد أراد الإمام «عليه
السلام» أن يشنع على ذلك القائل، ويبين أنه قد خالف القرآن، وأهل البيت
«عليهم السلام» في حكمه، وذلك بأسلوب سَوْقِ السائل إلى الإستشهاد بما
فعله علي «عليه السلام»، وبيانه لخطأ ابن مسعود في فهم الآيات
القرآنية. إلا أن يقال: إن الظاهر من الرواية: أن الذي استشهد بكلام
علي «عليه السلام» هو رجل آخر، وليس السائل.
هناك أقوال عديدة في المراد من كلمة
«الشمخية»، لعل أقربها:
أنها إمرأة من بني شمخ بن فزارة، كان ابن مسعود قد
أفتاها بجواز نكاح أم الزوجة غير المدخول بها.
إن ابن مسعود حين أفتى بجواز نكاح أم الزوجة غير
المدخول بها قد استفاد ذلك من قوله تعالى: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ
اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ
بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ
عَلَيْكُمْ﴾([41]).
فبين له «عليه السلام»:
أن آية الربائب تكفلت ببيان حكم نكاح بنت الزوجة إذا
طلق أمها قبل الدخول بها.. ولا تتحدث عن تحريم أم الزوجة أو عدم
تحريمها.
وهنا بحث فقهي واسع لا مجال للتعرض له.. فراجعه في
مظانه([42]).
تقدم:
أن هذا الحكم كان من الواضحات، إن لم نقل من البديهيات عند أهل
الإسلام، إلا ما نسب إلى ابن أبي عقيل، الذي وصفوه بأنه كان له فتاوى
شاذة([43]).
ولا أدري إن كان هناك أحد سواه يشاركه في قوله هذا،
سواء من أهل السنة، أو من الشيعة.
ولنا أن نلتمس لهذا الرجل عذراً لوقوعه في الغلط في هذه
المسألة، ولعل منها: أنه لم يكن في عصر المعصوم، ولعله لم يذاكر أحداً
في هذه المسألة، ليلفت نظره إلى الأحاديث الصحيحة المحرمة، وأخذ ـ من
دون مراجعة ـ بما فهمه خطأ من آية: ﴿وَرَبَائِبُكُمُ
اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ﴾.
ولماذا لم يقرأ الفقرة التي قبل هذه الآية في نفس
الآية، فإنه تعالى يقول:
﴿حُرِّمَتْ
عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ
وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ
وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ
الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي
حُجُورِكُمْ﴾([44]).
وهذا نظير الخطأ الذي أشير في كلام الإمام الصادق «عليه
السلام» إلى أنه قد وقع فيه بعض من ينسب إليهم «عليهم السلام»، كما
تقدم في رواية منصور بن حازم.. ولعله.. ولعله..
ولكن يصعب علينا أن نفسر خطأ ابن مسعود في هذه المسألة
الواضحة، فإنه كان معاصراً للنبي «صلى الله عليه وآله»، ويعده البعض من
علماء الصحابة، وفقهائهم.. وإذا كان الناس يحتاجون إلى الإمام حتى في
أمثال هذه، فما بالك بعويصات المسائل، ومشكلات الأمور، وخفايا حقائق
الدين؟!
قال العلامة الطبرسي «رحمه الله»:
روي أنه اتصل بأمير المؤمنين «عليه
السلام»:
أن قوماً من أصحابه خاضوا في التعديل والتجوير، فخرج حتى صعد المنبر،
فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس! إن الله تبارك وتعالى لما خلق خلقه أراد أن
يكونوا على آداب رفيعة، وأخلاق شريفة، فعلم أنهم لم يكونوا كذلك إلا
بأن يعرفهم مالهم، وما عليهم.
والتعريف لا يكون إلا بالأمر والنهي.
والأمر والنهي لا يجتمعان إلا بالوعد والوعيد.
والوعد لا يكون إلا بالترغيب.
والوعيد لايكون إلا بالترهيب.
والترغيب لا يكون إلا بما تشتهيه أنفسهم، وتلذه أعينهم.
والترهيب لا يكون إلا بضد ذلك.
ثم خلقهم في داره، وأراهم طرفاً من اللذات، ليستدلوا به
على ما وراءهم من اللذات الخالصة التي لا يشوبها ألم، ألا وهي الجنة.
وأراهم طرفاً من الآلام، ليستدلوا به على ما وراءهم من
الآلام الخالصة التي لا يشوبها لذة، ألا وهي النار.
من أجل ذلك، ترون نعيم الدنيا مخلوطاً بمحنها، وسرورها
ممزوجاً بكدرها وهمومها([45]).
قيل:
فحُدِّث الجاحظ بهذا الحديث، فقال: هو جماع الكلام الذي
دونه الناس في كتبهم، وتحاوروه بينهم.
قيل:
ثم سمع أبو علي الجبائي بذلك، فقال: صدق الجاحظ. هذا ما
لا يحتمله الزيادة والنقصان([46]).
تضمن هذا النص:
بياناً دقيقاً للمنطلقات والمبادئ التي ارتكزت عليها وانطلقت منها
السياسة الإلهية لعباده، في إيصالهم إلى كمالهم، وتضمن أيضاً تفسيراً
لبعض الظواهر التي تفرض نفسها على حياتهم، فيما يرتبط بالنعم والمحن،
والهموم، والمسرات، والآلام، والملذات.
والأهم من ذلك:
أنها حددت مرامي التشريع، والأهداف التي يدفع
الإنسان
إليها. فقد بيَّن
«عليه السلام»: أن ما يسعى إليه التشريع أمران:
أحدهما:
أن يكون الناس على آداب رفيعة.
الثاني:
أن يكونوا على أخلاق شريفة..
والآداب هي طرائق السلوك، وحسن التناول، والظرف
والكياسة والبراعة والحذق.
أما الأخلاق، فهي السجايا والطباع الراسخة، ومنها ما هو
ذميم وقبيح، ومنها ما هو رضي وشريف.
وقد لاحظنا:
أنه «عليه السلام» ذكر الآداب قبل الأخلاق.. ولعل سبب ذلك: أن الآداب
إذا حسنت، وارتفعت، ولم يكن فيها مهانة ودناءة. وذاق الإنسان حلاوتها
بصورة عملية، فإنها تغذي تلك السجايا وتؤثر في الطباع، وتعطيها قوة،
ومزيد رسوخ لما هو شريف، ومزيد انكماش، وخفوت وضعف لما هو وضيع ولئيم،
وليكن هذا الأدب الرفيع هو الطهر لروح الإنسان، ويزكي نفسه، ويصفي
ضميره من الخلق اللئيم، والسجايا الخبيثة..
وقد بينَّ «عليه السلام»:
أن الهدف الأقصى هو أن يتحلَّى جميع خلقه بالآداب الرفيعة، والأخلاق
الشريفة، ولذلك نرى: أنه قد جعل نقطة الإنطلاق إلى تلك الآداب والأخلاق
وعي الناس أنفسهم، فمن داخلهم يبدأ مسيرته نحو ذينك الهدفين الشريفين
عبر مراحل طويلة، تحتاج إلى جهد وعمل وتضحيات، ثم كانت النهاية نهاية
المسيرة هي الإنسان نفسه أيضاً فيما يعبر عن شخصيته من أدب وسلوك وظرف،
وحذق وكياسة وبراعة. وفيما يدخل في صياغة داخله، وتكوين فطرته، ويقظة
ضميره، وهو ترسيخ أخلاقه الشريفة، وسجاياه الحميدة، وصفاته، وخصاله
الكريمة..
نعم.. لقد اقتضت السياسة الإلهية فيما يرتبط بمتابعة
المسيرة نحو ذلك الهدف الأقصى، وهو تعريف الخلق بما لهم وما عليهم.
ثم ذكر «عليه السلام» الأدوات التي يحتاج إليها في
تعريف الخلق ما لهم وما عليهم، فمن هذه الأدوات الأمر والنهي.
ثم عقبه بما يجعل الأمر والنهي فاعلاً ومؤثراً على
الصعيد العملي، بذكره التسلسل الطبيعي الذي ينتهي أيضاً إلى ملامسة
الحس الفردي لكل فرد فرد، في حقيقة ذاته، وفي متن وجوده، ليكون الأعمق
تأثيراً في كل ذرة من ذرات كيانه.. لأنه ينتهي إلى اللذة والألم،
والنعيم والعذاب مباشرة.. لا بما هي صور ذهنية تثيرها الكلمة، أو
تستلها العين، من النظر إلى ما يجسدها. أو تلتقطها الأذن من المحيط
المتصل بها.. بل بما هي فعل مباشر وتجسد عملي للذة والألم في عمق
الكيان، وذلك حين بين «عليه السلام» كيف أن الله تعالى لم يكتف بإعلام
الخلق بأن ثمة لذة وألماً، وثواباً وعقاباً ينتظرهم.. بل أراهم طرفاً
من اللذات ليستدلوا به على اللذات الخالصة التي لا يشوبها ألم، ألا وهي
الجنة.
وأراهم طرفاً من الألم، ليستدلوا به على ما وراءه من
الآلام الخالصة، التي لا يشوبها لذة، وهي النار.
وأخيراً..
فإن الرواية المتقدمة تقول: إنه «عليه السلام» قد أورد هذا الكلام في
خطبة له، حين بلغه أن قوماً من أصحابه خاضوا في التعديل والتجوير..
والسؤال هو:
ما الربط بين ما ذكره «عليه السلام»، وبين ما خاض به أصحابه؟!
ونجيب:
بأن علينا ملاحظة الأمور التالية:
1 ـ
إن أمير المؤمنين «عليه السلام» كان هو الراصد الدقيق والمتابع، لما
يدور من حوله من أحداث، وما يتداوله الناس من أفكار..
وكان له «عليه السلام» من يأتيه بأخبار ذلك كله.. وربما
يكون «عليه السلام» هو الذي طلب منهم القيام بهذه المهمة..
2 ـ
إنه «عليه السلام» يرى: أن من مهماته التصدي لأية بوادر يرى أنها قد
تمهد لخلل ما، فيما يرتبط بسلامة العقيدة، ولا يعطيه الفرصة ليتفاقم
ويتحول إلى شبهة قد يصيب الناس أدنى رذاذ منها..
3 ـ
ولعله «عليه السلام» رأى: أن بعض الناس كان يحاول أن يضع علامة استفهام
حول العدل الإلهي استناداً إلى ما يتعرض له الناس من مصائب وآلام،
وهموم وأكدار في هذه الحياة الدنيا..
فبين «عليه السلام»:
أن هذه الآلام والأكدار لا تنافي العدل الإلهي، بل هي عين الرأفة
بالناس، من حيث أنها تفهمهم: أن عليهم أن يعملوا على تحاشي مصائب
وبلايا الآخرة من خلال تذوقهم طعم البلاء في الدنيا، وأن يعملوا لنيل
نعيم الآخرة، بعد أن تذوقوا طعم النعيم في الدنيا وإن كان لا يقاس نعيم
وآلام الدنيا بما في الآخرة من نعيم وآلام..
([1])
قضاء أمير المؤمنين «عليه السلام» للتستري (ط مؤسسة الأعلمي)
ص186.
([2])
الكافي ج8 ص241 وبحار الأنوار ج41 ص58 وجامع أحاديث الشيعة ج13
ص464 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج4 ص86 وج5 ص315 وج10
ص214.
([3])
قضاء أمير المؤمنين «عليه السلام» للتستري (ط مؤسسة الأعلمي)
ص91 وبحار الأنوار ج79 ص270 وج81 ص255 و 361 وج82 ص103 و
132 = = و283 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص306 و 311 و 314 و
320 وراجع: علل الشرائع ج2 ص320 و 333 و 336 ووسائل الشيعة (ط
مؤسسة آل البيت) ج6 ص325 و 392 ووسائل الشيعة (ط دار
الإسلامية) ج4 ص942 و 988 وجامع أحاديث الشيعة ج5 ص67 و 340 .
([4])
قضاء أمير المؤمنين «عليه السلام» للتستري (ط مؤسسة الأعلمي)
ص92.
([5])
نهج البلاغة (بشرح عبده) ج4 ص45 و 46 وخصائص الأئمة ص113 وبحار
الأنوار ج67 ص11 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص37 وموسوعة أحاديث
أهل البيت للنجفي ج8 ص208 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج19 ص18
وقضاء أمير المؤمنين «عليه السلام» للتستري (ط الأعلمي) ص234 و
235.
([6])
قرب الإسناد ص72 والكافي ج4 ص44 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص63
ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج9 ص35 و (ط دار الإسلامية)
ج6 ص20 ومكارم الأخلاق للطبرسي ص134 ومستطرفات السرائر ص626
وبحار الأنوار ج70 ص302 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص595 ومستدرك
سفينة البحار ج7 ص18 وتفسير نور الثقلين ج5 ص291.
([7])
الآية 59 من سورة النساء.
([8])
الآية 83 من سورة النساء.
([9])
الفصول المختارة ص37 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج23
ص263 و (ط دار الإسلامية) ج16 ص162 ومستدرك الوسائل ج16 ص51
وجامع أحاديث الشيعة ج19 ص463.
([10])
راجع: نهج البلاغة (بشرح عبده) ج1 ص154 وبحار الأنوار ج34 ص209
= = والمراجعات ص66 وجامع أحاديث الشيعة ج1 ص71 وشرح نهج
البلاغة ج6 ص373 و 380 وينابيع المودة ج1 ص84 وج3 ص432 وأعلام
الدين للديلمي ص128 وغاية المرام ج2 ص317.
([11])
الآية 44 من سورة الحجر.
([12])
مناقب آل أبي طالب ج2 ص382 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص201
وراجع: مختلف الشيعة ج6 ص349 والحدائق الناضرة ج22 ص458 و 459
وجامع المدارك ج4 ص106 ووسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج13
ص444 و (ط مؤسسة آل البيت) ج19 ص382 وجامع أحاديث الشيعة ج19
ص243.
([13])
الآية 60 من سورة التوبة.
([14])
الإرشاد للمفيد (ط دار
المفيد) ج1 ص221 وقضاء أمير المؤمنين «عليه السلام» = =
للتستري ص166 و 167 عنه، ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج19
ص388 و (ط دار الإسلامية) ج13 ص450 وبحار الأنوار ج40 ص265
والحدائق الناضرة ج22 ص462 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج32
ص163 وجامع أحاديث الشيعة ج19 ص244 وعجائب أحكام أمير المؤمنين
للسيد محسن الأمين ص170.
([15])
الآية 39 من سورة يس.
([16])
الإرشاد للمفيد ج1 ص221 وقضاء أمير المؤمنين «عليه السلام»
للتستري (ط مؤسسة الأعلمي) ص167 عنه، ووسائل الشيعة (ط مؤسسة
آل البيت) ج23 ص57 و (ط دار الإسلامية) ج16 ص35 ومناقب آل أبي
طالب ج2 ص382 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص201 وإحقاق الحق
(الملحقات) ج32 ص163 وبحار الأنوار ج40 ص265 وجامع أحاديث
الشيعة ج19 ص339 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص444 وتفسير نور
الثقلين ج4 ص386 وعجائب أحكام أمير المؤمنين للسيد محسن الأمين
ص171 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج32 ص163.
([17])
الآية 25 من سورة إبراهيم.
([18])
الإرشاد للمفيد ج1 ص222 وقضاء أمير المؤمنين «عليه السلام»
للتستري (ط مؤسسة الأعلمي) ص167 عنه، ومناقب آل أبي طالب ج2
ص382 وإحقاق الحق (الملحقات) ج32 ص152 وتفسير العياشي ج2 ص224
وتفسير نور الثقلين ص536 والكافي ج4 ص142 وتهذيب الأحكام ج4
ص309 و 310 وج8 ص314 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج10
ص387 و (ط دار الإسلامية) ج7 ص284 وبحار الأنوار ج101 ص228
وجامع أحاديث الشيعة ج9 ص373.
([19])
الآية 44 من سورة الحجر.
([20])
الآية 60 من سورة التوبة.
([21])
مناقب آل أبي طالب ج2 ص381 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص201
ومستدرك الوسائل ج14 ص142 وبحار الأنوار ج40 ص241 وج100 ص214
وجامع أحاديث الشيعة ج19 ص249 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص342.
([22])
الآية 44 من سورة الحجر.
([23])
الإرشاد للمفيد ص119 و (ط دار المفيد) ج1 ص221 وقضاء أمير
المؤمنين «عليه السلام» للتستري (ط مؤسسة الأعلمي) ص166 وبحار
الأنوار ج40 ص265 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج19 ص383 و
(ط دار الإسلامية) ج13 ص444 وجامع أحاديث الشيعة ج19 ص244.
([24])
الآية 261 من سورة البقرة.
([25])
قضاء أمير المؤمنين «عليه السلام» للتستري (ط الأعلمي ـ الطبعة
العاشرة) ص166.
([26])
الآية 23 من سورة النساء.
([27])
الآية 23 من سورة النساء.
([28])
الكافي ج5 ص422 والإستبصار ج3 ص157 و 158 وتهذيب الأحكام ج7
ص274 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج20 ص462 و (ط دار
الإسلامية) ج14 ص354 والفصول المهمة للحر العاملي ج1 ص572
وجامع أحاديث الشيعة ج20 ص430 و 431 وتفسير نور الثقلين ج1
ص462 و 463 وقضايا المجتمع والأسرة للطباطبائي ص187 والنوادر
لأحمد بن محمد بن عيسى ص98 وتفسير العياشي ج1 ص231.
([29])
مختلف الشيعة ج7 ص48 وكتاب النكاح للسيد الخوئي ج1 ص325.
([30])
الآية 23 من سورة النساء.
([31])
الإستبصار ج3 ص157 وتهذيب الأحكام ج7 ص273 ووسائل الشيعة (ط
مؤسسة آل البيت) ج20 ص459 و (ط دار الإسلامية) ج14 ص352 وجامع=
= أحاديث الشيعة ج20 ص428 وتفسير نور الثقلين ج1 ص464 ومن لا
يحضره الفقيه ج3 ص415 والفصول المهمة للحر العاملي ج2 ص347
وجامع أحاديث الشيعة ج20 ص428 و 429.
([32])
الإستبصار ج3 ص157 وتهذيب الأحكام ج7 ص273 ووسائل الشيعة (ط
مؤسسة آل البيت) ج20 ص459 و (ط دار الإسلامية) ج14 ص352 وجامع
أحاديث الشيعة ج20 ص429 وتفسير نور الثقلين ج1 ص464.
([33])
الإستبصار ج3 ص156 وتهذيب الأحكام ج7 ص273 ووسائل الشيعة (ط
مؤسسة آل البيت) ج20 ص459 و 463 و (ط دار الإسلامية) ج14 ص351
و 355.
وتفسير العياشي ج1 ص231 وغوالي اللآلي ج3 ص327 وبحار الأنوار
ج101 ص20 وجامع أحاديث الشيعة ج20 ص429 وتفسير نور الثقلين ج1
ص464 وتفسير مجمـع البـيـان ج2 ص29 و (ط مؤسسـة الأعلمـي) ج 3
= = ص 56 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص404 وتفسير الميزان ج4 ص284
وقضايا المجتمع والأسرة للطباطبائي ص188.
([34])
الإستبصار ج3 ص157 وتهذيب الأحكام ج7 ص273 ووسائل الشيعة (ط
مؤسسة آل البيت) ج20 ص463 و (ط دار الإسلامية) ج14 ص355
والكافي ج5 ص421 وغوالي اللآلي ج3 ص327 والنوادر لأحمد بن محمد
بن عيسى ص99 ومستدرك الوسائل ج14 ص401 وجامع أحاديث الشيعة ج20
ص432 وتفسير نور الثقلين ج1 ص463 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص407.
([35])
راجع: وسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج20 ص464 و (ط دار
الإسلامية) ج14 ص356 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص414 وجامع أحاديث
الشيعة ج20 ص433.
([36])
الإستبصار ج3 ص158 وتهذيب الأحكام ج7 ص275 ووسائل الشيعة (ط
مؤسسة آل البيت) ج20 ص464 و (ط دار الإسلامية) ج14 ص356 وجامع
أحاديث الشيعة ج20 ص433.
([37])
الآية 23 من سورة النساء.
([38])
وسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج20 ص463 و 364 و 365 و (ط
دار الإسلامية) ج14 ص356 و 357 وتفسير العياشي ج1 ص230.
([41])
الآية 23 من سورة النساء.
([42])
راجع كتاب قضاء أمير المؤمنين
«عليه
السلام»
للتستري ص62.
([43])
قاموس الرجال ج3 ص293.
([44])
الآية 23 من سورة النساء.
([45])
الاحتجاج ج1 ص488 و 489 وبحار الأنوار ج5 ص316.
([46])
المصدران السابقان.
|