صفحة : 269-304   

الفصل الثامن: وقفات مع الحوار السابق..

بـدايـة:

تضمن الفصل السابق نص الحوار الذي قيل: إنه جرى بين أحد الزنادقة، وبين أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام..

وفي هذا النص موارد كثيرة ينبغي الوقوف عندها، والتأمل فيها نذكر منها ما يلي:

يا جبرئيل، هل رأيت ربك؟!:

تضمنت الرواية المتقدمة سؤال النبي «صلى الله عليه وآله» جبرئيل: «يا جبرئيل، هل رأيت ربك؟!

فقال جبرئيل «عليه السلام»: إن ربي عز وجل لا يرى..

فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: من أين تأخذ الوحي؟!.

فقال: من إسرافيل؟!

قال: ومن أين يأخذْ إسرافيل؟!

قال: يأخذه من ملك فوقه من الروحانيين.

قال: فمن أين يأخذه ذلك الملك؟!

قال: يقذف في قلبه قذفاً إلخ..».

فهنا سؤالان:

أولهما: إن رؤية الرب ممتنعة بحكم العقل، فما معنى أن يسأل النبي «صلى الله عليه وآله» جبرئيل: إن كان قد رأى ربه.

الثاني: لماذا هذه الوسائط بين جبرئيل، وبين الله؟! ألم يكن بالإمكان أن يقذف الله ما يريد الوحي به في قلب جبرئيل قذفاً؟!..

أجاب العلامة المجلسي «رحمه الله» على السؤال الأول:

بأن من الممكن أن يكون المطلوب: أن يُعْلَم بالوحي كما عُلِمَ بالعقل، ويخبر الناس بما أوحي إليه من ذلك([1]).

غير أننا نقول:

إن هذا الجواب غير تام، فإن جبرئيل لم يخبر عن الله تعالى بأن الله لا يرى، بل ظاهر كلامه أنه قد قال ذلك من عند نفسه، إستناداً إلى بداهة هذا الأمر وظهوره.

ولعل الأنسب في الجواب أن يقال: إنه «صلى الله عليه وآله» أراد أن يعرِّف الناس بأن الملائكة لا ترى الله تعالى عيانا، فلا مجال لتوهم أنه تعالى محجوب عن خصوص البشر، وليس محجوباً عن الملائكة، لأنهم مثله تعالى في عدم رؤية البشر لهم..

ونجيب على السؤال الثاني:

بأن من الممكن أن يكون المطلوب هو بيان أن عظمة الله تعالى تجعل تلقي الكلام منه، ولو بواسطة القذف في القلب ليس بالأمر العادي والسهل. بل هو يحتاج إلى مراحل وإلى تنزل في الدرجات والمراتب.

ولولا ذلك لأمكن القول بأنه إذا كانت القضية مجرد قذف كلام في قلب مخلوق، فلماذا لا يقذف الله كلامه في قلب نبيه مباشرة، ومن دون حاجة إلى جبرئيل؟!

على أن من الجائز أيضاً أن تكون هناك مصالح وحكم تدبيرية، تقضي بأن يمر هذا الوحي عبر عظماء الملائكة، الذين لهم دور في هذا التدبير كما دل عليه قوله تعالى: ﴿فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْراً([2])، فإن لمعرفتهم بهذا الوحي دوراً وأثراً في جدهم اجتهادهم في تدبير وحفظ ما أوكل إليهم حفظه، وتدبيره..

سجود إبليس للتمكين من النظرة:

ولم يتضح لنا المراد بقوله في الرواية: أن إبليس سجد سجدة أربعة آلاف عام، يريد بها زخرف الأرض، والتمكين من النظرة..

فلعل المراد بالنظرة هي تلك التي أشير إليها في قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ، قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ([3]).

تحريف القرآن:

وقد تضمنت الرواية المتقدمة دعوى الزيادة والنقيصة في القرآن. وتحريف آياته. وأنهم أثبتوا في القرآن كلام الملحدين، وأسقطوا منه أسماء حججه، إلى غير ذلك.. وقد تكرر التأكيد على ذلك في الرواية المتقدمة.

وهذا القول مردود عند الشيعة الإمامية، وإنما هو من ترهات الغلاة، وأهل الحديث من غير الشيعة.. وما روي بأسانيد معتبرة عند الشيعة، فإنما يقصد به أنه قد نزل تفسير بعض الآيات من عند الله تعالى. وليس ذلك بقرآن، بل هو من قبيل الأحاديث القدسية، أو من قبيل بعض البيانات التي يبلغها جبرئيل للنبي «صلى الله عليه وآله»، مما عرفه من قبل الله، كما تعرف الملائكة أموراً كثيرة، وليست معارفها هذه جزءاً من القرآن..

وقد حدثنا رسول الله «صلى الله عليه وآله» بكثير من الحقائق والدقائق والأسرار، وليست من القرآن، مثل حديث: إن أول خلق خلقه الله عز وجل العقل، فقال له: أقبل. فأقبل.

ثم قال له: أدبر. فأدبر.

فقال: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً هو أحب إليَّ منك، بك آخذ، وبك أعطى، وبك أثيب وبك أعاقب([4]).

ومهما يكن من أمر، فقد أثبتنا في كتابنا: «حقائق هامة حول القرآن» بطلان مقولة التحريف، إلا إن كان المقصود بالإسقاط من القرآن هو تجريده من التفسير المنزل من عند الله لبعض آياته، وإسقاط البيانات للمحكم والمتشابه، والناسخ ، والمنسوخ، وشأن النزول وفي من نزلت الآيات، ومتى وأين نزلت.. وغير ذلك..

والمقصود بالزيادة هو المعاني والتطبيقات المخترعة، والتي لا أساس لها والمقصود بتحريفه هو ما أشارت إليه الرواية عن الإمام الباقر «عليه السلام»: أقاموا حروفه. وحرفوا حدوده.

وخلاصة الأمر: أن هذه الرواية تسقط عن الاعتبار لمجرد دعواها تحريف القرآن، لأن الأدلة القاطعة والبراهين قد قامت على أن القرآن خالٍ من جميع أشكال التحريف، وأنه لم يسقط منه، ولم يزد فيه شيء..

وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى:

وذكرت الرواية المتقدمة: أن آية ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ([5]). قد تعرضت للتحريف، وزعمت: أن التناكر ظاهر جلي في بعض الروايات، فإن المنافقين قد أسقطوا من بين ألا تقسطوا في اليتامى وبين قوله: فانكحوا ما طاب لكم من النساء، من الخطاب، والقصص أكثر من ثلث القرآن.

ونقول:

إن فقرات الآية المذكورة آنفاً منسجمة تمام الانسجام، فإن العرب كانوا كثيري الحروب، فتكثر بسبب ذلك أيتامهم. فكان صناديدهم وأقويائهم يتزوجون البنت اليتيمة، التي تملك أموالاً، فيأكل زوجها ومن معه ثروتها، ثم يطلقها..

وربما يتزوج أحدهم امرأة لها أولاد يتامى من زوج سابق، ولهم أموال، فيذهب بأموال أولئك اليتامى، ثم يتخلى عنهم وعنها..

وقد أشار الله تعالى: إلى هذه التصرفات اللاأخلاقية وحث على حفظ أموال اليتامى في قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً([6]).

وقال تعالى: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ([7]).

وقال تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ أي أنكم إذا خفتم ألا تقسطوا في اليتامى من النساء اللاتي تتزوجونهن، أو في أولادهن اليتامى، أو خفتم أن تعتدوا على أموالهن وأموال أولادهن، فذروا تلك النساء، وتزوجوا بغيرهن مما طاب لكم من النساء..

هل هذه كلمات أمير المؤمنين ؟!:

وهذا الخلل الظاهر في فهم معنى الآيات المباركة، الذي خولهم ادعاء تحريف القرآن، وكذلك سائر ما ذكرناه فيما سبق، يضع علامة استفهام كبيرة حول هذه الرواية، ويثير الشك في أن تكون كلها من كلمات علي «عليه السلام».. ويطرح احتمال أن يكون بعضهم قد حاول شرح الرواية التي ذكرها الصدوق في كتاب التوحيد، وهي الرواية التي أفردناها في فصل مستقل ـ سيأتي إن شاء الله ـ فأضاف ذلك البعض أموراً من عنده ظاناً أنها مما يصح نسبة مضامينها إليه «عليه السلام».

ويزيد هذا الاحتمال قوة: أن الأسلوب البياني في الرواية لم يكن بالمستوى الذي عهدناه في سائر ما وصلنا من كلام أمام الفصحاء والبلغاء «عليه السلام»، بل هو يعاني من التعقيد، والإبهام، بل والتكلف الظاهر في بيان كثير من مقاصده. إن لم نقل: إننا نلمح درجة من الركاكة في بعض المواضع..

هذا عدا عن أن الطريقة الحوارية لم تأت وفق ما هو معروف ومألوف، بل جاءت مشوشة، وانتقائية لبعض القضايا دون بعض. وبعضها جاء بصورة تقريرية غير معهودة. ولكن الراوي كان يسعى لتناول ما ينسجم مع خلفياته الاعتقادية والثقافية، فكانت النتيجة: أنه لم يوفق إلا لشرح بعض أجزاء هذا الحوار.

ولعل رواية الصدوق هي الأساس، كما ربما يدل علىه هذا التوافق التام بين مضامين قسم من هذه الرواية مع تلك الرواية التي ذكرها الصدوق في كتاب التوحيد. فراجع..

سمى اللعنة قتالاً:

وقد ذكرت الرواية المتقدمة أن المراد بقوله تعالى: ﴿قَاتَلَهُمُ اللَهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ هو لعنهم الله، فسمى اللعنة قتالاً..

والظاهر: أن المراد هو أن القتال يقتضي أن يكون الذي يقاتله الله مطروداً من رحمته تعالى.. واللعن هو الدعاء بإبعاد الملعون من رحمة الله سبحانه. فقد توافقا من هذه الجهة، فصح إطلاق هذا على ذاك بنحو من التسامح.

الأئمة والخلق والرزق:

تقول الرواية: إن الأئمة «عليهم السلام» هم أولوا الأمر، والمقصود بالأمر هو ذلك الذي تتنزل الملائكة به ليلة القدر: من خلق، ورزق، وأجل وعمل، وحياة وموت، وعلم غيب السماوات والأرض، والمعجزات التي لا تنبغي إلا لله سبحانه وأصفيائه وسفرائه بإقدار منه تعالى إلخ..

وهذا يخالف ما ورد عنهم «عليهم السلام»، من روايات منعت من إطلاق صفة الخالق، والرازق، والرب على غير الله سبحانه، وفرضت التحاشي عن إطلاق هذه التعابير.

وهي لا تفسح المجال للتأويلات المختلفة التي يمكن التماسها لمن يتفوه بها. وهي عدة روايات، نذكر منها:

ألف: ماجيلويه، عن علي بن إبراهيم، عن إبراهيم بن هاشم، عن ياسر الخادم قال: «قلت للرضا «عليه السلام»: ما تقول في التفويض؟!

فقال: إن الله تبارك وتعالى فوض إلى نبيه «صلى الله عليه وآله» أمر دينه فقال: ﴿وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا([8])، فأما الخلق والرزق فلا.

ثم قال «عليه السلام»: إن الله عز وجل ﴿خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وهو عز وجل يقول: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذَلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ([9])»([10]).

ب: أبو الحسن علي بن أحمد الدلال القمي، قال: «اختلف جماعة من الشيعة في أن الله عز وجل فوض الأئمة «عليهم السلام» أن يخلقوا ويرزقوا؟!

فقال قوم: هذا محال لا يجوز على الله عز وجل، لأن الأجسام لا يقدر على خلقها غير الله عز وجل.

وقال آخرون: بل الله عز وجل أقدر الأئمة «عليهم السلام» على ذلك، وفوض إليهم، فخلقوا ورزقوا.

وتنازعوا في ذلك تنازعاً شديداً.

فقال قائل: ما بالكم لا ترجعون إلى أبي جعفر محمد بن عثمان، فتسألونه عن ذلك، ليوضح لكم الحق فيه، فإنه الطريق إلى صاحب الأمر؟!

فرضيت الجماعة بأبي جعفر، وسلمت وأجابت إلى قوله، فكتبوا المسألة، وأنفذوها إليه.

فخرج إليهم من جهته توقيع نسخته:

إن الله تعالى هو الذي خلق الأجسام، وقسم الأرزاق، لأنه ليس بجسم، ولا حال في جسم، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ.

فأما الأئمة «عليهم السلام»، فإنهم يسألون الله تعالى فيخلق، ويسألون فيرزق، إيجاباً لمسألتهم، وإعظاماً لحقهم»([11]).

ج: وعن الإمام الصادق «عليه السلام»: «جاء رجل إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال: السلام عليك يا ربي.

فقال: ما لك لعنك الله؟! ربي وربك الله إلخ..»([12]).

د: وهناك حديث دخول عشرة على أمير المؤمنين «عليه السلام»، وقولهم له: إنك ربنا، وأنت الذي خلقتنا وأنت الذي رزقتنا، فمنعهم «عليه السلام» عن قولهم ذاك([13]).

هـ: وفي الصحيح عن أبي بصير، قال: قال لي أبو عبد الله «عليه السلام»: يا أبا محمد، أبرأ ممن يزعم أنا أرباب.

قلت: برئ الله منه إلخ..([14]).

و: قد لعن الإمام الصادق «عليه السلام» من قال: إن الإمام هو الذي خلق ورزق([15]).

ز: ومن دعاء الرضا «عليه السلام»: اللهم من زعم أنا أرباب، فنحن منه براء، ومن زعم أن إلينا الخلق، وإلينا الرزق، فنحن براء منه، كبراءة عيسى بن مريم من النصارى([16]).

ح: وعن الإمام الرضا «عليه السلام»: في حديث: فمن ادعى للأنبياء ربوبية،وادعى للأئمة ربوبية أو نبوة، أو لغير الأئمة إمامة، فنحن منه براء في الدنيا والآخرة([17]).

وهناك أحاديث أخرى تشير إلى هذه المعاني..

غير أن من الواضح: أن ذلك لا يمنع من أن يجعلهم الله تعالى أسباباً للفيض، والعطاء، فيعطي تعالى بهم من يشاء، ويمنع بهم من يشاء، ويرزق بهم عباده، ويحيي بهم بلاده، وينزل بهم المطر، ويمسك بهم السماء. وإن كان لا يصح إطلاق صفة الخالق والرازق، والأرباب علىهم «صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين».

النص على الإمامة غير صريح:

ومما يدل على أن هذه الرواية لم تأت وفق النهج الصحيح والسليم: أنها ذكرت أن النبي «صلى الله عليه وآله» أثبت حجة الله تعريضاً لا تصريحاً.

بل زعمت: أن قوله «صلى الله عليه وآله»: «من كنت مولاه فهذا مولاه.

وقوله «صلى الله عليه وآله»: «وهو مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي» ليس تصريحاً في نصب علي «عليه السلام» في مقام الإمامة. بل هو تعريض..

فلو أنه قال لهم: لا تقلدوا الإمامة إلا فلاناً بعينه، وإلا نزل بكم العذاب، لنزل بهم العذاب الأليم.

ولكنه ذكر لهم حديث المنزلة، والأمة تعلم أن النبي لا يتكلم جزافاً، فيلزم أن تعلم: أنه لما كانت النبوة والأخوة موجودتين في هارون، ومعدومتين في علي الذي جعله بمنزلة هارون، فلا بد من أن مراده «صلى الله عليه وآله» بكلامه هذا جعله علياً «عليه السلام» خليفة له من بعده، كما استخلف موسى هارون، حيث قال: أخلفني في قومي..

كما أنه سد الأبواب إلا باب علي، وإرساله بسورة براءة فيهما تعريض بإمامته. وغير ذلك.

ونقول:

إن هذا الكلام غير مقبول عند علي «عليه السلام» والأئمة الطاهرين، ولبيان ذلك نقول:

لا بد من ملاحظة النقاط التالية:

1 ـ إن هذا قد جاء وفق مذهب الجارودية من الزيدية، الذين قالوا: إن النبي «صلى الله عليه وآله» نص على علي «عليه السلام» بالوصف دون التسمية([18]).

2 ـ إنه يتوافق أيضاً مع قول عمر بن الخطاب عن علي «عليه السلام»: «لقد كان من رسول الله «صلى الله عليه وآله» في أمره ذرو من قول، لا يثبت حجة، ولا يقطع عذراً، ولقد كان يربع في أمره وقتاً ما. ولقد أراد في مرضه أن يصرح باسمه، فمنعت من ذلك إشفاقاً، وحيطة على الإسلام إلخ..»([19]).

3 ـ أن الثابت عند الشيعة الإمامية هو أنه «صلى الله عليه وآله» قد نص على أمير المؤمنين بمختلف الأنحاء، وسماه وعينه بكل طريقة ترفع اللبس. ولم يكتف بالتعريض، كما في بعث أبي بكر بسورة براءة، وتأميره «صلى الله عليه وآله» بعض الصحابة على أبي بكر وعمر، وعدم تأمير أحد على علي «عليه السلام». وغير ذلك من دلالات وإشارات يحتاج إلى تنبه ودراية، واستدلال، وإدراك للطائف الكلام، ومعرفة وجوهه ولوازمه القريبة والبعيدة، كما تدعيه هذه الرواية..

نعم.. لم يكتف بالوصف والتعريض، بل لجأ إلى التصريح والتوضيح بأقصى ما يمكن من الصراحة.

وحسبك دليلاً على ذلك واقعة إنذار العشيرة، حيث قال «صلى الله عليه وآله»: من الذي يبايعني على روحه، وهو وصيي وولي هذا الأمر من بعدي، فلم يبايعه أحد، حتى مد أمير المؤمنين علي «عليه السلام» يده إليه، فبايعه على روحه، ووفى بذلك.. حتى كانت قريش تعير أبا طالب: إنه أَمَّر عليك ابنك([20]).

ومثل ما جرى واقعة الغدير، من نصبه ولياً للأمة، وأخذ البيعة له من الناس، فهل هناك دلالة أصرح وأوضح من هذا؟!

4 ـ أضف ذلك إلى عشرات النصوص الأخرى، التي تؤكد على ولايته «عليه السلام» للناس بعده «صلى الله عليه وآله». وكان «عليه السلام» هو وأهل بيته وشيعته يحتجون بها على مناوئيه، وأنصارهم وأتباعهم، ويذكرون الناس بها باستمرار، وكانوا يستشهدون الصحابة على واقعة الغدير في رحبة الكوفة، وفي منى، وفي غيرها وكان العشرات منهم يشهدون له بذلك..([21]).

5 ـ ولو كان النص مفقوداً، ولم يتجاوز الأمر التعريض، لم يصح الاحتجاج، ولا جاز العتب على أحد، فضلاً عن أن يسوِّغ «عليه السلام» هو وأصحابه لأنفسهم قتالهم([22])، ويعتبرهم رسول الله من الغادرين([23])، فإن الحجة لا تقوم على الناس بالتعريضات والكنايات التي تحتاج إلى استدلال وجهد فكري، وقد يوفق الإنسان لإدراك المراد، وقد لا يوفق..

6 ـ إن الاعتماد في مثل هذا الأمر على التعريضات ينافي الحكمة، فإن التعريضات تفتح أمام الناس مجال المكابرة والإنكار، وتؤدي بالتالي إلى الاختلاف، والتدابر والتناحر، وليس هذا من الوفاء، ولا من النصيحة للأمة في شيء..

7 ـ على أن بعض الكنايات والتعريضات تكون أشد وضوحاً من التصريح، كما هو الحال في قوله تعالى ﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون، فقد تضمنت هذه الآية جعل الولاية مع ذكر الدليل والمبرر لجعلها، وهو إيتاء الزكاة في حال الركوع، مع معرفة الناس كلهم بأن الذي تصدق وهو راكع هو خصوص أمير المؤمنين «عليه السلام»، وقد رأوا كيف نزلت الآية الكريمة في حقه، دون سواه.

8 ـ إن الرواية تقول: إنه «صلى الله عليه وآله» لو صرح باسم على علي «عليه السلام» للإمامة ثم خالفوا الأمر لنزل العذاب عليهم، ولا ندري من أين جاءت هذه المعادلة، ولماذا اقتضى التصريح بالاسم نزول العذاب؟! وقد ذكرنا أنه قد صرح باسمه، وبايعه الناس يوم الغدير و وإلخ.. ولم ينزل العذاب.

ولو فرضنا صحة هذه المعادلة، فإننا نقول:

إن العذاب هنا بمعنى إيكالهم إلى أنفسهم، وحجب الألطاف عنهم، ليواجهوا عواقب وآثار أعمالهم..

هذا كله عدا عن أن الله ورسوله قد صرحوا للناس بأمور كثيرة، ثم خالفوها، ولا يزالون يخالفون، ولم ينزل الله العذاب عليهم.

يوشع وصي موسى ابن سبع سنين:

وذكرت الرواية المتقدمة: أن الله تعالى أمر موسى بأن يعهد بالوصية إلى يوشع، وهو ابن سبع سنين.

فإن صح هذا، فليكن من موارد التوافق التي تضاف إلى عشرات مثلها بين ما جرى ليوشع وما جرى لعلي «عليه السلام». وقد ذكرنا طائفة منها في كتابنا: «علي «عليه السلام» ويوشع» فراجع..

آيات الإزراء على الرسول :

وقد صدقت الرواية ما ادعاه ذلك الرجل، من أن القرآن قد تضمن الإزراء على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وزعمت أن ذلك قد نشأ عن تحريف كتاب الله على يد الظالمين والغاصبين.

ثم ادعت أن معنى قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ، أنه إذا مات النبي ألقى الشيطان في كتابه الذي أنزل عليه ذمه، فينسخ الله ذلك من قلوب المؤمنين فلا تقبله. وتصغي إليه قلوب الجاهلين والمنافقين، ويحمي الله أولياء، من الضلال ومشايعة أهل الكفر والطغيان.

وهذا كلام باطل جزماً، إذ ليس في القرآن أي أثر للإزراء على الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله»..

ونوضح ذلك فيما يلي:

آية التمني، ونسخ إلقاءات الشيطان:

بالنسبة لآية تمني الأنبياء، وإلقاء الشيطان في أمنياتهم، ثم نسخ الله إلقاءات الشيطان نقول:

لا بد من ملاحظة الأمور التالية:

1 ـ المراد من الآية الشريفة هو: أن كل نبي من الأنبياء يحب ويرغب (لأن التمني هو الرغبة في الأمر المحبوب) ما يتناسب مع وظيفته كنبي، وكرسول. وأعظم ما يتمناه الرسل هو ظهور الحق والهدى، وطمس الباطل، ورد كيد الأعداء.

أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ، (ولم يقل: في فكره، ولا في قلبه) وأمنيته هي ظهور الحق ـ يلقي فيها ـ ما يفسدها، ويوجب عدم ظهورها.

فالأمنية هي: الشيء الذي يتمناه الإنسان ويرغب فيه، كما تقول: أمنيتي شفاء ولدي، أو نجاحه في الامتحان، ثم يحصل ما لم يكن بالحسبان مما يمنع من شفائه أو من نجاحه، كخطأ الطبيب في الدواء، أو غيبة معلمه، فتقول: إن الشيء الفلاني ضيع علي أمنيتي تلك وأفسدها، ولا يعني ذلك أن الشيء الذي ضيعها وأفسدها، وهو خطأ الطبيب مثلاً قد دخل في فكرك وقلبك، وأفسد التمني والرغبة لديك.

بل هو قد أفسد الأمنية والمتمنَّى. فالرغبة باقية، ولا تزال قائمة، والمتمني لم يزل يحب شفاء ولده ونجاحه بالامتحان، والذي فسد وضاع هو هذه الأمنية ذاتها.

ونطبق ذلك على ما نحن فيه، ونقول:

إن كل نبي يتمنى أمراً يناسب حاله، فذلك الأمر هو أمنيته، فيلقي الشيطان في تلك الأمنية، وفي ذلك الأمر بالذات (لا في نفس التمني والرغبة) ما يفسده ويضيعه، فيراه الناس ويفتتن الذين في قلوبهم مرض بفعل الشيطان، فتتدخل الإرادة الإلهية لتبطل كيد الشيطان، ويظهر نور الهدى، ويتجلى بطلان الباطل.

والقرينة على أن المراد بالأمنية هو ظهور الحق، وزهوق الباطل، قوله تعالى بعد هذا: ﴿فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ﴾، أي من شبهات وغوايات، ﴿ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آيَاتِهِ﴾، ويظهر نور الحق، والله عليم حكيم.

فظهر بذلك أيضاً: سبب قوله تعالى: ﴿أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ، ولم يقل: في تمنيه.

2 ـ قد ذكر العلامة الطباطبائي «رحمه الله»: أن المراد بالآية: أن إلقاء الشيطان في الأمنية النبوية إنما هو الواقع الخارجي، وأن الآية تتحدث عن إغواء الشيطان للآخرين.

ولكن بعض الناس رفض هذا القول مدعياً أن هذا يخالف دلالة الآية على تدخل الشيطان، في طبيعة الأمنية وفي داخل ذات النبي «صلى الله عليه وآله» على شكل خطورات في البال أو في الذهن.. إلخ.. حيث قال تعالى: ﴿أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ، ثم فسر قوله تعالى: ﴿فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ بالإزالة من فكر النبي وقلبه.

ولكنه هو نفسه قد عاد وادعى: أن هذه الخطورات تنعكس على السلوك والممارسة، وتنشأ عنها آثار سلبية في الواقع الخارجي، فيضعف المؤمنون، ويقوى الكافرون بسبب ذلك.

وبهذا فسر قوله تعالى: ﴿لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ.

ثم قال: بما أن مجرد الخطورات الذهنية لا توجب الافتتان من أحد، ما لم تظهر على صعيد الواقع حركة وسلوكاً وموقفاً، وبما أن الآية قد صرحت بحصول الفتنة لمن في قلوبهم مرض، فلا بد من القول: بأن تلك الخطورات قد تحولت إلى سلوك وعمل وممارسة كانت هي السبب في فتنة الناس.

والخلاصة: أن هذا البعض قد قرر للآية معنى يسيء إلى العصمة، حيث تستقر هذه الخطورات في النفس وتترجمها بالممارسة، كما أنه قد خالف ظاهر الآية أيضاً، لأن الآية تقول: إن نفس ما ألقاه الشيطان هو الذي يكون فتنة للذين في قلوبهم مرض، فإذا كان هو هذه الخطورات الذهنية وحسب، فإنها لا يعرفها الناس ولا يرونها. فكيف يفتتنون بها!؟!

فلا بد من التأويل في الآية لتنطبق على الحركة والسلوك الخارجي للنبي «صلى الله عليه وآله». بادعاء أنها هي الخطورات الذهنية التي انتهت إلى تجسدها فيه.

والنتيجة هي: أن ما ألقاه الشيطان له معنيان:

أحدهما: الخطور في البال والقلب في قوله تعالى: ﴿أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ. وفي قوله تعالى: ﴿فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ

الثاني: الحركة الخارجية والسلوك والممارسة: وذلك في قوله تعالى: ﴿لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ.

ثم هو يقصد بالأمنية معنيين:

أحدهما: الرغبة والتمني، وذلك في قوله تعالى: ﴿فِي أُمْنِيَّتِهِ وقوله: ﴿فَيَنْسَخُ اللهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ

الثاني: ما نشأ عن الرغبة من حركة وسلوك، ومن مشاكل وآثار في الواقع الخارجي. وهو الذي افتتن به الذين في قلوبهم مرض، في قوله تعالى: ﴿لِيَجْعَلَ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ.

 

ونقول:

إن من الواضح: أن ما ذكره باطل وغير صحيح، ويتضمن إساءة ظاهرة للرسول، وقد أوضحنا المراد منها، وظهر أن الذي ذكرناه نحن في معنى الآية، وكذلك الذي ذكره العلامة الطباطبائي لا يلزم عليه شيء من التبعات الفاسدة. حيث قلنا: إن المراد بالأمنية هو الشيء الذي يتمناه الإنسان، وليس المراد بها الرغبة والتمني.. وهذا هو الظاهر المتبادر.

أما ما ذكره ذلك البعض فهو مخالف لظاهر القرآن من أكثر من جهة، ولا مجال للأخذ به لما فيه من الجرأة على الله ورسوله.

آية الركون إلى الكافرين:

أما بالنسبة لقوله تعالى: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً، وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً، إِذاً لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً([24]).

فنقول:

إن هذه الآيات لا تتضمن أي ازدراء أو انتقاص أو توهين برسول الله «صلى الله عليه وآله»، لا من قريب ولا من بعيد، لأنها تقول: إنه «صلى الله عليه وآله» لم يركن إليهم، بل هو لم يقترب من الركون، لأن الله سبحانه قد أعطاه من العزيمة والثبات ما جعله في منأى عن ذلك.

وذلك بقرينة كلمة (لولا) الدالة على أنه «صلى الله عليه وآله» لم يكد يركن، ولم يطف في ذهنه أي خيال، ولا خطر في باله من هذا الفعل حتى الاحتمال، فضلاً عن أن ينعكس ذلك على سلوكه، وممارسته، ويتسبب بخلق مشاكل، وتنشأ عنه آثار، أو ما إلى ذلك.

وهذا يدل على أنه تعالى ليس بصدد تسجيل أية إهانة لنبيه «صلى الله عليه وآله»، فلا معنى للإستشهاد بهذه الآية بأي وجه.

غير أن المقصود بهذا النحو من البيان هو إفهام الناس أمرين:

الأول: أن الله تعالى يرعى نبيه ويسدده ويحفظه، ويحوطه بألطافه، وعناياته.

الثاني: أن هذا الركون يعد من أعظم الموبقات والجرائم، حتى إنه لو صدر من أقرب الناس إلى الله وأحبهم إليه وأشدهم اجتهاداً في طاعته، وهم أنبياؤه ورسوله، بل حتى لو صدر من أعظمهم فضلاً وأسماهم مقاماً عنده، وهو سيدهم وخاتمهم، فإنه سوف لا يجد أية هوادة، أو تسامح، أو رفق في التعامل معه، فما بالك بمن قضى عمره بمعصية الله، وفعل ما يبغضه تبارك وتعالى..

وهذه طريقة في الزجر، شديدة الوقع، عظيمة الأثر في النفوس. وهي كما لو قال إنسان: لو أن ولدي فعل الشيء الفلاني لذبحته من الوريد إلى الوريد، فإنه لا يدل على بغضه لولده، ولا يدل على أن ولده يمكن أن يفكر في ارتكاب هذا الأمر. كما أنه لا يعد ذلك إهانة له. وعلى ذلك جاء قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ([25]).

وقوله تعالى: ﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ([26]).

فإنه يستحيل صدور ذلك من النبي «صلى الله عليه وآله»، ولكنه تعالى اراد أن يبالغ في الزجر عن هذا الأمر، ويصور للناس شدة مبغوضية بأعظم الصور تأثيراً في النفوس.

لا تكونن من الجاهلين:

وزعمت الرواية المتقدمة: أن الله سبحانه قد أزرى على النبي «صلى الله عليه وآله» وهجنه، وأنبه بما لم يخاطب به أحداً من الأنبياء حين نسبه إلى الجهل في قوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ([27]).

ونقول:

إن هذه الآية المباركة تمدح رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ولا تذمه، لأنها بصدد إظهار شدة حبه لإيمان قومه، حتى إنه لو استطاع أن يجد نفقاً في الأرض، أو سلماً في السماء، يوصله إلى آية تجعلهم يقبلون الهداية الإلهية لما تردد في سلوك هذا الطريق أو ذاك من أجل تحقيق هذا الغرض الشريف المعبر عن مدى إخلاصه لدعوته، وعن شدة رغبته في إيمان قومه.

ولكن الله تعالى قد كشف له أن الآيات لا تنفع هؤلاء الناس، لأنهم بمثابة الموتى الذين لا حياة لقلوبهم، بل الموتى لا بد أن يسمعوا حين يبعثهم الله تعالى يوم القيامة، أما هؤلاء فلا أمل بأن يتغير حالهم من الضلال إلى الهداية، بل سيبقون على حالة الجحود، والصدود إلى اليوم الموعود..

وبعد هذا البيان الإلهي لا يبقى مورد للعمل على هدايتهم، لأن كل جهد يبذل في هذا السبيل سيكون عبثياً، وغير منطقي. فهو من عمل الجاهلين.

فقوله تعالى فلا تكونن من الجاهلين قد جاء للتأكيد على مدى عنادهم وجحودهم، لكي لا يتوهم أحد أنه قد جاء على سبيل المبالغة، أو المجاز..

فإذا وضع الله تعالى حداً لجهد نبيه، وأصدر أمراً جدياً بتوقف نبيه عن العمل من أجل هدايتهم ـ مع أن هداية الناس وبذل الجهد في هذا السبيل هي من أولى أولوياته ـ فذلك لا يعني أنه يريد إهانة نبيه، بل يعني أنه بصدد بيان مدى جحود عدوه. وضياع كل جهد لإصلاحه وصيرورته بلا معنى..

والله أحق أن تخشاه:

أما بالنسبة لآية: ﴿وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ. فإنها أيضاً واردة في سياق الثناء على رسول الله «صلى الله عليه وآله». ونحن نستعير هنا ما ذكرناه في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» لنقدمه للقارئ الكريم، لتوضيح ما نرمي إليه، وهو كما يلي:

دلت هذه الآيات المباركة: على أن على النبي «صلى الله عليه وآله» أن يقدم على الزواج من زينب بنت جحش برضا نفس، وبسكينة تامة، وأن لا يخشى أحداً من الناس فيه. فإن تشنيعاتهم لا تصل إلى نتيجة.

كما أن الحسيب الذي لا يحيف، ويزن بميزان الحق والعدل هو الله وحده. أما البشر فإنهم يخلطون الحق بالباطل، وتتدخل أهواؤهم، ومصالحهم، وعصبياتهم في حساباتهم، وفي محاسباتهم، فلا عبرة بها، وعليه أن يعرض عنها، فلا يقيم لها وزناً، وعليه أن يكتفي بمراعاة جانب الحسيب الصادق، والعادل، والدقيق، وهو الله تعالى: ﴿وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً..

فاتضح: أن هذه الآيات المباركات ليس فقط لا تتضمن ذماً ولا لوماً لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، وإنما هي تعلن بمدحه، وسمو مقامه. وهي تبرئه مما قد ينسبه إليه الجاهلون والمغرضون، والحاقدون، والذين في قلوبهم مرض.

لأنها تضمنت الإلماح إلى أنه «صلى الله عليه وآله» كان يخشى من تطاول الناس على مقام النبوة الأقدس، وأن ينالوه بمقالاتهم القبيحة، الأمر الذي يحمل معه أخطار الحد من قدرته على نشر كلمة الله تعالى فيهم، وفي غيرهم ممن بعثه الله تعالى إليهم.

فجاء التطمين الإلهي ليقول له: إن الله هو المتكفل برد عاديتهم، وإبطال كيدهم، فلا داعي للخوف، ولا مجال للتحرج في هذا الأمر.

خشية النبي على الدين:

ومما يدل على أنه «صلى الله عليه وآله» إنما كان يخشى الناس على الرسالة والدين، لا على نفسه، قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً.

كما أن خشيته «صلى الله عليه وآله» للناس لم تكن على حساب خشية الله تعالى. كيف وهو «صلى الله عليه وآله» القائل: «أنا أخشاكم لله، وأتقاكم له»([28]).

بل كانت خشيته للناس في صراط خشيته له تعالى، فإذا جاء التكفل الإلهي بأنه تعالى هو الذي يكفيه هذا الأمر، ولم يبق هناك ما يخشاه من قبلهم، فما عليه إلا أن يصرف همه إلى ما يحتاج إلى إنجاز مما كلفه الله تعالى به وأراده منه.. مما له أعظم الأثر في تحقيق الأغراض الإلهية السامية.

فليس في خشيته للناس ما ينقص من مقامه، بل هو يزيد من مقامه، ويؤكد باهر عظمته، وعمق إخلاصه..

«أحق» أن تخشاه:

وأما التعبير بكلمة «أحق» في قوله تعالى: ﴿وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فليس فيه أي إيحاء سلبي، بل هو مثل قوله تعالى: ﴿عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ، فهو مدح وثناء بصيغة عتاب، لبيان الدرجات العالية التي بلغهل «صلى الله عليه وآله» في الخشية له تعالى.

وذلك لأن مفادها: أنك يا محمد تخشى الناس، بمعنى أنك تعمل بحذر، بهدف تحصين عملك في نشر الرسالة من الإبطال بما يثار من شبهات وأباطيل من قبل هؤلاء الناس.

وما تفعله يا محمد أمر حسن كان لا بد منه في السابق.. ولكن الأمر الآن قد اختلف، فإن الله تعالى قد تكفل بإبطال كيد هؤلاء الناس، فيجب أن يتمحض عملك بعد الآن في خشية أخرى هي أهم وأولى. وهي خشية الله سبحانه وتعالى، ومراقبته فيما يطلبه منك، لتأتي به على أفضل وجه وأتمه، فإنك لم تعد مكلفاً بمراعاة الحذر في هذا الجانب.

فلماذا تتعب نفسك في أمر تحمله الله تعالى عنك؟! ولماذا تحمِّل نفسك أثقالاً وهموماً عظيمة، مع أنه يكفيك الاهتمام بمراعاة جانب واحد، وتخفف عن نفسك فيما عداه، مما تكفل الله سبحانه به، وسيدفع عنك شرهم وكيدهم فيه..

وليس في الآية: أن النبي «صلى الله عليه وآله» حين خشي الناس لم يخش الله تعالى، وليس فيها: أنه «صلى الله عليه وآله» مخطئ في خشيته للناس، بل فيها ترجيح لخشية الله تعالى، وأنها هي الأهم والأولى.

فهو أسلوب من أساليب الإخبار بكفاية الله له أحد الأمرين اللذين كانا مفروضين عليه معاً. وبعد أن حصلت الكفاية من أحدهما، فعليه أن يصرف كل جهده في إنجاز الأمر الآخر، الذي هو على درجة عظيمة من الأهمية، بحيث يكاد يجب ترك كل شيء من أجله..

وهذا من قبيل من يشرب دواءً لشفاء بعض الأمراض، ثم يطمأنه الله تعالى إلى أنه قد تكفل بدفعها عنه، فعليه أن يهتم بمعالجة الأمور الأخرى التي تحتاج إلى جهد من نوع آخر.

أو هو من قبيل قولك: الطبيب الفلاني يعالج مرضى القلب ومرضى الملاريا والأولى والأهم معالجة مرضى القلب، ولا سيما بعد أن تكفل طبيب آخر بمعالجة مرضى الملاريا.

فليس معنى هذا: أنه قد أخطأ في معالجته لمرضى الملاريا إلى جانب مرضى القلب، بل معناه: أن كلا الأمرين كانا حقاً، لكن معالجة مرضى القلب أحق وأولى.

ألم يكن يخشى الله؟!:

وملاحظة أخيرة نذكرها هنا، وهي: أن أول آية في سورة الأحزاب بدأت هكذا: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ.. وهذا يشير إلى إرادة تعظيم أمر التقوى والحث عليها، حتى إن الله تعالى يطلب من نبيه أن لا يقتصر على بعض مراتبها، بل المطلوب هو السعي لنيل سائر المراتب السامية منها.

فالأمر بالتقوى لا يستبطن اتهام النبي «صلى الله عليه وآله» بعدم مراعاة جانبها.. وكذلك الحال بالنسبة لمراتب الخشية من الله تعالى. فإن قوله تعالى: ﴿وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ لا يدل على: أنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن يفعل ذلك، بل فيها: أن عليه أن يواصل السير في طريق الخشية، ونيل مراتبها، التي بعضها أهم من بعض واحدة بعد أخرى.

فخشية الله مطلوبة في السير والسلوك إليه تعالى، فهي كمعرفة الله، وتقواه وطاعته، حيث لا موضع للقول بالجبر في أفعال العباد([29]).

وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ:

أما عن كيفية الجمع بين قوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ وبين قوله سبحانه: ﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ، إذ كيف يحصي الله كل شيء في الوصي والإمام. ثم يقول النبي «صلى الله عليه وآله»: إنه لا يعرف ما يفعل به، أليس النبي أولى بمعرفة كل شيء؟!

أليس هذا إزراء وإهانة وانتقاصاً من رسول الله «صلى الله عليه وآله»..

فنقول في جوابه:

إنه «صلى الله عليه وآله» حين قال: ﴿وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ لا يريد نفي علمه بالغيب عن طريق الوحي الإلهي، والتعليم الرباني. بل هو قد نفى ما يدعيه الكفار من أن من صفات الأنبياء علمهم بالغيب بصورة ذاتية، وامتلاكهم قدرات مطلقة، تجعل ذلك من ضروريات حياتهم، ومن طبائعهم وخصائصهم التي تميزهم عن سائر البشر.

فنفى رسول الله «صلى الله عليه وآله» هذا الزعم، وقرر أنه لا يملك قدرات وخصائص ذاتية تمكنه من علم الغيب، ومن التصرفات الخارقة، بحيث يكون امتلاكه لهذه الخصائص هو الذي دعا إلى اتخاذه نبياً.

ومع انتفاء هذه الأمور عنه «صلى الله عليه وآله» يظهر أن ما يجري عليه وعليهم من حوادث خارج عن اختياره وإرادته.

ولكن ذلك لا يمنع من أن يعلمه الله تعالى ببعض أو بكل غيبه، فقد قال تعالى: ﴿تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ([30]).

وقال: ﴿ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ([31]).

وقال سبحانه: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ..([32]). 


([1]) بحار الأنوار ج18 ص258.

([2]) الآية 5 من سورة النازعات.

([3]) الآية 37 من سورة الحجر، والآية 80 من سورة ص.

([4]) من لا يحضره الفقيه ج4 ص369 وكنز الفوائد ص14 ومكارم الأخلاق للطبرسي ص442 ومستطرفات السرائر ص621 والجواهر السنية للحر العاملي ص145 وبحار الأنوار ج74 ص59 وجامـع أحـاديث الشيعة ج1 = = ص343 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص316 ونهج السعادة ج8 ص185 وراجع: كشف الخفاء ج1 ص263 والوافي بالوفيات ج6 ص187 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص5 وأعلام الدين في صفات المؤمنين للديلمي ص172 والملل والنحل للشهرستاني ج1 ص63.

([5]) من الآية 3 من سورة النساء.

([6]) من الآية 10 من سورة النساء.

([7]) من الآية 127 من سورة النساء.

([8]) الآية 7 من سورة الحشر.

([9]) الآية 40 من سورة الروم.

([10]) بحار الأنوار ج17 ص7 وج25 ص328 وعيون أخبار الرضا ج1 ص219 ومسند الإمام الرضا «عليه السلام» للعطاردي ج1 ص376 وتفسير نور الثقلين ج5 ص279 وغاية المرام ج5 ص133.

([11]) بحار الأنوار 25 ص329 والغيبة للطوسي ص293 و 294 والاحتجاج للطبرسي ج2 ص284 و 285 و إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب ج1 ص386.

([12]) بحار الأنوار ج25 ص297 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص15 وخاتمة المستدرك ج4 ص143 وإختيار معرفة الرجال ج2 ص589 ومعجم رجال الحديث ج15 ص265.

([13]) بحار الأنوار ج25 ص299 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص15 واختيارمعرفة الرجال ج1 ص288 وج2 ص596 ووسائل الشيعة (ط الإسلامية) ج20 هامش ص299 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج8 ص163 ومعجم رجال الحديث ج10 ص29 وج15 ص88.

([14]) بحار الأنوار ج25 ص297 ومستدرك الوسائل ج12 ص318 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص16 واختيار معرفة الرجال ج2 ص587 وجامع أحاديث الشيعة ج14 ص448 ومعجم رجال الحديث ج15 ص264.

([15]) بحار الأنوار ج25 ص291 واختيار معرفة الرجال ج2 ص488 وجامع الرواة ج2 ص422 ومجمع رجال الحديث للسيد الخوئي ج23 ص82.

([16]) بحار الأنوار ج25 ص343 والاعتقادات للمفيد ص100 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص16.

([17]) بحار الأنوار ج25 ص135 و 272 وج31 ص660 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص17 ومدينة المعاجز ج7 ص152 ومسند الإمام الرضا «عليه السلام» للعطاردي ج2 ص134.

([18]) الملل والنحل للشهرستاني (ط سنة 1368 هـ.) ج1 ص255.

([19]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج12 ص20 ـ 21 وص79 عن تاريخ بغداد لأحمد بن أبي طاهر، وكشف الغمة للأربلي ج2 ص47 وبحار الأنوار (ط كمباني) ج6 ص213 و 266 و 292 و (ط سنة 1403هـ) ج30 ص244 وراجع ص556 وج30 ص75 وج38 ص157 والمراجعات للسيد شرف الدين ص395 والدرجات الرفيعة ص106 وكشف اليقين ص471 والتحفة العسجدية ص144 وسفينة النجاة للتنكابني ص226 ومناقب أهل البيت للشيرواني ص450 وغاية المرام ج1 ص242 وج6 ص92 وحلية الأبرار ج2 ص321.

([20]) الملل والنحل (ط سنة 1368 هـ. ق.) ج1 ص266 و (ط دار المعرفة) ج1 ص163 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج30 ص23 وراجع: العبر وديوان المبتدأ والخبر ج1 ص197.

([21]) راجع: كتابنا هذا حيث الحديث عن بيعة الغدير.

([22]) وقد صرح «عليه السلام»: بأن المانع عن قتالهم هو عدم وجود الناصر، فراجع: مروج الذهب ج2 ص343.

([23]) نزل الأبرار ص261 وتاريخ بغداد ج11 ص216 ومستدرك الحاكم ج3 ص142 وتلخيصه للذهبي، وكنز العمال ج6 ص73 و (ط مؤسسة الرسالة) ج11 ص297 و 617 وبغية الباحث ص296 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص107 وج20 ص326 والتاريخ الكبير للبخاري ج2 ص174 وتاريخ بغداد ج11 ص216 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص447 و 448 وتذكرة الحفاظ ج3 ص995 وميزان الاعتدال للذهبي ج1 ص371 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج6 ص244 وج7 ص360 وبحار الأنوار (ط حجريـة) ج8 ص629 و (ط سنـة = = 1403هـ) ج28 ص45 وج29 ص171 و 419 و 453 و 557 وج34 ص338 والخصال ص462 وعيون أخبار الرضا ج1 ص72 ومناقب الإمام أمير المؤمنين للكوفي ج2 ص533 و 545 وشرح الأخبار ج1 ص152 و 436 وج2 ص446 والإرشاد للشيخ المفيد ج1 ص285 وكنز الفوائد ص279 والأمالي للطوسي ص476 والاحتجاج ج1 ص98 و 280 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص17 والطرائف لابن طاوس ص427 ووصول الأخيار إلى أصول الأخبار ص68 والمراجعات ص251 ومسند الإمام الرضا للعطاردي ج1 ص134 والدرجات الرفيعة ص38 والجمل لابن شدقم ص13 واليقين لابن طاوس ص337 والجمل للمفيد ص92.

([24]) الآيات73 ـ 75 من سورة الإسراء.

([25])الآيات 44 ـ 46 من سورة الحاقة.

([26])الآية 65من سورة الزمر.

([27]) من الآية 35 من سورة الأنعام.

([28]) بهجة المحافل ج1 ص290 وشرحه للأشخر اليمني (مطبوع بهامشه) عن البخاري, ومسلم, والنسائي. وصحيح البخاري (ط دار المعرفة) ج6 ص116 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص77 وتفسير الآلوسي ج22 ص191 وتفسير أبي السعود ج7 ص151 وتفسير البيضاوي ج4 ص418 وتفسير البغوي ج3 ص407 و 532 و بحار الأنوار ج67 ص344 والتفسير الصافي ج4 ص237 وج6 ص127 وفتح الباري ج9 ص90 وج10 ص428 وعمدة القاري ج20 ص65 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص298 وصحيح ابن حبان ج2 ص21 وأحكام القرآن ج3 ص391 والجامع لأحكام القرآن ج6 ص261 وج9 ص328.

وروي قريب من ذلك في المصادر التالية: مسند أحمد ج6 ص226 و 67 و 245 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص483 وبحار الأنوار ج64 ص344 والمعجم الكبير ج9 ص37 و 38 ومجمع الزوائد ج4 ص301 وكنز العمال ج3 ص47 وج6 ص565 وسير أعلام النبلاء ج9 ص190 وج1 ص158 وكتاب المسند للشافعي ص104.

وروي أيضاً عن المصادر التالية: الدر المنثور ج2 ص310 وصحيح مسلم (ط دار المعرفة) ج3 ص138 و 214 وسنن أبي داود ج1 ص534 وصحيح ابن حبان ج8 ص310 والمصنف للصنعاني ج6 ص168 وج2 ص160 وج7 ص151 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص195 والشفاء ج2 ص172 وتفسير البيضاوي ج4 ص182 والإصابة ج4 ص487.

([29]) راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ج14 ص118 ـ 122.

([30]) من الآية 49 من سورة هود.

([31]) من الآية44 من سورة آل عمران، ومن الآية 102 من سورة يوسف.

([32]) من الآية 27 من سورة الجن.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان