قال الطبري ما ملخصه:
إن عثمان بن حنيف أرسل أبا الأسود وعمران بن حصين إلى
عائشة، فكلماها، ثم خرجا من عندها. فأتيا طلحة، فقالا: ما أقدمك؟!
قال:
الطلب بدم عثمان.
قالا:
ألم تبايع علياً؟!
قال:
بلى، واللج على عنقي، وما أستقيل علياً إن هو لم يحل
بيننا وبين قتلة عثمان.
ثم أتيا الزبير، فقالا:
ما أقدمك؟!
قال:
الطلب بدم عثمان.
قالا:
ألم تبايع علياً؟!
قال:
بلى، واللج على عنقي، وما أستقيل علياً إن هو لم يحل
بيننا وبين قتلة عثمان.
فرجعا إلى أم المؤمنين، فودعاها، فودعت عمران، وقالت:
يا أبا الأسود، إياك أن يقودك الهوى إلى النار،
﴿..كُونُوا
قَوَّامِينَ لِلهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ
شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ
لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾([1]).
الآية. فسرحتهما، ونادى مناديها بالرحيل.
ومضى الرجلان حتى دخلا على عثمان بن حنيف، فبدر أبو
الأسود عمران، فقال:
يـا بـن حـنـيـف قـد أتيت فانفر
وطـاعـن الـقـوم وجـالد واصبر
وأبـرز لهـم مسـتـلـثـماً وشـمــر
قال:
فأشر علي يا عمران.
قال:
إني قاعد فاقعد.
فقال عثمان:
بل أمنعهم حتى يأتي أمير المؤمنين علي.
قال عمران:
بل يحكم الله ما يريد.. فانصرف إلى بيته([2]).
وقد تقدم عن الطبري قول طلحة
والزبير:
ما أستقيل علياً إن هو لم يحل بيننا وبين قتلة عثمان..
ونقول:
أولاً:
هذا الكلام يدل على أن طلحة والزبير كانا راضيين ببيعة
علي «عليه السلام»، وأنهما إنما استقالا علياً من البيعة بعد حيلولته
بينهم وبين قتلة عثمان. وذلك يستدعي نقل الكلام إلى صحة طلبهما من علي
«عليه السلام» أن يخلي بينهم وبين من يتهمهم بالقتل، فإنه طلب غير
مشروع، ولا مجال لتبريره.
ثانياً:
إنهما قد أقرا بحاكمية علي «عليه السلام»، وببيعتهما له، وبرضاهما بهذه
البيعة، فبأي حق يريدان أن يتوليا بأنفسهما قتل قتلة عثمان، فإنهما لم
يكونا من أولياء الدم؟! فضلاً عن كونهما إنما يطلبان بدم هما سفكاه.
ثالثاً:
لنفترض أنهما من أولياء الدم، فهل يحق لهما أن يبادرا لقتل القاتل من
دون مراجعة الحاكم،
ومن دون أن يصدر القضاء حكمه لهما في ذلك؟!
رابعاً:
لنفترض أن الحاكم منع ولي الدم من قتل القاتل لمصلحة
يراها، فهل يحق لولي الدم أن ينكث بيعته، ويعلن الحرب عليه، ويجمع
الجيوش لقتله وقتاله؟!
خامساً:
ماذا يصنع طلحة والزبير بأنفسهما، وبمن كان يأمر بقتل
عثمان لأنه كفر ـ كعائشة ـ هل سوف يقتلونهم أيضاً؟! مع العلم بأنهم
كانوا من المصرين على مواقفهم التحريضية إلى أن قتل عثمان..
فإن قيل:
إن طلحة والزبير قد تابا مما صدر منهما في ذلك..
فإنه يقال:
إن التوبة لا تنفع هنا بعد أن حصل القتل، وانتهى الأمر،
ولو نفعت لكان بمقدور كل قاتل أن يدَّعيها لنفسه بعد صدور الجريمة منه،
ليدرأ عن نفسه الحد.. فالتوبة لا تسقط حقوق الناس على كل حال، سواء حق
ولي الدم بالاقتصاص والقود، أو حقه بالدية، ولا تخولهما أن يطالبا
بالدم الذي سفكاه.
وذكر الطبري:
أن عائشة قالت
لأبي الأسود: إياك أن يجرك هواك إلى النار
﴿كُونُوا
قَوَّامِينَ لِلهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ﴾([3]).
ونقول:
1 ـ
ليت عائشة اتعظت بما وعظت به أبا الأسود، ولم يقتل
السبابجة بأمرها.. وقد كانوا عشرات، بل مئات الأنفس..
2 ـ
إنها نصيحة صحيحة، ولكنها جاءت على قاعدة: كلمة حق أريد
بها التعمية على الحق، والتوطئة لنصرة الباطل.
3 ـ
يلاحظ: أنها خصت أبا الأسود بنصيحتها هذه، دون عمران بن
الحصين، ولعل سبب ذلك: أن أبا الأسود كان متمحضاً في حب علي «عليه
السلام».. لا ينفك عن محبته وموالاته..
أما عمران، فقد قال المعتزلي:
«روي: أن عمران بن الحصين كان من المنحرفين عن أمير
المؤمنين «عليه السلام»، وأنه «عليه السلام» سيره إلى المدائن، وذلك
أنه كان يقول:
«إن مات علي فلا أدري ما موته! وإن قتل فعسى إن قتل
رجوت له».
ومن الناس من يجعل عمران في الشيعة..»([4]).
وقد عده صاحب ناسخ التواريخ في تاريخه في مبغضيه «عليه
السلام»([5]).
وعلق المحقق التستري «رحمه الله»
على كلام المعتزلي بقوله:
«إن صح خبره،
فلعله كان أولاً (أي من المنحرفين عنه «عليه السلام») وصيروته شيعة
أخيراً، فقد عرفت أن الفضل (أي ابن شاذان) عده في السابقين الذي رجعوا
إلى أمير المؤمنين «عليه السلام»..»([6]).
وقد يؤيد ذلك:
بما ذكره الطبري، من أنه بعد أن رجع عمران وأبو الأسود
من عند عائشة وطلحة والزبير، بعد أن سمعا منهما ما سمعا بادر أبو
الأسود إلى الطلب من عثمان بن حنيف أن يستعجل للحرب، فقال عثمان بن
حنيف: فأشر علي يا عمران!
قال:
إني قاعد، فاقعد.
قال عثمان:
بل أمنعهم حتى يأتي أمير المؤمنين.
قال عمران:
بل يحكم الله ما يريد.
فانصرف إلى بيته..([7]).
ولم يقتصر الأمر على هذا، بل هو لم ينصر الحق ولم يخذل
الباطل حين التقت حلقتا البطان، فقد جاء إلى عائشة وقال لها: «لو اتبعت
أمر الله لكان خيراً لك.
فقالت:
يا عمران، قد كان ما كان، فهل عندك عون بنا، وإلا فاحبس
عنا لسانك.
قال:
أعتزلك وأعتزل علياً.
قالت:
رضيت بذلك منك»([8]).
فكان الأولى به:
أن لا يقعد عن نصرة أميره، لأن قعوده هذا سيوهن عزيمة
غيره ويقوي من شوكة الأعداء. ولم يكن لعمران ولا لغيره أن يتخلف عن
طاعة إمام منصوب من الله ورسوله، له في عنقه بيعة صحيحة، ولا عن طاعة
والٍ نصبه الإمام ليدبِّر الأمر، ويحفظ ما في يده. ولا سيما في مواجهة
الناكثين الذين يسعون لإثارة الفتنة..
وحين قالت عائشة لأبي الأسود وعمران
بن الحصين:
غضبت لكما من سوط عثمان وعصاه، ولا أغضب أن يقتل؟!
فقالا لها:
وما أنت من
سوط عثمان وعصاه؟! وإنما أنت حبيسة رسول الله
«صلى الله
عليه وآله»:
نذكرك الله أن تهرق الدماء بسببك.
فقالت:
وهل من أحد يقاتلني؟!
فقال لها أبو الأسود:
نعم ـ والله ـ قتالاً أهونه شديد([9]).
ونقول:
1 ـ
قد أظهر هذا النص عجز عائشة عن مقارعة الحجة بالحجة،
فلم تجب بشيء على قولهما لها: ما أنت من سوط عثمان وعصاه؟! إنما أنت
حبيسة رسول الله. بل تجاهلت ذلك. وعمدت إلى طرح سؤال آخر.
ولكنها رغم عجزها هذا كانت تكرر هذه
المقولة للناس:
«أترانا نغضب
لكم من سوط عثمان».
ربما لعلمها بأن الناس لا يحسنون ما يحسنه أبو الأسود، ولا يدركون فساد
هذه المقولة، بل ينساقون معها، ويتيهون في أجوائها ولا يهتدون سبيلاً..
2 ـ
إن سؤالها: وهل من أحد يقاتلني؟! يدل على أنها كانت
تعرف موقع رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ومكانته في قلب علي «عليه
السلام» وسائر المؤمنين، ويرى أن كونها أحد زوجات رسول الله «صلى الله
عليه وآله» ـ كما أنها كانت تعرف موقعها من أبي بكر، ومن عمر ـ يمنع من
أن يقدم أحد على قتالها، تهيباً وإجلالاً لرسول الله، وخوفاً من سلبيات
ذلك وما ينشأ عنه من تأليب محبي أبي بكر وعمر أيضاً ضد من يفعل ذلك..
نعم..
كانت ترى ذلك، وتعمل على استغلاله استغلالاً سيئاً،
وتوظيفه توظيفاً سيئاً أيضاً، للاستفادة منه في خدمة عدائها لولي الله،
ووصي رسوله، وإمام زمانها، والذي افترض الله طاعته عليها وعلى الأمة
بأجمعها.
ولكنها لم تكن تعرف:
أن الذين عرفوا علياً «عليه السلام»، وقبلوا إمامته، قد
لمسوا فيه معانٍ، ورأوا منه حالات، وظهرت لهم وفيهم بركات وآثار لم يكن
بإمكان عائشة ولا غيرها أن يدركها أو أن يتلمسها.
فللإمامة الإلهية نعمة ظاهرة. تظهر بالسكينة
والطمأنينة، وبالبركة التي يجدها الناس في أرزاقهم، وفي مختلف مجالات
حياتهم..
وهناك نِعم باطنة تلامس الأرواح والقلوب، والمشاعر،
ولعلها لا ترتبط بزمان ولا مكان، بل هي منحة إلهية ولطف رباني يعطيه
الله لمن يشاء، ويعطي ذلك رؤية صحيحة ووضوحاً، وظهوراً، تفرضه منظومة
قيم إلهية، وترضاه نفوس طاهرة، وتغذيه مشاعر صادقة لرجال ذوي عزائم
وهمم، وإباء، وكرم، ومزايا وشيم، لا يخافون في الله لومة لائم. ولعل
هذا ما يفسر لنا جواب أبي الأسود لعائشة حيث قال لها: نعم ـ والله ـ
قتالاً أهونه شديد.
وحين دخل عمران بن الحصين وأبو الأسود على الزبير
وناشداه أن لا تهرق الدماء بسببه قال لهما: ارجعا. لا تفسدا علينا.
فدخلا على طلحة، وناشداه أن لا تهرق الدماء بسببه،
فقال:
«أيحسب علي بن أبي طالب أنه إذا غلب على أمر المدينة أن
الأمر له؟! والله ليعلمن! فانصرفا من حيث جئتما»([10]).
فقد رأينا في هذا النص:
1 ـ
خوف الزبير من أبي الأسود وعمران بن الحصين من أن يفسدا
عليه وعلى طلحة، لمجرد أنهما طلبا أن لا تهراق الدماء بسببه.. الأمر
الذي يشير إلى هشاشة موقفهما، وبوار حجتهما، حتى إنهما ليخافان حتى من
ظلهما. ولو كان الزبير يملك حجة قاطعة لأدلى بها. ولاستطاع من خلالها
أن يزيد في بصيرة من معه، وأن يتخذ من قول أبي الأسود وعمران ذريعة
لإعلام الناس بحقه، أو بمظلوميته إن كانت، وأن يجتذبهم بحجته إليه..
وبعد أن رأينا هذا التصرف من طلحة والزبير وعائشة حيث
طردوا أبا الأسود وابن الحصين. فلاحظ أن علياً «عليه السلام» لم يطرد
أحداً من مناوئيه، والعاملين على تخذيل الناس عنه؟!
بل هو قد صبر على تعنت أبي موسى الأشعري، وإصراره على
التخذيل والتهويل بالباطل. كما أنه لم يخرجه من بلاده ومحيطه بعد أن
عزله عن ولاية الكوفة. بل تركه يذهب حيث يشاء.
2 ـ
أما طلحة فقد اتخذ منحى آخر، فآثر أن يفهمنا: أن ما
يزعجه: هو أن علياً «عليه السلام» يحسب أن الأمر له، وأن ما يهمه هو أن
يبيِّن لعلي أنه مخطئ فيما ظنه. فتكون القضية بالنسبة إليه مجرد قضية
صراع على السلطة بينه وبين علي «عليه السلام».
3 ـ
إن كلام طلحة يفهمنا: أن قتل عثمان بن عفان لا يعنيه،
بل الذي يعنيه هو حكومة علي «عليه السلام»، وما كان يفكر فيه..
4 ـ
إن علياً «عليه السلام» لم يغلب على المدينة، بل
المدينة هي التي أعطته زمامها، وفرضت عليه البيعة له. وكان طلحة
والزبير في طليعة المبايعين.
كما أنه «عليه السلام» قد انقادت له مختلف البلاد،
وأتته البيعة من جميع العباد، باستثناء الشام التي حبسها معاوية
واستحوذ على العديد من رؤساء قبائلها.. فلماذا حصر طلحة الأمر
بالمدينة؟!
وقال أبو الأسود لعائشة حين أرسله ابن حنيف ليستعلم له
منها عن سبب قدومها حين قالت له: إنها تريد استنهاض الناس لحرب علي
«عليه السلام» للطلب بدم عثمان:
«ما أنت من السوط والسيف؟! إنما أنت حبيس رسول الله،
أمرك أن تقري في بيتك، وتتلي كتاب ربك. ليس على النساء قتال، ولا لهن
الطلب بالدماء. وأن علياً لأولى بعثمان منك، وأمس رحماً، فإنهما ابنا
عبد مناف.
فقالت:
لست منصرفة حتى أمضي لما قدمت له. أفتظنُ يا أبا الأسود
أن أحداً يقدم على قتالي؟!
قال:
أما والله لتقاتلن قتالاً أهونه الشديد»([11]).
وفي بعض النصوص أن هذه المعاني نفسها قد قالها عمران بن
حصين لعائشة، ففي الكافئة في إبطال توبة الخاطئة:
قال أبو الأسود:
فدخلنا على عائشة، فقال لها عمران بن الحصين:
يا أم المؤمنين ما أقدمك بلدنا، ولم تركت بيت رسول الله
الذي فارقك فيه؟! وقد أمرك أن تقري في بيتك، وقد علمت أنك إنما أصبت
الفضيلة والكرامة والشرف، وسميت أم المؤمنين، وضرب عليك الحجاب ببني
هاشم، فهم أعظم الناس عليك منة، وأحسنهم عندك يداً.
ولست من اختلاف الناس في شيء، ولا لك من الأمر شيء،
وعلي أولى بدم عثمان.
فاتقي الله، واحفظي قرابته، وسابقته، فقد علمت أن الناس
بايعوا أباك فما أظهر خلافاً، وبايع أبوك عمر وجعل الأمر له دونه،
فصبر، وسلم، ولم يزل بهما براً.
ثم كان من أمرك وأمر الناس وعثمان ما قد علمت، ثم
بايعتم علياً «عليه السلام» فغبنا عنكم، فأتتنا رسلكم بالبيعة فبايعنا
وسلمنا.
فلما قضى كلامه قالت عائشة:
يا أبا عبد الله ألقيت أخاك أبا محمد ـ يعني طلحة؟!
فقال لها:
ما لقيته بعد، وما كنت لآتي أحداً، ولا أبدأ به قبلك.
وقالت:
فأته، فانظر ماذا يقول.
قال:
فأتيناه، فكلمه عمران، فلم يجد شيئاً مما يحب.
فخرجنا من عنده، فأتينا الزبير وهو متكئ، وقد بلغه كلام
عمران وما قال لعائشة.
فلما رآنا قعد، وقال:
أيحسب ابن أبي طالب أنه حين ملك ليس لأحد معه أمر؟!
فلما رأى ذلك عمران لم يكلمه.
فأتى عمران عثمان فأخبره([12]).
وفي نص آخر:
أن أبا الأسود بعد أن كلم عائشة قام فأتى الزبير، فقال:
يا أبا عبد الله، عهد الناس بك وأنت يوم بويع أبو بكر آخذ بقائم سيفك
تقول: لا أحد أولى بهذا الأمر من ابن أبي طالب. وأين هذا المقام من
ذاك؟!
فذكر له دم عثمان.
قال:
أنت وصاحبك وليتماه فيما بلغناه.
قال:
فانطلق إلى طلحة فاسمع ما يقول.
فذهب إلى طلحة، فوجده مصراً على الحرب والفتنة.
فرجع إلى عثمان بن حنيف فقال:
إنها الحرب فتأهب لها([13]).
فنلاحظ:
أولاً:
إن عائشة لم تنكر البيعة لعلي «عليه السلام»، ولا شككت في صحتها..
ثانياً:
إن الزبير
ـ
بالرغم من أن ما قاله عمران لعائشة قد بلغه
ـ
لم يتعرض لرده، أو النقاش فيه.. بل عبر ـ فقط ـ عن مطامعه بالملك
والسلطة..
ثالثاً:
إن ما أخذه الزبير على علي «عليه السلام»
ليس
قتله عثمان، ولا شكك في صحة البيعة له، ولا ادعى عليه
المخالفة لأحكام الشرع والدين، أو الظلم أو عدم الإنصاف، بل أخذ عليه
«عليه السلام» عدم سماحه بمشاركتهم له وعدم رضاه بأن يكون لهم معه
أمر..
رابعاً:
إن أبا الأسود وعمران استدلا على عائشة بما لم تجد
سبيلاً إلى رده فمما قاله أبو الأسود:
1 ـ
إن الله تعالى ورسوله «صلى الله عليه وآله» أمراها أن
تقر في بيتها، وأن تتلو كتاب ربها.
2 ـ
إنه ليس على النساء قتال..
3 ـ
إنه ليس للنساء الطلب بالدماء
4 ـ
إن علياً «عليه السلام» أولى بعثمان منها، وأمس رحماً،
فإنهما ابنا عبد مناف، وليست عائشة من أبنائه..
ومما قاله لها عمران بن الحصين:
1 ـ
إنها أصابت الفضيلة والكرامة والشرف، وسميت أم المؤمنين، وضرب عليها
الحجاب ببني هاشم، فهم أعظم الناس منة عليها، وأحسنهم عندها يداً..
2 ـ
إنه ليس لها الحق في التدخل في أمور الناس، وليس من
مسؤولياتها حل الاختلافات.
3 ـ
إنه ليس لها من الأمر شيء.
4 ـ
إن عليها أن تتقي الله.
5 ـ
إن عليها أن تحفظ قرابة علي «عليه السلام» وسابقته.
6 ـ
إن تلتزم بمبدأ المعاملة بالمثل، فقد بايع الناس أباها،
فما أظهر علي «عليه السلام» خلافاً، وبايع أبو بكر عمر، وجعل له الأمر
دونه، فصبر، وسلم، ولم يزل بهما براً. فلماذا لا يعاملون علياً «عليه
السلام» بالمثل؟!
7 ـ
إن عائشة والناس اختلفوا مع عثمان، وانتهى أمره إلى
القتل، ثم بايعوا علياً «عليه السلام» ولم يحضر أهل البصرة شيئاً من
ذلك، بل أتتهم رسلهم بلزوم بيعة علي «عليه السلام»، فبايعوا..
فلماذا يريدون الآن منهم نقض البيعة، وزجهم في حرب مع
نفس من أمروهم ببيعته؟!
ولم تجد عائشة ما تجيب به على أي من هذه الحجج الظاهرة
سوى الإصرار على تحقيق ما قدمت له. وبينت أنها تستند في إصرارها هذا
إلى موقعها، وثقتها بعدم جرأة أحد على محاربتها.. وهذا لا يسمن ولا
يغني من جوع، بل هو حجة عليها، وإدانة لها بأنها إنما تقاتل إمام
زمانها علياً «عليه السلام»بغياً وحسداً.
وقد رأينا:
أن حجج أبي الأسود وعمران قد تنوعت في منطلقاتها، وفي
خصوصياتها، ففيها ما هو شرعي، وقرآني، كالاحتجاج عليها بأنها مأمورة
بالقرار في بيتها.. فخروجها منه محرم شرعاً.
وفيها:
ما دل على إلزامها بما تلزم نفسها به، من التزامها
بأحكام الشرع والدين بقولهما: ليس على النساء قتال.. أي في أحكام الشرع
والدين.
وفيها:
ما يدل على سلبها الحق الذي تدعيه لنفسها، كقول أبي
الأسود: ليس للنساء الطلب بالدماء.
وفيها:
ما ينسجم مع المنطق العاطفي والعشائري.. ككون علي «عليه
السلام» أقرب إلى عثمان نسباً، وأمس به رحماً..
وفيها:
ما يرتبط بالشعور بالكرامة ومقام السؤدد والفضيلة.
والتحذير من المساس بهذه المعاني وتضييعها والدعوة إلى ما يحفظها
ويؤكدها من التزام الوفاء، وعرفان الجميل، ومجازاة الإحسان بالإحسان.
وفيها:
ما يرتبط بالمسؤوليات الاجتماعية، وحفظ النظام العام،
من خلال التزام الضوابط وعدم التعدي على حقوق الغير، ووضع الأمور في
نصابها الصحيح..
وهذا ما عبر عنه ابن الحصين حين بيَّن لها أن حل
اختلافات الناس ليس من مسؤولياتها.. وأنها لا يحق لها التدخل في
شؤونهم.
وفيها:
ما يرتبط بمعالجة الطموحات التي ربما كانت تراود ذهن
عائشة، كأن تكون ثمة أحلام سلطوية، ورغبات بالهيمنة والنفوذ، وتعاطي
الأمر والنهي..
وهذا ما أشار إليه عمران بقوله:
إنها ليس لها من الأمر شيء، فعالج هذا الموضوع من خلال
نفي مبررات وجوده من الأساس، الأمر الذي يجعل تلك الأحلام والرغبات
تتلاشى أمام هذه العقبة الكأداء، التي لا سبيل إلى تخطيها..
وفيها:
ما يعود بها إلى منظومة المبادئ والقيم التي لا بد أن تهيمن على مسار
الأمور في المواقف التي تنتهي إلى المساس بالنواحي والحقوق الإيمانية،
والعلاقة مع رموزها وأهل البلاء الحسن والتضحيات الكبرى فيها..
وهو ما أشار إليه عمران حين ألزمها بحفظ قرابة علي
«عليه السلام» من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وسابقته في الإسلام.
وفيها:
ما له علاقة بالوجدان العملي الذي يفرض رعاية العدل والإنصاف، حين تفرض
الميول والأهواء عدم الانصياع للدعوات إلى التعالي إلى ما هو أسمى
وأنبل، وأكمل وأفضل، وأولى وأمثل، كالإيثار والتضحية والبذل، والإحسان،
فإن رعاية سنن العدل والمقابلة بالمثل تكون هي
الحل الأفضل..
فكيف إذا كان الهوى يدعو إلى تجاوز كل الحدود، وكسر كل القيود والتعدي
الظالم.. وارتكاب المآثم.. في حق الإسلام وأهله؟!
وقد اعترفت عائشة:
بأن قتلة عثمان ليسوا بالبصرة، بل هم بالمدينة، فإنها
لما انتهت إلى حفر أبي موسى قريباً من البصرة، وجاءها أبو الأسود من
قبل ابن حنيف، سألها أبو الأسود عن مسيرها، فقالت: أطلب بدم عثمان.
فقال:
إنه ليس بالبصرة من قتلة عثمان أحد.
قالت:
صدقت، ولكنهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة. وجئت أستنهض
أهل البصرة لقتاله([14]).
ونقول:
أولاً:
إذا كانت عائشة قد اعترفت بأنه ليس في البصرة أحد من قتلة عثمان، وأنهم
بالمدينة مع علي «عليه السلام»، فلماذا أمرت بقتل السبابجة والزط وكثير
من أهل البصرة، فقتلوهم وهم ست مئة من أهل البصرة، بزعم أنهم قتلة
عثمان؟! وكانوا يطالبون الناس بالكف إلا من كان من قتلة عثمان([15]).
وما معنى دعواهم:
أن القبائل صارت تأتيهم بأبنائها من قتلة عثمان،
يجرونهم كالكلاب، فيسلمونهم إياهم، فيقتلونهم([16]).
ثانياً:
إذا كانت عائشة ومن معها قد جاؤوا لاستنهاض الناس لقتال علي «عليه
السلام»، فما معنى طلبهم من عثمان بن حنيف بمجرد وصوله: أن يخلي لهم
دار الإمارة، ويسلمهم بيوت الأموال ويعتزل؟!
وما
معنى:
أن يقتلوا أربعين رجلاً في المسجد، وأربع مئة من السبابجة.. واستمر
القتال حتى بلغ عدد القتلى ست مئة قتيل، وما معنى ضرب أعناق الأسرى من
حراس بيت المال، والغدر بمن أعطوهم الأمان..
ثم إن أبا الأسود ألزم الزبير بأمرين، لم يجد الزبير ما
يصلح أن يقدمه جواباً لهما..
أولهما:
تناقضه في مواقفه، فإنه يوم بويع أبو بكر يعلن: أن
علياً «عليه السلام» أحق الناس بهذا الأمر.. وقد أظهر أنه بصدد خوض
الحرب والقتال من أجل تكريس هذا الأمر له «عليه السلام»..
وها هو اليوم يسعى لجمع العساكر لحرب علي «عليه السلام»
ليسلبه نفس الأمر الذي كان يريد الحرب لأجل المنع من اغتصابه منه.
ثانيهما:
أنه هو وطلحة قد وليا قتل عثمان، وها هو قد جاء يطلب بدمه ممن هو بريء
منه، ومن حاول أن يحل مشكلة عثمان معهما بالطرق السلمية..
ولم يجد الزبير ما يجيب به على هذين الأمرين، فأحاله
على طلحة.. فذهب إليه فوجده مصراً على الحرب والفتنة مع أن أبا الأسود
قد احتج على الزبير بأمر قد بلغه، ونفي صحة البلاغ أيسر من تكذيب من
يخبر عن الحضور والمشاهدة..
وهذا
يؤكد لنا:
أن محاولات التخفيف من مستوى مشاركة الزبير في تأليب الناس على عثمان
تمثل خيانة للتاريخ، وتزويراً للحقائق. فها هو أبو الأسود يواجهه بهذا
الأمر، ولا يدفعه عن نفسه، ولو وسعه الإنكار لما تلكأ فيه، فقد كان
بأمس الحاجة إليه.. لأن ذلك يوفر عليه مؤونة الاعتراف، وادعاء التوبة،
التي قد تواجه بالاعتراض بأنها لا تجدي في دفع العقوبة عنه.
وقد يكون من السهل علينا أن نلمح في إحالة الزبير على
طلحة أنه أراد أن يخفف من حدة النقد الموجه إليه، ليكرسه على منافسه
وشريكه ليجد لنفسه بعض العذر، ولو بأن يقول: إن طلحة هو المصر على
الحرب، وإنه مضطر لمتابعته على قاعدة مكره أخاك لا بطل..
مع أن هذا الأسلوب من شأنه أن يظهر الزبير بمظهر التابع
الضعيف والمغلوب على أمره.. وإن كان لا يعفيه من تبعات المآثم والجرائم
التي يقدمان عليها حين تسقط القتلى في هذه الحرب بالمئات والألوف..
وذكروا:
أن عائشة خطبت
خطبة في البصرة، تهددت فيها أهلها، وذكرت: أنها جاءت لتطلب بدم عثمان،
«فمن
ردنا عن ذلك بحقٍ قبلناه، ومن ردنا عنه (بباطل([17]))
قتلناه، فربما ظهر الظالم على المظلوم»([18]).
فلما فرغت من خطبتها قال لها الأحنف:
«إني سائلك ومغلظ لك في المسألة، فلا تجدي (تغضبي) علي:
أعندك عهد من رسول الله «صلى الله عليه وآله» وسلم في خروجك هذا؟!
قالت:
لا.
قال لها:
«أفعندك عهد من رسول الله «صلى الله عليه وآله» وسلم:
أنك معصومة عن الخطأ؟!
قالت:
لا.
قال لها:
«صدقت، إن الله رضي لك بالمدينة، فأبيت إلا البصرة،
وأمرك بلزوم بيت نبيه «صلى الله عليه وآله» وسلم، فنزلت بيت الحرشة
الضبي. ألا تخبرينني يا أم المؤمنين: أللحرب قدمت أم للصلح؟!
قالت:
بل للصلح.
فقال لها:
والله لو قدمت
وليس بينهم إلا الخفق بالنعال والضرب بالحصى ما اصطلحوا على يديك، فكيف
والسيوف على عواتقهم»؟!
فبدا لها ما لم تكن تحتسب. وانكسرت
نفسها، فقالت:
«لقد استغرق
حلم الأحنف هجاؤه إياي، إلى الله أشكو عقوق أبنائي»([19]).
ونقول:
1 ـ
إن إيراد خطبة عائشة يحتم علينا تفنيد ما ورد فيها من مطالب لم تكن
محقة فيها.. ونعتقد: أن من حق القارئ الكريم توفير الجهد والوقت عليه،
بعد أن اتضحت الأمور له.. ولذلك صرفنا النظر عنها وعن مناقشتها.
2 ـ
إذا كانت عائشة لا تملك عهداً من رسول الله «صلى الله
عليه وآله» يخولها الخروج في مسيرها ذاك، فإن عند أمير المؤمنين «عليه
السلام» ثمانين عهداً من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، كما ذكرناه
في بعض الفصول.
3 ـ
إن اعتراف عائشة بعدم وجود عهد لديها في خروجها هذا ليس
دقيقاً أيضاً، فإن النبي «صلى الله عليه وآله» قد عهد لها بأن لا تخرج،
وذلك في حديث نباح كلاب الحوأب لها، وحديث راكبة الجمل المسمى بـ
«عسكر».. وأحاديث أخرى ذكرتها بها أم مسلمة وغيرها مما رواه ابن عباس،
وغيره.
4 ـ
إن كلام الأحنف لعائشة عن عصمة عائشة، يفتح أمامها
أبواب احتمالات الخطأ في مسيرها هذا، ويحتم عليها إعادة النظر في
مواقفها، وعرضها على الموازين الشرعية والإيمانية، والعقلية.
5 ـ
إن ما أشار إليه الأحنف في سؤاله عن وجود عهد بالعصمة
بيَّن أنه لا سبيل إلى ادعاء العصمة لأحد من الناس، لأنه لا سبيل
لمعرفتها بصورة يقينية وصحيحة إلا بالتوقيف والبيان من علام الغيوب،
الذي يخبرنا عن هذه الأمور، وأمثالها بواسطة أنبيائه وحججه «صلوات الله
عليهم».
6 ـ
إن كلام الأحنف لم يترك لعائشة أي عذر، لأنه استدل
عليها بالقرآن الذي أمرها بأن تقر في بيتها، وبيتها في المدينة لا
بالبصرة. كما أن بيتها هو بيت رسول الله، لا بيت الحرشة الضبي الذي
كانت نازلة فيه..
7 ـ
وقد سأل الأحنف عائشة إن كانت قد جاءت لتصلح بين الناس،
أو جاءت للحرب، وقد أحرج هذا السؤال عائشة، فاضطرت لادعاء: أنها لم تأت
للحرب، بل جاءت للصلح.
وهذا الجواب غير دقيق أيضاً، فهو:
أولاً:
يتناقض تماماً مع إعلانها منذ كانت في مكة: أنها خرجت
للطلب بدم عثمان.
ويتناقض مع رسالتها لحفصة حول أن علياً «عليه السلام»
قد وصل إلى ذي قار خائفاً مرعوباً، وأنها تريد قتله، ويتناقض مع ما جرى
في البصرة على السبابجة، وعلى من كانوا في المسجد، وعلى ابن حنيف،
وحراسه، وحكيم بن جبلة ومن معه..
بل قد صرحت في نفس خطبتها هذه
بقولها:
ومن ردنا (بباطل) قتلناه، فربما ظهر الظالم على
المظلوم، والعاقبة للمتقين.
ثانياً:
لم يكن هناك خلاف بين الناس لتحتاج إلى الصلح بينهم، وإنما بدأ الخلاف
بنفس خروجها.
ثالثاً:
إنها أعجز من أن تستطيع أن تصلح بينهم حتى لو كان ما
يجري بينهم هو مجرد خفق بالنعال، أو ضرب بالحصى، فهل يصطلحون على
يديها، بعد أن صارت السيوف على عواتقهم؟!
8 ـ
إن عائشة لم تجد ما تجيب به الأحنف إلا اتهامه بأنه
يهجوها ويشتمها، مع أن كلامه ليس فيه إلا الاستدلال المنطقي الصحيح
والرصين، ولكنها أرادت أن تهزمه بطريقة غوغائية، وذلك بإثارة الجماهير
ضده باتهامه بما هو منه بريء.
فكيف استحلت أن تفعل به ذلك؟!
وهل في أدلة الأحنف ما يعتبر عقوقاً أو سوء أدب معها؟!
فلماذا تشكوا إلى الله عقوقه؟!
وهل أمومتها للمؤمنين تجعل مجرد نصيحتهم لها عقوقاً؟!
وقالوا أيضاً:
إنه حين ذكر الزبير قتل عثمان، وأظهر عيب علي «عليه
السلام» قام إليه رجل من عبد القيس، فقال: «أيها الرجل، أنصت حتى
نتكلم».
فقال عبد الله بن الزبير:
«وما لك وللكلام»؟!
فقال الرجل العبدي:
«يا معشر المهاجرين، أنتم أول من أجاب رسول الله «صلى
الله عليه وآله وسلم»، فكان لكم بذلك فضل، ثم دخل الناس في الإسلام كما
دخلتم، فلما توفي رسول الله «صلى الله عليه وآله وسلم» بايعتم رجلاً
منكم: والله ما استأمرتمونا في شيء من ذلك، فرضينا واتبعناكم، فجعل
الله عز وجل في إمارته بركة.
ثم مات رضي الله عنه واستخلف عليكم رجلاً منكم فلم
تشاورونا في ذلك فرضينا وسلمنا.
فلما توفي الأمير جعل الأمر إلى ستة نفر، فاخترتم عثمان
وبايعتموه عن غير مشورة منا.
ثم أنكرتم من ذلك الرجل شيئاً، فقتلتموه من غير مشورة
منا، ثم بايعتم علياً من غير مشورة منا: فما الذي نقمتم عليه فنقاتله؟!
هل استأثر بفيء؟! أو عمل بغير الحق؟! أو عمل شيئاً
تنكرونه فنكون معكم عليه؟! وإلا فما هذا»؟!
فهمّوا بقتل ذلك الرجل، فقام من دونه عشيرته، فلما كان
الغد وثبوا عليه وعلى من كان معه فقتلوا سبعين رجلاً([20]).
وقد كان هذا الحادث في جملة ما اعتد به أصحاب علي على
أصحاب الجمل، وما أكثر الذين يقولون قول هذا الرجل العبدي، وما أكثر
الذين وقعوا معه في حيرة من أمر طلحة قبل قتل الخليفة عثمان وبعده.
ونقول:
1 ـ
إن هذا الرجل القيسي والذي قدم حياته في نهاية الأمر
ثمناً لبضع كلمات تفوه بها، حين أراد أن يتكلم، واجه القمع المقرون
بالاستخفاف به، كما ظهر من قول عبد الله بن الزبير له: «ما لك
وللكلام»؟!
فدل ابن الزبير بذلك على أنه لا يقر بأن للناس من أمثال
هذا الرجل حقاً في إبداء الرأي.. لا سلباً ولا إيجاباً، ولو أن هذا
الرجل كان رئيس قبيلة أو زعيماً ذا نفوذ لم يعترض عليه ابن الزبير،
ولوجدناه يصغي إليه باهتمام بالغ.
ومن الواضح أيضاً:
أن ابن الزبير لم يكن على علم بما يكنه ضمير هذا الرجل،
ولا سبيل له إلى معرفة ما يدور بخلده، فلماذا لا يفسح المجال له ليعبر
عن رأيه؟! ومن الذي أعطاه ولاية السماح والمنع في مثل هذه المواقف
المصيرية، التي لها مساس بحياة الناس وبأرواحهم؟!
2 ـ
ثم إن ذلك القيسي قد تعرض لخطر القتل ـ لولا قيام
عشيرته دونه ـ ولكنها لم تستطع منع القتل عنه في نهاية الأمر، فقدم
روحه ثمناً لموقفه لمجرد أنه طالب طلحة والزبير بالإفصاح عن مؤاخذاتهم
على علي «عليه السلام» الذي يدعوهم هؤلاء الناكثون إلى قتاله بالأصل.
مع تقديمه وعداً مسبقاً بأن يكون معهم ضده إن جاءت مبرراتهم مقبولة
ومعقولة.
3 ـ
إذا كان هذا هو رأيهم في الناس وهذه هي سياستهم معهم
منذ البداية، فلا بد أن يتوقع الناس منهم ما هو أقسى وأشد بعد إمساكهم
بمقاليد السلطة، ولعلهم لن يسمحوا لهم حتى بالأكل والشرب إلا حين يحلو
لهم ذلك، وبالمقدار الذي يحددونه لهم.
4 ـ
لو كان عند طلحة والزبير، وحزبهما أدنى حجة يمكنهم أن
يقنعوا بها الناس، أو أن يثيروا الشبهة لديهم في عدل علي «عليه
السلام»، أو في استقامته، لما كانوا بحاجة إلى قمع ذلك الرجل ثم قتله،
لمجرد مطالبته بالمبررات لمواقفهم، ولمطالبهم..
([1])
الآية 8 من سورة المائدة.
([2])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص462 و 463 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3
ص480 والكامل في التاريخ ج3 ص211 و 212 والفتنة ووقعة الجمل
ص122 وإمتاع الأسماع ج13 ص233.
([3])
الآية 8 من سورة المائدة.
([4])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص77 وبحار الأنوار ج34 ص289
وراجع: قاموس الرجال ج8 ص242.
([5])
راجع: قاموس الرجال ج8 ص242.
([6])
قاموس الرجال ج8 ص242 ورجا ل الكشي ص28.
([7])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص462 و 463 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3
ص480 والكامل في التاريخ ج3 ص211 و 212 والفتنة ووقعة الجمل
ص122 وإمتاع الأسماع ج13 ص233.
([8])
الجمل للشيخ المفيد ص310 و 311 و (ط مكتبة الداوري ـ قم) ص166
و 167 والمغني لعبد الجبار ج2 ق2 ص81.
([9])
الجمل للشيخ المفيد ص274 و (ط مكتبة الداوري ـ قم) ص147 و 148.
([10])
الجمل للشيخ المفيد ص276 و (ط مكتبة الداوري ـ قم) ص148.
([11])
بحار الأنوار ج32 ص139 و 140 عن شرح نهج البلاغة ج2 ص407 و (ط
دار إحياء الكتب العربية) ج6 ص226 والنص والإجتهاد ص436
والغدير ج9 ص106 وأعيان الشيعة ج1 ص452.
([12])
بحار الأنوار ج32 ص140و 141 والكافئة للشيخ المفيد ص21 و 22.
([13])
بحار الأنوار ج32 ص139 و 140 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6
ص225 و 226 والنص والإجتهاد ص436 وأعيان الشيعة ج1 ص452
والغدير ج9 ص106.
([14])
بحار الأنوار ج32 ص139 عن شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص407
والنص والإجتهاد ص436 والغدير ج9 ص106 وشرح نهج البلاغة
للمعتزلي ج6 ص225 و 226 وأعيان الشيعة ج1 ص452 وحياة الإمام
الحسين للقرشي ج2 ص34.
([15])
تـاريـخ الأمـم والملـوك ج4 ص470 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص485
= = وراجع: الفتنة ووقعة الجمل ص129 والكامل في التاريخ ج3
ص215 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج8 ص264 .
([16])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص472 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص488
ومناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص337 وبحار
الأنوار ج32 ص118 وراجع: أنساب الأشراف ص227.
([17])
زيادة وردت في بعض المصادر دون بعضها الآخر.
([18])
قال سعيد الأفغاني في عائشة والسياسة هامش ص146: ذكر بعض هذه
الخطبة وخبرها في أخبار النساء لابن الجوزي ص13 وذكر في الفائق
للزمخشري ج1 ص287 وفي العقد الفريد ج3 ص96. وبلاغات النساء (ط
دار النهضة الحديثة سنة 1972م) ص12 و 13 و 14.
([19])
راجع: عائشة والسياسة ص146 و 147.
([20])
تاريـخ الأمـم والمـلـوك ج4 ص469 و 470 و (ط مؤسسـة الاعلمي)
ج3 = = ص486 والكامل في التاريخ ج3 ص217 وأعيان الشيعة ج1
ص453.
|