قال أبو جعفر:
فرجع ابن عباس إلى علي «عليه السلام»، فأخبره.
فدعا الحسن ابنه «عليه السلام» وعمار بن ياسر، وأرسلهما
إلى الكوفة، فقال له: انطلق، فأصلح ما أفسدت.
فأقبلا حتى دخلا المسجد، فلما قدماها كان أول من أتاهما
مسروق بن الأجدع، فسلم عليهما، وأقبل على عمار، فقال: يا أبا اليقظان،
علام قتلتم أمير المؤمنين؟!
قال:
على شتم أعراضنا، وضرب أبشارنا.
قال:
فوالله ما عاقبتم بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لكان
خيراً للصابرين([1]).
ثم خرج أبو موسى فلقي الحسن «عليه السلام» فضمه إليه،
وقال لعمار: يا أبا اليقظان، أعدوت فيمن عدا على أمير المؤمنين،
وأحللت نفسك مع الفجار؟!
قال:
لم أفعل، ولم تسوءني؟!
فقطع عليهما الحسن، وقال لأبي موسى:
يا أبا موسى، لم تثبط الناس عنا، فوالله ما أردنا إلا
الإصلاح، ما مثل أمير المؤمنين يخاف على شيء.
قال أبو موسى:
صدقت بأبي
وأمي! ولكن المستشار مؤتمن، سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول:
«ستكون
فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشي، والماشي خير
من الراكب، وقد جعلنا الله عز وجل إخواناً وحرم علينا أموالنا،
ودماءنا، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آَمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا
أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا
أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً﴾([2]).
وقال عز وجل:
﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً
فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ
وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً﴾»([3]).
فغضب عمار وساءه ذلك، وقال:
أيها الناس، إنما قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»
ذلك له خاصة، وقام رجل من بنى تميم، فقال لعمار: اسكت أيها العبد، أنت
أمس مع الغوغاء، وتسافه أميرنا اليوم وثار زيد بن صوحان وطبقته،
فانتصروا لعمار، وجعل أبو موسى يكف الناس ويردعهم عن الفتنة.
ثم انطلق حتى صعد المنبر، وأقبل زيد بن صوحان ومعه كتاب
من عائشة إليه خاصة، وكتاب منها إلى أهل الكوفة عامة، تثبطهم عن نصرة
على، وتأمرهم بلزوم الأرض، وقال:
أيها الناس، انظروا إلى هذه، أمرت أن تقر في بيتها،
وأمرنا نحن أن نقاتل، حتى لا تكون فتنة. فأمرتنا بما أمرت به، وركبت ما
أمرنا به.
فقام إليه شبث بن ربعي، فقال له:
وما أنت وذاك أيها العماني الأحمق، سرقت أمس بجلولاء
فقطعك الله، وتسب أم المؤمنين؟!
فقام زيد، وشال يده المقطوعة، وأوما بيده إلى أبى موسى
وهو على المنبر، وقال له: يا عبد الله بن قيس، أترد الفرات عن أمواجه؟!
دع عنك ما لست تدركه، ثم قرأ:
﴿ألم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ
يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾([4]).
ثم نادى:
سيروا إلى أمير المؤمنين وصراط سيد المرسلين، وانفروا
إليه أجمعين، تصيبوا الحق.
إلى أن قال الطبري:
ولأن عمار بعد نزوته الأولى. فلما فرغ سيحان من خطبته،
تكلم عمار، فقال: هذا ابن عم رسول الله «صلى الله عليه وآله» يستنفركم
إلى زوجة رسول الله «صلى الله عليه وآله» وإلى طلحة والزبير، وإني أشهد
أنها زوجته في الدنيا والآخرة، فانظروا ثم انظروا في الحق، فقاتلوا
معه.
فقال رجل:
يا أبا اليقظان، لهو مع من شهدت له بالجنة على من لم
تشهد له.
فقال الحسن:
اكفف عنا يا عمار، فإن للإصلاح أهلاً.
وقام الحسن بن علي «عليه السلام»،
فقال:
أيها الناس، أجيبوا دعوة إمامكم، وسيروا إلى إخوانكم،
فإنه سيوجد لهذا الأمر من ينفر إليه، والله لأن يليه أولو النهى أمثل
في العاجلة، وخير في العاقبة، فأجيبوا دعوتنا، وأعينونا على ما ابتلينا
به وابتليتم.
فسامح الناس وأجابوا ورضوا به. وأتى قوم من طيء عدياً
فقالوا: ماذا ترى وماذا تأمر؟!
فقال:
ننتظر ما يصنع الناس.
فأخبر بقيام الحسن وكلام من تكلم،
فقال:
قد بايعنا هذا الرجل، وقد دعانا إلى جميل، وإلى هذا الحدث العظيم لننظر
فيه، ونحن سائرون وناظرون.
إلى أن قال:
وقام حجر بن عدي، فقال:
أيها الناس أجيبوا أمير المؤمنين، وانفروا خفافاً
وثقالاً، مروا أنا أولكم.
وقام الأشتر فذكر الجاهلية وشدتها، والإسلام ورخاءه،
وذكر عثمان.
فقام إليه المقطع بن الهيثم بن فجيع العامري ثم
البكائي، فقال: أسكت قبحك الله! كلب خلى والنباح.
فثار الناس، فأجلسوه.
وقام المقطع، فقال:
إنَّا والله لا نحتمل بعدها أن يبوء أحد بذكر أحد من
أئمتنا، وإن علياً عندنا لمقنع، والله لئن يكن هذا الضرب لا يرضى بعلي،
فعض امرؤ على لسانه في مشاهدنا، فاقبلوا على ما أحثاكم.
فقال الحسن:
صدق الشيخ، وقال الحسن: أيها الناس، إني غاد فمن شاء
منكم أن يخرج معي على الظهر، ومن شاء فليخرج في الماء.
فنفر معه تسعة آلاف، فأخذ بعضهم البر، وأخذ بعضهم
الماء، وعلى كل سبع رجل، أخذ البر ستة آلاف ومئتان، وأخذ الماء ألفان
وثمان مئة.
وفيما ذكر نصر بن مزاحم العطار، عن عمر بن سعيد، عن أسد
بن عبد الله، عمن أدرك من أهل العلم: أن عبد خير الحيواني قام إلى أبي
موسى فقال: يا أبا موسى، هل كان هذان الرجلان ـ يعني طلحة والزبير ـ
ممن بايع علياً؟!
قال:
نعم.
قال:
هل أحدث حدثاً يحل به نقض بيعته؟!
قال:
لا أدري.
قال:
لا دريت، فإنَّا تاركوك حتى تدري!
يا أبا موسى، هل تعلم أحداً خارجاً من هذه الفتنة التي
تزعم أنها هي فتنة؟! إنما بقى أربع فرق: علي بظهر الكوفة، وطلحة
والزبير بالبصرة، ومعاوية بالشام، وفرقة أخرى بالحجاز، لا يجبى بها
فيء، ولا يقاتل بها عدو.
فقال أبو موسى:
أولئك خير الناس، وهي فتنة.
فقال له عبد خير:
يا أبا موسى، غلب عليك غشك([5]).
ونقول:
قد بين هذا النص أموراً يحسن لفت النظر إلى بعضها،
فلاحظ ما يلي:
لقد لفت نظرنا:
ما زعمته رواية سيف، من أن علياً «عليه السلام» قال
لعمار: أصلح ما أفسدت، فإن عماراً لم يفسد شيئاً حتى يلزمه «عليه
السلام» بإصلاحه، ولكنهم ذكروا: أن علياً «عليه السلام» قد قال ذلك
للأشتر، زاعمين: أنه هو الذي طلب من علي «عليه السلام» إبقاء أبي موسى
على الكوفة. وقد تحدثنا عن هذا الموضوع في ذلك المورد.
إن أدنى تأمل في كلمات أبي موسى يظهر عوارها ووهنها،
فهو:
1 ـ
يريد أن يقنعهم بصحة كلامه، وأن يلزمهم بالأخذ به لمجرد
أنه صحابي، لأن الصحابة أعلم بالله من غيرهم لصحبتهم النبي «صلى الله
عليه وآله» في مواطن كثيرة.
فهل نسي أبو موسى أن عليا، «عليه السلام» أعلم بالله
منه، وأنه ليس صحابياً عادياً، وإنما هو قد تربى على يدي رسول الله
«صلى الله عليه وآله» من أول عمره، وهو أخوه، وابن عمه، وزوج ابنته
فاطمة سيدة نساء العالمين. وهو باب مدينة علمه، ووصيه.
فلماذا لا يرضى لهم أن يأخذوا بما يدعوهم إليه علي
«عليه السلام»؟! وأين صحبته من صحبته؟! وأين علمه، وفضله، وجهاده،
وتضحياته في سبيل الله، وزهده وعبادته، وغيرته على الدين وعلى أهله مما
عند علي «عليه السلام»؟!
إلا إن كن المقصود هو التأسيس لنظرية تعديل الصحابة،
وقد استهم باستثناء علي «عليه السلام»، ومن كان معه.
2 ـ
ما معنى أن يرد أهل الكوفة من قدم عليهم من أهل المدينة
إلى المدينة حتى يُجمِع الناس على إمام؟! هل هذا الفعل منهم يدرأ
الفتنة، ويحل المشاكل، ويمنع من أن يقتتل الناس؟!
ألم يجتمع الناس على إمام بعد قتل عثمان، وبايعوه؟!
وأبو موسى وأهل الكوفة منهم؟! فماذا يفعل الناس ببيعتهم التي أعطوها؟!
وهل تصح بيعة رجل آخر في قبال هذا الإمام الذي أجمع
عليه الصحابة في المدينة؟! وماذا لو بايع أهل كل مصر إماماً، كما لو
بايع أهل المدينة الإمام علياً، وأهل الكوفة أبا موسى الأشعري، وأهل
الشام معاوية، وأهل البصرة طلحة أو الزبير، أو عائشة، أو.. أو.. وهل
سيقف الأمر عند هذا.
3 ـ
وبعد مشورته هذه هل يرى أبو موسى أن بيعة الصحابة كلهم
لعلي «عليه السلام» في المدينة كانت باطلة؟! ولماذا كانت كذلك؟! وكيف
تكون باطلة وهم الصحابة، وهم المهاجرون، والأنصار، وقد بايعوه بأجمعهم،
وهم ـ على حد قوله ـ أعلم بالله؟!
وإن كانت بيعتهم ـ وهو ممن بايع ـ صحيحة فما الذي
نقضها؟!
وكيف ساغ نصب خليفة غير هذا الخليفة المنصوب بالفعل،
وقد أمر النبي بقتل الخليفة الذي يبايع ثانياً؟! وإذا كانت بيعته
الأولى لأمير المؤمنين صحيحة، فكيف تصح البيعة الثانية لغيره؟!
وكيف يجوز له مخالفة أوامر الخليفة الأول؟! وكيف؟!
وكيف؟!
هناك معنيان للفتنة:
أحدهما:
أنها مجرد الإقتتال، والاختلاف على الدنيا مع وضوح الحق والإصرار على
مخالفته انسياقاً مع هيمنة الأهواء والعصبيات حتى تقع الواقعة..
ففي هذه الحال لا بد من إعادة الأمور إلى نصابها،
وإرجاع الناس إلى الصواب، وإرشادهم إليه وحملهم عليه..
الثاني:
الفتنة التي تنشأ من شبهة تثار، وغموض يستحكم، ولا يعرف الناس وجه الحق
فيها.
وهذه هي الفتنة المنهي عن الدخول فيها، والتي يكون
القاعد فيها خيراً من القائم.
ولم تكن فتنة طلحة والزبير من القسم الثاني قطعاً، إذ
هي ليست بالتي يخفى الحق فيها على ذي عينين، إذا كان له أدنى معرفة
بالشريعة، أو أدنى درجة من الوعي والعقل والبصيرة، فهناك خليفة كان
الصحابة قد بايعوه في يوم الغدير، ثم أجمع المهاجرون والأنصار على
البيعة له، وكان طلحة والزبير أول من بايعه، وهناك من نكث هذه البيعة
وخرج على إمام مبسوط اليد، صحيح الخلافة. فما معنى ادعاء الشبهة في
بيعة كهذه؟!
وهذا يظهر صحة النص الذي يقول:
إنه «صلى الله عليه وآله» قال لأبي موسى: أنت فيها
قاعداً خير منك قائماً إلخ.. كما قال عمار له..
وقد أظهر مسروق بن الأجدع أنه شديد الولاء لعثمان، شديد
الإنحراف عن علي وأهل بيته «عليهم السلام».. ولا نرى ذلك غريباً عليه،
فقد كان عشاراً لمعاوية([6]).
بل روى ابن جرير بن رستم:
أنه كان يلي الخيل لعبيد الله بن زياد، وأوصى أن يدفن
في مقابر اليهود، معللاً ذلك بأنه يخرج من قبره وليس هناك من يؤمن
بالله ورسوله غيره!!([7]).
وقد لاحظنا:
أن تلك الرواية قد تضمنت إيحاء، بأن عماراً كان من
مثيري الفتنة، وأن أبا موسى كان من العاملين على أطفائها..
وقد سأل أبو موسى عماراً، فقال:
أحللت نفسك مع الفجار؟!
وأسئلتنا لأبي موسى هنا كثيرة.. فلاحظ ما يلي:
إنه إذا كان الصحابة أعلم بالله، فعمار صحابي، بل هو
ليس كأي صحابي، فهو من زكاهم رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وشهد لهم
بالجنة، وأنه ملئ إيماناً إلى مشاشه، وأنه جلدة ما بين عيني الرسول،
وأنه لو سلك عمار وادياً وسلك الناس وادياً، فاسلك الوادي الذي سلكه
عمار، وأن الجنة تشتاق إلى عمار.. فكيف أحل هذا الأعلم بالله نفسه مع
الفجار؟!
وكيف نجمع بين عثمان وعمار، وكلاهما من الصحابة،
وكلاهما أعلم بالله؟! ولم يأب عمار عن الإعتراف برضاه بقتل عثمان حين
سأله مسروق بن الأجدع عن سبب قتلهم عثمان، فقال: على شتم أعراضنا، وضرب
أبشارنا.. فكيف يعترف عمار لابن الأجدع بهذا، ثم يقول لأبي موسى: إنه
لم يقتل عثمان؟! وأي الجوابين هو الصحيح؟!
وإذا كان الصحابة وعثمان علماء بالله، فهل أمرهم علمهم
بهذا بقتل ذلك العالم بالله، أعني عثمان؟!
وإذا كان عمار أعلم بالله، فما هو المبرر لاعتراض أبي
موسى عليه، وعلى غيره من الصحابة؟!
وإذا كان علي أعلم بالله، فلماذا يخذِّل أبو موسى الناس
عنه؟! ولماذا يعتبر الحرب بين الصحابة من الفتنة التي لا يعرف وجه الحق
فيها؟!
وإن كان وجه الحق معروفاً فيها، فلماذا لا يبينه أبو
موسى ويقف عنده، ويلتزم به؟!
وبعد..
فإننا لا ندري هل أراد أبو موسى التدليس على الناس، أو
أراد أن يخدع الإمام الحسن «عليه السلام»؟! أم أنه كان قاصراً عن فهم
التناقض الذي أوقع نفسه فيه.
فهو حين يصدق قول الإمام الحسن
«عليه السلام» له:
ما أردنا إلا الإصلاح، وما مثل أمير المؤمنين يُخاف على
شيء.. يعود فيطبق حديث الفتنة على هذا المورد بالذات. ويجعل ذلك ذريعة
لتبرير موقفه السلبي، وتخذيل الناس..
فإنها إن كانت فتنة، فيجب على أبي
موسى أن يسعى في الإصلاح لقوله تعالى: ﴿فَأَصْلِحُوا بَيْنَ
أَخَوَيْكُمْ﴾([8]).
وأن يقوى أهل الإصلاح ويشد من أزرهم، ولا سيما إذا كان
مأموناً لا يُخاف على شيء باعتراف أبي موسى..
فكيف يجعل أبو موسى ذلك ذريعة للتثبيط عنه وإضعافه. وصد
الناس عن مشاركته في الإصلاح؟!
وقد علمنا:
أن رسول الله لم يقل: «ستكون فتنة، القاعد فيها
خير من
النائم».
بل قال:
«ستكون فتنة أنت فيها قاعداً خير منك قائماً». وقد واجهه عمار بذلك ولم
يستطع أن يجيبه، فلماذا حرف الحديث الشريف. ولم ينقله حتى بالمعنى، لأن
من شرط النقل بالمعنى أن يحافظ الناقل على المضمون، وإن غيّر في بعض
ألفاظه؟!
وما نقله أبو موسى هنا قد حرفه بصورة كبيرة، فكيف يتجرأ
على مثل هذا العمل البالغ الخطورة، والمسيء لرسول الله «صلى الله عليه
وآله».. وللحق، والدين؟! أم أن المطلوب الأهم عنده هو الحيلولة دون
استتباب الأمر للإمام علي «عليه السلام»، ولو بشيء من التحريف للدين،
وانتشار الفوضى..
والغريب في الأمر:
استشهاد أبي موسى على لزوم القعود عن القتال ببعض الآيات: وهو استدلال
غريب.
فأولاً:
إن
قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا
أَنْفُسَكُمْ﴾([9]).
لا ربط له بالتصدي للناكثين للبيعة الخارج على إمامه، والذي قتل الناس
صبراً، ومثَّل بهم، وانتهب بيوت الأموال، ويريد أن يقلب الأمور رأساً
على عقب.
فإن دفع هؤلاء واجب على الناس كلهم، ولو جر إلى قتلهم.
لا سيما وأن التخاذل عنهم سيوجب امتداد إفسادهم، وقتل المزيد من
الأبرياء، بل هم يسعون لقتل إمامهم نفسه.. وقتل كل منهم بحسب الولاء
له.
ثانياً:
إن قوله تعالى: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً
مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا﴾([10]).
لا يشمل قتله قصاصاً، ولا قتل المفسد في الأرض، ولا قتل الخارج على
إمامه، الناكث لبيعته، ولا القتل دفاعاً عن النفس، ولا القتل لدفع
الفتنة، ولا قتال البغاة الذي أمر الله تعالى به في قوله تعالى:
﴿فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي﴾([11]).
كيف وقد قتل هؤلاء سبعين رجلاً، قُتل أكثرهم بعد أسرهم،
بالإضافة إلى من قتلوهم من غيرهم من المؤمنين الأخيار، فلماذا لا يجوز
قتلهم قصاصاً؟!
ثم إنهم يجمعون الجيوش لحرب أمير المؤمنين، ومن معه، من
دون سبب، فلماذا لا يجوز قتلهم دفاعاً عن النفس؟!
وهؤلاء ناكثون لبيعتهم، رافضون لطاعة إمامهم، فلم لا
يجوز قتالهم لردهم إلى الطاعة؟! لا سيما وأن النبي «صلى الله عليه
وآله» هو الذي عهد لعلي «عليه السلام» بقتالهم.
وهؤلاء مفسدون في الأرض، مخلون بالنظام، مثيرون للفتنة،
فلماذا لا يجوز قتالهم لكفهم عن الفساد والإفساد، ولإخماد فتنتهم؟!
وهؤلاء بغاة على الإمام، فلماذا لا يجوز قتال الفئة
الباغية؟!
لقد اجترأ ذلك التميمي على عمار بلا سبب ظاهر، سوى
عصبيته العمياء لأبي موسى.
وبنو تميم كانوا يعانون من الجهل الذريع، ومن أعرابية،
وعصبية، وجفاء وجلافة ظاهرة.. ولعل ذلك من أسباب كثرة ظهور الخوارج
فيهم([12]).
وما أقدم عليه هذا الرجل التميمي شاهد حي على ما
ذكرناه..
فأولاً:
إن عماراً لم يتفوه بشيء يصح وصفه بالسفه، أو المسافهة،
إذ غاية ما فعله هو تصحيح الحديث الذي نقله أبو موسى عن رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، لأن أبا موسى قد حرَّفه، بنحو أخل بمعناه..
ثانياً:
إن أبا موسى نفسه هو الذي سافه عماراً، واجترأ عليه،
حتى قال له: أعدوت في من عدا على أمير المؤمنين!! وأحللت نفسك مع
الفجار؟!
وقد نفى عمار عن نفسه كانت التهمتين.. ولم يزد على
قوله: لم أفعل.
وسؤاله لأبي موسى:
«لم تسوءني»؟!
ليس فيه أية جرأة عليه، بل هو سؤال بهدف الدفاع عن النفس، وردع المعتدي
وحمله على الكف عن مواصلة اتهاماته الباطلة..
ثالثاً:
ومما يدل على جفاء وجلافة ذلك التميمي: أنه يأمر عماراً
بالسكوت، ثم يصفه بقوله: أيها العبد.. مع أن عماراً لم يكن عبداً لأحد
غير الله، بل كان مخالفاً لهواه مطيعاً لأمر مولاه، وبذلك استحق
الأوسمة الرفيعة من رسول الله «صلى الله عليه وآله».. وكان عربياً
حراً، من قبيلة معروفة.. فهو عمار بن ياسر، بن عامر بن مالك، بن كنانة،
بن قيس بن الحصين بن الوذيم، من بني ثعلبة بن عوف بن حارثة بن عامر بن
يام بن عنس إلخ.. وهو حليف بني مخزوم.
كما أن أمره له بالسكوت، ليس من الأدب في شيء، فإنه إن
كان لا يعرف عماراً، فلماذا يقدم على إهانة من لا يعرف.. وإن كان
يعرفه، ويعرف مقامه عند الله ورسوله وبين الصحابة، فالمصيبة أعظم؟!
تقدم:
أن شبث بن ربعي زعم: أن زيد بن صوحان سرق بجلولاء، فقطعه الله..
ونقول:
أولاً:
إن شبث بن ربعي لا يُؤمن على شيء، وخصوصاً فيما يرتبط
بعلي وآله «عليهم السلام»، فإنه خرج على إمام زمانه علي «عليه السلام»
بحروراء مع الخوارج([13]).
ثم كان في جيش يزيد الذي قتل الإمام الحسين «عليه السلام» في كربلاء([14]).
ومسجده أحد المساجد الأربعة التي جددت استبشاراً بقتل الإمام الحسين
«عليه السلام»([15]).
ثانياً:
إن زيد بن صوحان لم يكن لصاً، ولم يؤخذ في سرقة فقطعت
يده.. بل هو في قول بعض العلماء: من الصحابة، كابن الكلبي والعسقلاني([16])،
أو
«مذكور
في الصحابة»([17]).
وراجع ما قاله الذهبي أيضاً([18]).
وبعض النصوص تؤيد ذلك أيضاً، فلاحظ ما يلي:
ألف:
عن أبي عبيدة معمر بن المثنى: أن لزيد وفادة على رسول
الله «صلى الله عليه وآله»([19]).
ب:
الرماحي، عن عبد الرحمن بن مسعود العبدي، قال: سمعت
علياً «عليه السلام» يقول: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: من سره
أن ينظر إلى من يسبقه بعض أعضائه إلى الجنة، فلينظر إلى زيد بن صوحان([20]).
قال ابن بدران عن هذا الحديث:
«استدل
به من قال: إنه أدرك النبي «صلى الله عليه وآله»، وله صحبة»([21]).
ج:
وقال أحد الشعراء من قبيلة عبد القيس، يذكر فيه وفادتهم ووفادة زيد على
رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ودعاءه «صلى الله عليه وآله» لهم:
منـا صحـار والأشـج كـلاهمـا حـقـاً بصـدق
قـالـه المـتـكـلـــم
سبـق الـوفـود إلى النبي مهيـلاً
بـالخـير فـوق النـاجـيـات الرسم
في عصبة من عبد قيس أوجفوا طـوعـاً إلـيـه
وحدُّهم لم يــكـلـم
واذكر بني الجـارود إن محلهـم من عبد قيس في
المـكـان الأعـظـم
ثـم ابـن سـوار عـلى أعـدائــه بـذَّا
لمـلـوك بـسـؤددٍ وتــــكــرم
وكـفـى بزيـد حين يذكر فعله طوبى لذلك مـن
صـريـع مـكـرم
ذاك الـذي سبـقـت لطاعة ربه منـه الـيـمـيـن
إلى جنـان الأنـعـم
فدعا النبي لهم هنالك دعــوة مـقـبـولـة
بـيـن المـقـام وزمزم([22])
وقد علق العسقلاني على هذا الشعر
بقوله:
«وعلى هذا فهو صحابي لا محالة»([23]).
ثالثاً:
قال المؤرخون: إن يد زيد قطعت في الجهاد في سيبل الله. إما في يوم
جلولاء([24]).
أو في يوم القادسية([25]).
أو في يوم نهاوند([26]).
أو في جهاد المشركين([27]).
ولعل هذا الأخير لا يختلف عن سابقيه.
رابعاً:
كيف يكون زيد سارقاً، والنبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي أخبرنا بأن
يده ستقطع في سبيل الله، كما تقدم عن أمير المؤمنين «عليه السلام»..
وذكرته أيضاً روايات أخرى، فقالت:
إن النبي «صلى
الله عليه وآله» أخبر أن يده
«تقطع
في سبيل الله، ثم يتبع آخر جسده أوله»([28]).
وفي نص آخر:
تدخل الجنة يده قبل بدنه([29]).
وفي نص آخر:
يسبقه بعض جسده إلى الجنة([30]).
خامساً:
عن هشام بن محمد: أن زيد بن صوحان أصيبت يده في بعض فتوح العراق، فتبسم
والدماء تشخب، فقال له رجل من قومه: ما هذا موضع تبسم.
فقال زيد:
ألم حَلَّ، يفوته ثواب الله عز وجل، أفأردفه بألم الجزع
الذي لا جدوى فيه! ولا دريكة لفائت معه؟! وفي تبسمي تعزية لبعض
المؤتسين من المؤمنين.
فقال الرجل:
أنت أعلم بالله مني([31]).
سادساً:
قال الأعمش، عن إبراهيم قال: كان زيد بن صوحان يحدث، فقال أعرابي: إن
حديثك يعجبني، وإن يدك لتريبني.
قال:
أوما تراها الشمال؟!
قال:
والله ما
أدري،
اليمين يقطعون،
أم الشمال!!
فقال زيد:
صدق الله ﴿الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً
وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللهُ﴾([32])»([33]).
وقد ظهر:
أن شبث بن ربعي أيضاً لم يكن يعرف أن اليمين هي التي
تقطع بالسرقة، وليس الشمال.. ولذلك اتهم زيداً بالسرقة، وهو يرى أن
اليد التي قطعت بجلولاء هي الشمال، وليست اليمين.. ولعل هذا يفسر لنا
السبب في أن زيداً كان يلوح في المسجد بخصوص يده المقطوعة.
بالنسة للنص المروي عن النبي «صلى الله عليه وآله»، وفيه:
«سيكون
رجل بعدي من التابعين ـ وهو زيد الخير ـ يسبقه بعض أعضائه إلى الجنة»([34]).
نقول:
إنه وإن كان موافقاً لما عداه من النصوص المروية عن
النبي «صلى الله عليه وآله» حول سبق بعض أعضاء زيد في الجنة.. ولكنا
نرى: أن كلمة من التابعين مقحمة فيه.
أولاً:
لما تقدم: من أن هناك من يقول: إنه كان صحابياً..
ثانياً:
إن بعض النصوص كالرواية المتقدمة عن علي «عليه السلام».. بالإضافة إلى
تصريح أبي عبيدة. وكذلك الشعر المنسوب إلى بعض بني عبد القيس المصرح
بوفادته على الرسول «صلى الله عليه وآله».
ثالثاً:
إن
زيداً حتى لو لم ير الرسول «صلى الله عليه وآله»، فإنه كان يعيش في
زمانه، وكان رجلاً كاملاً مسلماً، وقد ذكره «صلى الله عليه وآله» عنه
أكثر من مرة..
ومن جهة أخرى، نلاحظ:
أن مصطلح التابعين، وإطلاقه على خصوص من لم ير النبي
«صلى الله عليه وآله»، ولو كان يعيش في زمانه هو في الظاهر مستحدث بعد
رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فوروده على لسان النبي «صلى الله عليه
وآله» نفسه مشكوك فيه..
ولعلك تقول:
إن كلمة «من التابعين» مستدركة هنا، لأن كلمة بعدي تكفي
للدلالة على كونه من التابعين..
وقد يجاب:
إن الغرض من إضافة هذه العبارة:
هو الدلالة على أن البعدية كانت بلا فصل.
وقد اعترض شبث بن ربعي على زيد بن
صوحان، بقوله عن عائشة:
«ما
أمرت إلا بما أمر الله عز وجل به، بالإصلاح بين الناس».
وهذه مغالطة ظاهرة.
فأولاً:
إن الإصلاح لا يكون بتأييد طرف بعينه، ثم جمع الجيوش لحرب الطرف
الآخر.. بل هذا إشعال لنار الفتنة..
فإنه إذا كان علي «عليه السلام» ومن معه أحد طرفي
النزاع، فلا يوجد طرف آخر ينازعه إلا عائشة نفسها ومن هم تحت قيادتها.
فبين من! ومن! تريد عائشة الإصلاح؟!
ثانياً:
لم يكن هناك نزاع سابق على تحرك عائشة، ثم قصدت عائشة
فَضَّهُ، والإصلاح بين الناس فيه.. بل كانت الأمور صالحة ومستتبة لولا
ما أقدمت عليه عائشة ومن معها.
ثالثاً:
إن الإصلاح إنما يتحقق بدعوة من نكث بيعته وتمرد على
إمامه إلى العودة إلى طريق الحق، ومنعه من مواصلة تمرده..
رابعاً:
إن الذي جاء بالإصلاح لا يغير على بيت المال، ولا يأمر
بقتل عثمان بن حنيف وبقتل شيعة علي «عليه السلام» بالبصرة، وبقتل غيرهم
أيضاً.. وذلك قبل مجيء علي إلى البصرة بمدة، وقبل حرب الجمل.
خامساً:
إن النساء ـ كما قال زيد بن صوحان ـ قد أمرن بالقرار في يبوتهن، ولم
يقل لهن: وقرن في بيوتكن إلا إذا اختلف الناس فابرزن للرجال، وأصلحن
بينهم. فإن الله سبحانه لا يريد إصلاحاً ينتهي ويبدأ بمعصية االه،
والفتك بالأبرياء، والأمر بفتك الناس.. وبغير ذلك من فظائع وفجائع..
وفي جميع الأحوال نقول:
إن المأمور بالإصلاح بين الناس هم الرجال.. وهم الذين
أمرهم الله أيضاً بقتال الفئة الباغية.. ومع الشك في شمول هذا الأمر
للنساء، فالأصل عدم الشمول..
ولعله لأجل ظهور سقوط كلام شبث بن ربعي هو السبب في أن
زيداً، وغيره من الحاضرين لم يروا حاجة لإبطال كلامه وتفنيده..
وقد تكلم أبو موسى هنا أيضاً بكلامٍ ظاهر الفساد، مليء
بالمغالطات، والشبهات، فقد ذكر:
1 ـ
إنهم إن أطاعوه كانوا جرثومة العرب، يأوي إليهم
المظلوم، ويأمن فيهم الخائف..
وهذا الكلام قاله رسول الله «صلى الله عليه وآله»
للمشركين في بداية البعثة، ولا موضع له هنا، بل هو هنا مجرد كلام فارغ،
وغير متوازن، بل هو مجحف وظالم، لأن طاعته تعني عدم خروج الناس مع علي
«عليه السلام».. أما عائشة وطلحة والزبير، فتبقى أمورهم على حالها..
وتبقى لهم قوتهم، بل هي تتنامى وتزداد ويتأتيهم المدد والعدد من جميع
الجهات والأقطار..
ونتيجة ذلك هي:
أن يظفر أعداء علي «عليه السلام» به، والراجح أنهم سوف يقتلونه، هو
وخيار أصحابه، من أمثال عمار، والأشتر، وقيس بن سعد، وسواهم كما قتلوا
السبابجة وغيرهم في البصرة بعد أسرهم، لمجرد كونهم من شيعته «عليه
السلام»، فهل إذا ظفروا به نفسه سيتركونه؟! أم أنهم سيفتكون به خوفاً
من أن يعود، فيتمكن منهم.
2 ـ
لم يبين لنا أبو موسى كيف يكون ظفر طلحة والزبير وعائشة
بعلي وعمار، وأمثالهم موجباً لأن يكونوا جرثومة العرب؟!
وهل سيأمن الخائف مع هؤلاء الذين قتلوا شيعة علي «عليه
السلام» في البصرة غدراً وفتكاً وصبراً؟!
وهل أمن أسراهم من غدرهم وفتكهم بهم، وقتلهم إياهم؟!
وهل سينصر المظلوم، ومن قد بدأ مسيرته بظلم الناس
وقتلهم غدراً ـ وصبراً ـ بلا ذنب أتوه، سوى أنهم من شيعة علي «عليه
السلام»، أو أنهم يحرسون بيت المال؟!
3 ـ
إن كلام أبي موسى ينتهي إلى القول بأن النبي «صلى الله
عليه وآله» قد ترك أمته ضائعة تائهة، ولم يحسن النظر، ولا أحكم التدبير
لها في مستقبلها، بل أبقاها فريسة للفتن تتقاذفها رياح الأهواء، ويرزح
تحت وطأة الظلم والظالمين في كل وقت وحين.
وقال الأشعري:
«إنا
أصحاب محمد أعلم بما سمعنا».
ونقول له:
1 ـ
هل لم يكن علي «عليه السلام» ومن معه، وهم سبعون بدرياً
ـ بل أكثر من ذلك كما سيأتي، وأربع مئة، بل سبع مئة رجل من أهل بيعة
الرضوان، وما لا يحصى من الصحابة([35])
ـ هل لم يكن هؤلاء ـ أصحابه، وأعلم بمصلحة الأمة من خصوص أبي موسى
الأشعري، ومن عائشة، وطلحة والزبير وابنيهما، ومروان بن الحكم؟! وسائر
طلقاء بني أمية وأبنائهم؟! أم أن أبا موسى الأشعري لا يميز ولا يرى
فرقاً بين الثرى والثريا، أو بين الدر والمدر، أو بين الجوهر والحجر؟!
2 ـ
لم يبين لنا الأشعري إن كان يفرق بين أصحاب محمد، فيقدم
السابقين الأولين منهم على غيرهم أو إن كان يفرق بين الذين اتبعوا
السابقين منهم بإحسان وبين غيرهم من التابعين للطلقاء وأبنائهم..
3 ـ
أليس أصحاب محمد متفاوتين في العلم؟! فمنهم من عنده علم
الكتاب، وهو باب مدينة العلم، وقد أمر الله تعالى بالرجوع إليه وإلى
أبنائه، وجعلهم أحد الثقلين الذين لن يضل من تمسك بهما.
ومنهم من لم يحسن طلاق امرأته، ومنهم حلل الزواج بأم
الزوجة، ومنهم من لا يعرف معنى الأبِّ، ومنهم من لم يستطع أن يفهم
الكلالة، وأخبره النبي «صلى الله عليه وآله» أنه لن يستطيع أن يتعلمها،
ومنهم بقي اثنتي عشرة سنة حتى حفظ سورة البقرة، فلما حفظها نحر
جزوراً.. ومنهم، ومنهم..
وبعض من كان لديه شيء من المعرفة تجده لا يعمل بعلمه،
ومنهم أبو موسى نفسه كما سيأتي.
4 ـ
إن وضوح الحق في هذه القضية لكل ذي عينين، يجعل من غير
المفيد الحديث عن الأعلم وغير الأعلم فيها، فالكل يعلم: أن نكث البيعة
الصحيحة جريمة، وأن الخروج على الإمام جريمة أعظم، وأن على الناس كلهم
أن يدفعوا المفسدين، والمعتدين. وأن قتل المؤمن عامداً متعمداً كبيرة،
ويجب عقوبة من يفعل ذلك، ومنعه وردعه عن الاستمرار في ذلك.
والكل يعلم أيضاً:
أن التثبيط عن الحق، ونصرة الإمام الحق المنصوب من قبل الله ورسوله
«صلى الله عليه وآله» ذلك من أعظم المحرمات، وإن لم نقل: إنه مشاركة
فعلية في هذه الجرائم..
فلماذا نحتاج إلى انتظار الصحابة؟! وهل إذا كانت الشمس
ساطعة لا بد من الإنتظار إلى أن يأتي صحابي بعينه يقصده أبو موسى
الأشعري، ليسأله، إن كانت الشمس طالعة، أم لا؟!
وهل يصح اعتبار ما كان بهذه المثابة من الظهور والوضوح
من الفتنة؟! التي لا يدري من أين تؤتى؟! وتذر الحليم كابن أمس الذي لا
يعرف ما يدور حوله اليوم؟!
ولماذا لا يكون مع علي وعمار اللذين هما مع الحق، كما
أن الحق مع علي يدور معه كيفما دار.
وأغرب من ذلك:
عودة أبي موسى إلى المنطق العشائري، حيث اعتبر القضية
مجرد خلاف بين المنتسبين إلى قريش، فهي لا تعني غيرهم، لكي يطلب منهم
نصرة فريق دون غيره؟!
مع أن التحذيرات الإلهية والنبوية لم تترك مجالاً
للتعامل مع هذا المنطق الجاهلي البغيض..
وإذا صح هذا المنطق، فهل كان أبو موسى سيخذل الناس عن
رسول الله «صلى الله عليه وآله» حين كانت قريش تشن عليه الهجمات
الخطيرة، بالجيوش الكبيرة طيلة عشر سنوات؟!
وهل عواقب الإنكفاء عن أمير المؤمنين، وتمكين أعدائه من
إسقاط حكمه، ثم من قتله وقتل أنصاره الأبرار الأخيار سيقتصر على خصوص
القرشيين منهم؟! فينتقون من أصحاب علي «عليه السلام» خصوص القرشيين
فيعاقبونهم بما يحلو لهم. ثم يتركون ما لا يحصى من الأنصار الذين كانوا
معه ليذهبوا في حال سبيلهم. وهكذا الحال بالنسبة لسائر من أعانه «عليه
السلام» من قبائل عربية: عراقية، ويمنية، وحجازية، وغيرها.
ألا يجد أبو موسى أي فرصة له لتمييز الحق من الباطل
فيما يجري؟! ألم يكن فيما قاله رسول الله «صلى الله عليه وآله» بشأن
أمير المؤمنين وأبنائه المعصومين «عليهم السلام» كاف وواف لكل ذي مسكة،
ليميز به الحق من الباطل.
وحتى حين تختلف قريش فيما بينها، فلماذا لا يكون فيها
محق تجب نصرته، ومبطل يجب دفعه وردعه؟!
وإذا انقسمت قريش إلى طائفتين ثم اقتتلتا ألا يجب
الإصلاح بينهما وفق سنن الحق والعدل؟! فإن بغت إحداهما على الأخرى، ألا
يجب قتال الفئة الباغية؟!
وبعد، فهل نفس الخروج من دار الهجرة حراماً بجميع
أشكاله ودوافعه؟! أم أنه قد يكون حقاً، وقد يكون باطلاً وقد يكون
مباحاً، وقد يكون واجباً، وقد يكونحراماً؟!
ألم يخرج النبي «صلى الله عليه وآله» إلى تبوك، وخرج
زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب بجيش مسلم إلى مؤتة، وكان هذا الخروج
حقاً؟!
وألم يخرج علي «عليه السلام» الآن لدفع الناكثين،
وإعادة الأمور إلى نصابها، وخروجه حق، وواجب، ولا بد منه؟!
ولماذا لا يعترض أبو موسى على خروج طلحة والزبير على
صفة النكث، وعلى قتلهم شيعة علي «عليه السلام» في البصرة، ونهبهم بيوت
الأموال، وقتل سبعين من حراسها بعد أسر أكثرهم ثم قتلهم أيضاً، مع أن
قتل الأسير المسلم من أعظم الكبائر؟! لماذا لا يقول أبو موسى: إن عملهم
هذا من الشر، والباطل ومن الخيانة والجريمة إلخ..؟!
ومن هم أهل العلم بالإمرة الذين كانوا بالمدينة، وقد
فارقهم علي «عليه السلام» حين خرج منها باتجاه العراق؟! وهل بقي في
المدينة التي خرج منها أربعة آلاف رجل ـ كما في بعض النصوص ـ بمؤازرة
علي «عليه السلام»، هل بقي فيها سوى النساء والصبيان، والعجزة، ومن
أبقاهم علي «عليه السلام» لحفظ هؤلاء، ولحفظ أموال الناس وأرزاقهم؟!
نعم..
هل بقي فيها أحد من أهل العلم والرأي، بعد أن خرج معه
منها سبعون أو مئة وسبعون، أو مئة وثلاثون بدرياً وسبع مئة من أهل بيعة
الرضوان، وما لا يحصى من الصحابة على حد تعبير ابن عساكر؟!
ولماذا لا يتذاكر أبو موسى قول رسول الله «صلى الله
عليه وآله» أن علياً «عليه السلام» باب مدينة علمه، وأنه علمه ألف باب
من العلم يفتح له من كل باب ألف باب.
ألا يعد إطلاق هذه الأقوال تمويهاً على الناس، وتدليساً
للحقيقة، التي قد لا تهتدي إليها الأجيال، بسبب أمثال هذه الدعاوى
الباطلة؟! وألا يعد ذلك كتماناً للبينات والهدى من بعد ما بينه الله
تعالى للناس؟!
ويا حبذا لو أن أبا موسى قد بين لنا من المقصود بقوله:
«ويشقى بحرِّ هذه الفتنة من جناها». وهل الذي جنى الفتنة هو عائشة
وطلحة والزبير بسبب نكثهما، وخروجهما على الإمام، وقتلهما الأبرياء..
و.. و.. الخ..؟!
أم هو علي الذي يطالبهما بالعودة إلى الطاعة، والكف عن
ارتكاب الجرائم والعظائم، فإننا لا نجد فريقاً ثالثاً في البين.
أما معاوية فإن أمره آيل إلى التأجيل، ولم يكن أبو موسى
بصدد الحديث عنه.
وقد شال زيد بن صوحان يده المقطوعة، ربما ليلفت نظر
الناس إليه، ويعرفهم بنفسه، حين أطلق تحديه لأبي موسى: بأنه أصغر من أن
يستطيع دفع هذا الأمر، كما لا يستطيع منع الفرات من الجريان.
وإنما أراد زيد بكلامه هذا:
أن يثبت اليأس إلى قلب أبي موسى، ويكف عن تخذيل الناس.
ثم إن زيداً اعتبر ما يفعله أبو موسى امتحاناً للناس في
إيمانهم، ويقينهم وبصيرتهم بالحق الذي هم عليه، فما عليهم إلا أن
يثبتوا أنهم أقوى من هذه الفتنة، واصلب في دينهم وإيمانهم مما ظنه أبو
موسى؟!
وتظهر خباثة رواة تاريخ الطبري، وتعصبهم المقيت والأعمى
في العديد من المواضع، ومنها هذا الموضع حيث قالوا: «ولان عمار بعد
نزوته الأولى».
وقد راجعنا الكلام الذي ساقه الراوي من أوله إلى هذا
الموضع، فلم نجد لعمار أي كلام أو موقف يمكن أن يوصف بأنه نزوة، أو
يمكن أن يعد تسرعاً سوى أنه بادر إلى تصحيح الحديث الذي رواه أبو موسى
عن النبي «صلى الله عليه وآله» وحرف فيه، فأوضح للناس أن النبي «صلى
الله عليه وآله» إنما قال لأبي موسى: ستكون بعدي فتنة أنت فيها قاعداً
خير منك قائماً.. ولم يقل ستكون فتنة القاعد خير من القائم.. وشتان ما
بينهما.. فعمار قد غضب لله، وعمل بما يوجبه الله عليه..
وعلى أبي موسى أن لا يقوم مقامه ذاك، وأن لا يقول ما
قال.. وعليه أن يأخذ بما هو خير وصلاح كما قاله الرسول «صلى الله عليه
وآله»، لا سيما وأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد عرَّف الناس بأن لهم
مرجعاً يعرفون به ومنه الحق من الباطل، وهو علي «عليه السلام»، الذي
كان مع الحق والحق معه.فلماذا لا يكونون معه، ولا يرجعون إليه؟!
على أن المراد من الفتنة هنا:
هو البلاء الذي يجعل الإنسان أمام خيار اتباع الهوى،
والميل إلى الدنيا، وخيار اتباع الحق ونصرته.. وليس المقصود بالفتنة هو
مورد الشبهة، وعدم ظهور الحق..
ولعل النبي «صلى الله عليه وآله» قد قال ذلك لخصوص أبي
موسى، لأنه يعرف ما سيكون منه..
وحينئذ أمر ذلك التميمي عماراً
«رحمه الله»:
بالسكوت، ووصفه بالعبد، معتبراً ذلك مسافهة لأمره أبي
موسى..
ونعود فنكرر القول:
إنه ليس فيما قاله عمار أي اعتراض على النبي «صلى الله
عليه وآله»، ولا يعد ذلك نزوة وخروجاً منه عن الحد.. بل هو عين
الاتزان، والاعتدال.
ولا يصح أن يوصف من يقوم بواجبه الديني، يغضب لتحريف
كلام النبي «صلى الله عليه وآله»: أنه قد تسرع، أو أنها كانت نزوة..
وقد ذكر النص المتقدم:
أن عماراً «رحمه الله» شهد بأن عائشة زوجة النبي في الدنيا والآخرة..
ثم أمر الناس بأن ينظروا في الحق، فيقاتلوا معه.
وإذ برجل يبادر إلى إعطاء النتيجة
سلفاً، وهي:
أن الحق مع عائشة، لأن عماراً شهد لها بالجنة، وليس مع
علي «عليه السلام»، لأنه لم يشهد له..
ونحن نشك في صحة هذه الرواية، ومستندنا في شكنا هذا:
أولاً:
أن هذا ليس هو رأي عمار في الخارجين على الإمام
«عليه السلام»،
بما فيهم عائشة، فقد روى عبد الله بن رباح، مولى الأنصار، عن عبد الله
بن زياد، مولى عثمان بن عفان قال: إنه سمع عماراً يقول: والله ما نزل
تأويل هذه الآية إلا اليوم: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ
فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾([36])»([37]).
فقد دل هذا الكلام:
على أن عماراً يرى أن أهل الجمل مرتدون.. فكيف يدخلون الجنة؟!
ثانياً:
لا مبرر لإقحام عمار جملة: إني أشهد أنها زوجته في
الدنيا والآخرة. إلا إن كان يريد تخذيل الناس عن علي «عليه السلام»،
ومنعهم من الخروج لحربها، بل ودفعهم للوقوف إلى جانبها..
وبإقحامه هذه الجملة، فعليه أن
يتوقع السؤال الذي يقول:
إذا كانت من أهل الجنة، فلماذا تريد منا أن نحاربها؟!
وكان عليه أن يعد الجواب المقنع لهذا السؤال..
بل لا مبرر لذكر عائشة من الأساس، فإن طلحة والزبير،
هما اللذان نكثا البيعة، وخرجا على إمام زمانهما..
ولماذا أيضاً يأتي بعبارة زوجة رسول الله «صلى الله
عليه وآله». وقد كان يكفيه أن يذكر اسمها صريحاً؟!
ثالثاً:
إن الرواية القائلة: إن جبرئيل أتى النبي «صلى الله
عليه وآله» بِسَرَقةٍ فيها صورة عائشة، فقال: هذه زوجتك في الدنيا
والآخرة. قد رويت من طريق أبي خيثمة، الذي يحدث عن الثقات بالمناكير
ويصحف([38]).
رابعاً:
لو صح إن عماراً قد قال: إن عائشة زوجة النبي «صلى الله
عليه وآله» في الدنيا والآخرة، فلا بد أن يكون قد سمعه من رسول الله
«صلى الله عليه وآله»، لأن هذا الأمر لا يعلم بالاجتهاد، ولا تناله
العقول..
ولو كان النبي «صلى الله عليه وآله» قد قال ذلك، فإنه
لا يقول عن علي «عليه السلام»: «أنا حرب لمن حاربه وسلم لمن سالمه» كما
روي بأسانيد صحيحة([39]).
ولا يقول لعائشة عن علي «عليه
السلام»:
«والله
لا يبغضه أحد من أهل بيتي، ولا من غيرهم إلا وهو خارج عن الإيمان»([40]).
ولا يقول لها أيضاً:
«يا
ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأذنب [الأدبب]، تنبحها كلاب الحوأب،
فتكون ناكبة عن الصراط»([41]).
وكان عمار يعلم:
أن خروج عائشة من بيتها، وأمرها بقتل عثمان بن عفان، ثم أمرها بقتل
عثمان بن حنيف، وأبان بن عثمان([42])
ثم ما جرى من قتل سبعين من حراس بيت مال البصرة، وقتل غيرهم أيضاً، ثم
قيادتها لجيش خاص حرباً قتل فيها عشرات الألوف من المؤمنين، وخروجها
على إمام زمانها، من أوضح مصاديق قوله تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ
النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ
لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً﴾([43])،
إذ ليس المراد بالفاحشة في هذه الآية الزنا، فإن نساء الأنبياء منزهات
عن ذلك قطعاً، بل المراد بالفاحشة كل ما جاوز الحد، أو ما اشتد قبحه من
الذنوب، وقيل: كل ما نهى الله عنه.
يضاف إلى ذلك كله:
إقامتها على بغض علي، وإظهارها الشماتة حين موته..([44]).
بل إنها قد كتبت من البصرة إلى حفصة:
«أما بعد، فإنا نزلنا البصرة، ونزل علي بذي قار. والله
داق عنقه كدق البيضة على الصفا، إنه بمنزلة الأشقران إن تقدم نحر، وإن
تأخر عقر»([45]).
وبعد ما قدمنا فإننا نستبعد أن
يشهد عمار لها هذه الشهادة التي يأباها القرآن، ويأباها قوله تعالى:
﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾([46])،
بل نتوقع منه أن يتريث، وأن يتأمل في الأمر ملياً، وأن يسأل علياً
«عليه السلام» عن حقيقة الأمر، فإنه باب مدينة العلم، وأحد الثقلين
اللذين لن يضل من تمسك بهما، ومن عنده علم الكتاب، أو ليسأل الإمامين
الحسن والحسين «صلوات الله عليهما».
خامساً:
إننا بالرغم من أننا لم نجد حديثاً معتبراً يدل على أن
النبي «صلى الله عليه وآله» قد ذكر هذا الأمر سوى ما تقدم عن أبي خيثمة
الذي يروى المناكير، فإننا نقول:
لنفترض ـ ولو من باب التوهم والتخيل
ـ:
أنه «صلى الله عليه وآله» قد أشار إلى شيء من ذلك..
فلعله «صلى الله عليه وآله» قد ذكر: أن أزواج المؤمنين في الدنيا يكنَّ
أزواجاً لهم في الآخرة إن عملن صالحاً، ومتن على ذلك، كما أن حسن
معاشرة الزوج لزوجته في الدنيا يؤثر في اختيارها إياه زوجاً في الآخرة،
وهذه قضية تقديرية تعليقية. مرهونة بالعمل الصالح، وعدم التغيير
والتبديل المحبط للعمل، والموجب لسوء العاقبة.
سادساً:
ما معنى أن
يوجه الإمام الحسن
«عليه السلام»
لعمار هذه الكلمة المهينة والقارصة، حيث قال له: أكفف عنا يا عمار، فإن
للإصلاح أهلاً. فإن كان عمار ليس أهلاً للإصلاح فمن يكون أهلاً له؟!
وكيف ينسجم هذا مع ما روي عن النبي «صلى الله عليه وآله» أنه قال: عمار
مع الحق([47])
يدور معه كيفما دار. ومع قوله: ما عرض على عمار أمران إلا اختار أشدهما([48])،
ومع سائر أقوال النبي «صلى الله عليه وآله» وعلي فيه.
وقد أخبرهم الإمام الحسن «عليه
السلام» بأمر غيبي، مفاده:
أن هذا الأمر ليس متروكاً، فإن أهل الكوفة إن لم ينفروا
لنصرة علي «عليه السلام»، فسيقيض الله أناساً آخرين ليكونوا هم الذين
ينالون هذا الشرف.
وكأن هذا الكلام يأتي تطبيقاً
لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ
مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ
وَيُحِبُّونَهُ﴾([49]).
أي أن هذا الأمر مرعي من الله تعالى، فمن أعرض عنه يكون
قد أعرض عن حظه في الدنيا والآخرة. وباء بإثم الارتداد الذي لا يرضاه
مسلم أو عاقل لنفسه.
كما أنه «عليه السلام» اعتبر خروج هؤلاء عن طاعة الإمام
ابتلاء لأهل البيت، ليزيدهم الله به مثوبة، ويرفع من مقامهم عنده،
وينيلهم ثواب المجاهدين الصابرين.
ثم هو ابتلاء للناس ليظهر دخائلهم، ويصحر بنواياهم،
ويميز الخبيث من الطيب، والخالص من الزائف، والتقي من غيره.
ثم إنه «عليه السلام» اعتبر اجتهاد الناس لهذا العدو
معونة لهم، ليشير بذلك إلى أن أمر التدبير بيدهم، وأن اتخاذ قرارات
الإقدام والإحجام لهم، ولا يحق لأحد أن يتصرف كما يحلو له.
أما
ما ذكر آنفاً:
من أن بني طيء استشاروا عدياً في نصرة الإمام «عليه السلام»، فأشار
عليهم بالتريث. فإما أنه كان واقعة أخرى جرت لعدي بن حاتم «رحمه الله»،
مع طائفة من قبيلته غير التي جاءت علياً «عليه السلام» في الربذة. أو
أنه مصنوع ومكذوب بهدف إضعاف أمر علي «عليه السلام» بإظهار أن الناس
بما فيهم الطائيون كانوا مترددين في نصرته «عليه السلام»، وأن الأمور
لم تكن واضحة لهم، وأن الحق مع أبي موسى حين تحدث عن الفتنة..
وقد يشير إلى صحة هذا الاحتمال
الأخير:
أن موقف عدي جاء مضطرباً، فبينما تدعي الرواية: أنه قال
لقومه: دعانا إلى جميل.. يتبع كلامه بقوله: وإلى هذا الحدث العظيم
لننظر فيه، مع أن الإمام الحسن لم يدعهم لينظروا في ذلك الحدث العظيم،
بل دعاهم ليجيبوا دعوة أميرهم، وأن يسيروا إلى إخوانهم. فما معنى أن
يقوِّل عدي «رحمه الله» الإمام الحسن «عليه السلام» ما لم يقله؟!
ثم إنه قد وقع في التناقض في نفس
كلامه هذا، حيث قال لهم أولاً:
فنحن سائرون وناظرون، ثم عقب ذلك بقوله: أجيبوا أمير
المؤمنين، وانفروا خفافاً وثقالاً..
إلا أن يكون قد أراد الإشارة إلى ما كتبه أمير المؤمنين
«عليه السلام» إلى أهل الكوفة، حيث طلب منهم أن يأتوا إليه فيأمروا
بمعروف، أو ينهوا عن منكر، فإن كان محقاً أعانوه، وإن كان مبطلاً
استعتبوه..
1 ـ
أما بالنسبة لشتم المقطع للأشتر، فقد رأينا كيف أن الأشتر قد تجاهل
أمره، ولم يجبه بشيء، فدلنا ذلك: على أن الأشتر لم يكن مجرد بطل في
الحرب يصول على الناس بقوته، ولا كان رجلاً انفعالياً، مغروراً بنفسه،
مزهواً بقوته. بل كان رجلاً أريباً عاقلاً لبيباً، يزن الأمور بميزان
الشرع والعقل والحكمة. وله هدف كبير هو نصرة الدين، وأهله، ولا يلتفت
لسفاسف الأمور، ولا يهتم للأمور الشخصية والصغيرة، إذا تعرضت لسفه
السفهاء، ولا لتعديات أهل الأهواء إلا بالمقدار الذي يمس الحق والدين
في السياق العام..
ويكفيه انتصار الناس له، بحيث أفهموا ذلك المجترئ ما
للأشتر من مقام رفيع، ومحبوبيته عند الناس..
2ـ
يبدو: أن هذا الذي جرى بين المقطع وبين الأشتر قد حصل بعد عزل أبي
موسى، لأن الأشتر كان قبل ذلك عند علي «عليه السلام» في ذي قار.
وهذا يعني:
أن السباق الذي ذكره الطبري لما جرى لا يخلو من خلط وخبط، فليلاحظ ذلك.
وفي قصة عبد خير مع أبي موسى مواضع كثيرة تحتاج للتوقف
عندها، ولكننا نكتفي هنا بما أظهرته الرواية من أن أبا موسى لا يدري إن
كان علي
«عليه السلام»
قد أحدث حدثاً يحل به نقض بيعته أم لا.
وهو كلام ساقط من وجوه:
أولاً:
إن أبا موسى وسائر الناس يعلمون: أن علياً مع الحق والحق مع علي، كما
هو ثابت عن النبي «صلى الله عليه وآله».. وهو أحد الثقلين اللذين لن
يضل من تمسك بهما.
ثانياً:
إن أبا موسى كان يعلم أن شيئاً لم يحدث، إذ لو كان لبان، ولكان طلحة
والزبير وعائشة ومعاوية قد تمسكوا به، وأشاعوه، وتركوا قميص عثمان.
فلماذا اكتفوا بالطلب بدم عثمان.
ثالثاً:
حتى لو فرض أن حاكماً يحتمل في حقه أن يحدث ما يوجب نقض بيعته، فإن
مجرد عدم المعرفة بحدوث ذلك لا يبيح للناس نقض بيعته. فضلاً عن الخروج
عليه..
رابعاً:
إن الذين هم أولى الناس بمجابهة علي في هذه الحال هم المهاجرون
والأنصار، وأهل بدر، وأهل بيعة الرضوان، فلماذا اقتصر الأمر على طلحة
والزبير وعائشة. وقد كان جميع من ذكرناهم في جانب علي «عليه السلام»
ولم ينفرد عنه سوى هؤلاء الثلاثة!!
([1])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج14 ص19 وتاريخ الأمم والملوك ج4
ص482 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3 ص497 والغارات للثقفي ج2 ص918 و
919 و 923 والفتنة ووقعة الجمل ص139 والكامل في التاريخ ج3
ص227 و 228 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج7 ص263.
([2])
الآية 29 من سورة النساء.
([3])
الآية 93 من سورة النساء.
تاريخ
الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج4 ص497 و 498 والكامل في
التاريخ ج3 ص228 والغدير ج9 ص112 والغارات للثقفي ج2 ص919 و
923 والفتنة ووقعة الجمل ص139 والبداية والنهاية (ط دار إحياء
التراث العربي) ج7 ص263 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2
ص159.
([4])
الآيات 1 ـ 3 من سورة العنكبوت.
([5])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص484 ـ 486 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج4
ص498 ـ 500 والكامل في التاريخ ج3 ص228 ـ 230 وراجع: شرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج14 ص19 و 20 والغارات ج2 ص919 ـ 321 والفتنة
ووقعة الجمل ص140 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص159
وتاريخ الكوفة ص306 ـ 308 والبداية والنهاية (ط دار إحياء
التراث) ج7 ص263 وكتاب الفتوح لابن أعثم ج2 ص460 والثقات لابن
حبان ج2 ص282.
([6])
المسترشد ص157 وقاموس الرجال ج10 ص51 و 52 وراجع: الغارات ج2
ص909 وإختيار معرفة الرجال ج1 ص315 وخلاصة الأقوال ص411 ورجال
ابن داود ص278 والتحرير الطاووسي ص557 ونقد الرجال ج1 ص252 وج4
ص366.
([7])
المسترشد للطبري ص157 وقاموس الرجال ج10 ص51 و 52 وأعيان
الشيعة ج7 ص69.
([8])
الآية 49 من سورة آل عمران.
([9])
الآية 29 من سورة النساء.
([10])
الآية 93 من سورة النساء.
([11])
الآية 6 من سورة الحجرات.
([12])
راجع كتابنا: علي «عليه السلام» والخوارج.
([13])
الإصابة ج2 ص163 و (ط دار الكتب العلمية) ج3 ص302 ومروج الذهب
ج2 ص395 والغيبة للنعماني ص312 وراجع: ذيل تاريخ الأمم والملوك
ص665 والكامل في التاريخ ج3 ص326 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص334
ونهج السعادة ج2 ص401 والثقات لابن حبان ج2 ص295 وتقريب
التهذيب ج1 ص411 وتهذيب التهذيب ج4 ص266 وميزان الاعتدال ج2
ص261 والدر النظيم ص368 ونفس الرحمن للطبرسي ص259 وراجع: رجال
الطوسي ص68 ورجال ابن داود ص249 ونقد الرجال ج2 ص390 ومستدركات
علم رجال الحديث ج4 ص196 وجامع الرواة للأردبيلي ج1 ص398
وطرائف المقال للبروجردي ج2 ص88 وشرح إحقاق الحق (الملحقات)
ج32 ص527.
([14])
الإصابة ج2 ص163 و (ط دار الكتب العلمية) ج3 ص302 وتاريخ الأمم
والملوك ج5 ص425 والأخبار الطوال للدينوري ص254 والفتوح لابن
أعثم ج5 ص89 والكامل في التاريخ ج4 ص62 وبحار الأنوار ج44 ص315
وج45 ص7 والعوالم ج17 ص250 وعن الإرشاد ص234 والأمالي الصدوق
ص219 والدر النظيم ص550.
([15])
الكافي ج3 ص490 وتهذيب الأحكام ج3 ص250 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة
آل البيت) ج5 ص250 و (ط دار الإسلامية) ج3 ص520 والمزار لابن
المشهدي ص118 وبحار الأنوار ج45 ص189 والعوالم، الإمام الحسين
ص377 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص336.
([16])
الإصابة ج1 ص582 و (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص532 والإستيعاب
(هامش الإصابة) ج1 ص559 و (ط دار الجيل) ج2 ص556 والوافي
بالوفيات ج15 ص20 وأسد الغابة (ط دار الشعب) ج2 ص291 وتهذيب
تاريخ دمشق ج6 ص13 والغدير ج9 ص41 وتعجيل المنفعة ص142 وتهذيب
التهذيب ج4 ص120.
([17])
تعجيل المنفعة ص142.
([18])
سير أعلام النبلاء ج3 ص525.
([19])
الإصابة ج1 ص582 و (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص532 عن الرشاطي،
وسير أعلام النبلاء ج3 ص525 والوافي بالوفيات ج15 ص20 وتاريخ
مدينة دمشق ج21 ص303 و (ط دار الفكر) ج19 ص429 وتعجيل المنفعة
ص142 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص13 ومختصر تاريخ دمشق ج9 ص142
وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص508.
([20])
الإصابة ج1 ص582 و 583 و (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص532 عن أبي
يعلى، وابن منده، ومجمع الزوائد ج9 ص398 وتعجيل المنفعة ص143
عن أبي يعلى، وابن منده، وتاريخ بغداد (ط سنة 1417 هـ) ج8 ص440
و 441 ومستدرك الحاكم ج1 ص347 ودلائل النبوة ج6 ص416 وحلية
الأولياء ج1 ص88 والوافي بالوفيات ج15 ص20 ومسند أبي يعلى ج1
ص393 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص13 وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص307 و
308 و (ط دار الفكر) ج19 ص435 والغدير ج9 ص42 وفتح الباري ج5
ص68 وعمدة القاري ج12 ص281 ومسند أبي يعلى ج1 ص393 وكنز العمال
ج11 ص685 وج13 ص403 والكامل لابن عدي ج7 ص123 وتاريخ بغداد ج8
ص441 والأنساب للسمعاني ج4 ص139 والبداية والنهايـة (ط دار
إحيـاء = = التراث) ج6 ص238 وإمتاع الأسماع ج12 ص192 وسبل
الهدى والرشاد ج10 ص107.
([21])
تهذيب تاريخ دمشق ج6 ص13 وفتح الباري ج5 ص68 وعمدة القاري ج12
ص281 والاستيعاب (ط دار الجيل) ج2 ص556 وأسد الغابة ج2 ص234
وسير أعلام النبلاء ج3 ص525 والإصابة ج2 ص504 و 532 وأعيان
الشيعة ج7 ص102.
([22])
الإصابة ج1 ص474 و (ط دار الكتـب العلميـة) ج2 ص516 عن محمد بن
= = عثمان بن أبي شيبة في تاريخه، وعن ابن عساكر، وتهذيب تاريخ
دمشق ج6 ص14 و 15 وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص309 و (ط دار الفكر)
ج19 ص437 وأعيان الشيعة ج7 ص102.
([23])
الإصابة ج1 ص475 و (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص517 وراجع: أعيان
الشيعة ج7 ص102.
([24])
الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص560 و (ط دار الجيل) ج2 ص556
وتعجيل المنفعة ص142 وأسد الغابة (ط دار الشعب) ج2 ص292 و (ط
دار الكتاب العربي) ج2 ص234 والطبقات الكبرى لابن سعد ج6 ص123
وشرح الأخبار ج1 ص379 وج2 ص34 ومناقب أهل البيت للشيرواني ص472
والمراجعات للسيد شرف الدين ص139 والغدير ج9 ص42 والمعارف لابن
قتيبة ص176 و (ط دار المعارف) ص402 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي
ج17 ص241 و كنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج13 ص403 ومن له
رواية في مسند أحمد ص155 والجمل المفيد (ط مكتبة الداوري ـ قم)
ص134.
([25])
الإصابة ج1 ص583 و (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص533 وسبل الهدى =
=والرشاد ج10 ص108 والغدير ج9 ص41 وراجع: أسد الغابة (ط دار
الشعب) ج2 ص292.
([26])
الطبقات الكبرى لابن سعد ج6 ص124 وسير أعلام النبلاء ج3 ص526
والوافي بالوفيات ج15 ص20 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص14 ومختصر
تاريخ دمشق ج9 ص143 و 144 وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص308 و (ط دار
الفكر) ج19 ص437 والخرائج والجرائح ج1 ص66 ومناقب آل أبي طالب
ج1 ص95 وبحار الأنوار ج18 ص112 وج22 ص113 ومستدرك سفينة البحار
ج8 ص44 وجامع البيان ج11 ص6 وتفسير السمرقندي ج2 ص83 وتفسير
الثعلبي ج5 ص82 وتفسير السمعاني ج2 ص340 والمحرر الوجيز ج3 ص73
وتفسير االقرآن العظيم ج2 ص397 والعثمانية للجاحظ ص250 وبناء
المقالة الفاطمية ص421.
([27])
تعجيل المنفعة ص143 عن أبي يعلى، وتاريخ بغداد (ط سنة1417هـ)
ج8 ص441 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص13 وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص307
و 309 والأنساب للسمعاني ج4 ص139.
([28])
سير أعلام النبلاء ج3 ص526 والطبقات الكبرى لابن سعد ج6 ص123
وشرح الأخبار ج2 ص10 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج17 ص241.
([29])
راجع: تعجيل المنفعة ص143 وراجع: أسد الغابة (ط دار الشعب) ج2
ص291 و 292 والغدير ج9 ص42 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج11
ص669 الإصابة ج1 ص583 و (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص533 وسبل
الهدى والرشاد ج10 ص108.
([30])
مختصر تاريخ دمشق ج9 ص144 وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص308 و (ط دار
الفكر) ج11 ص312 وج19 ص436 والغدير ج9 ص42 وتعجيل المنفعة
ص143.
([31])
مختصر تاريخ دمشق ج9 ص144 وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص308 و (ط دار
الفكر) ج19 ص437 وأعيان الشيعة ج7 ص103.
([32])
الآية 97 من سورة التوبة.
([33])
الطبقات الكبرى لابن سعد ج6 ص123 و 124 وسير أعلام النبلاء ج3
ص526 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص14 ومختصر تاريخ دمشق ج9 ص144
وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص309 والتبيان للطوسي ج5 ص283 و 384
وجامع البيان ج11 ص6 وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1866 وتفسير
الثعلبي ج5 ص82 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص397 والدر المنثور ج3
ص268 والطبقات الكبرى لابن سعد ج6 ص123 وسير أعلام النبلاء ج3
ص526.
([34])
تهذيب تاريخ دمشق ج6 ص14 ومختصر تاريخ دمشق ج9 ص143 وتاريخ
مدينة دمشق ج21 ص308 و (ط دار الفكر) ج11 ص312 وج19 ص436
والغدير ج9 ص42 وتعجيل المنفعة ص143.
([35])
تاريخ مدينة دمشق ج21 ص313 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص16 ومختصر
تاريخ دمشق ج9 ص146.
([36])
الآية 54 من سورة المائدة.
([37])
الجمل للمفيد ص366 و (ط مكتبة الداوري ـ قم) ص195 والجمل لابن
شدقم هامش ص128.
([38])
ميزان الإعتدال ج4 ص119 والكامل لابن عدي ج6 ص364 ولسان
الميزان ج6 ص43 وتاريخ الإسلام ج17 ص362 والغدير ج5 ص321 وج7
ص109.
([39])
راجع: الإصابة ج8 ص266 وسنن الترمذي ج5 ص360 والمستدرك للحاكم
ج3 ص149 ومجمع الزوائد ج9 ص169 وأمالي المحاملي ص447 والمعجم
الأوسط ج5 ص182 وج7 ص197 والمعجم الصغير ج2 ص3 والمعجم الكبير
ج3 ص40 وج5 ص184 وفضائل سيدة النساء لابن شاهين ص29 ونظم درر
السمطين ص232 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج12 ص97 وج13 ص640
وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص571 وج2 ص508 والإعتقادات في دين
الإمامية ص105 وعيون أخبار الرضا ج1 ص64 وروضة الواعظين ص158
وكتاب سليم بن قيس ص134 ومناقب الإمام أمير المؤمنين للكوفي ج2
ص156 و 169 و 178 وشرح الأخبار ج2 ص608 وج3 ص13 و 518 والأمالي
للمفيد (ط دار المفيد) ص213 والأمالي للطوسي ص336 والأربعون
حديثاً لمنتجب الدين بن بابويه ص19 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص18
والعمدة لابن البطريق ص51 و 320 والطرائف لابن طاووس ص131
وذخائر العقبى ص23 و 25 والصراط المستقيم ج1 ص188 وكتاب
الأربعين للشيرازي ص273 و 477 وبحار الأنوار ج8 ص366 وج17 ص261
وج22 ص286 و 384 وج23 ص116 وج26 = = ص343 وج27 ص62 و 141 وج29
ص341 وج32 ص321 وج37 ص65 و 77 و 79 و 82 و 107 و 206 وج91 ص21
وكتاب الأربعين للماحوزي ص78 و 109 ومناقب أهل البيت للشيرواني
ص163 والمراجعات ص383 والغدير ج10 ص49 وج10 ص278 و 280 ومستدرك
سفينة البحار ج2 ص250 و 390.
([40])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج6 ص217 وقاموس الرجال للتستري ج12
ص206 و 291 وبحار الأنوار ج32 ص169 والغدير ج3 ص187 وج11 ص123
والمعيار والموازنة ص28 وغاية المرام ج1 ص243 وج6 ص287.
([41])
بحار الأنوار ج32 ص170 وراجع ص163 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي
ج6 ص216 و 217 وقاموس الرجال للتستري ج12 ص206 و 291 وغاية
المرام ج1 ص243 وج6 ص287 والنص والإجتهاد ص429 و 430 وشرح
إحقاق الحق (الملحقات) ج32 ص405 وفي الإختصاص ص118 و 119.
([42])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص468 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج3
ص485 = = وقاموس الرجال للتستري ج12 ص300 وراجع: الكامل
في التاريخ ج2 ص319 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج32 ص468.
([43])
الآية 54 من سورة المائدة.
([44])
مقاتل الطالبيين ص55 و (ط المكتبة الحيدرية) ص26 والجمل للشيخ
المفيد (ط مكتبة الداوري ـ قم) ص84 والجمل لابن شدقم ص26
والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص40 وتاريخ الأمم والملوك ج5 ص150
و (ط مؤسسة الأعلمي) ج4 ص115 وبحار الأنوار ج32 ص340 وكتاب
الأربعين للشيرازي ص624 ومناقب أهل البيت للشيرواني ص471
والمراجعات للسيد شرف الدين ص318 ونهج السعادة ج8 ص508 وشيخ
المضيرة أبو هريرة ص172 والكامل في التاريخ ج3 ص394 ومستدرك
سفينة البحار ج7 = = ص512 وقاموس الرجال للتستري ج12
ص261 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج2 ص104 والشافي في الامامة
ج4 ص355 وعن حياة الحيوان للدميري ج1 ص68.
([45])
الجمل للمفيد ص276 و (ط مكتبة الداوري ـ قم) ص149 والجمل لابن
شدقم ص32 وقاموس الرجال للتستري ج12 ص235 و 296 والكافئة للشيخ
المفيد ص17 والإمام علي بن أبي طالب للهمداني ص753.
([46])
الآية 8 من سورة الزلزلة.
([47])
راجع: الغدير ج1 ص331 وج8 ص343 وج9 ص25 و 259 وج10 ص312 ونهج
السعادة ج2 ص239 و الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص262 وتاريخ
مدينة دمشق ج43 ص476 وكنز العمال ج13 ص539 والدرجات الرفيعة
ص260 وإختيار معرفة الرجال ج1 ص127 وبحار الأنوار ج44 ص35
وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص61 وعلل الشرائع ج1 ص223 والفوائد
الرجالية للسيد بحر العلوم ج3 ص177 والجوهرة في نسب الإمام علي
وآله ص101 والإستغاثة ج1 ص54 والكنى والألقاب ج1 ص187.
([48])
راجع: الغدير ج9 ص25 و 259 وسنن الترمذي ج5 ص332 والمستدرك
للحاكم ج3 ص388 وفتح الباري ج7 ص72 وتحفة الأحوذي ج10 ص203 و
213 وكنز العمال ج11 ص721 و 723 والجامع الصغير للسيوطي ج2
ص495 وفيض القدير ج5 ص567 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص523
والأمالي ص490 وروضة الواعظين ص286 وكتاب الأربعين للشيرازي
ص236 وبحار الأنوار ج22 ص320 وج31 ص203 وج33 ص32 وفضائل
الصحابة للنسائي ص51 وعمدة القاري ج16 ص237 وشرح إحقاق الحق
(الملحقات) ج30 ص233 والدرجات الرفيعة ص257 والسنن الكبرى
للنسائي ج5 ص75 والجامع لأحكام القرآن ج10 ص181 وتاريخ مدينة
دمشق ج43 ص406 والأعلام للزركلي ج5 ص36 والبداية والنهاية ج7
ص298 وأسد الغابة ج4 ص45.
([49])
الآية 54 من سورة المائدة.
|