وقد ذكر لنا المسعودي وصف شاهد عيان لكيفية دخول علي «عليه
السلام»
وجيشه البصرة في حرب الجمل، فقال:
فيما حدث به أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، عن ابن
عائشة، عن معن بن عيسى، عن المنذر بن الجارود، قال:
لما قدم علي البصرة دخل مما يلي الطف، فأتى الزاوية،
فخرجت أنظر إليه، فورد موكب نحو ألف فارس، يتقدمهم فارس على فرس أشهب،
عليه قلنسوة وثياب بيض، متقلد سيفاً، ومعه راية. وإذا تيجان القوم
الأغلب عليها البياض والصفرة، مدججين في الحديد والسلاح.
فقلت:
من هذا؟!
فقيل:
أبو أيوب الأنصاري، صاحب رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، وهؤلاء الأنصار وغيرهم.
ثم تلاهم فارس آخر، عليه عمامة صفراء وثياب بيض، متقلد
سيفاً، متنكب قوساً، معه راية على فرس أشقر في نحو ألف فارس.
فقلت:
من هذا؟!
فقيل:
هذا خزيمة بن ثابت الأنصاري ذو الشهادتين.
ثم مر بنا فارس آخر، على فرس كميت، معتم بعمامة صفراء،
من تحتها قلنسوة بيضاء، وعليه قباء أبيض مصقول، متقلد سيفاً، متنكب
قوساً، في نحو ألف فارس من الناس، معه راية.
فقلت:
من هذا؟!
فقيل لي:
أبو قتادة بن ربعي.
ثم مر بنا فارس آخر، على فرس أشهب، عليه ثياب بيض،
وعمامة سوداء قد سدلها بين يديه ومن خلفه، شديد الأدمة، عليه سكينة
ووقار، رافع صوته بقراءة القرآن، متقلد سيفاً، متنكب قوساً، معه راية
بيضاء، في ألف من الناس مختلفي التيجان، حوله مشيخة، وكهول، وشباب، كأن
قد أوقفوا للحساب، في جباههم أثر السجود. [أثر السجود قد اثر في
جباههم].
فقلت:
من هذا؟!
فقيل:
عمار بن ياسر، في عدة من المهاجرين والأنصار وأبنائهم.
ثم مر بنا فارس على فرس أشقر، عليه ثياب بيض، وقلنسوة
بيضاء، وعمامة صفراء، متنكب قوساً، متقلد سيفاً، تخط رجلاه في الأرض في
ألف من الناس، الغالب على تيجانهم الصفرة والبياض، معه راية صفراء.
قلت:
من هذا؟!
قيل:
هذا قيس بن سعد بن عبادة، في الأنصار وأبنائهم، وغيرهم
من قحطان.
ثم مر بنا فارس على فرس أشهل ما رأينا أحسن منه، عليه
ثياب بيض وعمامة سوداء قد سدلها بين يديه بلواء.
قلت:
من هذا؟!
قيل:
هو عبد الله بن العباس في وفده، وعدة من أصحاب رسول
الله «صلى الله عليه وآله».
ثم تلاه موكب آخر، فيه فارس أشبه الناس بالأولين.
قلت:
من هذا؟!
قيل:
قثم بن العباس، أو معبد بن العباس.
ثم أقبلت الموكب والرايات، يقدم بعضها بعضاً، واشتبكت
الرماح.
ثم ورد موكب فيه خلق من الناس عليهم السلاح والحديد،
مختلفوا الرايات، في أوله راية كبيرة، يقدمهم رجل كأنما كسر وجبر.
ـ قال ابن عائشة:
وهذه صفة رجل شديد الساعدين ـ نظره إلى الأرض أكثر من
نظره إلى فوق ـ كذلك تخبر العرب في وصفها إذا أخبرت عن الرجل أنه كسر
وجبر ـ كأنما على رؤوسهم الطير، وعن يمينه شاب حسن الوجه، وعن يساره
شاب حسن الوجه، وبين يديه شاب مثلهما.
قلت:
من هؤلاء؟!
قيل:
هذا علي بن أبي طالب، وهذان الحسن والحسين عن يمينه
وشماله، وهذا محمد بن الحنفية بين يديه، معه الراية العظمى.
وهذا الذي خلفه عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
وهؤلاء ولد عقيل وغيرهم من فتيان بني هاشم.
وهؤلاء المشايخ هم أهل بدر من المهاجرين والأنصار.
فساروا حتى نزلوا الموضع المعروف بالزاوية، فصلى أربع
ركعات، وعفر خديه على التراب، وقد خالط ذلك دموعه، ثم رفع يديه يدعو:
اللهم ربَّ السموات وما أظلت، والأرضين وما أقلت، ورب العرش العظيم.
هذه البصرة أسألك من خيرها، وأعوذ بك من شرها، اللهم
أنزلنا فيها خير منزل وأنت خير المنزلين.
اللهم إن هؤلاء القوم قد خلعوا طاعتي، وَبَغَوْا علي
ونكثوا بيعتي، اللهم احقن دماء المسلمين.
وبعث إليهم من يناشدهم الله في
الدماء، وقال:
عَلامَ تقاتلونني؟! فأبوا إلا الحرب، فبعث إليهم رجلاً
من أصحابه يُقال له مسلم معه مصحف يدعوهم إلى اللّه، فرموه بسهم
فقتلوه، فحمل إلى علي وقالت أمه:
يـــاربِّ
إن مـسـلــماً
أتـــاهـم
يـتـلـو كتـاب الله لا يـخـشـاهـم
فَـخـضَّـبُــوا مـن دمـه لحـاهـم
و
أمـــه
قـــائــــمــــة
تــراهـم
مبدأ القتال:
وأمر علي رضي اللّه عنه أن يصافُّوهم، ولا يبدءوهم
بقتال، ولا يرموهم بسهم، ولا يضربوهم بسيف، ولا يطعنوهم برمح. حتى جاء
عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي من الميمنة بأخ له مقتول، وجاء قوم
من الميسرة برجل قد رمي بسهم فقتل، فقال علي: اللهم أشهد، واعذروا إلى
القوم([1]).
ونقول:
يلاحظ هنا أمور عديدة، نذكر منها:
يلاحظ في هذا النص:
أن الكتائب كان لها زي واحد. وهو البياض والصفرة. وهذا
يشير إلى أن ثمة توجيهاً قد صدر لتلك الكتائب فيما يرتبط بلون ألبستها،
وأنها قد التزمت بالأوامر الصادرة.
وهذا يدل على أن توحيد الزي، وتميُّزه عن زي الطرف
الآخر. مطلوب، في المجال العملي في السياسة الحربية.
ولعل من فوائد ذلك:
أنه يجعل من السهل على المقاتل أن يعرف موقعه، ويعرف
قربه وبعده عن أنصاره، ويعرف خصوصية العداء والولاء في من يحيط به من
المقاتلين.. فيميز من الأصدقاء.
كما أنه يحدد له مواقع الخطر، ويعطيه صورة عن توزع
القوى، ويهيئ له فرصاً قتالية، أو يفرض ذلك عليه أحياناً التعديل في
موقعه، أو في أسلوب وطريقة مواجهته.
على أن لتوحيد الزي فوائد أخرى في مجال الإيحاء
والتأثير على الناظر من حيث هو مشهد جمالي لافت، وربما أسهم في تعميق
الثقة بحسن التقدير، وسلامة التدبير، ويشير إلى مستوى رفيع في المجال
التنظيمي الذي كان يعاني من تلك المجتمعات من اختلالات عميقة وظاهرة،
بل يكاد يكون مفقوداً في تلك الحقبة.
كما أن لتوحيد الزي هذا أثر في تقليل الاعتماد على
الرايات التي يحملها أفراد من الجيش، لتعريف المقاتلين باستمرار الجيش
على حالة من القوة والصمود، حتى إذا رأى الجيش أنها سقطت، علم أنه
ابتلي بالهزيمة أو كاد. مع أن سقوطها من أيديهم قد لا يكون بسبب إصابة
حامليها.
وقد أظهر النص المتقدم:
أن من الأمور التي لفتت نظر المنذر بن الجارود هي توفر
السلاح بصورة جيدة، أو معقولة. كما أن حركة الجيش بصورة منتظمة في
كتائب وصفوف، من شأنه أن يسهل إدراك مستوى التسلح فيه، كماً ونوعاً،
لينعكس ذلك ثقة وطمأنينة إلى النتائج، ثم هو يرغِّب المترددين في
المشاركة، ويشجعهم على حسم أمرهم، واتخاذ قرارهم، الذي سيكون إيجابياً
في أكثر الأحوال..
كما أن التنظيم يسهِّل على الناظر التعرف على قادة
الكتائب، الذين اختارهم أمير المؤمنين «عليه
السلام»
من ذوي التاريخ المجيد، والمواقف الرشيدة والسديدة، ومن ذائعي الصيت في
الصلاح والاستقامة، والصلابة في الدين والالتزام بالموقف، ويظهر للناظر
انهم ممن تشهد لهم ساحات الجهاد بالمواقف الشجاعة، وبالفروسية
المتميزة، وبحسن التدبير، وسلامة التقدير..
لاحظنا:
أن هذا النص
يقول: إن الذي وصف لنا جيش علي «عليه
السلام»
حين دخوله البصرة هو المنذر بن الجارود..
فقد يقال:
إن هذا موضع شك، فإن الشيخ المفيد يقول: إن المنذر بن
الجارود كان من جملة قادة علي «عليه السلام» في حرب الجمل، فقد قال:
«وعلى خيل عبد القيس من أهل البصرة المنذر بن الجارود العبدي»([2]).
ويجاب:
أولاً:
يمكن أن يكون المنذر بن الجارود قد نقل ذلك عن شخص آخر.
فوهم الرواي عن المنذر، وظن أن المنذر يتحدث عن نفسه.
ثانياً:
صرح الشيخ المفيد: بأن تكتيب الكتائب، وتعيين القادة قد
كان بعد ورود علي «عليه السلام» البصرة، وبعد محاولات علي «عليه
السلام» إقناع الناكثين بالتراجع، ورفضهم ذلك رفضاً قاطعاً، وبعد أن لم
يبق أمامه «عليه السلام» أي سبيل سوى الحرب..([3]).
ورواية المسعودي تتحدث عن الفترة التي سبقت ذلك، أي عن
دخول علي «عليه
السلام»
البصرة، وهو قادم من ذي قار. ومن المعلوم: أن تكتيب الكتائب قد حدث بعد
ذلك بأيام..
فمن الجائز أن يكون ابن الجارود بعد أن رأى هذا المنظر
قد تشجع والتحق بعلي «عليه
السلام»،
مع غيره من بني عبد القيس، فلما كتَّب «عليه
السلام»
الكتائب جعله «عليه
السلام»
على خيل عبد القيس.
وقد تضمنت رواية المسعودي أسماء
أشخاص قد يقال:
إنهم لم
يحضروا حرب الجمل. مثل: قثم بن العباس، فإنه كان والياً على مكة من قبل
علي «عليه
السلام»،
ومثل: قيس بن سعد، فإنه كان والياً على مصر من قبله «عليه
السلام»
أيضاً.. وكذا يقال بالنسبة لعبيد الله بن عباس الذي كان والياً على
اليمن، وغيرهم..
ويجاب:
أما بالنسبة لقيس بن سعد، فقد تقدم:
أنه «عليه السلام» ولاه مصر بعد حرب الجمل..
ولو سلمنا:
أنه ولاه عليها بعد البيعة له بالخلافة، كما يزعمه
بعضهم، فإن البلاذري يقول: «الثابت أن علياً ولى قيساً مصر ـ وهو
بالمدينة ـ حين ولى عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب اليمن، ثم إنه
عزله عن مصر، وقدم المدينة، وشخص هو سهل بن حنيف إلى الكوفة، فشهدوا
صفين والنهروان معه، وإنه لم يوجه مع الحسن (أي إلى الكوفة) إلا عمار
بن ياسر»([4]).
ولكن تقدم وسيأتي:
أنه
«عليه
السلام»
كان يستقدم بعض ولاته ليشهدوا معه حروبه مع أعدائه.. لأسباب مختلفة..
وحين وصل «عليه السلام» إلى ذي قار في طريقه إلى حرب
الجمل كتب إلى المدينة إلى سهل بن حنيف: أن يقدم عليه ويولي على
المدينة أبا حسن المازني([5]).
واستقدم أيضاً لحرب الجمل وصفين، أو إحداهما سهل بن
حنيف من المدينة، وعمر بن أبي سلمة من البحرين، والأشعث بن قيس من
آذربايجان. وربما يكون قد استقدم قثم بن العباس من مكة، وعبيد الله بن
العباس من اليمن، وغيرهم أيضاً..
فلا يكون ذكر هؤلاء أو غيرهم في جملة القادة في حرب
الجمل من موجبات وهن رواية المسعودي الآنفة الذكر..
1 ـ
وقد ذكرت
الرواية المتقدمة: أن أول عمل قام به علي «عليه
السلام»
في البصرة بعد ورودها بجيشه هو الصلاة أربع ركعات، والبكاء، وتعفير
خديه بالتراب، وقد خالط ذلك دموعه..
فدلهم بذلك:
على أنه «عليه
السلام»
إنما يعتز بالله، لا بجيشه ولا بسلاحه، وأن الجيوش، وإن كانت من موجبات
الشعور بالقوة عند غيره، فإنها عنده من موجبات التواضع لله، والمزيد من
الخضوع والتسليم له، ومن موجبات التشدد في إظهار الترابية، والإنسحاق
أمام عظمته تبارك وتعالى..
كما أنها من موجبات زيادة الشعور بحاجته إليه، وإلى
تسديده، ومعونته، ومن المؤكدات للزوم شكره على نعمه التي لا تحصى،
وإخلاص العبادة له..
2 ـ
لاحظنا: أنه «عليه
السلام»
اكتفى بالثناء على الله بما يشير إلى مقام العظمة، والعزة والهيمنة
والجبارية، والتدبير للسماوات وما أظلت، والأرضين وما أقلت..
3
ـ
وحين أشار «عليه السلام» إلى البصرة، قال: إنه لا يطلب سوى خيرها،
ويستعيذ بالله من شرها.. مما يعني: أنه يريد الخير لأجل الخير، ولا
يريد أن يتوصل إلى مقاصده بكل ما يقع تحت يده، بل هو يريد أن يتأكد من
سلامة وسائله، ومطابقتها لمعايير الخير والصلاح، ويرفض كل ما عدا ذلك.
وهذا ما لم يعهده الناس في حكامهم في تلك البلاد من غير
علي «عليه
السلام»..
4 ـ
أما بالنسبة للناكثين، فقد اكتفى «عليه السلام» بالشكوى
من أعمالهم، واقتصر على توصيف حالهم بالكلمات التي لا تعبر إلا عن
الحدث كما هو، مجرداً عن أي لون، أو طعم أو رائحة، سوى ما تحمله نفس
طبيعة الحدث إلى العقول والقلوب والمشاعر.
5 ـ
والأهم من ذلك: أنه لم يدع عليهم، ولم يطلب من الله أي
شيء يسيء إليهم، أو أي شيء يجلب النفع إليه كشخص.. بل اكتفى بطلب حقن
دماء المسلمين..
وحدثني عمرو بن محمد، والحسين بن
علي بن الأسود، قالا:
حدثنا عبيد الله بن موسى، أنبأنا فضيل بن مرزوق، عن
شقيق بن عقبة، عن قرة بن الحارث:
عن جون بن قتادة قال قرة بن الحارث:
كنت مع الأحنف، وكان جون بن قتادة ابن عمي مع الزبير بن
العوام، فحدثني جون قال:
إني لمع الزبير حتى جاءه فارس ـ وكانوا يسلمون على
الزبير بالإمرة ـ فقال: السلام عليك أيها الأمير، هؤلاء القوم قد أتوا
إلى مكان كذا، فلم أر قوماً أرث سلاحاً، ولا أقل عدة، ولا أرعب قلوباً
منهم.
ثم انصرف.
وجاء فارس آخر، فقال:
سلام عليك أيها الأمير.
قال:
وعليك.
قال:
جاء القوم إلى مكان كذا، فسمعوا بما جمع الله لكم من
العدد والعدة، فقذف الله في قلوبهم الرعب فولوا مدبرين.
فقال ابن الزبير [كذا]:
ايهاً عنك الآن، فوالله، لو لم يجد ابن أبي طالب إلا
العرفج لدب إلينا فيه.
قال:
ثم انصرف، فجاء فارس فسلم بالإمرة، ثم قال: هؤلاء القوم
قد أتوك، وقد لقيت عماراً، فقلت له وقال لي.
فقال الزبير:
إنه ليس فيهم.
قال:
بلى والله إنه لفيهم.
قال:
فلما رأى أن الرجل ثابت على قول لا يخالفه قال لبعض
أهله: اركب معه، فانظر أحق ما يقول؟!
فانطلقا، ثم رجعا، فقال الزبير
لصاحبه:
ما عندك؟!
قال:
صدقك الرجل.
فقال الزبير:
يا جدع أنفاه، يا قطع ظهراه!!
ثم أخذه أفكل حتى جعل السلاح ينتقض عليه.
فقال جون:
ثكلتني أمي، أهذا الذي كتت أريد أن أموت أو أعيش معه،
والذي نفسي بيده ما هذا إلا لأمر سمعه، وهو فارس رسول الله «صلى الله
عليه وآله» [كذا].
فلما تشاغل الناس انصرف، فجلس على دابته ثم ذهب (لعل
المقصود هو ذلك الفارس).
قال:
ثم انصرف جون، فجلس على دابته، فلحق بالأحنف، قال: ثم
جاء فارسان إلى الأحنف، فأكبا عليه يناجيانه، فرفع الأحنف رأسه، فقال:
يا عمرو بن جرموز، يا فلان!!
فأتياه، فأكبا عليه، فناجاهما ساعة ثم انصرفا.
ثم
جاء عمرو بن جرموز إلى الأحنف، فقال:
أدركته في وادي السباع فقتلته.
فكان قرة بن الحرث يقول:
والذي نفسي بيده، إن صاحب الزبير إلا الأحنف([6]).
ونقول:
العرفج:
القتاد. والعرافج: رمال لا طريق فيها.. والمراد: أنه
«عليه السلام» سيسير إليهم رغم كل الموانع والصعاب.
قد
ظهر:
أن الفارسين الأولين كانا يكذبان على الزبير، حين أخبراه بحال جيش علي
«عليه السلام»، وبفرار ذلك الجيش. ولعلهما أرادا الحصول منه على جائزة
بشارتها الكاذبة منه، فلم يجدا عنده ما أملاه!!
أو أنهما أرادا العبث والتلهي ككثير من الناس الذين
يحبون إزعاج الآخرين والتأثير في حركتهم وقراراتهم، أو التلاعب
بمشاعرهم، بمثل هذه الأساليب!
أو أنهما تحدثا عن الحال التي توهما أن علياً «عليه
السلام» سيكون عليها إذا عرف ما أعدَّ له الناكثون من عدة وعدد.. وساعد
على هذا التوهم ما رأياه من حال أصحاب علي وتواضع سلاحهم، ورقة حالهم
بحسب الظاهر.. فأوردا كلامهما وتوقعاتهما على شكل خبر عن أمر حاصل
بالفعل..
فكان خبرهما في الحقيقة عبارة عن قراءة للمستقبل بحسب
ما عرفاه من حال الناس في مثل هذه الحالات.. ظانين أن كثرة العدد،
وجودة السلاح، ومظاهر الترف، والتمكن والقدرة المادية، هي التي تتحكم
بمصير الحرب.. مع أن الأمر ليس كذلك.
وأياً كان السبب، فإنهما قد فشلا في الوصول إلى ما
أملاه، وخابت ظنونهما فيما قرآه من حال الناس، وفي مقايستهما علياً
«عليه السلام» بغيره، لأنهما لم يعرفا علياً «عليه السلام»، ولا عرفا
حال الخيار من أصحابه..
وقد تبين لهذين الفارسين ان طلحة والزبير، وغيرهما
كانوا أعرف بعلي منهما.. لأنهم عاشوا معه، ورأوا بعض جهاده، وعاينوا
الكثير من تضحياته، وشاهدوا طرفاً من أحواله.
وقد لوحظ:
أن الزبير قد أنكر بصورة قاطعة وجود عمار بن ياسر مع
علي «عليه السلام». وأنه أرسل بعض أهله مع ذلك الفارس، ليتأكد من وجود
عمار معهم، فرجع إليه وأخبره بأنه فيهم.
فصرخ:
وا جدع أنفاه! وا قطع ظهراه! الخ.. وأخذته الرعدة.
ونعتقد:
أن إنكار الزبير لوجود عمار ربما كان صورياً، فإن من
يقدم على حرب أمير المؤمنين «عليه السلام» رغم إخبار النبي «صلى الله
عليه وآله» إياه بأنه يقاتله وهو له ظالم، ويأتي بخمسين شاهد زور
يشهدون لعائشة أن الماء الذي نبحتها كلابه ليس ماء الحوأب الذي أخبرها
«صلى الله عليه وآله» أنها سترده، وهي عاصية لله.. ثم يقتل السبابجة
وحراس بيت المال، وطائفة من شيعة علي «عليه السلام» بالبصرة صبراً، لا
يمكن أن يخشى من وجود عمار في جيش علي «عليه السلام».
لأن الذي تظاهر بأنه خائف منه لم يكن هو بأس عمار في
ميادين الحرب، ولا لأنه اكتشف من وجود عمار أنه غير محق في تلك الحرب،
بل خاف من الفضيحة، ومن أن يكون وجود عمار مع علي «عليه السلام» سبباً
في خسارته، لأنه قد يكون من أسباب انحياز الكثيرين إلى علي «عليه
السلام»، وحربهم إلى جانبه.. لأنهم يعرفون أن عماراً مع الحق، وأنه
تقتله الفئة الباغية..
ثانياً:
لنفترض جدلاً أن الزبير خاف من ان يكون مبطلاً في حربه
لعلي «عليه السلام»، ولكن الأمر لا زال تحت السيطرة، إذ يمكنه أن يتخلى
عن قرار الحرب، ويستجيب لطلب علي «عليه السلام»، فإنه صلوات الله
وسلامه عليه لم يوصد أمامهم باب التوبة، بل هو يصر عليهم بقبولها
والعودة عن الحرب.. ولم يدع فرصة إلا واستفاد منها لإقناعهم بها، فلم
يصل إلى نتيجة.
وقد أصاب جون بن قتادة، الذي روى لنا هذا الحديث حين
ارتاب بفعل الزبير، واستدل منه على أن الزبير قد سمع من رسول الله «صلى
الله عليه وآله» في حق عمار، ما يجعل من دخوله في حرب يكون عمار عدوه
فيها من موجبات الهلاك البوار.. فاتخذ جون قراره بعدم نصرة الزبير في
تلك الحرب.
ولكنه أخطأ حين قرر اعتزال الفريقين معاً، فقد كان
الأحرى به أن يبحث عن الحق، الذي ظهرت دلائله، ولاحت أعلامه، بأن ينصر
من ينصره عمار، لينال رضا الله تعالى بذلك..
ولكن الحقيقة هي:
أنه أراد أن يهرب من البحث والسؤال، لأنه أراد أن يسلم بجلده، فهو
كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال كي لا يراها صائدها.
1 ـ
روى ابن عساكر بعدة أسانيد، عن الحسن البصري، قال:
لما قدم علي البصرة في أثر طلحة والزبير يريد قتالهما
دخل عليه عبد الله بن الكوا وقيس بن عباد، فقالا: يا أمير المؤمنين،
حدثنا عن مسيرك هذا: أوصية أوصاك بها رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!
أو عهد عهده إليك؟! أم رأي رأيته لما تفرقت الأمة، واختلفت كلمتها؟!
قال:
اللهم لا، فلو عهد إلي رسول الله «صلى الله عليه وآله»
شيئاً لقمت به، وما مات رسول الله «صلى الله عليه وآله» موت فجأة، ولا
قتل قتلاً، ولقد مكث في مرضه كل ذلك يجيئه المؤذن فيؤذنه بالصلاة، فكل
ذلك يأمر أبا بكر يصلي بالناس، حتى عرضت في ذلك امرأة من نسائه، فقالت:
إن أبا بكر رجل رقيق، لا يستطيع أن يقوم مقامك، فلو أمرت عمر يصلي
بالناس؟!
فقال:
أنتن صواحبات يوسف.
فلما توفي رسول الله «صلى الله عليه وآله» نظر المسلمون
في أمورهم، فإذا رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد ولى أبا بكر أمر
دينهم، فولوه أمر دنياهم، فبايعوه وبايعت معهم، فكنت آخذ إذا أعطاني،
وأغزو إذا أغزاني.
فلو كانت محاباة عند حضور موته لجعلها في ولده، فاختار
ولم يأل، فأشار بعمر، ولقد قال في ذلك غير واحد، فبايعوه وبايعته معهم،
فكنت آخذ إذا أعطاني، وأغزو إذا أغزاني.
فلو كانت محاباة عند حضور موته لجعلها في ولده، فاختار
ستة من قريش أنا منهم، على أن نختار منا رجلاً للأمة، فكره عمر أن
ينتخب رجلاً من قريش فيوليه أمر الأمة، فلا يكون من ذلك الرجل إساءة من
بعده إلا لحقت عمر في قبره.
فلما اجتمعنا وثب علينا عبد الرحمن بن عوف، فوهب لنا
نصيبه على أن نعطيه مواثيقنا: أن نبايع لمن بايع من الخمسة، فأعطيناه
مواثيقنا، فأخذ بيد عثمان فبايعه.
ولقد عرض في نفسي عند ذلك، فنظرت فإذا عهدي قد سبق
بيعتي، فبايعت وسلمت.
فلما قتل نظرت في أمري، فإذا الربقة كانت لأبي بكر وعمر
في عنقي قد انحلت، وإذا العهد لعثمان قد وفيت به، فإذا أنا رجل من
المسلمين ليس لأحد قبلي طلبة ولا حق، فوثب بها من ليس قرابته كقرابتي،
ولا قدمه كقدمي، ولا علمه كعلمي. يعني بذلك معاوية.
قالا:
صدقت، حدثنا بم قتلت هذين الرجلين، يعنيان طلحة
والزبير، وهما صاحباك في الهجرة، وفي بيعة الرضوان، وفي المشورة؟!
قال:
بايعاني بالمدينة، وخالعاني بالبصرة، فلو أن رجلاً ممن
بايع أبا بكر خلعه لقاتلناه، ولو أن رجلاً ممن بايع عمر خلعه لقاتلناه.
2 ـ
وفي نص آخر: أنه لما قدم علي البصرة قام إليه ابن
الكوا، وقيس بن عباد، فقالا له: ألا تخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت فيه،
تتولى على الأمة، تضرب بعضهم ببعض: أعهد من رسول الله «صلى الله عليه
وآله» عهد إليك؟! فحدِثناه، فأنت الموثوق المأمون على ما سمعت.
قال:
أما أن يكون عندي من النبي «صلى الله عليه وآله» عهد في
ذلك، ولا والله إن كنت من أول من صدق به فلا أكون أول من كذب عليه.
ولو كان عندي من النبي «صلى الله عليه وآله» في ذلك عهد
ما تركت أخا تيم بن مرة، وعمر بن الخطاب يقومان على منبره، ولقاتلتهما
بيدي ولو لم أجد إلا بردي هذا، ولكن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لم
يقتل قتلاً، ولا مات فجأة..
([7]).
إلى آخر الرواية..
ونقول:
لقد روى ابن عساكر هذه الرواية بنصوص ثلاثة لا نرى
ضرورة لإيرادها لتقارب مضامينها، ووحدة راويها، مما يعني: أن الحديث
الذي يدعى بهذه الرواية حصوله، واحد.
ونقله بالصور المختلفة قد يكون لأجل الإيحاء بصحته،
وإيهام من يصدقه: أنه ناتج عن النقل بالمعنى، أو لأن من الرواة من
اختصر واقتصر على نقاط بعينها.
أولاً:
لقد طرح ابن الكواء ورفيقه على علي «عليه السلام»
أموراً ثلاثة زعما أن ما يقدم عليه علي «عليه السلام» يدور بين ثلاثة
أمور هي:
1 ـ
أن يكون عملاً بوصية من النبي «صلى الله عليه وآله».
2 ـ
أن يكون قياماً بعهد لديه منه «صلى الله عليه وآله».
3 ـ
أن يكون اجتهاد رأي منه «عليه السلام».
مع أن الأمر لا ينحصر بهذه الثلاثة.. فهناك أمر رابع
وهو لزوم تنفيذ أحكام الله الواضحة والصريحة في حق ناكثي البيعة
الصحيحة، والباغين على الإمام، فإنه يجب قتالهم، وردعهم عما هم فيه..
ثانياً:
إن من يسعى في إثارة الفتنة، وإحداث الفرقة بين الناس
يجب قتاله، إن لم يرتدع بدون ذلك، فكيف إذا انضم إلى ذلك: افتراؤهم على
إمامهم «عليه السلام» في موضوع قتل عثمان، وظهور معصية الله تعالى في
إخراج زوجة رسول الله «صلى الله عليه وآله» من بيتها الذي أمرها الله
تعالى، ورسوله بالقرار فيه.. إلى غير ذلك من المخالفات التي أمر الله
تعالى ولي الأمر بالتصدي لها.
ثالثاً:
ما الفرق بين أن يعهد النبي «صلى الله عليه وآله» إلى
الشخص بفعل أمرٍ من بعده، وبين أن يوصيه بفعله؟!
رابعاً:
كيف ينكر علي «عليه السلام» العهد من رسول الله «صلى
الله عليه وآله»، مع أن من الثابت والمتواتر: أن رسول الله «صلى الله
عليه وآله» أمره بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين من بعده.
وأخبر «صلى الله عليه وآله» عائشة بحربها له، وأوصاه إن
ظفر بها أن يرفق بها. وأخبرها: بأنها سوف تنبحها كلاب الحوأب.
وأخبر الزبير:
بأنه سيقاتل علياً «عليه السلام» ظالماً له.. إلى غير
ذلك مما لا مجال لإنكاره إلا من جاحد معاند.
خامساً:
إن البغاة قد زادوا على ذلك أنهم يطالبونه بأمر، هم
فعلوه، فإنهم هم الذين قتلوا عثمان، ثم قتلوا أو تسببوا بقتل خمسة آلاف
من أهل البصرة في حرب الجمل الأصغر، وقتلوا السبابجة، والمصلين في
المسجد، وطائفة من شيعته «عليه السلام» صبراً، أو عدواناً وبغياً..
هذا فضلاً عن انتهابهم بيت مال البصرة، وتنكيلهم
بالناس، ومنهم عثمان بن حنيف.
سادساً:
ما تضمنته الإجابة المزعومة والمنسوبة إليه «عليه
السلام»، من حديث عن صلاة أبي بكر بالناس بأمر رسول الله «صلى الله
عليه وآله» في مرضه الذي استشهد فيه، لا شك في أنه مكذوب عليه صلوات
الله عليه، بما في ذلك الاستدلال بها على أولوية أبي بكر بالخلافة، وقد
بحثنا هذا الأمر بشيء من التفصيل في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي
الأعظم «صلى الله عليه وآله».. ثم في كتابنا هذا في بعض أجزائه التي
تقدمت.
وكذا الحال بالنسبة لقوله «عليه السلام» بالنسبة لأبي
بكر تارة، وعمر أخرى: «فكنت آخذ إذا أعطاني، واغزو إذا أغزاني» وسائر
ما نسبته الرواية إليه في بيان حاله مع أبي بكر وعمر، وعثمان، فإننا قد
ناقشناه في مواضع مختلفة في أجزاء سابقة من كتابنا هذا، (أعني الصحيح
من سيرة الإمام علي «عليه السلام»)، وبيّنا خطله وفساده، وأنه مكذوب
على لسانه «عليه السلام»، فلا حاجة إلى الإعادة.
سابعاً:
ذكرت الرواية: أنه «عليه السلام» قال: إنه بعد أن قتل
عثمان «وثب بها من ليس قرابته كقرابتي، ولا قدمه كقدمي، ولا علمه
كعلمي. يعني بذلك معاوية».
وهذا كلام غير دقيق، فإن معاوية كان إلى يوم التحكيم،
بعد صفين يماطل، ويتعلل، ويختلق الذرائع.. ويتهم علياً «عليه السلام»
بقتل عثمان، ويمتنع عن بيعته، ولكنه لم يكن إلى حرب الجمل قد ادعى
الخلافة لنفسه، ليقال: «وثب بها من ليس قرابته كقرابتي..».
ثامناً:
تضمنت الرواية الأولى تناقضاً ظاهراً، فقد جاء في
أولها: «لما قدم علي البصرة في أثر طلحة والزبير يريد قتالهما دخل عليه
عبد الله بن الكوا وقيس بن عباد الخ..».
وذلك يعني:
أن دخولهما عليه «عليه السلام» كان قبل معركة الجمل.
ثم قالت في آخرها:
«قالا: صدقت، حدثنا بم قتلت هذين الرجلين، يعنيان طلحة
والزبير، وهما صاحباك في الهجرة، وفي بيعة الرضوان الخ..».
وفي نص آخر:
بم قاتلت؟!
وهذا يعني:
أن هذا الحوار قد جرى بعد قتلهما، وبعد قتالهما.
فكيف يمكن التوفيق بين طرفي
الرواية:
أولها وآخرها؟!
تاسعاً:
ذكرت الرواية المتقدمة برقم [2]: أن ابن الكواء ورفيقه
قالا لأمير المؤمنين «عليه السلام»: «ألا تخبرنا عن مسيرك هذا الذي سرت
فيه، تتولى على الأمة، تضرب بعضهم ببعض: أعهد من رسول الله «صلى الله
عليه وآله» عهد إليك؟! الخ..».
وهو كلام ظاهر السقوط، فإن خلافته «عليه السلام» قد
استندت إلى الإجماع الذي لا نظير له على بيعته، وقد انعقدت قبل مجيئه
إلى البصرة بما يقرب من ستة أشهر، وقد بايعه أهل العراق على بكرة
أبيهم، وبايعه الناكثون أيضاً.
فلم يأت للعراق بهدف تحصيل الولاية على الأمة، فما معنى
مواجهته بهذا الأمر الذي لا يرتاب أحد في خطله وفساده؟!
عاشراً:
كيف يقال له «عليه السلام»: إنه جاء ليضرب الأمة بعضها
ببعض، وقد سبقه الناكثون إلى البصرة وارتكبوا فيها مجازر هائلة بلغت
الخمسة آلاف قتيل من المسلمين.. وذبحوا الناس صبراً، ونهبوا بيت المال.
حادي عشر:
ما معنى قوله «عليه السلام» عن أبي بكر وعمر وعثمان:
«كنت أغزو إذا أغزاني».. أو قوله: «وغزوت معه في جيوشه»..
فمتى أغزاه أبو بكر، فغزا؟! أو أغزاه عمر، أو عثمان،
فغزا؟! وفي أي جيش من جيوشهم حضر وغزا؟!
ثاني عشر:
ما معنى قوله
عن أبي بكر: «لم يختلف عليه منا اثنان»؟! والحال أن شريحة كبيرة من
المسلمين، وهو «عليه السلام» منهم قد امتنعوا من بيعة أبي بكر، وجرت
بينهم وبينه خطوب جمة، ألمحنا إلى اليسير منها في مواضع من هذا الكتاب.
([1])
راجع: مروج الذهب ج2 ص359 ـ 362.
([2])
الجمل ص321 و (ط مكتبة الدواري ـ قم) ص172. وراجع: تاريخ مدينة
دمشق ج60 ص283.
([3])
راجع الجمل ص316 و 319 و (ط مكتبة الدواري ـ قم) ص171. وراجع:
الأخبار الطوال للدينوري ص146.
([4])
أنساب الأشراف ترجمة علي «عليه السلام» (بتحقيق المحمودي) ص144
و = =(ط مؤسسة الأعلمي سنة 1394هـ) ص235.
([5])
الثقات لابن حبان (ط سنة 1393هـ) ج2 ص 283 والطبقات الكبرى
لابن سعد (ط ليدن) ج3 ق1 ص20 و (ط دار صادر) ج3 ص31.
([6])
أنساب الأشراف للبلاذري (بتحقيق المحمودي)، ترجمة الإمام علي
«عليه السلام» ج2 ص166 ـ 168 وج3 ص316 و (ط مؤسسة الأعلمي سنة
1394هـ) ص255 ـ 257 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص111 و (ط
صادر) ج3 ص31.
([7])
تاريخ مدينة دمشق ج42 ص440 ـ 444 وراجع: تاريخ الخلفاء للسيوطي
ص209 عن ابن عساكر أيضاً.. وراجع: تاريخ الإسلام للذهبي
(الخلفاء الراشدون) ص640 والجوهرة في نسب الإمام علي وآله ص96.
|