روى الحاكم:
أن الزبير قال للأساورة الذين كانوا معه: ارموهم برشق. وكأنه أراد أن
ينشب القتال، فلما نظر أصحابه إلى الإنتشاب لم ينتظروا وحملوا، فهزمهم
الله([1]).
ونقول:
1 ـ
الأساورة جمع أسوار، والأسوار، بفتح الهمزة وكسرها:
قائد الفرس، والفارس المقاتل منهم. والأساورة قوم من العجم بالبصرة
قديماً، كالأحامرة بالكوفة([2]).
2 ـ
إن مسار الأحداث يعطي: أن زعماء الناكثين لم يكن لديهم مطالب من علي
«عليه السلام» يريدون منه أن يعطيهم إياها، حتى إذا فشلوا في الوصول
إليها أنشبوا الحرب.. بل كانت الحرب نفسها هي مطلبهم وغايتهم، ولا شيء
غير الحرب، لأنها هي التي تؤدي إلى إسقاط حكومة علي «عليه السلام»..
ويمكن تقريب الصورة إلى الأذهان
بالبيان التالي:
لو أن علياً «عليه السلام» سلم بأن للناكثين الحق في قتل قتلة عثمان،
وبقتل حراس بيت المال، وبأن لهم أن يأخذوا من بيت المال ما شأوا، ثم
سلَّم إليهم جميع الذين يتهمونهم بقتل عثمان، ولو كانوا نصف جيشه
ليقتلوهم بعثمان. بما فيهم الأشتر، وعمار بن ياسر، وأبناء صوحان
وغيرهم.. فإنهم سوف يقتلون جميع هؤلاء ثم يطالبون بالباقين، حتى إذا
قتلوهم أيضاً طالبوه بتسليم كل من يمت له بصلة قربى، أو صداقة، أو
محبة، أو مودة ليقتلوهم.. فإذا فرغوا منهم طالبوه بتسليم نفسه للقتل،
ليحلوا هم محله، ويقوموا مقامه براحة بال، وسلام واطمينان. وكأنهم لم
يفعلوا شيئاً.
فالمطلوب إذن:
هو اقتلاع علي «عليه السلام» وأهل بيته، وكل من يمت إليه بصلة من
الجذور، والتخلص منهم إلى الأبد..
3 ـ
وكان علي «عليه السلام» يعرف تماماً هذا الأمر، ويعرف نتائجه، وقد
ذكرنا في بعض فصول هذا الكتاب: تصريحه «عليه السلام»: بأن عائشة أرادت
قتله، فراجع.
ولأجل ذلك:
كان يهتم بالمطاولة، ويسعى لمنع الحرب، وإبعاد من يمكن إبعاده عنها،
لأن حرباً يكون هذا هو هدفها سوف تكلف غالياً، وغالياً جداً. وهذا ما
حصل بالفعل.
حدثني عمر بن شبة، قال: حدثنا أبو الحسن، قال: حدثنا
جعفر بن سليمان، عن مالك بن دينار، قال: حمل عمار على الزبير يوم
الجمل، فجعل يحوزه بالرمح، فقال: أتريد أن تقتلني؟!
قال: لا، انصرف.
وقال عامر بن حفص: أقبل عمار حتى حاز الزبير يوم الجمل
بالرمح.
فقال: أتقتلني يا أبا اليقظان؟!
قال: لا يا أبا عبد الله([3]).
ونقول:
1 ـ
إن الزبير الذي كان يسعى لقتل ابن خاله، ووصي رسول الله «صلى الله عليه
وآله»، وأخيه، وابن عمه، وأفضل الخلق بعده، لا يتورع عن قتل عمار لو
قدر على ذلك.. فإذا لم يبادر إلى قتل عمار هنا، وهو يد علي «عليه
السلام»، والمتفاني في نصرته.. فلا بد أن يكون ذلك لأحد سببين أو
كليهما معاً:
أولهما:
خوفه من مؤاخذة الناس له، ووضعهم علامات استفهام حوله، وحول ما يدعيه
من الدين.
الثاني:
إنه كان عاجزاً عن قتله، بسبب فروسية عمار، وتفوقه عليه في فنون
القتال..
ولعل هذا السبب الثاني هو الأقرب والأصوب، كما يدل عليه
ما يذكرونه عن قتال عمار، وعن مبارزاته في حرب الجمل، وعن قتله أقرانه،
ومنهم عمرو بن يثربي، الذي كان فارس أصحاب الجمل، وقد تحاماه الناس،
واتقوا بأسه..
أما الزبير، فلم نسمع عنه إلا الإطراء من محبيه، من دون
أن يكون لأقوالهم وادعاءاتهم ما يثبت صحتها..
2 ـ
إننا على هذا الأساس نقول:
إن عماراً قد تحدى الزبير بصورة مباشرة حين حمل عليه
وجعل يحوزه برمحه.. فلما قال له: أتريد أن تقتلني؟!
قال: لا، إنصرف..
وقد أثبت له بذلك ـ بصورة عملية ـ: أنه قادر على قتله.
وأنه سيفعل ذلك إن لزم الأمر.
ولعله قال له ذلك، وأمره بالإنصراف تكرماً، وإشفاقاً
عليه، ورجاء أن يثوب إلى رشده، ويتوب من ذنبه..
وربما يكون امتناعه عن قتله، لأنه رآه قد ولى الدبر،
وقد نهى علي «عليه السلام» عن قتل المدبر، ولعل عماراً أراد أن يدلنا
بفعله هذا على أنه لا يرى للزبير حرمة، وأنه لم يكن يتحاشى حربه
لصحابيته، أو لقرابة من علي «عليه السلام»، وإنما هو يشفق عليه، ويمهله
ما دام بالإمكان ممارسة هذا الإمهال، أو أنه ينفذ فيه أمر علي «عليه
السلام».. ولكنه لن يكون بمنأى عن العقاب والقتل إذا بلغ الحزام
الطبيين، وأصبح المؤمنون في خطر شديد وأكيد من قبله..
1 ـ قال الشيخ المفيد «رحمه الله»:
روى المفضل بن فضالة عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن
إبراهيم قال: هرب الزبير على فرس له يدعى بذي الخمار حتى وقع بسفوان
(على أربعة أميال من البصرة)، فمر بعبد الله بن سعيد المجاشعي، وابن
مُطَرِّح السعدي، فقالا له: يا حواري رسول الله «صلى الله عليه وآله»
أنت في ذمتنا لا يصل إليك أحد.
فأقبل معهما، فهو يسير مع الرجلين إذ أتى الأحنف بن قيس
رجل، فقال له: أريد أن أُسِّر إليك سراً.
فقال: ادن مني.
فدنا منه، فقال: هذا الزبير قد هرب، وإني رأيته بين
رجلين من بني مجاشع ومنقر، أظنه يريد التوجه إلى المدينة.
فرفع الأحنف صوته وقال: ما أصنع إن كان الزبير ألقى
الفتنة بين المسلمين حتى ضرب بعضهم بعضاً؛ ثم هو يريد أن يرجع إلى أهله
بالمدينة سالماً.
فسمعه ابن جرموز، فنهض ومعه رجل يقال له: فضالة بن حابس([4])،
وعلما أن الأحنف إنما رفع صوته يذكر الزبير لكراهته أن يسلم، وإيثاره
أن يقتل. فاتبعاه جميعاً.
فلما رآهما من كان مع الزبير قالوا له: هذا ابن جرموز!
وإنَّا نخافه عليك.
فقال لهم الزبير: أنا أكفيكم ابن جرموز، فاكفوني ابن
حابس.
[وفي مصادر أخرى: أنه لما لحق ابن جرموز وصاحباه
بالزبير، خرج الذين أجاروا الزبير هاربين، فقال لهما الزبير: إلى أين؟!
إلي!! إنما هم ثلاثة ونحن ثلاثة. فأسلماه ولحقه القوم]([5]).
فحمل عمرو على الزبير، فعطف عليه، فقال: يا فضالة
أعِنِّي. فإن الرجل قاتلي. فأعانه، وحمل ابن جرموز فقتله واحتز رأسه
وأتى به إلى الأحنف، فبعثه الأحنف إلى أمير المؤمنين «عليه السلام».
فلما رآه العسكر أنكروه وقالوا له: من أنت؟!
قال: أنا رسول الأحنف بن قيس.
فمن قائل يقول: مرحباً بك، وبمن جئت من عنده، ومن قائل
يقول: لا مرحباً بك، ولا بمن جئت من عنده؛ حتى انتهى إلى فسطاط أمير
المؤمنين «عليه السلام».
فخرج إليه رجل ضخم طوال، عليه درع، يتجسس، فإذا هو
الأشتر، فقال: من أنت؟!
قال: أنا رسول الأحنف بن قيس.
فقال: مكانك حتى أستأذن لك.
فاستأذن له، فدخل، وأمير المؤمنين «عليه السلام» متكئ،
وبين يديه ترس عليه أقراص من طعام الشعير، فسلَّم عليه، وهنَّأه بالفتح
عن الأحنف، فقال: أنا رسوله إليك، وقد قتلت الزبير، وهذا رأسه وسيفه!
فألقاهما بين يديه.
فقال «عليه السلام»: كيف قتلته وما كان من أمره؟!
فحدثته كيف صنعت به.
فقال: ناولني سيفه. فناولته إياه، فتناوله واستله قال:
سيفه، أعرفه! أما والله لقد قاتل بين يدي رسول الله «صلى الله عليه
وآله» غير مرة، ولكنه الحين ومصارع السوء([6]).
زاد في نص آخر قوله:
«وأمر علي برأسه، فحمل إلى وادي السباع، فدفن مع بدنه»([7]).
2 ـ
روى منصور بن
أبي الأسود، عن عطاء بن السائب، عن أبي البختري قال: «لما بعث الأحنف
بن قيس إلى أمير المؤمنين «عليه السلام» برأس الزبير وسيفه، وجاءه
الرسول يهنئه بالفتح، تلا عليه: ﴿الَّذِينَ
يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قَالُوا
أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ﴾([8])»([9]).
3 ـ
روي عن زيد بن فراس عن غزال بن مالك قال: لما قتل
الزبير وجيء برأسه إلى أمير المؤمنين «عليه السلام» قال: أما والله
لولا ما كان من أمر حاطب بن أبي بلتعة ما اجترأ طلحة والزبير على
قتالي.
وإن الزبير كان أقرب إلي من طلحة، وما زال منَّا أهل
البيت حتى بلغ ابنه، فقطع بيننا([10]).
4 ـ
روى عبد الله بن جعفر، عن ابن أبي عون قال: سمعت مروان
بن الحكم يقول: لما كان يوم الجمل قلت: والله لأدركن ثأر عثمان، فرميت
طلحة بسهم فقطعت نساه، وكان كلما شد الموضع غلب الدم عليه وألمه، فقال
لغلامه: دعه فهو سهم أرسله الله إلي.
ثم قال له: ويلك! أطلب لي موضعاً أحترز فيه، فلم يجد له
مكاناً. فاحتمله عبد الله بن معمر فأدخله بيت أعرابية، ثم ذهب فصبر
هنيَّة ورجع فوجده قد مات.
وهرب الزبير فاراً إلى المدينة، حتى أتى وادي السباع،
فرفع الأحنف صوته وقال: ما أصنع بالزبير قد لف بين غارين من الناس حتى
قتل بعضهم بعضاً؛ ثم هو يريد اللحاق بأهله؟!
فسمع ذلك ابن جرموز، فخرج في طلبه، واتَّبعه رجل من
مجاشع حتى لحقاه، فلما رآهما الزبير حَذِرهما. فقالا: يا حواري رسول
الله! أنت في ذمتنا لا يصل إليك أحد؛ وسايره ابن جرموز، فبينا هو يسير
ويستأخر والزبير يفارقه، قال: يا أبا عبد الله، انزع درعك واجعلها على
فرسك، فإنها تثقلك وتعييك.
فنزعها الزبير.
وجعل عمرو بن جرموز ينكص ويتأخر، والزبير يناديه أن
يلحقه وهو يجري بفرسه؛ ثم ينحاز عنه حتى اطمأن إليه، ولم ينكر تأخره
عنه.
فحمل عليه وطعنه بين كتفيه، فأخرج السنان من بين ثدييه،
ونزل فاحتز رأسه، وجاء به إلى الأحنف، فأنفذه إلى أمير المؤمنين «عليه
السلام».
فلما رأى رأس الزبير وسيفه قال: ناولني السيف. فناوله،
فهزه وقال: سيف طالما قاتل به بين يدي رسول الله «صلى الله عليه وآله»،
ولكن الحين ومصارع السوء!
ثم تفرس في وجه الزبير وقال: لقد كان لك برسول الله
«صلى الله عليه وآله» صحبة، ومنه قرابة، ولكن الشيطان دخل منخريك،
فأوردك هذا المورد([11]).
5 ـ
لما انصرف الزبير عن حرب علي «عليه السلام»، مر بوادي
السباع، والأحنف بن قيس هناك في جمع من بنى تميم قد اعتزل الفريقين،
فأخبر الأحنف بمرور الزبير، فقال رافعاً صوته: ما أصنع بالزبير! لف
غارين من المسلمين، حتى أخذت السيوف منهما مأخذها، انسل وتركهم. أما
إنه لخليق بالقتل، قتله الله!
فاتبعه عمرو بن جرموز ـ وكان فاتكاً ـ فلما قرب منه وقف
الزبير، وقال: ما شأنك؟!
قال: جئت لأسألك عن أمر الناس.
قال الزبير: إني تركتهم قياماً في الركب، يضرب بعضهم
وجه بعض بالسيف.
فسار ابن جرموز معه، وكل واحد منهما يتقى الآخر.
فلما حضرت الصلاة ، قال الزبير: يا هذا، إنا نريد أن
نصلى.
فقال ابن جرموز: وأنا أريد ذلك.
فقال الزبير: فتؤمني وأؤمنك؟!
قال: نعم، فثنى الزبير رجله، وأخذ وضوءه. فلما قام إلى
الصلاة شد ابن جرموز عليه فقتله، وأخذ رأسه وخاتمه وسيفه، وحثا عليه
تراباً يسيراً، ورجع إلى الأحنف، فأخبره، فقال: والله ما أدرى أسأت أم
أحسنت؟! اذهب إلى علي «عليه السلام» فأخبره.
فجاء إلى علي «عليه السلام»، فقال للآذن: قل له: عمرو
بن جرموز بالباب، ومعه رأس الزبير وسيفه، فأدخله.
وفي كثير من الروايات:
أنه لم يأت بالرأس بل بالسيف.
فقال له: أنت قتلته؟!
قال: نعم.
قال: والله ما كان ابن صفية جباناً ولا لئيماً، ولكن
الحين ومصارع السوء.
ثم قال: ناولني سيفه، فناوله فهزه، وقال: سيف طالما جلى
به الكرب عن وجه رسول الله «صلى الله عليه وآله».
[أضاف الطبري في روايته عن سيف قوله: وبعث بذلك إلى
عائشة]([12]).
فقال ابن جرموز: الجائزة يا أمير المؤمنين.
فقال: أما إني سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله»
يقول: «بشر قاتل ابن صفية بالنار».
فخرج ابن جرموز خائباً، وقال:
أتيت علـياً برأس الـزبير أبغي بــه
عنــده الزلــفة
فبشر بالنار يوم الحساب فبئست بشارة ذي
التحـفة
فقلت له: إن قتل الزبير لولا رضاك من
الكلفة
فإن ترض ذاك فمنك الرضا وإلا فدونك لي
حلفة
ورب المحلين والمحرمين ورب الجماعة
والألفة
لسيان عندي قتل الزبير وضرطة عنز بذي
الجحفة
ثم خرج ابن جرموز على علي «عليه السلام»، مع أهل النهر،
فقتله معهم فيمن قتل([13]).
ونقول:
هنا أمور كثيرة يحسن التوقف عندها، غير أننا نقتصر منها
على ما يلي:
كنا وما زلنا نقول:
إن اختلاف الروايات لا يدل على كذب جميعها، ولا على أن الواقعة مختلقة
من الأساس، بل هو يدل على أن ثمة يداً قد لعبت، وحرفت وزورت، أو اختلقت
وابتدعت.
ويبقى احتمال أن يكون للواقعة أصل. وتكون إحدى الروايات
هي الصحيحة دون سواها ـ يبقى ـ قائماً.. كما أن احتمال أن تكون الواقعة
مختلقة من أصلها لا يندفع، ولا يتلاشى.. فلا بد من البحث والتقصي عن
هذا الأمر.
ونحن هنا نقطع بأصل الواقعة، وهي: أن الزبير قد قُتل،
وأن قاتله هو عمرو بن جرموز، وكان ذلك في وادي السباع، وتحتاج باقي
الأمور إلى بحث وتدقيق.
وقد ذكر المفيد:
أن عبد الله بن سعيد المجاشعي، وابن مطرَّح السعدي قد أجارا الزبير،
لكن رواية أبي مخنف تقول: إن الذي أجاره هو النعر بن زمام المجاشعي،
ورجل من بني سعد يكنَّى: أبا المضرحي (أو المضرجي)([14]).
تقدم وصف الزبير:
بأنه حواري رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وقد
قلنا أكثر من
مرة:
أولاً:
إن هذا الوصف قد استلب من أهله الحقيقيين، ومنح لغير
أهله، فقد روى الكشي بسنده عن أسباط بن سالم قال: قال أبو الحسن موسى
بن جعفر «عليهما السلام»: إذا كان يوم القيامة ناى منادٍ: أين حواريُّ
محمد بن عبد الله رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟! الذين لم ينقضوا
العهد، ومضوا عليه؟!
فيقوم سلمان، والمقداد، وأبو ذر الخ..([15]).
ثانياً:
كيف نثبت، وما الدليل على أن لكل نبي حوارياً؟! ولماذا لم نسمع
بحواريين لغير عيسى «عليه السلام»، ونبينا محمد «صلى الله عليه وآله»؟!
ثالثاً:
بماذا استحق الزبير أن يكون حواري رسول الله «صلى الله عليه وآله» دون
سائر الصحابة، وفيهم من هو أفضل منه، وأقرب إلى رسول الله «صلى الله
عليه وآله»؟!
رابعاً:
روى
هشام بن زيد،
عن أنس، قال: سألت النبي «صلى الله عليه وآله»: من حواريُّك يا رسول
الله؟!
فقال: الأئمة بعدي اثنا عشر، من صلب علي وفاطمة «عليهما
السلام». وهم حواريي، وأنصار ديني([16]).
عليهم من الله التحية والسلام..
وهناك دلائل كثيرة على انحراف الزبير عن جادة الحق
والصواب، ومن يكون كذلك لا يمكن أن يكون من حواريي الأنبياء.
فقد روي:
أن ابن الزبير ممن أعير الإيمان، وكان إيمانه مستودعاً، فمشى في ضوء
نوره، ثم سلبه الله إياه([17]).
وقد روى الشعبي عن علي «عليه السلام» أنه قال: ألا إن
أئمة الكفر في الإسلام خمسة: طلحة، والزبير، ومعاوية، وعمرو بن العاص،
وأبو موسى الأشعري.
وروي نحوه عن ابن مسعود([18]).
والدلائل على هذا الأمر كثيرة. فراجع ترجمة الزبير في
قاموس الرجال وغيره.
وذكرت بعض الروايات: أن عمرو بن جرموز قد قطع رأس
الزبير وحمله إلى علي «عليه السلام». وصرحت رواية البلاذري: بأن علياً
«عليه السلام» قد أعاد الرأس إلى وادي السباع ليدفن مع الجثة([19]).
ونقول:
أولاً:
إن بعض الروايات ذكرت: أن ابن جرموز جاء إلى علي «عليه السلام» بفرس
الزبير وسلاحه وخاتمه، ولم تذكر مجيئه إليه برأسه، ولو كان ذلك قد حصل
لكان الأولى ذكره، لأنه الحدث الأهم.. بل قال المعتزلي: «في كثير من
الروايات: أنه لم يأت بالرأس، بل بالسيف»([20]).
ثانياً:
لو صح هذا وذاك، فقد كان من المتوقع: أن يعترض «عليه السلام» على ابن
جرموز ما فعله، وأن يؤنبه على حمل الرأس إليه. ولم نر في الروايات التي
بين أيدينا ما يشير إلى شيء من ذلك..
وذلك لأن قطع الرأس يعتبر من المثلة التي نهى عنها
النبي «صلى الله عليه وآله»، ولا يرضاها علي «عليه السلام».
زعمت بعض الروايات:
أن علياً «عليه السلام» قال عن سيف الزبير: سيف طالما جلى الكرب عن وجه
رسول الله «صلى الله عليه وآله»([21]).
ونحن نشك كثيراً في صحة هذا الأمر لسببين:
أحدهما:
أن الروايات الأخرى، حتى رواية مروان بن الحكم لم تذكر تجلية الكرب عن
وجه الرسول «صلى الله عليه وآله»، بل اكتفت بالقول: «أما والله لقد
قاتل بين يدي رسول الله «صلى الله عليه وآله» غير مرة، ولكنه الحين،
ومصارع السوء»([22]).
وفي نص آخر:
«سيف طالما قاتل به بين يدي رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ولكن
الحين([23])
ومصارع السوء»([24]).
الثاني:
إن الزبير كان من الفارين من الزحف في أحد، وخيبر، وحنين، وغيرها.
وإنما كان الذي طالما جلى عن الكرب عن وجه الرسول «صلى الله عليه وآله»
في بدر وأحد، والخندق، وقريظة، وخيبر، وذات السلاسل، وسائر المواقف هو
علي «عليه السلام» وحده. فما معنى نسبة ذلك، أوبعضه إلى غيره؟!
وليت أحداً يذكر لنا موضعاً واحداً جلى فيه الزبير
الكرب عن وجه رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
وتزعم عاتكة بنت زيد زوجة الزبير: أن عمرو بن جرموز قد
قتل زوجها غدراً، فقد قالت:
غدر ابن جرموز بفارس بهمة يوم اللقاء وكان غير
مسدد
يا عمرو! لو نبهته لوجدته لا طائشاً رعش
الجنان ولا اليد
الخ..([25]).
وستأتي الأبيات مع بعض الحديث عنها.
كما أن بعض الروايات قد ذكرت: أن ابن جرموز قد غدر
بالزبير وهو يصلي، بعد أن أمنه.
ونقول:
إننا نشك في ذلك، لما يلي:
أولاً:
إن الروايات الأخرى، حتى رواية مروان قد صرحت بأنه قتله في ساحة النزال
والقتال..
ثانياً:
إن علياً «عليه السلام» ـ كما صرحت به رواية المفيد، عن محمد بن
إبراهيم ـ قال لابن جرموز: «كيف قتلته، وما كان من أمره؟!
قال ابن جرموز:
فحدثته كيف صنعت به، فقال: ناولني سيفه الخ..»([26]).
فترى أنه «عليه السلام» لم يعترض على ابن جرموز لقتله
الزبير غدراً، ولم يقل له: «إن الغدر والفجور، والخيانة في النار»([27]).
ولو كان قد قتله غدراً لم يسكت علي «عليه السلام» عن
بيان هذا الحكم، ولو لأجل الإرشاد والتعليم..
أما ما روي عن عاتكة بنت زيد، فلا يعتد به، لأن عاتكة
لم تحضر قتل الزبير، ولم تر ما جرى. وإنما سمعت بذلك من غيرها. فلعل
الزبيريين كانوا يأنفون من نسبة الضعف للزبير، ويحبون تصويره على أنه
فارس لا يجارى، ومبارز لا يبارى..
فزعموا:
أنه قتل في الصلاة، على سبيل الخيانة والغدر، ولعل حب نسبة الفضائل
إليه، قد شجعتهم على التأكيد على هذا الأمر، وتداوله ونشره.
وقد ادعى بعضهم:
أن قوله «عليه السلام»: «بشر قاتل ابن صفية بالنار» يدل على أن ابن
جرموز قد قتل الزبير غدراً بعد أن أعطاه الأمان، وهذه معصية تقود إلى
النار. ثم استشهد برثاء عاتكة لزوجها المتقدم ذكره([28]).
ونقول:
أولاً:
إن ذلك لا يدل على مطلوبهم، فإن بشارته لو كانت لأجل غدره بالزبير لكان
«عليه السلام» قد بين ذلك له، ولم يتركه حائراً كما دلت عليه النصوص،
فقد روي: أن ابن جرموز قال: «ظننت أني قتلت عدواً، ولم أظن أني قتلت
ولياً له وحميماً»([29]).
والأبيات المتقدمة التي أولها:
أتيت علياً برأس الزبير أبغي بــه
عنده الــزلفة
فبشر بالنار يوم الحساب فبئس بشارة ذي
التحفة([30])
أدل دليل على تحير ابن جرموز، وعلى أنه كان يرى نفسه
مصيباً فيما أقدم عليه، وأنه لم يعرف الوجه في ما قاله علي «عليه
السلام» له.
ثانياً:
لو كانت بشارته بالنار لأجل قتله الزبير غدراً وبغير حق لكان أقاده به،
أو على الأقل عاقبه، ولو بإلزامه بالدية لو ادعى الجهل الذي يعذر به
أمثاله. لأنه قتل امرأً مسلماً وهو يصلي، بعد أن كان علي «عليه السلام»
قد نهى عن قتل المدبر، والإجهاز على الجريح.
ثالثاً:
إن بشارته بالنار إنما كانت لأجل علمه بأنه سيكون في جملة الخوارج،
وسيقتل معهم([31]).
فلما قتل الزبير خشي «عليه السلام» أن يظن الناس به الخير، وسلامة
العاقبة لأجل هذا العمل العظيم، الذي صدر منه، ويكون قتله للزبير شبهة
تمنع من الحكم عليه بالنار، لأجل خارجيته، فأراد «عليه السلام» أن يزيل
الشبهة ويبين: أن فعله هذا ليس له أهمية في مقابل ما سيرتكبه في
المستقبل.
وهذا نظير قصة قزمان الذي قتل بيده جماعة من المشركين
يوم أحد، فأخبر النبي «صلى الله عليه وآله»: أنه من أهل النار. فعجب من
ذلك السامعون، فلما جرح قزمان واثنوا عليه، قال لهم: إنه لا يدري ما
جنة وما نار، وإنه إنما قاتل على الأحساب، فلما وجد ألم الجراح قتل
نفسه بمشقص كان معه([32]).
فكانت شهادة النبي «صلى الله عليه وآله» له بالنار قبل
ذلك لتزيل الشبهة في أمره، حيث قد يظن به النجاة بسبب ما فعله قبل أن
يقتل نفسه.
وتقدم في رواية أبي البختري:
أن علياً «عليه السلام» حين جاء رسول الأحنف برأس الزبير تلا قوله
تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ
بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ
مَعَكُمْ..﴾([33]).
والظاهر:
أن المقصود هو التعريض بالأحنف بن قيس. وأنه قد تربّص، ولم يستجب لنداء
الواجب الإلهي..
ويحتمل أن يكون المقصود:
هو عمرو بن جرموز نفسه، فإنه هو رسول الأحنف إليه.. غير أننا نشك في
صحة ذلك، ونود أن نشير إلى النقاط التالية:
1 ـ
إن الرواية تضمنت: أن الرسول كان يحمل معه إلى علي «عليه السلام» رأس
الزبير، وقد قلنا فيما تقدم: إن ذلك موضع ريب..
2 ـ
ذكرنا فيما تقدم أيضاً: أن الروايات تذكر: أن الأحنف إنما تخلف عنه
«عليه السلام» بأمر منه، ولكي يكف عنه أربعة أو ستة آلاف سيف. حتى لا
يكونوا مع عائشة([34]).
3 ـ
إن الأحنف قد شارك بعد ذلك في حرب صفين. وقد طالبه معاوية بمواقفه،
وباستيلائه على المشرعة، وبخذلانه لعائشة، وبموقفه من عثمان.. فأجابه
بأجوبة قوية وحاسمة([35]).
4 ـ
لقد كانت للأحنف مواقف محمودة عند معاوية، ولا سيما حين أصر عليه بأن
يصعد المنبر ويلعن علياً، فأخبره بأنه سيذكره هو وعلي «عليه السلام»
وسيلعن الباغي والظالم لصاحبه منهما. فأعفاه معاوية من ذلك، وإنما طلب
منه معاوية ذلك بعد أن اعترض على شامي لعن علياً «عليه السلام» عند
معاوية([36]).
5 ـ
روي: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: «اللهم اغفر للأحنف، فكان
الأحنف يقول: فما شيء من عملي أرجى عندي من ذلك»([37]).
ولكن قد يؤخذ على الأحنف ما رواه ابن قتيبة، من أن
الحسين «عليه السلام» كتب إليه يدعوه إلى نفسه، فلم يرد الجواب، وقال:
قد جربنا آل أبي الحسن، فلم نر عندهم إيالة للملك، ولا جمعاً للمال،
ولا مكيدة في الحرب([38]).
وأنه قد ساعد مصعب بن الزبير، حيث كان على خمس تميم في
قتل المختار([39]).
وعلى فرض صحة هاتين الروايتين، قد يعتذر عنه: بأنه خاف
من انتقام أبناء الزبير (مصعب وعبد الله) منه، لما شاع عنه من مشاركته
في التحريض على قتل الزبير.
وأما عدم إجابته لكتاب الإمام الحسين «عليه السلام»،
فلا ندري ظروفها، فلعل الأمور تطورت بنحو يمنع من ذلك..
أما ما نقل عنه فيما يرتبط بآل علي، فإنما يدل على أن
مسألة الإمامة لم تكن ناضجة عنده.
وأنه كان يتعامل معهم كأناس أبرار أخيار، ويقيس الأمور
فيما يرتبط بالملك بمقاييس دنيوية..
وهذا نقص كبير، لا يعذر فيه أمثال الأحنف. ولكنه لا
يعني عدم ميله إلى علي وآله، ولا يعني تفضيله غيرهم عليهم من جهة
الدين، والإستقامة والصلاح، والخير والتقوى..
وما ذكره أمير المؤمنين «عليه السلام» عن قصة حاطب،
وأنها هي التي جرَّأت طلحة والزبير على قتاله يدل: على أن من الضروري
إجراء دراسات نفسية، والوقوف على المكونات الفكرية، والمؤثرات في
المشاعر، والعواطف، وحالات النفس، وما أوجب لها جرأة وإقداماً، أو
جبناً وإحجاماً.. وغير ذلك مما يؤثر في ميزاتها وصفاتها التي لها صلة
بالأفعال.
وذلك لأن حاطباً كتب إلى قريش يحذرهم من مسير النبي
«صلى الله عليه وآله» إليهم، فنزل جبرئيل بالخبر إلى النبي «صلى الله
عليه وآله»، فأرسل علياً «عليه السلام»، فأخذ الكتاب من المرأة، وحين
سئل حاطب عن ذلك اعتذر: بأنه أراد مصانعة قريش..
فانبرى عمر بن الخطاب ليقول: دعني يا رسول الله أضرب
عنقه، فإنه قد نافق.
فقال «صلى الله عليه وآله»: وما يدريك يا عمر، لعل الله
قد اطلع يوم بدر على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم.
وأنزل الله عز وجل في حاطب: ﴿يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ
أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ﴾([40])»([41]).
وعفا النبي «صلى الله عليه وآله» عن حاطب.
فلعل طلحة والزبير قد اعتبرا أن هذا العفو عن حاطب قد
كان لأجل كونه بدرياً، وقد غفرت ذنوبه، بما أن طلحة والزبير أيضاً كانا
من أهل بدر، فإن ذنبهما يكون مغفوراً أيضاً.. حتى لو ارتكبا أعظم
المجازر والموبقات..
وهذا كلام باطل، لما يلي:
أولاً:
إن العفو عن حاطب قد كان تكرماً وإحساناً من رسول الله
«صلى الله عليه وآله».
ثانياً:
إن ما كان يرمي إليه النبي «صلى الله عليه وآله» من
قوله: لعل الله اطلع على أهل بدر الخ.. هو أن لبدر أثراً عظيماً في
غفران ما سلف من الذنوب، بل هي قد توجب مغفرة بعض الذنوب في المستقبل،
إن لم تقع استناداً واعتماداً على هذه المغفرة المحتملة، وهي الذنوب
التي كانت مجرد تعد على حق الله لأجل غلبة الهوى، واتباعاً لشهوة
غالبة، مثل الكذب والزنا ـ والعياذ بالله ـ ونحو ذلك مما لا يوجب هدر
حقوق الناس، فإن حقوق الناس لا تترك، وشرط أن لا تصل إلى الشرك بالله
الذي لا يغفر. فإن الشرك ذنب لا يغفر.
ولكن طلحة والزبير قد تجرآ على سفك دماء الأخيار، وقتل
الأئمة الأطهار، وانتهكا أعظم المحرمات، عن سابق علم وتصميم، بدعوى
أنهما من أهل بدرٍ.. مع أن ذلك غير مراد له «صلى الله عليه وآله»
قطعاً.
ويشهد لما ذكرناه:
قول أمير المؤمنين «عليه السلام»: «ألا وإن الظلم ثلاثة: فظلم لا يغفر،
وظلم لا يترك، وظلم مغفور لا يطلب.
فأما الظلم الذي لا يغفر: فالشرك بالله، قال الله
تعالى: ﴿إِنَّ
اللهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ﴾([42]).
وأما الظلم الذي يغفر، فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات.
وأما الظلم الذي لا يترك، فظلم العباد بعضهم بعضاً»([43]).
فكيف إذا كان هذا الذنب هو السعي لقتل الإمام «عليه
السلام» والخوض في دماء المسلمين، وانتهاب بيوت الأموال، وتقويض الأمن
والنظام فيهم، وقتل عشرات الألوف من المؤمنين، وغير ذلك؟!
وتقدم:
أن أمير المؤمنين «عليه السلام» قال: «إن الزبير كان أقرب إلي من طلحة،
وما زال منا أهل البيت حتى بلغ ابنه فقطع بيننا»..
ونقول:
تقدم في الفقرات السابقة:
أن من الضروري دراسة شخصية العدو، بدراسة خلفيته الثقافية، ومكوناته
الفكرية، لمعرفة المناشئ الداخلية الفكرية والمعرفية التي أنتجت الموقف
والممارسة، أو السلوك.. إذ لا شك في تأثير القضايا الفكرية على شخصية
الإنسان، وعلى صفاته وحالاته النفسية. كما لا بد من دراسة المحيط
والأجواء المحيطة به أيضاً، لأنه يتأثر بها ويتفاعل معها.
وها هو «عليه السلام» يذكر لنا هنا مفردة أخرى تضمنت
تحليلاً لسلوكيات الزبير، وبياناً للمؤثرات الخارجية التي أثرت على
مساره العاطفي والفكري والعملي، وحولته باتجاه آخر.
فهذه المفردة على عكس سابقتها، ففي سابقتها أثرت الأمور
المعرفية والفكرة الكامنة في الداخل في السلوك، والموقف العملي.
أما هنا، فإنه «عليه السلام» قد استل مفردة من الواقع
الخارجي العملي، ليرصد أثرها على الأفكار والمشاعر، ثم السلوك
والموقف.. فذكر تأثير العشرة، والعلاقة العاطفية بما هو خارج عن الذات،
ونوعها وعمقها على الناحية الفكرية والنفسية للأشخاص.. حيث إنها قد
تبلغ إلى حد تحويل المسار الفكري والعاطفي للشخص إلى الإتجاه المعاكس
لما كان عليه..
فذكر «عليه السلام»:
أن الزبير كان أقرب إليه من طلحة، حيث كان يعد منهم قلباً وقالباً،
وهوى، وسياسة، وغير ذلك، ولكن عاملاً خارجياً طرأ على حياة الزبير وأثر
على أفكاره، وعلى عواطفه، فبدلها وحولها إلى عكس ما كانت عليه، وتبع
ذلك تبدل مواقفه ومساره، وهو نشوء ولده عبد الله الذي كانت تربطه به
عاطفة الأبوة، والمحبة، وكان يعاشره، ويتأثر بكلماته، ومواقفه،
وبأفكاره، فانقلب رأساً على عقب.
وقد دلنا هذا البيان العلوي الرائد على ضرورة إجراء
دراسات دقيقة وعميقة للأفكار، وللثقافات، وللمعارف، وللمحيط، وللأشخاص،
ولكل الأحوال التي يمر بها من تريد أن تواليه وتعاديه لكي تفهمه، وتكون
على بصيرة من أمرك حين ترسم خطة التعامل معه.
وقد تضمنت بعض الروايات المتقدمة لما جرى للزبير: أن
هناك عوامل تكون أضعف تأثيراً، مما قد يظن أو يتوهم، فذكر «عليه
السلام»: أن صحبة الزبير لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، وقرابته منه
لم تمنع الشيطان من أن يتلاعب به، ويورده موارد الهلاك والبوار.
فما يدعيه البعض، من أن مجرد رؤية رسول الله «صلى الله
عليه وآله» تكفي الإنسان لدخول الجنة، والإستقامة على طريق الحق
والخير، وتجعله متصفاً بصفة التقوى والعدالة، ليس صحيحاً..
كما أنه «عليه السلام» قد عطف القرابة على الصحبة في
هذا الأمر، فإن القرابة بمجردها أيضاً لا تكفي في العصمة والإستقامة،
والنجاة، بل هي تحتاج إلى إرادة وعمل وسعي.
وليكن الزبير الذي هو المصداق الظاهر لكلا هذين الوصفين
شاهداً على هذه الحقيقة. كما كان ابن نوح شاهداً عليها من قبل.
ولعل الهدف من اختياره «عليه السلام» التعبير عن تسلط
الشيطان على الزبير بقوله: «ولكن الشيطان دخل منخريك» هو الإلماح إلى
أن السبيل الذي سلكه الشيطان للتسلط على الزبير هو النفخ في منخريه،
بمعنى أنه أثار فيه نخوة الجاهلية وحميتها، فورم أنفه تغيظاً وتهيجاً..
واقتحم المهالك، من دون أن يعرض الأمور على ميزان العقل، كما أنه لم
يعط للقلب دوره في بلورة اندفاع إيماني، مسكون بالسكينة والطمأنينة
القلبية التي تترشح وتنبثق من العقائد الحقة والصادقة..
تقدم:
أن ابن جرموز قد طلب من علي «عليه السلام» الجائزة على قتله الزبير بن
العوام، فلم يعطه «عليه السلام» شيئاً..
وهذا هو المتوقع منه «عليه السلام»:
فأولاً:
إن الشعر الذي قاله ابن جرموز يؤكد على أن قتل الزبير
لم يكن يهمه، بل كان الهدف هو الحصول على رضا علي «عليه السلام» مقدمة
لحصوله على الجائزة، مع أن الجهاد في سبيل الله، ودفع أخطار المفسدين
والظالمين واجب على كل إنسان، وليس مما يعطى عليه الأجرة.. وإن كان
يمكن للمجاهد الإرتزاق من بيت المال..
ثانياً:
لم يكن قتل الزبير هدفاً لعلي «عليه السلام» لكي يعطي عليه الجوائز. بل
كان هدفه هو الدفاع عن مصالح الناس وحفظ أرواحهم، ونظامهم ودينهم. وكان
يكفي في ذلك: أن يؤخذ الزبير ويسلم إليه.. فلماذا يقتل؟! ولماذا تعطى
الجوائز على أمر لم يكن مطلوباً؟!
ثالثاً:
إن قتل الزبير قد جاء على سبيل المخالفة للأمر الذي أصدره علي «عليه
السلام»، بأن لا يتبع مدبر، ولا يجهز على جريح.. فبعد أن انهزم الزبير
لم يكن يحق لابن جرموز أن يقتله، بل كان يجب الكف عنه. فما معنى أن
يقتله، ثم أن يطلب الجائزة على قتله؟!.
ذكرت الروايات المتقدمة وكثير من النصوص الأخرى: أن
الزبير قد حارب، ثم انهزم، فلحقه ابن جرموز وقتله.. وهذا هو الصحيح
الذي تؤيده الكثير من الشواهد، فلاحظ:
إن ما زعموه، من أن الزبير قد انصرف عن الحرب, ورجع
عنها, فقتله ابن جرموز غدراً في وادي السباع. غير دقيق.. بل هو قد
حارب, وانهزم بعد هزيمة الناس, فلحقه ابن جرموز إلى وادي السباع،
فقتله.
ويدل على ذلك, نوعان من النصوص، فلاحظ ما يلي:
1 ـ
النصوص التي ذكرت: أن علياً «عليه السلام» قد ذكَّر
الزبير بقول رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «لتقاتلنه وأنت له ظالم».
فقرر الإنسحاب من المعركة، ولكن عائشة وطلحة, وعبد الله
بن الزبير أنكروا عليه ذلك. فأعتق عبداً اسمه سرجس, أو مكحول، ووقف
معهم وحارب.
وقد تقدمت النصوص ومصادرها في فصل سابق([44]).
وقد قال الشاعر في ذلك:
2 ـ أيعتق مكحولاً ويعصي نبيه لقد تاه
عن قصد الهدى ثم عوق
أينوي بهذا الصدق والبر والتقى
سيعلم يوماً من يبر ويصدق([45])
وهناك أشعار أخرى قيلت في ذلك([46]).
3 ـ
ويروي الطبري: كيف أن الناس اقتتلوا يوم الجمل, وقاتل
الزبير, وحمل عليه عمار.. إلى أن تقول الرواية: فما فجأها إلا الهزيمة,
فمضى الزبير من سننه في وجهه، فسلك وادي السباع إلخ..([47]).
4 ـ
وقال النجاشي الشاعر:
ونحن تركنا عند مختلف القنا أخاكم عبيد الله
لحماً ملحبا
بصفين لما ارفض عنه رجالكم ووجه ابن عتاب
تركناه ملغبا
وطلحة من بعد الزبير ولم ندع لضبة في الهيجا
عريفاً ومنكبا([48])
5 ـ
وكتب «عليه السلام» بالفتح إلى أهل الكوفة, فقال: «فقتل طلحة والزبير,
وقد تقدمت إليهما بالمعذرة, وأبلغت إليهما بالنصيحة, واستشهدت عليهما
صلحاء الأمة, فما أطاعا المرشدين, ولا أجابا الناصحين»([49]).
6 ـ
وعن سليم في حديث قال: ونشب القتال, فقتل طلحة, وانهزم
الزبير([50]).
7 ـ
وعن الحسن
قال: إن علياً
«عليه
السلام»
لما هزم طلحة والزبير أقبل الناس مهزومين فمروا بامرأة حامل الخ..([51]).
8 ـ
وذكر الحاكم:
أن
علياً «عليه
السلام»
نادى في الناس: أن لا ترموا أحداً بسهم ولا تطعنوا برمح، ولا تضربوا
بسيف، ولا تطلبوا القوم.. إلى أن قال:
ثم إن الزبير قال للأساورة الذين
كانوا معه:
ارموهم برشق. وكأنه أراد أن ينشب القتال.
فلما نظر أصحابه إلى الانتشاب لم ينتظروا، وحملوا.
فهزمهم الله، ورمى مروان طلحة الخ..([52]).
وهذا يدل:
على أن الوقعة الفاصلة قد حصلت بفعل الزبير نفسه وبحضوره، وأن
الهزيمة قد وقعت عليه وعلى أصحابه.
9 ـ
وذكر الطبري: أنه «لما انهزم الناس في صدر النهار نادى الزبير: أنا
الزبير، هلموا إليَّ
أيها الناس، ومعه مولى له ينادي: أعن حواريِّ رسول الله «صلى
الله عليه وآله»
تنهزمون؟!
وانصرف الزبير نحو وادي السباع»([53]).
10 ـ
ويقول ابن الأثير عن الزبير: «وإنما فارق المعركة، لأنه
قاتل تعذيراً, لما ذكر له علي»([54]).
ونحتاج إلى العرافين والمنجمين ليبينوا لنا معنى قتال
التعذير هذا!!
11 ـ
ونص آخر يقول:
«لما انهزم الناس يوم الجمل عن طلحة والزبير، مضى الزبير حتى مرّ
بعسكر الأحنف الخ..»([55]).
12 ـ
وعن محمد بن
إبراهيم
قال: «هرب الزبير على فرس له، يدعى بذي الخمار، حتى وقع بسفوان، فمر
بعبد الله بن سعيد المجاشعي الخ..»([56]).
13 ـ
وفي نص آخر:
«هرب الزبير إلى المدينة، حتى أتى وادي السباع، فرفع الأحنف
صوته الخ..»([57]).
14 ـ
وعن أبي مخنف
وغيره: مضى الزبير حين هزم الناس يريد المدينة، حتى مر بالأحنف أو
قريباً منه الخ..([58]).
15 ـ
ولعل ما ذكره البلاذري إذا ضممناه إلى ما تقدم يصلح
بياناً لحقيقة ما جرى.
فقد روى عن قتادة، قال:
لما اقتتلوا
يوم الجمل كانت الدبرة على أصحاب الجمل، فأفضى علي
إلى الناحية التي فيها الزبير، فلما واجهه قال له: يا أبا عبد الله،
أتقاتلني بعد بيعتي، وبعدما سمعت
من
رسول الله في قتالك لي ظالماً؟!
فاستحيا، وانسل على فرسه منصرفاً إلى المدينة، فلما صار
بسفوان لقيه رجل من مجاشع يقال له: النَعر بن زمام، فقال له: أجرني.
قال النعر:
أنت
في جواري يا حواري رسول الله.
فقال الأحنف:
وا عجباً!! الزبير لفّ بين غارين (أي جيشين) من المسلمين، ثم قد نجا
بنفسه الخ..([59]).
فالمراد بانصراف الزبير:
هو انصراف الهزيمة، لا انصراف التوبة، كما هو ظاهر هذا النص، و لو كان
قد انصرف عن القتال على سبيل التوبة، لما احتاج إلى من يجيره. كما أن
انصراف التوبة لا يكون بعد هزيمة جيشه كله عنه.
([1])
المستدرك على الصححين ج3 ص371 وتلخيصه للذهبي (بهامش نفس الجزء
والصفحة).
([2])
لسان العرب ج4 ص388. وراجع: الصحاح للجوهري ج2 ص690 والقاموس
المحيط ج2 ص54 وتاج العروس ج6 ص556.
([3])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص512 و (ط الأعلمي) ج3 ص522. وراجع:
الكامل في التاريخ ج3 ص243 والبداية والنهاية (ط دار إحياء
التراث العربي) ج7 ص267 وإمتاع الأسماع ج13 ص243 وشرح إحقاق
الحق (الملحقات) ج32 ص479.
([4])
أضافت بعض المصادر: نفيل بن حابس أيضاً.. فراجع: أنساب الأشراف
(ط سنة 1416هـ) ج2 ص164 و (ط الأعلمي سنة 1394هـ) ص254
والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص112 وتاريخ مدينة دمشق ج18 ص418.
([5])
أنساب الأشراف للبلاذري ص254 وراجع: الدر النظيم ص356.
([6])
الجمل للمفيد ص387 ـ 389 و (ط الداوري) ص207 ـ 208 وفي هامشه
عن:
الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص110 ـ 112 وأنساب الأشراف ص254 ـ
258 والعقد الفريد ج4 ص323 ومروج الذهب ج2 ص372 ـ 373 والفصول
المختارة ص108. وراجع: المصنف لابن أبي شيبة ج7 ص541 ونهاية
الأرب ج20 ص94.
([7])
راجع: أنساب الأشراف (ط سنة 1416هـ ق) ج2 ص164 و (ط الأعلمي
سنة 1394هـ) ص254.
([8])
الآية 141 من سورة النساء.
([9])
الجمل للمفيد ص389 و (ط الداوري) ص208 .
([10])
الجمل للمفيد ص389 و (ط الداوري) ص208 .
([11])
الجمل للمفيد ص389 و 390 و (ط الداوري) ص208 و 209 وفي هامشه
عن: الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص111 ـ 112 وأنساب الأشراف
ص232 و 233 وص254 ـ 258 ومروج الذهب ج2 ص372 ـ 373 والفصول
المختارة ص108 وتلخيص الشافي ج4 ص137 والإحتجاج ج1 ص238 ـ 239
والكامل في التاريخ ج2 ص338 وتذكرة الخواص ص77 ـ 78 وشرح نهج
البلاغة للمعتزلي ج1 ص235 ـ 236 والتمهيد والبيان ص224 ـ 225
والمطالب العالية ج4 ص299 ـ 300.
([12])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص235 و 236 وتاريخ الأمم والملوك
ج4 ص534 و 535 و (ط الأعلمي) ج3 ص540 والفتنة ووقعة الجمل ص174
وتاريخ مدينة دمشق ج18 ص419 والأغاني ج16 ص126 ومروج الذهب ج2
ص362 و (ط أخرى) ج1 ص373.
([13])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص235 و 236 وشجرة طوبى ج2 ص319 و
320 وأعيان الشيعة ج1 ص456 وراجع: الجمل لابن شدقم ص137 ومروج
الذهب ج2 ص362 و (ط أخرى) ج1 ص373. وستأتي مصادر كثيرة أخرى.
([14])
أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص254 وراجع: العقد الفريد
ج4 ص323 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص110 ومروج الذهب ج2 ص372
والفصول المختارة ص108.
([15])
إختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) ص6 و (نشر مؤسسة آل البيت
1404هـ) ج1 ص41 وسفينة البحار ج2 ص194 عنه، وبحار الأنوار ج34
ص275 وج22 ص342 والإختصاص ص61 و (ط النجف) ص55 وروضة الواعظين
(ط سنة 1386هـ) ص282 وراجع: شجرة طوبى ج1 ص78 ومستدرك سفينة
البحار ج2 ص465 ونهج السعادة ج8 ص128 وتفسير نور الثقلين ج5
ص210 وجامع الرواة للأردبيلي ج1 ص110 و 545 والدرجات الرفيعة
ص432 وطرائف المقال ج2 ص340 و 593 ومعجم رجال الحديث ج4 ص156
وج9 ص197 وج20 ص109 وتهذيب المقال ج4 ص200 والشيعة في أحاديث
الفريقين ص518.
([16])
بحار الأنوار ج36 ص271 و 309 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص213
وكفاية الأثر ص10 و 69.
([17])
بحار الأنوار ج32 ص122 وج66 ص223 وتفسير العياشي ج1 ص371
والبرهان (تفسير) ج1 ص544.
([18])
بحار الأنوار ج32 ص335 والشافي في الإمامة ج4 ص331.
([19])
أنساب الأشراف (ط سنة 1416هـ) ج2 ص164 و (ط الأعلمي سنة
1394هـ) ص254.
([20])
شرح نهج البلاغة ج1 ص235 و 236.
([21])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص235 و 236 وشجرة طوبى ج2 ص319 و
320 وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص534 و 535 و (ط الأعلمي) ج3 ص540
والفتنة ووقعة الجمل ص174 وتاريخ مدينة دمشق ج18 ص419 والأغاني
ج16 ص126 ومروج الذهب ج2.
([22])
الجمل للمفيد 387 و (ط الداوري) ص208.
([23])
الحين ـ بالفتح ـ: الهلاك. راجع: كتاب العين ج3 ص304 ومختار
الصحاح لابن عبد القادر ص94 والقاموس المحيط ج4 ص218 وتاج
العروس ج18 ص169 وخزانة الأدب ج2 ص188.
([24])
الجمل للمفيد 390 و (ط الداوري) ص209 وموسوعة الإمام علي بن
أبي طالب ج5 ص219 عن المصادر التالية: الطبقات الكبرى لابن سعد
ج3 ص111 عن خالد بن سمير. وراجع: تاريخ الأمم والملوك ج4 ص498
و 534 وأنساب الأشراف ج3 ص49 ـ 54 ومروج الذهب ج2 ص372 والكامل
في التاريخ ج2 ص338.
([25])
بحار الأنوار ج32 ص336 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص539 وراجع:
المستدرك للحاكم ج3 ص368 والآحاد والمثاني ج1 ص161 والإستيعاب
(ط دار الجيل) ج4 ص1879 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص112
وتاريخ مدينة دمشق ج18 ص435 وأسد الغابة ج5 ص499 وتهذيب الكمال
ج9 ص327 وسير أعلام النبلاء ج1 ص67 وأنساب الأشراف ص260
والوافي بالوفيات ج16 ص319 والبداية والنهاية ج5 ص368 وج7 ص278
والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص680 وجواهر المطالب لابن
الدمشقي ج2 ص20 وخزانة الأدب ج10 ص403.
([26])
الجمل للمفيد ص387 ـ 389 و (ط الداوري) ص207 ـ 208 وفي هامشه
عن: الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص110 ـ 112 وأنساب الأشراف
ص254 ـ 258 والعقد الفريد ج4 ص323 ومروج الذهب ج2 ص372 ـ 373
والفصول المختارة ص108. وراجع: المصنف لابن أبي شيبة ج7 ص541
ونهاية الإرب ج20 ص94.
([27])
الكافي ج2 ص338 وبحار الأنوار ج33 ص454 وج41 ص110 و 129 وج72
ص285 و 290 وثواب الأعمال للصدوق ص272 ووسائل الشيعة (آل
البيت) ج12 ص242 وج15 ص70 و (الإسلامية) ج8 ص571 وج11 ص52
ومستدرك الوسائل ج9 ص80 وج14 ص12 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص539
والإمام علي بن أبي طالب للهمداني ص691 ونهج السعادة ج2 ص317.
([28])
راجع: بحار الأنوار ج32 ص336 وسفينة البحار ج7 ص539 عنه.
([29])
راجع: أنساب الأشراف (ط سنة 1416هـ ق) ج2 ص165 و (ط الأعلمي
سنة 1394هـ) ص254.
([30])
الجمل لابن شدقم ص137 وكتاب الأوائل للطبراني ص54 والإستيعاب
(ط دار الجيل) ج2 ص516 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص236 وأسد
الغابة ج2 ص199 وكتاب الفتوح لابن أعثم ج2 ص472 وتنزيه
الأنبياء للشريف المرتضى ص209 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج2
ص20 وراجع: عمدة القاري ج15 ص50 وشجرة طوبى ج2 ص319 و 320.
([31])
راجع: شرح نهج البلاغة ج1 ص236 وأعيان الشيعة ج1 ص456.
([32])
راجع: تاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج2 ص531 وتاريخ
الخميس ج1 ص438 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص94 والمغازي
للواقدي ج1 ص224 و 264 والكامل في التاريخ ج2 ص162 والسيرة
الحلبية ج2 ص239.
([33])
الآية 141 من سورة النساء.
([34])
الجمل للمفيد ص295 و (ط الداوري) ص158 وأنساب الأشراف (ط
الأعلمي سنة 1394هـ) ص232 و 237 والغارات للثقفي ج2 ص754
ومناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص338 وبحار
الأنوار ج32 ص120 وكتاب الفتوح (ط دار الأضواء) ج2 ص463 وتاريخ
الأمم والملوك ج4 ص501 و (ط الأعلمي) ج3 ص510 و 513 وأعيان
الشيعة ج1 ص455 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب ج12 ص48 و 50
والفتنة ووقعة الجمل ص152 والكامل في التاريخ ج3 ص239 وإمتاع
الأسماع ج13 ص242 ووقعة صفين للمنقري ص501 .
([35])
إختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) ص90 ـ 93 و (نشر مؤسسة آل
البيت «عليه السلام») ج1 ص304 والغارات للثقفي ج2 ص754 وبحار
الأنوار ج33 ص245 .
([36])
العقد الفريد ج4 ص28 و 29 والغدير ج10 ص261 و 262 ووفيات
الأعيان ج2 ص504 و 505 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج2 ص231
وعن نهاية الأرب ج7 ص237 وعن زهر الربيع ص81.
([37])
أسد الغابة ج1 ص55 ومسند أحمد ج5 ص372 والمستدرك للحاكم ج3
ص614 ومجمع الزوائد ج10 ص2 والآحاد والمثاني ج2 ص433
والإستيعاب (ط دار الجيل) ج1 ص145 والطبقات الكبرى لابن سعد ج7
ص93 والتاريخ الصغير للبخاري ج1 ص185 وج2 ص50 والتعديل
والتجريح ج1 ص399 وتاريخ مدينة دمشق ج24 ص307 و 308 و 309
وتهذيب الكمال ج2 ص283 و 284 وسير أعلام النبلاء ج4 ص87 و 88
والإصابة ج1 ص332 وتاريخ الإسلام للذهبي ج5 ص347.
([38])
عيون الأخبار لابن قتيبة ج1 ص211 وراجع: الفايق في غريب الحديث
ج1 ص60 وغريب الحديث لابن قتيبة ج2 ص217.
([39])
تاريخ الأمم والملوك ج6 ص95 و (ط الأعلمي) ج4 ص559 وراجع: معجم
قبائل العرب ج1 ص131 .
([40])
الآية 1 من سورة الممتحنة.
([41])
المغازي للواقدي ج2 ص798 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج5 ص89
وج6 ص60 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج7 ص168 وسنن الترمذي ج5 ص83
والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص146 وعمدة القاري ج17 ص 273 و 274
وج19 ص229 ومسند الحميدي ج1 ص27 و 28 والسنن الكبرى للنسائي ج6
ص487 ومسند أبي يعلى ج1 ص320 وصحيح ابن حبان ج14 ص425 ومعرفة
السنن والآثار ج7 ص101 و 102 وتخريج الأحاديث والآثار ج3 ص448
و 449 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص40.
([42])الآية
116 من سورة النساء.
([43])
نهج البلاغة الخطبة ج2 ص95 رقم 176 ومستدرك الوسائل ج12 ص104
وعيون الحكم والمواعظ ص109 وبحار الأنوار ج72 ص321 وج7 ص271.
([44])
وراجع على سبيل المثال: تلخيص الشافي ج4 ص143 و 141 و 142 و
150 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص234 وج2 ص167 وتاريخ الأمم
والملوك ج4 ص 509 و 502 وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2
ص254 والفصول المختارة ص106 وتذكرة الخواص (ط النجف) ص71 وبحار
الأنوار ج32 ص205 والكامل في التاريخ ج3 ص 240 و 261.
([45])
بحار الأنوار ج32 ص 205.
([46])
تلخيص الشافي ج4 ص142 وتاريخ الأمم والملوك ج4ص52 وتذكرة
الخواص (ط النجف) ص71.
([47])
راجع: تاريخ الأمم والملوك ج4 ص507 و (ط الأعلمي) ج3 ص519
والكامل في التاريخ ج3 ص243 و 263 والفتنة ووقعة الجمل ص157
وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص110 .
([48])
شرح نهج البلاغة للمعتزلي (ط سنة1964م) ج2 ص819 و (نشر دار
إحياء الكتب العربية ـ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم) ج8 ص38
ووقعة صفين للمنقري ص358 و 359 والدرجات الرفيعة ص417.
([49])
تلخيص الشافي ج4 ص136.
([50])
راجع: كتاب سليم بن قيس(ط المجلد الواحد ـ تحقيق محمد باقر
الأنصاري) ص329 و (ط 1) ص187 وبحار الأنوار ج3 ص217 عنه.
([51])
الكافي ج7 ص138 و 354 وبحار الأنوار ج 32 ص 214 عنه، ومن لا
يحضره الفقيه ج4 ص308 و 309 وتهذيب الأحكام ج9 ص376 وج10 ص202
ووسائل الشيعة (آل البيت) ج26 ص36 و (الإسلامية) ج17 ص393.
([52])
المستدرك للحاكم ج3 ص 371.
([53])
تاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف بمصر) ج4 ص 512 و (ط
الأعلمي) ج3 ص522 والفتنة ووقعة الجمل ص158 وتاريخ مدينة دمشق
ج25 ص110.
([54])
راجع: الكامل في التاريخ ج3 ص243 وإمتاع الأسماع ج13 ص244 وشرح
إحقاق الحق (الملحقات) ج32 ص479.
([55])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص534 و (ط الأعلمي) ج3 ص539 والفتنة
ووقعة الجمل ص174 وتاريخ مدينة دمشق ج18 ص418 و 419.
([56])
الجمل للشيخ المفيد ص387 و (ط مكتبة الداوري) ص207.
([57])
الجمل للشيخ المفيد ص390 و (ط مكتبة الداوري) ص208 وراجع:
الطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص112.
([58])
أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص254.
([59])
أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص258 .
|