فـي شـعـب أبي طـالــب
المقاطعة:
>لما
رأت قريش عزة النبي
>صلى
الله عليه وآله<
بمن معه، وعزة أصحابه في الحبشة، وفشوّ الإسلام في القبائل<([1])،
وأن جميع جهودها في محاربة الإسلام قد باءت بالفشل،
حاولت أن تقوم بتجربة جديدة، وهي الحصار الاقتصادي والاجتماعي ضد
الهاشميين، وأبي طالب؛ فإما أن يرضخوا لمطالبها في تسليم محمد لها
للقتل،
وإما أن يتراجع محمد
>صلى
الله عليه وآله<
نفسه عن دعوته.
وإما أن يموتوا جوعاً وذلاً، مع عدم ثبوت مسؤولية محددة
على أحد في ذلك، يمكن أن تجر عليهم حرباً أهلية، ربما لا يمكن لأحد
التكهن بنتائجها، وعواقبها السيئة.
فكتبوا صحيفة تعاقدوا فيها على عدم التزوج والتزويج
لبني هاشم، وبني المطلب، وأن لا يبيعوهم شيئاً، ولا يبتاعوا منهم، وأن
لا يجتمعوا معهم على أمر من الأمور، أو يسلموا لهم رسول الله
>صلى
الله عليه وآله<
ليقتلوه.
وقد وقع على هذه الصحيفة أربعون رجـلاً من وجوه قريش،
وختموها بخواتيمهم، وعلقت الوثيقة في الكعبة مدة ويقال:
>إنهم
خافوا عليها السرقة؛ فنقلوها إلى بيت أم أبي جهل<([2]).
وكان ذلك في سنة سبع من البعثة على أشهر الروايات،
وقيل ست.
وأمر أبو طالب بني هاشم أن يدخلوا برسول الله
>صلى
الله عليه وآله<
الشعب ـ الذي عرف بشعب أبي طالب ـ ومعهم بنو المطلب بن عبد مناف،
باستثناء أبي لهب لعنه الله وأخزاه([3]).
واستمروا فيه إلى السنة العاشرة،
ووضعت قريش عليهم الرقباء حتى لا يأتيهم أحد بالطعام،
وكانوا ينفقون من أموال خديجة، وأبي طالب، حتى نفدت، حتى اضطروا إلى أن
يقتاتوا بورق الشجر.
وكان صِبْيَتُهُم يتضاغون جوعاً، ويسمعهم المشركون من
وراء الشعب، ويتذاكرون ذلك فيما بينهم، فبعضهم يفرح، وبعضهم يتذمم من
ذلك.
ويقولون:
إنه ربما وجد فيهم من يتعاطف مع المسلمين، وكان هذا
يصدر غالباً ممن يتصل بهم نسباً، كأبي العاص بن الربيع، وحكيم بن حزام
وإن كنا نحن نشك في ذلك كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
ولم يكونوا يجسرون على الخروج من شعب أبي طالب إلا في
موسم العمرة في رجب، وموسم الحج في ذي الحجة، فكانوا يشترون حينئذٍ
ويبيعون ضمن ظروف صعبة جداً، حيث إن المشركين كانوا يلتقون بكل من يقدم
مكة أولاً، ويطمعونه بمبالغ خيالية ثمناً
لسلعته، شرط أن لا يبيعها للمسلمين.
وكان أبو لهب هو رائدهم في ذلك؛ فكان يوصي التجار
بالمغالاة عليهم حتى لا يدركوا معهم شيئاً، ويضمن لهم، ويعوضهم من ماله
كل زيادة تبذل لهم.
بل لقد كان المشركون يتهددون كل من يبيع المسلمين شيئاً
بنهب أمواله، ويحذرون كل قادم إلى مكة من التعامل معهم.
والخلاصة:
أن قريشاً قد
قطعت عنهم الأسواق، فلا يتركون لهم طعاماً يقدم مكة، ولا بيعاً إلا
بادروهم إليه، يريدون بذلك أن يدركوا سفك دم رسول الله
>صلى
الله عليه وآله<([4]).
وقد استمرت هذه المحنة سنتين أو ثلاثاً،
وكان علي أمير المؤمنين
>عليه
السلام<
أثناءها يأتيهم بالطعام سراً من مكة، من حيث يمكن، ولو أنهم ظفروا به
لم يبقوا عليه، كما يقول الإسكافي وغيره([5]).
وكان أبو طالب رضوان الله تعالى عليه كثيراً ما يخاف
على النبي
>صلى
الله عليه وآله<
البيات؛ فإذا أخذ الناس مضاجعهم، اضطجع النبي
>صلى
الله عليه وآله<
على فراشه، حتى يرى ذلك جميع من في شعب أبي طالب، فإذا نام الناس جاء
وأقامه، وأضجع ابنه علياً مكانه([6]).
وثمة أبيات شعر له
>رحمه
الله<
مخاطباً بها ولده علياً بهذه المناسبة، فلتراجع في مصادرها.
هنا سؤال مفاده:
إن من المعروف أن الإسلام قد قام بسيف أمير المؤمنين
>عليه
السلام<،
الذي قال فيه رسول الله
>صلى
الله عليه وآله<
ـ كما سيأتي في غزوتَي أحد وبدر:
لا
فـــــتــــــى إلا عـــلــــي لا ســيـــف إلا ذو
الـــفـــقــار
وبأموال خديجة رحمها الله تعالى، التي أنفقتها في سبيل
الله سبحانه فما معنى هذا الكلام وما الذي يرمي إليه؟!
فهل معنى ذلك:
أن خديجة كانت ترشو الناس من أجل أن يدخلوا في الإسلام؟
وهل يمكن العثور على مورد واحد من هذا القبيل في
التاريخ؟!
لعلك تقول:
إن النبي
>صلى
الله عليه وآله<
كان يتألف كثيرين على الإسلام، فيعطيهم الأموال ترغيباً لهم في ذلك.
وقضية غنائم حنين الآتية إن شاء الله أوضح دليل على
ذلك، ولا يجهل أحد سهم المؤلفة قلوبهم في الإسلام.
والجواب:
أن هذا الذي ذكر ليس معناه أنهم كانوا يأخذون الرشوة
على الإسلام، وإنما يريد الإسلام لهؤلاء أن يعيشوا في الأجواء
الإسلامية، ويتفاعلوا معها، وينظروا لها نظرة سليمة، ومن دون وجود أية
حواجز نفسية، أو سياسية، أو اجتماعية فكان هذا المال المعطى لهم يساعد
على التغلب على تلك الحواجز الوهمية في أكثرها، ويجعلهم يعيشون في
الأجواء والمناخات الإسلامية، ويتعرفون على خصائص الإسلام وأهدافه.
ولتحصل لهم من ثم القناعات الوجدانية والفكرية بأحقية
الإسلام، وسمو أهدافه.
كما أن من هؤلاء من يرى:
أن هذا الدين قد حرمه من المال والثروة والامتيازات
التي يحبها، فلماذا لا يدبر في الخفاء ما يزيح هذا الكابوس الخانق،
والمضر بمصالحه؟
فإذا أعطي المال، وأفهم أن الإسلام ليس عدواً للمال:
{قُلْ
مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ
وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ..}([7])
فإنه يمكن إقناعه حينئذٍ بأن هدف الإسلام ليس إلا التركيز على إنسانية
الإنسان، واعتبارها المقياس الحقيقي له، لا المال، ولا القوة ولا
الجمال، ولا الجاه، ولا غير ذلك،
وأنه يهدف إلى تنظيم حياة هذا الإنسان في هذا الخط، ليكون سعيداً في
الدنيا والآخرة على حد سواء.
وأما أموال خديجة؛ فلم تكن تعطى كرشوة على الإسلام، ولا
كانت تنفق على المؤلفة قلوبهم.
وإنما كانت تسد رمق ذلك المسلم، الذي يعاني أعظم المشاق
والآلام، في سبيل إسلامه وعقيدته، هذا المسلم الذي لم تتورع قريش عن
محاربته بكل ما تملكه من أسلحة لا إنسانية ولا أخلاقية، حتى بالفقر
والجوع.
فكانت تلك الأموال تسد رمق من يتعرض للأخطار الكبيرة،
وتخدم الإسلام عن هذا الطريق.
وهذا معنى قولهم:
إن الإسلام قام بأموال خديجة.
وملاحظة لا بد منها، وهي أن أموال خديجة التي أنفقت في
المقاطعة، كانت في غالبها من النوع الذي يمكن الانتفاع به في سد رمق
الجائع،
وكسوة العاري، وأما ما سواه؛ فلربما لم يتعرض لذلك؛ بسبب عدم القدرة
على البيع والشراء في غالب الأحيان.
ونشير أخيراً،
إلى أن مكة
مهما عظمت الثروة فيها، فإنها لا تخرج عن كونها محدودة الإمكانات،
تبعاً لموقعها، وحجمها؛ لأنها لم تكن مدينة كبيرة جداً، بل كانت بلداً
كبيراً بالنسبة إلى القرية، ولذا جاء التعبير عنها في القرآن بـ
>أم
القرى<
وثروة في بلد كهذا تبقى دائماً محدودة، تبعاً لمحدوديته، وقدراته،
وإمكاناته.
قد تقدم أنهم يذكرون حكيم بن حزام في جملة من كان يرسل
الطعام سراً إلى المسلمين في شعب أبي طالب روى ذلك ابن إسحاق وغيره([8]).
ولكننا بدورنا نشك في ذلك، فإن حكيم بن حزام كان من
القوم الذين انتدبتهم قريش لقتل رسول الله
>صلى
الله عليه وآله<
ليلة الغار، وباتوا على باب النبي
>صلى الله
عليه وآله<
يرصدونه بانتظار ساعة الصفر([9])
وقد رد الله كيدهم إلى نحورهم.
أضف إلى ذلك:
أنه كان يحتكر
جميع الطعام الذي كان يأتي إلى المدينة على عهد رسول الله
>صلى الله
عليه وآله<([10])،
وكان من المؤلفة قلوبهم([11]).
ومن كانت له نفسية كهذه، فإنه يصعب عليه جود كهذا،
خصوصاً إذا كان معه تعريض نفسه لأخطار العداء مع قريش،
إلا أن يكون يمارس ذلك بروحه الاحتكارية التجارية؛ فيبيع المسلمين
الطعام بأغلى الأثمان،
فيعرض نفسه لهذه الأخطار حباً بالمال.
ويكون حبه للمال، وتفانيه في سبيله هو الذي يُسهِّل
عليه كل عسير، ويذلل له ركوب كل صعب وخطير.
أضف إلى ذلك:
أنه سوف يأتي
حين الكلام على إسلام أبي طالب حين الكلام على رده
>صلى
الله عليه وآله<
هدية ملاعب الأسنة: أن النبي
>صلى
الله عليه وآله<،
قد رد هديته وهدية غيره، لأنها هدية من مشرك،
فلا يعقل: أن يقبلها الآن، ويردها بعد ذلك،
وإلا لاعترضوا عليه بقبوله لها قبل الآن.
إلا أن يدعى:
أن ابن حزام
إنما كان يعطي الأطفال والنساء، وغيرهم من بني هاشم المحصورين في
الشعب، وهؤلاء كانوا يقبلون ذلك منه، وإن كان النبي
>صلى
الله عليه وآله<
لم يكن يقبل. فتبقى ملاحظة: إنه قد يكون إنما يأتيهم بالطعام ليبيعهم
إياه بأغلى الأثمان لا دافع لها.
ومن ذلك كله يظهر أيضاً:
أنه لا يمكن الاطمئنان، ولا قبول قولهم: إن أبا العاص
بن الربيع كان يفعل مثل ذلك آنئذٍ.
ونحن لا نستبعد:
أن يكون
للزبيريين يد في تسجيل هذه الفضيلة لحكيم بن حزام، لا سيما وأنه كان
ممن تلكأ عن بيعة أمير المؤمنين
>عليه
السلام<،
وكان عثمانياً متصلباً([12]).
وقد أشرنا إلى ذلك حين الكلام حول ولادة أمير المؤمنين
>عليه
السلام<
في الكعبة، وحين الكلام عن افتعال الأكاذيب
في موضوع الوحي وكيفياته.
وفي السنة الثامنة من البعثة، حينما كان المسلمون
محصورين في شعب أبي طالب، كانت قضية انشقاق القمر([13]).
وقد جاء في الروايات الكثيرة:
أن قريشاً
سألوا رسول الله
>صلى
الله عليه وآله<
أن يريهم آية، فدعا الله فانشق القمر نصفين حتى نظروا إليه ثم التأم؛
فقالوا: هذا سحر مستمر، فأنزل الله تعالى:
{اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ، وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا
وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ}([14]).
وفي رواية: أنهم قالوا:
انتظروا ما يأتيكم به السُفَار؛ فإن محمداً لا يستطيع
أن يسحر الناس كلهم، فجاء السفار، فسألوهم، فقالوا: نعم رأيناه، فأنزل
الله: اقتربت الساعة وانشق القمر([15]).
ونقل عن السيد الشريف في شرح المواقف، وعن ابن السبكي
في شرح المختصر:
أن الحديث متواتر لا يمترى في تواتره عند أهل السنة([16])،
وأما عند غيرهم، فيقول العلامة البحاثة السيد الطباطبائي
>رحمه
الله<:
>ورد
انشقاق القمر لرسول الله
>صلى
الله عليه وآله<
في روايات الشيعة عن أئمة أهل البيت
>عليهم
السلام<
كثيراً، وقد تسلمه محدثوهم والعلماء من غير توقف<([17]).
ولكن على أية حال.. لا يمكن أن تعتبر هذه المسألة من
ضروريات الدين، كما أشار إليه بعض الأعلام([18]).
يقول العلامة الطباطبائي:
>واعترض
عليها: بأن صدور المعجزة منه
>صلى
الله عليه وآله<
باقتراح من الناس، ينافي قوله تعالى:
{وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ
إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ
مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ
تَخْوِيفاً}([19]).
فمفاد هذه الآية، إما أنا لا نرسل بالآيات إلى هذه
الأمة أصلاً،
لأن
الأمم السابقة كذبوا بها، وهؤلاء يماثلونهم في طباعهم؛ فيكذبون بها،
ولا فائدة في الإرسال مع عدم ترتب الأثر عليه،
أو المفاد؛ أننا لا نرسل بها، لأننا أرسلنا إلى أوليهم فكذبوا بها؛
فعذبوا بها، وأهلكوا.
ولو أرسلنا إلى هؤلاء لكذبوا بها، وعذبوا عذاب
الاستئصال، لكننا لا نريد أن نعاجلهم بالعذاب.
وعلى أي حال،
لا يرسل بالآيات إلى هذه الأمة، كما كانت ترسل إلى الأمم الدارجة.
نعم، هذا في الآيات المرسلة باقتراح الناس، دون الآيات
التي تؤيد بها الرسالة، كالقرآن المؤيد لرسالة النبي
>صلى
الله عليه وآله<،
وكآيتي العصا، واليد لموسى
>عليه
السلام<،
وآية إحياء الموتى وغيرها لعيسى
>عليه
السلام<،
وكذا الآيات النازلة لطفاً منه سبحانه، كالخوارق الصادرة عن النبي
>صلى
الله عليه وآله<،
لا عن اقتراح منهم
الخ..
ثم أجاب
>رحمه
الله<
بما ملخصه:
إن
تكذيبهم بآية انشقاق القمر كان يستدعي العذاب، لأنها آية اقتراحية
منهم، وما كان الله ليهلك جميع من أرسل نبيه إليهم، وهم أهل الأرض
جميعاً إلا بعد إتمام الحجة عليهم، ولم تتم الحجة بعد على جميع الناس
ثم كذبوه، ثم طلبوا الآية.
بل تمت الحجة على بعض الأفراد من الذين كانوا يعيشون في
مكة، لأن هذه الآية كانت قبل الهجرة بخمس سنين هذا بالإضافة إلى أنه ما
كان الله ليهلك جميع أهل مكة ومن حولها، لأن فيهم جمعاً كبيراً من
المسلمين، قال تعالى:
{هُمُ
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ
وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ
مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاء مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن
تَطَؤُوهُمْ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ
لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَاء لَوْ تَزَيَّلُوا
لَعَذَّبْنَا الَذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً}([20]).
ولم يتزيل المشركون عن المسلمين، ولا امتازوا عنهم.
كما أنه إذا كان الرسول
>صلى
الله عليه وآله<
بينهم فإنه لا يعذبهم.
قال تعالى:
{وَمَا
كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ..}([21])
وما كان الله لينجي المؤمنين ويهلك الكفار بعد أن آمن جمع كثير منهم
فيما بين سنة ثمان من البعثة وثمان من الهجرة، ثم أسلم عامتهم يوم
الفتح، والإسلام يكتفى فيه بظاهره.
وأيضاً، فإن عامة أهل مكة ومن حولها لم يكونوا أهل جحود
وعناد، وإنما كان ذلك في عظمائهم وصناديدهم، الذين كانوا يستهزئون به
>صلى
الله عليه وآله<،
ويعذبون المؤمنين.
والآيات التي تبين أن صدهم
عن المسجد الحرام،
واستفزازهم له
>صلى
الله عليه وآله<
من الأرض ليخرجوه منها،
سوف ينشأ عنه أنهم
{لاَّ
يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً}([22])،
و{يَمَسُّهُمُ
الْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ}([23])
ـ هذه الآيات ـ قد تحقق مضمونها بما أصابهم يوم بدر من
القتل الذريع.
فقوله تعالى:
{وَمَا
مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ..}([24])
إنما يفيد الإمساك عن إرسال الآيات ما دام النبي
>صلى
الله عليه وآله<
فيهم، وأما إرسالها وتأخير العذاب إلى حين خروجه من بينهم فلا دلالة
فيه عليه.
وقوله تعالى:
{وَقَالُواْ
لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً}([25])
ـ إلى أن قال ـ :
{قُلْ
سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً}([26]).
لا يدل على نفي تأييد النبي
>صلى
الله عليه وآله<
بالآيات المعجزة، وإنكار نزولها من الأساس،
وإلا فإن جميع الأنبياء كانوا بشراً.
ومعنى الآية:
أنه من حيث هو بشر فإنه لا يقدر على ذلك.
وإنما الأمر إلى الله تعالى فهو الذي يأتي بالآيات في
الحقيقة([27]).
ويقول البعض:
إن آية:
{..
وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفاً}([28])
لعلها ناظرة
إلى أن دعوة النبي
>صلى
الله عليه وآله<
ليست معتمدة على الآيات، التي هي من قبيل ناقة ثمود، وآيات موسى
>عليه
السلام<،
بل هي تعتمد بالدرجة الأولى على الإقناع، وإقامة الحجة العقلية كدعوة
إبراهيم >عليه
السلام<،
وذلك لا ينافي صدور بعض الآيات في الموارد التي لا تنفع فيها الحجج
العقلية، والبراهين القطعية.
وأوردوا على انشقاق القمر بأنه لو انشق ـ كما يقال ـ
لرآه جميع الناس، ولضبطه أهل الأرصاد في الغرب والشرق، لكونه من أعجب
الآيات السماوية، والدواعي متوفرة على استماعه ونقله.
وأجيب:
أولاً:
إن من الممكن أن يغفل عنه، فلا دليل على كون كل حادث
أرضي أو سماوي معلوماً للناس، محفوظاً عندهم، يرثه خلف عن سلف([29]).
وأوضح ذلك
بعض الأعلام بما حاصله:
إنه لا بد من ملاحظة الأمور التالية:
1 ـ
إن هذا الانشقاق قد حصل في نصف الكرة الأرضية، حيث يوجد الليل دون
النصف الآخر، حيث يوجد النهار.
2 ـ
وفي هذا النصف لا يلتفت أكثر الناس إلى ما يحصل في الأجرام السماوية
إذا كان ذلك بعد نصف الليل، حيث الكل نائمون، فإنهم جميعاً لا يلتفتون
إلى ذلك.
3 ـ
ولربما يكون في بعض المناطق سحاب يمنع من رؤية القمر.
4
ـ
والحوادث السماوية إنما تلفت النظر لو كانت مصحوبة بصوت كالرعد، أو
بأثر غير عادي كقلة نور الشمس في الكسوف، إذا كان لمدة طويلة نسبياً.
5 ـ
هذا كله عدا عن أن السابقين لم يكن لهم اهتمام كبير بالسماء ومراقبة ما
يحدث لأجرامها.
6 ـ
ولم يكن ثمة وسائل إعلام تنقل الخبر من أقصى الأرض إلى أقصاها بسرعة
مذهلة؛ لتتوجه الأنظار إلى ما يحدث.
7 ـ
والتاريخ الموجود بين أيدينا ناقص جداً، فكم كان في تلك المئات والآلاف
من السنين الخالية من كوارث وزلازل، وسيول عظيمة أهلكت طوائفَ وأمماً،
وليس لها مع ذلك في التاريخ أثر يذكر؟
بل إن زرادشت وقد ظهر في دولة عظيمة، وله أثر كبير على
الشعوب على مدى التاريخ، لا يُعرف حتى أين ولد ومات ودفن، بل ويشك
البعض في كونه شخصية حقيقية، أو وهمية.
وبعد ما تقدم:
يتضح أنه لا يجب أن يعرف الناس بانشقاق القمر، ولا أن يضبطه التاريخ
بشكل واضح([30])
كما هو معلوم.
ثانياً:
لم يكن في
المنطقة العربية وغيرها مرصد للأوضاع السماوية، وإنما كانت المراصد
موجودة في المشرق والمغرب لدى الروم واليونان، وغيرهما. ولم يثبت وجود
مرصد في هذا الوقت،
على أن بلاد الغرب، الذين كانوا معتنين بهذا الشأن بينها وبين مكة من
اختلاف الأفق ما يوجب فصلاً زمانياً معتداً به.
وقد كان القمر على ما في بعض الروايات بدراً قد انشق
حين طلوعه، ودام مدة يسيرة، ثم التأم، فيقع طلوعه في بلاد المغرب وهو
ملتئم ثانياً([31]).
ويبقى هنا سؤال وهو:
هل يمكن علمياً الانشقاق في الأجرام السماوية؟
وإذا أمكن الانشقاق، فإنما يمكن ببطلان التجاذب بين
الشقتين حينئذٍ؛ فيستحيل الالتئام
بعد الانشقاق.
وأجيب عنه:
بأن خرق العادة بقدرة الله سبحانه ليس محالاً.
كما أن العلماء يقولون:
إنه قد حدثت انشقاقات كثيرة في الأجرام السماوية؛ بسبب
عوامل خاصة، ومن الأمثلة على ذلك:
1 ـ
إن ثمة حوالي خمسة آلاف من القطع الكبيرة والصغيرة التي
تدور حول الشمس ويعتقد العلماء أنها بقايا إحدى السيارات التي كانت بين
مداري المريخ والمشتري، ثم انفجرت لأسباب مجهولة وتحولت إلى قطع
متفاوتة الأحجام في مدارات حول الشمس.
2 ـ
ويقولون: إن الشهب هي أحجار صغيرة تسير بسرعة مذهلة في مدار حول الشمس،
وربما تتقاطع مع الأرض أحياناً، فتجذبها الأرض، فتصطدم بالجو الأرضي
فتشتعل ثم تتلاشى.
ويقول العلماء:
إنها بقايا نجوم انفجرت وتشققت بهذا النحو.
3 ـ
والمنظومة الشمسية أيضاً يقال ـ حسب نظرية لابلاس ـ إنها كانت في الأصل
قطعة واحدة، ثم انفجرت، لسبب غير معلوم فصارت على هذا النحو، فلماذا لا
ينشق القمر بسبب قاهر وهو القدرة الإلهية، حيث إن النبي
>صلى الله
عليه وآله<
قد دعا الله فاستجاب له؟ ولم يدّع أحد أنه ينشق بلا سبب أصلاً.
وأما عودته إلى الالتئام بعد ذلك، فقد قال العلماء: إن
كل جرم كبير له جاذبية.
ولذلك نجد أن الشمس كثيراً ما تجذب بعض القطعات التي
تدور حولها،
فتتحول تلك القطع بفعل الصدمة والاحتكاك إلى لهب متلاشٍ.
إذاً، فما دام كل من شقي القمر قريباً إلى الآخر، وبعد
رفع تأثير القوة المانعة من تأثير الجاذبية، فلماذا لا يشد كل من
النصفين النصف الآخر
إلى نفسه، ليعودا كما كانا، وأي محذور عقلي في ذلك؟!([32]).
وقد أوجز العلامة الطباطبائي الإجابة عن سؤال امتناع
الالتئام
لعدم الجاذبية، فقال: إن الاستحالة العقلية ممنوعة، والاستحالة
العادية، بمعنى اختراق العادة، لو منعت عن الالتئام
بعد الانشقاق، لمنعت أولاً عن الانشقاق بعد الالتئام
ولم تمنع. وأصل الكلام مبني على خرق العادة([33]).
ومما تجدر الإشارة إليه هنا:
أن جريدة كيهان الإيـراينة قـد نـشـرت بتاريخ: الثلاثاء 3 شباط 2004
>14/11/1382
هـ. ش<
العدد 62/17876 خبراً مفاده أن رواد الفضاء الأمريكي قد توصلوا في
تحقيقاتهم الأخيرة إلى أن القمر قد انشق إلى نصفين، ومن ثم ـ بواسطة
قوة فاعلة ـ التأم من جديد.
وفـي مقابلة تلفزيونية مع عالم الجيولوجيا الدكتور
زغلول النجار أعلن أنه وخلال محاضرة له في جامعة
>كارديف<
في غرب
بريطانيا، أكد داود موسى بيتكوك
>رئيس
الحزب الإسلامي البريطاني<:
أنه سمع ذلك من التلفزيزن البريطاني، وأن هذا كان سبب إسلامه.
ويحتمل البعض:
أن يكون قوله
تعـالى:
{اقْتَرَبَتِ
السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ}([34])
ناظراً إلى المستقبل، وأنه من أشراط الساعة، كتكوير
الشمس، وانكدار النجوم.
وأجيب عنه بما حاصله:
أولاً:
إن ظاهر قوله تعالى:
{وَإِن
يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ}([35])
هو أن جماعة من مخالفي النبي لا يؤمنون بالآيات وكلما جاءتهم آية يزيد
عنادهم واستكبارهم، ويعتبرونها من السحر.
مما يدل على أنه قد جرى له
>صلى
الله عليه وآله<
معهم في قصة انشقاق القمر مثل ذلك.
ثانياً:
إن جملة
>انشق<
فعل ماض، ولا يراد الاستقبال من الفعل الماضي إلا بقرينة، وهي غير
موجودة،
بل الموجود خلافه؛ فقد قال الرازي:
>المفسرون
بأسرهم على أن المراد أن القمر انشق، ودلت الأخبار الصحاح عليه<([36])
وإن كان الطبرسي وابن شهرآشوب
يستثنيان: عطاء، والحسن والبلخي([37]).
ثم قال الطبرسي:
وهذا لا يصح، لأن
المسلمين أجمعوا على ذلك، فلا يعتد بخلاف من خالف فيه([38]).
وإن قيل:
إن اقتران جملة: اقتربت الساعة: بجملة: وانشق القمر،
يوحي بأن زمانهما واحد.
فالجواب هو:
أن كثيراً من
الآيات تؤكد على أن الساعة قد قرب وقتها، فلم الغفلة؟ قال تعالى:
{اقْتَرَبَ
لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ}([39]).
وينقل عنه
>صلى
الله عليه وآله<
أنه قال:
>بعثت
أنا والساعة كهاتين<([40])
وأشار إلى إصبعيه.
>والظاهر:
أن ذلك بملاحظة مجموع عمر الدنيا الطويل جداً، حتى ليصح
أن يقال:
إن هذا الفاصل الزماني بين بعثته
>صلى
الله عليه وآله<
وقيام الساعة ليس بشيء<.
وبعد هذا.. فإن مفاد الآية يكون:
أن
الساعة قد اقتربت، وهذه الآية المعجزة قد ظهرت للنبي
>صلى
الله عليه وآله<.
ولكن هؤلاء المشركين المستكبرين لا يؤمنون، ولا يصدقون،
بل يقولون: سحر مستمر([41]).
ولكن بعض المحققين يقول:
إن قوله
تعالى: {وَإِن
يَرَوْا آيَةً..}
جملة شرطية، لا دلالة فيها على وقوع ذلك.
وجملة
{وَانشَقَّ
الْقَمَرُ}
مساقها مساق قوله تعالى:
{أَتَى
أَمْرُ الله فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ}
فإنها جملة فعلية ماضوية،
ولكن الأمر لم يأت بعد بقرينة قوله:
{فَلاَ
تَسْتَعْجِلُوهُ}.
وكذا الحال في قوله تعالى:
{وَانشَقَّ
الْقَمَرُ}
بملاحظة قوله تعالى:
{وَإِن
يَرَوْا آيَةً..}
والمراد بيان حالهم لو وقع لهم أمر كهذا.
وأما الإجماع الذي
ادعاه
الطبرسي؛ فلا حجية فيه، إذ من المحتمل أن يكون منشؤه الفهم الخاطئ
للآية،
انتهى كلامه.
ونقول نحن:
إن هذا الكلام له وجه، لو لم يكن لدينا أخبار صحيحة تدل
على وقوع انشقاق القمر.
هذا، وقد لعبت الأهواء والأساطير في قضية شق القمر، حتى
لقد شاع على ألسنة الناس: أن أحد شقي القمر قد مر من كُمّ النبي
>صلى
الله عليه وآله<.
فيقول العلامة الشيخ ناصر مكارم:
إن هذا الكلام ليس له في كتب الحديث والتفسير عين ولا
أثر، سواء عند السنة، أو عند الشيعة.
وثمة تفاصيل وخصوصيات تذكر في بعض الروايات لا نرى في
تحقيق الحق فيها كبير نفع، ولا جليل أثر؛ ولذا فنحن نعرض عنها إلى ما
هو أهم، ونفعه أعم.
وبعد ثلاث سنوات تقريباً من حصر المسلمين في شعب أبي
طالب، أخبر النبي
>صلى الله
عليه وآله<
عمه أبا طالب بأن الإرضة قد أكلت كل ما في صحيفتهم من ظلم وقطيعة رحم
ولم يبق فيها إلا ما
كان اسماً لله. وفي نص آخر:
>أنها
قد أكلت كل اسم لله تعالى فيها، ولم تُبْق إلا كل ظلم وشر، وقطيعة رحم<([42]).
والأصح هو الأول كما هو صريح الكلام المنقول عن أبي
طالب
>عليه
السلام<..
فخرج أبو طالب من شعبه، ومعه بنو هـاشـم
إلى قريش، فقال المشركون: الجوع أخرجهم.
وقالوا له:
يا أبا طالب، قد آن لك أن تصالح قومك.
قال:
قد جئتكم
بخير، ابعثوا إلى صحيفتكم، لعله أن يكون بيننا وبينكم صلح فيها.
فبعثوا، فأتوا بها،
فلما وضعت وعليها أختامهم.
قال لهم أبو طالب:
هل تنكرون منها شيئاً؟
قالوا:
لا.
قال:
إن ابن أخي حدثني ولم يكذبني قط: أن الله قد بعث على
هذه الصحيفة الأرضة، فأكلت كل قطيعة وإثم، وتركت كل اسم هو لله؛ فإن
كان صادقاً أقلعتم عن ظلمنا، وإن يكن كاذباً ندفعه إليكم فقتلتموه.
فصاح الناس:
أنصفتنا يا
أبا طالب،
ففتحت،
ثم أخرجت، فإذا هي كما قال
>صلى
الله عليه وآله<:
فكبر المسلمون، وامتقعت وجوه المشركين.
فقال أبو طالب:
أتبين لكم: أينا أولى بالسحر والكهانة؟. فأسلم يومئذٍ
عالم من الناس.
ولكن المشركين لم يقنعوا بذلك، بل استمروا على العمل
بمضمون الصحيفة، حتى قام جماعة منهم بالعمل على نقضها، ويذكرون منهم:
هشام بن عمرو بن ربيعة، وزهير بن أمية بن المغيرة، والمطعم بن عدي،
وأبا البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، وكلهم له رحم ببني هاشم
والمطلب،
وتكلموا في نقضها؛ فعارضهم أبو جهل فلم يلتفتوا إلى معارضته، ومزقت
الصحيفة، وبطل مفعولها. وخرج الهاشميون حينئذٍ من شعب أبي طالب رضوان
الله تعالى عليه([43]).
إن المطالع لأحداث ما قبل الهجرة النبوية الشريفة ليجد
عشرات الشواهد الدالة على حنكة أبي طالب
>عليه
السلام<.
وخير شاهد نسوقه الآن على ذلك، هو ما ذكرناه آنفاً، حيث
رأيناه يطلب منهم أن يحضروا صحيفتهم، ويمزج ذلك بالتعريض بإمكان أن
يكون ثمة صلح في ما بينهم وبينه.
وما ذلك إلا من أجل أن لا تفتح الصحيفة إلا علناً،
يراها كل أحد، وأيضاً حتى يهيئهم للمفاجأة الكبرى، ويمهد السبيل أمام
طرح الخيار المنطقي عليهم، ليسهل عليهم تقبله، ثم الالتزام به،
ولاسيما إذا استطاع أن ينتزع منهم وعداً بما يريد، ويضعهم أمام شرف
الكلمة، وعلى محك قواعد النبل واحترام الذات، حسب المعايير التي كانوا
يتعاملون على أساسها..
وقد نجح في ذلك إلى حد بعيد، حتى
ليصيح الناس:
أنصفتنا يا أبا طالب.
ثم تبرز لنا من النصوص المتقدمة حقيقة أخرى، لها
أهميتها وانعكاساتها، وهي تدل على مدى ثقة أبي طالب بصدق النبي الأعظم
>صلى
الله عليه وآله<،
وبسداد أمره، وواقعية ما جاء به، حتى قال: إن ابن أخي حدثني ولم يكذبني
قط..
وكان
يتألم جداً من اتهام ابن أخيه بالسحر والكهانة، ويعتبر ذلك افتراء
ظاهراً، ويغتنم الفرصة السانحة للتعبير عن خطل رأيهم، وسفه أحلامهم،
فيقول لهم: >أتبين
لكم: أينا أولى بالسحر والكهانة<؟!
وكانت النتيجة:
أن أسلم بسبب هذه المعجزة يومئذٍ عالم من الناس.
وقد لاحظنا فيما سبق:
أن القبلية قد ساعدت إلى حد ما في منع الكثير من
الأحداث التي تؤثر مستقبلياً على الدعوة ونجاحها.
وليكن ما قام به هؤلاء الذين عملوا على نقض الصحيفة هو
أحد الشواهد على ذلك.
ولكن الذي يلفت نظرنا هو:
أننا لا نرى أبا لهب فيمن قام في ذلك أو ساعد عليه.
كما أننا لا نجد
أثراً
لابن عم خديجة حكيم بن حزام، الذي تدَّعي
الروايات!! أنه كان يرسل الطعام لهم وهم محصورون في الشعب.
وأيضاً لا نجد مكاناً لأبي العاص بن الربيع الأموي
(!!)، الذي سوف يأتي حين الكلام على أسطورة تزويج
الإمام
علي
>عليه
السلام<
ببنت
أبي جهل أنهم يدعون (!!): أن النبي
>صلى
الله عليه وآله<
أثنى على صهره!! تعريضاً بعلي الذي لم يكن يستحق إلا التقريع والتعريض
(!!). علي الذي كان يخاطر بنفسه، ويأتي لهم بالطعام من مكة، ولو وجدوه
لقتلوه، كما تقدم.
واستمر الرسول الأكرم
>صلى
الله عليه وآله<
يعمل على نشر دينه، وأداء رسالته، واستمرت قريش تضع في طريقه العراقيل،
وتحاول أن تمنع الناس من الاجتماع به، والاستماع إليه، بكل الوسائل
التي تقع تحت اختيارها،
والنبي >صلى
الله عليه وآله<
يتحمل ويصبر،
لا يكل ولا يمل،
ولم تفلح قريش في ذلك، ولا وصلت إلى نتيجة،
والأحداث التي في هذا السبيل كثيرة، لو أردنا استقصاءها لطال بنا
المقام،
ولا محيص لنا عن تجاوزها إلى غيرها، وإن كان يعز ذلك علينا.
وقدم على النبي الأعظم الأكرم
>صلى
الله عليه وآله<
أول وفد من خارج مكة، وبالذات من الحبشة، ومن النصارى، وقيل: من نجران،
وكان يتألف ـ على قول ابن إسحاق وغيره ـ من عشرين رجلاً، وقيل غير ذلك،
وكان على رأس الوفد جعفر بن أبي طالب
>رحمه الله<([44]).
فوجدوا النبي
>صلى
الله عليه وآله<
في المسجد
الحرام؛
فكلموه، وسألوه، ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة، وبعد دعوة
الرسول >صلى
الله عليه وآله<
لهم إلى الإسلام آمنوا وصدقوا،
فلما قاموا، اعترضهم أبو جهل، وعنفهم على إسلامهم، وتركهم دينهم؛
فقالوا: سلام عليكم، لا نجاهلكم، لنا ما نحن عليه، ولكم ما أنتم عليه،
لم نأل أنفسنا خيراً؛
فأنزل الله تعالى:
{الَّذِينَ
آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ}،
إلى قوله تعالى:
{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا
عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ
عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}([45]).
وكانت هذه ـ بطبيعة الحال ـ ضربة قاسية لقريش
وكبريائها، وخططها وأهدافها،
وخصوصاً إذا كان ذلك الوفد قد جاء من الحبشة، وبالأخص بقيادة جعفر
>عليه
السلام<
فإن ذلك يعني:
أن الدعوة قد بدأت تأخذ طريقها إلى القلوب في مناطق لا
تخضع لقريش، وسلطانها، ونفوذها.
كما أنه إنذار لها بلزوم التحرك بسرعة قبل أن يفوت
الأوان.
ولكن كيف؟ وأنى؟. وهذا أبو طالب، ومعه الهاشميون والمُطّلبيون
يمنعون محمداً ويحوطونه،
فلا بد إذن من الانتظار.
من
مواقف أبي طالب:
وكان أبو طالب شيخ الأبطح
>عليه
السلام<
هو الذي حامى وناصر النبي
>صلى
الله عليه وآله<،
وحدب عليه منذ طفولته، وحتى الآن:
فقد نصره بيده ولسانه، وواجه المصاعب الكبيرة، والمشاق العظيمة في سبيل
الدفع عنه، والذود عن دينه ورسالته، وإعطائها الفرصة للتوسع والانتشار،
ما وجد إلى ذلك سبيلاً.
وهو أيضاً الذي كان يقدمه على أولاده جميعاً، وقد أرجعه
بنفسه من بصرى إلى مكة عندما حذره بحيرا من اليهود عليه
>صلى
الله عليه وآله<.
نعم، وهو الذي رضي بعداء قريش له، وبمعاناة الجوع
والفقر، والنبذ الاجتماعي، ورأى الأطفال يتضاغون جوعاً، حتى اقتاتوا
ورق الشجر، بل لقد عبر صراحة:
عن أنه على استعداد لأن يخوض حرباً طاحنة، تأكل الأخضر
واليابس، ولا يسلِّم محمداً لهم، ولا يمنعه من الدعوة إلى الله، بل هو
لا يطلب منه ذلك على الأقل.
وهو الذي يقف ذلك الموقف العظيم من جبابرة قريش
وفراعنتها، حينما جاءه النبي
>صلى الله
عليه وآله<
ـ وقد ألقت عليه قريش سلا ناقة ـ فأخذ
>رحمه الله<
السيف، وأمر حمزة بأن يأخذ السلا، وتوجه إلى القوم، فلما رأوه مقبلاً
عرفوا الشر في وجهه، ثم أمر حمزة أن يلطخ سبالهم، واحداً واحداً، ففعل([46]).
وفي نص آخر:
أنه نادى
قومه، وأمرهم بأن يأخذوا سلاحهم؛ فلما رآه المشركون أرادوا التفرق؛
فقال لهم: >ورب
البَنِيَّة،
لا يقوم منكم أحد إلا جللته بالسيف، ثم وجأ أنف من فعل بالنبي ذلك حتى
أدماها ـ وفاعل ذلك هو ابن الزبعرى ـ وأمرّ بالفرث والدم على لحاهم([47]).
وفي الشعب كان يحرس النبي
>صلى
الله عليه وآله<
بنفسه وينقله من مكان إلى آخر.
ويجعل ولده علياً
>عليه
السلام<
في موضع النبي >صلى
الله عليه وآله<،
حتى إذا كان أمر، أصيب ولده دونه وقد خاطب
>رحمه
الله<
في هذه المناسبة علياً
>عليه
السلام<
بأبيات معبرة.
وأجابه علي
>عليه
السلام<
بمثلها([48])
فلتراجع.
وكان يدفع قريشاً عنه باللين تارة، وبالشدة أخرى،
وينظم الشعر السياسي، ليثير العواطف، ويدفع النوازل، ويهيئ الأجواء
لإعلاء كلمة الله، ونشر دينه، وحماية أتباعه.
وقد افتقد النبي
>صلى
الله عليه وآله<
مرة >فلم
يجده؛ فجمع الهاشميين، وسلَّحهم، وأراد أن يجعل كل واحد منهم إلى جانب
عظيم من عظماء قريش ليفتك به، لو ثبت أن محمداً أصابه شر<([49]).
كل ذلك في سبيل الدفع عن الرسول الأعظم
>صلى
الله عليه وآله<
ونصر دينه، وإعلاء كلمته، ورفعة شأنه.
وواضح:
أن الإلمام بكل مواقف أبي طالب، وتضحياته الجسام يحتاج
إلى وقت طويل، وجهد مستقل ونحن نكتفي بهذه الإشارة، ونعترف أننا لم نقض
حقه كما ينبغي وذلك من أجل أن نوفر الفرصة لبحوث أخرى في السيرة
النبوية الشريفة.
مما تقدم يظهر أن أبا طالب، شيخ الأبطح، كان قد:
1 ـ
تخلى حتى عن مكانته في قومه، إلى بديل آخر هو في
الاتجاه المضاد تماماً، وهو العداء لهم، وسائر أهل بلده، بل والدنيا
بأسرها، بل هو يتحمل النفي والنبذ الاجتماعي له، ولكل من يلوذ به، ولا
يستسلم للضغوط المتنوعة التي يتعرض لها، ولا تلين قناته، ولا تصدع
صفاته.
2 ـ
رضي بتحمل الجوع والفقر والمحاصرة الاقتصادية، بل هو يبذل أمواله وكل
ما لديه في سبيل هذا الدين.
3 ـ
وطَّن
نفسه على خوض حرب طاحنة، ربما تنتهي بإبادة الهاشميين وأعدائهم، إذا
لزم الأمر.
4 ـ
ضحى حتى بولده الأصغر سناً عليٍّ
>عليه
السلام<
وتحمل آثار غربة ولده الآخر جعفر، المهاجر إلى الحبشة.
5 ـ
جاهد بيده ولسانه، واستخدم
كل ما لديه من إمكانات مادية ومعنوية، ولا يبالي بالصعاب والمشاق كافة،
وهو يدافع عن هذا الدين، ويحوطه بالرعاية والعناية، ما وجد إلى ذلك
سبيلاً.
ويرد سؤال، هو:
لماذا لا يكون ذلك كله بدافع عاطفي، ونابعاً عن حمية النسب والقبيلة؟!
أو على حد تعبير البعض:
بدافع من
>حبه
الطبيعي<؟([50]).
وجوابه:
1 ـ
ما يأتي من أدلة قاطعة على إيمان أبي طالب عليه الصلاة والسلام ولا
سيما أشعاره وتصريحاته الدالة على ذلك، هذا بالإضافة إلى ما ورد عن
رسول الله >صلى
الله عليه وآله<
وعن الأئمة >عليهم
السلام<
من ولده في ذلك..
2 ـ
يؤيد ذلك أنه إذا كان محمد
>صلى
الله عليه وآله<
ابن أخيه؛ فإن علياً
>عليه
السلام<
ولده، فلو كانت العاطفة النسبية هي الدافع، فلماذا يضحي
بولده دون ابن أخيه، طائعاً مختاراً، بعد تفكير وتأمل وتدبر لعواقب
ذلك؟ ولماذا يرضى بأن يكون الاغتيال ـ لو تم ـ موجهاً له دونه؟!
أم يعقل أن يكون حبه الطبيعي لابن أخيه أكثر منه لولده،
وفلذة كبده؟!.
3 ـ
لو كانت
الحمية القبلية، والرابطة النسبية، هي السبب في موقفه ذاك، فأولاً:
لماذا لم تدفع أبا لهب لعنه الله لأن يقف
أيضاً
موقف أبي طالب
>عليه
السلام<
؛ فيدفع عن النبي
>صلى
الله عليه وآله<،
ويضحي في سبيله؛ حتى بولده، وبمكانته، وبكل ما يملك؟!.
بل لقد رأيناه من أشد الناس على النبي
>صلى
الله عليه وآله<،
وأكثرهم جرأة عليه، وإيذاء له.
وأما سائر
بني هاشم فإنهم وإن دخلوا الشعب مع النبي
>صلى
الله عليه وآله<
إلا أن تضحياتهم في سبيل النبي لم تبلغ عشر معشار تضحيات أبي طالب، كما
أنهم إنما وقفوا هذا الموقف تحت تأثير نفوذ أبي طالب، وإصراره..
بل لماذا يدفع الحب الطبيعي أبا طالب للتضحية بولده
علي، وبإخوته، بل بسائر بني هاشم في سبيل ابن أخيه؟!..
وهكذا يتضح:
أن حمية الدين أقوى من حمية النسب، ولذلك نرى المسلمين يصرحون بأنهم
على استعداد لقتل آبائهم وأولادهم في سبيل دينهم.
وقد استأذن عبد الله بن عبد الله بن أبي رسول الله
>صلى
الله عليه وآله<
بقتل أبيه([51])..
وفي صفين أيضاً لم يرجع الأخ عن أخيه حتى أذن له أمير
المؤمنين
>عليه
السلام<
بتركه([52])
وقد قتل أهل الكوفة إخوانهم وأبناءهم حين أصبحوا خوارج([53])
إلى غير ذلك من الشواهد الكثيرة.
4 ـ
ثم إنه لو كان أبو طالب يفعل ذلك من أجل الدنيا؛ فقد كان يجب أن يضحي
بابن أخيه دون ولده، ويضحي به دون عشيرته؛ لأنه يحصل على الدنيا من هذا
الطريق؛ كما قتل المأمون أخاه، وسممت أم الهادي ولدها، لا أن يضحي بكل
شيء دونه، ويصر على ذلك حتى لو كانت النتيجة هي: خوض حرب تؤدي إلى قتله
وجميع من معه من أهل وأحبة، فإن هذا لا يصح في منطق المصالح الدنيوية
بأية صورة على الإطلاق.
5 ـ
وأيضاً، فإن الحمية القبلية ـ لو كانت ـ فإنما تؤثر أثرها في حدود
مصالح القبيلة، والحفاظ على شؤونها، ومستقبلها أما إذا كانت هذه الحمية
سببـاً
في تدمير القبيلة والقضاء عليها، وتعطيل مصالحها، وتعريض مستقبلها
للأخطار الجسام؛ فإن هذه الحمية لا يمكن أن يفسح لها المجال، ولا أن
يظهر لها أثر لدى عقلاء الرجال.
وهكذا يتضح:
أننا
لا يمكن أن نفسر مواقف أبي طالب
>عليه
السلام<
تلك، إلا على أنها بدافع عقيدي وإيماني راسخ، يدفع الإنسان للبذل
والعطاء، لكل ما يملك في سبيل دينه وعقيدته.
فصلوات الله وسلامه عليك يا أبا طالب، يا أبا الرجال،
ويا رائد قوافل التضحية والفداء، في سبيل الحق والدين، ورحمة الله
وبركاته.
عـام
الحزن:
وفي السنة العاشرة من البعثة كانت وفاة الرجل العظيم،
أبي طالب عليه الصلاة والسلام، ففقد النبي
>صلى
الله عليه وآله<
بفقده نصيراً قوياً، وعزيزاً وفياً، كان هو الحامي له، والدافع عنه،
وعن دينه، ورسالته، كما أشرنا إليه.
ثم توفيت بعده بمدة وجيزة ـ قيل: بثلاثة أيام، وقيل
بعده بحوالي شهر([54])
خديجة أم المؤمنين صلوات الله وسلامه عليها، أفضل أزواج النبي الأكرم
>صلى
الله عليه وآله<،
وأحسنهن سيرة وأخلاقاً مع النبي
>صلى
الله عليه وآله<،
وقد كانت بعض نساء النبي
>صلى
الله عليه وآله<
(وهي عائشة) تغار منها غيرةً شديدة، كما سنرى، رغم أنها لم تجتمع معها
في بيت الزوجية، لأن النبي
>صلى
الله عليه وآله<
قد تزوجها بعد وفاة خديجة بزمان([55]).
ونستطيع أن نعرف:
كم كان لأبي
طالب، ولخديجة >عليهما
السلام<
من خدمات جلّى
في سبيل هذا الدين من تسمية النبي
>صلى
الله عليه وآله<
عام وفاتهما بـ:
>عام
الحزن<([56]).
ومن الواضح:
أن النبي
>صلى
الله عليه وآله<
لم يكن ينطلق في حبه لهما، وحزنه عليهما من مصلحته الشخصية، أو من
عاطفة رحمية، وإنما هو يحب في الله تعالى، وفي الله فقط.
ويقدّر أي إنسان، ويحزن لفقده، ويرتبط به روحياً
وعاطفياً، بمقدار ارتباط ذلك الإنسان بالله، وقربه منه، وتفانيه في
سبيله، وفي سبيل دينه ورسالته.
أي أنه
>صلى
الله عليه وآله<
لم يتأثر على أبي طالب وخديجة؛
لأن هذه زوجته وذاك عمه.
وإلا فقد كان أبو لهب عمه أيضاً،
وإنما لما لمسه فيهما من قوة إيمان، وصلابة في الدين، وتضحيات وتفان في
سبيل الله، والعقيدة،
وفي سبيل المستضعفين في الأرض ولما خسرته الأمة فيهما، من جهاد وإخلاص
قلّ نظيره في تلك الظروف الصعبة والمصيرية.
وقد ألمح النبي
>صلى
الله عليه وآله<
إلى ذلك حينما جعل موت أبي طالب وخديجة مصيبة للأمة بأسرها، كما هو
صريح قوله في هذه المناسبة:
>..اجتمعت
على هذه الأمة مصيبتان، لا أدري بأيهما أنا أشد جزعاً<([57]).
نعم، وذلك هو الأصل الإسلامي الأصيل، الذي قرره الله
تعالى بقوله:
{لا
تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِالله وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ
مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ
أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ..}([58])
وهل ثمة محادة لله ولرسوله أعظم من الشرك، الذي عبر الله عنه بقوله:
{إِنَّ
الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}([59])
و
{إِنَّ
اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ..}؟!([60]).
والآيات والروايات التي تؤكد على الحب في الله والبغض
في الله كثيرة تفوق حد الحصر في عجالة كهذه.
وعلى هذا الأساس قال الله تعالى لنوح عن ولده:
{إِنَّهُ
لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ..}([61]).
وقال تعالى حكاية لقول إبراهيم
>عليه
السلام<:
{فَمَن
تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}([62])
وعلى هذا الأساس أيضاً كان سلمان الفارسي من أهل البيت.
قال
>صلى
الله عليه وآله<:
سلمان منا أهل البيت([63]).
وقال أبو فراس:
كـانـت
مــودة سـلـمان لهم رحمــاً ولم تـكـن بـيـن نـوح وابنـه
رحم
([1])
سيرة مغلطاي ص23، وراجع سيرة ابن هشام ج1 ص375، وتاريخ الخميس
ج1 ص297، عن المواهب اللدنية.
([2])
هكذا جاء في بعض الروايات في البحار ج19 ص16 عن الخرائج
والجرائح. ولا يهمنا تحقيق هذا الأمر كثيراً..
([3])
وقيل: إن أبا سفيان بن الحارث أيضاً لم يدخل الشعب معهم، ولكنه
قول نادر، والأكثر على الاقتصار على أبي لهب لعنه الله.. ولسنا
هنا في صدد تحقيق ذلك..
([4])
البداية والنهاية ج3 ص84.
([5])
شرح النهج للمعتزلي ج13 ص256.
([6])
شرح النهج للمعتزلي ج13 ص256 وج14 ص64، والغدير ج7 ص357 و358
عن كتاب الحجة لابن معد.
وذكر
ذلك ابن كثير في البداية والنهاية ج3 ص84 من دون تصريح بالاسم،
وتيسير المطالب ص49.
([7])
الآية 32 من سورة الأعراف.
([8])
راجع: سيرة ابن هشام ج1 ص379 وغير ذلك من كتب السيرة.
([9])
البحار ج19 ص31 ومجمع البيان ج4 ص537.
([10])
دعائم الإسلام ج2 ص35 والتوحيد للصدوق ص389 والوسائل ج12 ص316
والكافي ج5 ص165 والتهذيب للطوسي ج7 ص160 ومن لا يحضره الفقيه
ج3 ص266 ط جماعة المدرسين والاستبصار ج3 ص15.
([12])
قاموس الرجال ج3 ص387.
([13])
تفسير الميزان ج19 ص62 و64.
([14])
الآيتان 1 و2 من سورة القمر.
([15])
الدر المنثور ج6 ص133 عن ابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه،
وأبي نعيم، والبيهقي في دلائلهما، ومناقب آل أبي طالب ج1 ص122.
([16])
تفسير الميزان ج19 ص60.
([17])
تفسير الميزان ج19 ص61 وراجع باب المعجزات السماوية في البحار،
ج17 ص348 ـ 359.
([18])
راجع: همه بايد بدانند (فارسي) ص75.
([19])
الآية 59 من سورة الإسراء.
([20])
الآية 25 من سورة الفتح.
([21])
الآية 33 من سورة الأنفال.
([22])
الآية76 من سورة الإسراء.
([23])
الآية 49 من سورة الأنعام.
([24])
الآية 59 من سورة الإسراء.
([25])
الآية 90 من سورة الإسراء.
([26])
الآية93 من سورة الإسراء.
([27])
راجع فيما تقدم: تفسير الميزان ج19 ص60 ـ 64.
([28])
الآية 59 من سورة الإسراء.
([29])
تفسير الميزان ج19 ص64.
([30])
همه بايد بدانند (فارسي) ص94 للعلامة الشيخ ناصر مكارم
الشيرازي.
([31])
تفسير الميزان ج19 ص 64 و65.
([32])
كتاب: همه بايد بدانند ص84 ـ 90.
([33])
تفسير الميزان ص19 ـ 65.
([34])
الآية 1 من سورة القمر.
([35])
الآية 2 من سورة القمر.
([36])
التفسير الكبير للرازي ج29 ص28.
([37])
مجمع البيان ج9 ص186 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص122.
([38])
مجمع البيان ج9 ص186.
([39])
سورة الأنبياء الآية 1.
([40])
نقله في مفتاح كنوز السنة ص227 عن البخاري، ومسلم، وابن ماجة
والطيالسي، وأحمد، والترمذي والدارمي، فراجع.
([41])
راجع في كل ما ذكرناه في دلالة الآية كتاب: همه بايد بدانند
(فارسي) ص76 ـ 80.
([42])
ولربما يقال: إن استمرار قريش على عدائه
>صلى
الله عليه وآله<،
إلى حين نقض الصحيفة، يدل على أن الأرضة إنما محت اسم الله
تعالى. وأبقت قطيعة الرحم وسائر المواد التي اتفقوا عليها.
وقد
استبعد البعض ذلك استناداً إلى أن أكل الأرضة لاسم الله بعيد.
فلعلهم التزموا بمضمونها وإن كانت الأرضة قد محتها، أوأنهم
أعادوا كتابتها.
ولربما يرد على ذلك بأن الأرضة إنما محت اسم الله عنها تنزيهاً
له عن أن يكون في صحيفة ظالمة كهذه وهذا إعجاز مطلوب وراجح من
أجل إظهار الحق، وليس في ذلك إهانة.
([43])
راجع فيما تقدم: السيرة النبوية لابن كثير ج2 ص44 والسيرة
النبوية لابن هشام ج2 ص16 ودلائل النبوة ط دار الكتب ج2 ص312
والكامل في التاريخ ج2 ص88 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص137و138
ط دار المعرفة وتاريخ اليعقوبي ج2 ص31 والبداية والنهاية ج3
ص85 و86.
([44])
كذا قال البوطي في فقه السيرة ص126 ومجمع البيان ج7 ص258 ويفهم
منه أنهم قدموا مع جعفر حين قدومه نهائياً عام خيبر.
([45])
الآية في سورة القصص من آية 52 حتى آية 55، وراجع الحديث في
سيرة ابن هشام ج2 ص32، وتفسير ابن كثير، والقرطبي، والنيسابوري
في تفسير الآيات، والبداية والنهاية ج3 ص82.
([46])
الكافي نشر مكتبة الصدوق ج1 ص449 ومنية الراغب ص75 وراجع
السيرة الحلبية ج1 ص291 و292 والسيرة النبوية لدحلان مطبوع
بهامش الحلبية ج1 ص202 و208 و231 والبحار ج18 ص259.
([47])
راجع: الغدير ج7 ص388 و359 وج8 ص3 ـ 4 وأبو طالب مؤمن قريش ص73
كلاهما عن العديد من المصادر وثمرات الأوراق ص285 و286 ونزهة
المجالس ج2 ص122 والجامع لأحكام القرآن ج6 ص405،406 وتاريخ
اليعقوبي ج2 ص24 و25.
([48])
المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص64 و65 وأسنى المطالب ص21 ولم يصرح
باسم (علي) وكذا في السيرة الحلبية ج1 ص342 وراجع البداية
والنهاية ج3 ص84 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص44 ودلائل
النبوة للبيهقي ط دار الكتب العلمية ج2 ص312 وتاريخ الإسلام ج2
ص140 و141 والغدير ج7 ص363 و357 و358 وج8 ص3 و4 وأبوطالب مؤمن
قريش ص194.
([49])
قد مر ذلك في أثناء الحديث عن الإسراء والمعراج، راجع: تاريخ
اليعقوبي ج2 ص26. أبوطالب مؤمن قريش ص171 ومنية الراغب ص75 و76
والغدير ج2 ص49 و350 و351.
([50])
تفسير ابن كثير ج3 ص394.
([51])
تفسير الصافي ج5 ص180 والسيرة الحلبية ج2 ص64 والدر المنثور ج6
ص24 عن عبد بن حميد، وابن المنذر والإصابة ج2 ص336.
([52])
صفين للمنقري ص271 و272.
([53])
راجع: كتابنا: عليّ والخوارج ج2 ص77 فما بعدها.
([54])
السيرة الحلبية ج1 ص346 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص132
البداية والنهاية ج3 ص127 والتنبيه والإشراف ص200.
([55])
البداية والنهاية لابن كثير ج3 ص127ـ 128 والسيرة النبوية لابن
كثير ج2 ص133ـ135 صحيح البخاري ج2 ص202 وكتاب عائشة للعسكري
ص46 فما بعدها. وقد ذكرنا بعض المصادر لذلك في ما يأتي في فصل:
حتى بيعة العقبة، حين الكلام حول جمال عائشة وحظوتها.
([56])
سيرة مغلطاي ص26 وتاريخ
الخميس ج1 ص301 والمواهب اللدنية ج1 ص56 والسيرة النبوية
لدحلان ج1 ص139 ط دار المعرفة وأسنى المطالب
ص21.
([57])
تاريخ اليعقوبي ج2 ص35 ط صادر.
([58])
الآية 22 من سورة المجادلة.
([59])
الآية 13 من سورة لقمان.
([60])
الآية 48 من سورة النساء.
([61])
الآية 46 من سورة هود.
([62])
الآية 36 من سورة ابراهيم.
([63])
مصادر هذا الحديث مذكورة في كتابنا سلمان الفارسي في مواجهة
التحدي.
|