بـعـــد مـــا هـبـت الـريــــــاح 

   

صفحة :353-310   

بـعـــد مـــا هـبـت الـريــــــاح 

ما جرى على حمزة والشهداء:

قد تقدم بعض الكلام في كيفية استشهاد حمزة بن عبد المطلب رضوان الله تعالى عليه. وأن أبا سفيان كان يضرب شدق حمزة بزج الرمح، وهو ما ورثه عنه حفيده يزيد لعنه الله حيث صار ينكث ثنايا الحسين «عليه السلام» بقضيب وينشد:

لـيـت أشـيـاخـي بـبـدر شـهـدوا جـزع الخـزرج مـن وقـع  الأسـل

ثم طلب من رفيقه أن يستر عليه هذه الزلة. وعلقنا عليها بما سمح لنا به المجال.

بقي أن نشير هنا: إلى أمور وممارسات أخرى ظهرت بالنسبة إلى الشهداء وهي التالية:

1 ـ إن هنداً زوجة أبي سفيان، قد أتت مصرع حمزة؛ فمثلت به، وجدعت أنفه، وقطعت أذنيه ومذاكيره، ثم جعلت ذلك كالسوار في يديها، وقلائد في عنقها، واستمرت كذلك حتى قدمت مكة. وكذلك فعل النساء بسائر الشهداء الأبرار.

وزادت هي عليهم: أنها بقرت بطن حمزة، واستخرجت كبده فلاكتها، فلم تستطع أن تسيغها([1]).

ويقال: إنها كانت قد نذرت ذلك([2]).

فيقال: إن النبي «صلى الله عليه وآله» لما بلغه إخراجها كبد حمزة قال: هل أكلت منه شيئاً؟

قالوا: لا.

قال: إن الله قد حرم على النار أن تذوق من لحم حمزة شيئا أبداً([3])، أو: ما كان الله ليدخل شيئاً من حمزة إلى النار([4]).

وليتأمل بعد فيما يقال حول إسلامها، وإيمانها، ثم الحكم لها بالجنة، كغيرها ممن هم على شاكلتها!!.

2 ـ وأقبلت صفية لتنظر أخاها، فالتقت بعلي «عليه السلام»؛ فقال: ارجعي يا عمة؛ فإن في الناس تكشفاً، فسألته عن الرسول «صلى الله عليه وآله»، فقال: صالح.

قالت: ادللني عليه حتى أراه؛ فأشـار إليه إشـارة خفية مـن المشركين، ـ لعلهم كانوا لا يزالون قريبين من هناك، ويخشى كرتهم فيما لو علموا: أن علياً بعيد([5]) عن النبي «صلى الله عليه وآله» ـ فأقبلت إليه، فأمر «صلى الله عليه وآله» الزبير بإرجاعها، حتى لا ترى ما بأخيها.

فقالت للزبير: ولم؟

وقد بلغني: أنه قد مثل بأخي، وذلك في الله قليل، فما أرضانا بما كان من ذلك، لأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله. فسمح لها النبي «صلى الله عليه وآله» برؤيته، فنظرت إليه، فصلت عليه، واسترجعت، واستغفرت له. كذا في الإكتفاء([6]).

ويقال: إن الأنصار هم الذين حالوا بينها وبين رسول الله «صلى الله عليه وآله»([7]).

3 ـ وفي الصفوة: أنها جاءت بثوبين لتكفين حمزة، فإذا إلى جنبه أنصاري قتيل، قد مثل به، فوجدوا غضاضة وحياء أن يكفنوا هذا، ويتركوا ذاك، فأقرعوا بين الثوبين؛ فأصاب الأنصاري أكبر الثوبين، فكفن حمزة بالآخر، فلف على قدمي حمزة ليف وأذخر([8]).

4 ـ وكان لحمزة يوم قتل تسع وخمسون سنة، وصلى النبي «صلى الله عليه وآله» عليه، وكبر سبع تكبيرات. ثم صاروا يأتون بالقتلى، ويضعونهم إلى جانبه، فيصلي عليه وعليهم حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة. كذا في الطيبي([9]).

ولكننا نشك فيما ذكر عن مقدار عمره بملاحظة ما تقدم في حديث إرادة عبد المطلب ذبح ولده عبد الله، حين ولد له أولاده العشرة.

كما أننا نجد علياً «عليه السلام» يذكر: أنه «صلى الله عليه وآله» قد خص حمزة بسبعين تكبيرة([10]). فلعله كبر عليه سبعين، ثم صلى عليه سبعين صلاة أخرى.

5 ـ قال ابن إسحاق: ومر رسول الله «صلى الله عليه وآله» ـ حين رجع إلى المدينة ـ بدور من الأنصار؛ فسمع بكاء النوائح على قتلاهم، فذرفت عينا رسول الله «صلى الله عليه وآله» ثم قال: لكن حمزة لا بواكي له.

فأمر سعد بن معاذ، ويقال: وأسيد بن حضير نساء بني عبد الأشهل: أن يذهبن ويبكين حمزة أولاً، ثم يبكين قتلاهن. فلما سمع «صلى الله عليه وآله» بكاءهن، وهن على باب مسجده أمرهن بالرجوع، ونهى «صلى الله عليه وآله» حينئذٍ عن النوح، فبكرت إليه نساء الأنصار، وقلن: بلغنا يا رسول الله، أنك نهيت عن النوح، وإنما هو شيء نندب به موتانا، ونجد بعض الراحة؛ فأذن لنا فيه.

فقال: إن فعلتن فلا تلطمن، ولا تخمشن، ولا تحلقن شعراً، ولا تشققن جيباً([11]).

قالت أم سعد بن معاذ: فما بكت منا امرأة قط إلا بدأت بحمزة إلى يومنا هذا.

ولعل نهيه «صلى الله عليه وآله» لهن عن شق الجيوب وخمش الوجوه، هو لأجل أن لا يوجب ذلك شماتة أعدائهم بهم.

6 ـ ولما أراد معاوية أن يجري عينه التي بأحد، كتب إلى عامله بالمدينة بذلك، فكتبوا إليه: إنا لا نستطيع أن نخرجها إلا على قبور الشهداء.

فكتب: انبشوهم.

قال جابر: فلقد رأيتهم يحملون على أعناق الرجال، كأنهم قوم نيام. وأصابت المسحاة طرف رجل حمزة، فانبعثت دماً.

قال أبو سعيد: لا ينكر بعد هذا منكر أبداً([12]).

7 ـ ومر أبو سفيان بعد إسلامه بأحد، فقيل له: أي يوم لك ههنا.

فقال: والآن لو وجدت رجالاً([13]).

8 ـ مر أبو سفيان في أيام عثمان بقبر حمزة، وضربه برجله، وقال: يا أبا عمارة، إن الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمس في يد غلماننا اليوم يتلاعبون به([14]).

وكل ذلك يوضح حقيقة ما يقال عن إيمان أبي سفيان، وولده معاوية، وزوجته هند!!!

9 ـ وأما عن شرب حمزة للخمر حين خروجه إلى أحد، فقد أثبتنا أنه كذب، فراجع ما قدمناه حين الكلام حول تحريم الخمر وذلك في سياق الحديث عن زواج علي «عليه السلام».

أما نحن فنشير إلى الأمور التالية:

ألف: موقف الرسول من المثلة بحمزة:

إنهم يقولون: إنه بعد أن وضعت الحرب أوزارها في واقعة أحد، سأل «صلى الله عليه وآله» عن عمه حمزة بن عبد المطلب، فالتمسوه، فوجدوه على تلك الحالة المؤلمة، حيث كانت هند أم معاوية، وزوجة أبي سفيان قد مثلت به؛ فجدعت أنفه، وقطعت أذنيه، وبقرت بطنه، واستخرجت كبده، فلاكتها، ولم تستطع أن تسيغها، إلى غير ذلك من ممارسات وحشية تجاه تلك الجثة الطاهرة. ـ تقدمت الإشارة إليها ـ فجاء «صلى الله عليه وآله»، فوقف عليه، فيقال: إنه «صلى الله عليه وآله» لما رآه في تلك الحالة قال:

«لولا أن تحزن صفية، وتكون سنة من بعدي، لتركته حتى يكون في بطون السباع، وحواصل الطير([15]).

أو قال: لسرني أن أدعك حتى تحشر من أفواه شتى([16])، ولئن أظهرني الله على قريش يوماً من الدهر في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلاً منهم»([17]).

والمسلمون أيضاً قالوا: «والله، لئن أظفرنا الله بهم يوماً من الدهر، لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب»([18]).

ويقال: إنه «صلى الله عليه وآله» بكى وشهق، وقال: رحمة الله عليك، لقد كنت فعولاً للخير، وصولاً للرحم، أم والله لأمثلن بسبعين منهم مكانك.

فنزل جبريل بقوله تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ﴾([19]). فعفا رسول الله «صلى الله عليه وآله» وصبر.

وفي رواية، قال: أصبر، ونهى عن المثلة.

وفي أخرى: كفر عن يمينه([20]).

ونقول: إن بكاءه «صلى الله عليه وآله» على حمزة لا مانع منه، وأما ما سوى ذلك مما ذكر آنفاً، فنحن نشك في صحته. ونعتقد أنه كقضية ممارسة عمل المثلة الشنيع المنسوب له «صلى الله عليه وآله» زوراً وبهتاناً، قد وضع بهدف إظهار رسول الله «صلى الله عليه وآله» كأحد الناس، الذين يتعاملون مع القضايا من موقع الإنفعال والعصبية للقبيلة والرحم، ولتبرر بذلك جميع المخالفات التي ارتكبها ويرتكبها الحكام الظالمون.

كما أن ذلك يُسقط قول وفعل الرسول «صلى الله عليه وآله» عن الاعتبار والحجية، فلا يبقى لما ورد عنه «صلى الله عليه وآله» من ذم لمن يحبهم بعض الناس تأثير يذكر.

أما ما نستند إليه في حكمنا على هذه الأقاويل بالوضع والاختلاق، فهو الأمور التالية:

1 ـ إن ذلك لا ينسجم مع روحية وأخلاق وإنسانية النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله»، ولا ينسجم حتى مع روح التدبير للأمور العامة، من قبل أي إنسان حكيم، مدبر للأمور، ولا مع سياسة الأمم بالمعنى الصحيح والسليم للسياسة. وذلك لأنه لا مبرر لإبقاء جثة شهيد في الصحراء، تصهرها أشعة الشمس، عرضة للوحوش والسباع والطير، ولا فائدة في إجراء كهذا.

إذ من الواضح: أن ذلك لا يعتبر انتقاماً من قريش، ولا أداء لحق ذلك الشهيد العظيم، إن لم يكن إساءة وإهانة له، بملاحظة أن إكرام الميت دفنه. ثم، أوليست إنسانيته «صلى الله عليه وآله» وأخلاقه الرفيعة هي التي أملت عليه حتى أن يغيب جثث قتلى المشركين في قليب بدر؛ فكيف بالنسبة لهذا الشهيد العظيم، أسد الله وأسد رسوله؟!!

ويحاول البعض أن يدَّعي: أنه «صلى الله عليه وآله» لم يقصد مدلول هذا الكلام، وإنما هو يريد فقط أن يظهر مظلوميته ووحشية الطرف الآخر، أبي سفيان وأصحابه. ولكنها محاولة فاشلة، فإننا نجل النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» عن أمر كهذا، ولا يجوز نسبته إليه؛ لأن معناه: إمكانية التشكيك في كثير من أقواله، ومواقفه، وأفعاله «صلى الله عليه وآله».

أضف إلى ذلك: أن ما جرى لحمزة «عليه السلام» قد جرى مثله لغيره من الشهداء، وإن كان ما جرى لحمزة «عليه السلام» أفظع وأبشع. فلماذا اختص غضبه «صلى الله عليه وآله» بما جرى لعمه وحسب؟!.

ثم إن المفروض بهذا النبي العظيم هو أن يظهر الجلد والصبر لا الجزع والحزن، إلا بالنحو المعقول والمقبول، وإلا فما وجه اللوم لغيره ممن فقد الأهل والأحبة، إن تجاوز حده، وظهر منه ما لا ينبغي في مناسبات كهذه؟!

2 ـ قولهم على لسانه «صلى الله عليه وآله»: إنه إن ظفر بقريش فسيمثل بثلاثين مرفوض أيضاً؛ إذ هذه جثث قتلى المشركين أمامه، وهي اثنان أو ثمانية وعشرون جثة، بل وأكثر من ذلك، كما يظهر من بعض النصوص، فلماذا لا يمثل بها، ويشفي غليل صدره منها؟!

ولِمَ لم يبادر المسلمون ـ بدورهم ـ إلى التمثيل بتلك الجثث التي تركها أصحابها وفروا خوفاً من أن يدال المسلمون منهم، كما فروا من قبل في بدر؟!

3 ـ أما نزول الآية الكريمة رداً عليه «صلى الله عليه وآله» وهي قوله تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ﴾ فلا يصح أيضاً، لأن الآية مكية؛ فإن سورة النحل قد نزلت في مكة، وأحد قد كانت في السنة الثالثة من الهجرة([21]).

والقول: بأن سورة النحل كلها قد نزلت في مكة إلا هذه الآيات إنما يستند إلى هذه الروايات بالذات، فلا حجة فيه.

إن قلت: قد تحدثت السورة عن المهاجرين، وهذا يناسب أن تكون السورة قد نزلت بعد الهجرة.

فالجواب: أنه لم يثبت أن المقصود هو الهجرة إلى المدينة فإن الهجرة إلى الحبشة كانت قد حصلت والمسلمون في مكة، فلعلها هي المقصودة.

والقول: بأن ذلك مما تكرر نزوله ([22]):

أولاً: يحتاج إلى إثبات.

ثانياً: يلزمه أن يكون النبي «صلى الله عليه وآله» قد خالف الحكم الإلهي الثابت، فاحتاج الله إلى تذكيره بأن موقفه هذا مخالف لنص تلك الآية التي لديه!!.

ثالثاً: قد روي عن ابن عباس في قوله: ﴿فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ﴾ قال: هذا حين أمر الله نبيه أن يقاتل من قاتله؛ ثم ذكر أنها نسخت ببراءة([23]).

وعن ابن زيد، قال: كانـوا قد أُمِروا بالصفح عن المشركين، فأسلم رجـال ذوو منعة، فقالوا: يا رسول الله لو أذن الله لانتصرنا من هؤلاء الكـلاب؛ فنزلت هذه الآية، ثم نسخ ذلك بالجهاد([24]).

4 ـ إن قولهم: إنه «صلى الله عليه وآله» قد نهى في هذه المناسبة عن المثلة محل نظر؛ وذلك لما ورد عن سعيد، عن قتادة، عن أنس ـ فذكر حديث العرنيين ـ وفي آخره، قال: قال قتادة: وبلغنا أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان بعد ذلك يحث على الصدقة، وينهى عن المثلة([25]).

ويقول العسقلاني، عن ابن عقبة في المغازي: «وذكروا: أن النبي «صلى الله عليه وآله» نهى بعد ذلك عن المثلة بالآية التي في سورة المائدة، وإلى هذا مال البخاري، وحكاه إمام الحرمين في النهاية عن الشافعي»([26]).

فكلام قتادة السابق صريح في أنه «صلى الله عليه وآله» قد نهى عن المثلة بعد قضية العرنيين، وكانت بعد قصة أحد؛ لأنها كانت في حدود السنة السادسة([27]).

أضف إلى ذلك: ما ذكره سعيد بن جبير، الذي أضاف في قصة العرنيين قوله: «فما مثل رسول الله «صلى الله عليه وآله» قبل ولا بعد، ونهى عن المثلة»([28]).

فمعنى ذلك هو أن رسول الله لم يمارس هذا الفعل الشنيع أصلاً، كما أنه قد نهى من كان بصدد ممارسته.

ونحن بدورنا لنا كلام في قصة العرنيين هذه، حيث إننا نرفض أن يكون «صلى الله عليه وآله» قد مثل بهم، ولا سيما بملاحظة ما قدمناه آنفاً، عن سعيد بن جبير. وقد أنكر أبو زهرة ذلك أيضاً([29]).

وكان علي بن حسين ينكر حديث أنس في أصحاب اللقاح: أخبرنا ابن أبي يحيى، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن حسين قال: لا والله، ما سمل رسول الله عيناً ولا زاد أهل اللقاح على قطع أيديهم وأرجلهم([30]).

ولكن ما يهمنا هنا: هو أن ما ذكروه في قصة العرنيين يتنافى بشكل ظاهر مع كونه «صلى الله عليه وآله» نهى عن المثلة في أحد. ولو أغمضنا النظر عن ذلك ؛ فإن ما نقلناه عن العسقلاني آنفاً يدل على أن نهيه «صلى الله عليه وآله» عن المثلة ، إنما كان في أواخر أيام حياته؛ لأن سورة المائدة قد كانت من أواخر ما نزل عليه «صلى الله عليه وآله».

نعم، يمكن أن يكون «صلى الله عليه وآله» قد قطع أيدي وأرجل العرنيين من خلاف، لأنهم مفسدون في الأرض. وذلك هو الحكم الثابت لمن يكون كذلك. ثم زاد الرواة وأصحاب الأغراض على ذلك ما شاؤوا.

5 ـ إنهم يقولون: إن أبا قتادة جعل يريد التمثيل بقريش لما رأى من المثلة؛ فمنعه «صلى الله عليه وآله»([31]).

وهذا هو المناسب لأخلاقه وسجاياه «صلى الله عليه وآله». أما أبو قتادة فإنه إن صح ما نقل عنه يكون قد تصرف هنا بوحي من انفعاله وتأثره، الناجم عن ثورته النفسية بسبب ذلك المشهد المؤلم.

كما أننا نشك في ما جاء في ذيل هذه الرواية، الذي يذكر: أنه «صلى الله عليه وآله» قد قرّظ قريشاً في هذه المناسبة، حتى قال: إنه عسى إن طالت بأبي قتادة المدة أن يحقر أعماله مع أعمالهم([32]).

فإننـا نعتقد أن هـذه التقريظـات من زيـادات الـرواة تزلفـاً للحكـام الأمويين ـ كما عودونا في مناسبات كثيرة ـ في مقابل علي «عليه السلام»، وأهل بيته، لفسح المجال أمام تنقصهم والطعن بهم، ويكفي أن نتذكر هنا موقف قريش من علي «عليه السلام» وأهل البيت؛ حيث نجده «عليه السلام» يصفها بأسوأ ما يمكن، بسبب موقفها السيئ هذا.

يقول أمير المؤمنين «عليه السلام»: «فدع عنك قريشاً، وتركاضهم في الضلال، وتجوالهم في الشقاق، وجماحهم في التيه، فإنهم قد أجمعوا على حربي كإجماعهم على حرب رسول الله «صلى الله عليه وآله» قبلي؛ فجزت قريشاً عني الجوازي؛ فقد قطعوا رحمي، وسلبوني سلطان ابن عمي»([33]).

هذا ولا بد أن لا ننسى هنا: أنه «صلى الله عليه وآله» قد قال لعلي «عليه السلام»: حربك حربي، وسلمك سلمي([34]).

وقال علي «عليه السلام»: «اللهم إني أستعديك على قريش [ومن أعانهم]؛ فإنهم قد قطعوا رحمي، وأكفأوا إنائي، وأجمعوا على منازعتي حقاً كنت أولى به من غيري»([35]).

وقال «عليه السلام»: «ما لي ولقريش، والله لقد قاتلتهم كافرين، ولأقاتلنهم مفتونين، وإني لصاحبهم بالأمس، كما أنا صاحبهم اليوم»([36]).

ولأبي الهيثم بن التيهان كلام جيد حول موقف قريش من علي، من أراده فليراجعه([37]).

وفيه يحلل أبو الهيثم سر عداء قريش لأمير المؤمنين «عليه السلام»، وأنه إنما كان بسبب بغيها وحسدها له، وعدم قدرتها على اللحاق به.

وقد ذكرنا شطراً كبيراً من النصوص الدالة على ذلك مع مصادرها في كتاب لنا بعنوان «الغدير والمعارضون».

هذا كله.. عدا عما كان في صدور قريش من حقد على بني هاشم عموماً، وعلى الأنصار أيضاً. وقد مر في جزء سابق من هذا الكتاب في فصل سرايا وغزوات قبل بدر إلماحة عن موقف قريش من الأنصار فليراجع ذلك هناك.

وأخيراً، قول: إن هذه كانت حالة قريش بعد طول المدة، فكيف يحقر أبو قتادة أعماله مع أعمالها؟! وكيف يكون لها ذلك المقام المحمود عند الله تعالى؟!.

ما هو الصحيح في القضية؟!

ولعل الصحيح هنا: هو قضية أبي قتادة المتقدمة، وإن كان قد تزيد الرواة فيها تزلفاً للحكام، كما أشرنا.

يضاف إلى ذلك: ما رواه غير واحد عن أبي بن كعب (رض)، قال:

لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلاً، ومن المهاجرين ستة، منهم حمزة. فمثلوا بهم، فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوماً مثل هذا، لنربينّ عليهم.

فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ﴾([38]) فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: نصبر، ولا نعاقب، كفوا عن القوم إلا أربعة.

وحسب نص ابن كثير: عن عبد الله بن أحمد: فلما كان يوم الفتح، قال رجل: لا تعرف قريش بعد اليوم؛ فنادى مناد: إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد أمن الأسود والأبيض إلا فلاناً وفلاناً، ناساً سماهم، فأنزل الله الخ..([39]).

وعن الشعبي، وابن جريج ما يقرب من هذا أيضاً باختصار([40]).

وفي رواية: أن المسلمين لما رأوا المثلة بقتلاهم قالوا: لئن أنالنا الله منهم لنفعلن، ولنفعلن، فأنزل الله: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ﴾ الآية، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: بل نصبر([41]).

لكن ما تذكره هذه الروايات من أن الآية قد نزلت في هذه المناسبة محل نظر، وذلك لما قدمناه من كونها مكية، ويمكن أن يكون الرسول «صلى الله عليه وآله» عاد فذكرهم بالآية، مبالغة منه «صلى الله عليه وآله» في زجرهم عن ذلك، فتوهم الراوي: أن الآية قد نزلت في هذه المناسبة.

وأما القول بأن الآية قد شرعت المثلة، ولكنها رجحت الصبر عليها.. فهو غير صحيح؛ لأن المراد بالعقوبة هو ما بينته الآية الشريفة الأخرى التي تقول: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ..﴾([42]) ثم جاءت الروايات التي تنهى عن المثلة لتؤكد هذا المعنى.

ب: هند وكبد حمزة:

قد تقدم: أنه «صلى الله عليه وآله» لما بلغه محاولة هند أكل كبد حمزة فلم تستطع أن تسيغها، قال: ما كان الله ليدخل شيئاً من حمزة النار، أو نحو ذلك.

قال الحلبي: «أي ولو أكلت منه، أي استقر في جوفها لم تمسها النار»([43]).

وهو تفسير غريب وعجيب حقاً!! فإن ظاهر كلامه «صلى الله عليه وآله»: أن هنداً من أهل النار، وقد أبى الله أن يدخل شيئاً من حمزة النار.

ولو صح تفسير الحلبي مع حكمهم بأن هنداً قد أسلمت وستدخل الجنة، لكان اللازم أن تسيغ ما أكلته من كبده، ويستقر في جوفها، لأن هنداً ستدخل الجنة!! فلتكن تلك القطعة معها، لتدخل الجنة كذلك!!.

نعم وهذا ما يرمي إليه الحلبي، فإن له كلاماً طويلاً في المقام يدخل فيه هنداً الجنة. وقد دفعه هواه إلى تفسير كلام النبي «صلى الله عليه وآله» بصورة جعلته يصبح بلا معنى ولا مدلول.

ج: المنع من البكاء على الميت:

لقد بكى النبي «صلى الله عليه وآله» على حمزة، وقال: أما حمزة فلا بواكي له.

وبعد ذلك بكى على جعفر، وقال: على مثل جعفر فلتبك البواكي.

وبكى على ولده إبراهيم، وقال: تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب. وبكى كذلك على عثمان بن مظعون، وسعد بن معاذ، وزيد بن حارثة، وبكى الصحابة، وبكى جابر على أبيه، وبشير بن عفراء على أبيه أيضاً، إلى غير ذلك مما هو كثير في الحديث والتأريخ([44]).

فكل ذلك فضلاً عن أنه يدل على عدم المنع من البكاء، فإنه يدل على مطلوبية البكاء، وعلى رغبته «صلى الله عليه وآله» في صدوره منهم.

ولكننا نجد في المقابل: أن عمر بن الخطاب يمنع من البكاء على الميت ويضرب عليه؛ ويفعل ما شاءت له قريحته في سبيل المنع عنه، ويروي حديثاً عن النبي «صلى الله عليه وآله» مفاده: أن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه([45]).

مع أننا نجد أنه هو نفسه قد أمر بالبكاء على خالد بن الوليد([46]).

 

وقد بكت عائشة على إبراهيم([47]) وبكى أبو هريرة على عثمان، والحجاج على ولده([48]) وبكى صهيب على عمر([49]) وهم يحتجون بما يفعله هؤلاء.

وبكى عمر نفسه على النعمان بن مقرن، وعلى غيره([50]) وقد نهاه النبي «صلى الله عليه وآله» عن التعرض للذين يبكون موتاهم([51]).

كما أن عائشة قد أنكرت عليه وعلى ولده عبد الله هذا الحديث الذي تمسك به، ونسبته إلى النسيان، وقالت: «يرحم الله عمر، والله، ما حدث رسول الله: إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، لكن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال: إن الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه.

قالت: حسبكم القرآن: ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾([52])»([53]).

وفي نص آخر، أنها قالت: «إنما مر رسول الله «صلى الله عليه وآله» على يهودية يبكي عليها أهلها، فقال: إنهم يبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها»([54]).

وأنكر ذلك أيضاً: ابن عباس، وأئمة أهل البيت (عليهم السلام)، ومن أراد المزيد، فعليه بمراجعة المصادر([55]).

السياسة وما أدراك ما السياسة؟!:

ونشير هنا إلى ما قاله الإمام شرف الدين رحمه الله تعالى قال: «وهنا نلفت أولي الألباب إلى البحث عن السبب في تنحي الزهراء عن البلد في نياحتها على أبيها «صلى الله عليه وآله»، وخروجها بولديها في لمة من نسائها إلى البقيع يندبن رسول الله، في ظل أراكة([56]) كانت هناك، فلما قُطعت بنى لها علي بيتاً في البقيع كانت تأوي إليه للنياحة، يدعى: بيت الأحزان. وكان هذا البيت يزار في كل خلف من هذه الأمة»([57]).

وأقول: إن من القريب جداً: أن يكون حديث: «إن الميت ليعذب ببكاء الحي» قد حرف عن حديث (البكاء على اليهودية المتقدم)؛ لدوافع سياسية لا تخفى؛ فإن السلطة كانت تهتم بمنع فاطمة «عليها السلام» من البكاء على أبيها.

فيظهر: أن هذا المنع قد استمر إلى حين استقر الأمر لصالح الهيئة الحاكمة، ولذلك لم يعتن عمر بغضب عائشة، ومنعها إياه من دخول بيتها حين وفاة أبي بكر، فضرب أم فروة أخت أبي بكر بدرته، وقد فعل هذا رغم أن البكاء والنوح كان على صديقه أبي بكر، وكان هجومه على بيت عائشة، وكان ضربه لأخت أبي بكر. وهو الذي كان يهتم بعائشة ويحترمها، وهي المعززة المكرمة عنده، ويقدر أبا بكر ومن يلوذ به، ويحترم بيته بما لا مزيد عليه.

نعم، لقد فعل كل هذا لأن الناس لم ينسوا بعد منع السلطة لفاطمة «عليها السلام» من النوح والبكاء على أبيها.

وناهيك بهذا الإجراء جفاء وقسوة: أن يُمنع الإنسان من البكاء على أبيه، فكيف إذا كان هذا الأب هو النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» أعظم، وأكمل، وأفضل إنسان على وجه الأرض. ثم لما ارتفع المانع، ومضت مدة طويلة، وسنين عديدة على وفاة سيدة النساء «عليها السلام»، ونسي الناس أو كادوا، أو بالأحرى ما عادوا يهتمون بهذا الأمر، ارتفع هذا المنع على يد عمر نفسه، وبكى على النعمان بن مقرن الذي توفي سنة 21 ه‍ وعلى شيخ آخر، وسمح بالبكاء على خالد بن الوليد، الذي توفي سنة 21 أو 22 حسبما تقدم.

وهذا غير ما تقدم قبل صفحات عن مصادر كثيرة: من النهي عن خمش الوجوه، وشق الثياب، واللطم، والنوح بالباطل. فإنه غير البكاء وهياج العواطف الإنسانية الطبيعية. وذلك لأن الأول ينافي التواضع لله عز وجل والتسليم لقضائه؛ أما الثاني فهو من مقتضيات الجبلة الإنسانية، ودليل اعتدال سجية الإنسان. وشتان ما بينهما.

التوراة والمنع من البكاء على الميت:

ويبدو لنا أن المنع من البكاء على الميت مأخود من أهل الكتاب؛ فإن عمر كان يحاول هذا المنع في زمن النبي «صلى الله عليه وآله» بالذات؛ ولم يرتدع بردع النبي له إلا ظاهراً.

فلما توفي «صلى الله عليه وآله» ولم يبق ما يحذر منه، صار الموقف السياسي يتطلب الرجوع إلى ما عند أهل الكتاب، فكان منع الزهراء «عليها السلام» عن ذلك، كما قدمنا.

وقد جاء هذا موافقاً للهوى والدافع الديني والسياسي على حد سواء.

ومما يدل على أن ذلك مأخوذ من أهل الكتاب: أنه قد جاء في التوراة:

«يا ابن، ها أنذا آخذ عنك شهوة عينيك بضربة؛ فلا تنح ولا تبك، ولا تنزل دموعك، تنهد ساكتاً، لا تعمل مناحة على أموات»([58]).

د: حزن النبي على حمزة:

1 ـ إن من الثابت حسبما تقدم، أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد حزن على حمزة وبكى عليه، وأحب أن يكون ثمة بواكي له، كما لغيره.

وواضح: أن حزن الرسول «صلى الله عليه وآله» هذا ورغبته تلك ليسا إلا من أجل تعريف أصحابه، والأمة أيضاً بما كان لحمزة من خدمات جلى لهذا الدين، ومن قدم ثابتة له فيه، وبأثره الكبير في إعلاء كلمة الله تعالى.

ويدلنا على ذلك: أنه «صلى الله عليه وآله» قد وصفه ـ كما يروى ـ بأنه كان فعولاً للخيرات، وصولاً للرحم الخ..([59]).

ولأن حزنه «صلى الله عليه وآله» عليه كان في الحقيقة حزناً على ما أصاب الإسلام بفقده، وهو المجاهد الفذ، الذي لم يكن يدخر وسعاً في الدفاع عن هذا الدين، وإعلاء كلمة الله.

وما ذلك إلا لأن النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» لم يكن ليهتم بالبكاء على حمزة، ولا ليبكي هو «صلى الله عليه وآله» عليه لمجرد دوافع عاطفية شخصية، أو لعلاقة رحمية ونسبية، وإنما هو «صلى الله عليه وآله» يحب في الله وفي الله فقط، تماماً كما كان يبغض في الله، وفي الله فقط.

فهو «صلى الله عليه وآله» يحزن على حمزة بمقدار ما كان حمزة مرتبطاً بالله تعالى، وخسارته خسارة للإسلام. وإلا فكما كان حمزة عمه، فقد كان أبو لهب عمه أيضاً، وعداوة أبي لهب للرسول «صلى الله عليه وآله» لا تدانيها عداوة، فقد كان أبو لهب من أشد الناس عداوة للنبي «صلى الله عليه وآله»، وأعظمهم إيذاء له.

وموقفه «صلى الله عليه وآله» من أبي لهب معروف ومشهور. ولكننا نجد في المقابل موقفه «صلى الله عليه وآله» من (سلمان) الذي كان «صلى الله عليه وآله» يحب أن يقال له: «سلمان المحمدي» بدلاً من: «الفارسي»([60]).

وقد قال «صلى الله عليه وآله» في حقه: «سلمان منا أهل البيت»([61]).

قال أبو فراس الحمداني:

كـانـت مـودة سـلمان لهـم رحمــاً                  ولم يـكـن بـين نـوح وابنـه رحم

2 ـ كما أن نفس كونه «صلى الله عليه وآله» شريكاً في المصيبة، من شأنه أن يخفف المصاب على الآخرين، الذين فقدوا أحباءهم في أحد، ولا سيما إذا كان مصابه «صلى الله عليه وآله» بمن هو مثل حمزة أسد الله وأسد رسوله.

حمزة الذي لم يكن ليخفى على أحد موقعه في المسلمين ونكايته في المشركين، ولم يكن ما فعلته هند وأبو سفيان بجثته الشريفة، وأيضاً موقف أبي سفيان من قبره الشريف في خلافة عثمان؛ ثم ما فعله معاوية في قبره وقبور الشهداء، بعد عشرات السنين من ذلك التاريخ ـ لم يكن كل ذلك ـ إلا دليلاً قاطعاً على ذلك الأثر البعيد، الذي تركه حمزة في إذلال المشركين، وإعلاء كلمة الحق والدين. حتى إن أبا سفيان وولده معاوية لم يستطيعا أن ينسيا له ذلك الأثر، وبقي ـ حتى قبره ـ الذي كان يتحداهم بأنفة وشموخ، كالشجا المعترض في حلقي الأب والابن على حد سواء.

لقد استطاع حمزة أن يحقق أهدافه حتى وهو يستشهد، لأن شهادته جزء من هدفه كما قلنا.

أما أعداء الإسلام فقد باؤوا بالفشل الذريع، والخيبة القاتلة، وانتهى بهم الأمر إلى أن يكونوا طلقاء هذه الأمة، وزعماء منافقيها، المشهور نفاقهم، والمعروف كفرهم.

ه‍: موقف أبي سفيان من قبر حمزة:

وإن موقف أبي سفيان من قبر حمزة، ليعتبر دليلاً واضحاً على كفره، وأنه لا يزال يعتبر حربه مع النبي «صلى الله عليه وآله» حرباً على الملك والسلطان، والمكاسب الدنيوية.

وقد دخل أبو سفيان على عثمان، فقال له: قد صارت إليك بعد تيم وعدي، فأدرها كالكرة، واجعل أوتادها بني أمية، فإنما هو الملك، ولا أدري ما جنة ولا نار([62]).

وكان أبو سفيان كهفاً للمنافقين، وكان يوم اليرموك يفرح إذا انتصر الكفار على المسلمين، ويحزن حين يرى كرة المسلمين عليهم([63]).

وكفريات أبي سفيان معروفة ومشهورة، ولا مجال لاستقصائها، فمن أرادها فليراجع مظانها([64]).

و: مواساة الأنصار للنبي :

وإن مواساة الأنصار للنبي «صلى الله عليه وآله» حتى في البكاء على حمزة، لهي في الحقيقة من أروع المواساة للنبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» فهم يواسونه بأموالهم وأنفسهم، وحتى في عواطفهم الصادقة، ومشاعرهم النبيلة.

وقد استمروا على صدقهم، ووفائهم، وإخلاصهم له ولرسالته، ولوصيه علي «عليه السلام»، وأهل بيته «عليهم السلام» إلى آخر لحظة، ولذلك نكبهم الأمويون، والحكام بعد النبي «صلى الله عليه وآله»، وأذلوهم، وحرموهم، كما تقدمت الإشارة إليه.

ز: صبر صفية:

وإن صبر صفية، واعتبارها: أن ما جرى لحمزة قليل في ذات الله تعالى، إنما هو نتيجة للوعي الرسالي الرائد للإسلام، الذي لا يمكن اعتباره محدوداً ومقوقعاً ضمن طقوس وحركات، أو جذبات صوفية ونحوها.

فالإسلام حياة. ولا يطلب فيه الموت والشهادة إلا من أجل هذه الحياة.

والإسلام هو السلام حتى في حال الحرب، وهو الحياة فيما يراه الناس الموت، والراحة في ما يراه الناس التعب، والسعادة في ما يراه الناس الشقاء والآلام.

إنه سلام شامل وكامل؛ فإذا بلغ الإنسان هذا السلام الشامل، فهو المسلم الحق.

وهكذا كانت صفية رضوان الله تعالى عليها، حتى أصبح ما جرى لأخيها قليلاً في ذات الله، وصار سلاماً لها وعليها.

التعصب:

ولما قتل حمزة رضوان الله عليه، بعث النبي «صلى الله عليه وآله» علياً «عليه السلام» فأتاه ببنت حمزة؛ فسوغها «صلى الله عليه وآله» الميراث كله([65]).

وهذا يدل: على أنه لا ميراث للعصبة على تقدير زيادة الفريضة عن السهام إلا مع عدم القريب، فيرد باقي المال على البنت، والبنات، والأخت والأخوات، وعلى الأم، وعلى كلالة الأم، مع عدم وارث في درجتهم، وعلى هذا إجماع أهل البيت «عليهم السلام»، وأخبارهم به متواترة.

ويدل على ذلك أيضاً، قوله تعالى: ﴿وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ الله إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾([66]) فعن الإمام الباقر «عليه السلام» في هذه الآية: «إن بعضهم أولى بالميراث من بعض؛ لأن أقربهم إليه رحماً أولى به.

ثم قال أبو جعفر «عليه السلام»: أيهم أولى بالميت، وأقربهم إليه؟ أمه، أو أخوه؟ أليس الأم أقرب إلى الميت من إخوته وأخواته»؟!([67]).

وللتوسع في هذا البحث مجال آخر.

الاختصام في ابنة حمزة:

ويقولون: إن علياً وجعفراً ابني أبي طالب، وزيد بن حارثة، اختصموا في ابنة حمزة، فقال «صلى الله عليه وآله» لكل واحد منهم ما أرضاه([68]).

ونحن نشك في الحديث من أصله، لأن جعفر كان في واقعة أحد في الحبشة، وقد جاء إلى المدينة في سنة ست من الهجرة.

ودعوى أن الاختصام قد حصل بعد رجوعه تطرح أمامنا سؤالاً عن السبب في سكوت زيد بن حارثة عن المطالبة ببنت حمزة كل هذه المدة.

الصلاة على الشهداء وتغسيلهم ودفنهم:

لقد روى بعضهم: أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يصلِّ على شهداء (أحد). وبه أخذ الأئمة الشافعية.

ولكن ذلك غير صحيح؛ فقد صرحت الروايات الكثيرة: بأنه «صلى الله عليه وآله» قد صلى عليهم. وروي ذلك عن بعض أئمة الحديث، وبه أخذ الأئمة الحنفية([69]).

والصحيح: أنه «صلى الله عليه وآله» قد صلى عليهم، ولم يغسلهم، وهو الثابت عن أئمة أهل البيت «عليهم السلام»، الذين هم سفينة نوح، وباب حطة. ولذا فلا يُعبأ بما رواه غيرهم؛ ولذا فنحن لا نطيل الكلام في ذلك.

ولا سيما بعد أن قال (مغلطاي): «..وصلى على حمزة والشهداء من غير غسل. وهذا إجماع؛ إلا ما شذ به بعض التابعين.

إلى أن قال: قال السهيلي: ولم يرو عنه «صلى الله عليه وآله»: أنه صلى على شهيد في شيء من مغازيه إلا في هذه.

وفيه (نظر)؛ لما ذكره النسائي من أنه صلى على أعرابي في غزوة أخرى»([70]).

وعن عدد التكبير عليهم، وعلى غيرهم، فقد تقدم في أول هذا الفصل: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد كبر على حمزة سبعاً أو سبعين ـ كما هو الأصح ـ.

وأما ما يقال: من أن عدد التكبيرات على الميت أربع، فقد أثبتنا بما لا يقبل الشك أنه لا يصح، وأن التكبير على الميت (خمس) لا أربع([71]).

وبالنسبة للغسل، فقد قال الدياربكري وغيره: «أجمع العلماء على أن شهداء أحد لم يغسلوا»([72]).

وتقدم: أن حنظلة خرج وهو جنب، فأخبر «صلى الله عليه وآله» أن الملائكة تغسله.

ويقال أيضاً: إن حمزة قد قتل جنباً؛ فرأى النبي «صلى الله عليه وآله» الملائكة تغسله([73]).

ولكن هذا ينافي ما جاء في بعض النصوص من أنه قتل يوم أحد صائماً. والله هو العالم.

ومهما يكن من أمر؛ فإن الشهداء لم يغسلوا، وإخباره «صلى الله عليه وآله» بتغسيل الملائكة لمن مات جنباً، بالإضافة إلى أنه إخبار عن واقع؛ فإنه أيضاً ليس لأجل موته بل هو لأجل جنابته؛ لرفع الحزازة التي ربما تحدث في نفس أهله، الذين يعرفون بأنه لم يغتسل من جنابته.

وأما بالنسبة للتكفين؛ فإن الشهيد يدفن في ثيابه، ولكن النبي «صلى الله عليه وآله» قد كفن حمزة وحنّطه؛ لأنه كان قد جرد، كما روي([74]).

وأما عن دفنهم؛ فيقال: إنه قد احتمل ناس من المسلمين قتلاهم إلى المدينة، فدفنوهم بها، ثم نهى «صلى الله عليه وآله» عن ذلك.

وقال «صلى الله عليه وآله»: ادفنوهم حيث صرعوا([75]).

ويقال: إنه «صلى الله عليه وآله» قال: ادفنوا الإثنين والثلاثة في قبر واحد، وقدموا أكثرهم قرآناً([76]).

لماذا تقديم الأقرأ؟

وتقديم أكثرهم قرآناً حتى في هذا المقام، له دلالة هامة هنا، فإن أكثرهم قرآناً يفترض به أن يكون هو الأكثر وعياً وبصيرة في أمره، ومن ثم يكون إخلاصه للقضية التي يقاتل من أجلها أشد، وارتباطه بها أعمق. وكلما كان العمل أكثر إخلاصاً لله، كلما كانت قيمته أغلى؛ وثمنه أغلى، لأنه يستمد قيمته هذه من مدى اتحاده بذلك الهدف، وفنائه فيه.

بل نجد أنه «صلى الله عليه وآله» يتجاوز ذلك، إلى أنه «صلى الله عليه وآله» أراد أن يبعث بعثاً وهم ذوو عدد، فاستقرأهم؛ ليعرف ما معهم من القرآن؛ فوجد: أن أحدثهم سناً ، أكثرهم قرآناً، فأمّره عليهم([77]).

فهو «صلى الله عليه وآله» يعطي بذلك نظرة الإسلام الصحيحة للعلم والمعرفة الذين يتركان أثرهما الإيجابي حتى بالنسبة لما بعد الموت، وحتى بالنسبة لهؤلاء المتساوين من حيث بذل أغلى ما لديهم في سبيله، وإن لم يكونوا متساوين في درجات معرفتهم، وثقافتهم، ووعيهم.

ولقد رأينا أنه «صلى الله عليه وآله» يقول ـ كما يروي لنا أبو سلمة ـ : إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمهم أقرؤهم وإن كان أصغرهم؛ فإذا أمهم فهو أميرهم([78]).

وفي هذا دلالة واضحة على أن الملاك في التقديم هو المعرفة الخالصة، التي تؤهل الإنسان لأن يكون أكثر خشية لله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء﴾([79]). وليس هو الجمال، أو الجاه، أو المال، أو النسب، أو غير ذلك؛ فإن ذلك قد رفضه الإسلام والقرآن رفضاً قاطعاً ونهائياً.

أنا شهيد على هؤلاء:

وكان طلحة بن عبيد الله، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، يقولون: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» صلى على قتلى أحد، وقال: «أنا شهيد على هؤلاء.

فقال أبو بكر: ألسنا إخوانهم، أسلمنا كما أسلموا، وجاهدنا كما جاهدوا؟

قال: بلى، ولكن هؤلاء لم يأكلوا من أجورهم شيئاً، ولا أدري ما تحدثون بعدي.

فبكى أبو بكر، وقال: إنا لكائنون بعدك»؟([80]).

وهذا يدل: على أن الرسول «صلى الله عليه وآله» لم يكن مطمئناً لما ينتهي إليه أمر أصحابه بعده. ولم يكن يعتقد أن مجرد صحبتهم له تدخلهم الجنان، وتجعلهم معصومين، أو أنها تكون أماناً لهم من كل حساب وعقاب، عملوا ما عملوا، وفعلوا ما فعلوا؛ فإن ذلك خلاف ما قرره القرآن الذي يقول: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ﴾([81]) وقد بحثنا موضوع عدالة الصحابة في موضع آخر([82]).

وما ذكرناه هناك ما هو إلا رشحة من نهر، وقطرة من بحر. والأدلة على ما نقول، من أن كل صحابي محاسب على ما عمل، وأن فيهم المؤمن، والمنافق، والعادل، والفاسق كثيرة جداً، لا مجال لحصرها.

عدد شهداء أحد:

وأما عن عدد الشهداء في أحد، فقد كانوا سبعين: من المهاجرين أربعة، والباقون من الأنصار([83]).

وقيل: أربعة وستون من الأنصار، وستة من المهاجرين، وجرح سبعون.

وهذا ما وعدهم به النبي «صلى الله عليه وآله» في بدر حسبما تقدم.

وأما ما يقال: من أن عدتهم خمس وستون، فيهم أربعة من المهاجرين، أو أنهم ستة وتسعون.

أو أنهم ثمانون: أربعة وسبعون من الأنصار، وستة من المهاجرين([84]).

فليس بمسموع بعد أن أخبرهم النبي «صلى الله عليه وآله» ـ كما هو المشهور ـ بأنه سيقتل من المسلمين بعدة أسرى بدر إن قبلوا بالفداء. وعدة أسرى بدر كانت سبعين كما يقولون([85]).

أما ما عن أنس، من أنه قتل من الأنصار في أحد سبعون، وفي بئر معونة سبعون، ويوم اليمامة على عهد أبي بكر سبعون، رواه البخاري([86]):

فلا يمكن المساعدة عليه؛ لأن قتلى أحد كانوا سبعين من الأنصار والمهاجرين معاً، لا من الأنصار وحدهم. ولأنه سيأتي في سرية بئر معونة الاختلاف الشديد في عدد أفرادها، وهي تتراوح ما بين العشرة إلى السبعين رجلاً([87]).

أكثر القتلى من الأنصار:

ويلاحظ هنا: أن أكثر القتلى كانوا من الأنصار، وقد جاء ذلك بصورة لا تتناسب مع عدد المشاركين منهم في الحرب إذا قورن بمن قتل من المهاجرين، إذا أضيف إلى عدد المشاركين منهم أيضاً.

وقد أشرنا فيما تقدم: إلى أن قريشاً ظلت تحقد على الأنصار، وعلى أهل البيت «عليهم السلام» عشرات السنين والأعوام.

وكان يهمها: أن تجزرهم جزراً، ولا يبقى منهم نافخ نار.

ولربما نفهم: أن الأنصار كانوا أكثر اندفاعاً إلى الحرب، وأشد تصدياً لمخاطرها، لأنهم يدافعون عن وطنهم، وعن عقيدتهم معاً.

وقد كان الإسلام فيهم أعرق وأعمق من كثير من المهاجرين، فلا يقاس بهم مسلمو الفتح، فإنهم إنما أسلموا خوفاً أو طمعاً؛ ولذا فقد كثر فيهم المنافقون والمناوؤون لأهل البيت «عليهم السلام».

ولعل كثيراً من المهاجرين كانوا مطمئنين إلى قبول قومهم لهم، كما يظهر مما تقدم.

كما أن بعض المشاركين في الحرب من هؤلاء وأولئك، لم تكن لديه دوافع عقيدية أيضاً، كما هو الحال بالنسبة لمن يقاتلون من أجل السلب، والغنائم، وغير ذلك.

زيارة القبور:

ويذكرون: أن المسلمين كانوا يتبركون بقبر حمزة، ويستشفون بتربته، وقد صنعوا السبحة منها([88]).

ويذكر الواقدي هنا: أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يزور قبور شهداء أحد في كل حول، فإذا لقوه رفع صوته يقول: السلام عليكم بما صبرتم؛ فنعم عقبى الدار. وكان أبو بكر يفعل مثل ذلك، وكذلك عمر، ثم عثمان، ثم معاوية.

ونقول:

كيف يذكر معاوية هنا، وهو الذي نبش قبور الشهداء من أجل العين التي أجراها؟!.

وكانت فاطمة تأتيهم بين اليومين والثلاثة؛ فتبكي عندهم، وتدعو.

وكان «صلى الله عليه وآله» يأمر بزيارتهم، والتسليم عليهم.

وكذا كان يزورهم سعد بن أبي وقاص، وأبو سعيد الخدري كان يزور قبر حمزة، وأم سلمة أيضاً كانت تزورهم كل شهر؛ وقد أنّبت غلامها لأنه لم يسلم عليهم. وكذا أبو هريرة، وابن عمر، وفاطمة الخزاعية([89]).

وعن السجاد «عليه السلام»: أن فاطمة «عليها السلام» كانت تزور قبر عمها حمزة في الأيام تصلي وتبكي عنده([90]).

وقد أمر النبي «صلى الله عليه وآله» أيضاً بزيارة القبور. وشواهد هذا البحث كثيرة جداً لا تكاد تحصر، وقد ألفت الكتب، ونظمت البحوث في هذا الموضوع([91]).

فليراجعها من أراد التوسع؛ فلا يصغى لمنع بعض الفرق من زيارة القبور، فإن ذلك لا يستند إلى أي دليل معقول أو مقبول.

عدد قتلى المشركين:

ويقال: إنه قد قتل من المشركين في معركة أحد ثمانية عشر رجلاً([92]).

وقيل: اثنان، أو ثلاثة وعشرون([93]).

وقيل: ثمانية وعشرون([94]).

وقيل: أكثر من ذلك. لأن حمزة قد قتل وحده منهم واحداً وثلاثين رجلاً كما يقولون([95]).

أكثر القتلى من علي :

1 ـ ويروي البعض: أن أمير المؤمنين «عليه السلام» قد قتل في أحد اثني عشر رجلاً([96]).

2 ـ ونعتقد أنه «عليه السلام» قد قتل أكثر من ذلك، لأنه قد قتل أصحاب اللواء بلا شك كما تقدم بيانه، وهم تسعة أو أحد عشر، كما أن المعتزلي يذكر: أن كتائب المشركين صارت تحمل على النبي «صلى الله عليه وآله».

وقد قتل من كتيبة بني كنانة أبناء سفيان بن عويف الأربعة. وتمام العشرة منها، ممن لا يعرف بأسمائهم.

وقال: إن ذلك قد رواه جماعة من المحدثين، ويوجد في بعض نسخ ابن إسحاق، وأنه خبر صحيح فراجع كلامه([97]).

3 ـ قال القوشجي: وكان أكثر المقتولين منه([98]) (أي من أمير المؤمنين «عليه السلام»).

4 ـ وقال الشيخ المفيد رحمه الله تعالى: وقد ذكر أهل السير قتلى أحد من المشركين، وكان جمهورهم قتلى أمير المؤمنين «عليه السلام».

ثم ذكر أسماء اثني عشر من الأبطال المعروفين ممن قتلهم «عليه السلام»([99]).

5 ـ ولسوف يأتي: أن قريشاً قد عجلت بالمسير عن حمراء الأسد حينما علمت أن علياً «عليه السلام» قادم إليها.

6 ـ ويقول الحجاج بن علاط في وصف قتله «عليه السلام» لكبش الكتيبة، طلحة بن أبي طلحة، وحملاته «عليه السلام» في أحد:

لله أي مـذبـب عـن حــــزبــــه           أعني ابـن فـاطـمـة المعـم المخولا
جـادت يـداك لـه بـعـاجـل طعنة          تركت طـليحـة للجبين  مـجـدلا
وشـددت شـدة بـاسل فكشفتهم           بالسفح إذ يهوون أسـفـل  أسفـلا
وعللت سيفك بـالـدمـاء ولم تكن        لـــترده حــران حـتـى يـنـهـل
ا(
[100])

ومما يدل على مدى ما فعله أمير المؤمنين «عليه السلام» بقريش في أحد: أن النص التأريخي يؤكد على أن قريشاً كانت ـ بعد ذلك ـ وإلى عشرات السنين تحقد على علي «عليه السلام»، وعلى أهل بيته لذلك.

وقد ذكر النبي «صلى الله عليه وآله» هذه الأحقاد لعلي «عليه السلام»([101]) ثم ظهرت آثارها في المجازر التي ارتكبها الأمويون في كربلاء وغيرها.

وقد صرحت الزهراء «عليها السلام» بأن ما جرى عليهم بعد شهادة  النبي «صلى الله عليه وآله»، قد كان بسبب الأحقاد البدرية والترات الأحدية([102]).

أويس القرني في أحد:

ويقولون: إن أويس القرني قد حضر أُحداً، وجرى عليه كل ما جرى على النبي «صلى الله عليه وآله» من كسر رباعيته، وشج وجهه، ووطء ظهره!! ويدل على أنه قد وطئ ظهر النبي «صلى الله عليه وآله» من قبل المشركين قول عمر: فلقد وطئ ظهرك، وأدمي وجهك([103]).

والمراد بالوطء: الدوس بالأقدام.

ونحن لا نصدق ذلك أصلاً، لأنهم يقولون: إن أويساً لم يرَ النبي «صلى الله عليه وآله» أصلاً، لأنه ـ كما يقولون ـ كان مشغولاً بخدمة أمه([104]).

وروي عن النبي «صلى الله عليه وآله» قوله: خير التابعين رجل يقال له: أويس بن عامر([105]).

وفي مسند أحمد: نادى في صفين رجل شامي: أفيكم أويس القرني؟

قالوا: نعم.

قال: سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: من خير التابعين أويس القرني([106]).

فوصفه بالتابعي يشير إلى أنه لم يكن من الصحابة.

 بل لقد كان الإمام مالك ينكر وجود أويس القرني من الأساس([107]).

ولكنه كلام لا يصح: فقد تواتر أنه شخصية حقيقية، وقد ذكر العلماء والمصنفون أخباره وفضائله في كتبهم ومنقولاتهم.

ولعل سبب إنكار وجوده ودعوى: أنه توفي في خلافة عمر([108]) هو حضوره مع علي «عليه السلام» في صفين، واستشهاده معه([109]).

ولعل أكذوبة: أن المشركين قد وطِئوا ظهر النبي «صلى الله عليه وآله» قد جاءت بهدف الحط من كرامته «صلى الله عليه وآله»، أو إظهار خطورة الموقف، ليخف النقد الموجه للفارين عنه «صلى الله عليه وآله».

مع أن ذلك آكد في ذمهم، وأشد في قبح ما صدر منهم.

صفية واليهودي:

ويذكر البعض في غزوة أحد([110]) قضية قتل صفية لليهودي، وعدم جرأة حسان على قتله، ولا على سلبه.

ولكن الظاهر هو: أن ذلك كان في غزوة الخندق، ولذا فنحن نرجئ الحديث عنه إلى هناك.

بعض الحِكَم في معركة أحد:

قال السمهودي: قال العلماء: وكان في قصة أحد من الحكم والفوائد أشياء عظيمة:

منها: تعريف المسلمين سوء عاقبة المعصية، وشؤم ارتكاب النهي، لما وقع من الرماة.

ومنها: أن عادة الرسل أن تبتلى، وتكون لها العاقبة.

ومنها: إظهار أهل النفاق، حتى عرف المسلمون: أن لهم عدواً بين أظهرهم.

ومنها: تأخير النصر هضماً للنفس، وكسراً لشماختها([111]).

ثم ذكر كلاماً يشتم منه رائحة الجبر، وهو ما لا نوافقه عليه، ولذلك أهملناه.

من مشاهد العودة إلى المدينة:

1 ـ وعاد النبي «صلى الله عليه وآله» والمسلمون إلى المدينة، واستقبلته أم سعد بن معاذ تعدو، فجاءت حتى نظرت في وجهه، وقالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، هانت علي كل مصيبة إن سلمت. فعزاها رسول الله «صلى الله عليه وآله» بولدها عمرو.

وفي رواية: أنه لما بشرها النبي «صلى الله عليه وآله» بما للقتلى في الجنة، قالت: رضينا يا رسول الله، ومن يبكي عليهم بعد هذا؟!([112]).

2 ـ مر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بامرأة من الأنصار، وقد أصيب زوجها، وأخوها، وأبوها مع الرسول «صلى الله عليه وآله» في أحد؛ فلما نعوهم إليها قالت: ما فعل رسول الله؟

قالوا: خيراً يا أم فلان، هو بحمد الله كما تحبين.

قالت: أرونيه حتى أنظر إليه.

فأشير لها إليه، فلما رأته، قالت: كل مصيبة بعدك جلل. يعني هينة.

وفي رواية: أنهم استقبلوها بجنائز: ابنها، وأخيها، وأبيها، وزوجها، أو دُلَّت على مصارعهم؛ فلم تكترث. وسألت عن الرسول «صلى الله عليه وآله» فدلَّت عليه؛ فذهبت حتى أخذت بناحية ثوبه.

ثم جعلت تقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي إذا سَلِمْتَ من عطب([113]).

ونقول: إن هؤلاء النسوة قد بلغن من المعرفة والوعي حداً صرن معه يعتبرن وجود النبي «صلى الله عليه وآله» كل شيء بالنسبة إليهن، وكل مصيبة بعد النبي «صلى الله عليه وآله» هينة، ولا يبالين إن سَلِمَ من عطب. فالرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» هو مصدر الطمأنينة، وعنوان الحياة، والوجود لهن. وبدونه لا طعم للحياة، ولا معنى للبقاء.

وقد بلغ من يقينهن بما يخبر به الرسول «صلى الله عليه وآله»: أنهن صرن كأنهن يرينه رأي العين، حتى لتقول أم سعد بن معاذ حينما أخبرها بما للشهيد في الجنة: ومن يبكي عليهم بعد هذا؟!.

ولا يمكن أن نرجع ذلك كله لشخصية النبي «صلى الله عليه وآله»، وقوة تأثيرها، وإنما يرجع ذلك ـ ولا شك ـ إلى فطرية تعاليم الإسلام ومبادئه، وانسيابها مع المشاعر والعواطف، حتى لتمتزج بوجود الإنسان، وفي كل كيانه، وتسري فيه كما يسري الدم في العروق.

علي × يناول فاطمة عليها السلام سيفه:

ويقولون: إنه «صلى الله عليه وآله» قد ناول فاطمة «عليها السلام» سيفه، وقال: اغسلي عن هذا دمه يا بنية، فوالله، لقد صدقني اليوم. فجاء علي «عليه السلام» فناولها سيفه، وقال مثل ذلك.

فقال «صلى الله عليه وآله»: لئن كنت صدقت القتال، لقد صدق معك سهل بن حنيف، وأبو دجانة([114]).

ولكن ذلك غير صحيح، وذلك:

1 ـ لأن الذي قتل معظم المشركين، وقتل أصحاب الألوية، وثبت في أحد، ونادى جبرئيل باسمه، وقتل أبناء سفيان بن عويف الأربعة إلى تمام العشرة، هو علي «عليه السلام» وليس أبا دجانة، ولا سهل بن حنيف، ولا غيرهما.

2 ـ ثم إن هذه الرواية متناقضة النصوص؛ فعن ابن عقبة لما رأى رسول الله «صلى الله عليه وآله» سيف علي «عليه السلام» مخضباً دماً قال: إن تكن أحسنت القتال، فقد أحسنه عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح، والحرث بن الصمة، وسهل بن حنيف([115]). فأي الروايتين هو الصحيح؟

3 ـ لقد رد ابن تيمية قولهم: بأنه «صلى الله عليه وآله» قد أعطى فاطمة «عليها السلام» سيفه، بأنه «صلى الله عليه وآله» لم يقاتل في أُحد بسيف([116]).

والصحيح في القضية هو ما ذكره المفيد رحمه الله: من أنه بعد أن ناول علي فاطمة سيفه وقال لها: خذي هذا السيف؛ فلقد صدقني اليوم، وأنشد:

أفــاطـم هـاك الــسـيـف غير ذميم       فلـست بـرعـديـد، ولا  بـلـئـيم
لـعـمـري لـقد أعذرت في نصر أحمد   وطــاعـة رب بــالـعـبـاد عـليـم
أمـيـطـي دمــاء الــقـوم عـنـه فـإنه    سـقـى آل عـبـد الدار كأس  حميم

قال «صلى الله عليه وآله»: خذيه يا فاطمة؛ فقد أدى بعلك ما عليه، وقد قتل الله بسيفه صناديد قريش([117]).

فهذه الرواية هي الأنسب والأوفق بمساق الأحداث، وبأخلاق وسجايا النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله».

شماتة المنافقين وسرورهم بنتائج أحد:

ولما عاد النبي «صلى الله عليه وآله» إلى المدينة، وبكى المسلمون قتلاهم، سر بذلك المنافقون، واليهود، وأظهروا الشماتة، وصاروا يظهرون أقبح القول.

ومنه قولهم: ما محمد إلا طالب ملك، وما أصيب بمثل هذا نبي قط، أصيب في بدنه، وأصيب في أصحابه. وعرف المسلمون عدوهم الذي في دارهم، وتحرزوا منه.

وقالوا أيضاً: لو كان من قتل عندنا ما قتل. وجعلوا يخذلون عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أصحابه، ويأمرونهم بالتفرق عنه. واستأذنه عمر في قتل هؤلاء القائلين من المنافقين واليهود، فقال «صلى الله عليه وآله»: أليس يظهرون شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟

قال عمر: بلى، ولكن تعوذوا من السيف، وقد بان أمرهم، وأبدى الله تعالى أضغانهم.

فقال «صلى الله عليه وآله»: نهيت عن قتل من أظهر ذلك. وأما اليهود فلهم ذمة فلا أقتلهم([118]).

ونحن نشير هنا إلى ما يلي:

ألف: التمحيص:

إن المحن التي أصابت المسلمين في حرب أحد قد ميزت الخبيث من الطيب منهم، وامتاز أدعياء الإيمان والمنافقون عن المؤمنين.

كما وعرفت درجات المؤمنين أنفسهم، ومدى ثبات قدم كل منهم في الإيمان.

قال تعالى في مناسبة غزوة أحد: ﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ الله الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَالله لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾([119]).

وفي ذلك أيضاً: تعريف للمؤمنين أنفسهم بقدراتهم الإيمانية، وملكاتهم النفسية تلك.

فلا بد إذاً، أن يسعى المقصرون لجبر ما فيهم من نقص، وتكميل يقينهم، وزيادة وعيهم الرسالي؛ قال تعالى في آيات نزلت بمناسبة أحد: ﴿وَلِيُمَحِّصَ الله الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ﴾([120]).

ويقول: ﴿قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ الله مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَالله عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ﴾([121]).

وخلاصة الأمر: أن ما جرى في أحد قد عرف المسلمين بحقيقة تركيبة مجتمعهم، وأن فيه المؤمن والمنافق، وعرفهم أيضاً بطاقاتهم وقدراتهم، ودرجاتهم الإيمانية.

وهذا أمر مهم جداً بالنسبة لخططهم المستقبلية، ومهم أيضاً بالنسبة لتعاملهم على الصعيد الداخلي مع بعضهم البعض؛ لأن ذلك يجعلهم أكثر دقة، وأشد حيطة، حيث يحسبون لكل شيء حسابه، فلا يأتيهم ما لا يتوقعون، ولا يواجهون المفاجآت المحيرة. الأمر الذي لا بد أن يؤثر في نتائج مواقفهم، وجعلها لصالحهم بنحو أدق وأحكم.

ب: أجواء النفاق ودوافعه:

إن النفاق لا يستدعي دائماً: أن يكون المنافق يرغب في هدم هذا الدين الجديد، ويترصد الفرصة لذلك.

بل ربما يكون ذلك خوفاً من هذه الدعوة حينما يكون لها قوة وطول.

أو طمعاً بنفع عاجل، مادي، أو معنوي.

أو عصبية وحمية لبلد، أو قبيلة.

أو طمعاً في أن تنجح الدعوة في التغلب على المصاعب التي تواجهها، ويكون لهذا الشخص المنافق شأن فيها.

أو التزاماً بتقليد اجتماعي، ذي طابع معين.

أو حفاظاً على مصالح لا يمكن الحفاظ عليها مع مناهضة الدعوة.

إلى غير ذلك مما لا مجال له هنا.

إذن، فيمكن أن يكون نفاق ابن أبي، وكثير من أصحابه، إنما كان من أجل الحصول على ما في الإسلام من مغانم؛ والابتعاد عما يواجهونه من متاعب ومغارم.

وقد يكون نفاقهم هذا يتخذ اتجاهاً لا ينسجم مع تسليط المشركين على المدينة، لأن ذلك ولا شك لسوف يلحق الضرر بأولئك المنافقين أنفسهم. ولسوف يلحق الضرر بالتزاماتهم القبلية والاجتماعية، وبمصالحهم بشكل عام. كما أن تسليط المشركين على بلدهم لا ينسجم مع التقليد الاجتماعي القائم آنذاك، ولا مع غيرتهم وحميتهم، وعصبيتهم.

نعم، ربما تتغير هذه النظرة للمنافق، ويتجاوز كل هذه الموانع، إذا رأى: أن وجوده ومصالحه في خطر في المستقبل.

وإذا رأى أنه لا يمكنه الحفاظ على الحد الأدنى من مصالحه إلا بالتعامل مع أعداء هذه الدعوة؛ فيندفع إلى القيام بأي عمل يحفظ له الحد الأدنى مما تطمح نفسه إليه، ويسعى من أجل الحصول عليه.

دعني أقتله يا رسول الله!!

ثم إننا نجد: أن عمر يستأذن النبي «صلى الله عليه وآله» في قتل هؤلاء المنافقين؛ فلا يأذن له النبي «صلى الله عليه وآله» (وقد تقدم حين الكلام عن وحشي، وفي موضع آخر بعض ما يرتبط بذلك).

ونجد مثل ذلك من عمر في خلال حياته مع النبي «صلى الله عليه وآله» الشيء الكثير، وكأمثلة على ذلك نشير إلى:

1 ـ قصته مع الحكم بن كيسان([122]).

2 ـ قصته مع أبي سفيان([123]) حين فتح مكة.

3 ـ ومع عبد الله بن أبي([124]).

4 ـ ومع ذي الخويصرة([125]).

5 ـ ومع حاطب بن أبي بلتعة([126]).

6 ـ ومع ذي الثدية([127]) وقيل باتحاده مع ذي الخويصرة، وقيل: لا.

7 ـ ومع شيبة بن عثمان([128]).

8 ـ ومع الأعرابي الذي من بني سليم([129]).

9 ـ ونجده يطلب في الحديبية أن يمكنه النبي «صلى الله عليه وآله» من نزع ثنيتي سهيل بن عمرو، حتى يدلع لسانه.

وفي كل ذلك يمنعه النبي «صلى الله عليه وآله» ويردعه، ويخبره: بأنه لا يرغب في ذلك.

وبالنسبة للحادثة الأخيرة مع سهيل بن عمرو قال له: فعسى أن يقوم مقاماً تحمده. فكان مقامه هو ما ستأتي الإشارة إليه([130]).

فقد كان له موقف جيد في مكة حين وفاة النبي «صلى الله عليه وآله»، حيث منع أهل مكة من الارتداد وسكّنهم، وعظم الإسلام([131]).

ولا ندري كيف خفيت على عمر خطورة تصرف كهذا؟!

وأن ذلك معناه: نقض الصلح، وإعطاء نظرة سلبية عن النبي «صلى الله عليه وآله» وعن المسلمين، وفسح المجال للدعاية المغرضة ضدهم، وأنهم لا عهد لهم ولا ذمار. فحتى مع الرسل والمفاوضين يفعلون ذلك الأمر المهين والمشين، الأمر الذي يرفضه حتى العرف الجاهلي، فضلاً عن الخلق السامي والنبيل.

كما أننا لا ندري ـ لو أنه فعل ذلك بسهيل بن عمرو ـ ماذا سوف يكون شعور ابنه عبد الله بن سهيل، الذي هرب من أبيه إلى النبي «صلى الله عليه وآله» في بدر، وكان يكتم أباه إسلامه؟!.

ثم ماذا سوف يكون شعور ابنه الآخر أبي جندل بن سهيل، الذي جاء يرسف في الحديد إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» في الحديبية؟! أي في نفس الوقت الذي يريد فيه عمر: أن يفعل ما يفعل بأبيه سهيل.

وقد كان سهيل يضرب أبا جندل بغصن شوك. ولكنه مع ذلك قد ضن بهذا الأب أن يصيبه سوء، كما ذكره مصعب الزبيري([132]).

نعم، إننا لا ندري لماذا يصر عمر على النبي «صلى الله عليه وآله» في هذا الأمر، الذي كرر النبي «صلى الله عليه وآله» له رأيه فيه مرات عديدة؟!

وأوضح له: أنه لا يريد أن يتحدث الناس: أن محمداً يقتل أصحابه. بل لقد قال له في قصة ابن أُبي: لو قتلته يوم قلت لي لأرعدت لها آنُف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته([133]).

وإذا كان عمر يغار على مصلحة الإسلام إلى هذا الحد، حتى إنه لينسى كلام النبي «صلى الله عليه وآله» له في ذلك مرات عديدة، فلماذا فر في أحد قبل ذلك بقليل، وترك الإسلام والنبي «صلى الله عليه وآله» في معرض الأخطار الجسام، والأهوال العظام؟!

ولماذا فر في خيبر، وحنين الخ؟!.

ولماذا لم يطع النبي «صلى الله عليه وآله» حينما أمره بأن يقتل ذا الثدية؟!([134]).

ولعل هذا هو سر قول النبي «صلى الله عليه وآله» له في قصة ابن أبي: أوقاتله أنت إن أمرتك بقتله؟ مما يوحي بأنه «صلى الله عليه وآله» كان يشك في صحة عزمه على هذا الأمر كثيراً، وقد أثبت الواقع صحة شكه «صلى الله عليه وآله» هذا.

ولماذا كان «صلى الله عليه وآله» يسند هذه المهمة إلى غير عمر، إلا في قصة ذي الثدية، وكانت النتيجة فيها ما هو معلوم؟!.

ولماذا لا نجد غير عمر من سائر الصحابة يهتم بهذا الأمر بالخصوص؟!.

أسئلة تبقى حائرة، تنتظر الجواب المقنع والمفيد. وأين؟! وأنى؟!


([1]) راجع ما تقدم في: المغازي للواقدي ج1 ص286، والسيرة الحلبية ج2 ص243 و 244، وتاريخ الخميس ج1 ص439، والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص97، وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص204، والمواهب اللدنية ج1 ص97.

([2]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص97، والسيرة الحلبية ج2 ص243.

([3]) السيرة الحلبية ج2 ص244، وتفسير القرآن العظيم ج1 ص413 عن أحمد.

([4]) مسند الإمام أحمد ج1 ص463، وتفسير القمي ج1 ص117، ومجمع الزوائد ج6 ص110 عن أحمد، والبداية والنهاية ج4 ص41، والبحار ج20 ص55 عن القمي.

([5]) وليقارن بين الإشارة الخفية من علي «عليه السلام» هنا، وإخبار عمر لأبي سفيان صراحة بأن النبي «صلى الله عليه وآله» حي.

فإن علياً «عليه السلام» يهدف بلا شك إلى الحفاظ على حياة رسول الله «صلى الله عليه وآله».

ولا نريد أن نتهم غيره ممن يدل على النبي «صلى الله عليه وآله» بما يخالف هذا.. فإن الله هو العالم بالحقائق.

([6]) راجع ما تقدم في: مغازي الواقدي ج1 ص289، وتاريخ الخميس ج1 ص441 و 442، وحياة الصحابة ج1 ص570 و 571، ومستدرك الحاكم ج3 ص198 و 199، وليراجع تاريخ الطبري ج2 ص208 و 207، والكامل لابن الأثير ج2 ص161 و 162، والسيرة الحلبية ج2 ص247 و 248، والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص101 و 103، وحياة الصحابة ج2 ص650 و 651، ومجمع الزوائد ج6 ص119 و 120 عن البزار والطبراني، وكنز العمال ج15 ص302.

([7]) شرح النهج للمعتزلي ج15 ص17، ومغازي الواقدي ج1 ص290، ومجمع الزوائد ج6 ص119 و 120.

([8]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص441 و 442.

([9]) تاريخ الخميس ج1 ص242.

([10]) نهج البلاغة بشرح عبده ج3 ص35.

([11]) السيرة الحلبية ج2 ص254، وتاريخ الخميس ج1 ص444 عن المنتقى، وليراجع كامل ابن الاثير ج2 ص167، وتاريخ الطبري ج2 ص210، وليراجع: العقد الفريد، والبداية والنهاية ج4 ص48، ومسند أحمد ج2 ص40 و 84 و 92، والإستيعاب ترجمة حمزة. ومسند أبي يعلى ج6 ص272 و 293 و 294، وفي هامشه عن المصادر التالية: مجمع الزوائد ج6 ص120، وعن الطبقات الكبرى ج3 قسم 1 ص10، وعن سنن ابن ماجة ج3 ص95 في السيرة وفي الجنائز الحديث رقم 1591، ومستدرك الحاكم ج3 ص195، وعن سيرة ابن هشام ج2 ص95 و 99.

([12]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص443 عن الصفوة والمنتقى، والمصنف ج3 ص547 وج5 ص277، والسيرة الحلبية ج2 ص250، وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص264، ومغازي الواقدي ج1 ص267 و 268، وطبقات ابن سعد ج3 ص5 قسم 1 وقسم 2 ص78، وليراجع حياة الصحابة ج3 ص659 ـ 661، والبداية والنهاية ج4 ص43، ودلائل أبي نعيم ص499، وكنز العمال ج10 ص270 وج8 ص270، وعن ابن سعد وراجع: فتح الباري ج3 ص142، ووفاء الوفاء ج3 المجلد الثاني ص938 عن أحمد بسند صحيح، والدارمي كما في الأوجز ج4 ص108، ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص291.

([13]) ربيع الأبرار ج1 ص559.

([14]) قاموس الرجال ج10 ص89 وج5 ص116، والغدير ج10 ص83 كلاهما عن شرح النهج للمعتزلي ج4 ص51 ط قديم.

([15]) السيرة الحلبية ج2 ص248، وتاريخ الخميس ج1 ص441، ومغازي الواقدي ج1 ص289، ومجمع الزوائد ج6 ص119، ومستدرك الحاكم ج3 ص196.

([16]) دلائل النبوة للبيهقي (ط دار الكتب العلمية) ج3 ص288.

([17]) السيرة الحلبية ج2 ص246، وتاريخ الخميس ج1 ص441.

([18]) راجع: الدر المنثور ج4 ص135، ودلائل النبوة للبيهقي ط دار الكتب العلمية والسيرة الحلبية ج2 ص246، والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج2 ص53، والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص101، والكامل في التاريخ ج2 ص161، وسيرة ابن اسحاق ص335.

([19]) الآية 126 من سورة النحل.

([20]) راجع: الدر المنثور ج4 ص135 عن مصادر كثيرة وراجع: التفسير الكبير ج20 ص141، والجامع لأحكام القرآن ج10 ص201، وجامع البيان ج14 ص131، وغرائب القرآن (بهامش جامع البيان) ج14 ص132، والتبيان ج6= = ص440، ومجمع البيان ج6 ص393، ولباب التأويل للخازن، ومدارك التنزيل (بهامشه) ج3 ص143، ودلائل النبوة للبيهقي (ط دار الكتب العلمية) ج3 ص388، ومجمع الزوائد ج6 ص119، ومستدرك الحاكم ج3 ص197، والسيرة الحلبية ج2 ص246، والسيرة النبوية لدحلان بهامش الحلبية ج2 ص53، والمواهب اللدنية ج1 ص97، والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص102، وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج2 ص529، والكامل في التاريخ ج2 ص161، وسيرة ابن اسحاق ص335، ومسند أحمد ج5 ص135، وتاريخ الخميس ج1 ص441، والروايات بهذه المعاني تجدها في مختلف كتب الحديث والتاريخ التي تتعرض لغزوة أحد، ولا يكاد يخلو منها كتاب كلاً أو بعضاً، فراجع.

([21]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص246 عن ابن كثير، والقول بأن الآية مدنية لا عبرة به لأنه يستند إلى هذه الرواية.

([22]) السيرة الحلبية ج2 ص246.

([23]) الدر المنثور ج4 ص135 عن ابن جرير، وابن مردويه.

([24]) الدر المنثور ج4 ص135 عن ابن جرير، وابن أبي حاتم.

([25]) راجع: صحيح البخاري (ط سنة 1309 هـ) ج3 ص31، ونصب الراية للزيلعي ج3 ص118 عن البخاري ومسلم وسنن البيهقي ج9 ص69، ونيل الأوطار ج7 ص151.

([26]) فتح الباري ج1 ص294.

([27]) راجع: المصنف ج9 ص259، والبخاري، ومسلم، وغير ذلك.

([28]) الإعتبار في الناسخ والمنسوخ ص208 ـ 211، وفتح الباري ج7 ص369.

([29]) أبو حنيفة لمحمد أبي زهرة ص250.

([30]) الأم ج4 ص162.

([31]) السيرة الحلبية ج2 ص241، وراجع: مغازي الواقدي ج1 ص290 و 291، وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص17.

([32]) راجع المصادر المتقدمة.

([33]) راجع: نهج البلاغة، شرح عبده، باب الرسائل رقم 36، وباب الخطب رقم 212 و 32، وليراجع ص167 وغير ذلك.

([34]) راجع: مناقب الإمام علي «عليه السلام» لابن المغازلي ص50، وشرح النهج للمعتزلي ج18 ص24، وينابيع المودة ص85 و 71، وكنز الفوائد ج2 ص179 ط دار الأضواء، والبحار ج37 ص72 وج40 ص43 و 177 و 190 ط مؤسسة الوفاء، وروضة الواعظين ج1 ص113، وتلخيص الشافي ج2 ص135، وراجع ميزان الإعتدال ج2 ص75، وراجع لسان الميزان ج2 ص483 ففيهما حديث معناه ذلك أيضاً، وأمالي الطوسي ج1 ص374 وج2 ص100، وأمالي الصدوق ص343، وراجع إحقاق الحق (الملحقات) للمرعشي النجفي ج6 ص440 وج4 ص258 وج7 ص296 وج13 ص70 عن مصادر كثيرة.

([35]) راجع: الهامش ما قبل الأخير.

([36]) راجع: الهامش ما قبل الأخير.

([37]) الأوائل لأبي هلال العسكري ج1 ص316 و 317.

([38]) الآية 126 من سورة النحل.

([39]) الدر المنثور ج4 ص135 عن: الترمذي، وحسّنه، وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند، والنسائي وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن مردويه، والحاكم وصححه، والبيهقي في الدلائل، وتفسير ابن كثير ج2 ص592.

([40]) تفسير ابن كثير ج2 ص592.

([41]) الدر المنثور ج4 ص135 عن ابن جرير، ومصنف ابن أبي شيبة، وراجع: البحار ج20 ص21 عن مجمع البيان.

([42]) الآية 45 من سورة المائدة.

([43]) السيرة الحلبية ج2 ص244.

([44]) راجع: النص والإجتهاد ص230 ـ 234، والغدير ج6 ص159 ـ 167، ودلائل الصدق ج3 قسم 1 ص134 و 136 عن عشرات المصادر الموثوقة، = = والإستيعاب (بهامش الاصابة) ترجمة جعفر ج1 ص211، ومنحة المعبود ج1 ص159، وكشف الأستـار ج1 ص381 و 383 و 382، والاصــابة ج2 ص464، والمجروحون ج2 ص92، والسيرة الحلبية ج2 ص89 وراجع ص251، ووفاء الوفاء ج3 ص894 و 895 وراجع ص932 و 933، وحياة الصحابة ج1 ص571، وطبقات ابن سعد ج3 ص396 وج2 ص313.

([45]) راجع المصادر المتقدمة والغدير وغيره عن عشرات المصادر الموثوقة، وكذا منحة المعبود ج1 ص158، وفي ذكر أخبار أصبهان ج1 ص61 عن أبي موسى، والطبقات لابن سعد ج3 ص209 و 346 و 362. وراجع: تأويل مختلف الحديث ص245 .

([46]) التراتيب الإدارية ج2 ص375، والاصابة ج1 ص415، وصفة الصفوة ج1 ص655، وأسد الغابة ج2 ص96، وحياة الصحابة ج1 ص465 عن الاصابة، والمصنف ج3 ص559، وفي هامشه عن البخاري وابن سعد وابن أبي شيبة، وتاريخ الخميس ج2 ص247، وفتح الباري ج7 ص79، والفائق ج4 ص19، وربيع الأبرار ج3 ص330، وراجع: تاريخ الخلفاء ص88، وراجع: لسان العرب ج8 ص363.

([47]) منحة المعبود ج1 ص159.

([48]) راجع: طبقات ابن سعد ج3 ط صادر ص81، وفي الثاني ربيع الأبرار ج2 ص586.

([49]) طبقات ابن سعد ج3 ص362، ومنحة المعبود ج1 ص159.

([50]) الغدير ج1 ص164 و 54 و 155، عن الإستيعاب ترجمة النعمان بن مقرن والرياض النضرة المجلد الثاني جزء 2ص 328 و 329 حول بكاء عمر على ابن ذلك الأعرابي حتى بل لحيته.

([51]) راجع الغدير عن المصادر التالية: مسند أحمد ج1 ص237 و 235 وج2 ص333 و 408، ومستدرك الحاكم ج3 ص190 و 381، وصححه هو والذهبي في تلخيصه، ومجمع الزوائد ج3 ص17، والإستيعاب ترجمة عثمان بن مظعون، ومسند الطيالسي ص351.

وراجع: سنن البيهقي ج4 ص70، وعمدة القاري ج4 ص87 عن النسائي، وابن ماجة، وسنن ابن ماجة ج1 ص481، وكنز العمال ج1 ص117، وأنساب الاشراف ج1 ص157، وطبقات ابن سعد ج3 ص399 و 429، ومنحة المعبود ج1 ص159.

([52]) الآية 164 من سورة الأنعام.

([53]) راجع صحيح البخاري (ط سنة 1039) ج1 ص146، ومستدرك الحاكم ج3 ص381، وإختلاف الحديث للشافعي هامش الأم ج7 ص266، وجامع بيان العلم ج2 ص105، ومنحة المعبود ج1 ص158، وطبقات ابن سعد ج3 ص346، ومختصر المزني هامش الأم ج1 ص187، والغدير ج6 ص163 عمن تقدم، وعن صحيح مسلم ج1 ص342 و 344 و 343، ومسند أحمد ج1 ص41، وسنن النسائي ج4 ص17 و 18، وسنن البيهقي ج4 ص73 و 72، وسنن أبي داود ج2 ص59، وموطأ مالك ج1 ص96.

([54]) صحيح البخاري ج1 ص147.

([55]) راجع الغدير، ودلائل الصدق، والنص والإجتهاد، وغير ذلك.

([56]) الأراك: نوع شجر.

([57]) النص والإجتهاد ص234.

([58]) حزقيال. الإصحاح 24 الفقرة 16 ـ 18.

([59]) راجع: المواهب اللدنية ج1 ص97، والسيرة الحلبية ج2 ص246، والسيرة النبوية لدحلان، بهامش الحلبية ج2 ص53، والاصابة ج1 ص354، وأسد الغابة ج2 ص48، والدر المنثور ج4 ص135، ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص288 ط دار الكتب العلمية، ومجمع الزوائد ج6 ص119، ومستدرك الحاكم ج3 ص197.

([60]) راجع: البحار ج22 ص327 و 349، وسفينة البحار ج1 ص646، وقاموس الرجال ج4 ص415.

([61]) مستدرك الحاكم ج3 ص598، وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص200 و 204، وذكر أخبار أصبهان ج1 ص54 ، والإختصاص ص341، وبصائر الدرجات ص17، والبحار ج22 ص326 و 330 و 331 و 348 و 349 و 374، وسفينة البحار ج1 ص646 و 647، والطبقات لابن سعد ج1 ص59، وأسد الغابة ج2 ص331، والسيرة الحلبية ج2 ص313، والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج2 ص102، وتاريخ الخميس ج1 ص482، ومناقب آل أبي طالب ج1 ص51، وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص568، والمغازي للواقدي ج2 ص446، والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص235، وقاموس الرجال ج4 ص415 و 424، ونفس الرحمن ص34 و 35 و 29 و 43 عن مجمع البيان، والدرجات الرفيعة ص218.

([62]) الإستيعاب هامش الإصابة ج4 ص87، والكنى والألقاب ج1 ص86، وقاموس الرجال ج10 ترجمة أبي سفيان وج5 ص116 و 117، والغدير ج8 ص278 عن الإستيعاب، وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج10 ص58، ومروج الذهب ج2 ص343.

([63]) النزاع والتخاصم للمقريزي ص18.

([64]) راجع الغدير، ولا سيما ج8 ص278 و 279 وج10 ص79 ـ 84 لمعرفة رأي علي في معاوية، وفي أبيه، وقاموس الرجال ترجمة أبي سفيان، والإستيعاب وغير ذلك.

([65]) التهذيب ج6 ص311، والوسائل ج17 ص432.

([66]) الآية 75 من سورة الأنفال.

([67]) الوسائل ج17 ص434.

([68]) التراتيب الإدارية ج2 ص149 وغير ذلك.

([69]) تاريخ الخميس ج1 ص442، وليراجع أيضاً: السيرة الحلبية ج2 ص248 و 249.

([70]) سيرة مغلطاي ص50 و 51.

([71]) راجع كتابنا: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام.

([72]) تاريخ الخميس ج1 ص442، والسيرة الحلبية ج2 ص248، وتقدم ذلك عن مغلطاي أيضاً.

([73]) السيرة الحلبية ج2 ص248، ومغازي الواقدي ج1 ص309، وشرح النهج ج15 ص37.

([74]) راجع: الدر المنثور للعاملي ج1 ص135 عن من لا يحضره الفقيه.

([75]) تاريخ الخميس ج1 ص442 عن الإكتفاء، وابن اسحاق، وأحمد، والترمذي، وأبي داود، والنسائي، والدارمي، والكامل لابن الاثير ج2 ص162 و 163، وفي شرح النهج ج4 ص262 رواية ناقشها المعتزلي بما لا مجال له.

([76]) تاريخ الخميس ج1 ص442 عن أحمد، والترمذي، وأبي داود، والنسائي، وشرح النهج ج15 ص38، ومغازي الواقدي ج1 ص310، والثقات ج1 ص33، ومجمع الزوائد ج6، والمصنف ج3 ص541 وج5 ص272.

([77]) حياة الصحابة ج2 ص54، والترغيب والترهيب ج2 ص352، وراجع: المصنف ج5 ص165 ففيه ما يشير إلى ذلك.

([78]) المصنف للحافظ عبد الرزاق ج5 ص165.

([79]) الآية 28 من سورة فاطر.

([80]) شرح النهج للمعتزلي ج15 ص38، ومغازي الواقدي ج1 ص310، والمصنف ج3 ص541، وليراجع ص575 وج5 ص273.

([81]) الآيتان 7 و 8 من سورة الزلزلة.

([82]) راجع الجزء الثاني من كتابنا: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام.

([83]) مغازي الواقدي ج1 ص300، والسيرة الحلبية ج2 ص255، وتاريخ الخميس ج1 ص446.

([84]) راجع: سيرة مغلطاي ص49 و 50، وتاريخ الخميس ج1 ص446، والسيرة الحلبية ج2 ص255، وغير ذلك كثير وليراجع شرح النهج ج15 ص51 و 52.

([85]) مغازي الواقدي ج1 ص144.

([86]) تاريخ الخميس ج1 ص146 عن المشكاة..

([87]) راجع: الجزء الثامن من هذا الكتاب، الباب الرابع: سرية بئر معونة.

([88]) راجع: وفاء الوفاء ج1 ص69 و 116.

([89]) راجع: مغازي الواقدي ج1 ص313 و 314، وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص40.

([90]) المستدرك للحاكم ج3 ص28.

([91]) راجع: شفاء السقام للسبكي، والغدير ج5 من ص166 حتى ص208، ومستدرك الحاكم ج3 ص28، ووفاء الوفاء ج3 ص83 فما بعدها و 931 ـ 933، وتأويل مختلف الحديث ص197، وغير ذلك.

([92]) مجمع البيان ج2 ص500، والبحار ج20 ص22 عنه.

([93]) سيرة مغلطاي ص50، وتاريخ الخميس ج1 ص447، والسيرة الحلبية، وغير ذلك.

([94]) شرح النهج للمعتزلي ج15 ص54.

([95]) السيرة الحلبية ج2 ص226 و 255، والإصابة ج1 ص354.

([96]) شرح النهج للمعتزلي ج15 ص54.

([97]) شرح النهج للمعتزلي ج14 ص250 و 251 وفي ج15 ص54: أن في بعض كتب المدائني أن علياً «عليه السلام» قتل بني سفيان بن عوف، وروى له شعراً في ذلك، فراجع.

([98]) شرح التجريد للقوشجي ص486.

([99]) الإرشاد ص54، والبحار ج20 ص88 و 89 عنه.

([100]) الإرشاد للمفيد ص54، والبحار ج20 ص90 عنه، وهامش ص50 عن الإمتاع.

([101]) راجع: البحار ج26 ص54 و 55، وراجع الطبعة الحجرية من البحار ج8 ص151.

([102]) راجع: المناقب لابن شهراشوب ج2 ص203 وفي ط أخرى ج1 ص381، والبحار ج43 ص156.

([103]) السيرة الحلبية ج2 ص255 و 256، والطبقات الكبرى للشعراني ج1 ص27.

([104]) الطبقات الكبرى للشعراني ج1 ص27، والإصابة ج1 ص115، والسيرة الحلبية ج2 ص256، وراجع القصة في الزهد والرقائق قسم ما رواه نعيم بن حماد ص60.

([105]) الإصابة ج1 ص115 عن مسلم، ولسان الميزان ج1 ص472 و 474 و 475، والسيرة الحلبية ج2 ص256 بعدة ألفاظ، ومختصر تاريخ دمشق ج3 ص162 و 163، وراجع: تيسير الوصول ج2 ص167.

([106]) الإصابة ج1 ص116، ولسان الميزان ج1 ص475 وراجع ص474، وتهذيب تاريخ دمشق ج3 ص175، وراجع ص162.

([107]) الاصابة ج1 ص115، وراجع تهذيب تاريخ دمشق ج3 ص162، وراجع ص165 و 166 و 172، ولسان الميزان ج1 ص475.

([108]) راجع تهذيب تاريخ دمشق ج3 ص162 عن ابن سعد، وراجع ص173 و 174.

([109]) راجع تهذيب تاريخ دمشق ج3 ص171، ولسان الميزان ج1 ص474 و 475.

([110]) مغازي الواقدي ج1 ص288، وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص16.

([111]) وفاء الوفاء ج1 ص295، وتاريخ الخميس ج1 ص445.

([112]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص254، ومغازي الواقدي ج1 ص315 و 316، وتاريخ الخميس ج1 ص444.

([113]) السيرة الحلبية ج2 ص243 و 251 و 252 و 254، وتاريخ الخميس ج1 ص444، وتاريخ الطبري ج2 ص210، والكامل لابن الاثير ج2 ص163، والبحار ج20 ص98، واعلام الورى ص85، ومجمع الزوائد ج6 ص115، وحياة الصحابة ج2 ص356 عنه، والبداية والنهاية ج4 ص47.

([114]) تاريخ الخميس ج1 ص444 عن ابن اسحاق، والسيرة الحلبية ج2 ص255، وراجع: الثقات لابن حبان ج1 ص235، ووفاء الوفاء ج1 ص293 عن الطبراني، ورجاله رجال الصحيح، ومستدرك الحاكم ج3 ص24، وتلخيصه للذهبي بهامشه، وصححاه على شرط البخاري، وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص35.

([115]) السيرة الحلبية ج2 ص255.

([116]) السيرة الحلبية ج2 ص255.

([117]) الإرشاد للشيخ المفيد ص54، والبحار ج20 ص88 عنه.

([118]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص254، ومغازي الواقدي ج1 ص317 و 318، وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص43.

([119]) الآية 140 من سورة آل عمران.

([120]) الآية 141 من سورة آل عمران.

([121]) الآية 154 من سورة آل عمران.

([122]) حياة الصحابة ج1 ص41، وطبقات ابن سعد ج4 ص137.

([123]) حياة الصحابة ج1 ص154، ومجمع الزوائد ج6 ص166 عن الطبراني ورجاله رجال الصحيح.

([124]) المصنف لعبد الرزاق ج9 ص469، وحياة الصحابة ج1 ص484 عن البخاري، ومسلم، وأحمد، والبيهقي، والبداية والنهاية ج4 ص370، وتفسير ابن كثير ج4 ص372 عن ابن أبي حاتم، وفي فتح الباري ج8 ص458: هو مرسل جيد، وصحيح البخاري (ط سنة 1309) ج3 ص132.

([125]) حياة الصحابة ج2 ص601، والبداية والنهاية ج4 ص362 عن الصحيحين، ومناقب الخوارزمي ص182.

([126]) مجمع الزوائد ج8 ص303 عن أحمد، وأبي يعلى والبزار، وحياة الصحابة ج2 ص463 و 464.

وراجع أيضاً: والبداية والنهاية ج4 ص284 عن أحمد، والبخاري، والترمذي، وبقية الجماعة ما عدا ابن ماجة، ومناقب الخوارزمي الحنفي ص74.

([127]) المصنف لعبد الرزاق ج10 ص155، ومجمع الزوائد ج6 ص226 عن أبي يعلى. وقد روي هذا الحديث من وجوه كما في مجمع الزوائد.

([128]) الرياض النضرة المجلد الأول ج2 ص353.

([129]) المعجم الصغير ج2 ص64.

([130]) الإصابة ج2 ص93، والإستيعاب (مطبوع بهامش الاصابة) ج2 ص109 و 110، وتفصيل القضية فيه.

([131]) الإستيعاب (مطبوع بهامش الاصابة) ج2 ص110، وراجع سير أعلام النبلاء ج1 ص194.

([132]) نسب قريش لمصعب ص319 و 320.

([133]) البداية والنهاية ج4 ص158.

([134]) راجع القضية في الاصابة ج1 ص484 و 485، وقال: إن لقصة ذي الثدية طرقاً كثيرة صحيحة.

   
 
 

العودة إلى موقع الميزان