غزوة ذات الرقاع.. تاريخ وأحداث

   

صفحة :311-348   

غزوة ذات الرقاع.. تاريخ وأحداث

بـدايـة:

قد اتضح من كل ما ذكرناه في كتابنا هذا: أن جل إن لم يكن كل ما يذكره المؤرخون والمحدثون من نصوص وآثار يحتاج إلى تمحيص وتحقيق وفق المعايير الصحيحة التي تستطيع أن تقرب إلى ما هو الواقع والصحيح.

وليست النصوص التي نقلت لنا أحداث غزوة ذات الرقاع مستثناة من هذه الظاهرة. ولأجل ذلك، فنحن نورد منها بعض نصوصها، ثم نختار بعضه لنركز الأضواء عليه، بهدف إعطاء صورة متقاربة الملامح عن الواقع والحقيقة، حسبما يتيسر لنا في هذا الظرف، فنقول:

الرصد الدقيق:

إن من الأمور الواضحة: أن ليقظة القائد الفذ، وتنبهه للأمور، ورصدها بدقة ووعي، ثم قدرته على استشفاف المستقبل واستشرافه، دوراً كبيراً في إحكام الأمور، وفي ترسيخ قواعد الحكم والحاكمية، ثم في إبعاد الأخطار عن المجتمع الذي يرعاه، وحسن تدبير شؤونه؛ وسلامة التحرك في نطاق تصريف الأمور على النحو الأفضل والأمثل.

وعلى هذا الأساس نستطيع أن نتفهم بعمق ما نشهده من مبادرات متكررة للرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» لضرب أي تجمع أو تحرك ضد المسلمين، قبل أن يشتد عوده، ولا يعطيه أية فرصة ليتماسك، ويقوى؛ ويستفحل أمره.

وذلك لأن الانتظار إلى أن تحتشد جموع الأعداء معناه أن يواجه المسلمون صعوبات كبيرة وربما خطيرة للتخلص من شرهم، وتفويت الفرصة عليهم.

وهذا ما يفسر لنا ما نجده من رصد دقيق من قبل المسلمين لكل القوى المعادية التي كانت معنية بالوجود الإسلامي في بلاد الحجاز..

ثم نعرف سر السرعة التي كان يظهرها المسلمون في ردة الفعل، والمبادرة إلى حسم الموقف بقوة وحزم، بمجرد تلقيهم أي نبأ يشير إلى وجود حشود، أو استعدادات أو حتى تآمر وتخطيط يستهدفهم.

فيبادرون إلى إرسال السرايا، وتنظيم الغزوات ضد أعدائهم من مجرمين ومتآمرين، ثم تكون النتيجة في أغلب الأحيان هي فرار القوى المعادية، وتفرقهم قبل الإشتباك معهم، أو إثر مناوشات يسيرة، تكون الخسائر فيها معدومة أو تكاد، بل واتفق أن ظفر المسلمون بجميع أعدائهم فقتل من قتل منهم، وأسر الباقون..

نتائج وآثار:

وقد نتج عن ذلك:

1 ـ إن أولئك الأعراب الجفاة، الذين مردوا على شن الغارات، وقطع الطرق، قد أصبحوا يعيشون حالة الرعب والخوف من المسلمين إلى درجة كبيرة. وكانوا إذا تناهى إليهم ما يشير إلى تحرك المسلمين باتجاهم، فإنهم لا يجرؤون على الظهور بمظهر التحدي، ولا يتخذون قراراً بالهجوم، أو التصدي للدفاع، وإنما يقررون الفرار إلى رؤوس الجبال، والتمنع فيها، أو التخفي في أي من المسارب والمهارب، حتى ولو أدى ذلك إلى استيلاء المسلمين على أموالهم، ومواشيهم، وحتى على نسائهم وأولادهم أحياناً.

2 ـ أضف إلى ذلك: أن ذلك قد هيأ الجو للنبي «صلى الله عليه وآله» ليعقد تحالفات كثيرة مع كثير من القبائل في ذلك المحيط. وقد نتج عن ذلك، وعن الجهد الذي بذله «صلى الله عليه وآله» لرد كيد أعدائهم وإفشال مخططاتهم، بواسطة ما أرسله من سرايا وغزوات، أن تأكدت قوة المسلمين، وظهرت شوكتهم، وعرف الناس كلهم مدى تصميمهم على تحقيق أهدافهم، ومواصلة طريقهم الرامي إلى نشر هذا الدين، والدفاع عنه، وبذل كل غال ونفيس في سبيله.

وقد كان من الطبيعي أن ينزعج المكيون لذلك، وأن يضايقهم، ويفقدهم كثيراً من الامتيازات السياسية والعسكرية وغيرها. كما أنه يحد إلى حد بعيد من حريتهم في التحرك لعقد تحالفات واسعة ومؤثرة ضد المسلمين، ما دام أن الكثيرين من سكان المنطقة لن يجرؤوا على عمل من هذا القبيل بسبب هزيمتهم النفسية حسبما تقدم.

3 ـ كما أن ذلك قد هيأ للمسلمين أجواء ومناخات مريحة إلى حد ما استطاعوا فيها مضاعفة نشاطهم الإعلامي، وكان ذلك سبباً في انتشار دعوتهم، وبعد صيتها، حتى أصبحت الحديث اليومي للصغير والكبير في مختلف البلاد، والعباد. وترسخت هذه الدعوة وامتدت جذورها باطراد، واطمأن كثير من الناس إليها، وعولوا عليها. وتلمسوا فيها كل المعاني الخيرة والنبيلة، الموافقة لما تحكم به عقولهم، وتقضي به فطرتهم. وقد ساعد على ذلك ما ظهر لهم من قوة المسلمين، بعد أن بسطوا هيبتهم على المنطقة بأسرها.

غزوة ذات الرقاع:

يذكر المؤرخون: أن قادماً قدم المدينة بجلب له، فأخبر أن أنماراً، وثعلبة، وغطفان قد جمعوا جموعاً بقصد غزو المسلمين. فلما بلغ النبي «صلى الله عليه وآله» ذلك استخلف على المدينة عثمان بن عفان، أو أبا ذر الغفاري، وخرج ليلة السبت لعشر خلون من المحرم في أربع مئة رجل. (وقيل: في سبع مئة([1]) وقيل في ثمان مئة)([2])، حتى أتى وادي الشقرة. فأقام بها يوماً، وبث السرايا، فرجعوا إليه مع الليل؛ وأخبروه: أنهم لم يروا أحداً.

ثم سار «صلى الله عليه وآله» بأصحابه حتى أتى محالهم؛ فلما عاينوا عسكره، ولوا عن المسلمين، وكرهوا لقاءهم، فتسنموا الجبل، وتعلقوا في قلته، ولحق بعضهم ببطون الأودية.

ولم يبق إلا نسوة، فجاء «صلى الله عليه وآله»، فأخذهن، وفيهن جارية وضيئة.

ولم يكن قتال([3]).

ثم قفل «صلى الله عليه وآله» نحو المدينة، وبعث جعال بن سراقة إلى المدينة مبشراً بسلامته، وسلامة المسلمين([4]).

وقدم «صلى الله عليه وآله» صراراً يوم الأحد لخمس ليال بقين من المحرم.

وصرار موضع على ثلاثة أميال من المدينة، وهي بئر جاهلية على طريق العراق([5]).

وكانت هذه الغزوة بأرض غطفان من نجد.

وكانت غيبته «صلى الله عليه وآله» في تلك الغزوة خمس عشرة ليلة([6]).

نقاط لا بد من بحثها:

أما النقاط التي لا بد من بحثها في هذا الفصل، فهي التالية:

1 ـ سبب تسمية هذه الغزوة بذات الرقاع.

2 ـ تاريخ هذه الغزوة، ولسوف نثبت: أن الصحيح هو أنها قد كانت بعد غزوة الحديبية.

3 ـ ثم نشير بعد ذلك إلى ما يحاول أن يدعيه البعض من أن غزوة ذات الرقاع لم تكن واحدة بل هناك غزوتان كل منهما تحمل هذا الاسم.

4 ـ وبعد ذلك يأتي كلام حول أن النبي «صلى الله عليه وآله» حينما خرج إلى ذات الرقاع قد جعل أبا ذر والياً على المدينة.

5 ـ ثم نذكر قصة يقال: إنها جرت لعباد بن بشر وعمار بن ياسر، حينما كانا يحرسان المسلمين في موضع نزلوه وهم راجعون. مع تعليق تحليلي على الحدث.

6 ـ ولا ننسى أن نذكر قصة غورث بن الحارث، وشكوكنا حولها ومبررات هذه الشكوك، ثم نورد القصة الأقرب إلى القبول في هذا المجال، مع تعليق تحليلي حولها.

ونرجئ الحديث عن بقية النقاط المرتبطة بهذه الغزوة إلى فصل لاحق.

فنحن وفقاً لهذا الذي ذكرناه نقول:

التسمية بذات الرقاع:

قد اختلفت كلمات المؤرخين في سبب تسمية هذه الغزوة بذات الرقاع. ونحن نجمل الأقوال في ذلك على النحو التالي:

1 ـ سميت بذات الرقاع: لأنه لم يكن في تلك الغزوة ما يكفي لركوبهم في سيرهم إليها، فنقبت أقدامهم من الحفاء، فلفوا عليها الخرق، وهي الرقاع، كما في البخاري وغيره.

2 ـ سميت بذلك لأن المسلمين رقعوا راياتهم فيها.

3 ـ أو لأن الصلاة قد رقعت فيها، لوقوع صلاة الخوف فيها، قاله الداودي.

4 ـ أو لأجل شجرة كانت هناك يقال لها ذات الرقاع.

5 ـ أو لأجل جبل هناك اسمه الرقاع؛ لأن فيه بياضاً، وسواداً، وحمرة، ويقع قريباً من النخيل، بين السعد والشقرة.

6 ـ أو لأجل أن الخيل كان فيها سواد وبياض، كما قاله ابن حبان، مع احتمال أن يكون ابن حبان قد صحف كلمة «جبل» فقرأها «خيل» كما ذكره البعض([7]).

7 ـ أو لأجل كل الأمور السابقة([8]).

وتحقيق ذلك ليس بذي أهمية، وإن كنا نستبعد بعض ما ذكر كالقول الثالث لما سيأتي من أن صلاة الخوف قد صليت في غزوات أخرى قبل أو بعد هذه الغزوة، فلا وجه لاختصاص هذه الغزوة بهذه التسمية لأجل ذلك.

كما ونستبعد القول الثاني أيضاً بالإضافة إلى أقوال أخرى. وتسمى هذه الغزوة أيضاً بـ «غزوة الأعاجيب» لما وقع فيها من أمور عجيبة. وتسمى أيضاً بـ «غزوة محارب» و «غزوة بني ثعلبة» و «غزوة بني أنمار»([9]).

تاريخ هذه الغزوة:

وقد اختلفوا في تاريخ غزوة ذات الرقاع.

فقال فريق: هي بعد غزوة بني النضير في السنة الرابعة: في شهر ربيع الآخر، وبعض جمادى الأولى([10]).

وحسب قول البعض: إنها بعد غزوة بني النضير بشهرين وعشرين يوماً([11]).

وقال القيرواني: خرج لخمس من جمادى الأولى، وانصرف يوم الأربعاء لثمان بقين منه([12]).

وقال آخرون: إنها كانت في شهر محرم([13]).

وقيل: كانت بعد غزوة بدر الصغرى([14]).

وتردد ابن عقبة في كونها قبل بدر أو بعدها، أو قبل غزوة أحد أو بعدها([15]).

وقيل: كانت في سنة خمس([16]).

وجعلها أبو معشر في سنتين حينما قال: إنها كانت بعد بني قريظة في ذي القعدة، سنة خمس، فتكون ذات الرقاع في آخر هذه السنة، وأول التي تليها([17]).

وقال بعضهم: إنها كانت بعد خيبر سنة سبع([18]). وهو ما ذهب إليه البخاري، وهو ما نذهب إليه أيضاً.

وقال الغزالي: إن غزوة ذات الرقاع آخر الغزوات، قالوا: «وهو غلط واضح، وقد بالغ ابن الصلاح في إنكاره» وقد ذكر ذلك زيني دحلان فراجع([19]).

الصحيح والمعقول:

وبعد ما تقدم نقول: إن تشريع صلاة الخوف، ونزول الآية قد كان في الحديبية، ثم بعد ذلك كانت غزوة ذات الرقاع فصلى النبي فيها صلاة الخوف أيضاً.

ومستندنا في ذلك ما يلي:

1 ـ سيأتي في هذا الفصل: أن صلاة الخوف قد شرعت في غزوة الحديبية([20]).

وأن الصدوق يروي في الفقيه بسند صحيح: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد صلى بأصحابه صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع([21]). فتكون متأخرة عن الحديبية.

2 ـ روى أحمد عن جابر قال: «غزا رسول الله «صلى الله عليه وآله» ست غزوات قبل صلاة الخوف، وكانت صلاة الخوف في السنة السابعة»([22]).

ومن المعلوم: أن صلاة الخوف قد صليت في غزوة ذات الرقاع، فتكون هذه الغزوة في السنة السابعة بعدها.

لكن عبارة البخاري هكذا: «عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: إن النبي «صلى الله عليه وآله» صلى بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة، غزوة ذات الرقاع»([23]).

فإن كان المراد: الغزوة السابعة التي حضرها رسول الله «صلى الله عليه وآله» ولم يكن فيها جميعها قتال، كانت هذه الغزوة قبل أحد، وهو غير مقبول، للاتفاق على أن ذات الرقاع لم تكن قبل أحد، وإن كان موسى بن عقبة قد تردد في ذلك. لكن تردده في ذلك لا معنى له، للاتفاق على تأخر صلاة الخوف عن هذا التاريخ، بالإضافة إلى الأدلة التي تقدمت وستأتي.

وإن كان المراد: الغزوة السابعة من الغزوات التي حضرها الرسول، مما كان فيه قتال، فإنها تكون والحال هذه بعد خيبر، وهو المطلوب.

وإن كان المراد: السنة السابعة، فهو المطلوب أيضاً، ويؤيد إرادة هذا الأخير رواية مسند أحمد المتقدمة([24]).

ونحن نرجح هذا الشق الأخير، لما ذكرناه وما سيأتي.

وأما الاحتمال الثاني، فيرد عليه: أن غزوة ذات الرقاع لم يقع فيها قتال؛ فما معنى جعلها سابعة للغزوات التي وقع فيها قتال.

والأنسب بالعبارة المنقولة، هو إرادة السنة السابعة، وذلك بملاحظة عدم وجود لام التعريف في المضاف، حيث قال: «غزوة السابعة» ولم يقل: «الغزوة السابعة».

وادعى العسقلاني: أنه لو كان المحذوف هو كلمة سنة لم يحتج البخاري إلى الاستدلال على تأخرها برواية أبي موسى وغيره.

ولعل المراد: غزوة السفرة السابعة.

ونقول:

إن نسبة الغزوة إلى السفرة مما لا يحسن هنا، ونسبتها إلى السنة أنسب وأوضح في التقدير لا سيما مع رواية أحمد المتقدمة، فكلام العسقلاني في غير محله.

ولكن يبقى هنا سؤال، وهو: لماذا يعبر في الرواية عن ذات الرقاع بأنها «غزوة السابعة» مع أن ثمة ما هو أهم منها قد وقع في سنة سبع مثل غزوة خيبر؟!.

إلا أن يجاب عن ذلك: بأن ما وقع فيها من أعاجيب وقضايا قد جعلت لها أهمية خاصة بالنسبة لغيرها من الغزوات. لا سيما وأن غيرها قد عرف باسمه الخاص به، وشاع وذاع أمره بذلك الاسم بالذات. أما بالنسبة لذات الرقاع، فلم يكن الأمر كذلك.

أو فقل: إن من الممكن أن تكون غزوة ذات الرقاع قد حصلت قبل سائر غزوات سنة سبع، فأطلق عليها اسم غزوة السابعة، ثم جاءت سائر الغزوات، فأطلقوا عليها أسماءها الخاصة بها بعد ذلك، فلم يوجب ذلك تغييراً في اسم هذه الغزوة.

أو فقل: لم يوجب ذلك خللاً في فهم المراد من هذه العبارة حين إطلاقها.

3 ـ ما احتج به البخاري من أن أبا موسى الأشعري ذكر أنه قد حضر غزوة ذات الرقاع، فقال: «خرجنا مع النبي «صلى الله عليه وآله» في غزاة، ونحن في ستة نفر، بيننا بعير نعتقبه، فنقبت أقدامنا، ونقبت قدماي، وسقطت أظفـاري، فكنـا نلف على أرجلنا الخـرق، فسميت غـزوة ذات الرقاع»([25]).

وأبو موسى إنما جاء من الحبشة بعد خيبر، فتكون ذات الرقاع بعد خيبر أيضاً.

مؤيدات:

1 ـ ويؤيد ذلك: أن عدداً من المؤرخين يقول: إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد استخلف أبا ذر الغفاري على المدينة حين غزا ذات الرقاع، وأبو ذر إنما قدم المدينة بعد أن مضت بدر، وأحد، والخندق.

وسيأتي توضيح ذلك مع ذكر المصادر إن شاء الله تعالى حين الحديث عن الذي ولاه النبي «صلى الله عليه وآله» المدينة في هذه الغزاة.

2 ـ ويؤيد ذلك أيضاً: ما روي عن ابن عمر الذي أجازه النبي بالخروج إلى الغزو في وقعة الخندق أنه قال: غزوت مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» قبل نجد، فذكر صلاة الخوف([26]).

3 ـ ويؤيد ذلك أيضاً، قول أبي هريرة: «صليت مع النبي «صلى الله عليه وآله» في غزوة نجد صلاة الخوف»، وإنما جاء أبو هريرة إلى النبي «صلى الله عليه وآله» أيام خيبر([27]).

لماذا مؤيدات؟!

ألف: إنما جعلنا تولية أبي ذر على المدينة مؤيداً لا دليلاً، لأنه سيأتي: أنه قد حضر إلى المدينة حينما أسلم سلمان، بسبب ما رآه من علامات النبوة في الرسول «صلى الله عليه وآله»، وقد شهد على كتاب عتق سلمان. كما أن ذلك لا يدل إلا على تأخر غزوة ذات الرقاع عن الخندق، ولا يدل على كونها في السنة السابعة، أو غيرها.

ب: بالنسبة لرواية ابن عمر نقول: إنها لا تدل إلا على أن ذات الرقاع قد كانت بعد الخندق، ولا تدل على أكثر من ذلك.

أضف إلى ذلك: أنه لم ينص على اسم الغزوة، بل ذكر أن ذلك قد حصل في غزوة نجد، فلعل هناك غزوات أخرى قد كانت قبل نجد، وقد صلى فيها النبي «صلى الله عليه وآله» صلاة الخوف أيضاً.

إلا أن يقال: إن غزوة نجد المعهودة في كلماتهم منحصرة بذات الرقاع.

ج: ورواية أبي هريرة، يرد عليها نفس ما يرد على رواية ابن عمر.

كلام الدمياطي:

وقد اتضح من جميع ما تقدم: أنه لا يصغى لقول الدمياطي: إن ما ورد عن أبي موسى في حضوره غزوة ذات الرقاع غلط، لأن جميع أهل السير على خلافه([28]).

وذلك لأن كلام أهل السير لا عبرة به إذا قام الدليل على خطئهم فيه، وقد ثبت عن أهل البيت، وكذلك سائر ما قدمناه من أدلة: أن ذات الرقاع قد كانت في الحديبية، فلا مجال للشك في ذلك، أو التشكيك فيه.

دليل الرأي الآخر:

وبعد ما تقدم نقول:

قد يقال: إن الراجح هو أن تكون غزوة ذات الرقاع قبل الخندق. ومستند ترجيح ذلك ما يلي:

1 ـ ما روي من أن جابراً قد دعا النبي «صلى الله عليه وآله» يوم الخندق إلى طعام في بيته، صنعته زوجته لهم في قصة مفصلة ظهرت فيها كرامة لرسول الله «صلى الله عليه وآله» في ذلك الطعام([29]).

وفي غزوة ذات الرقاع لم يكن النبي «صلى الله عليه وآله» يعلم شيئاً عن تزوج جابر بأي من النساء منذ استشهد أبوه في أحد، حيث سأله، إن كان قد تزوج أم لا، ثم لما أجابه بالإيجاب، عاد فسأله، إن كانت التي تزوجها بكراً أو ثيباً في محاورة جرت بينهما ستأتي إن شاء الله.

وقد صرح له فيها: بأنه إنما اختارها ثيباً لأجل أن أباه مات وترك له أخوات يحتجن إلى من يجمعهن ويمشطهن، ويقوم عليهن([30]).

ونقول:

إن هذا النص لا يكفي لمعارضة الأدلة المتقدمة، وذلك لإمكان المناقشة في دلالته على المطلوب من حيث أنه يمكن أن يكون جابر قد انفصل عن زوجته الأولى بموت لها أو طلاق، أو تكون قد أصبحت لسبب أو لآخر عاجزة عن القيام بمسؤولياتها تجاه أخواته، وكان «صلى الله عليه وآله» يعلم بذلك، ويعلم أن جابراً قد كان بصدد الزواج من جديد، فجرت المحاورة بينه وبين جابر على النحو المذكور، وكان اعتذار جابر عن اختيار الثيب هو ذلك، ولا يجب أن يكون «صلى الله عليه وآله» عارفاً بما تركه أبو جابر من بنات، أو كان «صلى الله عليه وآله» عارفاً، ولا يمنع ذلك جابراً من جعل ذلك هو العذر لاختياره الثيب للزواج.

غزوتان أم غزوة واحدة:

قد أشار البيهقي إلى احتمال أن تكون ذات الرقاع اسماً لغزوتين، إحداهما قبل خيبر، والأخرى بعدها([31]).

وقال الذهبي: «والظاهر أنهما غزوتان»([32]).

ونقول:

إن منشأ هذا الاحتمال هو رواية أبي موسى الأشعري السابقة، وقد تقدم: أن أبا موسى قال: «ونحن في ستة نفر بيننا بعير» وهذا يقرب أن يكون أبو موسى يتحدث عن غزوة ثانية أطلق عليها اسم غزوة ذات الرقاع أيضاً.

ولكننا في قرارة أنفسنا نشك في وجود غزوة من هذا القبيل؛ فإنه يبعد أن يقوم بغزوة يكون قوامها ستة نفر فقط لا غير!!.

ولعل المراد: أن الذين كانوا يعتقبون الجمل مع أبي موسى كانوا ستة أشخاص، في ضمن جيش كثيف يقوده النبي  «صلى الله عليه وآله» في غزوة ذات الرقاع.

من استخلف النبي على المدينة؟!

يظهر من عدد من المؤرخين: أنهم يرجحون أن يكون النبي «صلى الله عليه وآله» قد استخلف على المدينة في حال غيابه عنها إلى غزوة ذات الرقاع أبا ذر الغفاري، وليس عثمان بن عفان. لأنهم ذكروا الأول بصورة طبيعية، ثم عقبوا ذلك بالإشارة إلى تولية عثمان بلفظ قيل([33])، وإن ادعى ابن عبد البر: أن عليه الأكثر.

وقد ناقش في أن يكون أبو ذر هو المتولي لها بأن أبا ذر لما أسلم رجع إلى بلاد قومه، فلم يجئ حتى مضت بدر وأُحد، والخندق([34]).

ولكن هذه المناقشة موضع نظر:

أولاً: لأن ثمة ما يدل على قدوم أبي ذر إلى المدينة قبل الخندق، حيث إنه قد شهد على كتاب عتق سلمان وهو مؤرخ في السنة الأولى للهجرة([35]).

ثانياً: هناك حديث آخر يذكر فيه أن أبا ذر كان حين قضية سلمان في المدينة، وذلك حين كان في حائط لمولاته، فجاء النبي «صلى الله عليه وآله» وعلي «عليه السلام»، وأبو ذر، والمقداد، وعقيل، وحمزة وزيد بن حارثة، ولم يكن سلمان يعرفهم.

ثم ذكر قصته معهم والعلامات التي وجدها في النبي «صلى الله عليه وآله»، وبعض أسانيد هذه الرواية صحيح فراجع المصادر([36]).

ثالثاً: يؤيد ذلك مؤاخاة النبي «صلى الله عليه وآله» فيما بين سلمان وأبي ذر([37]).

إلا أن يدَّعى: أنه إنما آخى بينهما بعد غزوة الخندق فلاحظ!.

رابعاً: إن ما ذكروه إنما يتم بناء على ما قيل من أن غزوة ذات الرقاع قد كانت قبل غزوة الخندق، وأما بناء على ما هو الصحيح من أنها إنما كانت بعد خيبر، فلا يبقى محذور في أن يكون أبو ذر هو الذي ولي المدينة، بعد قدومه إليها بعد الخندق.

تضحيات عباد بن بشر:

وفي غزوة ذات الرقاع نزل رسول الله «صلى الله عليه وآله» ليلاً، وكانت ليلة ذات ريح، وكان نزوله في شعب استقبله.

فقال: من رجل يكلؤنا هذه الليلة؟ فقام عبَّاد بن بشر أو عمارة بن حزم، وقام أيضاً عمار بن ياسر، فقالا: نحن يا رسول الله نكلؤكم.

وعبارة البعض: انتدب رجل مهاجري، وآخر أنصاري فجلسا على فم الشعب، فقال عبَّاد لعمار: أنا أكفيك أول الليل، وتكفيني آخره، فنام عمار، وقام عباد يصلي.

وكان زوج بعض النسوة اللاتي أصابهن رسول الله «صلى الله عليه وآله» غائباً، فلما جاء وعرف ما جرى، تتبع الجيش، وحلف لا ينثني حتى يصيب محمداً، أو يهريق في أصحاب محمد دماً.

فلما رأى سواد عباد قال: هذا ربيئة القوم، ففوّق سهماً فوضعه فيه، فانتزعه عباد، فرماه بآخر، فانتزعه، فرماه بثالث فانتزعه كذلك. فلما غلبه الدم أيقظ عماراً، فلما رأى ذلك الرجل عماراً جلس علم أنه قد نذر به فهرب.

فقال عمار لعباد: ما منعك أن توقظني له في أول سهم يرمي به؟

فقال: كنت أقرأ في سورة الكهف فكرهت أن أقطعها. أضاف في نص آخر: فلما تابع علي الرمي أعلمتك.

وفي نص آخر: أنه «صلى الله عليه وآله» جعلهما بإزاء العدو فرمي أحدهما بسهم وهو يصلي، فأصابه، ونزفه الدم ولم يقطع صلاته، ثم رماه بثان وثالث وهو يصيبه ولم يقطع صلاته.

ويقال: إن عبَّاداً قال معتذراً عن إيقاظ صاحبه: لولا أني خشيت أن أضيع ثغراً أمرني به رسول الله «صلى الله عليه وآله» ما انصرفت ولو أتى على نفسي([38]).

ويقال: إن الأنصاري هو عمارة بن حزم([39]).

قال الحلبي الشافعي: «وبهذه الواقعة استدل أئمتنا على أن النجاسة الحادثة من غير السبيلين لا تنقض الوضوء؛ لأنه «صلى الله عليه وآله» علم ذلك ولم ينكره. وأما كونه صلى مع الدم، فلعل ما أصاب ثوبه وبدنه منه قليل. ولا ينافي ذلك ما تقدم في الرواية قبل هذه: فلما غلبه الدم. إذ يجوز مع كونه كثيراً أنه لم يصب ثوبه ولا بدنه إلا القليل منه»([40]).

تسجيل تحفظ:

ونحن وإن كنا لا نملك معطيات كثيرة في مجال البحث حول هذه القضية، إلا أننا نرتاب في أن يكون الذي تعرض للسهام هو خصوص عباد بن بشر، لأننا نشعر من خلال مراجعة ما لدينا من نصوص حول هذا الرجل: أنه كان موضع اهتمام فريق خاص يعنى بتسجيل الكرامات له، فراجع ترجمته([41]).

كما أن ما ذكر آنفاً لتصحيح صلاة عبَّاد بالدماء ليس كافياً في ذلك كما هو ظاهر.

مع الحدث في مراميه ودلالاته:

إن من الواضح: أن حرب بدر بكل ظروفها، وأحداثها وملابساتها قد أقنعت أهل الإيمان بأن الجهاد ليس مجرد إنجاز عسكري يتجلى ويتجسد من خلال جهد يبذل في ساحة القتال، تتجلى فيه فاعلية السلاح المتفاعل مع عنصري الشجاعة الذاتية من جهة، والطموح من جهة أخرى، حيث يرسم معالمهما جهد تربوي، وتعليمي، وشحن روحي ونفسي، بالإضافة إلى تأثير النواحي التنظيمية، وما يتبع ذلك من تخطيط عسكري مستند إلى الخبرات الواسعة، والدراسات المعمقة، إلى أن ينتهي الأمر بحسن الأداء، والدقة في التنفيذ والالتزام.

إن حرب بدر ثم ما تلاها من حروب وأحداث، وكذلك ما سبقها من ذلك أيضاً قد أقنعت أهل الإيمان: بأن الحرب ليست هي مجرد ما ذكرناه آنفاً.

وإنما الحرب والجهاد عبادة وفناء في ذات الله، وباب قد فتحه الله ولكن ليس لكل أحد، وإنما لخاصة أوليائه، حيث يخرج من عالم ويدخل من ذلك الباب إلى عالم جديد بكل ما لهذه الكلمة من معنى. يعبر الإنسان فيه بوابة الموت ليصل إلى الحياة، وهي الحياة الحقيقية التي يصبح فيها هؤلاء الأموات الأحياء شهداء على الناس؛ لأنهم أصبحوا قادرين على فهم الواقع بعمق، ومن دون أية حواجز وموانع تقلل من درجة الإدراك، سواء كانت تلك الحواجز مادية ـ ولو كانت هي نفس الوسائل التي يستخدمها الإنسان للحصول على العلم بما يحيط به من حوله ـ أو كانت من نوع الشهوات والأهواء، وغيرهما مما يمنع من إدراك الأشياء على حقيقتها.

فالصلاة والجهاد من سنخ واحد. فإذا كانت الصلاة تساعد الإنسان على ممارسة الجهاد الأكبر الذي هو جهاد النفس، فإن القتال والحرب جهاد أصغر يمكّن من دحر العدو الذي يهدف إلى تسديد الضربة إلى الإسلام والمسلمين، أو يهدف إلى سلب الإنسان المسلم حرية الرأي وحرية الاعتقاد، وحرية التفكير، وحرية الممارسة.

ولأجل هذه السنخية بين الصلاة وبين الجهاد، فإننا لا نستغرب بعد هذا أن يكون أولئك المجاهدون، الذين يقفون في موقع متقدم لحمايته من الأعداء، تنصرف همتهم في هذه المواقع بالذات إلى ممارسة الجهاد الأصغر، والتربية النفسية عن طريق ترويض النفس، وتربيتها بالصلاة التي هي عمود الدين.

فتكون الصلاة والعبادات هي الشغل الشاغل لهم في هذه المواقع بالذات، حيث يرون أنفسهم فيها فيما بين الدنيا والآخرة، فتلين قلوبهم، وتصبح نفوسهم أكثر شفافية وصفاء، ويصبحون أكثر شجاعة وصبراً وتحملاً للمكاره.. وما قصة عبَّاد وعمار المذكورة إلا شاهد صدق على ما نقول.

2 ـ إننا نلاحظ: أن الرجل الذي استهدفه ذلك المشرك بسهامه لم يوقظ رفيقه لانهزامه أمام سهام ذلك العدو الغادر، وإنما من إحساسه بالمسؤولية تجاه ما كلفه به النبي «صلى الله عليه وآله». فهو يوقظه لأنه يريد مواصلة الصمود بذلك، لكي لا يضيع ثغراً من ثغور المسلمين. أي أنه لم يوقظه ليستعين به على الدفع عن نفسه، وليجد فيه قوة له كفرد، وإنما أراده ليحفظ الإسلام وثغوره.

قصة غورث بن الحارث:

ويذكر المؤرخون والمحدثون هنا قصة مفادها:

أنه حين تحصن بنو محارب في رأس جبل في غزوة ذات الرقاع قال لهم غورث بن الحارث: ألا أقتل لكم محمداً؟!

قالوا: بلى، وكيف تقتله؟!

قال: أفتك به. أي يقتله على حين غفلة.

فجاء إلى النبي «صلى الله عليه وآله» وسيفه «صلى الله عليه وآله» في حجره، فقال: يا محمد، أرني أنظر إلى سيفك هذا (وكان محلى بفضة)([42])، فأخذه من حجره؛ فاستله، ثم جعل يهزه، ويهم به، فيكبته الله (أي يخزيه) ثم قال: يا محمد، أما تخافني؟!

قال: لا، بل يمنعني الله تعالى منك.

ثم دفع السيف إليه «صلى الله عليه وآله» فأخذه النبي «صلى الله عليه وآله» وقال: من يمنعك مني؟!

قال: كن خير آخذ.

قال: تشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله..

قال: أعاهدك على أني لا أقاتلك، ولا أكون مع قوم يقاتلونك.

قال: فخلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» سبيله؛ فجاء قومه، فقال: جئتكم من عند خير الناس!!.

زاد في بعض المصادر قوله: وأسلم هذا بعد، وكانت له صحبة([43]).

زاد في نص آخر قوله: فلما حضرت الصلاة صلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» صلاة الخوف فكانت للنبي «صلى الله عليه وآله» أربع ركعات، وللناس ركعتين([44]).

وفي بعض نصوص الرواية: أنه لما هم غورث برسول الله «صلى الله عليه وآله» «منعه الله عز وجل لذلك، وانكب على وجهه، فنزلت: ﴿يَا أَيُّهَآ الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ([45]) الآية.

ولهذه الرواية نص آخر: لا يختلف كثيراً عما ذكرناه فراجع([46]).

قال القسطلاني وغيره: «وذكر الواقدي في نحو هذه القصة: أنه أسلم، ورجع إلى أهله، فاهتدى به خلق كثير»([47]).

قصة أخرى تشبه قصة غورث:

وهناك قصة أخرى يقال: إنها قد حصلت في هذه الغزوة أيضاً، وهي تشبه قصة غورث. وقد استبعد البعض اتحاد القصتين، لاختلاف سياقهما.

وملخصها: أنه «صلى الله عليه وآله» لما قفل راجعاً إلى المدينة أدركته القائلة يوماً بواد كثير العظاه، أي الأشجار العظيمة، التي لها شوك، وتفرق الناس في العظاه يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله «صلى الله عليه وآله» تحت ظل شجرة ظليلة.

قال جابر: تركناها للنبي «صلى الله عليه وآله»؛ فعلق «صلى الله عليه وآله» سيفه فيها؛ فنمنا نومة فإذا رسول الله «صلى الله عليه وآله» يدعونا؛ فجئنا إليه؛ فوجدنا عنده أعرابياً جالساً، فقال:

«إن هذا اخترط سيفي، وأنا نائم، فاستيقظت، وهو في يده مصلتاً، فقال لي: من يمنعك مني؟!

قلت: الله.

قال ذلك ثلاث مرات، فشام السيف، وجلس، فلم يعاقبه رسول الله».

وعند مسلم والبخاري، وفي فتح الباري: فهدده أصحاب رسول الله، فأغمد السيف وعلقه([48]).

وفي رواية أخرى: «أنه جعل يضرب برأسه الشجرة، حتى انتثر دماغه»([49]).

زاد في نص آخر قوله: «فأغمد السيف وعلقه، فنودي بالصلاة، فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا» وذكر صلاة الخوف([50]).

ونص آخر يقول: «كان قتادة يذكر نحو هذا ويقول: إن قوماً من العرب أرادوا أن يفتكوا بالنبي «صلى الله عليه وآله»؛ فأرسلوا هذا الأعرابي، ويتلو: ﴿اذْكُرُواْ نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ..([51]).

ونقول:

إننا نشك في صحة هذه القصة وتلك، على حد سواء.

ونذكر القارئ: بأن هذه القصة تشبه قصة دعثور، التي يقال: إنها كانت في غزوة ذي أمر، بل لقد قال البعض إنهما قضية واحدة([52]).

كما أنها تشبه قصة عمرو بن جحاش، التي يقال: إنها قد حصلت في غزوة بني النضير([53]).

وقد تحدثنا عن القصة الأولى في الجزء الرابع من هذا الكتاب.

وأشرنا إلى الإشكال في الثانية في فصل: الجزاء الأوفى، تحت عنوان: نزول آية سورة المائدة في بني النضير.

وفي الشفاء: «وقد حكيت مثل هذه الحكاية: أنها جرت له يوم بدر، وقد انفرد عن أصحابه لقضاء حاجته، فتبعه رجل من المنافقين، وذكر مثله»([54]).

ونكتفي هنا بالإشارة إلى ما يلي:

أولاً: إن هذه القضايا لا يمكن قبولها؛ لأنها تصور لنا رسول الله «صلى الله عليه وآله» بصورة إنسان بسيط وساذج، لا يفكر بعواقب الأمور، بل يخدعه أعرابي، دون أن يستعمل أي أسلوب متميز، بل هو لا يزيد على أن طلب منه أن يعطيه سيفه، لينظر إليه.

ومعنى ذلك هو أن هذا النبي، الذي يطلب من أي مؤمن عادي أن يكون كيِّساً وفطناً، وحذراً([55])، لم يلتزم هو بأبسط قواعد الحذر أو الكياسة والفطانة، وقد أمر الله المؤمنين بالحذر في صلاة الخوف، وأمرهم بذلك أيضاً في قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعاً([56]).

ثانياً: إن هذا النبي الكريم والعظيم «صلى الله عليه وآله» هو الذي أمر باتخـاذ الحرس للجيش يطـوفـون به، وكان مواظباً على الاستعـانة بهم، والاعتماد عليهم في غزواته([57]).

وأين كان عنه علي «عليه السلام» الذي كان يتولى حراسته بنفسه، في الحضر، وفي السفر، وكان في حرب بدر والحرب قائمة لا يزال يتفقد رسول الله «صلى الله عليه وآله» في موضعه([58]

وكان هو المدافع عنه والحامي له في حرب أحد، وفي غيرها. وكان له في مسجد النبي «صلى الله عليه وآله» أسطوانة أمام الحجرة، يجلس إليها لحراسته «صلى الله عليه وآله»([59]).

وزعموا: أن غير علي «عليه السلام» أيضاً كان يحرس النبي «صلى الله عليه وآله»([60]).

ثالثاً: كيف يترك جيش بأكمله قائدهم، ونبيهم وحيداً فريداً في غابة، تكثر فيها المفاجئات، ولا يلتفت ولو واحد منهم إلى رجل يتسلل إلى موضعه «صلى الله عليه وآله»، حتى يهدد حياته بخطر أكيد؟ ثم ينجيه الله منه.

وهل نام الجيش بأكمله في آن واحد؟!

رابعاً: قد ذكرت بعض النصوص ما يفيد: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قـد صلى بأصحـابـه صـلاة الخوف في هـذه المناسبة، مـع أنـه لم يكن ـ حسبما يستظهر من تلك النصوص ـ يواجه عدواً يخشاه، بل كان ذلك في طريق عودته إلى المدينة.

وإن كان يظهر من بعض الروايات الأخرى: أن ذلك كان حينما كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» يواجه أعداءه في غزوة ذات الرقاع.

خامساً: قد ذكرنا فيما سبق أن آية: ﴿اذْكُرُواْ نِعْمَتَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ([61])، قد وردت في سورة المائدة. وهي قد نزلت قبل وفاة النبي «صلى الله عليه وآله» بشهرين أو ثلاثة دفعة واحدة على رسول الله «صلى الله عليه وآله»([62]).

إلا أن يدَّعى: تكرر نزول الآية، وهو يحتاج إلى إثبات، ما دام أنه لا يمكن إبقاء آية معلقة بالهواء عدة سنوات والقرآن ينزل، ثم تنزل سورة، فيأتي بها ويضعها فيها.

سادساً: الآية ذكرت: أن قوماً قد هموا أن يبسطوا أيديهم لضرب المسلمين، وهي لا تناسب شخصاً واحداً كما هو مورد البحث هنا. ومن يدري، فقد تكون هذه الآية قد نزلت في الذين تآمروا على النبي «صلى الله عليه وآله» ليلة العقبة، لينفروا به ناقته، ويقتلوه.

سابعاً([63]): يلاحظ مدى التناقض فيما يرتبط بمصير هذا الرجل الذي تقول رواية: إنه ضرب رأسه بالشجرة حتى انتثر دماغه، وأخرى تقول: إنه أسلم واهتدى به خلق كثير.

وتناقض آخر: وهو أنه لما دعا رسول الله «صلى الله عليه وآله» أصحابه، وجدوا رجلاً جالساً عنده، فأخبرهم النبي «صلى الله عليه وآله» بما جرى له معه.

وفي رواية أخرى: أنهم تهددوه حتى أغمد السيف.

وفي النص الأول المتقدم: أنه رد السيف إلى النبي «صلى الله عليه وآله».

وفي نص رابع: أن جبريل دفع في صدره فوقع السيف من يده([64]).

إلى تناقضات أخرى: يستطيع من يقارن بين نصوص الروايات أن يقف عليها، ويلتفت إليها.

ثامناً: لماذا يعيد غورث بن الحارث السيف إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، حسبما ذكرته الرواية الأولى؟!

هذا كله: عدا عن عدم معقوليته أن يضرب رأسه حتى ينتثر دماغه، سوف يغمى عليه من أول ضربة شديدة يتعرض لها رأسه.

نقول ذلك كله: مع أننا على يقين من أن من الممكن أن يتسلل بعض الناس إلى جهة النبي «صلى الله عليه وآله»، في ظروف معينة. ولكن بغير هذه الطريقة وليس على حساب كرامة النبي «صلى الله عليه وآله»، حين يكون الهدف هو النيل من شخصيته بصورة أو بأخرى.

القصة الأقرب إلى القبول:

ونعتقد: أن القصة الأقرب إلى القبول هي ما رواه أبان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله «عليه السلام»، قال:

«نزل رسول الله «صلى الله عليه وآله» في غزوة ذات الرقاع تحت شجرة، على شفير واد، فأقبل سيل، فحال بينه وبين أصحابه، فرآه رجل من المشركين، والمسلمون قيام على شفير الوادي ينتظرون متى ينقطع السيل، فقال رجل من المشركين لقومه: أنا أقتل محمداً.

فجاء وشد على رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالسيف، ثم قال: من ينجيك مني يا محمد؟.

فقال: ربي وربك، فنسفه جبرئيل «عليه السلام» عن فرسه فسقط على ظهره، فقام رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأخذ السيف وجلس على صدره وقال: من ينجيك مني يا غورث؟!

فقال: جودك وكرمك يا محمد. فتركه، فقام، وهو يقول: والله، لأنت خير مني وأكرم»([65]).

كيف نفهم هذه القصة؟!

وبعد.. فإنه إذا كان لهذه القصة أصل، وقبلنا منها ما يتوافق مع الضوابط العامة، ومع النظرة الواقعية لشخصية رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ومع الظروف التي كانت قائمة آنذاك،

وبعد أن تصبح عناصر القصة في حدود المعقول والمقبول، فإننا إذا أردنا أن نستفيد منها في مجال التقييم والتقويم، فإن ما يمكن أن نقوله هو:

إن الله لم يزل يرعى نبيَّه، ويُظهر له المزيد من الكرامة، ويحوطه بألطافه، ويكلؤه، ويحفظه، ويصونه.

ويلفت نظرنا هنا: تأثير جواب النبي «صلى الله عليه وآله» لذلك الرجل بأن الله هو الذي يمنعه منه، في ظرف لم يكن ذلك الرجل يفكر بالله سبحانه، ولا يخطر في باله أن يتدخل الله في موقف كهذا لنصرة أي من الفريقين، ورأى من ثقة النبي «صلى الله عليه وآله» بالله واعتماده عليه حتى إنه لم تتطرق ذرة من الخوف إلى قلبه الشريف حتى في موقف كهذا ـ رأى من ذلك ما أرعبه، وهز كيانه، وأثار أمامه أكثر من سؤال، فتزعزعت الثوابت التي كانت تتحكم في كيانه وتهيمن على وجوده. فلم يعد ثمة ما يحمي له قراره بقتل محمد، وأصبحت اليد الممدودة ليس لها مدد من إرادة، ولا رافد من عزيمة، فكان من الطبيعي أن تسقط، ويسقط السيف الذي كانت تحمله.

ثم لما رأى السيف في يد النبي «صلى الله عليه وآله»، ورجع إلى كيانه ووجوده، فرآه موزعاً وخاوياً، وراجع حساباته كلها، فرأى أنه لا يملك أي رصيد يخوله أن يعتمد عليه، ويستند إليه، كان لا بد له من الاعتراف بأن لا أحد يمنع أو يدفع عنه، فما دام الله ليس معه، فإنه لا أحد معه، وهذه حقيقة لا بد من الاعتراف بها والانصياع لها قبل فوات الأوان، وهكذا كان.


([1]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص464 والسيرة الحلبية ج2 ص270 وسيرة مغلطاي ص54 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص201 والطبقات الكبرى ج2 ص61 والمغازي للواقدي ج1 ص396 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص161 والبداية والنهاية ج4 ص83 ونهاية الأرب ج17 ص158 والمواهب اللدنية ج1 ص106 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص264 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص271.

([2]) السيرة الحلبية ج2 ص270 والمغازي للواقدي ج1 ص396 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص264.

([3]) راجع تفصيل غزوة ذات الرقاع أو إجماله في المصادر التالية: تاريخ الخميس ج1 ص464 وأنساب الأشراف ج1 ص340 والسيرة النبوية لزيني دحلان ج1 ص264 والسيرة الحلبية ج2 ص271 وسيرة مغلطاي ص54 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص271 وحياة محمد لهيكل ص281 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم 2 ص28 والوفاء ص691 والكامل في التاريخ ج2 ص174 والثقات ج1 ص257 و258 والتنبيه والإشراف ص214 وحبيب السير ج1 ص356 وطبقات ابن سعد ج2 ص61 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص214 و 215 والمغازي للذهبي ص201 والمغازي للواقدي ج1 ص395 و 396 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص160 و 161 والبداية والنهاية ج4 ص83 ونهاية الإرب ج17 ص158 والمواهب اللدنية ج1 ص106 و 107.

([4]) راجع: طبقات ابن سعد ج2 ص61 ونهاية الإرب ج17 ص162 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص265 والسيرة الحلبية ج2 ص273 قال: «وهو الـذي تمثل به إبليس لعنه الله يوم أحد، حين نادى: إن محمداً قد قتل».

([5]) راجع: طبقات ابن سعد ج2 ص61 والمغازي للواقدي ج1 ص395 ونهاية الإرب ج17 ص162 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص371.

([6]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص464 والسيرة الحلبية ج2 ص273 وسيرة مغلطاي ص54. والتنبيه والأشراف ص214 ونهاية الإرب ج17 ص162 والمواهب اللدنية ج1 ص107 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص265 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص371 وحبيب السير ج1 ص357 والمغازي للواقدي ج1 ص395 والطبقات الكبرى ج2 ص61.

([7]) راجع: فتح الباري ج7 ص323 والمواهب اللدنية ج1 ص106.

([8]) راجع هذه الأقوال أو بعضها في المصادر التالية: سيرة مغلطاي ص53 وتاريخ الخميس ج1 ص464 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص200 و 201 والمواهب اللدنية ج1 ص106 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص264 والروض الأنف ج3 ص253، والمغازي للواقدي ج1 ص395. والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص160 والبداية والنهاية ج4 ص83 وبهجة المحافل ج1 ص232 وشرح بهجة المحافل ج1 ص232 وفتح الباري ج7 ص323 ونهاية الأرب ج17 ص158 وشرح النووي على صحيح مسلم ج12 ص197 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص371 و372. والسيرة الحلبية ج2 ص274 والبدء والتاريخ ج4 ص213 وحبيب السير ج1 ص356 و 357 وزاد المعاد ج2 ص111 والطبقات الكبرى ج2 ص61، والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص214 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم 2 ص28 و 29 والوفا ص691 والكامل في التاريخ ج2 ص174 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص227 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص160 وأنساب الأشراف ج1 ص334 والثقات ج1 ص258 والتنبيه والإشراف ص214 وإعلام الورى ص89 والبحار ج20 ص176.

([9]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص270 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص264..

([10]) تاريخ الخميس ج1 ص463 وسيرة مغلطاي ص54 والسيرة الحلبية ج2 ص270 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص264 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص369 و 370 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم 2 ص28 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص160 وزاد المعاد ج2 ص110 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص213 و 214 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص200 ونهاية الأرب ج17 ص158 وكتاب الجامع ص279 وفتح الباري ج7 ص321.

([11]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص463 عن خلاصة الوفاء وإعلام الورى ص89 والبحار ج20 ص176 و 178 و 177 عن ابن الأثير في الكامل وعن المناقب، وعن إعلام الورى.

([12]) الجامع ص279.

([13]) راجع: مرآة الجنان ج1 ص9 وسيرة مغلطاي ص54 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم 2 ص29. وشذرات الذهب ج1 ص11 والتنبيه والإشراف ص214 وراجع: زاد المعاد ج2 ص110 وطبقات ابن سعد ج2 ص61 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص200 ومغازي الواقدي ج1 ص395 ونهاية الإرب ج17 ص158 والمواهب اللدنية ج1 ص106 عن ابن سعد، وابن حبان ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص270 وفتح الباري ج7 ص332.

([14]) تاريخ الخميس ج1 ص363 و 464 وسيرة مغلطاي ص54.

([15]) تاريخ الخميس ج1 ص464 عن المواهب اللدنية وفتح الباري ج7 ص321.

([16]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص463 عن ابن سعد، وابن حبان والمواهب اللدنية ج1 ص106 عنهما وعن أبي معشر، وأنساب الأشراف ج1 ص334 والجامع للقيرواني ص281 و 279 وسيرة مغلطاي ص54 وراجع: شذرات الذهب ج1 ص11 والكامل في التاريخ ج2 ص175 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص227 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص160 والثقات ج1 ص257 و 259 وحبيب السير ج1 ص356 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص264 ونصب الراية ج2 ص249.

([17]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص463 والمواهب اللدنية ج1 ص106.

([18]) راجع: صحيح البخاري ج3 ص23 وتاريخ الخميس ج1 ص463 عن فتح الباري والبخاري والسيرة الحلبية ج2 ص270 عن البخاري وعن الشمس الشامي، والمواهب اللدنية ج1 ص106 و109 وغير ذلك.

([19]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص264 وفتح الباري ج7 ص327 والمواهب اللدنية ج1 ص106.

([20]) البرهان في تفسير القرآن ج1 ص411.

([21]) من لا يحضره الفقيه (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ج1 ص260 رقم الحديث 1334 وتفسير البرهان ج1 ص411.

([22]) الدر المنثور ج2 ص214 ومسند أحمد ج3 ص348.

([23]) صحيح البخاري ج3 ص23 وفتح الباري ج7 ص323 و 324 وتاريخ الخميس ج1 ص464 وراجع البدء والتاريخ ج4 ص213.

([24]) فتح الباري ج7 ص323 و 324.

([25]) صحيح البخاري ج3 ص23 وفتح الباري ج7 ص321 وراجع ص322 وراجع: دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص372 و 369 وبهجة المحافل ج1 ص232 والسيرة الحلبية ج2 ص270 وسيرة مغلطاي ص54 وحبيب السير ج1 ص356 و357.

وراجع: تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص200 والروض الأنف ج3 ص253 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص161 والبداية والنهاية ج4 ص83 والمواهب اللدنية ج1 ص106 والسيرة النبوية لزيني دحلان ج1 ص264 وصحيح مسلم ج5 ص200 وزاد المعاد ج2 ص111. لكنه جعل الحديث مؤيداً لا دليلاً. ولعله تخيل وجود احتمال أن يكون أبو موسى لا يتحدث عن حضوره هو، بل ينقل ذلك عن بعض الصحابة، مع أن الرواية صريحة بأنه قد نقبت قدماه، وسقطت أظفاره.

([26]) راجع: المصادر التالية: صحيح البخاري ج3 ص23 وج1 ص110 وفتح الباري ج7 ص323 و 321 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص369 وراجع ص379 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص161 والبداية والنهاية ج4 ص83 وزاد المعاد ج2 ص111 واستدل به. والمواهب اللدنية ج1 ص106 ونصب الراية ج2 ص244.

([27]) راجع المصادر المتقدمة.

([28]) فتح الباري ج7 ص322 وراجع: المواهب اللدنية ج1 ص106.

([29]) صحيح البخاري ج3 ص21 وستأتي سائر المصادر في غزوة الخندق إن شاء الله.

([30]) راجع هذه المحاورة في: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص217 و 218 وصحيح مسلم ج4 ص176 وبهجة المحافل ج1 ص238 وراجع: صحيح البخاري ج2 ص8 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص381 و 383 والمغازي للواقدي ج1 ص399 ـ 401 ونهاية الأرب ج17 ص161 و 162 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص166 والبداية والنهاية ج4 ص86 و 87 والثقات ج1 ص258.

([31]) تاريخ الخميس ج1 ص463 وفتح الباري ج7 ص321 و 331 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص271 وراجع ص270 وحبيب السير ج1 ص357 وراجع: زاد المعاد ج2 ص111 والمواهب اللدنية ج1 ص106.

([32]) تاريخ الإسلام (المغازي) ص201 وراجع: فتح الباري ج7 ص322 و 323 ووفاء الوفاء ج1 ص300.

([33]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص214 والسيرة الحلبية ج2 ص271 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 قسم 2 ص28 وزاد المعاد ج2 ص110 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص160 والبداية والنهاية ج4 ص83 ونهاية الأرب ج17 ص158 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص264.

([34]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص271 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص214.

([35]) ذكر أخبار أصبهان ج1 ص52 وتاريخ بغداد ج1 ص170 وراجع كتاب العتق أيضا في: تهذيب تاريخ دمشق ج6 ص199 ومجموعة الوثائق السياسية ص328 عن الأولين وعن جامع الآثار في مولد المختار محمد بن ناصر الدين الدمشقي، وطبقات المحدثين بأصبهان ج1 ص226 و227 ونفس الرحمن في فضائل سلمان ص20 و 21 عن تاريخ كزيده، ومكاتيب الرسول ج2 ص409 عن أكثر من تقدم وقال: «وأوعز إليه في البحار عن الخرائج».

([36]) راجع: البحار ج22 ص358 وإكمال الدين ج1 ص164 و 165 وروضة الواعظين ص276 ـ 278، والدرجات الرفيعة ص203 عن إكمال الدين ونفس الرحمن ص5 و 6 و 22 عن إكمال الدين، والراوندي في قصص الأنبياء، وروضة الواعظين، والحسين بن حمدان، والدر النظيم.

([37]) راجع: بصائر الدرجات ص25 والكافي ج1 ص331 وج8 ص162 والغدير ج7 ص35 عنهما. وإختيار معرفة الرجال ص17 والبحار ج22 ص343 و245 ومصابيح الأنوار ج1 ص348 وقاموس الرجال ج4 ص418 ونفس الرحمن ص91.

([38]) السيرة الحلبية ج2 ص271 و 272 والكامل في التاريخ ج2 ص175 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص228 و 229 وزاد المعاد ج2 ص111 و 112 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص218 و 219 والمغازي للواقدي ج1 ص397 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص164 و 165 والبداية والنهاية ج4 ص85 و 86 وراجع السنن الكبرى ج9 ص150 والتراتيب الإدارية ج1 ص358 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص264 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص378.

([39]) دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص379.

([40]) السيرة الحلبية ج2 ص272.

([41]) الإصابة ج2 ص263 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج2 ص452 ـ 456 وأسد الغابة ج3 ص100 و101 وسير أعلام النبلاء ج1 ص337 ـ 340 وفي هامشه عن المصادر التالية: طبقات ابن سعد ج3 قسم 2 ص16 وطبقات خليفة ص58 وتاريخ خليفة ص113 والتاريخ الصغير ص36 والجرح والتعديل ج6 ص77 ومشاهير علماء الأمصار ص113 والإستبصار ص220 ـ 222 وتاريخ الإسلام ج1 ص370 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج1 ص15.

([42]) راجع: البدء والتاريخ ج4 ص213 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص216.

([43]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص272 والكامل في التاريخ ج2 ص174 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص228 وبهجة المحافل ج1 ص237 وشرحه مطبوع معه بهامشه وتاريخ ابن الوردي ج1 ص160 وأشار إلى ذلك أيضاً في: الوفاء ص691 وزاد المعاد ج2 ص111 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص376 وفتح  = = الباري ج7 ص331 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص316 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص202 ومسند أحمد ج3 ص390 والمواهب اللدنية ج1 ص107 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص162 والبداية والنهاية ج4 ص84 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص264.

([44]) دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص376.

([45]) نهاية الأرب ج17 ص160 والبدء والتاريخ ج4 ص213 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص163 و 161 و 162 والبداية والنهاية ج4 ص84 و 85 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص228 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص216 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص422 ـ 424 والدر المنثور ج2 ص266 عن ابن جرير، وابن إسحاق، وأبي نعيم في الدلائل، وابن المنذر، وعبد بن حميد والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص261.

([46]) الطبقات الكبرى ج2 ص61 و 62 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص272 ونهاية الإرب ج17 ص160.

([47]) المواهب اللدنية ج1 ص107 وفتح الباري ج7 ص331.

([48]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص272 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص201 و 202 وصحيح البخاري ج2 ص100 و 101 وج3 ص24 و 25 وصحيح = = مسلم ج7 ص62 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص162 و 163 والبداية والنهاية ج4 ص84 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص373 ـ 375 وبهجة المحافل ج1 ص237 وفتح الباري ج7 ص330. وراجع: إعلام الورى ص78 و 79 والبحار ج20 ص175 و 176 عن مجمع البيان ج3 ص103.

ولكنهما ذكرا: أن ذلك كان في غزوة محارب وبني أنمار. وأنه «صلى الله عليه وآله» انصرف لأجل قضاء حاجته، وكان المطر يرش وجاء السيل قبل أن يفرغ من حاجته، فحال الوادي بينه وبين أصحابه. وكان العدو يرونهم، ولا يراهم المسلمون فأرسلوا غورث أو دعثور لقتل رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فكان ما كان من دفع جبرئيل في صدره، فراجع.

([49]) شرح بهجة المحافل ج1 ص237 عن البغوي في التفسير.

([50]) دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص375 عن صحيح مسلم.

([51]) دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص374.

([52]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص272 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص265 وفتح الباري ج7 ص331 وبهجة المحافل ج1 ص237.

([53]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص216 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص162 والبداية والنهاية ج4 ص84 وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج1 ص264 و 261 والبدء والتاريخ ج4 ص212 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص121 وفتح الباري ج7 ص255 والسيرة الحلبية ج2 ص264.

([54]) شرح بهجة المحافل ج1 ص237.

([55]) راجع: الخصال ج1 ص99 و 100 وعيون أخبار الرضا ج1 ص257 والبحار ج68 ص339 وج64 ص307.

([56]) الآية 72 من سورة النساء.

([57]) راجع في جعل النبي الحرس أفراداً، وجماعات: المغازي للواقدي ج2 ص602 والمواهب اللدنية ج1 ص93 وتاريخ الخميس ج1 ص422 والسيرة الحلبية ج2 ص221 وشرح النهج للمعتزلي ج4 ص228 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص151 والسيرة النبوية لابن هشام ج2 ص280 وج3 ص249 والتراتيب الإدارية ج1 ص356 و 358.

([58]) راجع: البداية والنهاية ج3 ص275 و 276 عن البيهقي، وعن النسائي في اليوم والليلة وحياة الصحابة ج1 ص502 عنه وعن كنز العمال ج5 ص267 عن الحاكم والبزار، وأبي يعلى، والفريابي.

([59]) وفاء الوفاء ج2 ص448.

([60]) الإصابة ج2 ص428 والتراتيب الإدارية ج1 ص357 وصحيح مسلم ج7 ص124 والجامع الصحيح ج5 ص650 و 651 و 251 ومسند أحمد ج1 ص391 و 450 وج4 ص134 والتراتيب الإدارية ج1 ص356 و 392 و 393.

([61]) الآية 11 من سورة المائدة.

([62]) البرهان في تفسير القرآن ج1 ص430 والدر المنثور ج2 ص252 عن أحمد، وأبي عبيد في فضائله، والنحاس في ناسخه، والنسائي، وابن المنذر، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في سننه، والترمذي، وحسنه، وسعيد بن منصور، وابن جرير. وممن صرح أنها نزلت دفعة واحدة كما في المصدر المتقدم: أحمد، وعبد بن حميد، وابن جرير، والطبراني، ومحمد بن نصر في الصلاة، وأبو نعيم في الدلائل والبيهقي في شعب الإيمان.

([63]) راجع ما تقدم في السيرة الحلبية ج2 ص273 و 274.

([64]) فتح الباري ج7 ص330.

([65]) الكافي ج8 ص127 والبحار ج20 ص179 عنه، وإعلام الورى ص89.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان