حفـر الخنـدق: أحداث ودلالات

   

صفحة :215-250   

حفـر الخنـدق: أحداث ودلالات

شدائد ومتاعب:

إن من الواضح: أن حفر خندق بهذا الحجم حول مدينة كبيرة، ليس بالأمر السهل، ولا سيما بالنسبة لأناس لم يقوموا بعمل ضخم طيلة حياتهم، خصوصاً مع بدائية الوسائل ومحدوديتها، حتى اضطروا لاستعارة بعضها من يهود قريظة، كما سنرى. هذا بالإضافة إلى انقطاع المسلمين عن العمل في سبيل لقمة العيش، فانقطعت موارد أرزاقهم فكان من الطبيعي أن يعاني المسلمون من هذا الأمر من متاعب كبيرة، وشدائد لا تطاق، وذلك من ناحيتين:

إحداهما: في نفس هذا العمل الشاق والكبير، وما يحتاج لإنجازه في فرصة محدودة وقصيرة جداً، من جهد مضن لم يعتد هؤلاء الناس على أقل القليل منه، ولا واجهوا نظيره، ولو مرة واحدة طيلة حياتهم.

الثانية: في الضائقة المالية التي كانوا يعانون منها، التي تتجلى فيما يصفه لنا المؤرخون من حالة الضعف والجهد، والخصاصة والجوع في تلك الظروف بالذات..

وقد يحاول البعض أن يقول: إن هذه الضائقة لم تنل جميع الناس آنئذٍ، لأن الناس ـ كما يروى الواقدي والمقريزي ـ قد كان كثير منهم في وفرة معقولة في تلك الفترة، لأن مجيء الأحزاب كان بعد انتهاء موسم الحصاد، وقد أدخل الناس غلاتهم وأتبانهم، ولا يزال معظمها موجوداً لدى أصحابها.

أضف إلى ذلك: أن بعض الروايات الآتية التي تحكي لنا قصة جابر تقول: إن الذين احتاجوا للإصابة من طعام جابر كانوا ثلاث مائة، أي حوالي ثلث المشاركين في حفر الخندق؛ فالباقون لم يكونوا بحاجة ماسة إلى طعام، أو لعل أكثرهم كان كذلك.

ونقول:

إن هذه المحاولة غير كافية لإثبات ذلك، إذ قد صرح المؤرخون: أن العام كان عام جدب، ولم يكن ثمة غلات في مستوى يؤثر في تغيير ظاهرة الفقر والخصاصة والجوع، التي كانت مهيمنة على عامة الناس آنئذٍ. ولو كان ثمة غلات بهذا الحجم لبادر أصحابها إلى تقديمها طوعاً إلى هؤلاء الناس. بل كان النبي «صلى الله عليه وآله» يأمرهم ببذلها لإخوانهم، ولا سيما في ظروف الحرب هذه.

ولكنا قد رأيناهم: يتسابقون إلى دفع أذى الجوع عن شخص النبي الأكرم «صلى الله عليه وآلـه»، ويتسابقون إلى نيل بركاته والفوز برضاه.

إلا أن ذلك: لا يمنع من أن يكون لدى المنافقين قسط من تلك الأموال، كانوا يضنون بها ويبخلون عن بذلها ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه.

حفر الخندق في روايات المؤرخين:

ونحن نذكر هنا: طائفة من النصوص التاريخية المرتبطة بحفر الخندق، متوخين فيها ـ قدر الإمكان ـ تبويبها وتقسيمها، حسبما يتهيأ لنا، ثم نعقب ذلك ببعض ما يرتبط بما أجمل منها أو أشكل، ومن الله نستمد القوة والحول فنقول:

المساحي والمكاتل:

ويقولون: إنه «صلى الله عليه وآله» قد استعار من بني قريظة آلة كثيرة، من مساحٍ وفؤوس ومكاتل، يحفرون بها الخندق، وهم يومئذٍ سلم للنبي «صلى الله عليه وآله» ويكرهون قدوم قريش([1]).

ونقول:

لا ندري مدى صحة هذا القول، بعد أن كان رسول الله ـ حسبما تقدم، حين الكلام حول إيمان أبي طالب ـ يدعو الله أن لا يجعل لكافر ولا لمشرك عنده يداً أو نعمة إلا أن يكون «صلى الله عليه وآله» قد قرر عليهم المعونة بهذا المقدار، إن دهمهم عدو، حسبما تقدم في معاهدته «صلى الله عليه وآله» مع يهود المدينة. فلا تبقى لهم بذلك منة على أحد، بل لله المنة عليهم، وإنما يعملون بما أخذ عليهم العمل به.

تقسيم العمل في الخندق:

قال الواقدي: «وكل بكل جانب من الخندق قوماً يحفرونه فكـان المهاجرون يحفرون من جانب راتج إلى ذباب، وكانت الأنصار تحفر من ذباب إلى جبل بني عبيد».

وفي نص آخر: إلى خربي([2]).

وفي نص آخر: وخندقت بنو عبد الأشهل عليها بما يلي راتج إلى خلفها، حتى جاء الخندق من وراء المسجد، وخندقت بنو دينار من عند خربي إلى موضع دار ابن أبي الجنوب اليوم([3]).

ومن جهة أخرى: فإنه «صلى الله عليه وآله» قطع الخندق أربعين ذراعاً بين كل عشرة([4]).

وقال القمي: «جُعِلَ على كل عشرين خطوة، وثلاثين خطوة قوم من المهاجرين والأنصار يحفرونه»([5]).

وفي نص آخر يقول: «وجعل لكل قبيلة حداً يحفرون إليه»([6]).

لكن القطب الراوندي يقول: «قسمه بين المهاجرين والأنصار بالذراع

فجعل لكل عشرة منهم عشرة أذرع»([7]).

النبي يشارك في حفر الخندق:

وقد شارك النبي «صلى الله عليه وآله» المسلمين في حفر الخندق كما صرحت به النصوص التاريخة، وذلك رغبة في الأجر ولينشط المسلمين([8]).

وقد أجهد المسلمون أنفسهم، والنبي «صلى الله عليه وآله» يكابد معهم([9]) النصب والجوع وقد استمرت هذه المشاركة حتى فرغ من حفر الخندق([10]).

وكان «صلى الله عليه وآله» يضرب مرة بالمعول، ومرة يغرف بالمسحاة التراب، ومرة يحمل التراب بالمكتل، قال أبو واقد: ولقد رأيته يوماً بلغ منه، فجلس، ثم اتكأ على حجر على شقه الأيسر، فذهب به النوم، فرأيت أبا بكر وعمر واقفين على رأسه ينحيان الناس أن يمروا به فينبهوه، وأنا قريب منه، ففزع، ووثب فقال: إلا أفزعتموني؟!

فأخذ الكرزن (الفأس) يضرب به، وإنه ليقول:

اللهم إن الـعـيـش عـيش الآخـرة               فـاغـفــر لـلأنـصــار والمهاجـرة
اللهم الـعـن عـضــلاً والــقــاره          فـهـم كـلـفـوني أنـقل الحجارة
([11])

وكان «صلى الله عليه وآله» يحمل التراب على ظهره، أو على عاتقه([12]) حتى إن التراب على ظهره وعكنه([13]) وربما كان يحفر معهم حتى يعيا، ثم يجلس حتى يستريح.

وجعل أصحابه يقولون: يا رسول الله، نحن نكفيك.

فيقول: أريد مشاركتكم في الأجر([14]).

وعن أم سلمة بسند صحيح ـ عند أحمد ـ: «كان النبي «صلى الله عليه وآله» يعاطيهم اللَّبِن يوم الخندق، وقد اغبر شعر صدره»([15]).

وفي نص آخر ذكره البخاري وغيره: «رأيته ينقل من تراب الخندق حتى وارى عني التراب جلدة بطنه ـ وكان كثير الشعر ـ فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة:

والله لــولا الله مـــا اهــتــديـنـا          ولا تـصـدقـنــا ولا صــلـيــنــا
فــانـزلـن سـكـيـنـة عــلـيـنــا             وثـبــت الأقـــدام إن لاقــيــنــا
إن الأُلــــى قـــد بــغـوا علينـا            إذا أرادوا فـــتــنــة  أبــيــنـــــا

ثم يمد بها صوته: أبينا، أبينا([16]).

وقد سجل العسقلاني تحفظاً هنا، فهو يقول: «ظاهر هذا أنه كان كثير شعر الصدر، وليس كذلك فإن في صفته «صلى الله عليه وآله» أنه كان دقيق المسربة، أي الشعر الذي في الصدر إلى البطن. فيمكن أن يجمع أنه كان مع دقته كثيراً»([17]).

ولكنه جمع غير ظاهر الوجه، بعد أن كان التعبير الوارد في الرواية يأباه. ولكن المهم عند هؤلاء هو تصحيح رواية البخاري بأي ثمن.

وقد صرح القمي: بأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان هو البادئ في حفر الخندق، فهو يقول: وأخذ معولاً فحفر في موضع المهاجرين بنفسه وأمير المؤمنين «عليه السلام» ينقل التراب من الحفرة، حتى عرق رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعيي، وقال:

لا عـيـش إلا عــيـش الآخـــــرة اللهم اغـفـر لـلأنـصار والمهاجرة

فلما نظر الناس إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» يحفر اجتهدوا في الحفر، ونقلوا التراب، فلما كان في اليوم الثاني بكروا إلى الحفر، وقعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» في مسجد الفتح، فبينا المهاجرون والأنصار يحفرون إذ عرض لهم الخ..»([18]).

علي وشيعته أعظم الناس عناء:

قال القاضي النعمان: «وكان علي صلوات الله عليه وشيعته أكثر الناس عناء، وفيه عملاً. وكان في ذلك من الأخبار ما يطول ذكره»([19]).

وثمة تفاصيل أخرى:

قد عرفنا فيما سبق: أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان هو البادئ في حفر الخندق، وكان «صلى الله عليه وآله» يحفر، وعلي «عليه السلام» ينقل التراب من الحفرة، وقد استمرت مشاركة النبي «صلى الله عليه وآله» لهم في العمل حتى انتهوا من الخندق.

وأنه «صلى الله عليه وآله» كان يضرب مرة بالمعول، ومرة يغرف التراب بالمسحاة، ومرة يحمل التراب بالمكتل على ظهره، أو على عاتقه.

وكان «صلى الله عليه وآله» يعاطيهم اللَّبِن، الأمر الذي يدل على أنه كان ثمة بناء في الخندق.

أضف إلى ذلك أنهم يقولون:

إنهم كانوا يحملون المكاتل على رؤوسهم، وإذا رجعوا بها جعلوا فيها الحجارة، يأتون بها من جبل سلع، يسطرونها مما يليهم كأنها حبال التمر وكانت الحجارة من أعظم سلاحهم، يرمونهم بها.

والقوم يرتجزون، ورسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول:

هــذي الجــمال لا جمــال خــيـبر                هــــذا أبـــر ربــنــا وأطـــهر([20])

وما كان في المسلمين يومئذٍ أحد إلا يحفر في الخندق، أو ينقل التراب وكان أبو بكر وعمر لا يتفرقان في عمل، ولا مسير ولا منزل، ينقلان التراب في ثيابهما من العجلة، لم يكن مكاتل لعجلة المسلمين([21]).

وقال جابر: وعمل الناس يومئذٍ كلهم، والنبي «صلى الله عليه وآله»، وجعلت الأنصار ترتجز وتقول:

نـحـن الـذيـن بـايـعـوا محـمـــدا عــلى الجــهــاد مــا بـقـيـنـا أبدا

فقال النبي «صلى الله عليه وآله»، وفي لفظ آخر: فيجيبهم:

اللـهـم لا خــير إلا خـير الآخـرة         فـاغـفـر لـلأنـصـار  والمـهاجرة([22])

وكان من فرغ من المسلمين من حصته عاد إلى غيره فأعانه، حتى كمل الخندق([23]).

وعن أنس قال: خرج رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، ولم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع.

وفي نص آخر: فلما رآهم يحملون التراب على متونهم، وما بهم من نصب وجوع، قال:

اللـهـم إن الـعـيـش عيش الآخرة                فـاغـفـر لـلأنـصـار والمـهـاجـرة

فقالوا مجيبين له:

نـحـن الـذيـن بـايـعـوا محــمــدا عـلى الجـهــاد مـا بـقـيـنـا أبـدا ([24])

وبعد ما تقدم نقول:

عمل المنافقين في الخندق:

قالوا: وأبطأ عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعن المسلمين في عملهم ذاك رجال من المنافقين، وجعلوا يورون بالضعيف من العمل.

وحسب نص آخر: تخلف طائفة من المنافقين، يعتذرون بالضعف. وتسلل عنه «صلى الله عليه وآله» جماعة من المنافقين إلى أهليهم بغير علم رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فأنزل الله تعالى في ذلك:

﴿..قَدْ يَعْلمُ اللهُ الذِينَ يَتَسَللُونَ مِنكُمْ لوَاذاً فَليَحْذَرِ الذِينَ يُخَالفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَليمٌ﴾.

ثم كان الرجل من المسلمين إذا نابته نائبة لا بد منها يستأذن رسول الله «صلى الله عليه وآله» فيقضي حاجته، ثم يعود، فأنزل الله تعالى:

﴿إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ الذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جَامِعٍ لمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلئِكَ الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولهِ..﴾.

واللواذ: الإستتار بالشيء عند الهرب([25]).

وهناك الذين كانوا يتسللون زاعمين أن بيوتهم عورة ـ أي مكشوفة للغزاة، ومعرَّضة للإحتلال([26]) ـ وليس الأمر كذلك.

ولنا مع ما تقدم وقفات، نشير إليها فيما يلي من مطالب:

1 ـ توزيع المهام على العاملين:

ومن الواضح: أن تحديد المسؤوليات، وتقسيم المهام على العاملين من شأنه أن يرفع من درجة الإحساس بالمسؤولية، الأمر الذي يفرض على العاملين قدراً أكبر من الدقة والتحري، الذي ينعكس على العمل إتقاناً وتناسقاً وجمالاً.

هذا عدا عن أنه يذكي روح التنافس البنَّاء والهادف، الذي يؤدي إلى نشوء نوع من الرقابة العفوية، التي تنتهي إلى الانضباط، وإلى الإسراع في الإنجاز.

ومن جهة ثانية: فإنه يقطع الطريق على أولئك الكسالى والإتكاليين، ممن يضعف لديهم الشعور بالمسؤولية، ويريدون أن يفيدوا ويستفيدوا من جهد الآخرين، دون أن يقدموا هم أنفسهم أي جهد، أو أن يبذلوا أي عناء. ومنعهم من ثم من التواكل المؤدي إلى الفشل، وإلى التضييع والبلبلة والاختلاف.

وقد روي عن علي عليه الصلاة والسلام: أنه كتب في وصيته للإمام الحسن، صلوات الله وسلامه عليه: «واجعل لكل إنسان من خدمك عملاً تأخذه به، فإنه أحرى أن لا يتواكلوا في خدمتك»([27]).

كما أن عدم تحديد المسؤوليات يؤدي إلى تخلخل في البنية الداخلية، نتيجة للإحساس بالغبن لدى من تفرض عليه ظروف عمله أن يكون هو الذي يتحمل عبء إنجاز ما فرَّط الآخرون في إنجازه. وعسى ولعل أن يتجه الفرقاء إلى إثارة الأسئلة والشكوك، ثم إلى التراشق بآلتهم لتبرير حالة الضعف القائمة بسبب ذلك.

وعلينا بعد ذلك كله: أن نتوقع ظهور عوارض الخلل والضعف في أية خطة ترسم وتعتمد، وتفقد الكثير من حيويتها وفاعليتها في مجال التطبيق والتنفيذ.

كما أن توزيع الحصص على العاملين بهذه الطريقة يضمن تحقق المساواة والعدل في تحمل مشاق العمل، فلا يعمل هذا أكثر من ذاك. وإذا استطاع التفوق على أقرانه في العمل، فإن ذلك يظهر للآخرين ويتجلى امتيازه على سائرهم، كما سنقرؤه بالنسبة لسلمان الفارسي، الذي ظهرت قوته في العمل، فتنافس فيه المهاجرون والأنصار.

أما المتواكل المتخاذل: فلا مجال للتستر عليه، إذا كان يريد أن يتوانى في عمله ويتواكل فيه. وقد فضح القرآن الكريم المنافقين، الذين اتبعوا هذا السبيل كما تقدم.

هذا كله: بالإضافة إلى أن قسمة العمل على النحو المتقدم من شأنها أن تؤثر في زرع روح التفاؤل بإمكانية إنجاز هذا العمل الضخم وتقلل من رهبته في صدور العاملين، حينما تنحسر النظرة إلى ذلك العمل الهائل لتصبح في مدى أذرع يسيرة يتعاون على إنجاز العمل فيها عشرة من المؤمنين.

2 ـ النبي والشعر:

قد تقدم: بعض ما يدل على أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يتمثل ببعض الشعر، أو ينشد مع الصحابة ما ينشدون، ونزيد هنا:

قال دحلان وغيره: عن سهل بن سعد: كنا مع النبي في الخندق ننقل التراب على أكتافنا، فقال «صلى الله عليه وآله»:

اللـهم لا عـيـش إلا عيش الآخرة                فـأكـرم الأنـصــار والمـهـاجــرة

وهو من كلام ابن رواحة، وأصله:

لا هـم إن الـعـيـش عيش الآخـرة       .......

فنطق به النبي «صلى الله عليه وآله»:

اللـهـم لا عـيـش الخ..                     ......

لأنه يعسر عليه النطق بالشعر، وإن كان من قول غيره([28]).

وعن أبي عثمان النهدي، أو سلمان: أنه «صلى الله عليه وآله» حين ضرب في الخندق قال:

بـــاســم الإلـــه وبـه بــديـنـا             ولـو عـبـدنــا غـيـــره شـقـيـنـا

يـاحـبـذا ربـــاً وحــب ديـنـا ([29])         ........

قال دحلان: «وهو من كلام بعض أصحابه يتمثل به. أو من كلامه بناء على أن الرجز ليس بشعر. أو أن الشعر شرطه أن يكون مقصوداً كونه شعراً موزوناً. أما إذا خرج موزوناً بلا قصد، فلا يسمى شعراً»([30]).

ونقول:

إن بعض الناس حسبما تقدم، وكما هو مذكور في كتب التفسير، في تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَا عَلمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لهُ إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ([31]).

يريد أن يدَّعي: أن النبي «صلى الله عليه وآله» غير قادر على التفوه بكلام موزون، أو أن الرجز ليس بشعر. أو ما إلى ذلك..

ولكنها دعاوى ليست على درجة من القوة والاستقامة، فإن المراد بالآية الكريمة ﴿وَمَا عَلمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنبَغِي لهُ..: أنه «صلى الله عليه وآله» ليس بشاعر، بمعنى أنه ليس لديه ملكة الشعر، لا أنه يعسر عليه التكلم بشعر غيره والنطق به.

ولا حاجة بعد هذا إلى دعوى: أن الرجز ليس بشعر، كما لا حاجة إلى اشتراط القصد أو عدمه في إيراد الشعر الموزون. فإن النظر هو إلى ملكة الشعر الذي يتضمن الانسياق وراء الأوهام والتخيلات، والمبالغات، والتصويرات غير الواقعية بالإضافة إلى الوزن والموسيقى، وفقاً لما أشار إليه تعالى بقوله: ﴿وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ، أَلمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُل وَادٍ يَهِيمُونَ، وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ([32])

3 ـ دور عضل والقارة:

وقد ذكرت رواية أبي واقد: أنه «صلى الله عليه وآله» قال:

اللـهـم الـعـن عـضـلاً والـقـارة           هـم كـلـفـوني أنـقـل الحـجــارة

وليس هذا الكلام واضح المأخذ والمغزى، إلا أن تكون هاتان القبيلتان: عضل والقارة، قد قامتا بنشاط واسع في تحزيب الأحزاب فاق نشاط اليهود وقريش حتى صح أن ينسب «صلى الله عليه وآله» إلى هاتين القبيلتين حتى نقل الحجارة للخندق.

وليس فيما بأيدينا من نصوص ما يدل على ذلك أو يشير إليه من قريب ولا من بعيد.

4 ـ الأمثولة المواساة:

وما أروع هذا التنويع في المهمات التي تصدى الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» لها في حفر الخندق، حيث لم يقتصر على نوع واحد من العمل فيه، بل شارك «صلى الله عليه وآله» كل العاملين في أعمالهم وأذاق نفسه الشريفة مبلغ جهدهم، فصدق بذلك الخبر، وتجلت المواساة بأبهى صورها، وتجسدت الأمثولة الرائدة بأروع وأدق وأصدق معانيها.

5 ـ المتحذلقون الأغبياء:

ومن الأمور التي تلفت النظر هنا: أن البعض يحاول أن يفرغ هذه التضحية الرائعة، والأمثولة الفريدة للنبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» من معناها ومغزاها، فيدَّعي رجماً بالغيب: أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان لا يرى الشدة في حمل الحجارة([33])، رغم صراحة رواية أبي واقد المتقدمة: أن أبا واقد رأى النبي «صلى الله عليه وآله» وقد بلغ منه، وعلى حد تعبير نص آخر: «وهو «صلى الله عليه وآله» يكابد معهم»

وفي نص ثالث: وربما كان يحفر حتى يعيا، ثم يجلس حتى يستريح.

وفي نص رابع: «حتى عرق رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعيي». وكل ذلك قد تقدم مع مصادره.

6 ـ لا عيش إلا عيش الآخرة:

ولا ننسى أن نلفت نظر القارئ هنا: إلى مضمون الشعر الذي كان يترنم به العاملون في الخندق، وما يتضمنه من ربط لهم بالآخرة وبما يرجو المؤمنون تحقيقه من فوز وفلاح فيها.

كما أنه يحمل في ثناياه مقارنة عفوية فيما بين الدنيا والعيش فيها، وتفضيل عيش الآخرة عليه. ثم يشاركهم النبي «صلى الله عليه وآله» في ترديد هذا الشعر، فتكون مشاركة للوجدان وللإحساس، ويتعمق لدى هذا الإنسان الكادح المجاهد الشعور بالله سبحانه، وبألطافه ومواهبه، وما أحوجهم في هذا الظرف العصيب بالذات إلى إحساس كهذا.

7 ـ الحماسة والمثابرة:

وقد كان لمشاركة النبي «صلى الله عليه وآله» هذه تأثير كبير في إثارة الحماسة لدى العاملين في حفر الخندق. وقد أذكىت هذه الحماسة أيضاً معرفتهم بتحرك الأعداء باتجاه المدينة، وإحساسهم بالخطر الذي يتهددهم.

8 ـ الأسوة الحسنة:

لقد أجمع المؤرخون: على أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد شارك في حفر الخندق.

وتتفق هذه النصوص: على أنها كانت مشاركة فعالة وحقيقية وجدية. وما نريد أن نلفت النظر إليه هنا هو:

ألف: إن هذه المشاركة لم تكن شكلية، ومجرد تمثيل، كما عهدناه وألفناه من رؤساء الجمهوريات والوزراء وكبار المسؤولين في عصرنا الحاضر، حيث يضرب أحدهم بالمعول مثلاً ضربات أمام الجماهير في احتفال تكريمي ليظهر على شاشات التلفزيون، وعلى صفحات الجرائد في استعراض إعلامي مزيف، يهدف إلى تكريس زعامته ونفوذه، ولا شيء غير ذلك، ثم يتابع رقابته على العمل والعاملين من موقع الأمر، من قصره المنيف، أو من برجه العاجي الزاهر. فجاءت مشاركة النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» في حفر الخندق بصيغة المعاناة الحقيقية والصادقة، التي تمثل الأسوة في المعاناة الكادحة لا مجرد الرمز والمثال.

ولنسمع النشيد العفوي والصادق:

لـئـن قـعـدنـا والـنـبـي يـعـمـل            لـذاك مـنــا الـعـمـل المـضـلــل

يقول البعض: «إن التاريخ لم يدون لنا غير حادثة مفردة عن شخصية كان لها سلطان روحي وزمني أيضاً على أُمة من الأمم. ومع ذلك فقد عملت مثل عامل عادي، وجنباً إلى جنب مع أتباعها في ساعة الحرج الوطني العظيم»([34]).

ب: إن مشاركته «صلى الله عليه وآله» في حفر الخندق تجسد عملياً المساواة بين جميع فئات المجتمع، وتخرجها عن أن تكون مجردة شعار يراد له أن يبقى في حدود إثارة المشاعر، في النشاط الإعلامي الجماهيري، دون أن يجاوز ذلك ليصبح حياة وحركة، نهجا وسلوكاً.

فالمساواة في نظر الإسلام نهج وسلوك، وخلق إسلامي وإنساني رفيع ونبيل، تنطق من خلاله وعلى أساسه مُثُل وقيم في جهات حياتية شتى.

ولأجل ذلك: نجد النبي «صلى الله عليه وآله» يشارك أصحابه في حفر الخندق مشاركة حقيقية، فهو يتعب كما يتعبون، ويرتجز كما يرتجزون، ويجوع كما يجوعون، ويشاركهم حلو العيش ومره، ويشترك معهم في تحمل المتاعب ومواجهة المصاعب ويكون أكثرهم عناء، وأعظمهم غناء.

ج: إن هذه المشاركة منه «صلى الله عليه وآله» لم تكن عن تواضع يريد من ورائه نيل رضاهم من خلال المواساة التي يتلمسونها في مشاركته تلك. بل هي منطلقة بالإضافة إلى ذلك من قناعة راسخة بالقيم والمبادئ، وبالمثل الإسلامية والإنسانية، التي تجعل ذلك عبادة إلهية، وعبودية له سبحانه وتعالى، تلك العبادة والعبودية التي لا تستثني ولا تجامل ولا تحابي أحداً  أياً كان.

د: ومن الواضح: أن ارتباط النبي «صلى الله عليه وآله» بالناس لم يكن من نوع الروابط التي تقوم بين الزعيم وبين قاعدته الجماهيرية، ولا كانت هي رابطة حاكم ورعية، وإنما كانت رابطة الأبوة المسؤولة والواعية، التي يدفعها إحساسها الأبوي لتريد الخير لمن هم تحت تكفُّلها من موقع الوعي والتدبير، لا من موقع العاطفة الهوجاء، ولا من منطلق التفكير المصلحي، الذي يريد أن يستفيد من ذلك لتكريس زعامته، أو كسب امتيازات سياسية، أو اجتماعية أو غيرها.

ولأجل ذلك كانت مواساته «صلى الله عليه وآله» لأصحابه في حالات الجوع، ثم مشاركته لهم في تلبيته لدعوة جابر لتناول الطعام؛ رغم أن جابراً لم يجد في بيته إلا ما يكفي بضعة أشخاص. ولكن الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» قد دعا الجميع وأطعم الجميع.

منع حسان وكعب بن مالك من الشعر:

وقال المؤرخون أيضاً: عن كعب بن مالك قال: جعلنا يوم الخندق نرتجز ونحفر، فعزم رسول الله «صلى الله عليه وآله» عليَّ أن لا أقول شيئاً!

فقلت: هل عزم على غيري؟!

قالوا: حسان بن ثابت.

قال: فعرفت أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» إنما نهانا لوجدنا له، وقلته على غيرنا، فما تكلمت بحرف حتى فرغنا من الخندق.

وقال «صلى الله عليه وآله» يومئذٍ: لا يغضب أحد مما قال صاحبه، لا يريد بذلك سوءاً إلا مما قال كعب وحسان فإنهما يجدان ذلك([35]).

وعند البيهقي: نهاهما أن يقولا شيئاً يحفظان به أحداً([36]).

وكان جعيل بن سراقة رجلاً صالحاً، وكان دميماً قبيحاً. وكان يعمل معهم في الخندق، وكان «صلى الله عليه وآله» قد غير اسمه يومئذٍ وسماه عمراً، فجعل المسلمون يرتجزون ويقولون:

سـمـاه مـن بـعـد جـعـيـل عمرا          وكــان لـلـبـائـس يـومـاً ظـهـرا

وجعل رسول الله «صلى الله عليه وآله» لا يقول شيئاً، بل يقفي معهم فقط، ويقول: عمراً، ظهراً([37]).

قال الحلبي: «وسياق أسد الغابة يدل على أن هذا الذي غير رسول الله «صلى الله عليه وآله» اسمه وسماه عمراً غير الجعيل المذكور»([38]).

ونشير نحن هنا إلى ما يلي:

الكلمة المسؤولة والقرار الحاسم:

إن هذه النصوص التي ذكرناها: قد أظهرت أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد اتخذ قراراً حاسماً يمنع حسان بن ثابت وكعب بن مالك من إنشاد أو قول شيء حين حفر الخندق, والذي يظهر لنا من ثنايا الكلمات هو: أن حساناً وكعب بن مالك لم يلتزما بالضوابط الأخلاقية والإسلامية فيما قالاه وأنشداه، بل هما قد تجاوزا الحد، وأغضبا الآخرين، ويشير إلى ذلك:

1 ـ أنه «صلى الله عليه وآله» قد اختص هذين الرجلين بالمنع، ولم يعزم على أحد غيرهما.

2 ـ كما أن قوله «صلى الله عليه وآله» يومئذٍ: لا يغضب أحد مما قال صاحبه لا يريد بذلك سوءاً الخ.. صريح في أنه قد قيل ثمة ما يوجب الغضب، حتى احتاج الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» للتدخل لتلطيف الأجواء، وسل الخيمة؟؟

3 ـ ولعل قصة جعيل بن سراقة هي أحد الشواهد على هذا التعدي على الآخرين، حيث كان من الطبيعي أن ينزعج هذا الرجل، الذي وصف بالقبح والدمامة من ارتجازهم الشعر في حقه، ويعد ذلك نوعاً من العبث والاستهانة به، والاحتقار له.

ومن هنا: فإننا نشك كثيراً في قولهم: إن النبي «صلى الله عليه وآله» جعل يقفي معهم، ويقول: عمراً، ظهراً..

مع أننا نلاحظ على النص المذكور: أنه قد ألمح إلى أن سكوت النبي «صلى الله عليه وآله» عن إنشادهم الشعر في حق جعيل كان ملفتاً للنظر، حيث يقول النص: «فجعل رسول الله لا يقول شيئاً، بل يقفي معهم فقط».

وبعد ما تقدم نقول: إننا نلمح في النصوص المتقدمة محاولة للتحريف والتصرف في النص بهدف التعتيم على حقيقة ما جرى؛ حيث حاول أن يصوِّر لنا: أن منع حسان وكعب من قول شيء إنما كان لأجل قدرتهما على قول الشعر، وقلته على غيرهم.

مع أن القضية: ما كانت تتطلب الكثير من قول الشعر آنئذٍ، بل يكفي البيت أو البيتان ليرددهما الآخرون مدة طويلة، وفقاً لما حفظه لنا التاريخ في هذه المناسبة، بالإضافة إلى أن الكثيرين كانوا يجيدون الشعر مثل كعب وحسان.

ولم يكن ثمة داع لتحاسد القوم في أمر كهذا في مناسبة كهذه، ولا كان اللازم هو أن يحسدوا حساناً وكعب بن مالك في سائر المناسبات، ويمنعهما النبي «صلى الله عليه وآله» من هجاء المشركين، ومن نظم الشعر في كثير من المناسبات الأخرى.

ولم نجد في ما بين أيدينا من نصوص تاريخية أن حدث ما يشبه هذه القضية في أي مناسبات أخرى، لا مع النبي «صلى الله عليه وآله» ولا مع غيره.

وذلك يجعلنا نطمئن إلى حدوث تجاوز منهما للحد أوجب أن يقف النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» منهما هذا الموقف الحازم والحاسم.

فليُتأمل في تاريخ حياة هذين الرجلين، فقد يجد المتتبع فيها الكثير مما لا يحسن ولا يجمل، وقد تقدم في أواخر الحديث عن غزوة بني النضير شيء غريب صدر من حسان، وربما تأتي الإشارة لأشياء أخرى صدرت منه ومن غيره. والله هو المسدد والهادي.

زيد بن ثابت:

«كان زيد بن ثابت ممن ينقل التراب، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» في حقه: أما إنه نِعْمَ الغلام، وغلبته عينه، فنام في الخندق.

فأخذ عمارة بن حزم سلاحه، وهو نائم.

فلما قام فزع على سلاحه، فقال له «صلى الله عليه وآله»: يا بار، [يا أبا رقاد] قد نمت حتى ذهب سلاحك؟

ثم قال: من له علم بسلاح هذا الغلام؟!

فقال عمارة: أنا يا رسول الله، هو عندي.

فقال: ردَّه عليه ونهى أن يروع المسلم ويؤخذ متاعه لاعباً»([39]).

وكان المسلمون قد انكشفوا يريدون يطيفون بالخندق ويحرسونه، وتركوا زيداً نائماً ولا يشعرون به.

ونقول:

لا ندري مدى صحة ما ينسب إلى النبي «صلى الله عليه وآله»: أنه قاله في حق زيد بن ثابت، دون سائر من كانوا ينقلون التراب من شباب وغيرهم، من دون مبرر ظاهر، أو سبب معقول، أو فعل متميز من زيد على من سواه، يستدعي أن يخلع عليه النبي الأوسمة، ويخصه بالتقاريض والمدائح.

غير أننا نعلم: أن زيداً كان ممن تهتم السلطة بأمره، وتعمل على رفعة شأنه، وتخصيصه بكل غال ونفيس ما وجدت إلى ذلك سبيلاً، لأنه كان من أعوانها بل من أركانها كما أشرنا إليه في فصل تعليم زيد اللغة العبرانية، فلا نعيد.

سلمان منا أهل البيت:

ويقولون: إن المسلمين جعلوا إذا رأوا في الرجل فتوراً ضحكوا منه. وتنافس الناس يومئذٍ في سلمان الفارسي وكان قوياً عارفاً بحفر الخنادق، فقال المهاجرون: سلمان منا..

وقالت الأنصار: هو منا ونحن أحق به.

فبلغ رسول الله «صلى الله عليه وآله» قولهم، فقال: «سلمان رجل منا أهل البيت»([40]).

«ولقد كان يومئذٍ يعمل عمل عشرة رجال، حتى عانه (أي أصابه بالعين) يومئذٍ قيس بن أبي صعصعة فلُبط به (أي صُرع وسقط إلى الأرض) فسألوا رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال: مروه فليتوضأ له، وليغتسل به، ويكفأ الإناء خلفه ففعل، فكأنما حل من عقال»([41]).

وحسب نص آخر أوضح وأصرح: «روي أنه كان يعمل في الخندق عمل الرجلين.

وفي رواية: كان يحفر كل يوم خمسة أذرع من الخندق، وعمقها أيضاً خمسة أذرع، فعانه قيس بن صعصعة، فصرع وتعطل من العمل، فأُخبر بذلك رسول الله «صلى الله عليه وآله» فأمر أن يتوضأ قيس لسلمان، ويجمع وضوءه في ظرف، ويغتسل سلمان بتلك الغسالة ويكفأ الإناء خلف ظهره، ففعل، فنشط في الحال كما ينشط البعير من العقال»([42]).

وقصة التنافس في سلمان وقول النبي «صلى الله عليه وآله»: «سلمان منا أهل البيت» مذكورة في العديد من المصادر، فلتراجع في مظانها([43]).

ونص آخر يقول: إنه حين حفر الخندق كان المسلمون ينشدون سوى سلمان، فرأى النبي «صلى الله عليه وآله» ذلك، فدعا الله تعالى: أن يطلق لسان سلمان، ولو ببيتين من الشعر، فأنشد سلمان ثلاثة أبيات هي:

مـا لـي لـسـان فـأقـول شـعــرا           أســأل ربــي قــوة ونــصـــــرا
عـلى عــدوي وعــدو الـطـهـرا          محـمــد المـخـتــار حــاز الفخـرا
حـتـى أنـال فــي الجـنـان قصرا         مــع كــل حـوراء تحـاكـي البدرا

فضج المسلمون، وجعلت كل قبيلة، تقول: «سلمان منا».

 

فقال النبي «صلى الله عليه وآله»: «سلمان منا أهل البيت»([44]).

ونقول:

إننا نشك في صحة ذلك كله، وذلك للأمور التالية:

أولاً: إنه عدا عما في هذه الأبيات الأخيرة من الهنات، لا نجد المبرر المذكور لدعاء النبي «صلى الله عليه وآله» لسلمان كافياً في تبرير ذلك، لأن الذين كانوا ينشدون الشعر، ما كانوا ينشدون من نظمهم، بل كان الناظم واحداً من الناس، والباقون يرددون المنظوم بطريقة معينة ووقع خاص يتناسب مع الحالة التي يعيشونها، وقد كان باستطاعة سلمان أن يردد ذلك النشيد مع المرددين، من دون حاجة إلى أن ينظم شعراً، كما صورته لنا الرواية.

وثانياً: إن ما ذكروه في سبب إطلاق هذه الكلمة النبوية الخالدة في حق سلمان: «سلمان منا أهل البيت» لا يعدو أن يكون أمراً عادياً بل وتافهاً.

لأن معناه: أن تكون قضية الاستفادة من قوة سلمان البدنية موضع تنافس الفرقاء، وقد حسم النبي «صلى الله عليه وآله» نزاعهم، بتحويل سلمان إلى القسم الذي كان يعمل هو «صلى الله عليه وآله» وأهل بيته فيه فكانت تلك الكلمة إيذاناً بذلك.

وهذا معناه: أن تفقد هذه الكلمة قيمتها وأهميتها. وهكذا الحال بالنسبة لحكاية إطلاق لسان سلمان بالشعر، ثم تنافس الفرقاء فيه فجعله «صلى الله عليه وآله» جزءاً من فئة تحسن التكلم بالعربية، وتحب أن تكرمه وتشجعه، لأنه نطق بلغتها.

إذن.. فلم يكن هذا الوسام لسلمان قد استحقه لعلمه، أو لدينه أو لمواقفه، أو لغير ذلك من أمور تدخل في نطاق صفات وأعمال الخير والصلاح فيه.

وبعد هذا: فلا يبقى مبرر لما نلاحظه في كلمات الأئمة «عليهم السلام» من تركيز على هذا الوسام، وتأكيد لواقعيته ومصداقيته فيه رضوان الله تعالى عليه.

كما لا معنى لاستدلال ابن عربي على عصمة سلمان بهذه الكلمة المأثورة عن النبي «صلى الله عليه وآله» في حقه، باعتبار أن أهل البيت معصومون مطهرون، بنص آية التطهير([45]).

الصحيح في القضية:

ولعل الصحيح في القضية، الذي ينسجم مع وقائع التاريخ ومع ما عهدناه من سياسات انتهجها الحكام طيلة عشرات السنين هو النص التالي:

 «إن سلمان الفارسي رضي الله عنه دخل مجلس رسول الله «صلى الله عليه وآله» ذات يوم، فعظموه، وقدموه، وصدروه، إجلالاً لحقه، وإعظاماً لشيبته، واختصاصه بالمصطفى وآله.

فدخل عمر، فنظر إليه فقال: من هذا العجمي المتصدر فيما بين العرب؟!

فصعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» المنبر، فخطب، فقال: إن الناس من عهد آدم إلى يومنا هذا مثل أسنان المشط لا فضل للعربي على العجمي، ولا للأحمر على الأسود إلا بالتقوى. سلمان بحر لا ينزف، وكنز لا ينفد، سلمان منا أهل البيت»([46]).

وهكذا يتضح: أن سلمان المحمدي قد تعرض لمحاولة تحقير وامتهان، من قبل رائد «التمييز العنصري» بعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله» الذي شاع وذاع عنه أنه لم يحب تزويج سلمان. وكان يكره الفرس ويمقتهم وقد حرمهم من أبسط الحقوق([47]) فانتصر النبي «صلى الله عليه وآله» لسلمان، وأدان المنطق الجاهلي، والتمييز العرقي والعنصري، بصورة صريحة، وقوية وقاطعة.

تقتلك الفئة الباغية:

روي في صحيح مسلم، عن أبي قتادة: «أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال لعمار حين جعل يحفر الخندق، فجعل يمسح رأسه ويقول:

بؤس ابن سمية، تقتلك الفئة الباغية»([48]).

لكن القمي قد فصل ذلك حيث قال: «قوله: ﴿يَمُنُّونَ عَليْكَ أَنْ أَسْلمُوا..([49])، نزلت في عثكن (عثمان) يوم الخندق. وذلك أنه مر بعمار بن ياسر، وهو يحفر الخندق، وقد ارتفع الغبار من الحفر، فوضع كمه على أنفه ومر، فقال عمار:

لا يـستوى مـن يـبتني المساجـدا               يظل (فيصلي) فيها راكعاً وساجدا

كـمـن يـمـر بـالـغـبـار حـائدا             يـعـرض عـنـه جـاحـداً مـعـاندا

فالتفت إليه عثكن، فقال: يا ابن السوداء إياي تعني؟

ثم أتى رسول الله «صلى الله عليه وآله» فقال له (أي عثمان): لم ندخل معك لتُسَبَّ أعراضنا.

فقال له رسول الله «صلى الله عليه وآله»: قد أَقَلْتُكَ إسلامك فاذهب. فأنزل الله: ﴿يَمُنُّونَ عَليْكَ أَنْ أَسْلمُوا.. الخ..»([50]).

وقد تقدم في جزء سابق حين الحديث عن بناء مسجد المدينة: أن ذلك قد حصل في تلك المناسبة في قضية حصلت بين عمار وعثمان.

ونقول:

إننا لا نريد أن ندخل في موضوع تحقيق الحق في كون ذلك قد حصل في البناء الأول للمسجد أو الثاني، أو في حفر الخندق، فإن تحقيق ذلك ليس له كبير أهمية ما دام أن أصل القصة، وكلمة الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» مما لا شك فيه، ولا شبهة تعتريه، وقد أجمع عليه المحدثون والمؤرخون، بل والمسلمون قاطبة وأصبح من المسلمات. غير أننا نذكِّر القارئ هنا بأمر هام، وهو:

أن طريقة النبي «صلى الله عليه وآله» والأئمة الأطهار «عليهم السلام» في التربية والتعليم لها مرتكز أساس، وهو الإعتماد على بلورة المعايير والمنطلقات الأساسية في النهج الفكري والعقيدي للناس بصورة عامة، ثم تفويض أمر اختيار ما يتناسب مع تلك المعايير، ويتطابق مع هاتيك الضوابط إلى الناس أنفسهم، فنجد الناس مثلاً هم الذين يقومون بعملية التعرف على الإمام، بما لديهم من ضوابط ومعايير يمارسون تطبيقها بأنفسهم، وتوصلهم إلى الإمام الحق، بصورة قويمة وسليمة، من دون حاجة إلى التنصيص عليه بالاسم، كما كان الحال حينما أوصى الإمام الصادق «عليه السلام» إلى خمسة أحدهم الإمام الكاظم «عليه السلام»، حيث عرف الشيعة أن الإمام لا يمكن أن يكون ذلك الحاكم الظالم، كما لا يمكن أن يكون هو زوجة الإمام، ثم لا يمكن أن يكون هو الولد الأكبر مع إشراك الأصغر في الوصية([51]).

والأمر في قصة عمار أيضاً من هذا القبيل، حيث قدم النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» للناس آنئذٍ ضابطة يعرفون بها فريق البغاة، ويميزونه عن غيره، دون أن يصرح «صلى الله عليه وآله» بالاسم أو بالأسماء، الأمر الذي قد يحمل معه سلبيات كثيرة ومتنوعة بشكل أو بآخر..

ومن الواضح: أن لهذه التربية الفكرية ولصياغة الشخصية الإسلامية بهذه الطريقة آثاراً إيجابية كبيرة وهامة جداً. وذلك لما ينتج عنها من حصانة ومناعة لدى الإنسان المسلم في مقابل محاولات الخداع والتضليل التي ربما يتعرض لها من قبل أهل الدعوات الفاسدة والمشبوهة، ويصبح في مأمن من الوقوع في شراكهم التي ينصبونها له ولأمثاله..

كما إنها تجعله قادراً على نقل المفاهيم التي يؤمن بها إلى الآخرين بالطريقة المنطقية والمقبولة والمعقولة.

ثم هي تمكنه من أن ينأى بنفسه عن أن يكون من الهمج الرعاع الذين ينعقون مع كل ناعق، ويسيرون في ركاب كل قبيل، دون وعي أو تأمل في الأمور وفي عواقبها..

أضف إلى ذلك: أنها تخرج الإنسان المسلم عن دائرة التلقين الأعمى، ليصبح قادراً على التفاعل مع الفكرة، أو مع أية قضية تعرض عليه، ولكن لا من موقع التأثر والانفعال العاطفي أو اللاشعوري، بل من موقع التأمل والتروي والوعي والضبط والانضباط بكل ما لهذه الكلمات من معنى دقيق، وعميق.

وهذا بحث هام ومتشعب، يحتاج إلى توفر تام، من أجل حشد الشواهد والدلائل الكثيرة والمتنوعة للاستفادة منها كطريقة عمل ومنهج حياة، وسبيل صلاح وإصلاح، إن شاء الله تعالى..


([1]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص445 وتاريخ الخميس ج1 ص481 والسيرة الحلبية ج2 ص311 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص515 والإمتاع ج1 ص220 وراجع وفاء الوفاء ج4 ص1207.

([2]) المغازي للواقدي ج2 ص446 و 450 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص220 وحدائق الأنوار ج2 ص585 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص313 ووفاء الوفاء ج4 ص1205.

([3]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص450 و 451 ووفاء الوفاء ج4 ص1205.

([4]) راجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص235 والبحار ج20 ص189 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص215 ومجمع البيان ج2 ص427 و 341 وبهجة المحافل ج1 ص263 وشرحه مطبوع بهامشه، وقال: رواه الطبري والطبراني، والحاكم، وتاريخ الخميس ج1 ص481 والكامل في التاريخ ج2 ص179 والخرائج والجرائح ج1 ص152 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص418 وفتح الباري ج7 ص305 ووفاء الوفاء ج4 ص1205 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص192.

([5]) تفسير القمي ج2 ص177 وعنه في بحار الأنوار ج20 ص218.

([6]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص50.

([7]) الخرائج والجرائح ج1 ص152 والبحار ج18 ص32 عنه.

([8]) راجع ما يلي: المغازي للواقدي ج2 ص445 وتهذيب سيرة ابن هشام ص189 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص226. وراجع: البداية والنهاية ج4 ص95 وإمتاع الأسماع ج1 ص220 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص234 ونهاية الأرب ج17 ص168 وعيون الأثر ج2 ص55 و57 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص399 و409 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص183 ووفاء الوفاء ج4 ص1407 والإكتفاء ج2 ص159 وفتح الباري ج7 ص301.

([9]) بهجة المحافل ج1 ص263 وحدائق الأنوار ج2 ص585.

([10]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص50.

([11]) المغازي للواقدي ج2 ص453 والسيرة الحلبية ج2 ص312 وإمتاع الأسماع ج1 ص225 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص518 وراجع المواهب اللدنية ج1 ص111.

([12]) راجع: حدائق الأنوار ج2 ص585 وإمتاع الأسماع ج1 ص221 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص516.

([13]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص515 وفي المغازي للواقدي ج2 ص449 عن أنس: على صدره وبين عكنه. (العكن: ما انطوى وتثنى من لحم البطن).

([14]) وفاء الوفاء ج4 ص1207 عن تفسير الثعلبي.

([15]) فتح الباري ج7 ص308 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص516 وعن أبي يعلى وأحمد برجال الصحيح.

([16]) راجع المصادر التالية في: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص85 والبداية والنهاية ج4 ص96 عن الصحيحين، وصحيح البخاري ج3 ص21 باب غزوة الخندق. وصحيح مسلم ـ الجهاد والسير، باب غزوة الأحزاب. وفتح الباري ج6 ص46 وج 7 ص308 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص245 وبهجة المحافل ج1 ص263 والمواهب اللدنية ج1 ص111 وتاريخ الخميس ج1 ص481 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص3 والسيرة الحلبية ج2 ص312 وإمتاع الأسماع ج1 ص222 و 223 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص579 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص517 وراجع: حدائق الأنوار ج2 ص585 و 586 ومجمع البيان ج8 ص341 وبحار الأنوار ج20 ص199 ونهاية الأرب ج17 ص169 والمغازي للواقدي ج2 ص449 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص413 و 414 وكنز العمال ج10 ص281 والغدير ج7 ص206 عن ابن كثير وعن طبقات ابن سعد.

([17]) فتح الباري ج7 ص308.

([18]) تفسير القمي ج2 ص177 و 178 وبحار الأنوار ج20 ص218 عنه.

([19]) شرح الأخبار ج1 ص292.

([20]) المغازي للواقدي ج2 ص446 وراجع: الإمتاع ج1 ص220 والسيرة الحلبية ج2 ص312.

([21]) المغازي للواقدي ج2 ص449 و448 والسيرة الحلبية ج2 ص313 والإمتاع ج1 ص222، وسبل الهدى والرشاد ج4 ص516.

([22]) المغازي للوادي ج2 ص452 و453 وراجع كنز العمال ج10 ص290 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص3 وحدائق الأنوار ج2 ص585 و 586 وصحيح البخاري (المغازي) باب غزوة خيبر وصحيح مسلم، الجهاد والسير ـ باب غزوة الأحزاب ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص410 و 411 و 412 وراجع: فتح الباري ج7 ص392 وعن مسلم باب غزوة الأحزاب وعن البخاري وغير ذلك.

([23]) سبل الهدى والرشاد ج4 ص516.

([24]) السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص184 والبداية والنهاية ج4 ص95 و 96 وبهجة المحافل ج1 ص263 والمواهب اللدنية ج1 ص111 وتاريخ الخميس ج1 ص482 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص3 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص516 و517 وصحيح البخاري ج3 ص20 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص410 و 411 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص245 وعن فتح الباري ج7 ص392.

([25]) راجع ما تقدم كلاً أو بعضاً، في المصادر التالية: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص226 و 227 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص159 و 160 والكامل في تاريخ ج2 ص179 و 178 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص234 والسيرة الحلبية ج2 ص313 و 312 ونهاية الأرب ج17 ص168 وعيون الأثر ج2 ص55 و 56.

وراجع: البداية والنهاية ج4 ص95 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص183 والمواهب اللدنية ج1 ص110 وراجع ص112 و 113 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص3 والدر المنثور ج5 ص60 عن ابن إسحاق، وابن المنذر، والبيهقي في الدلائل وسبل الهدى والرشاد ج4 ص522 و 523 وتهذيب سيرة ابن هشام ج3 ص189 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص409.

([26]) سيرة المصطفى ص496.

([27]) نهج البلاغة بشرح عبده، آخر وصية الإمام الحسن رقم (31) ج3 ص63.

([28]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص3 عن البخاري والسيرة الحلبية ج2 ص312 وراجع البداية والنهاية ج4 ص96 عن البخاري ومسلم والحديث في نهاية الأرب أيضاً ج17 ص169 وصحيح البخاري ج3 ص20 وفيه: فاغفر للمهاجرين والأنصار.

([29]) المواهب اللدنية ج1 ص111 وتاريخ الخميس ج1 ص481 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص3 والسيرة الحلبية ج2 ص312 والإمتاع ج1 ص221 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص517 والبداية والنهاية ج4 ص96 و 97 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص414 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص186 وفتح الباري ج7 ص304.

([30]) اليسرة النبوية لدحلان ج2 ص3.

([31]) الآية 69 من سورة يس.

([32]) الآيات 224 ـ 226 من سورة الشعراء.

([33]) الزهد والرقائق ص256.

([34]) المغازي للواقدي ج2 ص447 وراجع: الإمتاع ج1 ص221 وراجع: دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص399.

([35]) المغازي للواقدي ج2 ص447 وراجع: الإمتاع ج1 ص221 وراجع: دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص399.

([36]) دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص399.

([37]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص16 والمغازي للواقدي ج2 ص447 و 448 متناً وهامشاً، وراجع: دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص409 و 410 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص227 و 228 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص234 و235 والبداية والنهاية ج4 ص95 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص183 وبهجة المحافل ج1 ص264 والسيرة الحلبية ج2 ص311 و 312 والإمتاع ص222 وأسد الغابة ج1 ص290 وقال: أخرجه أبو موسى والإصابة ج1 ص240.

([38]) السيرة الحلبية ج2 ص512 وراجع: أسد الغابة ج1 ص290.

([39]) السيرة الحلبية ج2 ص213 والإمتاع ج1 ص222 والإصابة ترجمة زيد بن ثابت والمغازي للواقدي ج2 ص448.

([40]) المغازي للواقدي ج1 ص446 وراجع: الكامل في التاريخ ج2 ص179 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص235 وشرح بهجة المحافل ج1 ص263 وسيرة المصطفى ص495 عن الطبري وتاريخ الخميس ج1 ص482 السيرة النبوية لدحلان ج2 ص3 والإمتاع ج1 ص221 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص515 والبداية والنهاية ج4 ص99 ومجمع البيان ج2 ص427 وج 8 ص341 والبحار ج20 ص189 و 198 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص400 و 418 ومستدرك الحاكم ج3 ص598 ووفاء الوفاء ج4 ص1205 وراجع ص1207 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص192.

([41]) المغازي للواقدي ج1 ص447 والإمتاع ج1 ص221 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص515.

([42]) تاريخ الخميس ج1 ص482 والسيرة الحلبية ج2 ص313 و314 وراجع: الإمتاع ج1 ص221 والمغازي للواقدي ج2 ص447.

([43]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج4 قسم 1 ص59 والبداية والنهاية ج4 ص99 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص192 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص235 وراجع: الكامل في التاريخ ج2 ص179 والبحار ج2 ص189 عن مجمع البيان ج2 ص427 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص3 وأسد الغابة ج2 ص331 وذكر أخبار إصبهان ج1 ص54 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص200 ونفس الرحمن ص34 و 35 ومستدرك الحاكم ج3 ص598.

([44]) راجع: المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص85 وقاموس الرجال ج4 ص424 والدرجات الرفيعة ص218 ونفس الرحمن ص43.

([45]) راجع: سلمان الفارسي، للعلامة السبيتي ص40 ونفس الرحمن ص32 كلاهما عن الفتوحات المكية

([46]) الإختصاص ص341 ونفس الرحمن في فضائل سلمان ص29 والبحار ج22 ص348.

([47]) قد تكلمنا حول سياسات عمر تجاه غير العرب ومع سلمان في كتابنا: سلمان الفارسي في مواجهة التحدي فراجع.

([48]) تاريخ الخميس ج1 ص481 عن صحيح مسلم وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص312.

([49]) الآية 17 من سورة الحجرات.

([50]) تفسير القمي ج2 ص322 والبحار ج20 ص243.

([51]) راجع: البحار ج47.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان