فشل المفاوضات وخيانة أبي لبابة

   

صفحة : 41-76  

فشل المفاوضات وخيانة أبي لبابة

 

إسلام أبناء سعية:

«وقال ثعلبة، وأسيد أبنا سعية، وأسد بن عبيد عمهم: يا معشر بني قريظة، والله، إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وإن صفته عندنا، حدثنا به علماؤنا، وعلماء بني النضير، هذا أولهم ـ يعني حيي بن أخطب ـ مع جبير ابن الهيبان، أصدق الناس عندنا، هو خبَّرنا بصفته عند موته.

قالوا: لا نفارق التوراة.

فلما رأى هؤلاء النفر إباءهم، نزلوا في الليلة التي نزلت قريظة، فأسلموا، فأمنوا على أنفسهم، وأهلهم، وأموالهم»([1]).

وأسيد، وأسد وثعلبة لم يكونوا من بني قريظة ولا النضير بل كانوا فوق ذلك([2]). وهم نفر من هدل، من بني عم قريظة([3])، وليس من هذيل، كما في بعض المصادر التي زعمت أيضاً: أنهم من هذيل إخوة قريظة والنضير([4]).

وكان سبب إسلامهم: أن ابن الهيبان ـ من يهود الشام ـ قدم على بني قريظة فأقام عندهم، وكان يستسقي لهم أيام القحط، فيسقون، فحضرته الوفاة، فأخبرهم: أن سبب خروجه إلى يثرب هو أنه يتوقع خروج نبي قد أظل زمانه، مهاجره المدينة ليتبعه. ثم أوصاهم باتباعه.

فلما كان فتح بني قريظة قال أولئك النفر ـ وكانوا شباناً أحداثاً ـ : يا معشر يهود، والله، إنه الذي كان ذكره ابن الهيبان.

فقالوا: ما هو به.

قالوا: بلى والله، إنه لصفته.

ثم نزلوا، وأسلموا، وخلوا أموالهم، وأولادهم، وأهاليهم.

قال ابن إسحاق: وكانت أموالهم في الحصن مع المشركين، فلما فتح ردَّ ذلك عليهم([5]).

ونقول:

في النفس من هذه الرواية شيء، فإن ابن الهيبان قد مات قبل بعثة النبي «صلى الله عليه وآله»، والبعثة كانت قبل فتح قريظة بحوالي ثمانية عشر عاماً.

ولا بد أن يكون أبنا سعية حين موت ابن الهيبان شباباً، يدركون مغزى كلام ابن الهيبان، ويفهمون وصيته، ولا أقل من أن يكون لهم من العمر عشر سنين، فيكون عمرهم حين فتح قريظة حوالي ثلاثين سنة، فكيف يكون أولئك النفر عند فتح قريظة شباباً أحداثاً؟!.. إلا إذا كان يصدق على ابن الثلاثين أنه حدث!

وأما السؤال: عن سبب هجرة ابن الهيبان إلى المدينة وليس إلى مكة.

فقد يجاب عنه: بأن مكة لم تكن تقبل بسكنى اليهود فيها، وإن كان هذا الجواب محل نظر وتأمل، ويحتاج إثبات ذلك أو نفيه إلى دراسة وافية لهذا الموضوع.

عمرو بن سعدى ومحمد بن مسلمة:

1 ـ يذكر المؤرخون: أن عمرو بن سعدى اليهودي، قد صارح قومه بأنهم قد عاهدوا محمداً: ألا ينصروا عليه أحداً، وأن ينصروه ممن دهمه، فغدروا ولم يشركهم ابن سعدى في غدرهم، وقال لهم: «فإن أبيتم أن تدخلوا معه فاثبتوا على اليهودية، وأعطوا الجزية، فوالله، ما أدري يقبلها أم لا.

قالوا: نحن لا نقر للعرب بخرج في رقابنا، يأخذوننا به. القتل خير من ذلك.

قال: فإني بريء منكم. وخرج في تلك الليلة مع ابني سعية، حتى أتى مسجد رسول الله، فبات فيه، فلما أصبح غدا، فلم يدر أين هو حتى الساعة.

فسئل «صلى الله عليه وآله» عنه، فقال: ذاك رجل نجاه الله بوفائه»([6]).

2 ـ وقال المؤرخون أيضاً: «خرج في تلك الليلة (أي ليلة نزول بني قريظة على حكم النبي «صلى الله عليه وآله» عمرو بن سعدى القرظي، فمر بحرس رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعليه محمد بن مسلمة تلك الليلة، فلما رآه قال: من هذا؟!

قال: أنا عمرو بن سعدى. (وكان قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله «صلى الله عليه وآله».

وقال: لا أغدر بمحمد أبداً).

فقال محمد بن مسلمة حين عرفه: اللهم لا تحرمني إقالة عثرات الكرام، ثم خلى سبيله؛ فخرج حتى أتى مسجد رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالمدينة تلك الليلة.

ثم ذهب، فلم يدر أين توجه من الأرض إلى يومه هذا، فقال رسول الله فيه ما سبق.

3 ـ إن البعض يزعم: أنه كان أُوثق بِرِمّة فيمن أُوثق من بني قريظة، فأصبحت رمته ملقاة، ولا يدري أن يذهب، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» فيه تلك المقالة([7]).

4 ـ إن ابن خلدون يقول: «وفر عنهم عمرو بن سعدى القرظي، ولم يكن دخل معهم في نقض العهد، فلم يعلم أين وقع»([8]).

5 ـ قال الذهبي وغيره: «كان عمرو بن سعدى اليهودي في الأسرى، فلما قدموه ليقتلوه، فقدوه، فقيل: أين عمرو؟!

قالوا: والله، ما نراه، وإن هذه لرمته التي كانت فيها (الرمة قطعة من حبل) فما ندري كيف انفلت.

فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أفلت بما علم الله في نفسه»([9]).

ونقول:

أولاً: إنك ترى النصوص التاريخية لهذا الحدث مختلفة فيما بينها، مما يشير إلى وقوع تشويه عفوي أو عمدي في هذه القضية.

ثانياً: إذا كان هذا الرجل قد أبى الدخول مع قومه في الغدر، فمن الواضح: أن النبي «صلى الله عليه وآله» لن يعاقبه بما فعل الآخرون، وقد قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾([10]).

بل سوف يجد نفسه معززاً مكرماً في ظل الإسلام، حتى ولو أراد أن يبقى على يهوديته.

وذلك يجعلنا نشك كثيراً فيما يزعمونه من أنه قد ربط مع قومه ليقتل ثم هرب.

وكذا ما يزعمونه من أنهم قدموه ليقتلوه فانفلت منهم دون أن يشعروا.

وكذا القول إنه هرب قبل ذلك، إذ لماذا يربط؟

ولماذا يعرضونه للقتل، ولماذا يهرب؟ وهو لم يفعل ما يستحق به ذلك.

ولماذا لا يعتمد على سماحة الإسلام وعفوه وكرمه؟ وهو يعلم أن الإسلام لا يأخذ البريء بذنب المسيء؟

ولماذا يحتاج إلى تدخل إلهي لإنجائه؟ حتى قال النبي «صلى الله عليه وآله»: ذاك رجل نجاه الله بوفائه.

وهل كان «صلى الله عليه وآله» عازماً على قتله، مع علمه بوفائه، ثم نجاه الله منه؟!

ثالثاً: هل يمكن إفلات أحد من أيدي حراسه دون أن يشعروا به، مع أنهم قدموه ليقتلوه؟!

فهل هو من نوع الجن أو الملائكة، الذين يمكنهم إخفاء أنفسهم والانفلات دون أن يشعر بهم أحد، حتى في هذه اللحظات العصيبة والحساسة، ومع اجتماع الناس لأجل ذلك.

رابعاً: إن حديث إفساح محمد بن مسلمة له المجال لينفلت ويذهب إلى المسجد ليبيت فيه، ثم ذهب.. ينافي حديث ربطه مع قومه، وتقديمه للقتل، ولا ندري كيف نفسر هذا التصرف من محمد بن مسلمة، إذ لماذا لا يراجع فيه ابن مسلمة النبي «صلى الله عليه وآله»، ويستأمره في شأنه بل تصرف من عند نفسه، حتى لا يحرمه الله إقالة عثرات الكرام؟

وإذا كان عمرو بن سعدى لم يدخل مع قومه في الغدر، فأي عثرة له يريد محمد بن مسلمة أن يقيلها؟!

خامساً: ظاهر كلام البعض: أن ابن سعدى قد فر عن قومه، ولم يعلم أين وقع([11]).

ومعنى ذلك: أنه لم يؤسر، ولم يوثق، ولم يهرب من رمته، ولا حين تقديمه إلى القتل.

ونتيجة لما تقدم نقول:

إن الشبهة تحوم حول محمد بن مسلمة، الذي كانت له علاقات من نوع ما مع اليهود، وقد روي أن علياً «عليه السلام» قال لعمار بن ياسر: «ذنبي إلى محمد بن مسلمة: أني قتلت أخاه يوم خيبر، مرحب اليهود»([12]). ولعله كان أخاً له من الرضاعة، أو هو أخ له في الدين.

فَيُظن أنه هو الذي أفسح له المجال للهرب، وفق تفاهم بينهما، لا مجال للتكهن بتفاصيله وأسبابه.

كما أننا نرتاب في ما ينسب إلى النبي «صلى الله عليه وآله» من قول في هذا المجال، ولعل الأقرب هو ما ذكره البعض من أنه «صلى الله عليه وآله» قال: «أفلت بما علم الله في نفسه»([13]) والله هو العالم بحقيقة الحال.

لا يقرون للعرب بأي امتياز:

والشيء الذي رأيناه يتكرر من اليهود هو هذه المشاعر العنصرية التي ألحقت الأذى بهم باستمرار، وأهلكتهم أو كادت.

وقد عمل اليهود أنفسهم على تركيز هذا الإحساس القوي بالعنصر، حتى كأنهم فوق جميع البشر، وذلك من خلال ما انتهجوه من أساليب خادعة وماكرة لفرض هيمنتهم الثقافية على العرب، بعد أن فشلوا فشلاً ذريعاً في صراعهم العسكري معهم.

وهذا في الحقيقة أمر امتحنهم الله فيه، أظهر من خلاله ما يخفونه من روح حاقدة ومتكبرة، ومتغطرسة وشريرة، ﴿وَلا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ﴾([14]). ﴿وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ﴾([15]).

مفاوضة نباش بن قيس مع النبي :

وحين أيقن بنو قريظة بالهلاك، بسبب رمي المسلمين لهم، أنزلوا نباش بن قيس، فكلم رسول الله «صلى الله عليه وآله» ساعة، وقال: يا محمد ننزل على ما نزلت عليه بنو النضير، لك الأموال، والحلقة، وتحقن دماءنا، ونخرج من بلادكم بالنساء والذراري، ولنا ما حملت الإبل إلا الحلقة، فأبى رسول «صلى الله عليه وآله».

فقالوا: فتحقن دماءنا، وتسلم لنا النساء والذرية، ولا حاجة لنا فيما حملت الإبل.

فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: لا، إلا أن تنزلوا على حكمي.

فرجع نباش إلى أصحابه بمقالة رسول الله «صلى الله عليه وآله».

فقال كعب بن أسد: يا معشر بني قريظة: والله، إنكم لتعلمون أن محمداً نبي الله. وما منعنا من الدخول معه إلا الحسد للعرب، حيث لم يكن نبياً من بني إسرائيل، فهو حيث جعله الله. ولقد كنت كارهاً لنقض العهد والعقد، ولكن البلاء، وشؤم هذا الجالس (يعني حيي بن أخطب) علينا وعلى قومه، وقومه كانوا أسوأ منا. لا يستبقي محمد رجلاً واحداً إلا من تبعه.

أتذكرون ما قال لكم ابن حواس، حين قدم عليكم، فقال: تركت الخمر والخمير والتأمير، وجئت إلى السقاء والتمر والشعير؟!

قالوا: وما ذلك؟

قال: يخرج من هذه القرية نبي؛ فإن خرج وأنا حي اتبعته ونصرته، وإن خرج بعدي فإياكم أن تخدعوا عنه، فاتبعوه، وكونوا أنصاره وأولياءه، وقد آمنتم بالكتابين كليهما الأول والآخر.

قال كعب: فتعالوا؛ فلنتابعه، ولنصدقه، ولنؤمن به، فنأمن على دمائنا، ونسائنا وأموالنا، فنكون بمنزلة من معه.

قالوا: لا نكون تبعاً لغيرنا، نحن أهل الكتاب والنبوة، ونكون تبعاً لغيرنا؟!

فجعل كعب يرد عليهم الكلام بالنصيحة لهم.

قالوا: لا نفارق التوراة، ولا ندع ما كنا عليه من أمر موسى.

قال: فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثم نخرج في أيدينا السيوف إلى محمد وأصحابه، فإن قُتِلنا، قُتِلنا وما وراءنا أمر نهتم به، وإن ظفرنا فلعمري لنتخذن النساء والأبناء فتضاحك حيي بن أخطب، ثم قال: ما ذنب هؤلاء المساكين؟

وقالت رؤساء اليهود: الزبير بن باطا وذووه: ما في العيش خير بعد هؤلاء.

قال: فواحدة قد بقيت من الرأي لم يبق غيرها، فإن لم تقبلوها فأنتم بنو استها.

قالوا: وما هي؟!

قال: الليلة السبت، وبالحري أن يكون محمد وأصحابه آمنين لنا فيها أن نقاتله، فنخرج، فلعلنا أن نصيب منهم غرة.

قالوا: نفسد سبتنا، وقد عرفت ما أصابنا فيه؟!

قال حيي: قد دعوتك إلى هذا وقريش وغطفان حضور، فأبيت أن تكسر السبت، فإن أطاعتني اليهود فعلوا.

فصاحت اليهود: لا نكسر السبت.

قال نباش بن قيس: وكيف نصيب منهم غرة، وأنت ترى أن أمرهم كل يوم يشتد. كانوا أول ما يحاصروننا، إنما يقاتلون بالنهار، ويرجعون الليل، فكان هذا لك قولاً، لو بيتناهم. فهم الآن يبيتون الليل، ويظلون النهار، فأي غرة نصيب منهم؟! هي ملحمة وبلاء كتب علينا.

فاختلفوا، وسقط في أيديهم، وندموا على ما صنعوا، ورقوا على النساء والصبيان. وذلك أن النساء (والصبيان) لما رأوا ضعف أنفسهم هلكوا، فبكى النساء والصبيان، فرقُّوا عليهم([16]).

وقفات مع ما تقدم:

ونقول:

تستوقفنا في هذا الحديث عدة أمور، نذكر منها ما يلي:

1 ـ قد تقدم عدم صحة قولهم: إنهم حين أيقنوا بالهلكة أرسلوا نباش بن قيس، فلما رجع إليهم بالفشل، طلبوا أبا لبابة، ثم نزلوا على حكم ابن معاذ.

والصحيح هو: أنهم بعد عودة نباش بقوا أياماً([17])، صدوا خلالها ـ كما تقدم ـ حملات بقيادة كبار الصحابة، فجاءهم علي، ونادى يا كتيبة الإيمان، وانتهى الأمر باستسلامهم على يديه، وطلبوا أبا لبابة، ثم نزلوا على حكم سعد بن معاذ، كما تقدم.

2 ـ إن العبارة الأخيرة قد أسندت الأمر إلى القضاء والقدر الذي لا مفر منه، وأنها كما يقول بنو قريظة: «ملحمة وبلاء كتب علينا» وذلك من منطق اعتقادهم بالجبر الإلهي.

رغم أن القرار في إبعاد هذه الملحمة والبلاء عنهم يعود إليهم، وبإمكانهم تغيير مسار الأحداث لو تصرفوا بحكمة وتعقل وإنصاف، وتركوا الانقياد إلى الهوى، وإلى العصبيات والعنجهيات الفارغة.

3 ـ إن صيغة اقتراح قتل النساء والذرية تظهر بوضوح حقيقة نظرة اليهود إلى عنصر المرأة، واعتبارها من شؤون الرجل، وأن لا شخصية ولا كيان لها إلا بمقدار ما تخدم أغراض الرجل وأهواءه، وما تقدم له من متعة، فليلاحظ قوله: «وإن ظفرنا فلعمري لنتخذن النساء والأبناء».

4 ـ إن اليهود الذين هم عبيد الدنيا، إنما يريدون تحقيق انتصارات كبيرة دون أن يكونوا على استعداد لخسارة أي شيء ذي بال، ومن دون أن يخوضوا حرباً، أو أن يقدموا شيئاً من الأموال والنفائس، بل هم يريدون أن يصلوا إلى أهدافهم عن طريق المكر والخديعة والاحتيال.

ولأجل هذا كانت مجالات تحركهم حين يواجهون الأزمات الكبيرة التي لا بد فيها من الصدام العسكري محدودة ومحصورة وضيقة إلى درجة كبيرة.

5 ـ لقد ابتلي اليهود بحب الدنيا، فقتلهم حب الدنيا بسيف الدنيا. وهذا هو غاية المهانة والخيبة، ومنتهى الخذلان والخسران.

6 ـ قد يمكر الإنسان بكل أحد، ويخدع أي إنسان، حتى أقرب الناس إليه؛ ولكنه لم يكن ليخدع نفسه أبداً.

اللهم إلا أن يكون على شاكلة الحطيئة الشاعر، الذي كان مولعاً بهجو الناس، فلما لم يجد أحداً يهجوه هجا نفسه، فقال:

أبـت شـفـتـاي اليوم إلا تـكـلمـاً                   بهجر فـما أدري الـذي أنـا  قـائـله
أرى لـي شكلاً قـبـح الله وجـهـه                 فـقـبـح مـن وجـه وقـبـح حامله

وهذا بالذات هو ما جرى ليهود بني قريظة، فإنهم رغم اعتراف عدد من كبارهم بالحق وتأكيدهم على أن ما جاء به الرسول «صلى الله عليه وآله» هو محض الصدق، وأنه هو النبي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل، ويعرفونه كما يعرفون أبناءهم، فإنهم أصروا على رفض الاعتراف به، والتسليم والبخوع له.

مع أنهم ما فتئوا يؤكدون على أنهم لم يفارقوا أمر موسى، ولا يريدون مفارقة التوراة، رغم أن نبوة محمد «صلى الله عليه وآله» هي من التوراة، كما أنه ليس في اتباع محمد «صلى الله عليه وآله» ترك للتوراة ولا لموسى، بل هو التزام بهما بنحو أتم وأكمل، وأوفى وأدق وأشمل.

7 ـ لقد امتحن الله سبحانه بني إسرائيل في أمر حساس للغاية، حيث واجههم بالأمر الذي هو أساس الداء الوبيل فيهم، حينما بعث نبياً من غيرهم، فثارت فيهم روح التمييز العنصري، وأكل قلوبهم الحسد. والأنكى من ذلك أنهم كانوا يدركون ذلك ويصرحون به.

ثم يسلمهم اللجاج، وحالة الاستكبار، والصدود عن الحق إلى الدمار والبوار، وبئس المصير، الذي اختاروه لأنفسهم، وفي العذاب هم مشتركون.

خيانة أبي لبابة:

وحين خاف اليهود من مهاجمة علي «عليه السلام» لهم، كما قدمناه، سألوا النبي «صلى الله عليه وآله» أن يرسل إليهم أبا لبابة؛ ليشاوروه في أمرهم فأرسله إليهم. وقال له: «فأتهم، وقل معروفاً»([18]).

قالوا: وكان أبو لبابة مناصحاً لهم، لأن ماله، وعياله، وولده كانت في بني قريظة([19]).

واسم أبي لبابة: زيد بن عبد المنذر، وهو من بني قريظة، ابتاعه النبي «صلى الله عليه وآله» وهو مكاتب، فأعتقه([20]). فلما طلع عليهم انتحبوا في وجهه يبكون، وقالوا: لا طاقة لنا اليوم بقتال من وراءك([21]).

وبما أن نص الواقدي هو أجمع النصوص لخصوصيات ما حدث، فإننا نختاره على ما سواه ملخصاً عنه ثم نشير إلى سائر المصادر التي ذكرت النص كله أو بعضه أو اختصرته، فنقول:

لما اشتد الحصار على بني قريظة طلبوا من النبي «صلى الله عليه وآله» أن يرسل إليهم أبا لبابة، فأرسله إليهم (ليلة السبت).

قال أبو لبابة: فقام كعب بن أسد، فقال: أبا بشير، قد علمت ما صنعنا في أمرك، وأمر قومك يوم الحدائق وبعاث، وكل حرب كنتم فيها. وقد اشتد علينا الحصار وهلكنا، ومحمد يأبى أن يفارق حصننا حتى ننزل على حكمه، فلو زال عنا لحقنا بأرض الشام، أو خيبر، ولم نطأ له حراً أبداً، ولم نكثر عليه جمعاً أبداً.

ثم أنحى أبو لبابة وكعب بن أسد باللائمة على حيي بن أخطب، فقال حيي: ملحمة وبلاء كتب علينا.

ثم استشاروا أبا لبابة في النزول على حكم النبي «صلى الله عليه وآله»، فقال لهم: نعم، فانزلوا. وأشار إلى حلقه، هو الذبح.

ثم ذكر أبو لبابة: أنه ندم، فاسترجع، فقال له كعب: ما لك يا أبا لبابة؟!

قال: «فقلت: خنت الله ورسوله، فنزلت، وإن لحيتي لمبتلة من الدموع، والناس ينتظرون رجوعي إليهم».

ثم ذكر: أنـه أخـذ من وراء الحصن طريقـاً إلى المسجد، فـارتبط إلى الأسطوانة «المخلقة» وتسمى أسطوانة التوبة.

قال: وبلغ رسول الله ذهابي، وما صنعت.

فقال: دعوه، حتى يحدث الله فيه ما يشاء، لو كان جاءني استغفرت له.

قال: فكنت في أمر عظيم خمس عشرة ليلة.

ثم ذكر أنه كان قد رأى قبل ذلك رؤيا، فعبرها له أبو بكر، بقوله: «لتدخلن في أمر تغتم له، ثم يفرج عنك»، فكنت أذكر قول أبي بكر (رض) وأنا مرتبط، فأرجو أن تنزل توبتي([22]).

وعن الزهري: كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد استعمل أبا لبابة على قتالهم، فلما أحدث ما أحدث عزله واستعمل أسيد بن حضير.

وارتبط أبو لبابة سبعاً، وفي نص آخر: (عدة ليال) عند الأسطوانة التي عند باب أم سلمة، في حر شديد، لا يأكل فيهن ولا يشرب وقال: لا أزال هكذا حتى أفارق الحياة، أو يتوب الله عليَّ.

قال: فلم يزل كذلك، حتى ما يسمع الصوت من الجهد. ورسول الله «صلى الله عليه وآله» ينظر إليه بكرة وعشية. ثم تاب الله عليه.

وقد نزلت توبته في بيت أم سلمة في السحر. فاستأذنت رسول الله أن تؤذنه بذلك فأذن لها.

قالت: فقمت على باب الحجرة، وذلك قبل أن يضرب الحجاب، فقلت: يا أبا لبابة، أبشر، فقد تاب الله عليك، فثار الناس ليطلقوه فأبى إلا أن يطلقه رسول الله بيده، فلما خرج رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى الصبح أطلقه.

تقول أم سلمة: رأيت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يحل عنه رباطه، وأن رسول الله ليرفع صوته يكلمه، ويخبره بتوبته، ولا يدري كثيراً مما يقول من الجهد والضعف.

ويقال: مكث خمس عشرة مربوطاً. وكانت ابنته تأتيه بتمرات لفطره، فيلوك منهن ويترك، ويقول: والله، ما أقدر أن أسيغها فرقاً ألا تنزل توبتي. وتطلقه عند وقت كل صلاة، فإن كانت له حاجة توضأ، وإلا أعاد الرباط. وكان الرباط حز في ذراعه، وكان من شعر، وكان يداويه بعد ذلك دهراً. وكان يبين في ذراعه بعدما برئ([23]).

ونقول:

إن لنا مع هذه القضية وقفات:

أولاً: يلاحظ تناقض بين الروايات في مقدار المدة التي بقي أبو لبابة مرتبطاً فيها.

فقد تقدم أنها خمسة عشر يوماً، ورووا ذلك عن أم سلمة([24]).

وفي نص آخر: بضع عشرة ليلة، حتى ذهب سمعه، فما يكاد يسمع وكاد يذهب بصره وحتى خر مغشياً عليه([25]).

وقيل: سبع عشرة ليلة([26]).

وقال ابن إسحاق: خمساً وعشرين ليلة([27]).

وتقدم عن الزهري: أنه ارتبط سبعاً بين يوم وليلة([28]) حتى خر مغشياً عليه.

وقيل: ارتبط قريباً من عشرين ليلة أو عشرين ليلة([29]).

وقيل: ست ليال([30]).

ثانياً: لم نعرف السبب في ذهاب سمع أبي لبابة، ثم كاد أن يذهب بصره، فإن ترك الطعام والشراب، لمدة أسبوع أو أسبوعين، لا يوجب الطرش، ولا العمى، فلماذا يحتاح النبي «صلى الله عليه وآله» إلى أن يرفع صوته ليسمعه؟

كما أننا لا نعرف السبب في أنه غشي عليه، فإن ذلك أيضاً ليس من أسباب الإغماء.

ثالثاً: قد ذكرت رواية الزهري: أنه ارتبط في حر شديد([31]). وكان يوماً صائفاً([32]) لا يأكل ولا يشرب، فتسبب ذلك بذهاب سمعه، وكاد أن يذهب بصره.

ونقول:

قد تقدم في الفصل الأول من غزوة الخندق: قولهم: إن الخندق كانت في أيام شاتية، وبردٍ وقرٍّ شديد، بدءاً من حفر الخندق، وانتهاءً برحيل الأحزاب، فراجع، وقريظة بعد الخندق مباشرة.

رابعاً: قد تقدم أنهم لما عرفوا من أبي لبابة أن نزولهم على حكم رسول الله «صلى الله عليه وآله» يعني الذبح،

قالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ([33]).

وذكر البعض: رواية أخرى عكس هذه، تقول: إنهم قالوا لأبي لبابة: ما ترى؟ أننزل على حكم سعد بن معاذ؟!

فأومأ أبو لبابة إلى حلقه: أنه الذبح، فلا تفعلوا([34]).

خامساً: رواية أبي لبابة للقضية تقول: إنه ارتبط إلى الأسطوانة المخلقة، التي يقال لها: أسطوانة التوبة([35]).

لكن الواقدي يقول: «ويقال: ليس تلك، إنما ارتبط إلى أسطوانة كانت وجاه المنبر، عند باب أم سلمة، زوج النبي «صلى الله عليه وآله». وهذا أثبت القولين»([36]) وهو ما ذكرته رواية الزهري، ويفهم أيضاً من الرواية المنسوبة إلى أم سلمة([37]).

وعن ابن عمر: الأسطوان التي ارتبط إليها أبو لبابة هي الثانية من القبر، وهي الثالثة من الرحبة([38]).

وجدير بالملاحظة هنا: أنه يوجد مسجد يقال له مسجد التوبة بالعصبة، منازل بني جحجبا، من بني عمرو بن عوف من الأوس. والعصبة في غربي مسجد قباء، فيها مزارع، وآبار كثيرة([39]).

قال السمهودي: «وما علمت السبب في تسميته بمسجد التوبة»([40]).

ونقول:

إننا نرجح: أن يكون أبو لبابة، بعد أن فعل، ما فعل التجأ إلى هذا المسجد بالذات، لأنه يقع في منطقته. وأما ما جرى في مسجد النبي، فهو ارتباط العشرة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، وأبو لبابة معهم، إذ لا معنى لأن يأتوا إلى منازل بني جحجبا من بني عمرو بن عوف ليرتبطوا في مسجدهم.

سادساً: بالنسبة للآيات نقول:

1 ـ اختلفوا في الآية التي نزلت في مناسبة توبة أبي لبابة، فهل نزل قوله تعالى: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ..﴾، كما هو الأثبت عند الواقدي، والمقريزي، والحلبي([41])؟

أم نزل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ..﴾([42]

أو نزل قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾([43]

أم أن آية لا تخونوا الله والرسول نزلت أولاً، ثم نزلت آية: ﴿وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ﴾ حين حصول التوبة([44]

2 ـ إن الآيتين الأولى والثانية هما في سورتي التوبة والمائدة، وهما من أواخر ما نزل من القرآن، ومن البعيد جداً أن تبقى هاتان الآيتان معلقتين في الهواء طيلة سنوات عدة، دون أن تجعلا في سورة من السور القرآنية.

3 ـ إن آية سورة التوبة لا تنطبق على قصة أبي لبابة، لأنها تتحدث عن مجموعة من الناس خلطوا عملاً صالحاً، وآخر سيئاً، وليس عن رجل واحد.

ولو سلمنا: أنه أريد الفرد في سياق الحديث عن جماعة،

فإننا نقول: إن هذه الآية لا تدل على أن الله سبحانه قد قبل توبة أبي لبابة. بل أبقت الأمر مؤرجحاً بين الخوف والرجاء. وتحدثت عن إمكانية توبة الله عليهم في المستقبل.

وأجاب الحلبي بأن: «الترجي في حقه تعالى أمر محقق»([45]).

ونقول: إنه محقق في صورة تحقق التوبة، وهذا الترجي يشير إلى أن توبة أبي لبابة كانت ظاهرية لا واقع وراءها.

ومن جهة أخرى: فإن أبا لبابة لم يخلط بين العمل الصالح والآخر السيئ، بل ما صدر منه هو محض العمل السيئ، المتمثل بالخيانة، ثم أتبعه بالتظاهر بالتوبة.

4 ـ روي عن ابن عباس من وجوه: أن آية سورة التوبة قد نزلت في أبي لبابة، ونفر معه سبعة، أو ثمانية، أو سبعة سواه، تخلفوا عن غزوة تبوك، ثم ندموا فتابوا، وربطوا أنفسهم بالسواري الخ..([46]).

5 ـ روي عن ابن عباس، وابن المسيب: أن آية سورة الأنفال: ﴿يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ..﴾ قد نزلت في أبي لبابة حين تخلف عن غزوك تبوك([47]).

6 ـ إن آية سورة المائدة تثبت الكفر والنفاق لأبي لبابة. مع أن التاريخ لا يحدثنا أنه كان من المنافقين.

إلا أن يقال: إن التاريخ إنما يثبت لنا ظواهر الأشخاص، ولا يمكنه الكشف عن بواطنهم وقلوبهم، فإذا جاء النص القرآني فهو المعيار. إذا ثبت أن هذه الآية قد نزلت في أبي لبابة.

7 ـ إن آية سورة المائدة أيضاً لا تنطبق على قصة أبي لبابة، لأنها أيضاً قد تحدثت عن جماعة من الناس كانوا يسارعون في الكفر وقضية أبي لبابة هي قضية شخص واحد.

أضف إلى ذلك: أن أبا لبابة ـ كما تحكي لنا قصته ـ لم يكن يسارع في الكفر، وإنما هي زلة، تداركها على الفور، وتاب منها. كما أن ما صدر منه ـ كما تحكيه القصة أيضاً ـ لم يكن لأجل عدم إيمان قلبه بهذا الدين، وإنما أخذته الشفقة عليهم لما رآهم يبكون.

ولا يفوتنا التنبيه إلى أن آية سورة المائدة، إن جاءت لتقرع أبا لبابة قبل توبته، فهي تأبى عن قبول حصول التوبة منه، لأنها تجعله من المنافقين، ثم تقرنه باليهود لعنهم الله، مع مزيد من التقريع الحاد والقوي.

سابعاً: «ذكر سعيد بن المسيب: أن ارتباطه بسارية التوبة كان بعد تخلفه عن غزوة تبوك، حين أعرض رسول الله «صلى الله عليه وآله» عنه وهو عليه عاتب بما فعل يوم قريظة، ثم تخلف عن غزوة تبوك في من تخلف»([48]).

وبعبارة أخرى: إنه لما أشار إلى حلقه أخبر عنه رسول الله «صلى الله عليه وآله» بذلك وقال له «صلى الله عليه وآله»: أحسبت أن الله غفل عن يدك حيث تشير إليهم إلى حلقك. فلبث جنباً ورسول الله «صلى الله عليه وآله» عاتب عليه. ثم لما غزا تبوك كان أبو لبابة فيمن تخلف. فلما قفل «صلى الله عليه وآله» جاءه أبو لبابة يسلم عليه، فأعرض عنه «صلى الله عليه وآله»، ففزع أبو لبابة، وارتبط بالسارية([49]).

فهذا يعني: أن رسول الله بقي عاتباً عليه بما فعله يوم بني قريظة، إلى غزوة تبوك، فلو كان أبو لبابة قد تاب وارتبط إلى سارية المسجد، ثم إن الله قبل توبته، وحله رسول الله «صلى الله عليه وآله» بيده، فلماذا يبقى عاتباً عليه بعد ذلك كل هذه المدة؟ وهل يمكن أن يرضى الله عن أبي لبابة، ويبقى الرسول غاضباً عليه؟!

كما أن رواية البيهقي والسيرة الحلبية تكاد تكون صريحة في أنه لم يتب مما فعله في بني قريظة.

ثامناً: إن نفس ما يذكرونه هنا، من أن أبا لبابة ارتبط في المسجد إلى أسطوانة التوبة، حتى نزلت توبته في الآيات المتقدمة، ولم يرض بفك نفسه إلا أن يتوب الله عليه، فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاماً ولا شراباً، حتى خر مغشياً عليه، ثم تاب الله عليه وجرى ما جرى من حل رسول الله «صلى الله عليه وآله» له، إنما كان في غزوة تبوك([50]).

تاسعاً: قد ذكرت روايات توبة أبي لبابة: أنه كان لا يأكل ولا يشرب، مع أنه قد تقدم أن ابنته كانت تأتيه بالتمرات، فيلوك منهن ويترك.

إلا أن يقال: إن ذلك كان يسيراً، لا يعتد به.

عاشراً: ذكرت الروايات المتقدمة: أنه لم يرجع إلى النبي «صلى الله عليه وآله» بل أخذ طريقاً إلى المسجد من وراء الحصن، فربط نفسه فيه.

مع أن رواية البيهقي والحلبي السابقة تقول: إنه عاد إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، فطالبه النبي «صلى الله عليه وآله» بما فعل، وأن النبي «صلى الله عليه وآله» بقي عاتباً عليه إلى غزوة تبوك.

حادي عشر: زعمت الرواية السابقة: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد استعمل أبا لبابة على قتال بني قريظة، ثم لما صدر منه ذلك استبدله بابن حضير.

مع أن من البديهي: أن النبي لم يكن يؤمِّر أحداً سوى علي إذا كان  حاضراً.

إلا أن يكون: هو وابن حضير من جملة الذين ولاهم قيادة الجيش في بني قريظة فانهزموا، تماماً كما جرى في خيبر. وقد تقدم: أنه «صلى الله عليه وآله» قد بعث أكابر أصحابه إلى بني قريظة، فنزلوا من حصنهم فهُزموا، فبعث علياً بالراية، فاستنزلهم على حكم الله ورسوله([51]).

أو يقال: إنه كان قد ولاه على بعض الفرق المقاتلة، وكانت القيادة العامة للجيش كله بيد علي «عليه السلام».

ونسجل هنا ملاحظة هامة، وهي: السؤال عن سبب تأخير النبي «صلى الله عليه وآله» إطلاق سراح أبي لبابة إلى حين صلاة الصبح، رغم أنه لم يكن يبعد عنه سوى بضع خطوات.

ثاني عشر: وزعموا: أن أبا لبابة جاء رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال: أنا أهجر دار قومي التي أصبت فيها هذا الذنب، فأخرج من مالي صدقة إلى الله ورسوله؟

فقال النبي «صلى الله عليه وآله»: يجزي عنك الثلث.

فأخرج الثلث، وهجر دار قومه، ثم تاب الله عليه، فلم يبن في الإسلام منه إلا خير حتى فارق الدنيا([52]).

ونقول:

1 ـ لم نفهم السر في أن يجزيه الثلث إذا تصدق به، فهل عقوبة من يخون الله ورسوله هي أن يتصدق بثلث ماله، أو بأزيد من ذلك، لكن الثلث يجزيه؟!

2 ـ إن ظاهر هذه الرواية: أنه تصدق بثلث ماله وهجر دار قومه، قبل أن يتوب الله عليه.

مع أنهم يقولون: إنه لما أذنب اتخذ طريقاً من خلف الحصن إلى المسجد، وربط نفسه فيه، ولم يأت إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله».

3 ـ قولهم: فلم يبن في الإسلام منه إلا خير حتى فارق الدنيا، غير صحيح، فقد تخلف مع من تخلف في غزوة تبوك، وربط نفسه في المسجد ليتوب الله عليه، كما تقدم.

وبعد هذا فلا ندري مدى صدقه في تعهده بهجران مكان خان فيه ربه ونبيه، وكان له بها أموال فتركها([53])، وما إلى ذلك. إن صح أنه كان قد تعهد بذلك.

بل إننا لا نكاد نصدق: أن يكون أبو لبابة قد تصدق بثلث ماله، فضلاً عن أن يتصدق به كله.

ولا نصدق أيضاً: أنه كانت له أموال في بني قريظة فتركها. وذلك لأن لدينا ما يشير إلى اهتمام أبي لبابة بالدنيا إلى درجة أن يرد طلب رسول الله «صلى الله عليه وآله» في أمر يتيم، من أجل عذق من النخل.

يقول الواقدي ما ملخصه: كان أول شيء عتب فيه رسول الله «صلى الله عليه وآله» على أبي لبابة بن عبد المنذر أنه خاصم يتيماً له في عذق، فقضى رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالعذق لأبي لبابة، فصيَّح اليتيم واشتكى إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله».

فقال «صلى الله عليه وآله» لأبي لبابة: هب لي العذق يا أبا لبابة؟ لكي يرده «صلى الله عليه وآله» إلى اليتيم، فأبى أن يهبه له «صلى الله عليه وآله».

فقال «صلى الله عليه وآله» لأبي لبابة: أعطه اليتيم، ولك مثله في الجنة.

فأبى أبو لبابة أن يعطيه.

فقال رجل أنصاري اسمه ابن الدحداحة: أرأيت يا رسول الله، إن ابتعت هذا العذق، فأعطيته هذا اليتيم، ألي مثله في الجنة؟

فقال «صلى الله عليه وآله»: نعم.

فابتاع ابن الدحداحة العذق من أبي لبابة بحديقة نخل كانت له، فأعطاه اليتيم. فلم يلبث ابن الدحداحة أن قتل في حرب أحد شهيداً فقال «صلى الله عليه وآله»: رب عذق مذلل لابن الدحداحة في الجنة([54]).

ما نثق به من قصة أبي لبابة:

وربما يكون لقصة أبي لبابة أساس من الصحة، ولكن ليس بالصورة التي يذكرها المؤرخون.

وذلك بأن يكون قد خان الله ورسوله، وربما تكون توبته قد تأخرت إلى غزوة تبوك، وربما كانت توبته خوفاً من كشف خيانته من جهة جبرئيل، فبادر إلى ما يدفع غائلة الفضيحة، فربط نفسه إلى أسطوانة في المسجد. وربما، وربما..

على أننا نريد أن نُذكِّر القارئ هنا بقول بعضهم: «ليس جريمة أن يخطئ المرء، ولكن الجريمة أن يتفيأ ظلال خطئه».

إلى أن قال: «لأن هذا التمادي هو جريمة نفسية قبل أن تكون مادية، ولذلك تاب أبو لبابة الخ..»([55]).

ولكن الظاهر هو: أن أبا لبابة قد تفيأ ظلال خطئه، وارتكب هذه الجريمة النفسية، حتى خاف الفضيحة، فأظهر التوبة، وربما يكون إظهاره لها بعد نزول قوله تعالى: ﴿وَلاَ يَحْزُنكَ الَذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ﴾([56])، فيرتكبون جريمة الخيانة مرة بعد أخرى، مع اليهود تارة، ومع المنافقين المتآمرين تارة. ولا ندري إذا كانت ثمة خيانات أخرى لم يستطع التاريخ أن يفصح لنا عنها لسبب أو لآخر.

من سب فاطمة فقد كفر:

قال السهيلي: «روى حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن علي بن الحسين: إن فاطمة أرادت حله حين نزلت توبته، فقال: قد أقسمت ألا يحلني إلا رسول الله «صلى الله عليه وآله».

فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «إن فاطمة مضغة (بضعة) مني».

فصلى الله عليه وعلى فاطمة، فهذا حديث يدل على أن من سبها فقد كفر، وأن من صلى عليها فقد صلى على أبيها «صلى الله عليه وآله»([57]).

وقال الحلبي: «ظاهر هذا: أنه (رض) كان يبرّ بإطلاق سيدتنا فاطمة (رض) له، فليتأمل»([58]).

لكن الأشخر اليمني، اعترض على كلام السهيلي بقوله: «وهذا القول عجيب، ولا يؤخذ من هذا الحديث ما ذكره، فليتأمل»([59]).

أما الشامي فناقش في سند الروايـة، بقولـه: «علي بن زيد هو ابن جدعان، ضعيفان، وعلي بن الحسين روايته مرسلة»([60]).

ونقول:

إنه إذا كانت الزهراء بضعة من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فسب بضعة الرسول سب للرسول نفسه، لأن البضعة هي القطعة من الشيء، وسب بعض الشيء سب للشيء نفسه، ولذا حكم السهيلي بكفر من يسب فاطمة، لأنه إنما يسب قطعة وبضعة من النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه.

وأما ما ذكره الشامي: فهو أيضاً غير مقبول؛ لأن الإمام السجاد إمام معصوم، ولو تنزلنا عن ذلك فهو إنما يروي عن أبيه عن جده، عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، كما هو ثابت عنهم «عليهم السلام»، فتخرج الرواية عن حد الإرسال، لتصل إلى أعلى درجات الاعتبار.

أما بالنسبة: لعلي بن زيد بن جدعان الذي هو من رجال صحيح مسلم([61]) فإنما ضعفوه لأنه كان يتشيع.

قال العجلي: كان يتشيع لا بأس به([62]).

وقال الجوزجاني: واهي الحديث ضعيف، وفيه ميل عن القصد([63]).

وقال أبو حاتم: ليس بقوي، يكتب حديثه، ولا يحتج به، وهو أحب إلي من يزيد بن زياد، وكان ضريراً، وكان يتشيع([64]).

وقال يزيد بن زريع: رأيته، ولم أحمل عنه، لأنه كان رافضياً([65]).

وقال ابن عدي: لم أر أحداً من البصريين وغيرهم امتنع من الرواية عنه. وكان يغلو في التشيع. ومع ضعفه يكتب حديثه([66]).

وقال في العبر: كان أحد علماء الشيعة([67]) وكان من أوعية العلم على تشيع قليل فيه([68]).

وقال آخر: وكان علي بن زيد يتشيع، وكان يغلو في التشيع([69]).

وقالوا: أنكر ما حدث به حماد بن سلمة عنه، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، رفعه: إذا رأيتم معاوية على هذه الأعواد فاقتلوه، أو فارجموه([70]).

ومع ذلك كلـه: ومع تضعيفهم له، لأجل ما نسبوه إليه من تشيع قليل!! أو كثير! على ما يظهر، نجد آخرين منهم يوثقونه.

فقد قال يعقوب بن شيبة: ثقة صالح الحديث الخ..([71]).

وقال الترمذي: صدوق، إلا أنه ربما رفع الشيء الذي يوقفه غيره([72]).

وقال أبو سلمة: كان وهيب يضعف علي بن زيد.

قال أبو سلمة: فذكرت ذلك لحماد بن سلمة، فقال: ومن أين كان يقدر وهيب على مجالسة علي، إنما كان يجالس علي وجوه الناس؟!([73]).

وقال ابن الجنيد: قلت لابن معين: علي بن زيد اختلط؟

قال: ما اختلط قط([74]).

واعتبره الجريري من فقهاء البصرة، هو وقتادة وأشعث الحداني([75]).

وقال الذهبي: حسن الحديث صاحب غرائب([76]).

وقال الساجي: كان من أهل الصدق، ويحتمل لرواية الجلة عنه الخ..([77]).

وقال ابن العماد: كان أحد أوعية العلم([78]).

وقال الذهبي أيضاً: أحد علماء التابعين([79])، وقال: كان من أوعية العلم([80]).


 

([1]) المغازي للواقدي ج2 ص503 وراجع حول إسلام هؤلاء: سبل الهدى والرشاد ج5 ص15 وإمتاع الأسماع ج1 ص44 والثقات ج1 ص276.

([2]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص15.

([3]) جوامع السيرة النبوية ص154 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص249 وعيون الأثر ج2 ص71 والبداية والنهاية ج4 ص121 ودلائل النبوية للبيهقي ج4 ص32 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص232 والبحار ج20 ص276 وتاريخ الخميس ج1   = = ص496 ونهاية الأرب ج17 ص190 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص258 والإكتفاء ج2 ص180 والسيرة الحلبية ج2 ص346 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص248.

([4]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص31 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص296 ونهاية الأرب ج17 ص190.

([5]) سيرة ابن إسحاق ص85 و 86 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص496 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص31 و 32 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص274 والإكتفاء ج2 ص180.

([6]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص503 و 504 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص244 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص15 و 16 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص5 والسيرة الحلبية ج2 ص335 و 336.

([7]) راجع النصين المتقدمين في المصادر التالية: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص249 وعيون الأثر ج2 ص71 والبداية والنهاية ج4 ص121 وتاريخ الخميس ج1 ص496 والإكتفاء ج2 ص180 و 181 ونهاية الأرب ج17 ص190 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص247 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص32 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص232 والبحار ج20 ص276 والسيرة الحلبية ج2 ص335 و 336 وراجع: النص الأول في: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص15 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص16.

([8]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص31 وجوامع السيرة النبوية ص154.

([9]) تاريخ الإسلام المغازي ص260 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص20.

([10]) الآية 164 من سورة الأنعام و 15 من سورة الإسراء و 18 من سورة فاطر و 7 من سورة الزمر.

([11]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ص31 وراجع: جوامع السيرة النبوية ص154.

([12]) الإمامة والسياسة ج1 ص54 وقاموس الرجال ج8 ص388 وراجع كتابنا هذا ج7 ص24 و25.

([13]) تاريخ الإسلام (المغازي) ص260 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص20.

([14]) الآية 43 من سورة فاطر.

([15]) الآية 30 من سورة الأنفال.

([16]) المغازي للواقدي ج2 ص501 ـ 503 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص13 ـ 15 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص243 و 244 والسيرة الحلبية ج2 ص335 و 336 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 و 15 ونهاية الأرب ج17 ص188 وتاريخ الخميس ج1 ص494 وأشار إلى ذلك أو ذكره بتفصيل في المصادر التالية: الإكتفاء ج2 ص178 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص15 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص230 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص31 ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص251 وجوامع السيرة النبوية ص153 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص246 و 247 وعيـون الأثـر ج2 ص69 و 70 والبدايـة والنهايـة ج4 ص120 = = وإرشاد الساري ج6 ص330 وفتح الباري ج7 ص318 والمواهب اللدنية ج1  ص115 و 116 ووفاء الوفاء ج1 ص307 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص257 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص246 و 247 ومجمع البيان ج8 ص351 و 352 والبحار ج20 ص211 و 234 وراجع: تفسير القمي ج2 ص190.

([17]) تفسير القمي ج2 ص190 والبحار ج20 ص243 عنه: وفيه غزال بن شمول. بدل نباش بن قيس.

([18]) البحار ج2 ص267 وتفسير فرات (ط سنة 1410 ه‍ ق.) ص175.

([19]) تاريخ الخميس ج1 ص495 والسيرة الحلبية ج2 ص336 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص15.

([20]) أنساب الأشراف ج1 ص483.

([21]) البحار ج20 ص267 وتفسير فرات (ط سنة 1410 ه‍. ق) ص175.

([22]) المغازي للواقدي ج2 ص506 و 507 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص16 و17، وراجع حديث أبي لبابة مختصراً أو مطولاً في: تاريخ الخميس ج1 ص495 والمواهب اللدنية ج1 ص116 وإمتاع الأسماع ج1 ص244 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص256 ـ 258 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص31 وجوامع السيرة النبوية ص153 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص247 و 248 والوفا ص695 والروض الأنف ج3 ص282 ووفاء الوفاء ج2 ص442 ـ 444 وعيون الأثر ج2 ص70 وحدائق الأنوار ج2 ص595 والبداية والنهاية ج4 ص119 و 120 والكامل في التاريخ ج2 ص185 والطبقات الكبرى ج2 ص74 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص273 والإكتفاء ج2 ص179 و 180 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص247 و 248 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص15 و 16 والسيرة الحلبية ج2 ص336 و 337 و 345 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص17 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص229 ـ 233 و 237 و 227 والبحار ج20  ص274 و 275 والثقات ج1 ص275 و 276 ومجمع الزوائد ج6 ص137 وسيرة مغلطاي ص56 و 57.

([23]) المغازي للواقدي ج2 ص507 و 509 وراجع بعض ما تقدم أو كله في ما يلي: عيون الأثر ج2 ص70 والبداية والنهاية ج4 ص120 والمواهب اللدنية ج1 ص116 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص17 و 18 وتاريخ الخميس ج1 ص495 وقاموس الرجال ج2 ص210 و 211 ونهاية الأرب ج17 ص189 ووفاء الوفاء ج1 ص307 وج2 ص442 ـ 444 والإكتفاء ج2 ص178 و 179 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص247 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص15 و 16 والسيرة الحلبية ج2 ص337 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص13 ـ 16 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص231 و 232 وبحار الأنوار ج20 ص275.

([24]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص508 وإمتاع الأسماع ج1 ص245 والسيرة الحلبية ج2 ص345.

([25]) السيرة الحلبية ج2 ص345 وعيون الأثر ج2 ص70 والمواهب اللدنية ج1 ص116 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص18 وتاريخ الخميس ج1 ص495 وقاموس الرجال ج2 ص211 عن الإستيعاب والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 وسيرة مغلطاي ص56 و 57 ووفاء الوفاء ج2 ص443.

([26]) السيرة الحلبية ج2 ص245.

([27]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص17.

([28]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص507 وحدائق الأنوار ج2 ص596 وبهجة المحافل ج2 ص273 والسيرة الحلبية ج2 ص345 ووفاء الوفاء ج2 ص444.

([29]) راجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص229 و 231 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص256 والبداية والنهاية ج4 ص119 و 120 عن موسى بن عقبة، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص17 وسيرة مغلطاي ص56 و 57.

([30]) راجع: العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص31 وجوامع السيرة النبوية ص154 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص248 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص231 وعيون الأثر ج2 ص70 والبداية والنهاية ج4 ص120 والمواهب اللدنية ج1 ص116 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص17 وتاريخ الخميس ج1 ص495 ونهاية الأرب ج17 ص190 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص258 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 والسيرة الحلبية ج2 ص345 وسيرة مغلطاي ص56 و 57.

([31]) المغازي للواقدي ج2 ص507 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 والسيرة الحلبية ج2 ص237.

([32]) المغازي للواقدي ج2 ص501.

([33]) راجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص17 والثقات ج1 ص275 و 276.

([34]) السيرة الحلبية ج2 ص336 وعيون الأثر ج2 ص71 عن أبي عمر بن عبد البر.

([35]) راجع: وفاء الوفاء ج2 ص445.

([36]) المغازي للواقدي ج2 ص507 والسيرة الحلبية ج2 ص337 وغير ذلك من مصادر تقدمت.

([37]) المغازي للواقدي ج2 ص507 و 508 وغير ذلك من مصادر تقدمت.

([38]) وفاء الوفاء ج2 ص445.

([39]) راجع: وفاء الوفاء ج3 ص876.

([40]) وفاء الوفاء ج3 ص877.

([41]) الآية 102 من سورة التوبة. وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص509 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص248 و 249 والروض الأنف ج2 ص282 وحدائق الأنوار ج2 ص596 والبداية والنهاية ج4 ص120 وبهجة المحافل ج1 ص273 والمواهب اللدنية ج1 ص116 وإمتاع الأسماع ج1 ص245 وتاريخ الخميس ج1 ص495 والسيرة الحلبية ج2 ص336 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص15 و 16 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص18 والإكتفاء ج2 ص179 و 180 ووفاء الوفاء ج2 ص444 ونهاية الأرب ج17 ص189 وقاموس الرجال ج2 ص210 و 211 عن القمي وتاريخ الإسلام (المغازي) ص258 وعن دلائل النبوة للبيهقي.

([42]) الآية 41 من سورة المائدة. وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص509 وإمتاع الأسماع ص245.

([43]) الآية 27 من سورة الأنفال وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص509 وعيون الأثر ج2 ص71 عن أبي عمر بن عبد البر، والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص248 والبداية = =  والنهاية ج4 ص120 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص231 وبهجة المحافل ج1 ص273 وإمتاع الأسماع ج1 ص245 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص17 وتـاريخ  الخميس ج1 ص495 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص180 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص15 والسيرة الحلبية ج2 ص336 ووفاء الوفاء ج2 ص442 و 444.

([44])الآية 102 من سورة التوبة. وراجع: بهجة المحافل ج1 ص273 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص15 والسيرة الحلبية ج2 ص337 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص231 والبداية والنهاية ج4 ص120.

([45]) السيرة الحلبية ج2 ص33.

([46]) عيون الأثر ج2 ص71. وراجع: شرح بهجة المحافل ج1 ص273 والمواهب اللدنية ج1 ص116 وتاريخ الخميس ج1 ص495 ووفاء الوفاء ج2 ص444. وفيهم: أنهم كانوا عشرة.

([47]) راجع: تاريخ الإسلام (المغازي) ص257 و 258.

([48]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص257.

([49]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص337 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص16.

([50]) عيون الأثر ج2 ص70 و 71 وعن أبي عمر وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص495 ووفاء الوفاء ج2 ص443 و 444. والسيرة الحلبية ج2 ص337 عن البيهقي والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16.

([51]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي ج6 ص289.

([52]) المغازي للواقدي ج2 ص509 والسيرة النبوية لدحـلان ج2 ص16 والسيرة = = الحلبية ج2 ص346 وراجع: شرح بهجة المحافل ج1 ص273 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص18 و 19 وعيون الأثر ج2 ص70 و 71 وتاريخ الخميس ج1 ص495 ومسند أحمد ج3 ص453 وقاموس الرجال ج2 ص211 ووفاء الوفاء ج2 ص444 و 443.

([53]) وفاء الوفاء ج2 ص296 وراجع: المصادر في الهامش السابق، والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص31 والإكتفاء ج2 ص179 وجوامع السيرة النبوية ص153 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص247 والبداية والنهاية ج4 ص120 وحدائق الأنوار ج2 ص296.

([54]) المغازي للواقدي ج2 ص505.

([55]) التفسير السياسي للسيرة ص283.

([56]) الآية 158 من سورة آل عمران.

([57]) الروض الأنف ج2 ص282 وشرح بهجة المحافل ج1 ص273 والسيرة الحلبية ج2 ص345 وذكر الحديث أيضاً في: سبل الهدى والرشاد ج5 ص18 ووفاء الوفاء ج2 ص443 إلى قوله: «بضعة مني».

([58]) السيرة الحلبية ج2 ص345.

([59]) شرح بهجة المحافل ج1 ص273.

([60]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص8.

([61]) رجال صحيح مسلم لابن منجويه ج2 ص56.

([62]) تهذيب التهذيب ج8 ص323 وتهذيب الكمال ج20 ص438 وراجع ميزان الإعتدال ج3 ص128 وسير أعلام النبلاء ج5 ص207.

([63]) تهذيب التهذيب ج8 ص323 وتهذيب الكمال ج20 ص438 و 439.

([64]) تهذيب التهذيب ج8 ص328 وتهذيب الكمال ج20 ص439 والجرح والتعديل ج6 ص187.

([65]) تهذيب التهذيب ج8 ص324 وتهذيب الكمال ج20 ص441 وميزان الإعتدال ج3 ص127 ومختصر تاريخ دمشق ج17 وص 289.

([66]) تهذيب التهذيب ج8 ص323 وتهذيب الكمال ج20 ص439.

([67]) شذرات الذهب ج1 ص176.

([68]) سير أعلام النبلاء ج5 ص207.

([69]) مختصر تاريخ دمشق 17 ص289.

([70]) تهذيب التهذيب ج8 ص324.

([71]) تهذيب التهذيب ج8 ص323 وتهذيب الكمال ج29 ص438.

([72]) تهذيب التهذيب ج8 ص323 وتهذيب الكمال ج20 ص439 وصحيح الترمذي ج5 ص46 ح 2678 وميزان الإعتدال ج3 ص129 وسير أعلام النبلاء ج5 ص207 ومختصر تاريخ دمشق ج17 ص288.

([73]) تهذيب التهذيب ج8 ص324 وتهذيب الكمال ج20 ص442 والجرح والتعديل ج6 ص186 وميزان الإعتدال ج3 ص289.

([74]) تهذيب التهذيب ج8 ص324 وتهذيب الكمال ج20 ص440 ومختصر تاريخ دمشق ج17 ص289.

([75]) تهذيب التهذيب ج8 ص324 وتهذيب الكمال ج20 ص443 وميزان الاعتدال ج3 ص127 وسير أعلام النبلاء ج5 ص207.

([76]) ديوان الضعفاء والمتروكين ص283.

([77]) تهذيب التهذيب ج8 ص324.

([78]) شذرات الذهب ج1 ص176.

([79]) ميزان الإعتدال ج3 ص127.

([80]) سير أعلام النبلاء ح 5 ص207.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان