قتل مرحب.. أحداث وتفاصيل
علوتم والذي أنزل التوراة:
وعن قول اليهودي لما سمع باسم علي
«عليه السلام»:
علوتم، والذي أنزل التوراة على موسى، نقول:
إن أبا نعيم قال:
«فيه
دلالة على أن فتح علي لحصنهم مقدم في كتبهم، بتوجيه من الله وجهه
إليهم، ويكون فتح الله تعالى على يديه».
وهي التفاتة جليلة من أبي نعيم، ويؤيدها:
أولاً:
ما روي من أنه
«صلى الله عليه وآله»
قد قال لعلي
«عليه
السلام»:
خذ الراية، وامض بها فجبرئيل معك، والنصر أمامك، والرعب مبثوث في قلوب
القوم..
واعلم يا علي، أنهم يجدون في
كتابهم:
أن الذي يدمر عليهم اسمه (إيليا)، فإذا لقيتهم فقل: أنا علي.
فإنهم يُخذلون إن شاء الله تعالى الخ..([1]).
ثانياً:
إن مرحباً نفسه قد هرب لما سمع باسم علي
«عليه
السلام»،
وكانت ظئره قد أخبرته: بأن اسم قاتله حيدرة.
وقد زعموا:
أنها قالت له ذلك: لأنها كانت تتعاطى الكهانة.
والجواب:
إن كونها تتعاطى الكهانة لا يعطيها القدرة على معرفة الغيب الإلهي،
فإنه تعالى وحده ﴿عَالِمُ
الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً، إِلَّا مَنِ
ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ..﴾([2]).
ويشهد لذلك:
أننا وجدنا في جملة الأقوال حول تسمية علي
«عليه
السلام»
بحيدرة: أن اسمه في الكتب المتقدمة أسد، والأسد هو الحيدرة..
وسيأتي بعض الحديث عن ذلك، تحت
عنوان:
«من
سمى علياً
«عليه
السلام»
بحيدرة»
إن شاء الله تعالى.
ولعل هناك من يريد اعتبار قول
اليهودي:
علوتم (أو غلبتم) والذي أنزل التوراة على موسى، قد جاء على سبيل التفؤل
بالاسم..
ونحن وإن كنا لا نصر على بطلان هذا الاحتمال، باعتبار
أن الذين يشتد تعلقهم بالدنيا يتشبثون ولو بالطحلب، ويخافون حتى من
هبوب الرياح، ويتشاءمون ويتفاءلون بالخيالات والأشباح..
غير أننا نقول:
إنه مع وجود الشواهد والمؤيدات لما ذكره أبو نعيم، لا
يبقى مجال لترجيح الاحتمال الآخر..
ونزيد هنا:
أن ما أكد لهم صحة ما ورد في كتبهم، هو ما تناهى إلى مسامعهم من مواقف
علي
«عليه
السلام»
التي تظهر أنه أهل لما أهَّله الله تعالى له، كما دلت عليه معالي أموره
في المواقع المختلفة في الحرب، وفي السلم على حد سواء، ومن ذلك مبيته
«عليه
السلام»
على فراش النبي
«صلى الله عليه وآله»
ليلة الهجرة، وجهاده في بدر، وأحد، والخندق، وقريظة، والنضير، و.. و..
الخ..
قتل علي
مرحباً والفرسان الثمانية:
قالوا:
ثم خرج أهل الحصن إلى ساحة القتال.. أما رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
فإنه لما أصبح أرسل إلى علي
«عليه
السلام»
وهو أرمد، فتفل في عينيه. قال علي
«عليه
السلام»:
فما رمدت حتى الساعة. ودعا له، ومن معه من أصحابه بالنصر.
فكان أول من
خرج
إليهم الحارث أبو زينب، أخو مرحب في عادية (أي ممن يعدون للقتال على
أرجلهم) ـ قال الحلبي: وكان معروفاً بالشجاعة ـ فانكشف المسلمون، وثبت
علي
«عليه
السلام»،
فاضطربا ضربات، فقتله علي
«عليه
السلام».
ورجع أصحاب الحارث إلى الحصن، وأغلقوا عليهم، ورجع
المسلمون إلى موضعهم..
وخرج مرحب وهو يقول:
قـد
عـلـمـت
خـيـبر
أني مـرحـب
الـخ....
فحمل عليه علي
«عليه
السلام»
فقطَّره (أي ألقاه على أحد قطريه، أي جانبيه) على الباب، وفتح الباب،
وكان للحصن بابان([3]).
ورجع أصحاب الحارث إلى الحصن، وبرز عامر، وكان رجلاً
جسيماً طويلاً، فقال رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
حين برز وطلع عامر:
«أترونه
خمسة أذرع»؟
وهو يدعو إلى البراز.
فخرج إليه علي بن أبي طالب «عليه السلام»، فضربه ضربات،
كل ذلك لا يصنع شيئاً، حتى ضرب ساقيه فبرك، ثم ذفَّف عليه، وأخذ سلاحه.
قال ابن إسحاق:
ثم برز ياسر وهو يقول:
قـد
عـلـمـت
خـيـبر
أني يـاســر
شـاكـي
الســـلاح
بـطــل
مغاور
إذا الـلـيـوث
أقـبـلـت
تبــــادر
وأحجمـت
عن صـولـة
المســاور
إن حسـامي
فـيـه
مـوت
حـاضـر
قال محمد بن عمر:
وكان من أشدائهم، وكان معه حربة يحوس الناس بها حوساً.
فبرز له علي بن أبي طالب، فقال له
الزبير بن العوام:
أقسمت إلا خليت بيني وبينه، ففعل .
فقالت صفية لما خرج إليه الزبير:
يا رسول الله، يقتل ابني؟
فقال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
«بل
ابنك يقتله، إن شاء الله»،
فخرج إليه الزبير وهو يقول:
قـد
عـلـمـت
خـيـبر
أني زبــــار
قــرم
لـقـرم
غـير
نـكـس
فـــرار
ابـن
حمـاة
المـجــد،
ابن الأخيـار
يـاســر
لا يـغـررك
جمـع
الـكفـار
فجمعهم مثـل
السـراب
الخـتـار
ثم التقيا فقتله الزبير.
قال ابن إسحاق:
وذكر أن علياً هو الذي قتل ياسراً.
قال محمد بن عمر:
وقال رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
للزبير لما قتل ياسراً: فداك عم وخال.
ثم قال:
«لكل
نبي حواري، وحواريي الزبير وابن عمتي»([4]).
وفي حديث سلمة بن الأكوع عند مسلم،
والبيهقي:
أن مرحباً خرج وهو يخطر بسيفه.
وفي حديث ابن بريدة، عن أبيه:
خرج مرحب وعليه مغفر معصفر يماني، وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه،
وهو يرتجز ويقول:
قـد
عـلـمـت
خـيـبر
أني مـرحـب
شـاكــي
الســلاح
بـطــل
مجرب
إذا الـلـيــوث
أقـبـلـت
تـلـهـب
قال سلمة:
فبرز له عامر (أي عامر بن الأكوع) وهو يقول:
قـد
عـلـمـت
خـيـبر
أني
عــامـر
شـاكــي
الســلاح
بـطــل
مغامر
قال:
فاختلفا ضربتين، فوقع سيف مرحب في ترس عامر، فذهب عامر
يسفل له، وكان سيفه فيه قصر، فرجع سيفه على نفسه، فقطع أكحله، وفي
رواية: أصاب عين ركبته، وكانت فيها نفسه.
قال بريدة:
فبرز مرحب وهو يقول:
قـد
علـمـت
خـيـبر
أني مـرحـب
شـاكــي
الســلاح
بـطــل
مجرب
إذا الـلـيـوث
أقـبـلـت
تـلـهــب
وأحـجـمـت
عـن
صـولة
المغلب
فبرز له علي بن أبي طالب
«عليه
السلام»،
وعليه جبة أرجوان حمراء قد أخرج خملها، وهو يقول:
أنـا
الـذي
سمتني أمـي
حـيــدرة
كـلـيـث
غـابـات
كريـه
المنــظرة
أوفـيـهم
بالصـاع
كيـل
السنـدرة
فضرب مرحباً ففلق رأسه، وكان الفتح([5]).
وفي نص آخر:
أن علياً
«عليه
السلام»
أجاب مرحباً بقوله:
أنـا
الـذي
سمتني أمـي
حـيــدرة
كـلـيـث
غـابـات
كريـه
المنــظرة
عـبـل
الـذراعين
شديد القصـورة
أضـرب
بالسـيـف
وجـوه
الكفرة
ضـرب
غـلام
مـاجــد
حـــزوَّرة
أكيلكم بالسيـف
كيـل
السنـدرة([6])
وفي حديث بريدة، فاختلفا ضربتين، فبدره علي «عليه
السلام» بضربة (بذي الفقار) فقدَّ الحجر، والمغفر، ورأسه، ووقع في
الأضراس، وأخذ المدينة.
وفي نص آخر:
سمع أهل العسكر صوت ضربته. وقام الناس مع علي حتى أخذ
المدينة([7]).
وفي نص آخر:
ضربه على هامته حتى عض السيف منها بأضراسه، وسمع أهل
العسكر صوت ضربته.
قال:
وما تتام آخر الناس مع علي
«عليه
السلام»
حتى فتح لأولهم([8]).
وفي نص آخر:
«فخرج
يهرول هرولة، فوالله ما بلغت أخراهم حتى دخل الحصن.
قال جابر:
فأعجلنا أن نلبس أسلحتنا.
وصاح سعد:
اربع يلحق بك الناس.
فأقبل حتى ركزها قريباً من الحصن الخ..»([9]).
وفي بعض النصوص:
«أن
مرحباً لما رأى أن أخاه قد قتل خرج سريعاً من الحصن في سلاحه، أي وقد
كان لبس درعين، وتقلد بسيفين، واعتم بعمامتين، ولبس فوقهما مغفراً،
وحجراً قد ثقبه قدر البيضة، ومعه رمح لسانه ثلاثة أسنان، وذكر أن
ياسراً خرج بعد مرحب»([10]).
ولم يكن بخيبر أشجع من مرحب ولم يقدر أحد من أهل
الإسلام أن يقاومه في الحرب([11]).
وزعموا:
أن محمد بن مسلمة قتل أسيراً أيضاً([12]).
وعن علي «عليه السلام» قال:
لما قتلت مرحباً، جئت برأسه إلى رسول الله
«صلى الله عليه وآله»([13]).
قال الدياربكري:
قيل هذا ـ أي قتل علي مرحباً ـ هو الصحيح، وما نظمه بعض الشعراء يؤيده،
وهو:
عـلي حمى الإسلام من قتل مرحب غـداة
اعـتـلاه بـالحســام المضخم
وفي رواية قتله محمد بن مسلمة([14]).
وسيأتي الكلام حول ذلك، وأنه مكذوب ومختلق.
ولنا مع هذه النصوص وقفات عديدة، نكتفي منها بما يلي:
بالنسبة لما روي من أن علياً
«عليه
السلام»
قد قطع رأس مرحب، وجاء به إلى رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
نقول:
أولاً:
هو أمر لم نعهده منه
«عليه
السلام»
في مختلف مواقفه الجهادية..
وثانياً:
إننا لا نرى مبرراً لتصرف كهذا. فإن النبي
«صلى الله عليه وآله»
وكذلك علي
«عليه
السلام»
لم يكونا ممن يرغب في التشفي من الأشخاص، لا في حياة أولئك الأشخاص،
ولا بعد مماتهم، بل كانا يريدان دفع الفساد، وإقامة الدين.
ثالثاً:
إنه إذا كان
«عليه
السلام»
قد شق رأس مرحب وجسده نصفين حتى بلغ السرج([15])،
كما ذكرته بعض الروايات؛ فإن قطع الرأس في هذه الحال يصبح بمثابة جمع
أشلاء، وحمل قطع ذات منظر مثير، وهو أمر لا يليق فعله بالإنسان العادي،
فكيف بأنبل الناس، وأشرفهم، وأكرمهم؟!
وأما قصة الزبير، وأن أمه قد خافت عليه، حين برز لذلك
اليهودي، فنحن نشك في صحتها، وذلك لما يلي:
أولاً:
إنهم يقولون: إن هذه القضية قد حصلت في بني قريظة، حيث
برز أحد الأعداء، فقال النبي
«صلى الله عليه وآله»
للزبير: قم يا زبير.
فقالت أمه صفية:
واحدي يا رسول الله.
فقال «صلى الله عليه وآله»:
أيهما علا صاحبه قتله، فعلاه الزبير فقتله. فنفله رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
سلبه وقال: السلب للقاتل([16]).
ثم نجد الحلبي يشكك في هذه القضية
أيضاً، فيقول:
فليتأمل، فإني لم أقف في كلام أحد على أن بني قريظة وقعت منهم مقاتلة
بالمبارزة([17])
فأي ذلك هو الصحيح؟!.
ثانياً:
قولهم: إنه
«صلى الله عليه وآله»
قد قال للزبير حين قتل ياسراً: فداك عم، وخال.. يثير أمامنا سؤالاً عن
السبب في اختيار تفديته بالعم والخال، دون الأب والأم كما هو المعتاد،
ومن هو العم المقصود بالتفدية؟! فهل أراد أن يفديه بعمه المشرك أبي
لهب، أو بعمه الآخر أبي طالب، الذي يزعمون أنه مات مشركاً أيضاً؟! مع
أن دعواهم الثانية في أبي طالب محض افتراء وبهتان، كما أثبتناه في
كتابنا:
«ظلامة
أبي طالب عليه السلام».
ومن هو الخال الذي يقصدونه؟ وهل كان مسلماً أم مشركاً؟!
ولماذا ترك
«صلى الله عليه وآله»
تفدية الزبير بأبويه، مع أنهم يزعمون أنه كان قد فداه بهما في أحد، وفي
بني قريظة([18]).
قال ابن عبد البر:
ثبت عن الزبير أنه قال: جمع لي رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
أبويه مرتين: يوم أُحد، ويوم بني قريظة.
فقال:
ارم فداك أبي وأمي([19]).
ورغم:
أنهم يقولون هذا، فإنهم ينكرونه في موضع آخر فيقولون أيضاً: إنه
«صلى الله عليه وآله»
لم يجمع أبويه لأحد إلا لسعد بن أبي وقاص([20]).
ثالثاً:
زعموا: أنه
«صلى الله عليه وآله»
قد قال للزبير حين قتل ياسراً:
«لكل
نبي حواري، وحواريي الزبير وابن عمتي».
مع أنهم يقولون:
إن النبي
«صلى الله عليه وآله»
قال له ذلك، حين جاءه بخبر بني قريظة([21]).
فأيهما هو الصحيح؟ وإن كنا نعتقد بعدم صحة أي منهما
أيضاً.
فقد ذكرنا في غزوة بني قريظة:
أن النبي
«صلى الله عليه وآله»
إنما استخبر عن أمر بني قريظة بواسطة سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، فلم
يكن هناك حاجة لإرسال الزبير.
رابعاً:
صرحت بعض الروايات: بأن الزبير كان أيضاً قد طلب الراية يوم خيبر، وأنه
كان قد فرَّ بها، وأنه
«صلى الله عليه وآله»
لم يعطه إياها بل قال
«صلى الله عليه وآله»:
والذي كرم الله وجه محمد لأعطين الراية رجلاً لا يفر، هاك يا علي([22]).
وسيأتي بعض الحديث عن ذلك إن شاء الله تعالى..
وأما الحديث الذي يقول:
لكل نبي حواري, وإن حواريي الزبير, وابن عمتي..
فلا نشك:
في أنه مكذوب على الرسول «صلى الله عليه وآله»..
ويكفي أن نذكر شاهداً على ذلك:
أولاً:
روى الكشي بسنده عن أسباط بن سالم, عن الإمام الكاظم
«عليه
السلام»
أنه قال: إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ: أين حواريّو محمد بن عبد
الله «صلى الله عليه وآله», الذين لم ينقضوا العهد, ومضوا عليه؟!
فيقوم سلمان, والمقداد, وأبو ذر.
ثم ينادي منادٍ:
أين حواريّو علي بن أبي طالب «عليه السلام» الخ..؟([23]).
ثانياً:
ما معنى وما فائدة قوله في الحديث المزعوم: وابن عمتي؟!
فهل لم يكن الناس يعلمون: أن الزبير كان ابن عمة رسول
الله «صلى الله عليه وآله»؟!
وما فائدة كونه كذلك, إذا كان سوف يخالف أمره
«صلى الله عليه وآله»,
ويخرج على أخيه ووصيه, وابن عمه علي بن أبي طالب
«عليه
السلام»؟!.
وسيخرج زوجته
«صلى الله عليه وآله»
من خدرها, ويسير بها في البلاد لتعينه على حرب علي
«عليه
السلام»..
لقد كان ابن نوح أقرب إلى نوح من أي إنسان آخر، ولكن
ذلك لم ينفعه، حين آثر الكفر على الإيمان والخيانة على الأمانة..
ولقد كان أبو لهب أقرب الناس إلى رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
من الزبير, ولكن ذلك لم ينفعه أيضاً، حين اختار أن يحارب الله ورسوله..
بل إن قرابته هذه سوف تزيد من عذابه في نار جهنم, لأنه
يكون بها أشد إساءة إلى الرسول
«صلى الله عليه وآله»,
وإلى دين الله تعالى, حيث ستكون سبباً
في صدود
الناس عنه
«صلى الله عليه وآله»
وعن الدين الذي جاء به.
كما أن هذه القرابة القريبة آكد في إقامة الحجة عليه,
بسبب شدة قربه من الرسول
«صلى الله عليه وآله»,
واطِّلاعه على أحواله, وعلى صدقه وصحة ما جاء به..
ثالثاً:
من أين لنا، وكيف يمكن إثبات أن لكل نبي حوارياً؟ فإن القرآن قد صرح:
بأن عيسى
«عليه
السلام»
هو الذي كان له حواريون، كما أن الروايات تقول: إن للنبي الأعظم
«صلى
الله عليه وآله»
أيضاً حواريين..
ولم نجد مثل ذلك
لسائر الأنبياء «عليهم
السلام»,
سواء أكانوا من أولي العزم،
أم من غيرهم.
رابعاً:
بماذا استحق الزبير أن يكون حواري رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
دون سائر الصحابة, ممن كانوا أقرب إليه
«صلى الله عليه وآله»
منه بمراتب؟!
خامساً:
روى هشام بن زيد، عن أنس, قال: سألت النبي
«صلى الله عليه وآله»:
من حواريك يا رسول الله؟!
فقال:
الأئمة بعدي اثني عشر، من صلب علي وفاطمة «عليهما السلام».
وهم حواريي، وأنصار ديني([24]).
وفي نص آخر:
عن أبي المفضل, عن رجاء بن يحيى العبرتائي الكاتب, عن محمد بن خلاد
الباهلي, عن معاذ بن معاذ, عن ابن عون, عن هشام بن زيد, عن أنس بن
مالك, قال:
سألت رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
عن حوارييّ عيسى
«عليه
السلام»،
فقال: كانوا من صفوته وخيرته, وكانوا اثني عشر، مجردين, مكمشين في نصرة
الله ورسوله, لا زهو فيهم, ولا ضعف, ولا شك, كانوا ينصرونه على بصيرة
ونفاذ، وجدٍّ وعناء.
قلت:
فمن حواريك يا رسول الله؟
فقال:
الأئمة من بعدي اثنا عشر، من صلب علي وفاطمة, هم حواريي, وأنصار ديني
عليهم من الله التحية والسلام([25]).
من الواضح:
أن سياسة هؤلاء تقضي بتعظيم كل من ناوأ علي بن أبي طالب
«عليه
السلام»
وحاربه، فمن الطبيعي إذاً أن نجدهم يهتمون بمنح الزبير الأوسمة وأن
ينحلوه الكثير من البطولات التي لا يستحقها، بل من الطبيعي أن يختلسوا
مواقف أمير المؤمنين
«عليه
السلام»
ويمنحوها لأعدائه الذين أحبوهم لبغضهم علياً
«عليه
السلام».
والزبير ـ كما هو معلوم ـ قاد جيشاً وحارب علياً
«عليه
السلام»
وتسبب بقتل الألوف من المسلمين والمؤمنين، ولكن الدائرة قد دارت عليه
حتى قتل وهو منهزم كما دلت عليه النصوص الكثيرة.
وأما
بشارته «عليه
السلام»
لابن جرموز
ـ قاتل الزبير ـ
بالنار،
فإنما
هي
إخبار بالغيب عما سيؤول إليه أمر
ابن جرموز
من المروق من الدين،
وصيرورته خارجياً، وليس لأجل
أن الزبير قد تاب وانصرف عن الحرب.
ولو كان لأجل ذلك لكان أقاده به، ولما طلَّ دمه.
وإنما قلنا:
إنه قتل وهو منهزم، استناداً إلى نصوص كثيرة، نذكر منها ما يلي:
1 ـ
إنه حينما ذكّر علي «عليه
السلام»
الزبير بقول رسول الله «صلى
الله عليه وآله»
له: «أما
إنك
ستحاربه، وأنت ظالم له».
رجع الزبير إلى صفوفه، واتهمه ولده عبد الله بالجبن
وقال له:
ما أراك إلا جبنت عن سيوف بني عبد المطلب، إنها لسيوف
حداد، تحملها فتية أنجاد.
فقال الزبير:
ويلك، أتهيجني على حربه؟! أما إني قد حلفت ألا أحاربه.
قال:
كفِّر
عن يمينك، لا تتحدث نساء قريش أنك جبنت، وما كنت جباناً.
فقال الزبير:
غلامي
مكحول حر كفارة عن يميني.
ثم أنصل سنان رمحه، وحمل على عسكر علي «عليه
السلام»
برمح لا سنان له.
فقال علي «عليه السلام»:
أفرجوا له، فإنه محرج.
ثم عاد إلى أصحابه، ثم حمل ثانية، ثم ثالثة.
ثم قال لابنه:
أجبناً ـ ويلك ـ ترى؟!
فقال:
لقد أعذرت([26]).
2 ـ
وقد قال همام الثقفي:
أيـعتق مكحولاً ويعـصي نــــبيه لقد تاه عن قصد
الهدى ثــم عوق
أينوي بهذا الصدق والبر والتـقى
سيعــــلم يوماً من يبر ويصـدق([27])
3 ـ
وقد قال النجاشي الشاعر، في رثائه لعمرو بن محصن
الأنصاري:
ونحن تركــنا عـند مختلف القنـا
أخـــاكم عـــبيد الله لحـماً
ملحّبـا
بصفين لــما ارفض عنه رجالكم ووجـه
ابــــن عتاب تركناه ملغبا
وطلحة مــن بعد الزبير، ولم ندع لضبة في
الهيجــا عريفـاً
ومنكبـا([28])
4 ـ
وروى البلاذري: أن ابن الزبير لما جبَّن أباه وعيَّره،
قال له: حلفت ألا أقاتله.
قال:
فكفر عن يمينك.
فأعتق غلاماً له يقال له:
سرجس. وقام في الصف بينهم([29]).
5 ـ
و قال عبد الرحمن بن سليمان:
لم أر كـــــاليوم أخــــا إخـــوان أعـجب
مــن مــكفر الأيمــــان
بالعتق فــي معصيـة
الـرحـمن
6 ـ
وقال رجل من شعرائهم:
يعتق مكــحولاً لــــصون ديـــنه كفـــارة
لله عــــن يـمينــــــــه
والنكـــث قـــد لاح على جبينه([30])
7 ـ
وكتب «عليه
السلام»
إلى أهل الكوفة يخبرهم بالفتح، ويقول:
«فقتل طلحة والزبير. وقد تقدمت إليهما بالمعذرة، وأبلغت
إليهما بالنصيحة، واستشهدت عليهما صلحاء الأمة، فما أطاعا المرشدين،
ولا أجابا الناصحين الخ..»([31]).
8 ـ
وعن سليم في حديث قال: ونشب القتال، فقتل طلحة، وانهزم
الزبير([32]).
9 ـ
وعن الحسن قال: إن علياً
«عليه
السلام»
لما هزم طلحة والزبير أقبل الناس مهزومين فمروا بامرأة حامل الخ..([33]).
10 ـ
وذكر الحاكم:
أن
علياً «عليه
السلام»
نادى في الناس: أن لا ترموا أحداً بسهم ولا تطعنوا برمح، ولا تضربوا
بسيف، ولا تطلبوا القوم.. إلى أن قال:
ثم الزبير قال لأساورة كانوا معه:
ارموهم برشق. وكأنه أراد أن ينشب القتال.
فلما نظر أصحابه إلى الانتشاب لم ينتظروا، وحملوا.
فهزمهم الله، ورمى مروان طلحة الخ..([34]).
وهذا يدل:
على أن الوقعة الفاصلة قد حصلت بفعل الزبير نفسه وحضوره، وأن
الهزيمة وقعت عليه وعلى أصحابه.
11 ـ
وذكر الطبري: أنه «لما انهزم الناس في صدر النهار نادى الزبير: أنا
الزبير، هلموا إليَّ
أيها الناس، ومعه مولى له ينادي: أعن حواري رسول الله «صلى
الله عليه وآله»
تنهزمون؟!.
وانصرف الزبير نحو وادي السباع»([35]).
12 ـ
وذكروا أيضاً: أن كعب بن سور أقبل إلى عائشة، فقال:
أدركي، فقد أبى القوم إلا القتال، فركبت، وألبسوا هودجها الأدراع، ثم
بعثوا جملها، فلما برزت من البيوت وقفت واقتتل الناس، وقاتل الزبير،
فحمل عليه عمار بن ياسر، فجعل يحوزه بالرمح والزبير كاف عنه، ويقول:
أتقتلني، يا أبا اليقظان؟
فيقول:
لا، يا أبا عبدالله.
وإنما كف عنه الزبير لقول رسول الله «صلى
الله عليه وآله»:
تقتل عماراً الفئة الباغية. ولولا ذلك لقتله.
وبينما عائشة واقفة إذ سمعت ضجة شديدة.. فقالت: ما هذا؟
قالوا:
ضجة العسكر.
قالت:
بخير
أو
بشر؟
قالوا:
بشر.
فما فجأها إلا الهزيمة.
فمضى الزبير من سننه في وجهه، فسلك وادي السباع، وجاء
طلحة سهم غرب الخ..([36]).
أضاف ابن الأثير قوله عن الزبير:
وإنما فارق المعركة، لأنه قاتل تعذيراً لما ذكر علي «عليه
السلام»([37]).
13 ـ
ونص آخر يقول: «لما انهزم الناس يوم الجمل عن طلحة
والزبير، مضى الزبير حتى مرّ
بمعسكر الأحنف الخ..»([38]).
14 ـ
وعن محمد بن
إبراهيم
قال: «هرب الزبير على فرس له، يدعى بذي الخمار، حتى وقع بسفوان، فمر
بعبد الله بن سعيد المجاشعي الخ..»([39]).
15 ـ
وفي نص آخر: «هرب الزبير إلى المدينة، حتى أتى وادي
السباع، فرفع الأحنف
صوته الخ..»([40]).
16 ـ
وعن أبي مخنف وغيره: مضى الزبير حين هزم الناس يريد
المدينة، حتى مر بالأحنف أو قريباً منه الخ..([41]).
17 ـ
ولعل ما ذكره البلاذري إذا ضممناه إلى ما تقدم يصلح
بياناً لحقيقة ما جرى.
فقد روى عن قتادة، قال:
لما اقتتلوا يوم الجمل كانت الدبرة على أصحاب الجمل،
فأفضى علي
إلى الناحية التي فيها الزبير، فلما واجهه قال له: يا أبا عبد الله،
أتقاتلني بعد بيعتي وبعدما سمعت
من
رسول الله في قتالك لي ظالماً؟!
فاستحيا وانسل على فرسه منصرفاً إلى المدينة، فلما صار
بسفوان لقيه رجل من مجاشع يقال له: النَعر بن زمام، فقال له: أجرني.
قال النعر:
أنت
في جواري يا حواري رسول الله.
فقال الأحنف:
وا عجباً!! الزبير لفّ بين غارين (أي جيشين) من المسلمين، ثم قد نجا
بنفسه الخ..([42]).
فالمراد بانصراف الزبير هو انصراف الهزيمة، لا انصراف
التوبة كما هو ظاهر هذا النص إذ لو كان قد انصرف عن القتال على سبيل
التوبة، لما احتاج إلى من يجيره.
وقد صرحت سائر النصوص التي ذكرناها آنفاً بهذه الهزيمة.
قد تقدم:
أن النبي
«صلى
الله عليه وآله»،
قال لعلي
«عليه
السلام»:
قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله..
ولكن نصاً آخر ذكر تفصيلاً لهذه الوصية يحتاج إلى
الكثير من الدراسة والتأمل، فإنه
«صلى
الله عليه وآله»
حين دفع إليه الراية قال له:
«سر
في المسلمين إلى باب الحصن، وادعهم إلى إحدى ثلاث خصال: إما أن يدخلوا
في الإسلام، ولهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم، وأموالهم لهم..
وإما أن يذعنوا للجزية والصلح، ولهم الذمة، وأموالهم
لهم.
وإما الحرب.
فإن اختاروا الحرب فحاربهم.
فأخذها وسار بها والمسلمون خلفه، حتى وافى باب الحصن،
فاستقبله حماة اليهود، وفي أولهم مرحب يهدر كما يهدر البعير.
فدعاهم إلى الإسلام فأبوا، ثم دعاهم إلى الذمة فأبوا،
فحمل عليهم أمير المؤمنين
«عليه
السلام»
فانهزموا بين يديه ودخلوا الحصن وردوا بابه، وكان الباب حجراً منقوراً
في صخر، والباب من الحجر في ذلك الصخر المنقور كأنه حجر رحى، وفي وسطه
ثقب لطيف، فرمى أمير المؤمنين
«عليه
السلام»
بقوسه من يده اليسرى، وجعل يده اليسرى في ذلك الثقب الذي في وسط الحجر
دون اليمنى، لأن السيف كان في يده اليمنى، ثم جذبه إليه فانهار الصخر
المنقور، وصار الباب في يده اليسرى.
فحملت عليه اليهود، فجعل ذلك ترساً له، وحمل عليهم فضرب
مرحباً فقتله، وانهزم اليهود من بين يديه؛ فرمى عند ذلك الحجر بيده
اليسرى إلى خلفه، فمر الحجر الذي هو الباب على رؤوس الناس من المسلمين
إلى أن وقع في آخر العسكر.
قال المسلمون:
فذرعنا المسافة التي مضى فيها الباب فكانت أربعين
ذراعاً، ثم اجتمعنا على الباب لنرفعه من الأرض وكنا أربعين رجلاً حتى
تهيأ لنا أن نرفعه قليلاً من الأرض»([43]).
ونقول:
إننا نذكر القارئ بالأمور التالية:
1 ـ
إن من ينقض العهود، ويخون المواثيق، إنما يعامله الناس
بحزم وبقسوة، ولا يعطونه عادة أي خيار، ولا يمنحونه أية فرصة للاختيار،
أما إذا تكررت تلك الخيانات، وظهر تصميمه على ممارسة العدوان في أية
فرصة تسنح له، فلا يترددون في سحقه، وتدميره، واقتلاعه من جذوره..
ولكن نبينا الأعظم «صلى الله عليه وآله»، لم يعامل
اليهود بهذه الروحية، بل عاملهم بالعفو وبالتسامح، وبالسعي لمجرد إبطال
كيدهم، ودفع شرهم، رغم تكرر خياناتهم له، وإصرارهم على نقض العهود،
وإعلانهم الحرب عليه.
فها هو يقدم لهم خيارات تمنحهم الحياة، وتعفيهم من
العقوبة. بل إن بعض تلك الخيارات يمنحهم حصانة، وحقوقاً، تساويهم مع
سائر من هم معه
«صلى
الله عليه وآله»..
إنه يقول لهم:
إن أسلموا حقنوا دماءهم، واحرزوا أموالهم، ولهم ما
للمسلمين، وعليهم ما عليهم.
وإن لم يفعلوا ذلك.. فإنه أيضاً لا ينظر إليهم نظرة
العدو والمحارب، بل هو يعطيهم فرصة أخرى للعيش بأمن وسلام، وتكون
أموالهم لهم، ولهم ذمة المسلمين.
2 ـ
إن اقتلاع باب خيبر كان كافياً لإقناع اليهود بعدم جدوى
الحرب، وبأن رسول الله
«صلى
الله عليه وآله»،
ووصيه، وأولياءه مؤيدون من الله.. وكان كافياً لأن تستسلم قلوبهم لنداء
الضمير والوجدان، ويعلنوا إيمانهم وإسلامهم.
ولكن ذلك لم يكن، بل عكسه هو الذي كان، فقد حملوا على
علي
«عليه
السلام»
مرة أخرى..
فحمل عليهم وهزمهم..
3 ـ
ثم رمى ذلك الباب من يده إلى مسافات بعيدة، فكان ذلك
يكفي رادعاً آخر لهم عن غيهم، ودافعاً لهم ليثوبوا إلى رشدهم، وليعلنوا
إيمانهم. ولكن ذلك لم يحصل أيضاً.
4 ـ
والأغرب من كل هذا وذاك: أن النبي
«صلى
الله عليه وآله»
لم يغيِّر طريقة تعامله معهم، بل بقي يعتمد سياسة الصفح، والرفق
والتخفيف. فهو بعد كل هذا العناد، والتحدي والإصرار على مواصلة الحرب،
لم ينتقم منهم، ولم يواجههم بما يستحقونه، بل قبِل بأن يعملوا له في
الأرض، وأن يعطوه نصف ما يحصل منها.. مع أنهم لا يستحقون البقاء على
قيد الحياة، فضلاً عن أن يكون
«صلى
الله عليه وآله»
هو الذي يهيئ لهم الفرصة للحصول على ما يعتاشون به، ويلبي لهم حاجاتهم.
قد تقدم:
أن علياً
«عليه
السلام»
قال في مواجهة مرحب:
أنـا
الـذي
سمتني أمـي
حـيـدرة
كـلـيـــث
غـابــات
كــريه....
وقال ثابت بن قاسم:
في تسمية علي
«عليه
السلام»
بحيدرة، ثلاثة أقوال:
أحدها:
أن اسمه في الكتب المتقدمة أسد، والأسد هو الحيدرة.
الثاني:
أن أمه فاطمة بنت أسد
«رضي
الله عنها»
حين ولدته كان أبوه غائباً، فسمته باسم أبيها. فقدم أبوه فسماه علياً.
الثالث:
أنه كان لقب في صغره بحيدرة، لأن
«الحيدرة»
الممتلئ لحماً مع عظم بطن. وكذلك كان علي([44]).
وذكر ذلك الحلبي أيضاً ولكنه لم يشر إلى أن اسمه في
الكتب المتقدمة أسد، فراجع([45]).
ثم قال:
«ويقال:
إن ذلك كان كشفاً من علي كرم الله وجهه، بحيث إن الله
أطلع علياً على رؤيا كان مرحب قد رآها في تلك الليلة في المنام: أن
أسداً افترسه، فذكَّره علي كرم الله وجهه بذلك، ليخيفه، ويضعف نفسه»([46]).
ونقول:
أولاً:
لو صح قولهم: إن لكلمة حيدرة عدة معان، فلماذا يختارون
منها ما يوهم الناس بأمور غير محببة؟! حتى لقد قالوا: الحيدرة: الممتلئ
لحماً مع عظم بطن، وكذلك كان علي
«عليه
السلام».
أي أنه قد لقب بـ
«الحيدرة»
لعظم بطنه..
مع أنهم يقولون:
إن أمه هي التي سمته بذلك حين ولدته، فهل كان عظيم
البطن من حين ولادته؟!
وإذا كان قد صرح هو نفسه: بأن أمه قد سمته بحيدرة وكان
ذلك منذ ولادته، فما معنى قولهم: لُقِّب بذلك منذ صغره؟!
فإن اللقب غير الاسم.. والاسم يوضع للمولود من حين
يولد، ولحوق اللقب في الصغر قد يتأخر لمدة سنوات.
ثانياً:
ما معنى قولهم: كان لُقِّب في صغره بـ
«الحيدرة»؟
ألا ينافي هذا قول علي
«عليه
السلام»
نفسه:
أنـا
الـذي
سمتني أمـي
حـيـدرة
كـلـيـــث
غـابــات
كــريه....
ثالثاً:
لماذا لا يذكرون ما قاله ابن الأعرابي: الحيدرة في
الأسد مثل الملك في الناس، وما قاله أبو العباس: يعني لغلظ عنقه، وقوة
ساعديه؟!
رابعاً:
قد ذكر ابن بري: أن أم علي لم تسم علياً
«عليه
السلام»
حيدرة، بل سمته أسداً([47]).
لكنه
«عليه
السلام»
لم يتمكن من ذكر الأسد لأجل القافية، فعبر بمعناه وهو:
«حيدرة»،
فرد عليه ابن منظور بقوله:
«وهذا
العذر من ابن بري لا يتم له، إلا إن كان الرجز أكثر من هذه الأبيات،
ولم يكن أيضاً ابتدأ بقوله:
«أنا
الذي سمتني أمي حيدرة»،
وإلا فإذا كان هذا البيت ابتداء الرجز، وكان كثيراً أو قليلاً، كان رضي
الله عنه مخيراً في إطلاق القوافي على أي حرف شاء، مما يستقيم الوزن له
به.
كقوله:
«أنا
الذي سمتني أمي الأسد»،
أو
«أسداً»،
وله في هذه القافية مجال واسع، فنطقه بهذا الاسم على هذه القافية من
غير قافية تقدمت، يجب اتباعها، ولا ضرورة صرفته إليها، مما يدل على أنه
سمي حيدرة»([48]).
والصحيح هو:
ما رواه المفيد عن الحسين بن علي بن محمد التمار، عن
علي بن ماهان، عن عمه، عن محمد بن عمر، عن ثور بن يزيد، عن مكحول، قال:
لما كان يوم خيبر خرج رجل يقال له:
مرحب، وكان طويل القامة، عظيم الهامة، وكانت اليهود
تقدمه لشجاعته ويساره.
قال:
فخرج ذلك اليوم إلى أصحاب رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
فما واقفه قرن إلا قال: أنا مرحب، ثم حمل عليه، فلم يثبت له.
قال:
وكانت له ظئر، وكانت كاهنة، تعجب بشبابه، وعظم خلقه.
وكانت تقول له:
قاتل كل من قاتلك، وغالب كل من غالبك، إلا من تسمَّى عليك بـ
«حيدرة»،
فإنك إن وقفت له هلكت.
قال:
فلما كثر مناوشته، وجزع الناس بمقاومته، شكوا ذلك إلى النبي
«صلى الله عليه وآله»،
وسألوه أن يخرج إليه علياً
«عليه
السلام»،
فدعا النبي
«صلى الله عليه وآله»
علياً
«عليه
السلام»،
وقال له:
«يا
علي، اكفني مرحباً».
فخرج إليه أمير المؤمنين
«عليه
السلام»،
فلما بصر به مرحب يسرع إليه فلم يره يعبأ به، أنكر ذلك، وأحجم عنه، ثم
أقدم وهو يقول:
أنـا
الــذي
سمتني أمـي
مــرحباً
......
فأقبل علي
«عليه
السلام»
وهو يقول:
أنـا
الـذي
سمتني أمـي
حـيـدرة
كـلـيـــث
غـابــات
كــريه....
فلما سمعها منه مرحب هرب ولم يقف، خوفاً مما حذرته منه
ظئره، فتمثل له إبليس في صورة حبر من أحبار اليهود، فقال: إلى أين يا
مرحب؟
فقال:
قد تسمى عَلَيَّ هذا القرن بحيدرة!!
فقال له إبليس:
فما حيدرة؟
فقال:
إن فلانة ظئري كانت تحذرني من مبارزة رجل اسمه حيدرة، وتقول: إنه
قاتلك.
فقال له إبليس:
شوهاً لك، لو لم يكن حيدرة إلا هذا وحده لما كان مثلك يرجع عن مثله،
تأخذ بقول النساء، وهن يخطئن أكثر مما يصبن؟! وحيدرة في الدنيا كثير،
فارجع فلعلك تقتله، فإن قتلته سُدت قومك، وأنا في ظهرك أستصرخ اليهود
لك، فرده. فوالله ما كان إلا كفواق ناقة حتى ضربه علي ضربة سقط منها
لوجهه، وانهزم اليهود يقولون: قتل مرحب، قتل مرحب([49]).
وقد تضمن هذا الحديث أموراً هامة تحسن الإشارة إليها،
والدلالة عليها، وهي التالية:
قد ذكر الحديث:
أن سبب تقديم اليهود لمرحب أمران:
أحدهما:
شجاعته.
والثاني:
يساره.
نعم.. وهذا هو المتوقع من اليهود الذين لا يفكرون إلا
بالمال، وبالدنيا، والذين يسعون في الأرض فساداً، ويثيرون الفتن بين
الناس، وكل همهم هو الهيمنة على الآخرين، وإذلالهم، وقهرهم، فإن ذلك هو
ما ينسجم مع نظرتهم الاستعلائية إلى كل من هو غير إسرائيلي، لأنهم ـ
بزعمهم ـ شعب الله المختار، وقد خلق الله تعالى غيرهم من أجل خدمتهم،
وقد تحدثنا عن جانب من آرائهم هذه في كتابنا: سلمان الفارسي في مواجهة
التحدي.
إن تقدم مرحب بينهم لم يكن لأجل عقله، ودينه، ومزاياه
الأخلاقية، والإنسانية، بل لأنهم يحتاجون إلى فروسيته وشجاعته، وقوته،
ويحتاجون إلى ماله ودنياه أيضاً.
وبعد، فما أروع كلمة رسول الله «صلى
الله عليه وآله»:
«يا
علي، اكفني مرحباً»،
فإنه تحدث بصيغة المتكلم وحده
«اكفني»،
ربما لكي يشير: إلى أنه
«صلى الله عليه وآله»
هو المقصود الحقيقي لمرحب، وأن همة اليهود منصرفة إلى النيل من شخص
رسول لله
«صلى الله عليه وآله»،
وأن لا مشكلة لمرحب مع أحد من الناس إلا معه
«صلى الله عليه وآله»..
أما سائر من حضر فلا يقيم مرحب لهم وزناً، وهو قادر على
استيعاب كل حركتهم ضده، وليشير
«صلى الله عليه وآله»
في كلامه هذا: إلى أن الذي يكفيه ويدفعه عنه هو خصوص علي
«عليه
السلام»
دون سواه.
وصرحت الرواية الآنفة الذكر أيضاً:
بأن الناس حين جزعوا وعجزوا عن مقاومة مرحب التجأوا إلى النبي
«صلى الله عليه وآله»،
وسألوه أن يخرج إليه علياً
«عليه
السلام»،
مع علمهم بشدة مرضه
«عليه
السلام»،
وذلك يدل على أنهم كانوا يعرفون طرفاً من جهاد علي
«عليه
السلام»،
وإقدامه وتضحياته في سبيل الله تعالى، ويعرفون أنه لا يتعرض له أحد إلا
هلك، وأن مرضه لا يقصر به عن بلوغ غاياته..
فإن صحت هذه الرواية التي نحن بصدد الحديث عنها، فهي لا
تنافي روايات إرسال غير علي
«عليه
السلام»
بالراية قبله، لجواز أن يكون الناس قد طلبوا من النبي
«صلى الله عليه وآله»
إرسال علي
«عليه
السلام»
بعد فشل الذين كان قد أرسلهم قبل ذلك..
بل قد يكون طلبهم هذا قبل إرسال الآخرين أيضاً، لكن
النبي الأعظم
«صلى الله عليه وآله»
قد آثر أن لا يرسل علياً
«عليه
السلام»
من أول يوم لمصالح رآها..
ولعل بعضها قد اتضح في ثنايا هذا الكتاب.
بل قد
يكون قسم من المسلمين، طلبوا من النبي
«صلى الله عليه وآله»
أن يخرج علياً
«عليه
السلام»
لمرحب، مع عدم علمهم بحالته الصحية، فوافق ذلك ما كان النبي
«صلى الله عليه وآله»
قد عقد العزم عليه، فأعطاه الراية، وأمره بأن يكفيه مرحباً.
ثم تعجب العارفون برمد عيني علي
«عليه
السلام»،
حين رأوه
«عليه
السلام»
قد حضر بينهم.
وبذلك يتضح:
أنه لا تناقض ولا اختلاف فيما بين هذه الرواية ورواية إعطاء الراية
لعلي
«عليه
السلام»،
خصوصاً تلك التي صرحت بأنهم قد فوجئوا بعلي
«عليه
السلام».
وقد يستغرب البعض أن يتثمل إبليس بصورة بعض أحبار
اليهود..
ولكن الحقيقة هي:
أنه لا غرابة في ذلك، فإن الآيات قد صرحت بأن إبليس كان من الجن..
والجن كما دلت عليه الروايات يقدرون على التمثل، تماماً كما تقدر
الملائكة على ذلك.
وقد دلت الآيات والروايات على تمثل الملائكة، قال
تعالى: ﴿فَأَرْسَلْنَا
إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً﴾([50]).
وكان جبرئيل يتمثل بصورة دحية الكلبي ـ على حد زعمهم ـ.
وقد ذكر الله تعالى:
أن إبليس كان من الجن، فقال: ﴿إِلَّا
إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ﴾([51])
وأشارت الروايات:
إلى أن الجن أيضاً يتمثلون بصورة البشر، ويدل على ذلك: ما ورد من أن
إبليس قد تمثل لقريش حينما تآمروا على قتل رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
وأشار عليهم باختيار عشرة من الرجال ـ كل واحد من قبيلة ـ ويبيِّتوا
رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
ويضربوه بأسيافهم ليضيع دمه في القبائل..
فقبلوا مشورته، وحاولوا تنفيذها في ليلة الهجرة، حيث
بات علي
«عليه
السلام»
في فراش الرسول
«صلى الله عليه وآله»،
فنجا رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
بسبب ذلك([52]).
وقد روي عن الحارث الأعور قال:
بينا أمير المؤمنين «عليه السلام» يخطب على المنبر يوم
الجمعة، إذ أقبل أفعى من باب الفيل..
إلى أن تقول الرواية:
إن علياً «عليه السلام» أخبرهم:
أن هذا الأفعى هو من الجن قال:
«فأتاني
في ذلك،
وتمثل في هذا المثال،
يريكم فضلي
الخ..»([53]).
فلاحظ قوله:
«وتمثل
في هذا المثال».
وفي رواية أخرى:
أن هاتفاً كلّم النبي،
فقال «صلى الله عليه وآله»، له:
«اظهَر
رحمك الله في صورتك.
قال سلمان:
فظهر لنا شيخ أذب، أشعر، قد لبس وجهه شعر غليظ الخ..»([54]).
وفي حديث آخر:
أنه «صلى الله عليه وآله» كان جالساً بالأبطح، وعنده جماعة من
أصحابه..
«إذ
نظرنا إلى زوبعة قد ارتفعت فأثارت الغبار، وما زالت تدنو والغبار يعلو
إلى أن وقفت بحذاء النبي «صلى الله عليه وآله»، ثم برز منها شخص كان
فيها، ثم قال: يا رسول الله..
إلى أن تقول الرواية:
فقال له النبي «صلى الله عليه
وآله»:
فاكشف لنا عن وجهك حتى نراك على هيئتك التي أنت عليها.
قال:
فكشف لنا عن صورته، فنظرنا فإذا الشخص عليه شعر كثير، فإذا رأسه طويل
العينين، عيناه في طول رأسه، صغير الحدقتين الخ..»([55]).
وعن الإمام الصادق «عليه السلام»:
إن إبليس لعنه الله قد طلب من ربه أن: «لا يولد لهم ـ
أي لبني آدم ـ ولد إلا ولد لي اثنان، وأراهم، ولا يروني، وأتصور لهم في
كل صورة شئت»([56]).
وفي حديث آخر:
أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان جالساً، وعنده
جني يسأله عن قضايا مشكلة، فأقبل أمير المؤمنين، فتصاغر الجني حتى صار
كالعصفور الخ..([57]).
يضاف إلى ما تقدم حديث يقول:
إن جنية من أهل نجران تمثلت في مثال أم كلثوم([58])
فراجع.
وأمثال ذلك كثير لا مجال لاستقصائه.. وهو يدل على ما
ذكرناه من قدرة الجن
ـ
وإبليس منهم
ـ
على الظهور بأية صورة
أرادوا..
روى الشيخان، والبيهقي، عن سلمة بن
الأكوع، قال:
لما تصاف القوم يوم خيبر، وكان سيف عامر فيه قصر، فتناول به ساق يهودي
ليضربه، فرجع ذباب سيفه، فأصاب عين ركبته، فمات منه.
فلما قفلوا سمعت نفراً من أصحاب محمد رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
يقولون: بطل عمل عامر، قتل نفسه. فأتيت رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
وأنا أبكي فقال رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
لما رآني شاحباً: ما لك؟
قلت:
فداك أبي وأمي، زعموا أن عامراً حبط عمله.
قال:
«من
قال»؟
قلت:
فلان وفلان، وأسيد بن الحضير الأنصاري الخ..([59]).
ونقول:
إننا نشك في هذه الرواية لما يلي:
أولاً:
إن مجرد إصابة ذباب السيف لعين ركبة إنسانٍ لا يقتضي
موته، بل هي جراحة بسيطة قابلة للشفاء..
ثانياً:
إن هذا النوع من الجراحات ـ لو كان يؤدي بالمجروح إلى
الموت ـ لا يوجب الموت مباشرة، فهو ليس مثل ضرب العنق، أو الطعن في
القلب، أو شق الرأس. بل هو لا يميت إلا بعد وقت طويل، وتفاعل أمراض،
وحصول مضاعفات، مع أن ظاهر الكلام هو: أن عامراً قد مات من ذلك في وقت
قصير.
ثالثاً:
لماذا يبكي سلمة، ألم يكن يعلم: أن من لم يتعمد قتل
نفسه لا يعد قاتلاً لها، ولا موجب لحبط عمله؟
رابعاً:
إن ما ذكروه في وجه إصابة ذباب السيف لعين ركبة عامر مما يصعب تصوره،
إلا في حالة لا تكاد تحصل إلا ممن تعمد فعل ذلك، ولماذا يتعمد فعل أمر
يحتاج إلى تكلف وجهد، ما دام أن بإمكانه تحقيق غرضه بضرب نفسه بمواضع
من السيف هي أدنى من ذبابه؟
قد تقدم:
أن الناس قالوا عن عامر بن الأكوع، الذي قتله مرحب ـ حسب زعمهم ـ: قد
قتله سلاحه.
وفي رواية:
قتل نفسه. أي فليس بشهيد.
وأن سلمة بن الأكوع قال لرسول الله
«صلى الله عليه وآله»:
زعموا أن أخي عامراً حبط عمله، أو قال: يزعم أسيد بن حضير، وجماعة من
أصحابك: أن عامراً حبط عمله، إذ قتل بسيفه.
فقال رسول الله «صلى الله عليه
وآله»:
كذب من قال، وإن له لأجرين، وجمع بين إصبعين.
وفي رواية:
وإنه لشهيد.
وفي نص آخر:
إنه لجاهدٌ مجاهد قلَّ عربيٌّ مشى ـ
وفي لفظ:
نشأ ـ بها مثله([60]).
ونلاحظ هنا:
أولاً:
أن النبي
«صلى الله عليه وآله»
قد أجاب بعبارة تتضمن اتهاماً صريحاً لأولئك القائلين، بأنهم قد كذبوا
فيما قالوه. حيث لم يقل: إنهم أخطأوا، أو نحو ذلك.
فوصف النبي «صلى الله عليه وآله» لهم بالكذب يدل:
على أنهم متعمدون للإخبار عن أمر يعلمون أنه خلاف الواقع، وهذا يؤكد
أنهم لا يملكون من الورع ما يحجزهم عن ارتكاب الكبائر ـ ومنها الكذب ـ
حتى على إنسان قد نال مقام الشهادة في سبيل الله..
مع أن كل أحد يعلم:
أن من لم يتعمد قتل نفسه، لا موجب لحبط عمله.
وقد حاول الحلبي:
التخفيف من وقع هذا التعبير النبوي بادعاء: أن المراد
بالكذب: الخطأ، أي أخطأ من قال([61]).
غير أننا نقول له:
أولاً:
إن هذا خلاف ظاهر الكلام، إذ كان بالإمكان أن يقول: أخطأ من قال.
ثانياً:
لقد وصف سلمة بن الأكوع عامراً في هذه الرواية: بأنه أخوه، مع أنهم
يقولون: إن الصحيح أنه عمه، وهذا وجه آخر من وجوه ضعف هذه الرواية..
وأجيب:
بأنه من الجائز: أن يكون أخاه من الرضاعة، وعمه في النسب، فجاز له أن
يقول: أخي([62]).
ونقول:
إن من الندرة بمكان، أن يعدل عن التعبير بالعم إلى
التعبير بالأخ؛ لأجل الأخوة الرضاعية بمجردها. بل لم نجد أحداً يفعل
ذلك.
بل الإنصاف يقضي:
بأن يعدَّ هذا من الأدلة على أن عامراً كان أخاً لسلمة فعلاً، والله هو
العالم.
قد تقدم أن هناك من يزعم:
أن قاتل مرحب هو محمد بن مسلمة، وليس علي بن أبي طالب
«عليه
السلام»،
فقد روى البيهقي عن عروة، وعن موسى بن عقبة، وعن الزهري، وعن ابن
إسحاق، وعن محمد بن عمر عن شيوخه، قالوا: واللفظ لابن إسحاق، قال:
حدثني عبد الله بن سهل بن عبد
الرحمن بن سهل، أخو بني حارثة، عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ
قال:
خرج مرحب اليهودي من حصن خيبر، وقد جمع سلاحه يقول: من
يبارز؟ ويرتجز:
قـد
علمـت
خـيـبر
أني مـرحـب
شـاكـي
الســلاح
بـطـل
مجــرب
أطـعن
أحـيـانـاً
وحينـاً
أضـرب
إذا الـلـيــوث
أقـبـلــت
تجــرب
إن حمـاي
لـلـحـمـى
لا يـقـرب
فأجابه كعب بن مالك:
قـد
عـلـمـت
خـيـبر
أني كـعـب
مـفـرج
الـغـمـى
جـريء
صـلب
إن شـبـت
الحـرب
تلتهـا
الحرب مـعـي
حسـام
كـالـعـقيق
عضب
نـطـؤكم
حـتـى
يـذل
الصــعب
نـعـطي
الجـزاء
أو يـفـيء
النـهب
بـكـف
مـاضٍ
لـيـس
فـيـه
عـتـب
قال ابن هشام: وأنشدني أبو زيد:
قـد
عـلـمـت
خـيــبر
أني كـعب
وأنـنـي
مـتـى
تـشــب
الحـــرب
مـاض
على الهـول
جريء صلب مـعـي
حسـام
كـالـعقيـق
عضب
بكـف
مـاضٍ
ليـس
فيـه
عـتـب
نـدكـكم
حتى يــذل
الـصـــعب
قال:
ومرحب: ابن عميرة.
قال جابر:
فقال رسول الله
«صلى الله عليه وآله»:
«من
لهذا»؟
قال محمد بن مسلمة:
أنا له يا رسول الله، أنا والله الموتور الثائر، قتل
أخي بالأمس.
فأمره بأن يقوم إليه، قال:
«اللهم
أعنه عليه».
(وفي
بعض المصادر:
وأعطاه سيفه، فخرج إليه، ودعاه إلى البراز، فارتجز كل منهما).
قال:
فلما دنا أحدهما من صاحبه، دخلت بينهما شجرة عمرية
(غمرته) من شجر العشر، فجعل أحدهما يلوذ بها من صاحبه، فكلما لاذ منه
بها اقتطع صاحبه ما دونه منها، حتى برز كل واحد منهما لصاحبه، وصارت
بينهما كالرجل القائم، ما فيها فنن.
ثم حمل مرحب على محمد بن مسلمة
فضربه، فاتقاه بالدرقة، فوقع سيفه فيها، فعضت به فأمسكته، وضربه محمد
بن مسلمة فقطع فخذيه حتى قتله([63]).
قالوا:
ونفَّل رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
محمد بن مسلمة يوم خيبر سلب مرحب: سيفه، ورمحه، ومغفره، وبيضته([64]).
قال الواقدي:
«فكان
عند آل محمد بن مسلمة سيفه، فيه كتاب لا يدرى ما هو، حتى قرأه يهودي من
يهود تيماء، فإذا فيه:
هـذا سـيـف مـرحـب مـن يـذقـه
يـعـطـب»([65]).
ويقولون أيضاً:
إنه بعد تعذيب كنانة ابن أبي الحقيق دفعه
«صلى الله عليه وآله»
لمحمد بن مسلمة، فضرب عنقه بأخيه محمود.
وذكروا في توجيه بشارة النبي
«صلى الله عليه وآله»
لمحمود هذا بنزول فرائض البنات: أن محمود بن مسلمة كان متمولاً، وكان
ماله أكثر من أموال أخيه محمد. فلما سقطت عليه الرحى جعل يقول لأخيه:
بنات أخيك لا يتبعن الأفياء، يسألن الناس.
فيقول له محمد:
لو لم تترك مالاً لكان لي مال. ولم تكن فرائض البنات قد نزلت.
فلما كان يوم موته، وهو اليوم الذي قتل فيه مرحب أرسل
النبي
«صلى الله عليه وآله»
جعيل بن سراقة الغفاري، ليبشر محموداً بأن الله قد أنزل فرائض البنات
وأن محمد بن مسلمة قد قتل قاتله.
فسر بذلك، ومات في اليوم الذي قتل
فيه مرحب بعد ثلاث من سقوط الرحى عليه من حصن ناعم([66]).
ونقول:
إن هذا الكلام كله غير صحيح، وذلك لما يلي:
أولاً:
إن الفاصل بين ما جرى في حصن ناعم حيث قتل محمود بن
مسلمة وبين قتل مرحب في حصن القموص كان أياماً كثيرة تعد بالعشرات..
ثانياً:
إنه لا ربط بين البشارة بنزول فرائض البنات وبين
البشارة بقتل مرحب.
ثالثاً:
إن فرائض البنات قد نزلت قبل ذلك بسنوات، ويشهد لهذا:
أن الآيات المرتبطة بذلك هي في سور قد نزلت قبل ذلك بزمان طويل..
رابعاً:
إن قاتل مرحب هو علي
«عليه
السلام»،
لا محمد بن مسلمة..
وشواهد ذلك كله يجدها المتتبع بالمراجعة.
خامساً:
إن رواياتهم في قاتل محمود بن
مسلمة
مختلفة ومتناقضة.
فهم يدَّعون:
أن قاتله هو مرحب.
ثم يدَّعي بعضهم أيضاً:
أن ابن مسلمة قد قتل مرحباً بأخيه.
ثم هم يدَّعون:
أن علياً
«عليه
السلام»
حين فتح الحصن أخذ قاتل محمود، ودفعه لأخيه محمد بن مسلمة، فقتله به..
ثم يدَّعون أيضاً هنا:
أن النبي
«صلى الله عليه وآله»
قد دفع كنانة ابن أبي الحقيق إلى محمد بن مسلمة ليقتله بأخيه محمود([67]).
فلماذا هذا الاختلاف؟! وما هو السبب في هذا التخبط؟!
وقد يقال في دفع هذا التناقض
الأخير:
إن علياً
«عليه
السلام»
دفعه للنبي
«صلى الله عليه وآله»،
والنبي دفعه لمحمد بن مسلمة، فصح نسبة ذلك إليه
«صلى الله عليه وآله»
تارة، وإلى علي
«عليه
السلام»
أخرى..
ونحن لو قبلنا هذا التوجيه، فإنه لا يدفع التناقض
الآخر.. ولا يدفع التناقض بين كون القاتل لمحمود هو مرحب، أو كنانة..
كما أن ملاحظة رواياتهم تعطي:
أن هؤلاء الناس ليس لهم همٌّ ولا شغل إلا رواية
الأحاديث في الإشادة بمحمد بن مسلمة، وتسطير المآثر والبطولات له، وكأن
النبي
«صلى الله عليه وآله»
وعلياً
«عليه
السلام»
وسواهما متحيرون في كيفية إرضاء ابن مسلمة، وتطييب خاطره، وتلبية
طلباته..
سادساً:
إن دعواهم تعذيب كنانة بن أبي الحقيق قبل قتله، على يد
هذا تارة وذاك أخرى، دليل آخر على كذب هذه الرواية، إذ لا مبرر
لتعذيبه.
ويكفي أن نذكِّر الناس بوصية علي
«عليه
السلام»
بقاتله عبد الرحمن بن ملجم، حيث قال:
«ما فعل ضاربي؟! أطعموه من طعامي،
واسقوه من شرابي، فإن عشت فأنا أولى بحقي، وإن مت فاضربوه ولا تزيدوه»([68]).
وفي نص آخر:
«احبسوه،
وأطيبوا طعامه، وألينوا فراشه، فإن أعش فعفو، أو قصاص الخ..»([69]).
حدِّث
العاقل بما لا يليق له:
وحول دور محمد بن مسلمة في قتل مرحب نضيف إلى ما تقدم
ما قاله
الحاكم النيسابوري: «على
أن الأخبار متواترة بأسناد كثيرة: أن قاتل مرحب أمير المؤمنين علي بن
أبي طالب عليه السلام»([70]).
وقال الذهبي:
الأخبار متواترة: أن قاتل مرحب علي([71]).
وقال الصالحي الشامي:
قلت:
جزم جماعة من أصحاب المغازي: بأن محمد بن مسلمة هو الذي قتل مرحباً.
ولكن ثبت في صحيح مسلم ـ كما تقدم ـ
عن سلمة بن الأكوع:
أن علياً ـ رضي الله عنه ـ هو الذي قتل مرحباً.
وورد ذلك:
في حديث بريدة بن الحصيب، وأبي نافع مولى رسول الله
«صلى الله عليه وآله».
وعلى تقدير صحة ما ذكره جابر، وجزم به جماعة، فما في
صحيح مسلم مقدم عليه من وجهين:
أحدهما:
أنه أصح إسناداً.
الثاني:
أن جابراً لم يشهد خيبر، كما ذكره ابن إسحاق، ومحمد بن عمر، وغيرهما،
وقد شهدها سلمة، وبريدة، وأبو رافع. وهم أعلم ممن لم يشهدها.
وما قيل:
من أن محمد بن مسلمة ضرب ساقي مرحب فقطعهما، ولم يجهز عليه، ومرَّ به
علي
«عليه
السلام»
فأجهز عليه، يأباه حديث سلمة، وأبي رافع، والله أعلم.
وصحح أبو عمر:
أن علياً
«عليه
السلام»
هو الذي قتل مرحباً، وقال ابن الأثير: إنه الصحيح([72]).
وقال ابن الأثير:
«وقيل:
إن الذي قتل مرحباً، وأخذ الحصن علي بن أبي طالب، وهو الأصح والأشهر»([73]).
وقال أيضاً:
«الصحيح
الذي عليه أهل السير والحديث: أن علياً كرم الله وجهه قاتله»([74]).
وقال الحلبي:
«وقيل:
القاتل له علي كرم الله وجهه، وبه جزم مسلم (ره) في صحيحه.
وقال بعضهم:
والأخبار متواترة به».
وقال أيضاً:
«وقد
يجمع بين القولين: بأن محمد بن مسلمة أثبته، أي بعد أن شق علي كرم الله
وجهه هامته، لجواز أن يكون قد شق هامته، ولم يثبته، فأثبته محمد بن
مسلمة. ثم إن علياً كرم الله وجهه وقف عليه»([75]).
ثم استدل الحلبي على ذلك بما في بعض
السير عن الواقدي، قال:
«لما
قطع محمد بن مسلمة ساقي مرحب، قال له مرحب: أجهز عليَّ.
فقال:
لا، ذق الموت كما ذاقه أخي.
ومرّ به علي فضرب عنقه، وأخذ سلبه، فاختصما إلى رسول
الله
«صلى الله عليه وآله»
في سلبه.
فقال محمد:
يا رسول الله، ما قطعت رجليه وتركته إلا ليذوق الموت،
وكنت قادراً أن أجهز عليه.
فقال علي كرم الله وجهه:
صدق.
فأعطى سلبه لمحمد بن مسلمة»([76]).
وقالوا:
لعل هذا
كان بعد مبارزة عامر بن الأكوع لمرحب، فلا ينافي ما مر عن فتح الباري([77]).
وفي الإستيعاب:
«والصحيح
الذي عليه أكثر أهل السير والحديث أن علياً قاتله»([78]).
ونقول:
إن ما تقدم هو محض اكاذيب ولا يصح، والذي قدمناه من
النصوص الصحيحة، والمتواترة كاف في إثبات ذلك، ونزيد هنا ما يلي:
رووا:
أن علياً
«عليه
السلام»
لما فتح الحصن، أخذ الرجل الذي قتل أخا محمد بن مسلمة، وسلمه إلى ابن
مسلمة، فقتله بأخيه..
وفي نص آخر:
أن النبي
«صلى الله عليه وآله»
دفع كنانة لمحمد بن مسلمة ليقتله([79]).
ولا منافاة بين الروايتين، إذ إن علياً
«عليه
السلام»
لا يورد ولا يصدر إلا عن أمر رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
فهو قد سلمه إليه بعد أن أحرز الإذن منه
«صلى الله عليه وآله»..
فيصح أن يقال:
إن النبي
«صلى الله عليه وآله»
دفعه إليه، ويصح أيضاً القول: بأن علياً
«عليه
السلام»
فعل ذلك.
إن دعوى اشتراك مرحب، وكنانة بن الربيع، والرجل الذي
سلمه علي
«عليه
السلام»
لمحمد بن مسلمة ـ إن دعوى اشتراك الثلاثة ـ في قتل محمود بن مسلمة([80])
غير مقبولة:
أولاً:
لثبوت أن ابن مسلمة لم يقتل مرحباً بأخيه ـ كما زعموا ـ
لكي يصح قولهم: إنه قتله بأخيه الذي كان قد شارك في قتله، بل قاتل مرحب
هو علي
«عليه
السلام»..
ثانياً:
لما روي:
من أن علياً
«عليه
السلام»
قد سلم قاتل محمود إلى أخيه محمد. وهو لم يسلم إليه مرحباً قطعاً.. ولم
يسلم إليه كنانة لأجل ذلك أيضاً.
ثالثاً:
قيام احتمال أن يكون محمد بن مسلمة قد فرَّ مع الفارين
في غزوة خيبر، كما سنرى في الفقرة التالية، فإنه إذا كان قد فر وانهزم،
فلا يكون قد قتل مرحباً بأخيه أيضاً.
لقد ورد في بعض النصوص:
ما يثير بقوة احتمال أن يكون محمد بن مسلمة أحد الذين
أعطاهم النبي
«صلى الله عليه وآله»
الراية وهرب، فقد روى ابن الأثير بإسناده عن بريدة، قال:
«لما
كان يوم خيبر أخذ أبو بكر اللواء، فلما كان من الغد أخذه عمر. وقيل
(أخذه): محمد بن مسلمة (أي وهرب)، فقال رسول الله
«صلى الله عليه وآله»:
لأدفعن لوائي إلى رجل لم يرجع حتى يفتح الله عليه.
فصلى رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
صلاة الغداة، ثم دعا باللواء، فدعا علياً
«عليه
السلام»
وهو يشتكي عينيه الخ..»([81]).
فقد دلت هذه الرواية:
على أن ابن مسلمة كان هو أو عمر قد هرب في خيبر.
ومما يؤيد ذلك:
الرواية التي تقول: إن جماعة طلبوا الراية من النبي
«صلى الله عليه وآله»
في خيبر، فلم يعطهم إياها، وأعطاها علياً
«عليه
السلام»،
ففتح الله عليه([82]).
ثم إن الحديث عن اختصام علي
«عليه
السلام»
ومحمد بن مسلمة إلى رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
في سلب مرحب، مكذوب أيضاً، بدليل:
أنهم قد رووا:
أن علياً
«عليه
السلام»
لم يقدم على سلب عمرو بن عبد ود وهوأنفس سلب، وحين طالبه عمر بن الخطاب
بذلك قال:
«كرهت
أن أبز السبيَّ ثيابه»([83]).
قال المعتزلي:
فكأن حبيباً (يعني أبا تمام الطائي) عناه بقوله:
إن الأسـود أسـود الغـاب همتهـا يوم الكريهة في المسلوب لا
السلب([84])
كما أنه
«عليه
السلام»
قال لعمرو بن عبد ود حين طلب منه أن لا يسلبه حلته: هي أهون علي من ذلك([85]).
فمن كان كذلك:
فهو لا يجاحش على السلب، ولا ينازع أحداً فيه، فضلاً عن أن يرفع الأمر
إلى رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
ليفصل فيه.
([1])
البحار ج21 ص15 عن الإرشاد للمفيد ج1 ص126 وراجع: كتاب
الأربعين للماحوزي ص295 وكشف الغمة للإربلي ج1 ص213.
([2])
الآيتان 26 و 27 من سورة الجن.
([3])
المغازي للواقدي ج2 ص653 و 654 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص34.
([4])
راجع: المغازي للواقدي ج2 ص657 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص125 و
126 وتاريخ الخميس ج2 ص51.
([5])
صحيح مسلم ج5 ص195 ومسند أحمد ج5 ص333 و 351 والمستدرك للحاكم
ج3 ص38 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص30 ومناقب علي بن أبي طالب
لابن المغازلي (ط المكتبة الإسلامية بطهران) ص176 ولباب
التأويل ج4 ص182 و 183 والرياض النضرة (ط محمد أمين بمصر) ج1
ص185 و 187 والبداية والنهاية ج4 ص185 فما بعدها ومعالم
التنزيل (ط مصر) ج4 ص156 وحياة الحيوان ج1 ص237 وطبقات ابن سعد
(مطبعة الثقافة الإسلامية) ج3 ص157 وينابيع المودة (ط بمبي)
ص41 والمغازي للواقدي ج2 ص657.
([7])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص126 و 125 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص32
و 37 و 38 ومسند أحمد ج5 ص358 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص30
والبداية والنهاية ج4 ص185 فما بعدها، ولباب التأويل ج4 ص182 و
183 ومعارج النبوة ص219 والإصابة ج2 ص502 والكامل في التاريخ
ج2 ص220 والمستدرك للحاكم ج3 ص437 ومعالم التنزيل ج4 ص156
وتاريخ الخميس ج2 ص50 وراجع بعض ما تقدم في: إمتاع الأسماع
ص315 و 316.
([8])
مسند أحمد ج5 ص358 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص30 والمستدرك
للحاكم ج3 ص437 وراجع: العمدة لابن البطريق ص141 ومجمع الزوائد
ج6 ص15 والسنن الكبرى ج5 ص110 و 178 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص95
وعن الإصابة ج4 ص466 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص300 وفضائل
الصحابة لابن حنبل ج2 ص604.
([9])
البحار ج21 ص22 عن إعلام
الورى ج1 ص208 وفي هامشه قال: انظر الإرشاد للمفيد ج1 ص125
والخرائج والجرائح ج1 ص159 و 249 والمغازي للواقدي.
([10])
السيرة الحلبية ج3 ص37 و 38 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص50.
([11])
تاريخ الخميس ج2 ص50.
([12])
إمتاع الأسماع ص315.
([13])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص127 ومسند أحمد ج1 ص111 وتذكرة الخواص
ص26 وعن البداية والنهاية ج4 ص185 فما بعدها، ومجمع الزوائد
للهيثمي ج6 ص152 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص357.
([14])
تاريخ الخميس ج2 ص50 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج1 ص5 عن جماعة
من السفاف والمعاندين ادَّعوا: أن مرحباً قتله محمد بن مسلمة،
وادّعـوا، وادَّعـوا.
([15])
معارج النبوة ص323 و 219.
([16])
السيرة الحلبية ج3 ص38 عن الزمخشري والمغازي للواقدي ج2 ص504.
([17])
السيرة الحلبية ج3 ص38 والمغازي للواقدي ج2 ص505.
([18])
المواهب اللدنية ج1 ص112 والسيرة الحلبية ج2 ص217 وراجع ص327 و
328 كلاهما عن الشيخين.
وقال
الترمذي: حديث حسن. والتاريخ الكبير للبخاري ج6 ص
13. = = وقول الزبير الأخير: موجود في
السيرة النبوية لدحلان ج2 ص5 و 10 وكذا في سبل الهدى والرشاد
ج4 ص562 لكنه لم يصرح ببني قريظة. وحدائق الأنوار ج2 ص590 عن
الصحيحين، وليس فيهما تصريح ببني قريظة أيضاً. وفيه: أنه لما
قال له الزبير: أنا، قال: إن لكل نبي حواري، وإن حواريي
الزبير. وراجع: صحيح البخاري كتاب أصحاب النبي «صلى الله عليه
وآله»، باب مناقب الزبير.
([19])
السيرة الحلبية ج2 ص217 و 229.
([20])
السيره الحلبية ج2 ص229 وشرح مسلم للنووي ج15 ص184.
([21])
المغازي ج2 ص457 وإمتاع
الأسماع ج1 ص227 والسيرة الحلبية ج2 ص217.
([22])
مجمع الزوائد ج9 ص124 وراجع: شرح الأخبار ج1 ص321 والعمدة ص140
و 143 وفضائل الصحابة ج2 ص617 ح1054 و ص583 ح987 وذخائر العقبى
ص73 عن مسند أحمد ج3 ص16 ومسند أبي يعلى ج2 ص500 وتاريخ مدينة
دمشق ج42 ص104 و 105 والبداية والنهاية ج4 ص212 ونهج الإيمان
لابن جبر ص317 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص352 وينابيع
المودة ص164 ومصادر أخرى تقدمت.
([23])
سفينة البحار ج2 ص194 عن رجال الكشي، والبحار ج34 ص275 و ج22
ص342 والإختصاص (ط النجف) ص55 وروضة الواعظين (ط سنة 1386هـ)
ص282 وراجع: شجرة طوبى ج1 ص78 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص465
وتفسير نور الثقلين ج5 ص210 وإختيار معرفة الرجال ج1 ص41 وجامع
الرواة للأردبيلي ج1 ص110 و 545 والدرجات الرفيعة ص432 وطرائف
المقال ج2 ص340 و 593 ومعجم رجال الحديث ج4 ص156 وج9 ص197 وج20
ص109 وتهذيب المقال ج4 ص200 والشيعة في أحاديث الفريقين ص518.
([24])
البحار ج36ص271 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص213 وراجع: كفاية الأثر
ص69.
([25])
البحار ج36 ص309 وكفاية الأثر ص10.
([26]) شرح النهج للمعتزلي (تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم) ج1 ص234 وراجع: تلخيص
الشافي ج4 ص150 و 141 و 142 و 143 والفصول المختارة ص106
وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف بمصر) ج4 ص502 والكامل في
التاريخ ج3 ص240 و 261 وتذكرة الخواص ص71 والبحار ج32 ص205.
([28])
شرح النهج للمعتزلي (ط سنة 1964م) ج2 ص819.
([29])
تلخيص الشافي ج4 ص 143 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص 167 وتاريخ
الأمم والملوك (ط دار المعارف بمصر) ج4 ص 509 وأنساب الأشراف
(بتحقيق المحمودي) ج2 ص254.
([30])
تلخيص الشافي ج4 ص 142 وتاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف
بمصر) ج4 ص 502 وتذكرة الخواص ص 71.
([31])
تلخيص الشافي ج4 ص136.
([33])
البحار ج 32 ص 214.
([34])
مستدرك الحاكم ج3 ص 371.
([35])
تاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف بمصر) ج4 ص 512.
([36])
راجع: الكامل في التاريخ ج3 ص 243 وراجع ص 262 وتاريخ الأمم
والملوك ج4 ص 507.
([38])
تاريخ الأمم والملوك ج4 ص534.
([41])
أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص254.
([42])
المصدر السابق ج2 ص258.
([43])
البحار ج21 ص29 والخرايج والجرايح ج1 ص161 وراجع: إحقاق الحق
ج5 ص368.
([44])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص163 وقال: «وذكره الشيخ كمال الدين
الدميري (ره) في شرح المنهاج» وراجع: حياة الحيوان (ط المكتبة
الشرفية بالقاهرة) ج1 ص237 ولسان العرب (ط سنة 1416 هـ) ج3 ص84
و 85 ومجمع البحرين ج3 ص261 وتاريخ الخميس ج2 ص50 وشرح النهج
للمعتزلي ج1 ص12.
([45])
السيرة الحلبية ج3 ص38.
([46])
السيرة الحلبية ج3 ص38.
([47])
لسان العرب (ط سنة 1416 هـ.) ج3 ص84.
([48])
المصدر السابق ج3 ص84 و 85.
([49])
البحار ج21 ص9 عن الأمالي للمفيد، وأمالي الطوسي ص4 ومدينة
المعاجز ج1 ص178.
([50])
الآية 17 من سورة مريم.
([51])
الآية 50 من سورة الكهف.
([52])
تاريخ الأمم والملوك ج2 ص68 والبداية والنهاية ج3 ص175 وتاريخ
الخميس ج1 ص321 و 322.
([53])
الثاقب في المناقب ج2 ص248 ومدينة المعاجز ج1 ص141.
([54])
مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج2 ص308 ومدينة المعاجز ج1
ص144و 145 والأنوار العلوية ص133وحلية الأبرار ج1 ص268 وج2 ص95
والبحار ج39 ص183.
([55])
مدينة المعاجز ج1 ص148 و 149 وحلية الأبرار ج1 ص270 وج2 ص918
وعيون المعجزات ص43 والبحار ج18 ص86 وج39 ص169 وج60 ص91 ونوادر
المعجزات للطبري ص53 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص169 واليقين لابن
طاووس ص261 وحلية الأبرار ج2 ص98.
([56])
تفسير الميزان ج8 ص61 عن تفسير القمي.
([57])
مشارق أنوار اليقين ص85 ومدينة المعاجز ج1 ص142 عنه، وحلية
الأبرار ج2 ص15 ومجمع النورين ص190.
([58])
البحار ج42 ص88 والخرائج والجرائح ج2 ص825 و826 ومرآة العقول
ج21 ص198 وراجع: المجدي في أنساب الطالبيين ص17 و18 ومدينة
المعاجز ج3 ص202 والصراط المستقيم ج3 ص130 وسفينة البحار (ط
سنة 1414هـ) ج1 ص684.
([59])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص146 والسيرة الحلبية ج3 ص32 وراجع:
الإصابة ج2 ترجمة عامر بن سنان والمغازي للواقدي ج2 ص661 و 662
وعبقات الأنوار ج3 ص278 ومسند أحمد ج4 ص48 وعن صحيح البخاري ج5
ص73 وج7 ص108 وج8 ص41 وعن صحيح مسلم ج5 ص186 وعن فتح الباري
(المقدمة) ص303 وج7 ص358 والمعجم الكبير ج7 ص33 وجزء أحاديث
الشعر ص102 والطبقات الكبرى ج4 ص304 وتاريخ مدينة دمشق ج60
ص240 والبداية والنهاية ج4 ص208 والسيرة النبوية لابن كثير ج3
ص347.
([60])
راجع: السيرة الحلبية ج3 ص32 وراجع: الإصابة ج2 ترجمة عامر بن
سنان، وإمتاع الأسماع ص317.
([61])
السيرة الحلبية ج3 ص32 وراجع: البحار ج21 ص2 و 3.
([62])
السيرة الحلبية ج3 ص32 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص146.
([63])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص127 و 128 والسيرة الحلبية ج3 ص37 و 38
والمغازي للواقدي ج2 ص655 و 656 وتاريخ الخميس ج2 ص50 و 51 عن
الإكتفاء وعن مسند أحمد ج3 ص385 ومجمع الزوائد ج6 ص150 وبغية
الباحث ص217 وتاريخ مدينة دمشق ج55 ص268 وتاريخ الأمم والملوك
ج2 ص299 عن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص797 والبداية
والنهاية ج4 ص215.
([64])
السيرة الحلبية ج3 ص38 عن مختصر المزني وراجع: المغازي للواقدي
ج2 ص656.
([65])
المغازي للواقدي ج2 ص656.
([66])
إمتاع الأسماع ص316 والمغازي للواقدي ج2 ص658.
([67])
السيرة الحلبية ج3 ص43 وراجع: السير الكبير للشيباني ج1 ص218.
([68])
المناقب للخوارزمي ص280 و 281.
([69])
الثقات ج2 ص303 والأخبار الطوال ص215 والطبقات الكبرى لابن سعد
ج3 ق1 ص25 و 26 وراجع: أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2
ص495 و 502 و 504.
([70])
المستدرك على الصحيحين ج3 ص437.
([71])
تلخيص مستدرك الحاكم (مطبوع مع المستدرك) ج3 ص437.
([72])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص127 و 128 وعن أسد الغابة ج4 ص331.
([73])
الكامل في التاريخ ج2 ص219.
([74])
شرح مسلم للنووي ج12 ص186 عن ابن الأثير.
([75])
السيرة الحلبية ج3 ص38.
([76])
السيرة الحلبية ج3 ص38. وأشار إلى ذلك في الإمتاع ص315
والمغازي للواقدي ج2 ص656 وراجع: السير الكبير ج2 ص606.
([77])
السيرة الحلبية ج3 ص38.
([78])
السيرة الحلبية ج3 ص38.
([79])
السيرة الحلبية ج3 ص39.
([80])
السيرة الحلبية ج3 ص39.
([81])
أسد الغابة ج4 ص21 والعمدة لابن البطريق ص156 وعن المناقب لابن
المغازلي ص88.
([82])
تذكرة الخواص ص25 عن أحمد في الفضائل وراجع: مسند أحمد ج3 ص16.
([83])
شرح النهج للمعتزلي ج14 ص237.
([84])
شرح النهج للمعتزلي ج14 ص237.
([85])
كنز الفوائد للكراجكي ص137 والبحار ج20 ص216.
|