قلع
باب خيبر: أحداث وتفاصيل
علي
قالع باب خيبر:
وقالوا أيضاً:
«وقتل
علي يومئذٍ ثمانية من رؤسائهم، وفر الباقون إلى الحصن، فتبعهم
المسلمون. فبينما علي يشتد في أثرهم، إذ ضربه يهودي على يده ضربة سقط
منها الترس، فبادر يهودي آخر، فأخذ الترس، فغضب علي، فتناول باب الحصن،
وكان من حديد، فقلعه، وتترس به عن نفسه»([1]).
قال ابن إسحاق:
حدثني عبد الله بن حسن، عن بعض أهله، عن أبي رافع مولى
رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
قال: خرجنا مع علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ حين بعثه رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من يهود ـ
وقد صرحوا بأنه مرحب([2])
ـ فطرح ترسه من يده فتناول علي باباً كان عند الحصن فترَّس به عن نفسه،
فلم يزل في يده، وهو يقاتل، حتى فتح الله تعالى عليه الحصن.
ثم ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتني في نفر سبعة أنا
ثامنهم، نجهد على أن نقلب ذلك الباب، فما نقلبه([3]).
وعن زرارة، عن الإمام الباقر
«عليه
السلام»:
انتهى إلى باب الحصن، وقد أغلق الباب في وجهه، فاجتذبه اجتذاباً، وتترس
به، ثم حمله على ظهره، واقتحم الحصن اقتحاماً، واقتحم المسلمون والباب
على ظهره..
إلى أن قال «عليه السلام»:
ثم رمى بالباب رمياً الخ..([4]).
قال الدياربكري:
ثم لما وضعت الحرب أوزارها ألقى علي ذلك الباب الحديد
وراء ظهره ثمانين شبراً.. وفي هذا قال الشاعر:
عـلي رمى بـاب المـديـنـة خـيـبر ثـمانـين
شــبراً وافـيـــاً لم يـثلـم([5])
غير أن الحلبي قال:
«قال
بعضهم: في هذا الخبر جهالة وانقطاع ظاهر.
قال:
وقيل: ولم يقدر على حمله أربعون رجلاً. وقيل: سبعون.
وفي رواية:
أن علياً كرم الله وجهه لما انتهى إلى باب الحصن اجتذب
أحد أبوابه، فألقاه بالأرض، فاجتمع عليه بعده سبعون رجلاً، فكان جهداً
أن أعادوه إلى مكانه»([6]).
وقال القسطلاني:
«قلع
علي باب خيبر، ولم يحركه سبعون رجلاً إلا بعد جهد».
وروى البيهقي من طريقين:
عن المطلب بن زياد، عن ليث بن أبي سليم، عن أبي جعفر
محمد بن علي ـ رضي الله عنه ـ عن آبائه، قال: حدثني جابر بن عبد الله:
أن علياً
«عليه
السلام»
حمل الباب يوم خيبر، حتى صعد عليه المسلمون فافتتحوها، وأنه جرب بعد
ذلك فلم يحمله أربعون رجلاً. رجاله ثقات إلا ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف([7]).
وفي شواهد النبوة:
روي أن علياً
«عليه
السلام»
بعد ذلك حمله على ظهره، وجعله قنطرة حتى دخل المسلمون الحصن([8]).
وهذا إشارة إلى وجود خندق كان هناك، فلما أغلقوا باب
الحصن صار أمير المؤمنين «عليه السلام» إليه، فعالجه حتى فتحه، وأكثر
الناس من جانب الخندق لم يعبروا معه، فأخذ أمير المؤمنين «عليه السلام»
باب الحصن فجعله على الخندق جسراً لهم، حتى عبروا، فظفروا بالحصن،
ونالوا الغنائم.
فلما انصرفوا من الحصن أخذه أمير المؤمنين
«عليه
السلام»
بيمناه، فدحا به أذرعاً من الأرض. وكان الباب يغلقه عشرون رجلاً([9]).
وقيل:
لما قلع علي
«عليه
السلام»
باب الحصن اهتز الحصن، فسقطت صفية عن سريرها، وشجت وجهها.
وقالوا أيضاً:
إن ضربته
«عليه
السلام»
على رأس مرحب بلغت إلى السرج، فقده نصفين([10]).
وخُبِّر النبي
«صلى
الله عليه وآله»
عن رميه
«عليه
السلام»
باب خيبر أربعين شبراً، فقال
«صلى
الله عليه وآله»:
والذي نفسي بيده، لقد أعانه عليه أربعون ملكاً([11]).
قال القسطلاني:
قال شيخنا: «قال
بعضهم: وطرق حديث الباب كلها واهية، ولذا أنكره بعض العلماء»([12]).
وفي بعضها قال الذهبي:
إنه منكر.
وفي الإمتاع:
وزعم بعضهم: أن حمل علي كرم الله وجهه الباب لا أصل له،
وإنما يروونه عن رعاع الناس، وليس كذلك. ثم ذكر جملة ممن خرجه من
الحفاظ»([13]).
ونقول:
إن لنا مع هذه النصوص العديد من الوقفات، نجملها فيما
يلي:
وقد يقال:
إن اختلاف الروايات في عدد الذين جربوا حمل ذلك الباب،
بين ثمانية رجال، وأربعين، وسبعين.. دليل على عدم صحة الرواية، وعلى أن
ثمة من يتعمد الكذب في هذا الأمر.
غير أننا نقول:
إن الاختلاف الذي يضر:
هو ذلك الذي يشير إلى تناقض لا مجال للخروج منه وعنه..
ولكن الأمر هنا
ليس كذلك، إذ لعل جميع هذه الروايات صحيحة، على اعتبار: أن محاولات حمل
أو قلب ذلك الباب قد تعددت، وفشلت كلها. فأخبر كل واحد من الرواة عن
الواقعة التي رآها.
وقد يقال أيضاً:
إن حديث اقتلاع باب خيبر قد جاء بصور مختلفة، حيث إن
بعضها ذكر: أن علياً
«عليه
السلام»
اقتلع باب حصن خيبر.
وبعضها يقول:
إن ترسه طرح من يده، فوجد عند الحصن باباً، فأخذه فترَّس به نفسه. فإذا
كانت الرواية متناقضة فلا يمكن الأخذ بها..
ونقول:
أولاً:
إن تناقض الرواية لا يعني أن جميع نصوصها مكذوبة.
ثانياً:
إن من الممكن:
أن يكون هناك بابان، ترَّس
«عليه
السلام»
بأحدهما عن نفسه، ثم لما انتهى إلى الحصن طرحه، وأخذ باب الحصن بيده،
فاقتلعه، وجعله جسراً للمسلمين، ليصعدوا عليه، وهو حامل له..
وربما يكون أحدهما:
هو الذي لم يستطع الثمانية أن يقلبوه..
والآخر:
هو الذي عجز عن حمله، الأربعون تارة، والسبعون أخرى..
وربما يكون أحدهما من الحديد، والآخر من الحجر، وقد
يختلط الأمر على الرواة، فيصفون أحدهما بما يكون للآخر..
وقد ذكرت الروايات:
أن الناس سمعوا تكبيراً من السماء في ذلك اليوم، وسمعوا
نداء يقول:
لا ســيــف إلا
ذو الـفــقـــــار ولا فـــتــــــى إلا عــــــــــلي
وقد أشرنا:
إلى بعض ما يستفاد من هذا النداء في واقعة أحد، في
الجزء السابع من هذا الكتاب (الطبعة الخامسة)، فلا بأس بمراجعة ما
ذكرناه هناك..
ونضيف هنا أموراً ثلاثة:
أحدها:
أن هذا التكبير، وذلك النداء هما بمثابة إعطاء الدليل
الحاسم لكل عاقل يحترم نفسه بحقانية هذا الدين، وبأنه مرعي من رب الأرض
والسماء، ولا بد أن يزيد هذا الأمر من صلابة الإنسان المؤمن في الدفاع
عن دينه، ويزيل أي شك، أو ريب من قلبه..
فلا مجال بعد هذا للتفكير بالفرار من الزحف، ولا مبرر
للضعف أمام مظاهر القوة، ولا يصح الانبهار بكثرة الأعداء.. فلا مبرر
إذن لأي فرار يحدث، أو ضعف يظهر بعد ذلك، كالذي حدث في حنين وفي خيبر،
أو في غيرهما.
كما لا مبرر لاستمرار اليهود على عنادهم، وكفرهم، بعد
أن رأوا هذه الآية السماوية الظاهرة.
فإصرارهم على الحرب يدل:
على أنهم ليسوا طلاب حق وحقيقة، وأنهم لا يتخذون مواقفهم تلك بسبب شبهة
عرضت لهم، أو لأنهم بحاجة إلى المزيد من الدلالات على الحق.
بل كل ما في الأمر هو:
أنهم ينقادون لشهواتهم، وأن الشيطان يزين لهم أعمالهم، ويعدهم،
ويمنيهم، وما يعدهم الشيطان إلا غروراً.
الثاني:
أن ذلك التكبير والنداء، الذي جاء بعد تحقيق هذا
الإنجاز العظيم، يمثل إدانة للذين هربوا، أو ضعفوا، وإعلان أن سيوفهم،
ليست سيوفاً حقيقية، وأن مظاهر الرجولة، والفتوة، والقوة فيهم ليست
واقعية، فإنه:
لا ســيــف إلا
ذو الـفــقـــــار ولا فـــتــــــى إلا عــــــــــلي
الثالث:
أن هذا التكبير قد جاء ليكون هو المفردة التي اختيرت
لإعلان هذا النصر، وربما يكون فيه أيضاً إلماحة: إلى أن السبب فيما جرى
للمسلمين، هو: اغترارهم بكثرتهم، وشعورهم بأنهم قد سجلوا انتصارات
عظيمة، حين كانوا دون هذا العدد.. كما في بدر وأحد، والخندق.. مع أن
تلك الإنتصارات لم تكن على أيديهم، بل كانت على يد علي «عليه السلام»
بالذات..
كما أن اليهود قد غرتهم أيضاً كثرتهم، وحسن عدتهم،
ومناعة حصونهم، ووفرة المال في أيديهم.. رغم أنهم قد رأوا ماذا كان
مصير أهل العدة من المشركين، وكذلك من إخوانهم الذين حاربوا النبي «صلى
الله عليه وآله» في بدر، وأحد، والخندق، وقريظة، وقينقاع، والنضير،
وغير ذلك..
وقد كان نصيب هؤلاء وأولئك هو الفرار، والهزيمة،
والبوار، وظهر لهم جميعاً؛ أن كل شيء يعتمدون عليه سوى الله ما هو إلا
يباب وسراب، فلا شيء أكبر من الله، ولايصح الاعتماد إلا عليه، ولا
اللجوء إلا إليه.
وقد جاء هذا البيان الإلهي، بهذه الطريقة الغيبية،
ليخاطب وجدان الإنسان وضميره، ويجعل هذا الوجدان هو الطريق إلى القلب،
الذي يوظف المشاعر الإيمانية، ونداء الفطرة، وما يقدمه العقل من شواهد
ودلالات في تمهيد السبيل إليه، واقتباس الدليل الواضح عليه..
ورووا أيضاً:
أن علياً «عليه السلام» لما شطر مرحباً شطرين نزل
جبرئيل من السماء متعجباً، فقال له النبي «صلى الله عليه وآله»: ممَّ
تعجبت؟
فقال:
إن الملائكة تنادي في صوامع جوامع السماوات:
لا ســيــف
إلا ذو الـفــقـــــار
ولا فـــتــــــى
إلا عــــــــلي([14])
وذكر أحمد في الفضائل:
أنهم سمعوا تكبيراً من السماء في ذلك اليوم، وقائلاً
يقول:
لا ســيــف إلا
ذو الـفــقـــــار ولا فـــتــــــى إلا عــــــــــلي
فاستأذن حسان بن ثابت رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
أن ينشد شعراً، فأذن له، فقال:
جـبريــل نـــادى
مــعـلنــــاً والـنـقــع لـيـس بــمــنـجـــلي
والمــسـلـمـون قـد أحــدقـوا حــول الــنـبــي
المـــــرســــل
لا سـيــف إلا ذو الـفـــقــــار ولا فــتـــى إلا
عــــــــــــلي([15])
قال سبط ابن الجوزي:
«فإن قيل: قد ضعَّفوا لفظة: لا سيف إلا ذو الفقار.
قلنا:
الذي ذكروه: أن الواقعة كانت في يوم أحد.
ونحن نقول:
إنها كانت في يوم خيبر».
وكذا ذكر أحمد بن حنبل في الفضائل:
وفي يوم أحد، فإن ابن عباس قال: لما قتل علي
«عليه
السلام»
طلحة بن أبي طلحة حامل لواء المشركين صاح صائح من السماء:
لا ســيــف إلا ذو
الـفــقـــــار ولا فـــتــــــى إلا عــــــــــلي
قالوا:
في أسناد هذه الرواية عيسى بن مهران، تكلم فيه، وقالوا:
كان شيعياً.
أما يوم خيبر فلم يطعن فيه أحد من العلماء([16]).
وقيل:
إن ذلك كان يوم بدر. والأول أصح.
وحين تصل النوبة إلى تضحيات علي
«عليه
السلام»
وكراماته، فإن الأذهان تتفتق, والمواهب تشرئب، والعبقريات الخارقة تنشط
من عقالها.. والبراعة الفائقة تتجلى, ونظارة التنقيب والاستقصاء تنطلق
لتتحرى, وتبحث وتنقب, لتستخرج المدخرات، ولتنثر الجواهر والدرر من
جعبتها, فيقولون لك:
هذا الخبر فيه جهالة, وذاك فيه انقطاع ظاهر, وذلك الخبر
ضعيف, أو منكر.
بل تجد من يقول:
طرق حديث الباب كلها واهية، أو حديث الباب لا أصل له,
أو أنه يروى عن رعاع الناس..
وقد فات هؤلاء الناس:
أولاً:
إذا ثبت حديث قلع الباب، وغيره من طريق أهل البيت
«عليهم السلام»، فلا نبالي ما يقول فلان، وما يسطره علان.. لأن أهل
البيت «عليهم السلام» أدرى بما فيه، وهم أحد الثقلين اللذين لن يضل من
تمسك بهما.
ولذلك تجدنا مطمئنين لما عندنا من حقائق لا يخالجنا
فيها شك، ولا تأخذنا في التمسك بها والحرص عليها لومة لائم..
ثانياً:
إن حديث قلع الباب ثابت حتى من طرق غير أهل البيت
«عليهم السلام» وشيعتهم الأبرار.
ولبيان زيف تضعيفاتهم لهذا الخبر
نقول:
إن الذين روي عنهم حديث قلع علي
«عليه
السلام»
باب خيبر, وأن أربعين أو سبعين رجلاً قد عجزوا عن حمله, أو عن قلبه, هم
من غير الشيعة, فإن كان ثمة
اختلاق
لهذا الخبر،
فلا تصح نسبته إلى الشيعة..
ثالثاً:
إن كون الطريق ضعيفاً لا يعني: أن مضمونه لا أصل له.
فإن الكذَّاب والوضَّاع لا يكون جميع ما يرويه مختلقاً وموضوعاً.. بل
يكون أكثر ما يرويه صحيحاً, ولكنه يدخل فيه بعض الموضوعات أو
التحريفات, التي تخدم أغراضه..
ولو كان جميع ما يرويه مختلقاً لوجد نفسه في موضع
الإفلاس، ولم يجد من يأخذ منه، وعنه.. فما معنى حكمهم الجازم على حديث
قلع الباب بالاختلاق والوضع، أو نحو ذلك؟!
رابعاً:
لقد حكموا على بعض طرق الحديث: بأن فيه انقطاعاً.
وقالوا عن خبر آخر:
إن رجاله ثقات, باستثناء شخص واحد هو ليث بن أبي سليم,
مع أنه وإن ضعَّف الكثيرون منهم ليثاً هذا, ولكن آخرين منهم قد أثنوا
عليه, ووصفوه بالصلاح والعبادة, وبغير ذلك,
ولم يصفه أحد بالكذب, ولا بالوضع
على الإطلاق..
بل قالوا عنه:
إنه
ضعيف في الحديث, أو مضطرب الحديث, أو ليِّن الحديث, أو نحو ذلك..
وذكروا هم أنفسهم أن سبب ذلك:
هو
أنه
اختلط في آخر عمره. فهذا هو السبب إذن في طعنهم عليه
وتضعيفه.
بل إنهم قد وثقوه, ووصفوه بأنه صدوق, وصاحب سنة, وصالح,
وعابد ونحو ذلك..
فذلك يدل على:
أنه في نفسه ليس من رعاع الناس, وإليك طائفة من كلماتهم فيه، نأخذها من
كتاب
تهذيب التهذيب
متناً وهامشاً.
قال الذهبي:
أحد العلماء، كوفي.
وقال ابن حجر في تقريب التهذيب:
صدوق، اختلط أخيراً, ولم يتميز حديثه, فترك.
وقال العجلي:
جائز الحديث.
وقال عبد الوارث:
من أوعية العلم.
وقال ابن معين:
منكر الحديث، صاحب سنة.
وقال عثمان ابن أبي شيبة:
صدوق ضعيف الحديث.
وقال ابن شاهين:
في الثقات.
وقال الساجي:
صدوق فيه ضعف, كان سيِّئ الحفظ, كثير الغلط.
وقال البزار:
كان أحد العُبَّاد, إلا أنه أصابه اختلاط, فاضطرب
حديثه, وإنما تكلم فيه أهل العلم بهذا, وإلا فلا نعلم أحداً ترك
حديثه..
وقال ابن سعيد:
كان رجلاً صالحاً عابداً.. وكان ضعيفاً في الحديث..
ثم ذكر:
أنه كان يسأل عطاء, وطاووساً، ومجاهداً، فيختلفون فيه,
فيروي أنهم اتفقوا من غير تعمد.
وقال ابن حِبان:
اختلط في آخر عمره, فكان يقلب الأسانيد, ويرفع المراسيل
الخ..
وقال الدارقطني:
صاحب
سنة, يكتب حديثه, إنما أنكر عليه الجمع بين عطاء،
وطاووس، ومجاهد حسب..
وسئل عنه يحيى, فقال:
لا بأس به.
وقال ابن عدي:
له أحاديث صالحة, وقد روى عنه شعبة والثوري, ومع الضعف
الذي فيه يكتب حديثه.
وقال محمد:
ليث صدوق, يهم.
وقال فضيل بن عياض:
كان ليث أعلم أهل الكوفة بالمناسك.
وسأل ابن أبي حاتم أباه عنه، فقال:
ليث عن طاووس أحب إلي من سلمة بن وهرام عن طاووس.
قلت:
أليس تكلموا في ليث؟
قال:
ليث
أشهر من سلمة.
ولا نعلم روى
عن سلمة إلا ابن
عيينة، وربيعة.
فهذه العبارات وأمثالها قد أفادت:
أن اختلاطه في آخر عمره هو السبب في تكلمهم في حديثه,
أما هو نفسه فقد وصفوه بأجل الأوصاف كما رأينا..
فإذا حصل الاطمئنان:
بأن ما رواه إنما رواه قبل الاختلاط, خصوصاً
إذا تأيدت صحته من طرق أخرى,
كما في رواية عبد الله بن حسن، عن بعض أهله، عن أبي
رافع, وكذلك غيرها من الطرق التي ذكرها البيهقي في دلائل النبوة, وما
أورده في الإمتاع, فإن الرواية تصبح صحيحة، ولا
يكون رواتها من
الرعاع، وليس فيها انقطاع ولا جهالة، ولا غير ذلك.
رابعاً:
قد ذكر العلماء:
أن تعدد طرق الحديث يعد من الشواهد التي توصله إلى درجة الحسن([17]).
وقال الزرقاني:
«..ومن
القواعد: أن تعدد الطرق يفيد: أن للحديث أصلاً»([18]).
خامساً:
ما معنى وصف رواة هذا الحديث بأنهم من رعاع الناس..
وفيهم جعفر بن محمد، عن آبائه «عليهم السلام», وفيهم أبو رافع, وعبد
الله بن حسن, وسواهم ممن يعتمد عليهم نفس هؤلاء الجارحين, ويصفونهم
بالأوصاف الحميدة, ويثنون عليهم الثناء الجميل, ويعظمونهم؟!
سادساً:
إن رواة هذه القضايا, والذين دوّنوها في مجاميعهم
الحديثية والتاريخية ـ وهم من غير الشيعة ـ إنما رووها ودونوها
باختيارهم، وبمبادرة منهم.
وقد ذكروا لها أسانيد فيها رجال يحترمونهم، ويعتمدون
عليهم، ويأخذون عنهم معالم دينهم، فهل من المعقول أن يكذب هؤلاء على
علمائهم، وأن ينسبوا لهم الموضوعات، والمختلقات؟!
فكيف إذا كان هؤلاء الرواة ممن لا يحبون إظهار فضائل
علي
«عليه
السلام»؟!
حتى إذا رووا فضيلة له
«عليه
السلام»,
فإنما يضطرهم إلى روايتها ظهور شهرتها, وذيوع صيتها, وعدم تمكنهم من
تجاهلها, لأن إهمالهم لها يضعف الثقة بعلمهم, وبإحاطتهم, وبصحة
معارفهم..
ولأجل ذلك:
يحاولون الإبهام والإيهام فيها قدر الإمكان, ويسعون إلى
إعطاء الأوسمة, ومنح الفضائل والكرامات للفريق المناوئ لعلي
«عليه
السلام».
وهذا أمر لا يكاد يخفى على من له أدنى معرفة بالحديث
والتاريخ..
وأخيراً نقول:
وما أوفق قول الشاعر الآتي بمقامنا هذا:
ومكـارم
شـهــد العدو بفضلها والـفـضـل مـا شهدت به الأعداء
ثم إنهم قد رووا أيضاً:
أن علياً
«عليه
السلام»
قال: ما قلعت باب خيبر بقوة جسمانية، ولكن بقوة إلهية([19]).
وفي نص آخر:
أن عمر سأل علياً
«عليه
السلام»
قال: يا أبا الحسن، لقد اقتلعت منيعاً، وأنت ثلاثة أيام خميصاً، فهل
قلعتها بقوة بشرية؟!
فقال «عليه السلام»:
ما قلعتها بقوة بشرية، ولكن قلعتها بقوة إلهية، ونفس
بلقاء ربها مطمئنة رضية([20]).
وجاء في رسالته «عليه السلام» لسهل
بن حنيف قوله:
«والله،
ما قلعت باب خيبر، ورميت به خلف ظهري أربعين ذراعاً بقوة جسدية، ولا
حركة غذائية، لكنني أيدت بقوة ملكوتية، ونفس بنور ربها مضيئة، وأنا من
أحمد كالضوء من الضوء الخ..»([21]).
ونقول:
1 ـ
بالرغم من أن علياً
«عليه
السلام»
قد حقق أعظم إنجاز بفتح خيبر وبقلع باب حصنها، وجعله ترساً وحمله بيده
جسراً.. فإنه لا ينسب ذلك إلى نفسه، ولا يدَّعي: أنه قد فعل ذلك بقوته
الشخصية، وبقدرته الذاتية، بل هو قد نسب ذلك إلى قدرة الخالق جل وعلا..
وبذلك يكون قد لقن نفسه، وعلَّم الناس بصورة عملية درساً في هضم النفس
وفي التواضع لله عز وجل، والإستكانة والخضوع له.
2 ـ
إنه بذلك يكون قد أبعد الناس عن الغلو فيه، من حيث إنه
قد أفقدهم أي مبرر لذلك، وقد كان
«عليه
السلام»
مهتماً بالحفاظ على صفاء الفكر ونقاء العقيدة لدى كل الآخرين وقد
عرَّفهم أيضاً: أن الأمور لا تؤخذ على ظاهرها، بل لا بد من التأمل
والتدبر والتفكر فيها، ووضع الأمور في مواضعها الصحيحة.
3 ـ
إنه
«عليه
السلام»
قد أوضح: أن الاطمينان إلى لقاء الله سبحانه، والرضا به هو العنصر
المؤثر على صعيد التضحية والجهاد، أما إذا بقي الإنسان متعلقاً بالدنيا
ومخلداً إلى الأرض، فإنه لن يتمكن من تحقيق شيء، بل هو سوف يبقى يعيش
الضعف، والهروب، والفشل الذريع، والخيبة القاتلة، والخزي في الدنيا،
والخسران في الآخرة.
وبعد، فإننا إذا رجعنا إلى عالم الشعر, فسنجد أنه قد
خلد هذه الواقعة بكل تفاصيلها. فآلم ذلك قلوب مناوئي علي
«عليه
السلام»,
وأقضَّ مضاجعهم.
ونكتفي هنا:
بذكر مقطوعة واحدة تذكر فرار الذين فروا من خيبر, وهي
مقطوعة من القصيدة البائية لابن أبي الحديد المعتزلي.
ثم نعقب ذلك:
بنماذج من الشعر الذي ذكر فيه قلع علي
«عليه
السلام»
باب خيبر, وسوف لا نكثر من ذلك, ولا نتجاوز فيما نختاره موضع الشاهد.
فأما المقطوعة التي أنشدها المعتزلي في بائيته
المشهورة, فهي التالية:
وما
أنس لا أنس اللـذين تقدمــا وفـرهمــا والــفــرّ قد
علما حوب
وللرايــة العظمى وقـد ذهبـا بها مـلابـس ذل فـوقـهـا
وجـلابيـب
يشلهـما من آل مـوسى شـمـردل طويل نجاد السيف أجيـد يعبوب
يـمج منـونـاً سـيـفـه وسنانـــــه ويـلـهب نـاراً غـمـده
والأنابيـب
أحضرهما أم حضر أخرج خاضب وذان همـا؟ أم نـاعم الخد مخضوب
عـذرتـكـما إن الحــمام لمـبـغــض وإن بـقـاء النفس
للنفس محـبوب
ليكره طعم المـوت والموت طـالب فكيف يلذُّ الموت والموت مطلوب([22])
وأما القدر اليسير، الذي اخترناه من الكثير مما قيل في
قلع علي
«عليه
السلام»
لباب خيبر, فهو ما يلي:
قال ابن حماد العبدي، (وهو من أعلام القرن الرابع) في
جملة قصيدة له:
وزج بباب الحصن عـن أهـل خيبر
وسـقَّـى الأعـادي حتفها وحماها([23])
وقال أيضاً:
وأبـوهـم لبـاب خـيـبر أضـــحى قالعــاً ليس عـاجــزاً بـل جسورا
حـامل الـرايـة التي ردهـــا بـــالأ مس مـن لم يـزل جبـانـاً
فــرورا([24])
وقال
أبو القاسم الزاهي (المتوفى سنة 352هـ):
من أعـطي الــرايــة يـــوم خـيـبر
من بعـدما بها أخو الدعوى نكص
وراح فـيـهـا مـبـصـراً مستبـصـراً وكـان أرمـداً بـعـيـنـه
الــرمـص
فـاقـتـلـع البـاب ونـــال فـتــحـه ودكَّ طــود مـرحــب لمـا قعص([25])
وقال أبو فراس الحمداني (المتوفى سنة 357هـ):
من كان صاحب فتح خيبر من رمى
بالـكــف مـنــه بــابه ودحـــاه([26])
وقال بعض الشعراء، في فرارهم، وفي فتح الله تعالى خيبر
على يدي علي
«عليه
السلام»:
إذا كـنـتـم ممـن يــروم لحــاقـــه
فـهـلا برزتم نحو عمرو ومرحب
وكيـف فـررتـم يـوم أحد وخيـبر ويـوم حـنـين مـهـربـاً بعد مهرب
ألم تـشهدوا يوم الإخـاء وبيعـة الـ ـغـديـر وكـل حـضر
غـير غـيب
فـكـيـف غـدا صنو النفيـلي ويحـه أمـيراً عـلى صـنـو الـنبي
المرجب!
وكـيـف علا من لا يطا ثوب أحمد على من عـلا من أحمد فوق
منكب
إمـام هدى ردت له الشمس جهرة فصـلى أداءً عصره بعـد مغــربِ([27])
وقال القاضي الجليس (المتوفي سنة 561هـ.) في
جملة قصيدة يمدح بها علياً
«عليه
السلام»:
ومن هـزَّ باب الحصن في يوم خيبر
فزلـزل أرض المشركين وزعزعـا([28])
وقال ابن مكي النيلي (المتوفي سنة565هـ): من
قصيدة يمدح بها أمير المؤمنين
«عليه
السلام»:
فهـزهـا فـاهـتـز من حــولهـــم
حصنـاً بنـوه حجــراً جـلمــــدا
ثــم دحــا البـــاب على نـبـــذة تمــســح خمسـين
ذراعـــاً عــددا
وعـــبر الجــيـش عــلى راحــته حيــدرة الطــاهــــر
لمـــا وردا([29])
وقال علاء الدين الحلي (وهو من أعلام القرن الثامن), في
قصيدة له:
ودنـا مـن الحصن الحصـين وبابـه
مسـتـغـلـق حــذر المـنـية موصد
فـدحــاه مـقـتـلعـاً لـه فغـدا لـه حسـان ثـابـت في
المـحـافل ينشد
إن امـرءاً حمــل الــرتـاج بـخـيبر يــوم الــغدير بـقـدرة
لمــؤيــــد
حمـل الرتـاج رتـاج باب قموصها والمـسـلـمـون وأهـل خيبر
تشهد
فـرمــى بـه ولقـد تـكـلـف رده سبـعـون شـخـصـاً كلهم متشدد
ردوه بــعــد تـكـلـف ومشـقـة ومـقـال بـعضهم لبعض أرددوا([30])
وقال أيضاً في قصيدة أخرى:
أم
يـوم خـيـبر إذ بـرايـة أحـمـد ولى لـعـمـرك خـائـفـاً
متوجـــلا
ومـضـى بهـا الثـاني, فآب يجرهـا حــذر المـنـيـة
هـــارباً ومهـرولا
هـلا سـألتهـما وقـد نـكصـا بهـا متخاذلـين إلى
الـنـبــي وأقـبـــلا
من كان أوردها الحتوف سوى أبي حسن وقـام بهـا المـقــام المــهولا
وأبـاد مـرحـبـهـم ومـد يـمـيـنه قلـع الـرتاج وحصن خيبر
زلزلا([31])
ويقول زين الدين الحميدي:
جـعـل
الـبـاب معجز القول ثقلاً تـــرسه يـــوم خيـبر بنجــــاء([32])
هذا وقد ذكر الصاحب بن عباد في كتابه «الإبانة»
قول رسول الله «صلى الله عليه وآله» لعلي
«عليه
السلام»
في خيبر: لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله, ويحبه الله
ورسوله, كرار غير فرار.
وأنه
«عليه
السلام»
قاتل مرحب, وقالع باب خيبر([33])
وذلك في سياق رده على أقوال العثمانية, وطوائف الناصبية, فراجع.
هذا، وقد صرحت بعض الروايات:
بأن حصن القموص ليس هو آخر الحصون التي فتحها الرسول
«صلى
الله عليه وآله»،
وعلي
«عليه
السلام»،
بل هناك قلعة أخرى فتحت بعده، يقول النص:
«ولما
فتح علي حصن خيبر الأعلى بقيت لهم قلعة فيها جميع أموالهم، ومأكولهم.
ولم يكن عليها حرب بوجه من الوجوه.
فنزل رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
محاصراً لمن فيها، فصار
إليه يهودي منهم،
فقال: يا محمد،
تؤمنني على نفسي،
وأهلي،
ومالي،
وولدي،
حتى أدلك على فتح القلعة؟
فقال له النبي «صلى الله عليه
وآله»:
أنت آمن، فما دلالتك؟
قال:
تأمر أن يحفر هذا الموضع؛
فإنهم يصيرون إلى ماء أهل القلعة،
فيخرج ويبقون بلا ماء،
ويسلمون إليك القلعة طوعاً.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»:
أويحدث الله غير هذا وقد أمناك؟!
فلما كان من الغد ركب رسول الله «صلى
الله عليه وآله»
بغلته،
وقال للمسلمين: اتبعوني.
وسار نحو القلعة، فأقبلت السهام والحجارة نحوه،
وهي تمر عن يمنته ويسرته،
فلا تصيبه ولا أحداً
من المسلمين شيء
منها حتى وصل رسول الله «صلى
الله عليه وآله»
إلى باب القلعة.
فأشار بيده إلى حائطها، فانخفض الحائط حتى صار مع
الأرض،
وقال للناس: ادخلوا القلعة من رأس الحائط بغير كلفة»([34]).
ونقول:
تستوقفنا هنا أمور عديدة، نكتفي منها بما يلي:
1 ـ
إن هذه الرواية إذا صحت، فإنها تكون حجة على اليهود،
تفرض عليهم التخلي عن اللجاج والعناد، وتوجب عليهم قبول الحق.. وتكون
أيضاً آية للمسلمين تقوي من ثباتهم، وتربط على قلوبهم. وتعرفهم بأن
الله سبحانه يرعى نبيه
«صلى
الله عليه وآله»،
ويحفظه، ويسهل له العسير، وأن انتصاره ليس متوقفاً على أحد منهم، ولا
منوطاً بهم.
فإذا فروا، فإن فرارهم يحرمهم من الخيرات والبركات،
ويوجب لهم المذلة في الدنيا، والخسران في الآخرة..
2 ـ
إنه
«صلى
الله عليه وآله»
لم يعمل بمشورة اليهودي، واستعاض عنها بإظهار هذا الأمر الخارق للعادة،
من أجل أن يسهل على الناس تحصيل القناعة بهذا الدين، والدخول في زمرة
أهل الإيمان، والتخلي عن الإستكبار والجحود..
3 ـ
إنه
«صلى
الله عليه وآله»
رغم عدم عمله بمشورة ذلك اليهودي، لكنه لم ينقض الأمان الذي أعطاه
إياه، بل هو قد صرح بأنه ملتزم به، وحافظ له..
4 ـ
إننا نحتمل جداً أن تكون هذه القضية هي الرواية الصحيحة
التي أوردناها فيما سبق، وذكرت أن بعض اليهود دل النبي «صلى الله عليه
وآله» على دبول (أي جدول، أو نفق) لليهود تحت الأرض، وأنهم سوف يخرجون
منه..
وربما تكون أيضاً هي الأصل للرواية
الأخرى التي تزعم:
أن النبي
«صلى
الله عليه وآله»
قد سمم لهم المياه التي يشربون منها.
وللرواية الثالثة التي تقول:
إنه
«صلى
الله عليه وآله»
قد رمى حصن النزار بكف من تراب فساخ، ولم يبق له أي أثر. وذلك بعد قتال
وحصار..
وقد ذكرنا هذه الروايات في تضاعيف كلامنا، في المواضع
المناسبة، وناقشناها هناك بما لاح لنا. والله هو الموفق والهادي إلى
سواء السبيل..
علي
يفتح
خيبر وحده:
إن النصوص المتقدمة تؤكد على:
أن علياً
«عليه
السلام»
هو الذي فتح خيبر دون سواه. فقد ذكرت: أنه لما خرج أهل الحصن، بقيادة
الحارث أخي مرحب، هاجموا أصحاب رسول الله
«صلى الله عليه وآله» «فانكشف
المسلمون، وثبت علي»([35]).
ويقول علي «عليه السلام» مخاطباً يهودياً سأله عن
علامات الأوصياء:
إنَّا وردنا مع رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
مدينة أصحابك خيبر، على رجال من اليهود وفرسانها، من قريش وغيرها،
فتلقونا بأمثال الجبال، من الخيل، والرجال، والسلاح، وهم في أمنع دار،
وأكثر عدد، كل ينادي، ويدعو، ويبادر إلى القتال، فلم يبرز إليهم من
أصحابي أحد إلا قتلوه.
حتى إذا احمرت الحدق ودعيت إلى النزال، وأهمت كل امرئ
نفسه، والتفت بعض أصحابي إلى بعض، وكل يقول: يا أبا الحسن انهض.
فأنهضني رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
إلى دارهم، فلم يبرز إلي منهم أحد إلا قتلته، ولا يثبت لي فارس إلا
طحنته، ثم شددت عليهم شدة الليث على فريسته حتى أدخلتهم جوف مدينتهم،
مسدداً عليهم، فاقتلعت باب حصنهم بيدي، حتى دخلت عليهم مدينتهم وحدي،
أقتل من يظهر فيها من رجالها، وأسبي من أجد من نسائها، حتى افتتحتها
وحدي، ولم يكن لي فيها معاون إلا الله وحده([36]).
وهذا صريح في:
أن الذين كانوا مع علي
«عليه
السلام»
قد هربوا عنه، وبقي
«عليه
السلام»
وحده، وبالتالي يكون
«عليه
السلام»
قد أخذ المدينة وحده.
ثم إن في هذا النص الذي ذكرناه إشارات عديدة، منها:
1 ـ
أنه «عليه السلام» ذكر: أن اليهود لم يكونوا وحدهم في
خيبر، بل كان معهم فرسان من قريش، ومن غيرها. وقد بقوا يحاربون معهم
إلى النهاية..
2 ـ
أن أعداد مقاتلي خيبر كانت كبيرة جداً، حتى إنه
«عليه
السلام»
يصفهم بأمثال الجبال من الرجال، والخيل، والسلاح، وبأنهم قد قاتلوا
المسلمين بأكثر عدد، وأمنع دار..
3 ـ
أن رغبة اليهود ومن معهم في الحرب كانت جامحة وقوية
بصورة غير عادية..
4 ـ
أنه يظهر من كلامه
«عليه
السلام»:
أن عدد القتلى من المسلمين لم يكن قليلاً، حيث قال: فلم يبرز من أصحابي
أحد إلا قتلوه.
5 ـ
أن المسلمين قد تضايقوا إلى حدّ أن كلاً منهم قد أهمته
نفسه.
6 ـ
أنهم كانوا يرون: أن أحداً سواه
«عليه
السلام»
لا يستطيع كشف هذه الغمة عنهم، فكانوا يحثونه على مباشرة الحرب رغم ما
هو فيه من رمد في العين، وصداع في الرأس.
7 ـ
أنه
«عليه
السلام»
قد طحن ذلك العدو طحناً، حتى أدخلهم إلى جوف حصنهم.
8 ـ
أنه
«عليه
السلام»
قد اقتلع باب حصنهم، ودخل وحده، ولم يشاركه المسلمون في ذلك، فإن كانوا
قد شاركوه فإنما كان ذلك بعد سكون رياح الحرب..
9 ـ
والأهم من ذلك: تأكيده
«عليه
السلام»
على أنه هو الذي فتح خيبر، وأن أحداً غير الله تعالى لم يعنه على ذلك.
فلا يصح قولهم:
«وقام
الناس مع علي حتى أخذ المدينة».
لأن الناس بعد أن قاموا قد انهزموا أمام اليهود من أهل
الحصن.
ولكن حين هاجمهم علي
«عليه
السلام»،
وأخذ باباً كان عند الحصن، ثم قتل
«عليه
السلام»
مرحباً وسائر الفرسان، انهزم اليهود إلى داخل حصنهم، واقتلع
«عليه
السلام»
بابه، وهاجمه، فثاب إليه المسلمون، وحمل
«عليه
السلام»
باب الحصن بيده، وصار المسلمون يصعدون عليه، ويمرون إلى الحصن، فلما
حصل له ما أراد ألقاه خلف ظهره ثمانين شبراً..
فلم يساعده المسلمون في الفتح، كما تحاول بعض الروايات
أن تدَّعيه، بل الحقيقة، كل الحقيقة هي: أن علياً
«عليه
السلام»
قد فتح الحصن وحده، ومن دون مساعدة أحد.
ولأجل ذلك:
نسب النبي
«صلى
الله عليه وآله»
الفتح إلى علي
«عليه
السلام»
كما تقدم.
كما أن نفس روايات الفتح فيها تصريحات عديدة بأنه
«عليه
السلام»
هو الذي أخذ المدينة، ولا تشير طائفة منها إلى مشاركة أحد له في ذلك،
فراجع النصوص في مصادرها تجد صحة ذلك.
بل فيها:
أنه
«عليه
السلام»
قد فتح الحصن قبل أن يلحق آخر الناس بأولهم، كما صرحت به بعض الروايات([37]).
وفي نص آخر:
روي عن عبد الله بن عمر، قال:
«فلا
والله ما تتامت الخيل حتى فتحها الله عليه»([38]).
وتقدم أنهم قالوا في الحديث الوارد في تفسير قوله
تعالى: ﴿..وَأَثَابَهُمْ
فَتْحاً قَرِيباً﴾([39]):
«أجمعوا
على أنه فتح خيبر، وكان ذلك بيد علي بن أبي طالب بإجماع منهم».
وهذا، وسواه يجعلنا نعتقد:
أن ذلك من الواضحات، فلا حاجة إلى تكثير النصوص
والمصادر.
لقد روى حديث جهاد علي
«عليه
السلام»
في خيبر جم غفير، وجماعة كثيرة، منهم:
1 ـ
علي أمير المؤمنين
«عليه
السلام».
2 ـ
الحسن المجتبى
«عليه
السلام».
3 ـ
سهل بن سعد.
4 ـ
حسان بن ثابت.
5 ـ
بريدة الأسلمي.
6 ـ
سويد بن غفلة.
7 ـ
أبو ليلى الأنصاري.
8 ـ
عبد الرحمن بن أبي ليلى.
9 ـ
ابن عباس.
10 ـ
عمر بن الخطاب.
11 ـ
أنس بن مالك.
12 ـ
أبو هريرة.
13 ـ
سلمة بن الأكوع.
14 ـ
سعد بن مالك.
15 ـ
عمران بن حصين.
16 ـ
الضحاك الأنصاري.
17 ـ
أبو سعيد الخدري.
18 ـ
أبو رافع.
19 ـ
ابن عمر.
20 ـ
جابر بن عبد الله الأنصاري.
21 ـ
عامر بن سعد.
22 ـ
سعد بن أبي وقاص.
23 ـ
حذيفة.
ويبقى هنا أن نشير إلى قول رسول الله
«صلى
الله عليه وآله»
لعلي
«عليه
السلام»
حين رجع: رضي الله عنك، ورضيت أنا منك.. حيث لا بد لنا من عطفه على
قوله حينما بعثه:
«فاستبشر
بالرضوان والجنة».
وذلك بعد أن أخبر
«صلى الله عليه وآله»
بأن جبرئيل
«عليه
السلام»
معه، وأن معه سيفاً لو ضرب الجبال لقطعها.
إذن، فهو «صلى الله عليه وآله»
يبشره أولاً:
بالرضوان وبالجنة. وبعد رجوعه يخبره بأنه قد حصل على ما
كان قد بشره به، وذلك ليسمع الناس أولاً وأخيراً: أن ما يقوله لهم هو
الحق بعينه، وليس مجرد دعاءٍ يخضع في استجابة الله تعالى له للمتغيرات
والطوارئ.
ويلاحظ أيضاً:
أنه
«صلى الله عليه وآله»
بشره بالرضوان، لا بمجرد الرضا، فهو رضوان تام وشامل لمختلف الحالات،
ومنبسط على جميع الجهات، والخصوصيات، وهو أيضاً رضوان ليس له حد، بل هو
مستغرق لجميع مراتب الرضا.
ولذلك فإنه حين أخبره برضا الله تعالى، ورضا رسوله
«صلى
الله عليه وآله»
عنه، فإنما أخبره بالرضا التام، الذي يعني جميع المراتب، وفي مختلف
الجهات، وجميع الحالات.
ومن الواضح:
أن هذا الرضا قد استحقه
«عليه
السلام»
من خلال جهد بذله، وعمل أنجزه، وجهاد قبله الله تعالى منه..
وقد اعتبر الرسول
«صلى الله عليه وآله»
ذلك بشارة له..
أما الآخرون الذين هربوا:
فلم يكن رضوان الله تعالى ورسوله
«صلى الله عليه وآله»
هو المطلوب لهم، أو المهم عندهم، بل كانت أنفسهم هي الأهم بالنسبة
إليهم. ولعلهم لا يعدون الحصول على رضا الله ورسوله بشارة ذات قيمة
لهم..
ويلاحظ:
اختلاف التعبير بين كلمتي عنك ومنك، فالرضا الإلهي
عدِّي بعن، ورضا الرسول عدِّي بمن.
كما أن بشارة النبي
«صلى الله عليه وآله»
لعلي
«عليه
السلام»
لم تكن بالنجاة من الأعداء، ولا بغير ذلك مما يطلب في هذه الحياة
الدنيا، وإنما بشَّره بالرضوان وبالجنة..
ولإظهار تشريفه وتكريمه
«عليه
السلام»
تولى رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
بنفسه إلباسه درعه، وتقليده سيفه ذا الفقار.. وهو السيف الذي أكرمه
الله تعالى بالنداء بالثناء عليه من السماء في بدر، وفي أحد، ثم في
خيبر كذلك..
ثم أعلن «صلى الله عليه وآله»:
بأن الله عز وجل يجعل معه أكرم ملائكته، وهو جبرئيل،
ومعه سيف لو ضرب الجبال لقطعها.. وذلك تعبيراً منه
«صلى الله عليه وآله»
عن اليقين بالنصر، وإظهاراً لكرامة علي
«عليه
السلام»
على الله سبحانه وتعالى..
علي
سيد العرب هي الأصعب عليهم:
ثم إنه
«صلى الله عليه وآله»
قد شرَّف علياً
«عليه
السلام»
بوسام آخر لا نشك في أنه كان هو الأصعب على حاسديه ومناوئيه، الذين لم
يكن يهمهم أن يقول النبي
«صلى الله عليه وآله»
في علي
«عليه
السلام»
ما شاء مما يرتبط بالآخرة، أو في عالم السماء والملائكة، وكل ما هو
غيب..
بل المهم عندهم:
هو ما يؤثر على مشاريعهم الدنيوية، التي يرون أنه هو
المانع الأكبر من وصولهم إليها..
وهذا الوسام هو:
أنه
«صلى الله عليه وآله»
قد أعلن: أن علياً
«عليه
السلام»
هو
«سيد
العرب»،
وهذا يصادم بصورة مباشرة وخطيرة ما كانوا يفكرون فيه؛ لأن سيادته على
العرب تعني سيادته عليهم أيضاً، لأنهم من العرب..
وإذا سمع الناس هذا التصريح النبوي، فإنهم سوف لا يرضون
بغير علي
«عليه
السلام»
لهم قائداً، ورائداً، وسيداً، وهذا سوف يضيف إلى هموم هؤلاء الطامحين
هماً جديداً، قد يكون هو الأصعب عليهم في صراعهم مع علي
«عليه
السلام»..
والأمرّ والأدهى بالنسبة إليهم:
أنه
«صلى الله عليه وآله»
قد سد عليهم منافذ التأويل، وأفقدهم القدرة على الإلتفاف، حين بيَّن:
أن عليهم أن يفهموا السيادة بمعناها الدقيق، وليست مجرد نعت اقتضته
مصلحة إرضاء علي
«عليه
السلام»،
ودغدغة عواطفه، ليكون شعاراً فضفاضاً ينعش النفس بالأحلام، ويُلِذُّها
بالتصورات.
وليس المقصود وصفه «عليه السلام» بالسيادة في أجواء
الحرب والقتال، أو السيادة في الفروسية، أو نحو ذلك..
بل المقصود هو:
إثبات سيادته التامة، والشاملة، تماماً كما كان النبي
«صلى الله عليه وآله»
سيد ولد آدم
«عليه
السلام».
ولما بلغ النبي
«صلى الله عليه وآله»
فتح خيبر سر بذلك غاية السرور، فاستقبل علياً
«عليه
السلام»،
واعتنقه، وقبَّل بين عينيه، وقال: بلغني نبؤك المشكور، وصنعك، رضي الله
عنك، ورضيت أنا منك([40]).
أو: بلغني نبؤك المشكور، وصنيعك المذكور، قد رضي الله عنك، فرضيت أنا
عنك.
فبكى علي «عليه السلام»، فقال له:
ما يبكيك يا علي؟!
فقال:
فرحاً بأن الله ورسوله عليَّ راضيان([41]).
وعن علي «عليه السلام»، قال:
قال لي رسول الله
«صلى الله عليه وآله»
يوم فتحت خيبر: لولا أن تقول طائفة من أمتي مقالة النصارى في عيسى بن
مريم
«عليه
السلام»
لقلت فيك اليوم مقالاً، لا تمر بملأ من المسلمين إلا أخذوا من تراب
رجليك، وفضل طهورك يستشفون به، ولكن حسبك أن تكون مني، وأنا منك الخ..([42]).
فالنبي «صلى الله عليه وآله» يصرح
هنا:
بأنه قد خشي من غلو بعض الناس في علي
«عليه
السلام»،
وأن يقولوا فيه كما قالت النصارى في عيسى
«عليه
السلام»..
فكان ذلك هو المانع له عن أن يقول فيه مقالاً، لا يمر
بأحد إلا أخذ من تراب رجليه، وفضل طهوره للاستشفاء به، ولكن حسبك أنك
مني، وأنا منك..
وتفيدنا هذه القضية أموراً عديدة، نذكر منها ما يلي:
1 ـ
إن هذا يدل على: أن الناس ما كانوا في المستوى المطلوب،
فيما يرتبط بوعيهم لقضايا العقيدة، وحدودها، فكانت البيانات النبوية
تراعي حالهم، فلا تصرح لهم إلا بالمقدار الذي لا يوجب أية سلبية من هذه
الناحية..
وذلك لأن سلامة العقيدة هي الأهم والأولى بالمراعاة،
فلا يصح حشد المعلومات والمعارف، وتكديسها، إذا كان ذلك سيضر
بالإعتقاد، بل تبقى المستويات الدنيا، والقناعة بالقليل منها مع
السلامة أولى من الكثرة بدونها..
2 ـ
إن هذا يشير إلى: أن ما صدر من النبي «صلى الله عليه
وآله» في حق علي «عليه السلام» لم يكن هو كل ما يعرفه النبي الكريم
«صلى الله عليه وآله» عن علي «عليه السلام». على قاعدة: يا علي ما عرفك
إلا الله وأنا.
3 ـ
إن لقتل مرحب، وفتح الحصون، وقلع باب خيبر بتلك الطريقة
الإعجازية، دلالاته القوية على وجود سمات وميزات باطنية عالية القيمة
لدى أمير المؤمنين «عليه السلام». وأن الأمر لا يقتصر على موضوع
الشجاعة والقدرة الجسدية، ولا ربط له بدرجة الانقياد لأوامر النبي «صلى
الله عليه وآله» كما أنه لم يكن من منطلق علاقة المحبة النسبية، وعلاقة
الإلف والتربية والخصوصية..
وإنما هناك ما هو أعظم وأولى من ذلك كله.. ألا وهو تلك
المعاني التي لو اطلع عليها الناس العاديون، لوجدوا فيها ما يدعوهم إلى
الغلو فيه، وإعطائه صفات الإله، تماماً كما كان الحال بالنسبة إلى قول
النصارى في عيسى
«عليه
السلام».
وهي تلك المعاني التي تثير الحوافز لديهم لأخذ التراب من تحت قدميه،
وأخذ فضل وضوئه للاستشفاء به..
4 ـ
إن هذا يشير إلى أن الاندفاع للاستشفاء بآثار الأولياء،
فضلاً عن الأنبياء
«عليهم
السلام»،
وبكل من وما ينتسب إلى الله سبحانه، وينتهي إليه لهو أمر مركوز في
وجدان الناس، وكامن في عمق فطرتهم، وضميرهم..
فإذا وجدت مكوناته وتوفرت المؤثرات والحوافز له، فإنه
لا بد أن يجد طريقه للظهور على حركات الناس، وتصرفاتهم، بصورة تبرك في
فضل الوضوء، واستشفاء بالتراب، أو بأي شيء ينسب إلى مصدر القداسة، ومحل
البركة..
5 ـ
ولعلك تسأل، عن أنه إذا كان التبرك والاستشفاء بتراب
قدمه، وبفضل وضوئه
«عليه
السلام»
محذوراً، فهذا يدل على صحة ما تدَّعيه بعض الفرق من حرمة التبرك
بالأشخاص، واعتبار ذلك من الشرك.
وقد يؤيد مقالتهم هذه:
التوطئة لهذا الكلام بقوله
«صلى الله عليه وآله»:
لولا أن يقول الناس فيك ما قالته النصارى في عيسى.
ونقول في الجواب:
لقد كان الناس ـ بلا شك ـ يتبركون بفضل وضوء رسول الله
«صلى الله عليه وآله»،
ويستشفون به، كما دلت عليه النصوص المتواترة التي تعد بالمئات.. وكان
هناك من يتبرك بعلي
«عليه
السلام»
أيضاً، حتى النبي
«صلى الله عليه وآله»
نفسه..
ولكنه تبرُّك من شأنه أن يكون سبباً في المزيد من القرب
من الله تعالى، والاستعداد لتلقي البركات والألطاف الإلهية.
وليس فيه أية شائبة للشرك، أو الغلو، بل هو محض الصفاء
والطهر، والخلوص.
ولا يقصد النبي
«صلى الله عليه وآله»
بكلامه هنا هذا المعنى ـ عدم التبرك ـ بل هو يريد أن يقول: إن الذين
يتبركون بفضل وضوئه، وبآثاره ـ وهم الآن ثلة من المؤمنين، أو من غيرهم
من سائر المسلمين ـ ربما لو قال كلمته تلك فيه
«عليه
السلام»
تتطور الأمور لديهم إلى حد أن يجدوا في أنفسهم دواعيَ قوية تدفعهم إلى
الغلو إلى حد أن يقولوا فيه ما قالته النصارى في عيسى بن مريم
«عليهما
السلام».
ويؤكد ذلك:
أن الناس الذين كانوا يتبركون بالرسول
«صلى الله عليه وآله»،
لم يكونوا كلهم يتبركون بعلي
«عليه
السلام»..
فلو أنه
«صلى الله عليه وآله»
أطلق قوله ذاك في علي
«عليه
السلام»
لتبرك به الناس كلهم، حتى الذين كانوا لا يتبركون به
«صلى الله عليه وآله»
أيضاً..
6 ـ
ويؤيد ما ذكرناه: أنه
«صلى الله عليه وآله»
قد اقتصر أخيراً على قوله: ولكن حسبك أنك مني، وأنا منك.
حيث إنه لا يريد بكلامه هذا:
أنه منه في النسب، أو في المعرفة والعلم، أو أنه قد
أسهم في صنع إيمان علي
«عليه
السلام»
وإسلامه،
كما أسهم
علي «عليه
السلام»
في إبقاء الإسلام،
الذي هو رسالته
«صلى الله عليه وآله»..
بل المقصود:
1 ـ
ما هو أعمق من ذلك، وأبعد. وهو المعنى الذي ينسجم مع
أخذ التراب من تحت قدميه
«عليه
السلام»،
وأخذ فضل طهوره للاستشفاء به.
2 ـ
أن الحقيقة المحمدية والعلوية شيء واحد، ونور واحد،
انقسم إلى نصفين، فاختص أحدهما بمقام النبوة.. واختص الآخر بمقام
الولاية، فهما من بعضهما البعض على الحقيقة..
وقد بينت الأحاديث الشريفة تفاصيل هامة عن هذا الموضوع،
فيمكن أن يرجع إليها من أراد الوقوف على ذلك..
قال العليمي المقدسي:
كان فتح خيبر في صفر على يد علي
«عليه السلام»([43]).
وعن آية: ﴿لَقَدْ
رَضِيَ اللَهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ
الشَّجَرَةِ..﴾([44])
قال جابر:
«أولى
الناس بهذه الآية علي بن أبي طالب
«عليه
السلام»
لأنه تعالى قال: ﴿وَأَثَابَهُمْ
فَتْحاً قَرِيباً﴾([45])
أجمعوا على أنه فتح خيبر. وكان ذلك بيد علي بإجماع منهم»([46]).
وفي هذه المناسبة يقول حسان بن ثابت:
وكـان علي أرمـد الــعين
يبتغــي دواءً فـلـما لــم يحــس مــداويــا
شفـــاه رسـول الله منه بتفـلــــة فـبـورك مـرقيــاً وبورك
راقيــــا
وقـال سأعـطي راية القوم فارساً مـكـيـناً شجاعاً في
الحروب مجاريا
يحــب إلهـــي والإلـــه يحـبـــه بـه يـفـتـح الله الحصون
الأوابيـــا
فخـص لهــا دون الـبرية كلهـــا عليـاً وسـماه الولي المؤاخيــــــا([47])
والبيت الأوسط
حسب رواية المفيد كما يلي:
وقال سأعطي الراية اليوم
صارماً كمـيـاً محبـاً للـرسـول مواليـــا([48])
وجاء في خطبة الإمام الحسن
«عليه
السلام»
بعد شهادة أمير المؤمنين
«عليه
السلام»،
قوله: منها قوله
«صلى الله عليه وآله»:
لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ويقاتل
جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، ثم لا ترد رايته حتى يفتح الله
عليه([49]).
([1])
تاريخ الخميس ج2 ص51.
([2])
السيرة الحلبية ج3 ص37.
([3])
السيرة النبوية لابن هشام (ط المكتبة الخيرية بمصر) ج3 ص175
وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص30 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص128
وراجع: الإصابة ج2 ص502 وتذكرة الخواص ص27 والبداية والنهاية
ج4 ص185 فما بعدها وذخائر العقبى (ط مكتبة القدسي) ص74 و 75
والرياض النضرة (ط محمد أمين بمصر) ج1 ص185 ـ 188 ومعارج
النبوة ص219 والسيرة الحلبية ج3 ص37 ومسند أحمد ج6 ص8 وتاريخ
الخميس ج1 ص51 عن المنتقى، والتوضيح، عن الطبراني، وأحمد.
([4])
البحار ج21 ص22 عن إعلام
الورى ج1 ص207 ومدينة المعاجز ج1 ص177.
([5])
تاريخ الخميس ج2 ص51 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص37.
([6])
السيرة الحلبية ج3 ص37 وتاريخ الخميس ج2 ص51 وسبل الهدى
والرشاد ج5 ص128 والإصابة ج2 ص502 والبداية والنهاية ج4 ص184
وعن البيهقي، والحاكم.
([7])
سبل الهدى والرشاد ج5 ص128 و 129 ودلائل النبوة للبيهقي ج4
ص212 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص90 والبداية والنهاية ج4
ص189 والسيرة الحلبية ج3 ص37 وراجع: تذكرة الخواص ص27 والرياض
النضرة (ط محمد أمين بمصر) ج1 ص185 ـ 188 ومعارج النبوة ص219
وتاريخ الخميس ج2 ص51 عن الحاكم، والبيهقي، والبحار ج21 ص19
وفي هامشه عن المجالس والأخبار ص6.
([8])
تاريخ الخميس ج2 ص51 وراجع: تحف العقول ص346.
([9])
البحار ج21 ص16 وج41 ص281 والإرشاد للمفيد ج1 ص128 وعن مناقب
آل أبي طالب ج2 ص126 ومدينة المعاجز ج1 ص175.
([10])
معارج النبوة ص323 و 219.
([11])
البحار ج21 ص19 وفي هامشه عن مناقب آل أبي طالب ج2 ص78.
([12])
تاريخ الخميس ج2 ص51 عن
المواهب اللدنية وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص37.
([13])
السيرة الحلبية ج3 ص37.
([14])
البحار ج21 ص40 عن مشارق أنوار اليقين، وراجع: حلية الأبرار
للبحراني ج2 ص162 وإحقاق الحق ج8 ص319 ومجمع النورين ص178 و
194.
([15])
راجع: الإحتجاج للطبرسي ج1 ص167 ونهج الإيمان لابن جبر ص177
وشرح إحقاق الحق ج6 ص17 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص52
والغدير ج2 ص59 وج7 ص205 وتذكرة سبط ابن الجوزي ص16.
([16])
الغدير للأميني ج2 ص60 عن تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ص16.
([17])
راجع: نسيم الرياض ج3 ص10 و 11.
([18])
شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج6 ص490.
([19])
تاريخ الخميس ج2 ص51 عن شرح المواقف.
([20])
البحار ج21 ص40 عن مشارق أنوار اليقين.
([21])
أمالي الصدوق ص307 والبحار ج21 ص26.
([27])
شرح النهج للمعتزلي ج5 ص7 و 8.
([30])
راجع: البحار ج21 ص17 وج41 ص281 وراجع: الإرشاد للمفيد ج1 ص129
وراجع أيضاً: الغدير ج6 ص359 والثاقب في المناقب ص258 ومناقب
آل أبي طالب ج2 ص126 ومدينة المعاجز ج1 ص172.
([32])
الغدير ج11 ص241 عن ديوان الحميدي المطبوع سنة 1313هـ.
([34])
البحار ج21 ص30 و 31 عن الخرايج والجرايح.
([35])
راجع: السيرة الحلبية ج3 ص37 والمغازي للواقدي ج2 ص653 و 654
وسبل الهدى والرشاد ج5 ص125.
([36])
البحار ج21 ص27 عن الخصال ج2 ص16.
([37])
الإصابة ج2 ص502 والبحار ج21 ص22 عن إعلام الورى، ومسند أحمد
ج5 ص358 والخصائص للنسائي ص5 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص30
والمستدرك للحاكم ج3 ص437.
([38])
مجمع الزوائد ج9 ص123.
([39])
الآية 18 من سورة الفتح.
([40])
معارج النبوة (الركن الرابع) ص219.
([42])
ينابيع المودة (ط بمبي) ص52.
([43])
الأنس الجليل (ط الوهبية) ص179.
([44])
الآية 18 من سورة الفتح.
([45])
الآية 18 من سورة الفتح.
([46])
كفاية الطالب (ط الغري) ص120 عن الخوارزمي.
([47])
الفصول المهمة لابن الصباغ ص19 والإرشاد للمفيد ج1 ص128
والبحار ج21 ص16.
([48])
الإرشاد للمفيد (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص128.
([49])
راجع: ينابيع المودة (ط أسلامبول) ص208.
|