طواف النبي وتحطيم الأصنام 

   

صفحة :179-218   

طواف النبي وتحطيم الأصنام 

طواف النبي بالبيت:

قالوا: دخل رسول الله «صلى الله عليه وآله» مكة بغير إحرام، وعليه السلاح، ومكث في منزله ساعة من النهار حتى اطمأن الناس، فاغتسل، ثم دعا براحلته القصواء، فأُدنيت إلى باب قبته، وعاد للبس السلاح والمغفر على رأسه، وقد حف الناس به، فركب راحلته والخيل تمعج([1]) بين الخندمة إلى الحجون.

فلما انتهى «صلى الله عليه وآله» إلى الكعبة، فرآها ومعه المسلمون، تقدَّم على راحلته، واستلم الركن بمحجنه([2])، وكبَّر، فكبَّر المسلمون بتكبيره، فرجَّعوا التكبير، حتى ارتجت مكة تكبيراً، حتى جعل رسول الله «صلى الله عليه وآله» يشير إليهم أن اسكتوا، والمشركون فوق الجبال ينظرون.

وطاف رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالبيت، آخذاً بزمام الناقة محمد بن مسلمة، فأقبل على الحجر فاستلمه، ثم طاف بالبيت([3]).

تحطيم الأصنام في المسجد الحرام:

عن ابن عمر، وسعيد بن جبير، وابن عباس:  أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» دخل مكة يوم فتح مكة، وحول الكعبة ثلاثمائة وستون صنماً مرصعة بالرصاص([4]). (وفي الحلبية وغيرها: لكل حي من أحياء العرب صنم. قد شد إبليس (أو الشياطين) أقدامها بالرصاص (والنحاس)([5]).

فأخذ رسول الله «صلى الله عليه وآله» كفاً من حصى فرماها في عام الفتح، وقال: {جَاء الحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}([6]) فما بقي صنم إلا خر لوجهه، فأمر بها، فأخرجت من المسجد، فطرحت فكسرت([7])).

وكان هبل أعظمها، وهو وجاه الكعبة، وإساف ونايلة حيث ينحرون ويذبحون الذبائح، وفي يد رسول الله  «صلى الله عليه وآله» قوس (عود) (مخصرة) وقد أخذ بسية القوس([8])، فجعل رسول الله «صلى الله عليه وآله» كلما مر بصنم منها يشير إليه، ويطعن في عينه (أو في بطنه) ويقول: {جَاء الحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}.


 

فما يشير إلى صنم إلا سقط لوجهه. وفي لفظ: لقفاه، من غير أن يمسه([9]).

وقال الكلبي: فجعل ينكب لوجهه إذا قال ذلك، وأهل مكة يقولون: ما رأينا رجلاً أسحر من محمد([10]).

وفي ذلك يقول تميم بن أسد الخزاعي:

ففـي الأصنـام مـعـتـبر وعلم        لمـن  يرجـو الثـواب أو العقـابـا

قال أئمة المغازي: فطاف رسول الله «صلى الله عليه وآله» سبعاً على راحلته، يستلم الركن الأسود بمحجنه كل طواف، فلما فرغ من طوافه نزل عن راحلته([11]).

وعند ابن أبي شيبة عن ابن عمر، قال: فما وجدنا مناخاً في المسجد حتى أنزل على أيدي الرجال، ثم خرج بها.

قالوا: وجاء معمر بن عبد الله بن نضلة، فأخرج الراحلة فأناخها بالوادي.

ثم انتهى رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى المقام، وهو لاصق بالكعبة، والدرع عليه، والمغفر، وعمامته بين كتفيه، فصلى ركعتين.

ثم انصرف إلى زمزم، فاطلع فيها، وقال: «لولا أن تغلب بنو عبد المطلب (على سقايتهم) لنزعت منها دلواً».

فنزع له العباس بن عبد المطلب ـ ويقال الحرث بن عبد المطلب ـ دلواً، فشرب منه، وتوضأ([12])، والمسلمون يبتدرون وضوء رسول الله «صلى الله عليه وآله» يصبونه على وجوههم، والمشركون ينظرون إليهم، ويتعجبون، ويقولون: ما رأينا ملكاً قط أبلغ من هذا ولا سمعنا به([13]).

زاد في الحلبية قوله: «لا تسقط قطرة إلا وفي يد إنسان، إن كان قدر ما يشربها شربها، وإلا  مسح بها جلده، والمشركون يقولون: ما رأينا ملكاً قط أبلغ من هذا ولا سمعنا به»([14]).

وأمر بهبل فكسر وهو واقف عليه، فقال الزبير بن العوام لأبي سفيان بن حرب: يا أبا سفيان، قد كسر هبل، أما إنك قد كنت منه يوم أحد في غرور، حين تزعم أنه أنعم.

فقال أبو سفيان: دع عنك هذا يابن العوام، فقد أرى لو كان مع إله محمد غيره لكان غير ما كان([15]).

ثم انصرف رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فجلس ناحية من المسجد والناس حوله([16]).

وعن أبي هريرة قال: كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» يوم الفتح قاعداً، وأبو بكر قائم على رأس رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالسيف([17]).

إحالات على ما سبق:

ثم إن النصوص المتقدمة قد تضمنت أموراً كنا قد تحدثنا عنها فيما سبق، فلا حاجة إلى إعادة البحث فيها، والتحليل لمضامينها، وهي التالية:

ألف: المسلمون يبتدرون وضوء رسول الله :

تحدثنا مرات ومرات عن تبرك المسلمين برسول الله «صلى الله عليه وآله»، وبفضل وضوئه، وتأثير ذلك على عتاة المشركين، فراجع غزوة الحديبية، وراجع أيضاً ما جرى لأبي سفيان حين جاء إلى المدينة بعد نقضهم عهد الحديبية يطلب تجديد العهد، والزيادة في المدة، ومواضع كثيرة أخرى.

ب: ما رأينا ولا سمعنا ملكاً بلغ هذا:

وأما قول المشركين، وهم يرون تبرك الصحابة بفضل وضوء نبيهم: «ما رأينا ولا سمعنا ملكاً قط بلغ هذا»، فقد تحدثنا حين ذكرنا مقالة أبي سفيان حين قدم المدينة، وقد رأى مثل ذلك، وثم حين رأى ما يشبهه في مرِّ الظهران، فلا بأس بالرجوع إلى تلك الموارد وسواها.

ج: أبو بكر قائم بالسيف على رأس رسول الله :

ثم إننا قد تحدثنا في بعض فصول هذا الكتاب، وبالتحديد في غزوة الحديبية: عن أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن يرضى بأن يقوم الناس على رأسه بالسيف، وذكرنا بعض الشواهد على ذلك فلا بأس بالرجوع إلى ذلك المورد للاطلاع على ما ذكرناه.

د: المشركون فوق الجبال ينظرون:

وأخيراً نقول:

قد سبق في عمرة القضاء الإشارة إلى أن المشركين كانوا ينظرون من أعالي الجبال إلى المسلمين حين دخلوا مكة، فأمرهم «صلى الله عليه وآله» أن يظهروا لهم بعض القوة.

وقد تكرر نفس هذا المشهد في فتح مكة حيث كان المشركون يراقبون من أعالي الجبال المحيطة بالكعبة حركة النبي «صلى الله عليه وآله» والمسلمين فيها..

وقد أظهر المسلمون التكبير حتى ارتجت مكة من ذلك، وهذا التكبير يرعب أهل الشرك، ويمثل طعنة لهم في أكثر المواضع حساسية وألماً لهم، لأنه يستهدف أساس الشرك، وحبة قلبه.

ثم شاهدوا طوافه «صلى الله عليه وآله» على راحلته، واستلامه الركن بالمحجن حسبما تقدم..

والأشد عليهم، والأكثر ألماً، والأعظم أثراً: أنهم قد شاهدوا تحطيم أصنامهم على يد علي «عليه السلام» الذي رأوه يصعد على كتفي النبي «صلى الله عليه وآله»، ومن ثم على ظهر الكعبة..

وهم يعرفون علياً «عليه السلام» حق المعرفة، في مكة قبل الهجرة، وفي شعب أبي طالب، وسواه، وحين الهجرة في مبيته على الفراش ليلة الغار، وبعد الهجرة في ساحات الجهاد، في بدر وأحد والخندق، وذات السلاسل، يضاف إلى ذلك جهاده لحلفائهم من اليهود في خيبر وبني النضير وقريظة وسواها، وهو يقتل شجعانهم، وفراعنتهم، ويبير كيدهم، ويبطل أحدوثتهم..

تأسي عمر برسول الله :

قد تقدم: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد استلم الحجر الأسود، ولم يزل المسلمون يستلمونه تأسياً برسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى يومنا هذا.

ولكن عمر بن الخطاب، وإن كان قد استلم الحجر أيضاً، ولكنه قد اطلق في هذا المورد كلاماً خطيراً، لم تزل آثاره ظاهرة إلى يومنا هذا..

فقد ذكروا: أنه حج في أمرته، فلما افتتح  الطواف واستلم الحجر الأسود وقبله، قال: قبلتك وإني لأعلم أنَّك حجر، لا تضر ولا تنفع، ولكن كان رسول الله بك حفياً، ولولا أني رأيته «صلى الله عليه وآله» يقبلك ما قبلتك!! (أو ما يقرب من هذه الكلمات).

وكان علي أمير المؤمنين «عليه السلام» حاضراً، فقال له: بلى والله، إنه ليضر وينفع.

قال: وبم قلت ذلك يا أبا الحسن؟!

قال: بكتاب الله تعالى.

قال: أشهد أنك لذو علم بكتاب الله، فأين ذلك من الكتاب؟

قال: قول الله عز وجل: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا..}([18]).

ثم ذكر كيف أخذ الله تعالى على العباد ميثاقهم بالعبودية، وألقمها الحجر الأسود.. إلى أن تقول الرواية:

فقال عمر: لا عشت في أمة لست فيها يا با الحسن([19]).

ولكن اعتراض أمير المؤمنين «عليه السلام»، واعتراف عمر، لم ينه القضية، بل بقي العمريون يصرحون: بأنه حجر لا يضر ولا ينفع، وينهون الناس عن استلامه([20]).

والأحاديث حول أن الله تعالى أودع الحجر مواثيق الخلائق، وأنه يشهد لمن وافاه بالموافاة كثيرة([21]).

وهذا الموقف من عمر قد أعطى الانطباع لدى الكثيرين من أتباعه ومحبيه بأن القيمة الحقيقية للبناء، والحجر والشجر، وكل ما هو جسم مادية وليست معنوية، فلا قداسة لها في نفسها، ولا تكتسب قداسة من إضافاتها إلى ما هو مقدس، كما أنها لا تزيدها تلك الإضافات قداسة، ولا تعطيها قيمة معنوية زائداً على ما لها من قيمة ما دية.

وخلاصة الأمر: إن كلمة عمر الآنفة الذكر قد أفرغت تقبيله للحجر من أي مضمونٍ معنوي، ورفدٍ روحي، وتوهج مشاعريٍ، وجعلته عملاً خاوياً، وجافاً، لا يتضمن سوى المحاكاة الفارغة لفعل صدر عن رسول الله «صلى الله عليه وآله».

ورغم أن إجابة علي «عليه السلام» قد تضمنت العودة إلى أغوار المضمون الروحي، وأوغلت في مداه العقائدي، ومعناه الإيماني، حين شرحت كيف أن الله سبحانه قد أودع الحجر الأسود مواثيق الخلائق منذ عالم الذر، فإن ذلك لم يمنع محبي الخليفة الثاني من الإصرار على المنحى الذي نحاه عمر بن الخطاب.. وسعوا إلى التنظير له بعد تعميمه وتوسعته، حتى اعتبروا التبرك بالأماكن المقدسة، أو بأي شيء يرتبط برسول الله «صلى الله عليه وآله وبآثاره، من الشرك، الذي يستحق فاعله العقوبة بأقصى مدى.. فما ظنك بالتبرك بآثار الأوصياء والأولياء والصالحين!!

وقد ضربوا بعرض الحائط مئات النصوص التي تحدثت عن توجيه النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه للناس من الصحابة والتابعين إلى التبرك بآثار الأنبياء والمرسلين، وجميع عباد الله الصالحين، ومفردات ما جرى من ذلك عبر الأجيال..

وقد جمع العلامة الأحمدي طائفة من هذه النصوص في كتابه (التبرك) وجمع غيره أيضاً الكثير منها فراجع.

استلام الركن بالمحجن:

وقد ذكرت الروايات المتقدمة: أنه «صلى الله عليه وآله» استلم الحجر، ثم طاف بالبيت.

وتقدم أيضاً: أنه كان يستلم الركن بمحجنه.

فهل المراد بالركن هنا: الركن اليماني؟ أم ركن الحجر الأسود؟!

لقد صرحت الرواية المتقدمة: بأن المراد به الركن الأسود.

ولكن قد يقال: لعل الركن الذي استلمه «صلى الله عليه وآله» بالمحجن هو اليماني، الذي يستحب استلامه.. فإذا أطلق الكلام في استحباب استلام الركن، فاليماني هو المتبادر إلى الذهن.

وفي البحار وغيره أطلق القول: بأنه «صلى الله عليه وآله» قد استلم الركن بالمحجن.. الأمر الذي يرجح احتمال إرادة اليماني..

ولكن الرواة أضافوا كلمة: «الأسود» إلى الرواية التي ذكرت آنفاً اجتهاداً منهم، أو لحاجة في أنفسهم.

ولكن هذا يبقى مجرد احتمال.

استلم الحجر ثم ركب راحلته:

كما أن ظاهر عبارة الرواية التي تقدمت: أنه «صلى الله عليه وآله» قد استلم الحجر قبل الطواف.. ثم طاف وهو راكب، وصار يستلم الركن بمحجنه..

فإذا صح هذا، فيرد السؤال عن سر عودته إلى الركوب، وترجيحه الطواف كذلك على الطواف ماشياً!

وقد يقال في الجواب: إن المراد هو التشريع العملي للطواف في حال الركوب، فإن الناس قد يصعب عليهم قبول بعض مفردات التشريع، ويرون أنها مظنة النقص، بل هي عندهم مظنة الخطر.. فإذا رأوا النبي «صلى الله عليه وآله» يمارسها بنفسه، فإن تأسيهم به يهوِّن الأمر عليهم. وذلك نظير قصر الصلاة، وإفطار المريض، والإفطار في السفر، فإنك تجد تحرُّجاً من الناس في الإقدام على ذلك، ويصعب عليهم فعله، ولأجل ذلك جاء التعبير بنفي «الجناح» في قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ..}([22]).

ولعل جميع الآيات التي عبرت بـ «لا جناح»، واردة في موارد توهم الحرمة فيها، أو التحرج من مباشرة الفعل الوارد بعدها([23]).

ويمكن أن يضاف إلى ذلك أيضاً: أن ثمة تعمداً من رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن يراه مشركو مكة، الذين كانوا ينظرون إلى ما يجري حتى من على الجبال المحيطة، والحشود المجتمعة، وهو في حالة متميزة، يمارس أمراً لعلهم لم يعهدوه من ذي قبل، وهو الطواف على الراحلة.. وهو أمر شرعه الله بالوحي الذي لا يزالون يجحدونه وينكرونه، رغم ما يرونه من آيات باهرة ومعجزات ظاهرة، ودلالات للعقل قاهرة.

محاولة اغتيال رسول الله :

قال ابن هشام: حدثني بعض أهل العلم: أن فضالة بن عمير بن الملوح الليثي أراد قتل رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وهو يطوف بالبيت عام الفتح؛  فلما دنا منه قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «أفضالة»؟

قال: نعم.

قال: «ماذا كنت تحدث به نفسك»؟

قال: لا شيء، كنت أذكر الله، فضحك رسول الله «صلى الله عليه وآله» ثم قال: «إستغفر الله». ثم وضع يده على صدره فسكن.

وكان فضالة يقول: والله ما رفع يده عن صدري حتى ما خلق شيء أحب إلي منه.

ورجع فضالة إلى أهله، قال: فمررت بامرأة كنت أتحدث إليها.

فقالت: هلم إلى الحديث.

فقال: لا. وانبعث فضالة يقول:

قالت هلم إلى الحديث فقلت لا           يــأبـى عـــلي الله والإســــــلام
إذ مـا رأيـت محـمـداً وقـبـيـله           بالـفـتــح يـوم تـكـسر  الأصنـام
لرأيـت ديـن الله أضحى بـيـنـا           والشـرك يغشى وجهه الإظــلام
([24])

ونقول:

ليس غريباً أن نرى بين الفينة والفينة من يتآمر على حياة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، أو من يحدث نفسه بقتله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين..

وقد ظهرت هذه المحاولات في المشركين، وفي اليهود، والمنافقين، وفي جميع تلك المحاولات كانت تظهر لهم الرعاية الإلهية له «صلى الله عليه وآله».

وقد كان الشيطان ينسيهم ذلك، ويزين لهم تكرار المحاولة، قال تعالى: {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ}([25]).

وقال: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ}([26]).

وقد يترك الشيطان أولئك الناس إلى غيرهم، ليزين هذا الأمر لفريق أو لشقي جديد، فتواجهه أو تواجههم الخيبة، ويقيم الله عليه أو عليهم الحجة.

تبقى الإشارة هنا: إلى هؤلاء الذين تنتهي بهم شقوتهم وعنادهم للحق وأهله إلى حد التفكير باغتيال سيد الرسل، مع ما يرونه من آيات باهرة، ومعجزات قاهرة، فإنك تراهم يدَّعون لأنفسهم أحوالاً رائعة ومميزة، ودرجات عالية من الإيمان والإخلاص كما هو الحال بالنسبة لدعاوى فضالة الآنفة الذكر، ولكن النفس لا تسكن إلى صحة دعاواهم تلك، فلا بد أن يبقى الريب بهم، والحذر منهم. فإن هذا هو القرار الحازم، حتى لو كان لا بد من السكوت عن الجهر باتهامهم.

فهذا هو الخيار الحكيم، والرأي الصحيح والسليم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

أين كان مقام إبراهيم ؟!:

وقد ادعت الروايات المتقدمة: أنه «صلى الله عليه وآله» بعد أن طاف صار إلى خلف مقام إبراهيم، وكان لاصقاً بالكعبة، فصلى ركعتين.

ونقول:

إن دعوى لصوق المقام بالكعبة لا تصح، فإن المقام كان حينئذٍ بعيداً عن الكعبة، والنبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي أرجعه إلى موضعه الملاصق للكعبة.

والمقام هو حَجَرٌ فيه آثار قدمي إبراهيم الخليل «عليه السلام»، حيث إن الله تعالى أمره أن يؤذِّن في الناس بالحج، فأخذ «عليه السلام» ذلك الحجر فوضعه بحذاء البيت، لاصقاً به، بحيال الموضع الذي هو فيه اليوم.

ثم قام عليه فنادى بأعلى صوته بما أمره الله عز وجل به، فلما تكلم بالكلام لم يحتمله الحجر، فغرقت رجلا إبراهيم فيه، فقلع «عليه السلام» رجليه من الحجر قلعاً.

فلما كثر الناس، وصاروا إلى الشر والبلاء ازدحموا عليه، فرأوا أن يضعوه في هذا الموضع الذي هو فيه اليوم، ليخلو المطاف لمن يطوف بالبيت.

فلما بعث الله عز وجل محمداً «صلى الله عليه وآله» رده إلى الموضع الذي وضعه فيه إبراهيم «عليه السلام»، فما زال فيه حتى قبض رسول الله «صلى الله عليه وآله» وفي زمن أبي بكر، وأول ولاية عمر.

ثم قال عمر: قد ازدحم الناس على هذا المقام، فأيكم يعرف موضعه في الجاهلية؟

فقال له رجل: أنا أخذت قدره بقدر.

قال: والقدر عندك؟

قال: نعم.

قال: فأت به.

فجاء به، فأمر بالمقام فحمل ورد إلى الموضع الذي هو فيه الساعة([27]).

لقد كدت تركن إليهم:

وعن ابن أبي يعفور، عن أبي عبد الله «عليه السلام» قال: سألته عن قول الله  {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً}([28]).

قال: لما كان يوم الفتح أخرج رسول الله «صلى الله عليه وآله» أصناماً من المسجد، وكان منها صنم على المروة، وطلبت إليه قريش أن يتركه، وكان استحيا، فهمَّ بتركه، ثم أمر بكسره، فنزلت هذه الآية([29]).

ونقول:

أولاً: إن ما ذكرته الرواية من مناسبة نزول الآية تعارضه روايات أخرى حول هذا الموضوع، ولعل من بينها ما هو أصح وأولى بالقبول.

1 ـ فمنها ما روي في مصادر شيعة أهل البيت «عليهم السلام» ما يدل على أن هذه الآية قد نزلت بإياك أعني واسمعي يا جارة، فلاحظ ما يلي:

ألف: روي عن الإمام الرضا «عليه السلام»: إن هذه الآية مما نزل بإياك أعني، واسمعي يا جارة، خاطب الله تعالى بذلك نبيه «صلى الله عليه وآله»، وأراد أمته([30]).

ب: وعن أبي عبد الله «عليه السلام» قال: {وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً} عنى بذلك غيره([31]).

2 ـ ومنها ما دل على أنها نزلت في من أراد أن يصرف النبي «صلى الله عليه وآله» عن التنويه بشأن علي «عليه السلام».

ونشير هنا: إلى أن هذه الروايات لا تتنافى مع سابقاتها وذلك ظاهر، ومن هذه الروايات:

ألف: عن عبد الله بن عثمان البجلي، عن رجل: أن النبي «صلى الله عليه وآله» اجتمعا([32]) عنده وابنتيهما، فتكلموا في علي «عليه السلام». وكان([33]) من النبي «صلى الله عليه وآله» أن يلين في بعض القول، فأنزل الله: {..لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً}([34]) ثم لا تجد لك مثل علي ولياً([35]).

ب: عن أبي جعفر «عليه السلام»: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}([36]) في علي بن أبي طالب «عليه السلام»([37]).

ج: وعن أبي الحسن موسى بن جعفر، عن أبيه صلوات الله عليهما: أن القوم أرادوا النبي «صلى الله عليه وآله» ليربط راية([38]) في علي (وليمسك عنه بعض الإمساك، حتى إن بعض نسائه ألححن عليه في ذلك، فكاد يركن إليهم بعض الركون، فأنزل الله عز وجل: {وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً وَلَوْلاَ أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً}.

قال محمد بن العباس: (المخاطب بذلك ظ) رسول الله «صلى الله عليه وآله». ولكن في التخويف لأمته، لئلا يركن أحد من المؤمنين إلى أحد من المشركين([39]).

3 ـ أما روايات أهل السنة فهي مختلفة في ما بينها، ولكنها هي الأخرى متفقة على خلاف ما ورد في تلك الرواية التي نتحدث عنها أيضاً.

ومع غض النظر عن ذلك كله نقول:

ألف: روي: أن هذه الآية نزلت قبل الهجرة، حين جاء أمية بن خلف، وأبو جهل إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، وطلبوا منه أن يستلم آلهتهم، لكي يدخلوا معه في دينه. وكان يشتد عليه فراق قومه فرقَّ لهم. فنزلت الآية([40]).

ب: عن سعيد بن جبير: كان النبي «صلى الله عليه وآله» يستلم الحجر، فقالوا: لا ندعك تستلمه حتى تستلم آلهتنا.

فقال «صلى الله عليه وآله»: وما عليَّ لو فعلت، والله يعلم مني خلافه، فنزلت([41]).

ج: عن ابن شهاب: أن المشركين كانوا يقولون لرسول الله «صلى الله عليه وآله» إذا طاف: استلم آلهتنا كي لا تضرك، فكاد يفعل، فنزلت([42]).

د: عن جبير بن نفير: أن قريشاً طلبوا منه «صلى الله عليه وآله» أن يطرد الذين اتبعوه من سقاط الناس ومواليهم، ليكونوا هم اصحابه، فركن إليهم، فنزلت([43]).

هـ: عن ابن عباس: أن ثقيفاً قالوا لرسول الله «صلى الله عليه وآله»: أجِّلنا سنة، حتى نهدي لألهتنا، فإذا قبضنا الذي يهدى للآلهة أحرزناه، ثم أسلمنا، وكسرنا الآلهة، فهمَّ أن يؤجلهم، فنزلت([44]).

ثانياً: إن الآيات تقول: إنه «صلى الله عليه وآله» لم يركن، بل هو لم يقترب من الركون إليهم، لأن تثبيت الله له كان حاصلاً فعلاً ومن أول الأمر.. وذلك بقرينة كلمة (لولا) الدالة على نفي الحصول.

فكل الروايات المفيدة لركونه «صلى الله عليه وآله»، أو مقاربته للركون لا تصح، لأنها تنافي ظاهر الآية الكريمة.

ثالثاً: إن الحديث في الآية إنما هو عن أمر أُنزل وأُوحي إليه من الله تعالى، وهم يريدون منه «صلى الله عليه وآله» أن يفتري على الله غيره..

وهذا لا ينطبق على مورد الرواية السابقة، لأن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يقل لهم: إن الله أوحى إليه أن أترك الصنم على المروة، بل هو ـ حسب ما تقوله الرواية ـ قد همَّ بتركه، لأنه استحيا منهم.

رابعاً: إن هذه السورة مكية، وقد ذكرنا في ثنايا هذا الكتاب: أن السور كانت تنزل دفعة واحدة، ثم تبدأ تطبيقاتها بالحصول تدريجاً إلى أن تنزل «بسم الله الرحمن الرحيم» مرة أخرى، فيعرف الناس: أن السورة السابقة قد انتهت، وأن سورة جديدة قد بدأت([45]).

وحتى لو قلنا بما يقوله أولئك الناس: من أنه «صلى الله عليه وآله» كان يقول: ضعوا هذه الآية في مكان كذا من سورة كذا([46])، فإننا لا نرى مبرراً لبقاء هذه الآيات معلقة في الهواء، في حين أن عشرات السور تنزل عليه، ثم بعد عشرين سنة تنزل آية أو أكثر، فيقول: ضعوها في السورة الفلانية في الموضع الفلاني.

خامساً: ما هي خصوصية الصنم الذي كان على المروة حتى تطلب قريش من النبي «صلى الله عليه وآله» أن يتركه؟! ولماذا لم تطلب منه أن يترك لها هبلاً أو غيره مما هو بنظرها أهم وأعظم من سائر الأصنام؟!

صنم لكل قبيلة، وحيّ، وبيت!!:

وقد صرحت الروايات: بأن ثلاث مائة وستين صنماً كانت موجودة في المسجد الحرام، وبأنه كان لكل قبيلة ولكل حي صنم، بل كان في كل بيت صنم أيضاً.

وقد نعى الله تعالى على لسان يوسف «عليه السلام» على المشركين هذا الأمر بالذات، فقال: {..أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}([47]).

وللعلامة الطباطبائي رحمه الله إشارات لطيفة في معنى هذه الآية، لا بأس بمراجعتها([48]).

ونكتفي هنا بالقول: بأن هناك أموراً ثلاثة وقع فيها أولئك الناس، لا يقبلها عقل، ولا ترضاها فطرة، وهي:

1 ـ عبادة غير الله من مخلوقات الله تعالى العاقلة، ممن لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، مثل البشر، والملائكة والجن..

2 ـ عبادة الأحجار، والأشجار، وسواها مما لا يعقل، ولا يبصر ولا يسمع، ولا يضر، ولا ينفع.

3 ـ التعدد والتفرق في الأرباب. فإن تفرق الأرباب يعني:

أولاً: إما اعتقادهم لجامعية كل واحد منها لصفات الألوهية غير المحدودة والمطلقة في كل شيء.. فيصبح تعددها عبثاً مع نشوء أسئلة كثيرة عن حالها لو تعارضت إراداتها فيما بينها في جميع أنحاء التصرفات، وأسئلة عن وحدة إدراكها للمصالح أو المفاسد، وعن شمول قدرتها على التصرف بكل شيء، حتى في موارد تعلق إرادات الأرباب الأخرى أيضاً، بل هناك أسئلة عن حالها، لو تعلقت إرادتها بإلغاء سائر الأرباب.

ثانياً: وإما اعتقاد إطلاق القدرة وسائر صفات الألوهية في رب واحد، أو أرباب بعينها، وعدم صلاحية ما عداه أو ما عداها، بسبب ما تعانيه ـ بنظره ـ من نقصٍ وعجزٍ، وجهلٍ، وفقرٍ، وما إلى ذلك ..

وهذا يعني: أن يكون لكل واحد رب يخصه، ثم هو ينكر ما عداه؛ فهو لا يعترف بأرباب سائر القبائل، ولا بالأرباب التي يعبدها سائر الناس في بيوتهم، وأحيائهم، وبلادهم. وبذلك تصبح نفس تلك الأرباب سبباً للضعف، والتفرُّق، والتلاشي، والتمزق للوحدة الإجتماعية، ومادة للخلاف، والتناحر، والتباين، والتدابر فيما بين الناس.

كف حصى يرمي به الرسول :

وعن أخذ النبي «صلى الله عليه وآله» كفاً من حصى، ثم رميه له باتجاه الأصنام، وقراءته الآية الشريفة نقول:

إن هذا الفعل يختزن التعبير عن رفض الباطل عملاً، فضلاً عن القول، وقد كان رمي الجمرات في منى يعطي معنى رفض الباطل عملاً، فضلاً عن القول بالإضافة إلى دلالات أخرى لا مجال لشرحها الآن، غير أن الناس استمروا على تداول هذه الطريقة للتعبير عن هذا المعنى في مواقفهم الرافضة لأقوال أو أفعال بعينها..

غير أن ما يميز هذه الواقعة هو:

أولاً: أنها قد صدرت من نبي كريم، شأنه هداية البشر إلى ما يرضي الله تبارك وتعالى.

ثانياً: إن رمي هذه الحصيات قد رافقه ظهور المعجزة، وهو أن تلك الأصنام قد خرت لوجهها.

ثالثاً: إنه رمي يتجاوز مجرد إعلان الرفض والإدانة إلى كونه إظهاراً وتجسيداً لانتصار الحق، وزهوق الباطل، بصورة حقيقية، وواقعية، وعملية.

رابعاً: إن هذه الواقعة قد بينت مدى معاناة هذا النبي الكريم والعظيم «صلى الله عليه وآله» مع قومه، الذين لم تنفع جميع تلك الآيات والمعجزات في ردعهم عن جحودهم، وعن تعمد الإفتراء والتجني، والإتهام له بالسحر، والكهانة، والشعر، وبغير ذلك مما هم على يقين من زيفه وبطلانه..

كما أن كل ما عاينوه من ألطاف وتأييدات إلهية لهذا النبي الكريم «صلى الله عليه وآله»، وانتصارات له تصل إلى حد الإعجاز لم يستطع أن يردعهم عن غيهم، وعن تعمد الباطل في حقه.

فهم حتى حين يرون بأم أعينهم كيف تتبخر آخر آمالهم، وتتلاشى حتى أضغاث أحلامهم، ويرون الكرامة تلو الكرامة، والمعجزة إثر المعجزة، ويسقط من يدهم آخر حجر، وينمحي عن صفحة الواقع العملي للشرك آخر أثر.. ما فتئوا يقولون: ما رأينا أسحر من محمد!!

فهل ترى قوماً أسوأ رأياً ومحضراً منهم؟! وهل هناك أصبر من رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!

علي يكسر أصنام الكعبة:

قال الصالحي الشامي: عن علي «عليه السلام» قال: انطلق رسول الله «صلى الله عليه وآله» حتى أتى بي الكعبة، فقال: «اجلس»، فجلست بجنب الكعبة، فصعد رسول الله «صلى الله عليه وآله» على منكبي، فقال: «انهض»، فنهضت، فلما رأى ضعفي تحته قال: «اجلس»، فجلست.

ثم قال: «يا علي، اصعد على منكبي»، ففعلت، فلما نهض بي خيّل إلي لو شئت نلت أفق السماء.

فصعدت فوق الكعبة، وتنحى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال: «ألق صنمهم الأكبر»، (وفي نص آخر: لما ألقى الأصنام، لم يبق إلا صنم خزاعة) وكان من نحاس موتد بأوتاد من حديد إلى الأرض، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «عالجه»، ويقول لي: «إيه إيه» {جَاء الحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}.

فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه.

زاد في سائر المصادر قوله:

حتى إذا استمكنت منه، قال لي رسول الله «صلى الله عليه وآله»: اقذف به، فقذفت به فتكسر كما تتكسر القوارير. ثم نزلت، فانطلقت أنا ورسول الله «صلى الله عليه وآله» نستبق حتى توارينا بالبيوت، خشية أن يرانا أحد من الناس، أو من قريش([49]).

قال الحاكم: فما صعدت حتى الساعة([50]).

وقيل: إن هذا الصنم كان من قوارير صفر، وقيل: من نحاس ([51]).

وفي نص آخر: أنه «صلى الله عليه وآله» قال لعلي «عليه السلام»: ارم به، فحمله رسول الله «صلى الله عليه وآله» حتى صعد فرمى به فكسره، فجعل أهل مكة يتعجبون، ويقولون: ما رأينا أسحر من محمد([52]).

«ثم إن علياً «عليه السلام» أراد أن ينزل، فألقى نفسه من صوب الميزاب، تأدباً وشفقة على النبي «صلى الله عليه وآله».

ولما وقع على الأرض تبسم، فسأله النبي «صلى الله عليه وآله» عن تبسمه.

فقال لأني ألقيت نفسي من هذا المكان الرفيع، وما أصابني ألم.

قال: كيف يصيبك ألم وقد رفعك محمد، وأنزلك جبريل»؟!([53]).

وفي نص آخر: أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان بمنزل خديجة، فدعا علياً «عليه السلام» في إحدى الليالي، فذهبا إلى الكعبة فكسرا الأصنام، فلما أصبح أهل مكة قالوا: من فعل هذا بآلهتنا؟ الخ..([54]).

وفي نص آخر: أنه «صلى الله عليه وآله» قال: يا علي، اصعد على منكبي، واهدم الصنم.

فقال: يا رسول الله، بل اصعد أنت، فإني أكرمك أن أعلوك.

فقال «صلى الله عليه وآله»: إنك لا تستطيع حمل ثقل النبوة، فاصعد أنت..

إلى أن قال: ثم نهض به.

قال علي «عليه السلام»: فلما نهض بي، فصعدت فوق ظهر الكعبة الخ..([55]).

وجاء في نص آخر قوله «صلى الله عليه وآله» لعلي «عليه السلام»: لو أن ربيعة ومضر جهدوا أن يحملوا مني بضعة وأنا حي ما قدروا، ولكن قف يا علي، فضرب بيده إلى ساقيه، فرفعه حتى تبين بياض إبطيه، ثم قال: ما ترى يا علي؟

قال: أرى أن الله قد شرفني بك، حتى لو أردت أن أمس السماء لمسستها الخ..([56]).

وفي نص آخر: قال علي «عليه السلام»: أراني كأن الحجب قد ارتفعت، ويخيل إليَّ أني لو شئت لنلت أفق السماء.

فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: طوبى لك تعمل للحق، وطوبى لي أحمل للحق([57]).

علي يكسر الأصنام:

وقال بعض الشعراء، وقد نسب القندوزي الحنفي هذا الشعر إلى الإمام الشافعي، ونسبه عطاء الله بن فضل الله الحسيني الهروي في الأربعين إلى حسان بن ثابت:

قيـل لي قـل في عـليٍّ مـدحـــاً            ذكـره يخـمــد نــاراً  مـؤصـــده
قـلـت لا أقـدم في مدح امرئ             ضـــل ذو الــلــب إلى أن  عبـده
والـنـبـي المصطـفى قـال لـنـا            لـيـلـــة المـعـراج لمـا صــعـــده
وضـع الله بـظـهــري يــــده              فـأحــسَّ الـقـلـب أن قـد بــرده
وعـلي واضـــع أقــــدامـــه               فـــــي محـل وضــع الله يــــده
([58])

وفي حديث يزيد بن قعنب عن فاطمة بنت أسد: أنها لما ولد علي «عليه السلام» في جوف الكعبة، وارادت أن تخرج به هتف بها هاتف: يا فاطمة سميه علياً، فهو علي..

إلى أن قال عن علي «عليه السلام»: وهو الذي يكسر الأصنام، وهو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي الخ.. ([59]).

وفي بعض المصادر: أنه «عليه السلام» جمع الحطب، وأوقد ناراً، ثم وضع قدمه على عضد النبي «صلى الله عليه وآله»، وصار يأخذ الأصنام عن جدار الكعبة، ويلقيها في النار([60]).

ونقول:

إن لنا مع النصوص المتقدمة وقفات، ومحاكمات هي التالية:

تحطيم الأصنام قبل الهجرة، ويوم الفتح:

ورد في الرواية الأولى المتقدمة عن علي «عليه السلام»: أنه بعد أن ذكر تكسير الأصنام، قال:

ونزلت من فوق الكعبة، وانطلقت أنا والنبي «صلى الله عليه وآله» نسعى حتى توارينا بالبيوت، وخشينا أن يرانا أحد من قريش، أو من الناس([61]).

قال الحلبي الشافعي: «وهذا يدل على أن ذلك لم يكن يوم فتح مكة، فليتأمل»([62]).

ونقول:

وهي ملاحظة صحيحة، فإن هذه الرواية تتحدث عن تحطيم الأصنام قبل الهجرة إلى المدينة، وأنه «صلى الله عليه وآله» انطلق إليها من منزل خديجة، كما في بعض الروايات، وهذا معناه:

أن النبي «صلى الله عليه وآله» وعلياً «عليه السلام» قد حطما الأصنام مرتين:

الأولى: في مكة، وبصورة سرية، كما فعل إبراهيم الخليل «عليه السلام» بأصنام قومه الذين قالوا: من فعل هذا بآلهتنا.. وكذلك قال المكيون، فاستحق علي «عليه السلام» بذلك أن يقول في حقه  النبي «صلى الله عليه وآله»: إنه أول من حطم الأصنام بعد إبراهيم الخليل «عليه السلام».

والثانية: في فتح مكة، أمام أعين مشركي مكة أنفسهم.

ولعل الرواة قد خلطوا بين الواقعتين.. والأمر في ذلك سهل.

لماذا التعرض للأصنام سراً؟!

ويرد سؤال: لماذا يتعرض النبي «صلى الله عليه وآله»للأصنام سراً قبل الهجرة؟ مع علمه بأن ذلك لا يرغم أهل مكة على تغيير موقفهم، بل قد يزيدهم ذلك إصراراً على غيهم، وعلى مناصرة أصنامهم، والتشدد في المحافظة عليها.

ويمكن أن يجاب: بأن المقصود: هو تقديم العبرة لهم بصورة عملية، وإقامة الحجة عليهم بها، ليحيا من حيي عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة.. ولعله يكون من بينهم من يستفيق من سكرته، ويثوب إلى رشده، فيدرك عجز تلك الأصنام عن الدفاع عن نفسها، فكيف تتمكن من الدفع عن غيرها؟!

فما يُدَّعى لها من قدرات وآثار، ما هي إلا مزاعم ليس فقط لا تستند إلى برهان، بل لقد أثبت البرهان بوارها وبطلانها.

وهذا البرهان والحجة ليس مجرد معادلة ذهنية، وافتراضات تجريدية، بل هو عمل جوارحي، وفعل مباشر يستهدف الأصنام نفسها.. ولا يستهدف غيرها، ليقال لعلها لم تنتصر له، لأنها كانت غاضبة عليه، فتركته نهباً للبلاء، وحجبت رعايتها له، ولطفها به.

وهذا هو نفس الدرس الذي أراد إبراهيم «عليه السلام» أن يلقنه لقومه حين حطم أصنامهم.

وقد جاءت كلمة قوم إبراهيم «عليه السلام»: «من فعل هذا بآلهتنا»؟ متوافقة مع قول أهل مكة.. وهي كلمة مهمة، لأنها تتضمن اعترافاً بوجود من هو أقوى من هذه الآلهة، وإقراراً بعجزها عن منعه من إلحاق الأذى بها، وحاجتها إلى غيرها ليحميها منه.

وبما أن عمل هذا القوي قد كان بصورة سرية، فذلك يعني: أنه يتجنب الاصطدام بالناس العاديين، وهذا يدل على: أن قدراته ليست ذاتية ولا مطلقة، فهو إذن ليس من جنس الآلهة، لكي يلتمس لها بعض العذر في عجزها عن مواجهته وردعه.

علي ينوء بثقل النبوة:

تقدم: أن النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي طلب من علي «عليه السلام» أن يجلس، ليصعد «صلى الله عليه وآله» على ظهره.. وإذ به «عليه السلام» ينوء بثقل النبوة..

وهنا سؤلان:

أولهما: ألم يكن النبي «صلى الله عليه وآله» يعلم بأن للنبوة ثقلاً ينوء به علي «عليه السلام»؟! فإن كان يعلم بذلك، فما هي الحكمة في أن يطلب منه علي «عليه السلام» أن يجلس أولاً، ليصعد هو على ظهره؟!

ثانيهما: هل للنبوة ثقل؟! وما هو نوعه، وحقيقته؟! وهل هو ثقل مادي كسائر الأثقال؟!

ونقول في الجواب على السؤال الأول:

إننا ننزه رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن أن ينسب إليه عدم المعرفة بأن للنبوة ثقلاً ينوء به علي «عليه السلام».. ولذلك نرجح الروايات الأخرى التي صرحت: بأن علياً «عليه السلام» آثر أن يُصعد النبي «صلى الله عليه وآله» على ظهره، لأنه يجل النبي ويكرمه عن أن يصعد هو على ظهره، فأخبره «صلى الله عليه وآله» بأن ثقل النبوة يمنع من ذلك.

غير أن ذلك لا يمنعنا من أن نقول أيضاً:

إن علياً «عليه السلام» كان يعلم بأن للنبوة ثقلاً ينوء به مثله. ولعله أراد من النبي «صلى الله عليه وآله» أن يصرِّح بذلك، ليعلم الناس: أن صعوده على ظهر النبي «صلى الله عليه وآله»، لا يتنافى مع إجلاله وتعظيمه له..

أو لعله نظر إلى قانون البداء، الذي ربما يكون له تأثيره في مثل هذا المورد، في صورة حدوث أمر يقتضي إظهار معنى في علي «عليه السلام»، أو في النبي «صلى الله عليه وآله»، أو في سياق آخر، فينشأ عنه تمكين علي «عليه السلام» من القيام بثقل النبوة، أو يقضي بتخفيف ذلك الثقل، بحيث يتمكن علي «عليه السلام» من النهوض به.

وأما بالنسبة للسؤال الثاني، فنقول:

إنه ليس بإمكانننا تحديد ماهية هذا الثقل، غير أننا نقول:

لا ريب في أن النبي «صلى الله عليه وآله» يركب الراحلة، والبغلة، والفرس، وغيرها، ولكنه يعلن: أنه لو اجتمعت ربيعة ومضر على أن يحملوا بضعة منه وهو حي لما قدروا على ذلك.

وهذا معناه: أن للنبوة في مضمونها المعنوي خصوصية تحتم التدخل الإلهي في قدرة البشر، لتعجزهم عن حمل النبي «صلى الله عليه وآله»، لأن ذلك قد يثير خطرات تسيء إلى معنى النبوة، ونحن وإن ننزه علياً «عليه السلام» عن مثل هذه الخطرات، لأنه نفس النبي «صلى الله عليه وآله» في طهره وصفائه.. ولكننا لا نستطيع أن ننزه عنها غير علي «عليه السلام» ممن رأوا ذلك وسمعوه.

هل خُيِّل إلى علي ؟!:

إن التخييل لعلي «عليه السلام» هو إراءته عين الواقع، فلا تخييل للإمام المعصوم خارج دائرة إراءة الحقائق، فالتعبير بكلمة «خيل إليَّ» إن كان يراد به الرفق ببعض ضعفاء النفوس، الذين قد لا يتمكنون من فهم الأمور بصورة معقولة ومقبولة، فهو مقبول.. وإن كان الأمر على خلاف ذلك، فلا بد من الإعراض عن هذه الرواية والأخذ بالروايات التي استبعدت كلمة «خيل إليَّ»، وذكرت أنه لو أراد أن ينال السماء لنالها، وقد تقدمت.

ومما يشير إلى أن القضية حقيقية، وليست مجرد تخييل قول النبي «صلى الله عليه وآله» لعلي «عليه السلام»: «رفعك محمد، وأنزلك جبريل»، فإن من يكون هذا حاله، لو أراد أن ينال السماء لنالها، من دون شك ولا شبهة.

تعمل للحق، وأحمل للحق:

وحين قال النبي «صلى الله عليه وآله» لعلي «عليه السلام»: طوبى لك تعمل للحق، وطوبى لي أحمل للحق.. فإنه يكون قد أوضح لكل قريب وبعيد: أن مباشرة تحطيم الأصنام لم يكن عملاً أملته روح التشفي والإنتقام، أو دعته إليه الرغبة في جمع كل ثمرات الإنتصار، والحرص على الإمساك بجميع خيوط المجد والفخار..

وإنما أملاه عليه واجب الدين والحق، والإخلاص لله تعالى.

لماذا لم يباشر النبي تحطيم الأصنام؟!:

ثم إن ما يدعو إلى التأمل هنا: أن النبي «صلى الله عليه وآله» تولى بنفسه مع أخيه علي «عليه السلام» هذا العمل مع أنه كان من الممكن أن يوكل هذا الأمر إلى بعض من كان معه من المسلمين.. فلماذا كان ذلك؟ وما الحكمة فيه؟!.

ونقول:

لعل نفس مبادرة نبي الله «صلى الله عليه وآله» ووصيه «عليه السلام» إلى تحطيم مظاهر الشرك في بيت الله تعالى، يقطع الطريق على أي تأويل أو اتهام لأحد في أن يكون هو الذي بادر إلى تحطيم الأصنام، أو أنه بالغ وتجاوز الحد في إجراء التوجيهات التي صدرت له من قبله «صلى الله عليه وآله» بشأنها..

وقد يُدَّعى: أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يتخذ موقفاً حاداً منها، وإنما كان كل همه هو التسلط على مكة، وقهر قريش، وكسر عنفوانها. ولعله كان لا يمانع في أن يعتقد الناس بأنها تقرب إلى الله زلفى.

أو لا يمانع في اقتنائها للذكرى، أو لأي سبب آخر.

فجاءت مبادرته لتحطيمها بنفسه، لتدل على أن وجودها كله مبغوض لله تبارك وتعالى، ولا يجوز الاحتفاظ بها تحت أي عنوان من العناوين.

لو نزع دلواً من زمزم:

وأما ما ينسب إلى النبي «صلى الله عليه وآله» من أنه قال: لولا أن تُغلب بنو عبد المطلب (على سقايتهم) لنزعت منها دلواً.. فهو غير ظاهر المعنى.

فأولاً: إن مجرد أن ينزع النبي «صلى الله عليه وآله» دلواً من ماء لا يوجب نزع السقاية من بني عبد المطلب، ولا أن تصبح الأمور على درجة الفلتان والتسيب، بحيث يُغلبون على سقايتهم.

ويجاب عن ذلك: بما قاله بعض الإخوة من أنه يحتمل أن يتخذ المسلمون من عمل النبي «صلى الله عليه وآله» سنة، فينتزع من يشاء منهم دلواً منها، أو دلاء، فتذهب السقاية من أربابها.

ثانياً: قد يقال: لو أوجب نزع الدلو من زمزم ذلك لكان أخذ المفتاح من بني شيبة ـ سواء أخذ بالقوة، أو بالحسنى ـ يوجب نزع حجابة البيت منهم..

فإن كان «صلى الله عليه وآله» قد عالج ذلك بإعلانه أن الحجابة لبني شيبة، وأنه لا يجوز لأحد أن يأخذ المفتاح منهم.. فإنه يمكنه أن يعالج أمر زمزم بنفس الطريقة، فينزع دلواً من زمزم، ثم يعلن عدم جواز مزاحمة بني عبد المطلب في أمر السقاية..

إلا أن يقال: إن ثمة فرقاً بين الأمرين، فإن أخذه «صلى الله عليه وآله» لمفتاح الكعبة معناه: إرجاع أمر ولاية الكعبة إلى صاحبها الحقيقي، والاعتراف بولايته على الكعبة معناه: الإعتراف بولايته على كل ما عداها. لأنها تمثل محورية لا مجال لإنكارها في هذا الأمر. فاقتضت المصلحة أن يتعامل مع بني شيبة بهذه الطريقة.

وليس الأمر في السقاية من زمزم بهذه المثابة..

ولأجل ذلك لم يكن من المصلحة أن يكتفي بالطلب إلى حامل المفتاح أن يفتحه له.. بل كانت المصلحة في أخذ المفتاح منه، ثم يكون هو الذي يعطيه إياه بنحو تكون شرعية حجابته للكعبة مستندة إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» دون سواه.

على أن فرقاً آخر بين الحجابة والسقاية، وهو: أنه لا يمكن التعدي على موضوع الحجابة، ولا مجال لغلبة الناس عليها، لأنها مرهونة بمفتاح الكعبة، الذي يكون لدى شخص بعينه، أما السقاية، فيمكن لكل أحد أن يستقي من بئر زمزم، فيمكن الغلبة على الماء.

النداء بتكسير الأصنام في البيوت:

قالوا: ولم يكن رجل من قريش في مكة إلا وفي بيته صنم، إذا دخل مسحه، وإذا خرج مسحه تبركاً به([63]).

وقالوا: ونادى منادي رسول الله «صلى الله عليه وآله» بمكة: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدعن في بيته صنماً إلا كسره أو حرقه([64]).

قال: فجعل المسلمون يكسرون تلك الأصنام.

وكان عكرمة بن أبي جهل لا يسمع بصنم في بيت من بيوت قريش إلا مشى إليه حتى يكسره. وكان أبو تجراة يعملها في الجاهلية ويبيعها([65]).

عكرمة يكسر الأصنام:

ونقول:

إن ما زعموه من أن عكرمة كان يكسر الأصنام في بيوت مكة يثير لدى الباحث أكثر من سؤال حول ما إذا كان هذا الرجل، الذي يزعمون أنه قاتل المسلمين يوم الفتح، وفر من المعركة، مخلصاً في فعله هذا أو أنه يتزلف للمسلمين به، ويخطط للوصول إلى منافع والحصول على امتيازات يطمح إليها.. وهذا هو الأقرب إلى الاعتبار، إذ كيف انقلب هذا المقاتل للدين ولأهله بين لحظة وأخرى إلى ولي حميم، ومتحمس صارم وحازم إلى هذا الحد؟!


([1]) معجت الخيل: كانت سريعة السير سهلة.

([2]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص233 ومستدرك الحاكم ج3 ص244 والسيرة الحلبية ج3 ص88.

([3]) المحجن: العصا المنعطفة الرأس كالصولجان.

([4]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص234 والبحار ج21 ص117 عن إرشاد المفيد ص63 وعن الخرائج والجرائح.

([5]) السيرة الحلبية ج3 ص85 و 86 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص86 عن أبي نعيم.

([6]) الآية 81 من سورة الإسراء.

([7]) البحار ج21 ص117 عن إرشاد المفيد ص63 وعن الخرائج والجرائح.

([8]) سية القوس: ما عطف من طرفيها.

([9]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص234 عن أبي نعيم، والبيهقي، وابن إسحاق، وابن مندة، والواقدي، وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص832 وتاريخ الخميس ج2 ص86 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص71 وعن البخاري في المظالم، باب هل تكسر الدنان التي فيها الخمر، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص85 و 86 والبحار ج21 ص92 و 106 و 116 عن مجمع البيان ج6 ص435 وعن أمالي ابن الشيخ ص214.

([10]) البحار ج21 ص92 و 110 عن مجمع البيان ج6 ص435 وعن سعد السعود ص220.

([11]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص235 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص85 والمغازي للواقدي ج2 ص832 وتاريخ الخميس ج2 ص84 والبحار ج96 ص210.

([12]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص235 والمغازي للواقدي ج2 ص832.

([13]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص235 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص87 و 88 وتاريخ الخميس ج2 ص85.

([14]) السيرة الحلبية ج3 ص88.

([15]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص235 وتاريخ الخميس ج2 ص87 عن روضة الأحباب.

([16]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص235 والمغازي للواقدي ج2 ص832.

([17]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص235 عن البزار ومجمع الزوائد ج6 ص176 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص86.

([18]) الآية 172 من سورة الأعراف.

([19]) راجع: البحار ج96 ص216 و 217 وراجع ص221 و 227 و 228 عن علل الشرايع ص49 وراجع ص426 وتفسير العياشي ج2 ص38.

([20]) راجع: البحار ج96 ص217 و 218 عن علل الشرايع ص425.

([21]) البحار ج96 ص215 ـ 228.

([22]) الآية 101 من سورة النساء.

([23]) راجع الآيات: 158 و 229 و 230 و 233 و 234 و 235 و 236 و 240 و 282 من سورة البقرة، و 23 و 24 و 102 من سورة النساء .

([24]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص236، وقال: ذكره أبو عمر في الدرر، ولم يذكر في الإستيعاب، وهو على شرطه، وذكره القاضي في الشفاء بنحوه. والسيرة الحلبية ج3 ص102 وتاريخ الخميس ج2 ص87.

([25]) الآية 8 من سورة فاطر.

([26]) الآية 24 من سورة النمل، والآية 38 من سورة العنكبوت.

([27]) البحار ج96 ص232 عن علل الشرايع ص423.

([28]) الآية 74 من سورة الإسراء.

([29]) نور الثقلين ج3 ص198 والبرهان (تفسير) ج2 ص434 والبحار ج21 ص124 وتفسير العياشي ج2 ص306 ومجمع البيان المجلد الثالث ج6 ص431.

([30]) نور الثقلين ج3 ص197 و 198 والبرهان (تفسير) ج2 ص434.

([31]) نور الثقلين ج3 ص198.

([32]) أي اجتمع عنده أبو بكر وعمر وابنتاهما. والواو في قوله: وابنتيهما للمعية.

([33]) كذا في المصدر.

([34]) الآيتان 74 و 75 من سورة الإسراء.

([35]) نور الثقلين ج3 ص198 و 199 والبرهان (تفسير) ج2 ص434.

([36]) الآية 73 من سورة الإسراء.

([37]) البرهان (تفسير) ج2 ص434.

([38]) لم أفهم معنى هذه العبارة ولعلها محرفة أو مصحفة. لكن العبارة التي بعدها توضح المراد.

([39]) البرهان ج2 ص434.

([40]) الدر المنثور ج4 ص194 عن ابن إسحاق، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.

([41]) راجع: مجمع البيان المجلد الثالث ج6 ص431 والدر المنثور ج4 ص194 عن ابن جرير، وابن أبي حاتم.

([42]) الدر المنثور ج4 ص194 عن ابن أبي حاتم.

([43]) الدر المنثور ج4 ص194 عن ابن أبي حاتم، ومجمع البيان المجلد الثالث ج6 ص431.

([44]) الدر المنثور ج4 ص194 عن ابن جرير، وابن مردويه، ومجمع البيان المجلد الثالث ج6 ص431.

([45]) راجع: الدر المنثور ج1 ص7 وج3 ص208 عن أبي داود، والبزار، والدار قطني في الافراد، والطبراني، والحاكم، وصححه، والبيهقي في المعرفة وفي شعب الإيمان، وفي السنن الكبرى، وعن أبي عبيد، والواحدي، وفتح الباري ج9ص39 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص16 ونيل الأوطار ج2 ص228 ومستدرك الحاكم ج1 ص231 و232 وصححه على شرط الشيخين، وتلخيص المستدرك للذهبي، بهامشه، وأسباب النزول للواحدي ص9و10 والسنن الكبرى ج2 ص42 و43 ومحاضرات الأدباء المجلد الثاني، الجزء 4 ص433 والإتقان ج1 ص78 وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص56و57 وراجع ص55 عن بعض من تقدم، والجامع لأحاكم القرآن ج1 ص95 وعمدة للقارئ ج5 ص292 ونصب الراية ج1 ص327 والمستصفى ج1 ص103 وفواتح الرحموت بهامشه ج2 ص14 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص34 والتفسير الكبير ج1 ص208 وغرائب القرآن، بهامش الطبري ج1 ص77 والمصنف للصنعاني ج2 ص92 ومجمع الزوائد ج6 ص310 وج2 ص109 عن أبي داود والبزار وكنز العمال ج2 ص368 عن الدارقطني في الافراد والتمهيد في علوم القرآن ج1 ص212 عن الحاكم واليعقوبي، وسنن أبي داود ج1 ص209 والمنتقى ج1 ص380 وتبيين الحقائق ج1 ص113 وكشف الأستار ج3 ص40 ومشكل الآثار ج2 ص153 وتفسير العياشي ج1 ص19 وعنه في التمهيد في علوم القرآن ج1 ص212 وبحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص56 ومصباح الفقيه [كتاب الصلاة] ص276 والجامع لأحاكم القرآن ج1 ص95.

([46]) الجامع الصحيح للترمذي ج5 ص272 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص43 والإتقان ج1 ص62 والبرهان للزركشي ج1 ص241 عن الترمذي، والحاكم. والتمهيد ج1 ص213 وتاريخ القرآن للصغير ص81 عن: مدخل إلى القرآن الكريم لدراز ص34. لكن في غرائب القرآن للنيسابوري، بهامش جامع البيان للطبري ج1 ص24 ومناهل العرفان ج1 ص240 هكذا: «ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا». ومستدرك الحاكم ج2 ص330 و221 وتلخيصه للذهبي بهامشه وغريب الحديث ج4 ص104، والبرهان للزركشي ج1 ص234 و 235 وراجع ص61 وغرائب القرآن بهامش جامع البيان ج1 ص24 وفتح الباري ج9 ص19و 20و 39و 38، وكنز العمال ج2 ص367 عن أبي عبيد في فضائله، وابن أبي شيبة، وأحمد، وأبي داود، والترمذي، وابن المنذر، وابن أبي داود، وابن الأنباري معاً في المصاحف، والنحاس في ناسخه، وابن حبان، وأبي نعيم في المعرفة، والحاكم وسعيد بن منصور، والنسائي، والبيهقي، وفواتح الرحموت بهامش المستصفى ج2 ص12 عن بعض من ذكر، والدر المنثور ج3 ص207 و208 عن بعض من ذكر، وعن أبي الشيخ، وابن مردويه ومشكل الآثار ج2 ص152 والبيان ص268 عن بعض من تقدم، وعن الضياء في المختارة، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج2 ص48 وراجع: بحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص103 ومناهل العرفان ج1 ص347 ومباحث في علوم القرآن ص142 عن بعض من تقدم، وتاريخ القرآن للصغير ص92 عن أبي شامة في المرشد الوجيز.. وجواهر الأخبار والآثار بهامش البحر الزخار ج2 ص245 عن أبي داود والترمذي وسنن أبي داود ج1 ص209 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص42 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص10 ومسند أحمد ج1 ص57و69.

([47]) الآية 39 من سورة يوسف.

([48]) الميزان (تفسير) ج11 ص175 ـ 178.

([49]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص236 عن ابن أبي شيبة، والحاكم، وتاريخ الخميس ج2 ص86 ومناقب الإمام علي لابن المغازلي ص429 والتبصرة لابن الجوزي ص442 ومناقب الأخيار ص3 ومسند أحمد ج1 ص84 ومستدرك الحاكم ج3 ص5 وج2 ص367  وتلخيص المستدرك بهامشه، والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص488 ونظم درر السمطين ص125 والسيرة الحلبية ج3 ص86 عن خصائص العشرة للزمخشري وبدايع الأمثال ص148 وينابيع المودة ص139 و 420 وراجع: وتاريخ بغداد ج13 ص302 والمناقب للخوارزمي ص73 وخصائص الإمام علي «عليه السلام» للنسائي (ط التقدم بمصر) ص31 وصفة الصفوة ج1 ص119 وتذكرة الخواص ص31 ومجمع الزوائد ج6 ص24 ومفتاح النجا ص27 وذخائر العقبى (ط مكتبة القدس) ص85 ومنتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج5 ص54 وفرائد السمطين، وتفريح الأحباب ص316 وبذل القوة للسندي الحنفي ص224 وكنز العمال (ط حيدر آباد) ج5 ص151وغالية المواعظ ج2 ص88.

([50]) مستدرك الحاكم ج2 ص367 وتاريخ الخميس ج2 ص86 عن الطبراني، وأحمد، والترمذي، والصالحاني، والسيرة الحلبية ج3 ص86.

([51]) السيرة الحلبية ج3 ص86 وتاريخ الخميس ج2 ص86.

([52]) السيرة الحلبية ج3 ص86 وتاريخ الخميس ج2 ص86.

([53]) تاريخ الخميس ج2 ص86 عن الزرندي، والصالحاني، ومناقب الإمام علي لابن المغازلي ص202.

([54]) إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص689.

([55]) السيرة الحلبية ج3 ص86.

([56]) المناقب لابن المغازلي ص202 والمناقب المرتضوية ص188 والبحار ج38 ص86 وكشف اليقين ص447 والطرائف ص80 والعمدة لابن البطريق ص364 و 365.

([57]) تاريخ الخميس ج2 ص86 وإحقاق الحق (الملحقات) ج18 ص162.

([58]) تاريخ الخميس ج2 ص87 وينابيع المودة (ط إسلامبول) ص139 وإحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص683 وج18 ص163.

([59]) إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص57 عن بشائر المصطفى، وعن تجهيز الجيش للدهلوي العظيم آبادي.

([60]) أنيس الجليس للسيوطي (ط سنة 1291 هـ) ص148 وإحقاق الحق (الملحقات) ج18 ص167.

([61]) السيرة الحلبية ج3 ص86.

([62]) السيرة الحلبية ج3 ص86.

([63]) المغازي للواقدي ج2 ص870 و871.

([64]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ق1 ص99 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص248 والسيرة الحلبية ج3 ص103 والمغازي للواقدي ج2 ص870 و 871.

([65]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص870 و 871.

 
   
 
 

العودة إلى موقع الميزان