صفحة :205-206   

الرسالة الحادية عشر

[الإسراء والأقصى:]

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من بعث رحمة للعالمين سيدنا وشفيع ذنوبنا محمد بن عبد الله، وعلى آله الأخيار، ولعن على من عاداهم منذ آدم إلى قيام يوم الدين..

أما بعد..

سماحة الأخ الفاضل العلامة الفهامة السيد جعفر مرتضى العاملي (دامت رعايته)..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

في بداية الأمر أشكر الله تعالى على وصولكم إلى أرض بلدكم، معافىً، غانماً، بإذن الله تعالى، ورعاكم الله وسدد خطاكم لما يحب ويرضى إنه سميع مجيب الدعاء.

لا يسعني إلا أن أشكركم جزيل الشكر، وأنا ممتن لكم، كثير الامتنان، بحيث أن توجيهاتكم السديدة تصلني، وآراءكم تردني، وكلما غصت فيها، احتجت إلى المزيد من معين علمكم الذي هو وكما أقطع غيض من فيض..

سيدي الأخ الفاضل السيد جعفر مرتضى العاملي..

لقد وصلتني رسالتان إلى الآن.. الأولى من المركز الإسلامي للدراسات، والثانية من السيد المستبصر..

أما بالنسبة للرسالة الأولى، لست أنا أهلاً لكي أعلق على ما تكتبه، فإنني أعتبر نفسي تلميذاً عندكم إن قبلتموني بقبول حسن، وإن لم تقبلوني فأنا لست إلا قارئاً من آلاف القراء الذين لا يعول على رأيهم، ولا يؤخذ بنظرتهم، إذ أعتبر نفسي طالب علم للحقيقة، هذا من جهة..

وثانياً: أنا طالب للعلوم الدينية والشرعية، وليس للتلميذ أن يتجرأ على أستاذه.. وهذا ليس انتقاصاً من مقامي، بل زيادة لي بالشرف، والرفعة أن أكون تلميذاً لكم، وإن كنتم أصغر مني سناً، فلن أكون كغيري من هؤلاء الذين اعترضوا على ولاية علي «عليه السلام» لصغر سنه، فأنا أقبل منكم لا من باب التسليم الأعمى، والإتباع المبني على مشاعر الأخوة فقط، بل اتباع من يريد أن يقرأ ويتعلم ما غاب عنه، ويتفقه في أمور دينه ودنياه..

وبالنسبة للرسالة الثانية، فقد وصلني كتاب عن العقائد أرسله لي السيد المستبصر بعد أن أرسل لي كتباً أخرى قبل ذلك.. وهذا الكتاب من جزئين سأعمل إن شاء الله على قراءتهما منذ الغد بإذنه تعالى..

وقد علمت من السيد المستبصر أنكم في صدد أن ترسلوا لي الرسائل التي أرسلتها لكم، والأسئلة التي طرحتها عليكم.. فأنا أريد منكم يا سماحة السيد الجليل أن تنشر ما تشاء منها وما تريد.. فأنا أريدها أن تظل كما هي وكما خرجت تلك الأسئلة من صدري، لأن أي تعديل مني قد يخرجها عن ما كنت أحسه وقت ذاك؟!

[الأقصى، والإسراء:]

وعندي استفساران:

الأول: عن كتابكم المسجد الأقصى أين؟! فكما فهمت من السيد المستبصر أنكم لا تنفون وجود المسجد، بل تقولون: بأن الآية الكريمة التي تحدثت عن إسراء النبي «صلى الله عليه وآله» قد لاتكون تتكلم عن هذا الإسراء، وكما على حد علمي: أن روايات السنة نفسها تقول بأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أسري به أكثر من مرة، فلعلكم تقصدون أن الآية لا تتكلم عن الزمان نفسه، أما المكان فله ذات الخصوصية عندكم، ولكن قد يكون الإسراء قد حصل في وقت آخر غير الذي عبرت عنه الآية الكريمة؟! فهل ما فهمت هو صحيح؟!

[عبارة: يجب على الإمام!!:]

ثانياً: لقد تعجبت لعبارة لم أعهدها في كتب أهل السنة الفقهية حين يعبر الفقيه بقوله: يجب على الإمام كذا وكذا، فهذا الوجوب ما هو مبناه، هل هو مما أوجبه الإمام على نفسه حسب الروايات التي استنبطت منها الحكم بالوجوب على الإمام المعصوم؟! وهل يمكن للفقيه أن يقول بهذا مع وجوب التأدب مع الإمام المعصوم، فلذلك أردت منكم التوضيح..

وهناك عدة ملاحظات قد حملتها للسيد المستبصر عن بعض ما ينشر عن خطباء المنبر الحسيني ما يضر بمصالح المستبصرين بشكل خاص، والشيعة بشكل عام.. ما يهيج عليهم التكفيريين والهمج الرعاع والاستخبارات التي أقدمت على كثير من التجاوزات هنا في بلادنا خاصة..

أيضاً هناك مسألة أريد أن أعبر عنها، وهي ما يختلج في صدري من مشاعر حين قرأت عن مأساة الزهراء «عليها السلام» التي أبكتني وأعيتني حتى قعدت حبيس الفراش لعدة أيام ندماً على ما اقترفت يدي في ما كتبت عن سيدة نساء العالمين، وودت لو قطعت يداي لما فعلت وتقولت عنها، فادعو لي بحسن العاقبة، يا سيدي الفاضل، كي يتقبل الله توبتي، فلا أكون كالذي خرج من جلدته لإرضاء الباطل على الحق، وتعميته، ومحاكاة الفتوى التي أعرف أنها من فعل القياس الإبليسي، فإنه أول من قاس لعنه الله، فإن كان لكم صلة بهذا السيد الذي يدعى محمد حسين فضل الله أن يغير لأن السنة يعتقدون أنه يقرب منهم لا احتراماً، بل لكي يشفوا غليلهم: أن من الشيعة من لا يعتقد بما يعتقدون.. لا أريد أن أطيل ولكن من خلال قراءتي لكثير من آرائه، فإنه يحتاج للنصيحة والتصويب، وإن كنت لا تريد أن تدخل بذلك لأسباب معينة قد أجهلها أنا لحفظ وحدة الطائفة ما عليك إلا أن تعطيني بريده، فقد أرسلت أكثر من مرة على عنوان مكتبه الشرعي على الإنترنت عدة أسئلة وانتقادات، وقد عرفت عن نفسي بأنني شيخ أزهري، فكان الجواب نشكر لكم الاهتمام، ومن بعدها لم يصلني شيء.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..

أخوكم الشيخ (ص..)

27 / صفر / 1431 هـ. الموافق 12/2/2010م.

 

   
 
 

موقع الميزان