1 ـ
قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ
لِفَتَاهُ آَتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا
هَذَا نَصَبًا﴾([1]).
«وكان فتى موسى يوشع، وفتى
محمد علي»([2]).
عليهم الصلاة والسلام. كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى.
2 ـ
عن أبي حمزة، عن أبي جعفر «عليه السلام» قال: كان وصي موسى بن
عمران «عليه السلام» يوشع بن نون، وهو فتاه الذي ذكره الله في
كتابه([3]).
3 ـ
السباق ثلاثة: فالسابق إلى موسى يوشع بن نون، والسابق إلى عيسى
صاحب يس، والسابق إلى محمد علي بن أبي طالب([4]).
4 ـ
وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عنه أيضاً في قوله: ﴿وَاْلسَّـٰبِقُونَ
اْلسَّـٰبِقُونَ﴾([5]).
قال: يوشع بن نون سبق إلى موسى، ومؤمن آل ياسين سبق إلى عيسى،
وعليّ بن أبي طالب سبق إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»([6]).
5 ـ
محمد بن العباس، عن أحمد بن محمد الكاتب، عن حميد بن الربيع، عن
الحسين بن الحسن الأشقر، عن سفيان بن عيينة، عن ابن أبي نجيح، عن
عامر، عن ابن عباس، قال: سبق الناس ثلاثة: يوشع صاحب موسى «عليه
السلام» إلى موسى، وصاحب يس إلى عيسى «عليه السلام»، وعلي بن أبي
طالب إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، وهو أفضلهم([7]).
6 ـ
عن سلمان الفارسي قال: سألت رسول الله «صلى الله
عليه وآله»: من وصيك من أمتك؟ فإنه لم يبعث نبي إلا وكان له وصي من
أمته؟
إلى أن تقول الرواية:
فقال «صلى الله عليه وآله»: يا سلمان سألتني عن
وصيي من أمتي؟ فهل تدري من كان وصي موسى من أمته؟
فقلت:
كان وصيه يوشع بن نون فتاه.
فقال
«صلى
الله عليه وآله»:
فهل تدري لم كان أوصى إليه؟
قلت:
الله ورسوله أعلم.
قال:
أوصى إليه لأنه كان أعلم أمته بعده، ووصيي هو أعلم أمتي بعدي علي
بن أبي طالب([8]).
7 ـ
قال سلمان: إني دخلت على رسول الله «صلى الله عليه
وآله» وهو في غمرات الموت فأفاق إفاقة، فقلت: يا رسول الله أما
أوصيت؟
فقال:
يا سلمان وما تدري من كان وصي موسى؟
قال:
قلت: الله ورسوله أعلم.
قال:
إنه كان وصي موسى يوشع بن نون، وكان أفضل من ترك بعده. ألا وإني
أوصيت إلى علي، وهو أفضل من أترك بعدي([9]).
وفي نص آخر:
عن علي بن الحسين «عليهما السلام» عن ابن عمر قال: مر سلمان
الفارسي وهو يريد أن يعود رجلاً، ونحن جلوس في حلقة وفينا رجل
يقول: لو شئت لأنبأتكم بأفضل هذه الأمة بعد نبيها، وأفضل من هذين
الرجلين أبي بكر وعمر.
فسئل سلمان، فقال:
أما والله، لو شئت لأنبأتكم بأفضل [من] هذه الأمة بعد نبيها، وأفضل
من هذين الرجلين أبي بكر وعمر.
ثم مضى سلمان، فقيل له:
يا أبا عبد الله ما قلت [له]؟
قال:
دخلت على رسول الله «صلى الله عليه وآله» في غمرات الموت، فقلت: يا
رسول الله هل أوصيت؟
قال:
يا سلمان أتدري من الأوصياء؟
قلت:
الله ورسوله أعلم.
قال:
آدم، وكان وصيه شيث، وكان أفضل من تركه بعده [وكان] من ولده، وكان
وصي نوح سام، وكان أفضل من تركه بعده، وكان وصي موسى يوشع، وكان
أفضل من تركه بعده، [وكان وصي سليمان آصف بن برخيا، وكان أفضل من
ترك بعده]، وكان وصي عيسى شمعون بن فرخيا، وكان أفضل من تركه بعده،
وإني أوصيت إلى علي، وهو أفضل من أتركه من بعدي([10]).
8 ـ
وعن سلمان قال: قلت: يا رسول الله، إن لكل نبي
وصيًّا، فمن وصيك؟
فسكت عني، فلما كان بعدُ رآني،
فقال:
«يَا سَلْمَانُ».
فأسرعت إليه قلت:
لبيك.
قال:
«تَعْلَمُ مَنْ وَصِيُّ مُوسى»؟
قلت:
نعم، يوشع بن نون.
قال:
«لِمَ»؟
قلت:
لأنه كان أعلمهم يومئذ.
قال:
«فإنَّ وَصِيِّـي ومَوْضِعَ
سِرِّي، وخَيْرَ مَنْ أَتْرُكُ بَعْدِي، ويُنْجِزُ عِدَتِي،
ويَقْضِي دَيْنِي عليُّ بنُ أبي طَالِبٍ»([11]).
وفي نص آخر:
لأنه كان خيرهم، وأفضلهم، وأعلمهم.
وفيه قال:
فإني أشهدك أن علياً خيرهم، وأفضلهم، وأعلمهم.
قال:
فهو وليي، ووصيي، ووارثي([12]).
9 ـ
عن
ابن عباس، قال: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله» لما أنزل الله
تبارك وتعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي
أُوفِ بِعَهْدِكُمْ﴾([13]):
والله لقد خرج آدم من الدنيا وقد عاهد [قومه] على الوفاء لولده شيث،
فما وفي له، ولقد خرج نوح من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيه
سام، فما وفت أمته، ولقد خرج إبراهيم من الدنيا وعاهد قومه على
الوفاء لوصيه إسماعيل، فما وفت أمته، ولقد خرج موسى من الدنيا
وعاهد قومه على الوفاء لوصيه يوشع بن نون، فما وفت أمته، ولقد رفع
عيسى بن مريم إلى السماء وقد عاهد قومه على الوفاء لوصيه شمعون بن
حمون الصفا، فما وفت أمته، وإني مفارقكم عن قريب، وخارج من بين
أظهركم، وقد عهدت إلى أمتي في علي بن أبي طالب وإنها [ا] لراكبة
سنن من قبلها من الأمم في مخالفة وصيي وعصيانه الخ.. ([14]).
10 ـ
ويوم الثامن عشر من ذي الحجة، وهو يوم الغدير، نصب
فيه رسول الله «صلى الله عليه وآله» علياً أمير المؤمنين «عليه
السلام» إماماً للأنام.
وفي هذا اليوم بعينه قتل عثمان بن عفان، وبايع
الناس المهاجرون والأنصار علياً «عليه السلام» طائعين مختارين، ما
خلا أربعة أنفس منهم: عبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة، وسعد بن
أبي وقاص، وأسامة بن زيد.
وفي هذا اليوم فلج موسى بن عمران «عليه السلام» على
السحرة، وأخزى الله عز وجل فرعون وجنوده.
وفيه نجى الله تعالى إبراهيم «عليه السلام» من
النار.
وفيه نصب موسى وصيه يوشع بن نون، ونطق بفضله على
رؤوس الأشهاد.
وفيه أظهر عيسى وصيه شمعون الصفا.
وفيه أشهد سليمان بن داود سائر
رعيته على استخلاف آصف بن برخيا وصيه، وهو يوم عظيم، كثير البركات([15]).
11 ـ
في خطبة الغدير: أن أمير المؤمنين «عليه السلام»
قال: إن هذا يوم عظيم الشأن، فيه وقع الفرج، ورفع الدرج، وصحت
الحجج، وهو يوم الإيضاح والإفصاح عن المقام الصراح، ويوم كمال
الدين، ويوم العهد المعهود، ويوم الشاهد والمشهود، ويوم تبيان
العقود عن النفاق والجحود، ويوم البيان عن حقايق الإيمان، ويوم دحر
الشيطان، ويوم البرهان.
هذا يوم الفصل الذي كنتم توعدون، هذا يوم الملا
الأعلى الذي أنتم عنه معرضون، هذا يوم الإرشاد، ويوم المحنة
للعباد، ويوم الدليل عن الذواد، هذا يوم إبداء إخفاء الصدور
ومضمرات الأمور.
هذا يوم النصوص على أهل
الخصوص، هذا يوم شيث، هذا يوم إدريس، هذا يوم يوشع، هذا يوم شمعون([16]).
12 ـ
نقل عن علي بن مجاهد في تاريخه
مسنداً، قال : قال النبي «صلى الله عليه وآله» عند وفاته لعلي
«عليه السلام»: «أنت مني بمنزلة يوشع من موسى»([17]).
13 ـ
سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: تفرقت
اليهود على إحدى وسبعين فرقة، سبعون منها في النار وواحدة في
الجنة، وهي التي تبعت وصي موسى.
وتفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، واحدة
وسبعون في النار وواحدة في الجنة، وهي التي تبعت وصي عيسى.
وأمتي تفترق على ثلاث وسبعين فرقة، اثنتان وسبعون
فرقة في النار وواحدة في الجنة، وهي التي تبعت وصيي.
قال:
ثم ضرب بيده على منكب علي
«عليه السلام»، ثم قال: ثلاث عشرة فرقة من الثلاث وسبعين كلها
تنتحل مودتي وحبي، واحدة منها في الجنة واثنتا عشرة في النار([18]).
14 ـ
الليث بن سعد، بإسناده، عن أبي أمامة الباهلي، قال:
كنا ذات يوم جلوساً عند رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى أن
قام، فجاء علي بن أبي طالب «عليه السلام»، فوافق رسول الله «صلى
الله عليه وآله» قائماً.
فلما رآه جلس، ثم قال له:
يا علي أتدري لم جلست؟
قال:
اللهم لا.
قال:
[لأخبرك] أني ختمت النبيين، وإنك يا علي ختمت الوصيين، إن حقاً على
الله عز وجل أن لا يقف موسى بن عمران موقفاً يوم القيامة إلا وقف
معه وصيه يوشع بن النون، وإني واقف وتقف معي، ومسؤول وتسأل معي،
فأعد للجواب.
يا علي، إنما أنت عضو من
أعضائي، تزول إذا زلت، وإن الله عز وجل قد أخذ ميثاقي وميثاقك
وميثاق أهل مودتك وشيعتك إلى يوم القيامة، فلكم شفاعتي([19]).
15 ـ
الحسين بن الحسن بن أبان قال: حدثني الحسين بن
سعيد، وكتبه لي بخطه بحضرة أبي الحسن بن أبان قال: حدثني محمد بن
سنان، عن حماد البطحي، عن زميله ـ وكان من أصحاب أمير المؤمنين
«عليه السلام» ـ قال: إن نفراً من أصحابه قالوا: يا أمير المؤمنين
إن وصي موسى «عليه السلام» كان يريهم العلامات بعد موسى، وإن وصي
عيسى «عليه السلام» كان يريهم العلامات بعد عيسى، فلو أريتنا.
فقال:
لا تقرون.
فألحوا عليه.
فأخذ بيد تسعة منهم، وخرج بهم قبل أبيات الهجريين
حتى أشرف على السبخة، فتكلم بكلام خفي، ثم قال: بيده: اكشفي غطاءك،
فإذا كل ما وصف الله في الجنة نصب أعينهم مع روحها وزهرتها.
فرجع منهم أربعة يقولون:
سحراً سحراً، وثبت رجل منهم بذلك ما شاء الله.
ثم جلس مجلساً فنقل منه([20])
شيئاً من الكلام في ذلك، فتعلقوا به، فجاؤوا به إلى أمير المؤمنين
«عليه السلام» وقالوا: يا أمير المؤمنين اقتله، ولا تداهن في دين
الله.
قال:
وما له؟
قالوا:
سمعناه يقول كذا وكذا.
فقال له:
ممن سمعت هذا الكلام؟
قال:
سمعته من فلان بن فلان.
فقال أمير المؤمنين «عليه
السلام»:
رجل سمع من غيره شيئاً فأداه، لا سبيل على هذا.
فقالوا:
داهنت في دين الله، والله لنقتلنه!
فقال:
والله لا يقتله منكم رجل إلا أبرت عترته([21]).
16 ـ
وجاء في حديث طويل رواه الديلمي ما يلي: فلما كان
من أمر علي «عليه السلام» ما كان توجهنا معه، فلما رجعنا من صفين
نزلنا أرضاً قفراً، ليس بها ماء، فشكونا ذلك إلى علي «عليه
السلام».
فانطلق يمشي على قدميه، حتى انتهينا إلى موضع كان
يعرفه، فقال: احفروا ههنا.
فحفرنا، فإذا بصخرة صماء عظيمة.
قال:
اقلعوها.
قال:
فجهدنا أن نقلعها فما استطعنا.
قال:
فتبسم أمير المؤمنين صلوات الله عليه من عجزنا عنها، ثم أهوى إليها
بيديه جميعاً، كأنما كانت في يده كرة، فإذا تحتها عين بيضاء كأنها
من شدة بياضها اللجين المجلو، فقال: دونكم فاشربوا، واسقوا،
وتزودوا، ثم آذنوني بها.
قال:
ففعلنا، ثم أتيناه.
فأقبل يمشي إليها بغير رداء ولا حذاء، فتناول
الصخرة بيده، ثم دحى بها في فم العين فألقمها إياها، ثم حثا بيده
التراب عليها، وكان ذلك بعين الديراني، وكانت بالقرب منها ومنا،
يرانا ويسمع كلامنا.
قال:
فنزل فقال: أين صاحبكم؟
فانطلقنا به إلى علي «عليه
السلام»، فقال:
أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله «صلى الله
عليه وآله»، و أنك وصي محمد «صلى الله عليه وآله». ولقد كنت أرسلت
بالسلام عني وعن صاحب لي مات كان أوصاني بذلك، مع جيش لكم منذ كذا
وكذا من السنين.
قال سهل:
فقلت يا أمير المؤمنين: هذا الديراني الذي كنت
أبلغتك عنه وعن صاحبه السلام.
قال:
وذكر الحديث يوم مررنا مع خالد، فقال له علي: وكيف علمت أني وصي
رسول الله؟
قال:
أخبرني أبي، وكان قد أتى عليه من العمر مثل ما أتي علي، عن أبيه،
عن جده، عمن قاتل مع يوشع بن نون وصي موسى، حين توجه فقاتل
الجبارين بعد موسى بأربعين سنة: أنه مر بهذا المكان وأصحابه عطشوا،
فشكوا إليه العطش، فقال: أما إن بقربكم عيناً نزلت من الجنة
استخرجها آدم.
فقام إليها يوشع بن نون، فنزع عنها الصخرة، ثم شرب
وشرب أصحابه وسقوا.
ثم قلب الصخرة وقال لأصحابه:
لا يقلبها إلا نبي، أو وصي نبي.
قال:
فتخلف نفر من أصحاب يوشع بعد ما مضى فجهدوا الجهد على أن يجدوا
موضعها فلم يجدوه، وإنما بني هذا الدير على هذه العين وعلى بركتها
وطليتها فعلمت حين استخرجتها أنك وصي رسول الله أحمد الذي كنت
أطلب([22]).
17 ـ
قال النبي «صلى الله عليه وآله»: «ما جرى في أمم الأنبياء قبلي شيء
إلا ويجري في أمتي مثله» وذكر خروج الصفراء بنت شعيب على يوشع وصي
موسى.
ثم قال «صلى الله عليه وآله»
لأزواجه:
«وإن منكن من تخرج على وصيي وهي ظالمة، ثم قال: يا
حميراء، لا تكوينها.
فأخبر بذلك قبل كونه. وكان
معجزاً له «صلى الله عليه وآله»..»([23]).
18 ـ
القطان، عن السكري، عن الجوهري، عن ابن عمارة، عن
أبيه، عن الصادق، عن آبائه «عليهم السلام» قال:
إن يوشع بن نون قام بالأمر بعد موسى «عليه السلام»،
صابراً من الطواغيت على اللأواء والضراء، والجهد والبلاء. حتى مضى
منهم ثلاثة طواغيت، فقوي بعدهم أمره، فخرج عليه رجلان من منافقي
قوم موسى بصفراء بنت شعيب، امرأة موسى في مائة ألف رجل، فقاتلوا
يوشع بن نون، فغلبهم وقتل منهم مقتلة عظيمة، وهزم الباقين بإذن
الله تعالى ذكره، وأسر صفراء بنت شعيب، وقال لها: قد عفوت عنك في
الدنيا إلى أن نلقى نبي الله موسى، فأشكو ما لقيت منك ومن قومك.
فقالت صفراء:
وا ويلاه، والله لو أبيحت لي الجنة لاستحييت أن أرى
فيها رسول الله وقد هتكت حجابه، وخرجت على وصيه بعده.
فاستتر الأئمة بعد يوشع إلى زمان داود «عليه
السلام» أربعمائة سنة، وكانوا أحد عشر.
وكان قوم كل واحد منهم يختلفون
إليه في وقته، ويأخذون عنه معالم دينهم، حتى انتهى الأمر إلى
آخرهم، فغاب عنهم، ثم ظهر الخ..([24]).
19 ـ
وجاء في حديث رواه علي بن أحمد الدقاق، عن حمزة بن القاسم، عن علي
بن الجنيد الرازي، عن أبي عوانة، عن الحسين بن علي، عن عبد الرزاق،
عن أبيه، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الله بن مسعود،
عن النبي «صلى الله عليه وآله» قوله:
«وخرجت عليه صفراء بنت شعيب زوج موسى، فقالت: أنا
أحق بالأمر منك.
فقاتلها، فقتل مقاتلتها، وأسرها فأحسن أسرها.
وإن ابنة أبي بكر ستخرج على علي في كذا وكذا ألفاً
من أمتي، فيقاتلها فيقتل مقاتلتها، ويأسرها فيحسن أسرها.
وفيها أنزل الله تعالى: ﴿وَقَرْنَ
فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ
الْأُولَى﴾([25]).
يعني: صفراء بنت شعيب([26]).
أي لا تبرجن كتبرج صفراء بنت شعيب في الجاهلية
الأولى.
20 ـ
بالإسناد إلى الصدوق، عن أبيه، عن محمد العطار، عن
ابن أبان، عن ابن أرومة، بإسناده إلى أبي جعفر «عليه السلام» قال:
إن امرأة موسى «عليه السلام» خرجت على يوشع بن نون راكبة زرافة،
فكان لها أول النهار وله آخر النهار، فظفر بها، فأشار عليه بعض من
حضره بما لا ينبغي فيها.
فقال : أبعد مضاجعة موسى
لها؟!! ولكن أحفظه فيها([27]).
21 ـ
وجاء في حديث طويل يذكر ما جرى في دفن الإمام الحسن
«عليه السلام» وأن عائشة ركبت البغلة، وجاءت لمنعهم من دفن الإمام
عند جده «صلى الله عليه وآله» ما يلي:
فقال عبد الله بن العباس:
كم لنا منكم يا حميراء، يوم على جمل ويوم على زرافة؟!
فقالت:
يا ابن العباس، ليس قتالي لعلي بعجيب، وقد رويتم أن صفراء ابنة
شعيب، زوجة موسى بن عمران «عليه السلام» قاتلت بعده وصيه يوشع بن
نون على زارفة.
فقال لها ابن العباس:
هي والله صفراء وأنت حميراء، ألا إنها بنت شعيب، وأنت بنت عتيق بن
عبد العزى.
قالت:
إن لنا عندك يا ابن العباس ثاراً بثأر، والمعاد لا تقول به.
فقال لها ابن عباس:
والله، أنت، ومن أنت منه، وحزبكم الضالون. فكان هذا من دلائله([28]).
22 ـ
وعن علي «عليه السلام» أنه قال
عن الليلة التي ضربه فيها ابن ملجم: «أما والله، إنها الليلة التي
ضرب فيها يوشع بن نون، ليلة سبع عشرة. وقبض ليلة إحدى وعشرين»([29]).
والظاهر:
أن كلمة سبع مصحفة عن كلمة تسع لتقارب الكلمتين في الرسم، وما أكثر
ما يقع ذلك في هامتين الكلمتين.
23 ـ
عن أحمد بن محمد، عن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن
أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حماد، عن حريز، عن محمد بن مسلم، عن
أحدهما «عليهما السلام» قال:
«الغسل في سبعة عشر موطناً ـ
وساق الحديث إلى أن قال ـ: وليلة إحدى وعشرين، أي من شهر رمضان،
وهي الليلة التي أصيب فيها أوصياء الأنبياء، وفيها رفع عيسى بن
مريم «عليه السلام» وقبض موسى «عليه السلام»([30]).
24 ـ
يوضح ذلك: ما روي في العدد، من أنه في ليلة إحدى وعشرين من رمضان
رفع عيسى بن مريم «عليه السلام»، وفيها من رمضان قبض موسى بن عمران
«عليه السلام»، وفي مثلها قبض وصيه يوشع بن نون «عليه السلام»([31]).
25 ـ
الصدوق «رحمه الله» بإسناده عن حبيب بن عمرو قال: لما توفي أمير
المؤمنين «عليه السلام» قام الحسن «عليه السلام» خطيباً، فقال:
أيها الناس، في هذه الليلة رفع عيسى بن مريم، وفي هذه الليلة قتل
يوشع بن نون([32]).
26 ـ
وحسب نص الراوندي: «ولقد توفي
في الليلة التي عرج فيها بعيسى بن مريم «عليه السلام»، وفيها قبض
يوشع بن نون وصي موسى «عليه السلام»..»([33]).
27 ـ
وروى في قصص الأنبياء، بأسناده عن أبي بصير، عن أبي
عبد الله «عليه السلام» قال: قال أبو جعفر «عليه السلام»:
لما كانت الليلة التي قتل فيها
علي «عليه السلام» لم يرفع عن وجه الأرض حجر إلا وجد تحته دم عبيط
حتى طلع الفجر، وكذلك كانت الليلة التي قتل فيها يوشع بن نون([34]).
28 ـ
الحسين بن محمد، عن المعلى، عن محمد بن جمهور، عن
أبي معمر قال: سألت الرضا «عليه السلام» عن الإمام يغسله الإمام؟
قال:
سنة موسى بن عمران «عليه السلام»([35]).
قال المجلسي:
أي حيث غسله وصيه يوشع، أو
المعصومون من الملائكة([36]).
لعل الصحيح:
والمعصومون من الملائكة.
29 ـ
علي بن أحمد الدقاق، عن حمزة بن القاسم، عن علي بن
الجنيد الرازي، عن أبي عوانة، عن الحسين بن علي، عن عبد الرزاق، عن
أبيه، عن مينا مولى عبد الرحمن بن عوف، عن عبد الله بن مسعود قال:
قلت للنبي «صلى الله عليه وآله»: يا رسول الله، من يغسلك إذا مت؟
فقال:
يغسل كل نبي وصيه.
قلت:
فمن وصيك يا رسول الله؟
قال:
علي بن أبي طالب.
فقلت:
كم يعيش بعدك يا رسول الله؟
قال:
ثلاثين سنة. فإن يوشع بن نون
وصي موسى عاش من بعده ثلاثين سنة([37]).
30 ـ
وفي حرب يوشع بن نون أهل أريحا
غابت الشمس، فدعا يوشع، فرد الله عليه الشمس حتى فتحوا أريحا([38]).
31 ـ
وفي نص آخر: «قدم يوشع بن نون إلى أريحا في بني إسرائيل، فدخلها،
وقتل بها الجبارين، وبقيت منهم بقية وقد قاربت الشمس الغروب، فخشي
أن يدركهم الليل فيعجزوه، فدعا الله تعالى أن يحبس عليه الشمس،
ففعل، وحبسها حتى استأصلهم»([39]).
32 ـ
وجاء في رواية عن الإمام
الصادق «عليه السلام»، قوله: «وبشر موسى ويوشع بالمسيح»([40]).
33 ـ
وقال الراوندي: «كما كان بعد وفاة موسى «عليه
السلام» ووفاة وصيه يوشع استتر جماعة من الحجج عن الناس، وكانوا
بشروهم بداود «عليه السلام»: أنه يطهر الأرض من جالوت وجنوده، وكان
المؤمنون يعلمون أنه قد ولد، ولا يعرفونه بسيماه.
وكان داود ـ على نبينا وعليه السلام ـ خامل الذكر
فيما بينهم، كانوا يرونه ويشاهدونه، ويسمعون اسمه، ولا يعلمون أنه
هو.
ثم ذكر:
أنه أخبرهم أنه يقتل جالوت، فأدخل على طالوت، وقد كان الله تعالى
أوحى إلى طالوت: أنه لا يقتل جالوت إلا من لبس درعك فملأها.
فدعا بدرعه، فلبسها داود «عليه السلام»، فاستوت
عليه، فقال داود «عليه السلام»: أروني جالوت.
فلما رآه، أخذ الحجر، فرماه به، فصك بين عينيه،
فدمغه، وتنكس عن دابته، فتفرقت العساكر الكافرة، كتفرق الأحزاب بعد
قتل علي بن أبي طالب «عليه السلام» عمرو بن عبد ود العامري.
فأقام داود «عليه السلام» في بني إسرائيل نبياً
يحكم بالإلهام.
كذلك درع رسول الله «صلى الله
عليه وآله» [ما استوت على أحد بعد النبي إلا على علي، و] ما استوت
بعد علي «عليه السلام» على أحد من الأئمة ولا على غيرهم، فكلهم
«عليهم السلام» قالوا: إنها تستوي على المهدي «عليه السلام». وإنه
يقتل الجواليت والطواغيت»([41]).
34 ـ
وقالوا أيضاً: وكان اسم أبي داود «إيشا» وكان لإيشا
عشرة بنين، فلما جمع طالوت بني إسرائيل لحرب جالوت أمر طالوت إيشا
أن يحضر ولده، فلما حضروا دعا واحداً واحداً من ولده، فألبسه الدرع
درع موسى «عليه السلام»، فمنهم من طال عليه، ومنهم من قصر عنه،
فقال لإيشا: هل خلفت من ولدك أحداً؟
قال:
نعم، أصغرهم، تركته في الغنم راعياً.
فبعث إليه فجاء به.
فألبسه طالوت درع موسى «عليه السلام»، فاستوى عليه،
ففصل طالوت بالجنود..
ثم تذكر الرواية:
قتل داود لجالوت([42]).
وثمة حديث آخر يذكر إلباس
طالوت الدرع لداود «عليه السلام»، فاستوت عليه.. وإقامة داود «عليه
السلام» في بني إسرائيل مستخفياً فراجعه([43]).
35 ـ
عن عبد الله بن عجلان، عن أبي
عبد الله «عليه السلام» قال: إذا قام قائم آل محمد «عليه وعليهم
السلام» حكم بين الناس بحكم داود، لا يحتاج إلى بينة، يلهمه الله
تعالى فيحكم بعلمه([44]).