الصفحة 57

رابعاً ـ الصلاة :

الصلاة فى اللغة تعنى الدعاء . وقد وردت فى القرآن فى أكثر من موضع ، إلا أن النصوص الواردة عن الصلاة على كثرتها لم تبين لنا كيفيتها وعدد ركعاتها فقط جاء التبيين والتوضيح عن طريق الروايات ..

أما مسألة التوقيت فقد حددها القرآن من خلال النصوص التالية:

(حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) (البقرة / 238) ..

(وأقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً) (الإسراء / 78)

(وسبح بحمد ربك بالعشى والإبكار) (غافر / 55)

(فسبحان الله حين تمسون وحين تصحبون وله الحمد فى السموات والأرض وعشياً وحين تظهرون) (الروم / 17:18) ..


الصفحة 58
وخصت صلاة الجمعة بآية صريحة لكنها مجملة دون تفصيل فى سورة الجمعة هى : (يا آيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله ..)

وبخصوص القصر عند الخوف جاء فى القرآن : (وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلوات إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم عدواً مبيناً) (النساء / 101) ..

وبخصوص كيفية صلاة الحرب جاء قوله تعالى : (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم، فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ..) (النساء / 102)..

(فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمـون) (البقرة / 39)

(فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبكـم فـإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً موقوتـاً) (النساء / 103) ..

ومن خلال هذه النصوص سوف نستعرض مسألة الصلاة من عدة جوانب :


الصفحة 59
الأول : التوقيت .

الثاني : الكيفية .

الثالث : صلاة الجمعة .

الرابع : الخوف .

وفيما يتعلق بالتوقيت فإن النص الأول الذى يذكر الصلاة الوسطى يدل على أن هناك صلاة أولى وصلاة ثالثة الوسطى ثانيتهما .

وهو إشارة من جهة أخرى إلى أن أوقات الصلاة ثلاثة أوقات..

وقد اختلف الفقهاء فى تحديد الصلاة الوسطى فقال البعض أنها العصر . وقال آخرون أنها المغرب .

وقال البعض أنها العشاء .


الصفحة 60
وقال غيرهم هى الصبح .

وآخرون قالوا هى الجمعة .

وشذ البعض فقال أنها الصبح والعصر .

وشـذ آخـرون أكثر فقالوا أنها الصلوات الخمس وهذا الخلاف نابع من الروايات ..(1)

إلا أن هذا الخلاف ومعه كم من الروايات التى تتأرجح بين الصلوات لا ينفى الإشارة الواضحة من خلال النص القرآنى والتى تؤكد أن الأوقات ثلاثة ..

وهو ما يؤكده النص التالى الذى يأمر بإقامة الصـلاة طرفـى النهار وزلفاً من الليل فهى ثلاثة أوقات أيضاً ..


الصفحة 61
واختلف الفقهاء أيضاً فى تحديد هذه الأوقات فقال البعض الطرفان الصبح والمغرب . وقيل الطرفان الظهر والعصر والزلف المغرب والعشاء والصبح .

وقيل الزلفة هى صلاة الليل . وقيل أن الطرف الأول الصبح باتفاق .

أى أن الخلاف فى تحديد الطرف الثانى ..(2)

كذلك النص الثالث يؤدى لنفس النتيجة وهى الإشارة إلى الأوقات الثلاثة حيث يأمر بإقامة الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ثم قرآن الفجر ، أى وقت الظهيرة ثم العشاء ثم الفجر .

والنص الذى يليه يشير إلى وقتين : العشى والإبكار إذا اعتبرنا أن التسبيح يقصد به الصلاة كما أشار المفسرون ، وفى هذه الحالة يمكن اعتبار أن العشى يجمع المغرب والعشاء والإبكار يعنى الفجر ، ثم الظهر والعصر معاً وهو أمر محل نظر ..

أما الآية الخامسة فهى تشير إلى الأربعة أوقات على اعتبار أن التسبيح هو الصلاة أيضاً ، وهذا بالطبع يتناقض مع الآيات السابقة كما يتناقض مع الأوقات الخمسة التى أشارت إليها الروايات ..

إلا المفسرين نقلوا عن ابن عباس قوله : الصلوات الخمس فى القرآن . فسبحان الله حين تمسون . صلاة المغرب والعشاء . وحين تصبحون صلاة الفجر . وعشيا العصر . وحين تظهرون الظهر .

وقال آخرون أن الآية تنبيه على أربع صلوات المغرب والصبح والعصر والظهر والعشاء فى آية أخرى فى (زلفا من الليل) ..(3)


الصفحة 62
وخروجاً من هذه المتاهات سوف نعتمد النصوص الثلاثة الأولى التى جاء فيها ذكر الصلاة والتى تحدد أوقات الصلاة بثلاثة أوقات . وسوف نستبعد النصين الآخرين الذين ألصقتهما الفقهاء والمفسرين بالصلاة ..

يتبقى بعد ذلك مناقشة الروايات التى تشير إلى الأوقات الخمسة..

روى عن الرسول (ص) قوله : نزل جبريل فأمنى فصليت معه. ثم صليت معه. ثم صليت معه. ثم صليت معه . ثم صليت معه. يحسب بأصابعه خمس صلوات..(4)

وروى أن رسول الله (ص) قال : فرض الله على أمتى خمسين صلاة فرجعت بذلك حتى آتى على موسى .

فقال موسى : ماذا افترض ربك على أمتك ؟

قلت : فرض على خمسين صلاة .

قال فارجع إلى ربك فإن أمتك لن تطيق ذلك .

فراجعت ربى فوضع عنى شطرها فرجعت إلى موسى فأخبرته.


الصفحة 63
فقال ارجع إلى ربك فإن أمتك لن تطيق ذلك .

فراجعت ربى . فقال هى خمس وهى خمسون . لا يبدل القول لدى . فرجعت موسى .

فقال ارجع إلى ربك . فقلت : قد استحييت من ربى ..(5)

وفى رواية أخرى : فرجعت إلى ربى فسألته أن يخفف فجعلها أربعين ثم رجعت إلى موسى فقال لى أرجع إلى ربك فاسأله التخفيف ، فرجعت إلى ربى فجعلها ثلاثين . فأتيت موسى فأخبرته فقال مثل مقالته الأولى ، فرجعت إلى ربى فجعلها عشرين ثم عشرة ثم خمسة ، فأتيت على موسى فقال لى مثل مقالته الأولى ، فقلت أنى استحى من ربى أن أرجع إليه ، فنودى أن قد أمضيت فريضتى وخففت عن عبادى وأجرى بالحسنة عشرة أمثالها ..(6)

وفى رواية : فمن أداهن منكم إيماناً واحتساباً كان أجر خمسين صلاة ..(7)

وفى رواية : خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة ..(8)

وفى رواية : خمس صلوات كتبهن الله على العباد ..(9)


الصفحة 64
ويظهر لنا من الرواية الأولى أن الرسول تعلم الصلاة على يد جبريل الذى صلى معه خمس صلوات .

أما الرواية الثانية فتبين لنا أن الصلوات الخمس فرضن فى ليلة الإسراء والمعراج بعد مراجعات بين النبى وموسى والله سبحانه ..

وبهذا يتبين لنا مدى التناقض بين الروايتين فكل منهما تضرب الأخرى . ونحن فى مواجهتهما إما أن نقر أن الرسول فرضت عليه الصلوات الخمس وتعلمها على يد جبريل فى المدينة كما هو واضح من زمان الرواية .

وإما أن نقر أن الصلوات الخمس فرضن على النبى (ص) فى مكة حين أسرى به وعرج إلى السماء حسب الرواية الثانية وهى مكية كما هو واضح من حادثة الإسراء ..

والرواية الأولى يمكن احتمالها عقلاً أما الثانية فلا يمكن احتمالها ..

لا يمكن احتمال حادثة شق الصدر عقلاً وقد ربطهـا الـرواة بحاثة الإسراء ..(10)

ولا يمكن احتمال لقاء الرسول بالأنبياء من آدم حتى إبراهيـم ومحاورتـه معهـم ..(11)


الصفحة 65
ولا يمكن احتمال مراجعته لله سبحانه فى أمر الصلاة عدة مرات وبتوجيه من موسى ..

إن الله سبحانه لا يبدل القول لديه فكيف من الممكن أن يحتمل العقل هذه المراجعة مع الله سبحانه وفى شأن عبادة من العبادات .

وكيف لله أن يتحاور مع عبد من عباده بهذه الصورة وهو يعلم أن هذه المراجعة بتحريض من غيره وهو موسى ؟

وكيف لموسى أن يتدخل فى هذا الأمر الذى لا يخصه ولا يخص أمته ؟

وما هو سلطانه فى السماء حتى يعترض على أمر الله بغرض خمسين صلاة ويطلب من الرسول (ص) أن يراجع ربه فى شأنها بحجة أن أمته لن تطيق ذلك ؟

وهل موسى أعلم من الله بمدى احتمال أمة محمد لهذه الفريضة؟

قد يقال أن مسألة الإسراء والمعراج وحركة النبى فى السماء من باب المعجزات وخوارق العادات . وقد يسلم العقل لهذه المسألة من هذا الباب (12) .

إلا أنه ليس من الممكن أن يسلم بتلك القصة المشوهة عن فرض الصلوات الخمس التى تضع الله سبحانه فى هذه الصـورة


الصفحة 66
التى لا يريد القلم أن يخوض فى تفاصليها لكونها تمس ذاته سبحانه..

إن الواجب يحتم علينا اللجوء إلى الفقهاء لنرى ما هو موقفهم من هذه القصة .

قال القرطبى : الحكمة فى تخصيص موسى بمراجعة النبى (ص) فى أمر الصلاة لعلها لكون أمة موسى كلفت من الصلوات بما لم تكلف به غيرها من الأمم فثقلت عليهم ، فأشفق موسى على أمة محمد من مثل ذلك ..(13)

وقال غيره : لعلها من جهة أنه ليس فى الأنبياء من له اتباع أكثر من موسى ولا من له كتاب أكبر ولا أجمع للأحكام من هذه الجهة مضاهياً للنبى ، فناسب أن يتمنى أن يكون له مثل ما أنعم به عليه من غير أن يريد زواله عنه ، وناسب أن يطلعه على ما وقع له ـ أى من بنى إسرائيل ـ وينصحه فيما يتعلق به .

ويحتمل أن يكون موسى لما غلب عليه فى الابتداء الأسف على نقص حظ أمته بالنسبة لأمة محمد حتى تمنى أن يكون ، استدرك ذلك ببذل النصيحة لهم والشفقة عليهم ليزيل ما عساه أن يتوهم عليه فيما وقع منه فى الابتداء ..(14)

وقال السهيلى : ان الحكمة فى ذلك أنه كان رأى فى مناجاته صفة أمة محمد فدعا الله أن يجعله منهم ، فكان إشفاقه عليهم كعناية من هو منهم ..(15)

وقال ابن حجر معلقاً على هذه الأقوال : والعلم عند الله تعالى، وقد وقع من موسى فى هذه القصة من مراعاة جانب النبى أنه أمسك عن جميع ما وقع له حتى فارقه النبى أدبـاً معـه وحسـن عشرة ..(16)


الصفحة 67
وبتأمل هذه الأقوال نجدها لا تخرج عن كونها مجموعة من التبريرات الواهية التى لا صلة لها بجوهر الموضوع ولم يكلف الفقهاء أنفسهم كالعادة النظر فى صحة الرواية وإنما كل ما يعنيهم هو سندها وبالتالى هم تعاملوا بمنطق التسليم فقد رواها البخارى ومسلم وسندها صحيح حسب قواعد الجرح والتعديل التى وضعوهـا ..(17)

أما الروايات الأخرى فهى محاولات لتأكيد الصلوات الخمس وهى روايات ترغيبية تكتظ بمثلها كتب السنن ..(18)

وإذا كانت الرواية الأساس التى يعتمد عليها القوم فى فرص الصلوات الخمس وهى ـ رواية الإسراء والمعراج ـ واهية ومرفوضة عقلاً فإن الروايات الأخرى التى بنيت عليها تصبح بلا قيمة وما بنى على باطل فهو باطل ..

من هنا وعلى ضوء ما سبق نجد أنفسنا فى مواجهة مسألة التوقيت أمام مواقف ثلاثة :

الأول : أن نقف مع نصوص القرآن ..

الثانى : أن نقف مع الروايات ..

الثالث : أن نوفق بين القرآن والروايات ..

وإذا ما انحزنا إلى نصوص القرآن فإننا سوف نصطدم بقضية تحديد التوقيت والتطبيق ، وفى الوقت نفسه لا يمكننا أن ننحاز للروايات انحيازاً كاملاً، فمن ثم ليس أمامنا سوى الخيار الثالث وهو التوفيق بين الروايات ونصوص القرآن، وهذا التوفيق لن يتم


الصفحة 68
على أساس الروايات التى تشير إلى أن الأوقات خمسة، فهذه الروايات تصطدم اصطداماً صارخاً بنصوص القرآن، إنما سوف نعرض لروايات أخرى أغفلها القوم وعتموا عليها وهى الروايات الخاصة بالجمع بين الصلوات فى الحضر.

يروى عن ابن عباس قوله : صلى رسول الله (ص) الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً فى غير خـوف ولا سفـر ..(19)

وفى رواية أخرى : إن رسول الله (ص) صلى بالمدينة سبعاً وثمانياً. الظهر والعصر والمغرب والعشاء ..(20)

ويروى أن ابن عباس خطب فى الناس يوماً بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم وجعل الناس يقولون الصلاة الصلاة ، فقام رجل من بنى تميم فقال الصلاة الصلاة .

فقال ابن عباس أتعلمنى السنة لا أم لك ، رأيت رسول الله (ص) جمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء .

قال الراوى عبد الله بن شفيق : فحاك فى صدرى من ذلك شئ فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته ..(21)

وقد سئل ابن عباس عن هذا الجمع الغير مبرر فى نظرهم فقال: أراد ـ أى الرسول ـ أن لا يحرج أمته ..(22)

ومن الواضح أن هذا التطبيق من قبل الرسول هو صورة من صور التوافق مع نصوص القرآن إلا أن الرواة والفقهاء موهوا على هذا التطبيق وحصروه فى دائرة ضيقة وبعضهم أنكره ..

وذهب بعض الفقهاء إلى أن الجمع لا يجـوز إلا فـى عرفـة


الصفحة 69
والمزدلفة ، وحملوا ما ورد من ذلك ـ أى الجمع فى الحضر ـ على الجمع الصورى ..(23)

وقال محمد : ولسنا نأخذ بهذا . لا نجمع بين الصلاتين فى وقت واحد ، إلا الظهر والعصر بعرفة والمغرب والعشاء بمزدلفة ، وهو قول أبو حنيفة ..(24)

وقد ربطت المذاهب الأربعة الجمع بين الصلاتين بالسفر والمرض والمطر والطين والخوف والثلج الشديد عند الأحناف الذين قالوا يعدم جواز الجمع إلا فى السفر ولا يجوز فى الحضر بأى عذر من الأعذار إلا فى عرفة بجمع الظهر والعصر جمع تقديم ، وفى المزدلفة بجمع المغرب والعشاء جمع تأخير وذلك فى الحج ..(25)

ولا يظهر أن الفقهاء اتخذوا هذا الموقف من قضية الجمع فى الحضر على أساس الروايات فكما هو واضح أن الروايات ليست فى صفهم وهم قد أعلنوا مخالفتهم لها دون مبرر مقبول وهو أمر ليس كعادتهم ولكنها سطوة السياسة والمذهبية التى جعلتهم يعاندون فى تحريم زواج المتعة رغم صراحة النصوص فى إباحته ..(26)

ويبدوا أن الفقهاء اعتمدوا على موقف عمر من قضية الجمع فى الحضر كما اعتمدوا عليه من قبل فى قضية زواج المتعة ..(27)

إن المتأمل فى جمع الصلوات يكتشف أنها تنحصر فى أوقات ثلاثة فالظهر والعصر وقت . والمغرب والعشاء وقت والوقت الثالث هو الفجر ، وهذا هو التطبيق الوحيد للصلوات الذى ينسجم مع النصوص القرآنية، وهو التطبيق الوحيد الذى كان ينسجم مع واقع العرب وظروفهم آنذاك .

ومثل هذا التطبيق من شأنه أن يوفر وقت المسلمين وأموالهم ، فكم يضيع المسلمون من وقت تحت ستار الصلوات الخمس ، وكم أنفقوا من أموال على المساجد التى يحتاجونها لتغطية الصلوات الخمس ومتطلباتها من أئمة ومؤذنين وخلافه ،س بالإضافة إلى توفير ذلك الكم الهائل من المياة التى تهرق تحت اسم الوضوء خمس مرات يومياً ..(28)

وهل جاء الدين لتعطيل مصالح العباد وإضاعة الوقت وتبديد الثروات .. ؟


الصفحة 70
وفيما يتعلق بالكيفية فقد أشار القرآن إلى الركوع والسجود والتسبيح فى مواضع كثيرة والصلاة إنما تتكون من ركوع و سجود وتسبيح ..

ولما كان القرآن يبين كيفيتها فإن الكيفية هنا تكون بين أمرين :

الأول : أن كيفية الصلاة معروفة عند العرب فمن ثم لم يوضحها القرآن ..

الثانى : أن يكون الرسول (ص) قد بين كيفيتها ..

والأمر الثانى هو الأرجح إذ لم ترد أدلة ترجح الأمر الأول . من هنا فإن الوارد عن الرسول حول كيفية الصلاة يجب أن يدور فى محيط الركوع والسجود والتسبيح وما زاد على ذلك فليس من الصلاة فى شئ ..

إلا أن الفقهاء على أساس الروايات قد وضعوا للصلاة أركان ومبطلات بل تطرفوا فى رؤيتهم لها فجعلوها ركناً من أركان الدين ..

روى عن الرسول (ص) قوله : بنى الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان ..(29)

وروى أن الرسول (ص) قال : إن بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ..(30)


الصفحة 71
وروى عن الرسول (ص) قوله : إن العهد الذى بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ..(31)

وعلى ضوء هذه الروايات وغيرها حكم بعض الفقهاء بكفر تارك الصلاة وعدم جواز الصلاة عليه حين موته وعدم جواز دفنه فى مقابر المسلمين ..(32)

وعلى ضوء هذه الروايات وغيرها اعتبروا الصلاة مقياس الإيمان على مستوى الفرد والمجتمع دون النظر لجوهرها وأبعادها. فإن صلى الفرد وسادت الصلاة المجتمع كان هذا المجتمع فى حظيرة الإيمان ..

روى عن الرسول (ص) قولـه : إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان ..(33)

إن هذه الروايات وما شابهها هى من صنع السياسة مـن أجـل تضخيم الصلاة على حساب فرائض أخرى ذات تأثير وفعالية وأبعاد تهدد نفوذ الحكام ..(34)

واعتبر الفقهاء أن من أركان الصلاة النية وتكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والركوع والسجود والتشهد والسلام والترتيب ..(35)


الصفحة 72
وهذه الأركان هى محل خلاف بينهم على أساس الروايات التى اعتمدوا عليها فى تحديد هذه الأركان ، إلا أن الواضح من خلال نصوص القرآن أن الركوع والسجود والتسبيح هم أساس الصلاة ومكوناتها وما دون ذلك فهو من صنع الروايات ..

وعلى هذا الأساس يمكن قراءة ما تيسر من القرآن غير الفاتحة التى قال الفقهاء أنه لا تصح الصلاة بدونها ..(36)

وفى الوقت الذى يقول فيه الفقهاء ببطلان الصلاة التى تخلو من الفاتحة . يقولون فيه بوجوب التأمين خلف الإمام فى الصلاة الجهرية والإسرار به فى الصلاة السرية أى قول أمين، وهى كلمة لا صلة لها بالفاتحة وتعد من موروثات الأديـان السابقة ..(37)

وقال الفقهاء بجواز السجود على المخيط وغيره من المواد الصناعية سيراً مع التغييرات التى أدخلها الحكام على المساجد بعد وفاة النبى (ص) وعابوا على الشيعة التى جمدت التراب فى هيئة قوالب للسجود عليه التزاماً بسنة النبى الذى لم يسجد إلا على التراب والحصى وترك مسجده على هذا الحال ..(38)

وقال الفقهاء بجواز الصلاة وراء كل بر وفاجر مع أن الصلاة قضية روحانية خالصة بين العبد والله سبحانه وتعالى لا ينبغى أن تكون فيها وسائط غير صالحة أو غير طاهرة ، وأن الصلاة يلزم التحرى فيها بدقة عن الصدق والإخلاص فى الأداء..(39)

وأجاز الفقهاء الصلاة فى أى أرض وأى مسجد دون أن ينبهوا الناس إلى وجوب التحرى عن طهارة هذه الأرض وصلاحيتها للصلاة . فقد تكون أرضاً مغصوبة من أصحابها بغير حق أو يكون المسجد بنى بأموال محرمة .. (40)


الصفحة 73
وجاء القوم برواية تقول : صلاة الجميع تزيد على صلاته فى بيته وصلاته سوقه خمساً وعشرين درجة .. (41)

وهذه الرواية جاءت لدفع الناس نحو المساجد والصلاة وراء كل من هب ودب طلباً للثواب الكبير دون الانتباه إلى نوع المسجد وحقيقة الإمام الذى يصلى وراءه والذى من الممكن أن يؤدى إلى فقدان هذا الثواب وتحميل المصلى أوزاراً فوق ذلك..

وقد جاءت روايات أخرى تقول بضع وعشرين .

وروايات تقول سبع وعشرين .

وهذا التخبط بين الرواة فى تحديد كم الثواب الذى يتحصله المصلى من وراء صلاة الجماعة إنما يثير الشك فى هذه الروايات..

إلا أن الفقهاء فى مواجهة هذه الروايات رفعوا سلاح التأويـل والتبرير كعادتهم لدرء الشك الذى من الممكن أن يطرأ على نفس المستمع لمثل هذه الروايات ..

قال السندى : قوله بضعاً وعشرين درجة ، البضع ما بين الواحد أو الثلاث إلى العشرة ، وقد جاء تفسيره فى رواية خمساً ، وفى رواية سبعاً ، والتوفيق بينهما ممكن بحملهما أو بجعل أحدهما على التكثير دون التحديد ، ويحتمل أنه أوحى إليه أولاً بخمس وعشرين ثم بسبع وعشرين تفضيلاً من الله تعالى حيث زاد درجتين ..(42)


الصفحة 74
وقال القرطبى : فى حديث عبد الله بن عمر : بسبع وعشرين درجة ، فقيل الدرجة أصغر من الجزء ، فكان الخمس والعشرين إذا جزئت درجات كانت سبعاً وعشرين .

وقيل يحمل على أن الله تعالى كتب فيها أنها أفضل بخمس وعشرين جزءًا ثم تفضيل بزيادة درجتين .

وقيل أن هذا بحسب أحوال المصلين فمن حافظ على أحوال الجماعة واشتدت عنايته بذلك كان ثوابه سبعاً وعشرين ، ومن نقص عن ذلك كان ثوابه خمساً وعشرين.

وقيل أنه راجع إلى أعيان الصلاة فيكون فى بعضها سبعاً وعشرين وفى بعضها خمساً وعشرين ..(43)

وقال ابن سيد الناس : يحتمل أن يختلف باختلاف الأماكن بالمسجد ..(44)

وغيره قال: هل هذه الدرجات أو الأجزاء بمعنى الصلوات فيكون صلاة الجماعة بمثابة خمس وعشرين أو سبع وعشرين صلاة .

أو يقال أن لفظ الدرجة والجزء لا يلزم منهما أن بكونا بمقدار الصلاة ..(45)


الصفحة 75
وقال الترمذى : عامة من روى عن النبى (ص) أنه قال بخمس وعشرين إلا ابن عمر فإنه قال بسبع وعشرين ..(46)

ويظهر لنا من خلال هذه التبريرات أنها لم تحسم المسألة وتحاول التغطية على تناقص الروايات لا أكثر إلا أنه بإعمال العقل فيها يتبين لنا أنها روايات أشبه بصكوك الغفران ..

إن العلاقة ببين الخالق والمخلوق لا يمكن أن تقوم أبداً على أساس الكم وإنما تقوم على أساس الكيف ، وإذا كان الإمام حقاً إمام والمساجد تقوم بدورها لجذبت المسلمين نحو صلاة الجماعة دون مبرر لهذا الإغراء بكثرة الثواب ..

أما صلاة الجمعة فقد حددت الآية الخاصة بها مقوماتها وهى ثلاثة :

الأول : المجتمع المسلم ( الذين آمنوا ) .

الثانى : الإمام ( النبى ) .

الثالث : ذكر الله (الدين ) .

فإذا ما توافر المجتمع المسلم الصالح والإمام الورع التقى الذى ترجع إليه الأمة فى أمور دينها فإن صلاة الجمعة سوف تقام على وجهها الصحيح الذى يبرز حقيقة الدين وموقفه من شتى الأحداث والمتغيرات وهذا هو ذكر الله المقصود من النص .


الصفحة 76
وافتقاد المجتمع المسلم يعنى افتقاد الإمام المرجع ، ويعنى من جانب آخر افتقاد الدين وهذا من شأنه ألا يقود الناس إلى ذكر الله .

وهو ما يعنى أن الصلاة الجمعة لا قيمة لها ولا تأثير فـى ظـل فقدان المجتمع والإمام ..

وهذا ما يشهد به واقع المسلمين على مر التاريخ . ومن بعد وفاة النبى (ص) وحتى اليوم وصلاة الجمعة فاقدة لمقوماتها تستثمر سياسياً لصالح الحكام لا تبرز من خلال خطبتها كلمة الحق وحقيقة الدين ويبارك من خلالها الحكام وسياساتهم ..

وقام الفقهاء بمباركة هذا الوضع على أساس الروايات التى حشدوها لترغيب الناس فى تأديتها وحصد الحسنات من ورائها ..

ومن هذه الروايات رواية تقول :

من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنه . ومن راح فى الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح فى الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشاً أقرن، ومن راح فى الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة. ومن راح فى الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ..(47)

ورواية تقول : الجمعة إلى الجمعة كفارة ما بينهما ..(48)


الصفحة 77
ورواية تقول : إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المساجد فيكتبول من جاء إلى الجمعة فإذا خرج الإمام طوت الملائكة الصحف ..(49)

ورواية تقول : إن الله قد افترض عليكم الجمعة فى مقامى هذا فى يومى هذا فى شهرى هذا من عامى هذا إلى يوم القيامة فمن تركها فى حياتى أو بعدى وله إمام عادل أو جائر استخفافاً بها أو جحودًا لها فلا جمع الله له شمله ولا بارك له فى أمره ألا ولا لـه صلاة له ولا زكاة له ولا حج له ولا صوم له ولا بر له حتى يتوب فمن تاب تاب الله عليه ..(50)

ورواية تقول : من ترك الجمعة ثلاثاً من غير ضرورة طبع الله على قلبه ..(51)

وهذه الروايات التى تدور بين الترغيب والترهيب يلاحظ فيها ذكر الإمام ، والإمام فى تفسيرات الفقهاء هو الحاكم فكأن هذه الروايات تشير إلى ربط صلاة الجمعة بالحكام .

إلا أن الحكام لا يمكن ربطهم بالملائكة كما أشارت الرواية الأولى والثالثة، من هنا يمكن القول أن الإمام المقصود من هذه الروايات هو الإمام الحقيقى الذى لا تصح الجمعة بدونه لا الحكام الذى وجه الفقهاء هذه الروايات نحوهم ..

أما الرواية الرابعة فتفوح منها رائحة السياسة إذ ربطت الجمعة صراحة بالإمام الجائر ولم تفرق بينه وبين الإمام العادل فمن ثم هى رواية جاهزة للفقهاء كى يقدموها هدية للحكام ومعها الرواية الأخيرة التى جعلت المساجد تكتظ بالمصلين يوم الجمعة والشوارع أيضاً تاركين بقية الصلوات ..(52)


الصفحة 78
ومن جهة تحديد عدد ركعات الصلاة عموماً والجمعة خاصة فإن القرآن لم يشر إلى ذلك ، أما كيف حددت الجمعة فى ركعتين فقد تم ذلك على أساس الروايات ..

قال عمر : صلاة الجمعة ركعتان وصلاة الفطور ركعتان وصلاة الأضحى ركعتان وصلاة السفر ركعتان تمام غير قصر على لسان رسول الله (ص) ..(53)

وقال الأحناف يشترط لصحة صلاة الجمعة ستة أشياء : المصر ـ المكان الجامع للناس ـ أن يكو ن الإمام فى الجمعة هو ولى الأمر أو نائبه .

أن يكون الوقت وقت الظهر .

الخطبة .

أن يكون المكان مباحاً أى مفتوحاً فلا تجوز الجمعة فى الأماكن المغلقة .

الجماعة فلا يجوز أن تصلى الجمعة فرادى وكذلك شروط المذاهب الثلاثة الأخرى على تفصيل وخلاف فى الحد الأدنى من المصلين ..(54)

وروى عن عائشة قالت : فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين ركعتين فى الحضر والسفر ، فأقرت صلاة السفر وزيد فى صلاة الحضر ..(55)


الصفحة 79
وهذه الرواية تعد من فلتات القوم إذ تعترف عائشة من خلالها أن الصلاة فرضت ركعتين ثم زيدت بعد ذلك ..

والسؤال هنا : من أين جاءت الزيادة ؟

والجواب يكمن فى الروايات التى تنسب إلى الرسول (ص) هذه الزيادة دون أن تشير إلى أن الوحى هو مصدر هذه الزيادة .

إلا أن الآيات التى تشير إلى القصر فى الصلاة ربطت القصر بالخوف والحرب فقط ولم تربطه بالسفر ..

والظاهر أن العرب فى زمانهم كانوا يربطون السفر بالخوف ولذلك ربطوا القصر بالسفر وحدث الخلط من الرواة ..

ومسألة القصر الواردة فى القرآن تدفعنا إلى نتيجة وهى أنه لابد وأن يكون عدد ركعات الصلاة المكتوبة قابلة للقصر أو بمعنى آخر قابلة للقسمة على اثنين ، فمن ثم هى أكثر من اثنين ، وهذا يقودنا إلى قبول الروايات التى تؤكد حصر عدد الركعات فى أربعة وتبقى إشكالية صلاة الفجر التى تتكون من ركعتين وصلاة المغرب التى تتكون من ثلاث ركعات واللتان لا ينطبق عليهما القصر ..

يروى عن ابن عباس قوله: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم (ص) فى الحضر أربعاً وفى السفر ركعتين وفى الخوف ركعة..(56)


الصفحة 80
وحول قوله تعالى: (وإذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ..) (النساء / 101)

يقول القرطبى : ضربتم أى سافرتم . واختلفوا فى حكم القصر فى السفر .

فروى عن جماعة أنه فرض ، وهو قول عمر بن عبد العزيز والكوفيين واحتجوا بحديث عائشة المذكور ولا حجة فيه لمخالفتها له فإنها كانت تتم فى السفر وذلك يوهنه وإجماع فقهاء الأمصار على انه ليس بأصل يعتبر فى صلاة المسافر خلف المقيم . ثم إن قولها ـ أى عائشة ـ فرضت الصلاة . ليس على ظاهرة فقد خرج عنه صلاة المغرب والصبح فإن المغرب ما زيد فيها ولا نقص عنها وكذلك الصبح وهذا كله يضعف متنه لا سنده .

وأكثر العلماء من السلف والخلف أن القصر سنة .

وقال آخرون بالتخيير بين القصر والإتمام واختلفوا فى أيهما أفضل القصر أم الإتمام..(57)

وروى أن ابن عمر سئل : أنا نجد صلاة الحضر وصلاة الخوف فى القرآن ولا نجد صلاة السفر ؟ فقال : إن الله بعث محمداً إلينا ولا نعلم شيئاً فإنا نفعل كما رأينا محمداً يفعل ..(58)

قال القرطبى : ففى هذا الخبر قصر الصلاة فى السفر سنة لا فريضة لأنها لا ذكر لها فى القرآن ، وإنما القصر المذكور فى القرآن إذا كان سفراً وخوفاً واجتمعا ، فلم يبح القصر فى كتابه إلا مع هذين الشرطين .. وقصر رسول الله (ص) من أربع إلى اثنين إلا المغرب فى أسفاره كلها آمناً لا يخاف إلا الله تعالى فكان ذلك سنة مسنونة منه زيادة فى أحكام الله تعالى كسائر ما سنه وبينه مما ليس له فى القرآن ذكر ..(59)

وقال السندى : صلاة الحضر هى محل الأوامر المطلقة وصلاة الخوف مذكورة فى القرآن وقد قصر الرسول (ص) بلا خوف فهو دليل يثبت به الحكم كما يثبت بالقرآن ..(60)


الصفحة 81
ويبدو لنا من خلال أقوال الفقهاء وحول القصر فى السفر أنهم حائرون بين الروايات وبين القرآن ومحاولة التوفيق بينهما رغم التباين الواضح بينهما . وصراحة الآية التى تربط القصر بالخوف فقط دون السفر ..

وإذا كان السفر فيما مضى قد ارتبط بالخوف فإن هذا السبب قد انقضى اليوم وأصبح السفر خالياً من الخوف والمشقة ، فمن ثم ليس هناك مبرر معقول للقصر فى السفر خاصة أن الآية صريحة فى ربط القصر بالخوف ..

وتحت تأثير الروايات التى أصبحت لسان حال الفقهاء ووسيلة التعبير عن الدين شاع ربط القصر بالسفـر وتنـاس النـاس أن الأساس فى القصر هو الخوف ، أو بمعنى أدق تناسى الناس القرآن تحت سطوة الروايات وفتاوى الفقهاء ..

وقد حددت آية أخرى أنه إذا اشتد الخوف فإن الصلاة تجوز وقوفاً وراكباً وهى قوله تعالى: (فإن خفتم فرجالاً أو ركباناً) (البقرة/239)

قال القرطبى : قال علماؤنا الصلاة أصلها الدعاء وحالة الخوف أولى بالدعاء . فلهذا لم تسقط الصلاة بالخوف ، فإذا لم تسقط الصلاة بالخوف فأحرى ألا تسقط بغيره من مرض أو نحوه ..(61)

وإذا كان القرآن قد أجاز الصلاة بهذه الكيفية المختلفة فى حالة الخوف الشديد ، فهذا يعنى أن الصلاة لها كيفية ثابتة أباح القرآن التحرر منها فى هذه الحالة وهى ما تظهر بوضوح من خلال النص القرآنى الذى أشار إلى صلاة الحرب ..


الصفحة 82
(وإذا كنت فيهم ـ أى الرسول ـ فاقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ..) (النساء / 102) ..

فهذه الآية أشارت إلى القيام فى الصلاة وأشارت إلى السجود .. وبالطبع الركوع يسبق السجود، كما أشارت إلى الإمام صلاة الجماعة ..

وبالتالى من الممكن أن نقر الكيفية السائدة التى أغفلت بعض هيئاتها تحت ضغط السياسة وتأثير المذهبية ..

روى مصعب بن سعد بن أبى وقاص قال : صليت إلى جنب أبى وجعلت يدى بين ركبتى ، فقال لى أبى : اضرب بكفيك على ركبتيك . قال ثم فعلت ذلك مرة أخرى فضرب يدى وقال : إن نهينا عن هذا وأمرنا أن نضرب بالأكف على الركب..(62)

وبتتبع أقوال الفقهاء لم نجد أحداً منهم أشار إلى مسألة ضرب الركبتين فى الصلاة كيف يكون ومتى يكون وهذا من تأثير السياسة والمذهبية إذ بالبحث والتقصى تبين أن مذهب آل البيت يقول بضرب الركبتين بالأكف ثلاث مرات مع التلفظ بجملة : الله أكبر ثلاثاً وذلك عند نهاية الصلاة وبهذا أخذت الشيعة ..(63)

ومن باب التعصب المذهبى بالإضافة إلى ضغوط السياسة تم التعتيم على هذه الهيئة وأثارة الشكوك حول من يطبقونها ..(64)

ومن هذا الباب أيضاً تمسك الفقهاء بكلمة آمين فى الصلاة سيراً مع روايات لا يقبلها العقل وتتناقض مع روح الصلاة ..

وروى عن صيغة التشهد أنها تنص على ما يلى : التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله ..(65)


الصفحة 83
وهذه هى الصيغة السائدة بين المسلمين اليوم ، إلا أن هناك صيغ أخرى مختلفة عن هذه الصيغة وردت فى روايات أخرى ..

روى عن عائشة أنها كانت تتشهد فتقول: التحيات الطيبات والصلوات الزاكيات لله، أشهد أن لا إله إلا الله وحدة لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته.السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم..(66)

ويروى عن ابن عمر أنه كان يتشهد فيقول : بسم الله. التحيات لله والصلوات لله، الزاكيات لله ، السلام عليك أيها النبى ورحمة الله

وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، شهدت أن لا إله إلا الله وشهدت أن محمداً رسول الله ، يقول هذا فى الركعتين الأوليين ، ويدعو بما يدل له إذا قضى تشهده ، فإذا أراد أن يسلم قال : السلام على النبى ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام عليكم ـ عن يمينه ـ ثم يرد على الإمام . فإن سلم عليه أحد عن يساره رد عليه ..(67)

وقد ورد على لسان الصحابة تسعة تشهدات مختلفة الألفاظ وهذا أمر يثير الشك إذ أن التشهد لا يجب أن يكون موضع خلاف بين الصحابة لأنه من الأعمال المتواترة ، فكل صحابى كان يؤديه عدة مرات فى اليوم والليلة فلا مجال للسهو والخطأ فيه ، وقد كان يروى أن الرسول (ص) كان يعلمهم التشهد كما يعلمهم القرآن..(68)

قال مالك : افضل التشهد . تشهد عمر بن الخطاب ..(69)

وقال محمد عن تشهد ابن عمر : كله حسن وليس يشبه تشهد عبد الله بن مسعود وعندنا تشهده ، وعليه العامة عندنا ..(70)


الصفحة 84
ومن الملاحظة أن هذه التشهدات التسعة خالية من الصلاة على النبى (ص) مما دفع الفقهاء إلى الاختلاف فى وجوبها ..(71)

ومن الملاحظ أيضاً أن تشهد ابن عمر يتوافق مع تشهد عائشة ويتناقض تناقضاً كلياً مع بقية صور التشهد التى تتشابه مع بعضها، فتشهد عائشة وابن عمر ختم بالسلام على النبى وعلى عباد الله ، بينما التشهدات الأخرى ختمت بالشهادتين ، وهذا يجعل من الصورتين ضد الأخرى ..

والمقبول عقلاً أن يختم التشهد بالسلام فهو وسيلة التعبير عن الخروج من الصلاة وليس تعبير السلام عليكم كما هو شائع ..(72)

ونظراً لاختلاف الروايات حول طريقة خروج الرسول (ص) من الصلاة اختلف الفقهاء حول السلام فاعتبره الحنابلة وهم من اكثر المذاهب تقيداً بالروايات ركناً من أركان الصلاة ، بينما عدا الشافعية والمالكية التسليمة الأولى من فرائض الصلاة..(73)

ويروى أن رسول الله (ص) نهى أن يصلى الرجل مختصراً ..(74)

والاختصار هو أن يضع المصلى يده على خاصرته أثناء الصلاة ، ومعنى هذا أن المصلى يجب عليه إسدال اليدين أى تركهما على جانبيه ، وقد أخذ بذلك مالك فى مذهبه وهو ما عليه الشيعة أيضاً إلا أن القوم خالفوا هذه الرواية وعمموا وضع اليدين على الخاصرتين من باب المخالفة واعتماداً على روايـات أخـرى ..(75)

وروى أن الرسول (ص) سئل : كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟


الصفحة 85
فقال : قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ..(76)

قال القاضى عياص : أظهر الأقوال أن نبينا (ص) سأل ذلك لنفسه ولأهل بيته ليتم النعمة عليهم كما أتمها علـى إبراهيـم وآلـه ..(77)

وقال الطيبى : لعل وجه إظهار محمد فى قوله وآل محمد مع تقدم ذكره هو أن استحقاق الآل بالاتباع لمحمد فالتنصيص على اسمه أكد فى الدلالة علـى استحقاقهـم ..(78)

وهناك أبواب فى كتب السنن فى فضل الصلاة على النبى إلا أن الفقهاء سيراً مع السياسة وتعصباً للمذاهب أشاعوا بين المسلمين الصلاة المبتورة أى الصلاة على النبى وحده دون آل البيت وذلك بهدف التعتيم على حركة آل البيت ودورهم فى محيط الفقه والسياسة والرواية والدين بشكل عام ..(79)

ورغم أن القرآن نص صراحة على نجاسة الحائض ووجوب اعتزالها من خلال قولـه تعالى : (ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء فى المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن ..) (البقرة - 222)..

جاء الرواة بروايات بنى الفقهاء على أساسها جواز مباشرة الحائض وجواز اعتزالها الصوم والصلاة أثناء فترة الحيض مع أن النص لم يشير إلى ذلك كما هو واضح ..

يروى عن عائشة قالت : كان النبى (ص) يباشرنى وأنا حائض .. وكان يتكئ فى حجرى وأنا حائض ثم يقرأ القرآن ..(80)


الصفحة 86
ويروى عن أم سلمة زوج النبى (ص) أنها قالت : بينما أنا مع النبى مضطجعة فى خميلة حضت، فانسللت فأخذت ثياب حيضتى.

فقال : أنفست ؟

قلت : نعم . فدعانى فاضطجعت معه فى الخميلة .. (81)

ويروى عن الرسول (ص) قوله : يا معشر النساء تصدقن فإنى رأيتكن أكثر أهل النار .

فقلن : وبم يا رسول الله ؟

قال : تكثرن اللعن وتكفرن العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن .

قلن : وما نقصان عقلنا وديننا يا رسول الله ؟

قال : أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل ؟


الصفحة 87
قلن : بلى .

قال : فذلك من نقصان عقلها ، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم ؟

قلن : بلى يا رسول الله .

قال: فذلك من نقصان دينها ..(82)

وسئل النبى من امرأة عن الحيض فقال : .. فإذا أقبلت حيضتك فدعى الصلاة ، وإذا أدبرت فاغسلى عنك الدم ثم صلى ..(83)

وسئلت عائشة عن قضاء الصلاة على الحائض فقالت : كنا نحيض مع النبى فلا يأمرنا به أو قالت : فلا نفعله ..(84)

والمتأمل فى هذه الروايات يكتشف تناقضها الصارخ مع النص القرآنى كما يكتشف أنها تعرى الرسول (ص) ..(85)

وهذه الروايات هى التى اعتمد عليها الفقهاء فى فتواهم بقطع الصلاة والصوم عن الحائض مع أن الآية لم تصرح بذلك .


الصفحة 88
والرواية الأخيرة هى التى اعتمدوا عليها فى وجوب قضاء الصوم على الحائض دون الصلاة .. تأمل ..

  • الحكام والصلاة :

    بدت بصمة الحكام واضحة على الصلاة حيث أنها تعد من أبرز الشعائر الإسلامية وأعظمها مكانة فى نفوس المسلمين. فمن ثم اعتبرت الصلاة مدخلاً هاماً للحكام ينفذون من خلاله إلى قلوب الناس ويكسبون تعاطفهم ..

    وقد حملت الروايات هذه المهمة وجاء الفقهاء فوقفوا فى صف الحكام متلحفين بهذه الروايات ..

    يروى عن الرسول (ص) قوله : ستكون فتن فتعرفون وتنكرون. فمن عرف برئ ومن أنكر سلم ولكن من رضى وتابع .

    قالوا : أفلا نقاتلهم.

    قال : لا ما صلوا ..(86)


    الصفحة 89
    قال الفقهاء : قوله لا ما صلوا ففيه أنه لا يجوز الخروج على الخلفاء بمجرد الظلم أو الفسق ما لم يغيروا شيئاً من قواعد الإسـلام ..(87)

    ولقد أصبحت الصلاة بفضل مثل هذه الروايات حصناً للحكام يقيهم غضبة الجماهير المستضعفة ويستر جرائمهم فى حق البلاد والعباد ..

    ويروى عن الرسول (ص) قوله : من بنى مسجداً يبتغى به وجه الله بنى الله له مثله فى الجنة ..(88)

    وعلى ضوء هذه الرواية سارع الحكام إلى بناء المساجد بأموال المسلمين المستضعفين من أجل تخليد ذكراهم وتقوية نفوذهم وإظهار أنفسهم بمظهر المحسنين الصالحين ..

    ولم يقتصر دور الحكام فى حدود استثمار الصلاة وبناء المساجد بل تعدوا هذا الدور إلى التدخل فى أحكام الصلاة وتشوية صورتها وإفراغها من مضمونها ..

    يروى عن الرسول (ص) قوله : من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ..(89)


    الصفحة 90
    وظل حال قيام رمضان منفرداً فى البيوت طوال عهد رسول الله وعهد أبى بكر حتى جاء عمر فأمر بجمع الناس على صلاة القيام فى المساجد ومنذ الحين صارت سنة تمارس فى شهر رمضان حتى اليوم ..

    يروى أن عمر خرج ليلة من رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون فقال : أنى أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد كان أمثل ، ثم عزم فجمعهم على بن كعب ثم خرج ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر: نعمت البدعة هذه .. (90)

    واعتبر الفقهاء فعل عمر هذا منقبة له ومن أولياته فهو فى نظرهم أول من حرم زواج المتعة وأول من سمى أمير المؤمنين وأول من سن قيام شهر رمضان جماعة وأول من جمع الناس فى صلاة الجنائز على أربع تكبيرات ..(91)

    وقال ابن سعد : هو أول من سن قيام شهر رمضان بالتراويح وجمع الناس على ذلك ، وكتب به إلى البلدان وذلك فى شهر رمضان سنة أربع عشرة وجعل للناس فى المدينة قارئين : قارئاً يصلى التراويح بالرجال ، وقارئاً يصلى بالنساء ..(92)

    وقال القسطلانى عن بدعة عمر : سماها بدعة لأن رسول الله (ص) لم يسن لهم ولا كانت فى زمن أبى بكر ولا أول الليل ولا هذا العدد ..(93)

    وروى أن رسول الله (ص) كان يصلى ركعتين بعد العصر ، فلما جاء عمر نهى عنهما وضرب من يقيمهما من المسلمين ..(94)

    وروى أن عمر كتب فى الآفاق ينهاهم أن يجمعوا بين الصلاتين ويخبرهم أن الجمع بين الصلاتين فى وقت واحد كبيرة من الكبائر ..(95)

    أما عثمان بن عفان فقد روى عنه انه أتم الصلاة فى السفر ..


    الصفحة 91
    روى ابن عمر أنه صلى مع النبى (ص) بمنى ركعتين وأبى بكر وعمرو مع عثمان صدرًا من إمارته ثم أتمها ..(96)

    وفى رواية كان ابن عمر إذا صلى مع الإمام ـ الحاكم ـ صلى أربعاً . وإذا صلاها وحده صلى ركعتين ..(97)

    يروى عن أبى عبيد : شهدت العيد مع عثمان بن عفان فجاء فصلى ثم انصرف فخطب فقال : أنه قد اجتمع لكم فى يومكم هذا عيدان ، فمن أحب من أهل العالية أن ينتظر الجمعة فلينتظرهـا ،

    ومن أحب أن يرجع فليرجع فقد أذنت له . فقال : ثم شهدت العيد مع على وعثمان محصور ـ أى فى بيته أثناء الثورة عليه ـ فصلى ثم انصرف فخطب ..(98)

    وسيراً مع رواية: عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين من بعدى والتى حصرها الفقهاء فى دائرة أبى بكر وعمر وعثمان ثم توقفوا فى على ، فقد اعتبرت أفعال الخلفاء واجتهاداتهم بمثابة تشريعات تبنتها المـذاهب واعتبـرها الفقهـاء من السنن..(99)

    وتبنى الفقهاء فتوى سقوط الجمعة يوم العيد وهو مذهب عطاء ونسب إلى الشافعى وأحمد بن حنبل لمن كان خارج المصر وذلك على أساس موقف عثمان السابق ..(100)

    ويروى عن أبى سعيد الخدرى : كان رسول الله (ص) يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شئ يبدأ به الصلاة ، ثم ينصرف ويقوم مقابل الناس ، والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم ويأمرهم ، فإن كان يريد أن يقطع بعثاً قطعه أو يأمر بشئ أمر به أضحى أو أفطر فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت ، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلى ، فجذبت بثوبه. فجذبنى فارتفع فخطب قبل الصلاة. فقلت له : غيرتم والله، فقال : يا أبا سعيد قد ذهب ما تعلم ، فقلت : ما أعلم والله خير مما لا أعلم، فقال مروان : إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة


    الصفحة 92
    فجعلتها قبل الصلاة ..(101)

    قال واحد من الفقهاء : ما يعلمه هو سنة الرسول وسنة الخلفاء الراشدين وكيف يكون غيره خيراً منه ، واعتذار مروان أن الناس لم يكونوا يجلسون لنا .. اعتراف منه بجورهم وسوء صنيعهم بالناس حتى صاروا متنفرين عنهم كارهين لسماع كلامهم ..(102)

    وقال السندى : قيل سبب ذلك ـ أى انفضاض الناس عن سماع خطب الأمويين ـ أنهم كانوا يسبون فى الخطبة من لا يحل سبه فتتفرق الناس عند الخطبة إذا كانت متأخرة لئلا يسمعون ذلك فقدم الخطبة ليسمعهم ..(103)

    والسب الذى أشار إليه السندى هنا ولم يبين من المقصود به كان موجهاً للإمام على وآل البيت والذى معاوية بن أبى سفيان وجعله من شعائر الصلاة فى الخطب والقنوت واستمر هذا السب حتى عصر عمر بن عبد العزيز الذى أمر بوقفه ..(104)

    وهذا السب لم يكن سوى صورة من صور المواجهة الإعلامية لخط الإمام على وفقهه وهو امتداد للمواجهة الحركية مع اتباعه والسائرين على منهجه لا تزال مستمرة حتى اليوم ..(105)

    وبالطبع فى ظل هذه المواجهة العاتية لابد وأن تسود حالة من التعتيم على روايات الإمام على ومواقفه ساهم الفقهاء من بعد فى استمرارها من باب التعصب المذهبى وموالاة الحكام ..

    من هنا لا يجد الباحث فى كتب السنن روايات ذات قيمة تنسب للإمام على وهى روايات قليلة جداً إذا ما قيست بالروايات التى تنسب لعائشة أو ابن عمر أو أبى هريرة مع عظيم الفارق فى الدور والمكانة والتاريخ بينهم وبين الإمام على .. (106)

    وهذه الهجمة الأموية ومن بعدها العباسية على الإمام على وآل البيت إنما هى محاولة لسد الباب أمام أية محاولات لإبراز الصورة الحقيقية للدين ، فمن ثم هى فى حقيقتها حرباً دينية وليست حرباً سياسية كما يحاول البعض أن يصورها ..


    الصفحة 93
    والدليل على ذلك إن النهج القبلى الذى ساد على يد أبى بكر وعمر ومن بعده النهج الأموى والعباسى أورث الأمة الروايات والمذاهب والخلافات التى شوهت الدين وتسبب فى تخلف المسلميـن ..

    ولو كانت النتائج التى حصدناها من تلك الفترة حققت الإشباع الفكرى والعقائدى للمسلمين وحفظت لهم دينهم كما تركه الرسول (ص) لكان من الممكن أن نعتبر الصدام الذى وقع بين الحكام من بعد وفاة الرسول وبين الإمام على صدامـاً سياسيـاً .. (107)

    وأقل ما يمكن قوله فى هذا المضمار هو أننا ورثنا أبنية ضخمة أنفقت عليها الملايين فاقدة الدور والتأثير تسمى بالمساجد وهى مسخرة لخدمة الحكام ، كما ورثنا صلاة خاوية فارغة المحتوى .