صفحة :34   

الصراع على «حيس جندب»:

ثم حدد هذا المعترض طبيعة صراع مراجع الشيعة وعلمائهم مع ذلك البعض، فقال: انه لم يهتم له لعلمه بأن ثلاثة أرباع الصراع على حيس جندب.

وقال أيضاً: «وليعلم السيد أننا ما هجرناه وهجرنا كتبه على أثر الشنشنة التي أثارها مولانا «أخزم»، لعلمنا أن هذا الأخزم ربما كان يفرغ عن لواعج الغيرة التي تكتوي بها أضلاعه الشريفة. ولا شأن لنا بهذه النار التي تطلع على الأفئدة، إنما رائدنا الحق أينما وجدناه أخذناه»([1]).

ونقول:

أولاً: لا ندري ما هي الوسائل التي اعتمدها في تحديده لنسبة الصراع على «حيس جندب» بأنه ثلاثة أرباع، فلم يزد عن ذلك حبة، ولم ينقص منه حبة، فليس هو أربعة أخماس، كما أنه ليس بنسبة أربعة وسبعين أو سبعة وسبعين بالمئة منه مثلاً!!.

ثانياً: لا ندري ما هو الحيس الذي سنجنيه من دخولنا في صراع من هذا القبيل، سوى دفع الشبهات عن دين الله، وما عدا ذلك، فقد كنا نعلم أننا سوف لا نجني منه إلا السباب والشتائم، وتعريض أنفسنا للإهانات والعداوات..

ولو أننا لم ندخل في صراع كهذا لكان كل هؤلاء الذين يعادوننا ويتهموننا، ويسبوننا.. يكيلون لنا المديح، والثناء، ويحملوننا على الراحات، ويطوفون ابتهاجاً بنا في الساحات والباحات..

ثالثاً: لنفترض أن المتصارعين يطلبون بصراعهم الدنيا، فإن ذلك لا يمنع أهل الآخرة، والمحبين للسلامة في دينهم وآخرتهم من أن ينصروا الحق لأجل الحق.. فلماذا لم نسمع له صوتاً في هذا المجال؟!

بل إن انحراف المتصارعين عن جادة الحق، يرتب على أهل العلم تكليفين:

أحدهما: ردع هؤلاء عن باطلهم.

والآخر: بيان وجه الحق فيما اختلفوا فيه. حتى لا يقع الناس العاديون في الشبهة..

ولو فرض أن إصلاح النوايا متعذر، فإن الحفاظ على الحقائق الدينية، وإيضاح المشتبه منها، بالقول وبالقلم، وإقامة الحجة على أهل الباطل أمر مقدور وميسور.

وإذا كان الفرقاء المتصارعون لا يصغون ولا يسمعون، فإن تحصين الناس من الوقوع في الشبهة التي يتداولها فرقاء الصراع ليس فقط لا محذور فيه، بل هو واجب على كل مؤمن ومسلم، عارف بالحق، قادر على بيانه.

رابعاً: كيف يمكن التوفيق بين علم هذا المعترض الذي عبر عنه بقوله: لعلمي بأن ثلاثة أرباع الصراع ـ أبيت اللعن ـ على حيس جندب. وبين عدم علمه الذي عبر عنه بقوله: من ادراني ان يكون بين هذه العمائم ما يكون بين اصحاب المهنة الواحدة.

خامساً: لا شك في أنه لا يكفي هجر من يروج بين الناس أموراً تخالف حقائق الدين، ويسعى في نشرها، والتسويق لها في الشرق والغرب، مع امتلاكه قدرات هائلة على إشاعتها، وإقناع الناس بها.. بل لا بد من مواجهته، والتصدي له، أو على الأقل تحذير الناس من الأخذ منه. وهذا المعترض لم يفعل شيئاً من ذلك باعترافه حسبما تقدم.

سادساً: من أين علم هذا المعترض، «أن هذا الأخزم ربما كان يفرغ لواعج عن الغيرة التي تكتوي بها أضلاعه الشريفة»؟!

سابعاً: كيف نوفق بين علم هذا المعترض، الذي عبر عنه بقوله: لعلمنا أن هذا الأخزم الخ.. وبين شكه الذي عبر عنه بقوله: «ربما كان يفرغ عن لواعج الغيرة الخ..»؟!.


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص 36.

 
   
 
 

موقع الميزان