صفحة :40   

الفتاوى والأتباع:

وقد ذكر هذا المعترض أنه نتيجة لهذا الصراع، أصبح لهذا أتباع ولذاك أتباع. كل منهم يفتي بتجريح الآخر..

ونقول:

أولاً: إن وجود أتباع للفريق المحق، والداعي إلى العودة إلى الإلتزام بأحكام الدين، والحق والشرع، ليس بالأمر الذي يوجب مذمَّة على التابع وعلى المتبوع، وإنما الكلام في الذين يتبعون الباطل، ويدافعون عنه..

ومن الواضح: أن العقل والشرع يلزمان بتقبيح عمل فريق الباطل، وإدانته ورفضه، وبتشجبع فريق الحق، وتقويته في وجه الباطل. ولا يجوز لأحد أن ينسحب من الساحة، ويقف على الحياد. فإن ذلك يستبطن إفساح المجال للباطل، ويفقد الحق قوة كان يجب أن تحفظ له في صراعه مع الباطل وأهله.

ثانياً: إن الصراع بين الحق وأهله من جهة، وبين الباطل وأهله من جهة أخرى أمر طبيعي، يفرضه الواجب الشرعي والعقلي، حيث لا يمكن دفع الباطل إلا عن هذا الطريق..

وإذا تمخضت الساحة عن وجود أتباع للحق، فلا ضير في ذلك، ولا يلام من لم يطلب بصراعه مع الباطل إلا وجه الله تبارك وتعالى، ولم يرد به الدنيا، ولا تكثير الناس من حوله، ولا جلب ولائهم له كشخص..

ثالثاً: إن الفتاوى التي تحدث عنها هذا المعترض لم تصدر عني، وإنما صدرت عن مراجع الأمة.. وإن كنت قد قمت ببعض التصدي من خلال ما كتبته، فقد كان ذلك في نطاق أداء الواجب، وقياماً بالتكليف الشرعي، ليتخذ كل إنسان موقفه من خلال ما يتوفر لديه من معطيات..

والمراجع والعلماء ليسوا بالناس البسطاء والسذَّج، الذين يقدمون على الأمور من دون روية وتدبر، ودراسة وتمحيص، ولا سيما إذا كانت تعرض كرامة إنسان ما للخطر والضرر..

نعم.. إن علماء الأمة ومراجعها لم يكونوا ليبيعوا دينهم بدنيا غيرهم، ولا ليقدموا على إدانة شخص في فعل أو قول إلا أن يظهر لهم أنه مستحق للإدانة.. وأن إدانته، وتقبيح فعله واجب شرعي، وتكليف إلهي..

وأما أنا شخصياً، فقد قمت بالرد على مقولات ذلك البعض.. وناقشتها وفق المعايير العلمية والموضوعية، ومن دون مساس بشخصه، أو التفوه بكلمة غير لائقة في حقه.. ولم أصدر أية فتوى في حقه، ولا في حق غيره..

ورغم هذا الإلتزام الصارم مني بأدب الخطاب كان نصيبي منه السباب والشتائم، والإهانات، والإتهامات الباطلة، والتهديد والوعيد، وما إلى ذلك..

وكان ذلك منه هو شخصياً، وفي وسائل الإعلام المختلفة، المحلية منها، والإقليمية، والدولية، وفي المرئي منها، والمسموع، والمقروء، وعلى المنابر التي أتيح له الإستفادة منها. ويعلم ذلك بأدنى مراجعة لما حدث.

 
   
 
 

موقع الميزان