صفحة : 106  

الإتهام بالإتباع لا يعني حط المقام:

وقال المعترض مبرراً اتهامه إيانا باتباع أبي القاسم الكوفي:

«واتهامنا له بالاتباع لا يعني الحط من مقامه العلمي. كيف، وها هي مكتبتي وأقراصي تكاد تتدفق بجل الكتب التي ألفها. وطالما نهلت منها فارتويت. ولكني أراه هنا قد تجافى جنبه عن مضجع الحق في نسب بنات رسول الله، وظلمهن ظلماً قبيحاً بامتشاق القلم لدحض نسبهن. وهذا عندي يعادل امتشاق السيف لقتلهن.

والواقع أن السيد بنى فكرته على أساس منهار، فانهار بها، ويا للأسف!! وذلك حين اعتقد أني تابع لبعضهم. ولست أدري لعله ثأر من قولي: بأن السيد تابع لصاحب الإستغاثة، من هنا تراه نبزنا بهذا التعبير، الذي أربأ بجنابه أن يفوه بمثله»([1]).

ونقول:

أولاً: إن هذا المعترض لم يزل يهاجمنا، ويتهمنا بشتى أنواع التهم، ويقرعنا، ويلومنا، ويتناولنا بالإهانة والتجريح، لمجرد قولنا: إن التوافق الظاهر في العديد من الموارد بينه وبين ذلك البعض الذي أفتى مراجع الأمة بحقه بأنه خارج عن دائرة التشيع، يشير إلى أنه تابع له..

وقد عاد فأكد هنا على انزعاجه من هذا الأمر، واعتبر هذا التعبير نبزاً، وأنه يربأ بنا أن نفوه بمثله، مع أنه هو نفسه لا يرى في هذا الإتباع حطاً من المقام العلمي للتابع، ولذلك رضي.. «بأن يجعلني تابعاً لصاحب الإستغاثة المخمس، المدعي، المرتفع» على حد تعبيره..

فلماذا جرَّت باؤه هناك، ولم تجرّ هنا؟!

فإذا كان الإتهام بالإتباع لا يعني حطاً من المقام العلمي، وكان أمراً عادياً لا ينبغي الغضب منه، ولا التجافي عنه، فلماذا يغضب وينفر ويتجافى من هذا الأمر، لمجرد إطلاقنا هذا الوصف عليه؟؟!

وإذا جاز له أن يصفنا بالتبعية (أو الاتباع) لذلك المرتفع المخمس، لمجرد موافقتنا له في مسألة واحدة، مع اختلافنا معه في المستند وفي الدليل عليها.. فلماذا لم يجز لنا أن نصفه هو بالإتباع لذلك البعض، لموافقته له في العديد من المسائل ومنها: نفس هذه المسألة، مع موافقته له في بعض ما استدل به؟!.

ثانياً: إذا كان رد نسب البنات الكريمات يستبطن الحكم عليهن بما يشينهن، ككونهن قد ولدن من الزنا ـ والعياذ بالله ـ فإن كلام هذا المعترض عن أن امتشاق القلم لدحض نسبهن يعادل امتشاق السيف لقتلهن، يكون صحيحاً، وفي محله..

ولكن ما نحن فيه ليس كذلك، فإنه إذا كان هناك شخص تفصلنا عنه المئات من السنين، واحتجنا إلى معرفة حاله ونسبه، ومن أي بلد أو عشيرة هو، وغير ذلك.. فإن البحث عن ذلك الشخص، والكشف عنه بالطرق العلمية الصحيحة، والمعترف بها، أمر مقبول، ومعقول. ولا يعترض عليه أحد.

وقد يكون جلاء ذلك من مفردات الإحسان إلى ذلك الشخص، ومنع حدوث الإشتباه في نسبه، أو في بلده، أو عشيرته، أو في نسبة بعض الأمور إليه، أو في إطلاق بعض التوصيفات غير الواقعية عليه..

ولا يصح اعتبار ذلك من مفردات الظلم القبيح بشيء..

ثالثاً: إذا كان الإتهام بالتابعية لا يعني الحط من المقام، وليس فيه أي محذور، فلا يبقى معنى للثأر فيه..ويكون الحديث عن أننا أسأنا لأنفسنا باتهامنا للمعترض بالتبعية للبعض غير ذي موضوع، كما قرره المعترض نفسه.. وذلك واضح لا يخفى..


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص 47.

 
   
 
 

موقع الميزان