صفحة :119   

تعقيب آخر على دعاء شهر رمضان المبارك..

وقد عقب المعترض على هذا الدعاء في موضع آخر من كتابه الذي نحن بصدد مناقشة ما أورده فيه بقوله:

«هذا كله، ومثله معه، يسميه السيد آراء الناس، وليته تصدى للدعاء فنسفه، فلم يبق لنا إلا أن نرمي بكتبنا في البحر الأبيض المتوسط، لأنها غير موثوق بها، وهي آراء الناس. وليست أحاديث شريفة صحيحة، أنفقوا عليها زهرة حياتهم، وأذابوا سواد أحداقهم، وسويداء قلوبهم، حتى جمعوها فبوبوها بعزل الجيد من الرديء، والصادق من الكاذب، والجوهر من البهرج..

فما بال سيدنا ترك هؤلاء العلماء فلم يعبأ بهم، وضرب بآرائهم عرض الحائط، واتبع هيان بن بيان، وأبا القاسم الكوفي، وصاحب البدء والتاريخ، والبلاذري، وكتباً وهمية، جعل منها ركيزته في دفع نسب السيدات المكرمات»([1]).

ونقول:

أولاً: لم يسبق أن قلنا عن هذا الدعاء ولا ما هو مثله معه!! أنه من أقوال الناس، فلماذا نسب إلينا ما لم نقله؟!

ثانياً: إذا تصدينا للبحث حول هذا الدعاء، وثبت لدينا أنه لا يصلح للإستدلال به لسبب مقبول من الناحية العلمية، فلماذا لا يبقى لنا إلا أن نرمي بكتبنا في البحر الأبيض المتوسط؟! فهل انحصرت الأدلة بهذا الدعاء؟!

وهل أن صحة ما في كتبنا متوقفة على صحة هذا الدعاء؟!

وكيف يصبح رد هذا الدعاء سبباً في صيرورة كتبنا غير موثوق بها؟!

وكيف تصير من آراء الناس، ولا تعود أحاديث شريفة، أو صحيحة؟!

ثالثاً: كم! وكم! رد العلماء الإستدلال ببعض النصوص، إما لعدم ثبوت النص، أو لعدم دلالته، أو لأنه مكذوب من أساسه..ولم يدفعنا ذلك إلى رمي كتبنا في البحر الأبيض المتوسط!!

رابعاً: هل ثبت لدى هذا المعترض صحة سند هذا الدعاء، وثبت لديه أيضاً صحة جميع ما أودعه العلماء في مؤلفاتهم التي أنفقوا عليها زهرة أعمارهم، وأذابوا سواد أحداقهم، وعزلوا الجيد من الرديء، والصادق من الكاذب، على حد تعبير المعترض؟!

خامساً: إن استدلالنا على ما نرمي إليه لا يتضمن الأخذ بكلام العلماء، بل لنا أدلة أخرى ذكرنا أكثرها في كتابينا: «بنات النبي «صلى الله عليه وآله» أم ربائبه» و «القول الصائب في إثبات الربائب»، ومنها ما أشرنا إليه في هذا الكتاب أيضاً..

وهي تدلنا على أن العلماء إما أخطأوا في بحثهم، وفي النتائج التي توصلوا إليها، أو أنهم أخذوا بأقوال غيرهم، غافلين عن حقيقة الأمر في هذه المسألة..

سادساً: إن الكتب التي وصفها هذا المعترض بـ «الوهمية» هي تلك الكتب التي ذكرها ابن شهرآشوب. وقد قلنا: إن ابن شهرآشوب ثقة فيما ينقله باعتراف المعترض نفسه، فما معنى اعتبار هذه الكتب وهمية؟!

سابعاً: هناك مصادر كثيرة أخرى أخذنا منها واعتمدنا عليها.. كما أن القائلين بما نذهب إليه كثيرون، ومنهم المقدس الأردبيلي، والدلفي، وتاج الدين الأصفهاني، والمقريزي، وكاشف الغطاء، والكراجكي، والجزائري، والطريحي، والخاقاني، والشيخ محمد حسن آل يس، وغيرهم.. فلماذا يحاول المعترض حصر الأم بكتاب واحد هو كتاب الإستغاثة، وبرجل واحد، وهو أبو القاسم الكوفي؟!


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص 55 و56.

 
   
 
 

موقع الميزان