وذكر المعترض:
أن مقدماتنا تأتي على سبيل القطع واليقين، وحين نصل إلى النتيجة نسميها
شكاً كبيراً، وهذا غريب وعجيب.
ونقول:
أولاً:
قد ذكرنا فيما سبق أن الشك يكفي لإثبات عدم صحة نسبة البنات الكريمات
إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» على نحو القطع والحقيقة.
ثانياً:
إن الإكتفاء بما هو متيقن وهو تربيته «صلى الله عليه وآله» لهن، هو
المتعين، فإن آية ﴿ادْعُوهُمْ
لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَه فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا
آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ
عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ﴾،
تبقى هي الحَكَم والفيصل، وهي التي تحدد الوظيفة الشرعية في التعامل مع
هذه القضايا.
ثالثاً:
إن التواضع في مقام الإستنتاج، والتعبير عن النتيجة المتعينة بأنها شك
كبير، لا يضر في أصل الإستدلال، بل هو يفسح المجال للطرف الآخر، ليمارس
حريته في البحث. وهو درء لحالة العناء واللجاج غير المجدي، بادِّعاء أن
النتيجة ليست يقينية، ولكنها تكفي لإسقاط حجة الطرف الآخر.. وقد أوضحنا
ذلك فيما سبق..
رابعاً:
إن اليقين والشك هما من الأمور الوجدانية، ولا يجب أن يتوافق مع مقتضى
الحجية، فالحجية للظواهر يقينية، وإن كانت الظواهر نفسها ظنية، ولا
تؤدي إلى اليقين والقطع.
ولنا أن نوضح ذلك بطريقة أخرى
أيضاً، فنقول:
إن الحجج التي أوردناها هي عبارة عن روايات ونصوص قد
تكون يقينية الدلالة، وقد تكون ظنية السند، ولكنها حجة يجب الإلتزام
بها.. فإذا قلنا: إن المقدمة يقينية، فإنما نعبر بذلك عن حجيتها. وإن
المضمون مظنون.
ومن جهة أخرى،
فإن السنة قطعية الدلالة ظنية السند، ولكن مطابقة الدلالة للواقع تبقى
مظنونة، لأن السند مظنون، والنتيجة تتبع أخس المقدمتين..
وأما من ناحية الحجية فهي يقينية، وتكون النتيجة من
الناحية الوجدانية تابعة لأخسِّ المقدمات، وهو الظن بوقوع المضمون، ومن
ناحية الإلزام والإلتزام تكون حجة قاطعة للعذر..
|