وذكر المعترض:
أن من البديهيات التي خالفناها استشهادنا بتسمية الله تعالى آزر عم
النبي إبراهيم أباً، لنعضد به جواز تسمية الربيبة بنتاً.
فكيف غفلنا عن أن إبراهيم «عليه السلام» لم يُنْهَ عن
تسميته أباً، ولو نهي لما فعل.. ونحن نهينا عن تسمية الأدعياء أبناء..
فكيف قسنا المنهي عنه على ما لم ينه عنه؟! مع أن الشيعة وفريق من غيرهم
يقولون: بأن آزر كان أباً لإبراهيم لا عماً..
ونقول:
أولاً:
إن الله تعالى لم ينهنا عن تسمية من تعيش وتتربى عند رجل بنتاً لذلك
الرجل، مع علمنا بأنها ليست بنتاً حقيقية له.. بل نهانا الله سبحانه عن
تسمية من يكون ابناً بالتبني ـ كزيد بن حارثة ـ ابناً على الحقيقة، وأن
نورثه كما يرث الأبناء الحقيقيون، وننكشف عليه كما ننكشف على أبنائنا.
وقوله تعالى: ﴿ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ
هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ﴾
ناظر إلى هذه الحالة..
فالمقيس غير المقيس عليه.. وقد اختلف حكمهما لاختلاف
حقيقتهما..
ثانياً:
إنما نهينا عن نسبة الأبناء إلى غير آباءهم، إذا كنا نعرف ذلك الأب
الحقيقي. أما إذا كنا لا نعرفه، ثم بحثنا عنه حتى عرفناه، فلا بد من
نسبته إلى أبيه الحقيقي الذي ولده، فإذا نسبناه إلى من رباه، فلا بد من
مراعاة القرينة الدالة على معنى النسبة إليه..
من أجل ذلك نقول للمعترض:
إن الأدلة التي سقناها تفرض عليه هو أن يحتاط في نسبة
البنات إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» على نحو الحقيقة.. وذلك
ظاهر..
ثالثاً:
إن الشيعة لا يقولون بأن آزر هو الأب الحقيقي لإبراهيم «عليه السلام»،
ويؤيد ذلك: أن الشيعة مجمعون على أن آباء النبي «صلى الله عليه وآله»
من آدم إلى عبد الله «عليهم السلام» كلهم مؤمنون موحدون([1])..
وقد ادعى ابن حجر وغيره إجماع المؤرخين على أن آزر لم يكن أبا
لإبراهيم، بل كان عمه، أوجده لأمه([2])،
واسم أبيه الحقيقي هو تارخ..
([1])
راجع: أوائل المقالات ص 12 وتصحيح الإعتقاد ص 67 وتفسير الرازي
ج 24 ص 173 (ط دار الكتب العلمية بطهران) والبحارج 15 ص 117
ومجمع البيان ج 4 ص 322 وراجع: البداية والنهاية ج 2 ص 281
وتفسير البحر المحيط ج 7 ص 47.
([2])
راجع السيرة النبوية لدحلان ج 1 ص 37 والدر المنثور للعاملي ج
1 ص 160.
|