صفحة :137   

اللقاء الثالث

هل العلماء عامدون أم غافلون؟!

وعلق المعترض على قولنا: إن همتنا مصروفة إلى إيراد الأدلة والشواهد، وليس لتجميع آراء الناس بقوله:

«أترى أن عالماً في وزن ثقة الإسلام الكليني، والشيخ المفيد، وشيخ الطائفة الطوسى رضوان الله عليهم، ومن إليهم من الأفذاذ الأتقياء يعلمون أن هؤلاء البنات لسن لرسول الله، ثم ينسبوهن إليه زوراً وبهتاناً، ولا تصدر منهم ولو إشارة إلى الوجه الآخر في المسألة؟!.. إن هذا لا يقبله العقل، ولا يصدقه ذولب»([1]).

ونقول:

أولاً: إن الأدلة إن كانت قد قامت عندهم على أن البنات هم بنات النبي «صلى الله عليه وآله»، ثم يريدون نفيهن عن أبيهن الحقيقي، أو أنها قامت على العكس، ويريدون تقرير خلافها، فهو أمر غير مقبول منهم، ولا من غيرهم.. ونحن لا نظن بهم ذلك.

ولماذا تعرض القضية على هذا النحو، ولم لا يقال: إنهم كانوا غافلين عن هذه الأدلة التي أقمناها، وكشفنا بها هذه الحقيقة، فإن هذه الغفلة تجعلهم معذورين في اعتقادهم ببنوتهن الحقيقية.

ثانياً: إن المسائل التي لم يبحثها العلماء كثيرة، وكم من المسائل التي بحثوها، ولم يصيبوا وجه الصواب فيها. وكم أبقى الأول للآخر.

وسيرة علمائنا جارية إلى يومنا هذا على معاودة البحث، وعلى تخطئة المتقدمين في كثير من النتائج التي وصلوا إليها، ولا يلزمون أنفسهم بتقليدهم، ولا بتحريم تخطئتهم، أو مخالفتهم.. ولا أظن أحداً يجرؤ على مطالبة العلماء بالكف عن البحث والتحميص للمسائل التي بحثت أو لم تبحث..

بل إن نفس وجود الأقوال المتكثرة في مختلف المسائل الفقهية، يدل على أن سيرتهم قائمة على عدم التقليد في هذه المسائل..


 

([1]) بنات النبي «صلى الله عليه وآله» لا ربائبه ص 55.

 
   
 
 

موقع الميزان