وقد أورد المعترض فقرة عنونها
بقوله:
«اتهام الكليني» قال فيها ما يلي:
«لو رضينا بقول السيد بأن الكليني خالف إجماع الشيعة في
ولادة النبي «صلى الله عليه وآله»، مع أنه لا إجماع في تاريخ الولادات
أو الوفيات، ما لم تقرن بحادثة مروعة، كواقعة التاسع عشر من شهر رمضان،
وواقعة عاشوراء، كما لا إجماع في الولادات، ففي كل ولادة أو وفاة للنبي
أو الأئمة غير قول واحد عند الشيعة وغيرهم. وحينئذ لا إجماع.
ولو وافقناه جدلاً على قوله هذا،
فهل نحكم على الشيخ بسقوط كلامه عن الإعتبار، وعدم الرجوع إليه في باقي
مسائلنا، لأنه خالف الإجماع في مسألة واحدة؟! وهذا لازم كلام السيد.
وحينئذ ما أبقى لأمته الشيعية من شيء، مع أن مسألة ولادة النبي، وإن
ذكرها عرضاً لا ربط لها بالرد»([1]).
ونقول:
أولاً:
إن قولنا: إن الكليني قد خالف في تاريخ ولادة النبي «صلى الله عليه
وآله» ما ذهب إليه الشيعة، وخالف إجماعهم ليس اتهاماً له بأمر سيء، بل
هو إما أن يكون قد بحث هذا الموضوع، وأدى نظره إلى عدم صحة ما شاع
وذاع، وقد يخطئ في بحثه وقد يصيب، وهو معذور في كلا الحالتين.. وإما أن
يكون قد أخذ هذا القول من مصدر قريب منه، غافلاً عن وجود ما يناقضه
وينافيه، وهو معذور أيضاً..
ثانياً:
ما ذكره المعترض من أنه لا إجماع في تاريخ الولادات والوفيات.. إن كان
يريد به الإجماع التعبدي الكاشف عن قول المعصوم، فكلامه صحيح، لأن
الولادات والوفيات ليست من الأحكام الشرعية، التي لا بد من حفظها
وتبليغها للأمة..
ولكننا نقول له:
إن أنساب الأشخاص، ومعرفة آبائهم، أو أمهاتهم على وجه
التحديد، هو الآخر ليس من موارد الإجماعات التعبدية، بل حاله حال
الولادات والوفيات..
وإن كان يريد به أنه أمر تاريخي، ولا يحصل إجماع
للمؤرخين فيه، لوجود أقوال مختلفة في نقل هذه الموارد، فنقول له:
ألف:
إن إطلاق الكلام على هذا النحو فيه مجازفة ظاهرة، إذ ربما يحصل الإجماع
في بعض الموارد.
ب:
إن موضوع النسب أيضاً هو الآخر أمر تاريخي.. وقد يختلف
المؤرخون فيه، وحين يقع فيه الخلاف، يصبح مثل الولادات والوفيات. فما
يفعله المعترض هناك، فعليه أن يفعله هنا..
ثالثاً:
إن نفس هذا المعترض يقول: إن جميع الإجماعات لم تخل من قائل فيها
بالخلاف..([2]).
وقال أيضاً:
إن الإجماع في نسبة البنات إلى أبيهن الحقيقي وهو النبي «صلى الله عليه
وآله» قائم، ووجود أقوال مخالفة لا تضر فيه..
إذن، فلم يبق فرق بين ما نحن فيه وبين الإجماع على
الولادة والوفاة..
فلماذا إذن جعل وجود الأقوال في الولادات والوفيات من
منافيات الإجماع، وحكم بعدم وجود إجماعات فيها من أجل ذلك.. ولم يحكم
هنا أيضاً بعدم وجود الإجماع في نسبة البنات، لأجل وجود الخلاف فيه؟!
رابعاً:
لا ضرورة لاقتران الولادة والوفاة بحادثة مروعة، ليتحقق الإجماع عليها،
فقد تتوفر أمور معينة تدعو إلى الإهتمام بهذه الأمور وإلى حفظ تاريخها،
من دون ذلك، وقد تحفظ في كتاب، أو يتحدد تاريخها، ويتم تسجيلها في
أبيات من الشعر، أو نحو ذلك..
خامساً:
قد اتهمنا المعترض بأننا حكمنا بسقوط كلام الكليني عن الإعتبار في جميع
الموارد، لمجرد أنه خالف الشيعة في مورد واحد، وهو تاريخ ولادة النبي
«صلى الله عليه وآله»..
وهو كلام غير دقيق، بل قلنا:
إنه كان ينبغي للمعترض أن يعترض على الكليني لمخالفته الشيعة في تاريخ
ولادة النبي «صلى الله عليه وآله»، وموافقته لغيرهم.. مع أنه قد خالف
الإجماع، ولكن المعترض بدلاً من أن يفعل ذلك، اتهمنا نحن بمخالفتنا
للإجماع، وهو يطالبنا بإيراد رأي الكليني هنا..
وبذلك يتضح أن ما ذكره المعترض من عدم ارتباط تاريخ
ولادة النبي «صلى الله عليه وآله» بالرد أيضاً.. غير مقبول، بل
الإرتباط موجود..
([1])
بنات النبي «صلى الله عليه وآله»
لا ربائبه ص
56.
([2])
بنات النبي «صلى الله عليه وآله»
لا ربائبه ص 69 و61.
|