صفحة :144   

بنت أم سلمة لم يسمها أحد ربيبة:

وقد ذكر هذا المعترض: أن أحداً من الأمة لم يسم زينب بنت أم سلمة بنتاً لرسول الله «صلى الله عليه وآله».. مع أنها ربيبته، كما أن أحداً لم يسم هند ابن أبي هالة من خديجة ابناً لرسول الله «صلى الله عليه وآله» ولو مرة واحدة.

ونقول:

أولاً: إننا نتحفظ على ما ذكره المعترض، من كون هند ابن أبي هالة كان من خديجة، حيث ذكرنا أن القرائن تشير إلى أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد تزوج خديجة بكراً..

وقد صرح بذلك الخصيبي الذي أثنى عليه المعترض، وقد ذكرنا بعض ما يرتبط بهذا الأمر في كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله»..

ثانياً: من أين علم أن أحداً لم يطلق على هند، ولا على زينب بنت أم سلمة أنهما ابن وبنت رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟! وكيف جاز له هذا النفي القاطع، وهو لم يكن حاضراً في تلك الحقبة؟!

كما أنه لم يقرأ جميع كتب أهل الإسلام ليتمكن من نفي وجود ما يشير إلى شيء من ذلك على سبيل القطع واليقين..

ثالثاً: إن البنت قد تطلق على الربيبة، وهي بنت الزوجة بنحو من التوسع في الإطلاق، ولكن ذلك ليس بلازم ولا مفروض، بل هو تابع للغرض، ورهن بالداعي لقصد استعمال اللفظ في هذا المعنى..

وبعبارة أخرى: إذا كان لفظ القمر صالحاً لأن يطلق على ذي الوجه الجميل، وقد أطلق عليه في مورد بعينه، فقيل: رأيت القمر يقود سيارة. فإن ذلك لا يعني أن يستعمل دائماً في هذا المعنى، فقد لا يتفق استعماله فيه على مر الدهور والأعوام..

وهذا معناه: أن استعمال لفظ البنت في الربيبة وإن حصل مرة، فلا يجب أن يستمر ويحصل كل مرة. فلا وجه لقول المعترض: لماذا لم يستعمل في حق زينب بنت أم سلمة، فلم يقل لها أحد: إنها بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله»..

ولكن الحال بالنسبة للبنات الكريمات ليس من هذا القبيل، فقد قلنا: إنه «صلى الله عليه وآله» قد تزوج خديجة وهي بكر. كما ان الأدلة التي اقمناها تفيد انهن لسن بنات النبي «صلى الله عليه وآله» على الحقيقة..

فلم يبق إلا أنهن بناته بالتربية والرعاية..

وزينب بنت أم سلمة ليست كذلك، وإنما هي ربيبة بمعنى أنها بنت زوجته ـ حسب زعمه ـ فإذا صح أو شاع إطلاق كلمة البنت على التي يربيها الإنسان ويرعاها، فلا يعني ذلك صحة أو شيوع إطلاق كلمة البنت على الربيبة التي هي بنت الزوجة إلا إذا جوزنا القياس في اللغة، وهو غير جائز.. وإن جاز ذلك، فقد يكون لأجل تربيها في حجر زوج أمها..

رابعاً: بالنسبة لتربية النبي «صلى الله عليه وآله» لهند بن أبي هالة.. نقول:

ألف: إن هذا الأمر موضع شك وريب، إذ لعله مبني على ما تداولوه من أن خديجة كانت متزوجة برجل آخر قبل رسول الله «صلى الله عليه وآله».. وقد قلنا: إن ذلك يحتاج إلى إثبات..

ب: إننا حتى لو سلمنا: أنها كانت متزوجة برجل آخر، وأن هنداً هو ابنها من ذلك الرجل، فمن الذي قال: إن هنداً كان بحاجة إلى من يرعاه ويربيه، فلعله كان قد استقل بنفسه قبل أن تتزوج أمه من رسول الله «صلى الله عليه وآله»..

 
   
 
 

موقع الميزان